كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 261 ـ 270
(261)
لشربة من سويق عند مسغبة أشد مما روى حبا إلي بنو مما رواه فلان عن فلانهم وأكلة من ثريد لحمه واري قيس ومما روى صلت بن دينار داك الذي كان يدعوهم إلى النار
    2 ـ جلس السيد يوما إلى قوم فجعل ينشدهم وهم يلغطون. فقال :
قد ضيع الله ما جمعت من أدب لا يسمعون إلى قول أجيئ به أقول ما سكتوا : إنس فإن نطقوا بين الحمير وبين الشاء والبقر وكيف تستمع الأنعام للبشر ؟! قلت : الضفادع بين الماء والشجر
    3 ـ اجتمع السيد في طريقه بامرأة تميمية إباضية ، فأعجبها وقالت : أريد أن أتزود بك ونحن على ظهر الطريق. قال : يكون كنكاح أم خارجة قبل حضور ولي وشهود ، فاستضحكت وقالت : ننظر في هذا ، وعلى ذلك فمن أنت ؟ فقال :
إن تسأليني بقومي تسألي رجلا حولي بها ذو كلاع في منازلها والأزد أزد عمان الأكرمون إذا بانت كريمتهم عني فدارهم لي منزلان بلحج منزل وسط ثم الولاء الذي أرجو النجاة به في ذروة العز من أحياء ذي يمن وذو رعين وهمدان وذو يزن عدت مآثرهم في سالف الزمن داري وفي الرحب من أوطانهم وطني منها ولي منزل للعز في عدن من كبة النار للهادي أبي حسن
    فقالت : قد عرفناك ولا شيء أعجب من هذا يمان وتميمية ، ورافضي وإباضية ، فكيف يجتمعان ؟ فقال : بحسن رأيك في ، تخسو نفسك ، ولا يذكر أحدنا سلفا ولا مذهبا. قالت : أفليس التزويج إذا علم انكشف معه المستور ، وظهرت خفيات الأمور ؟؟!! قال : أعرض عليك أخرى. قالت : ما هي ؟ قال : المتعة التي لا يعلم بها أحد. قالت : تلك أخت الزنا. قال : أعيذك بالله أن تكفري بالقرآن بعد الإيمان. قالت : فكيف ؟ قال : قال الله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ). فقالت : ألا تستخير الله وأقلدك إن كنت صاحب قياس ؟! قال : قد فعلت. فانصرفت معه وبات معرسا بها ، وبلغ أهلها من الخوارج أمرها ، فتوعدوها بالقتل وقالوا : تزوجت بكافر ؟! فجحدت ذلك ولم يعلموا بالمتعة. فكانت


(262)
مدة تختلف إليه على هذه السبيل من المتعة وتواصله حتى افترقا.
    ( قول السيد ) في صدر القصة : يكون كنكاح أم خارجة : إيعاز إلى المثل الساير : أسرع من نكاح أم خارجة. يضرب به في السرعة ، وأم خارجة هي عمرة بنت سعد بن عبد الله بن قدار بن ثعلبة كان يأتيها الخاطب فيقول : خطب. فتقول : نكح. فيقول : انزلي. فتقول : أنخ. قال المبرد : ولدت أم خارجة للعرب في نيف وعشرين حيا من آباء متفرقة ، وكانت هي إحدى النساء اللاتي إذا تزوجت واحدة الرجل فأصبحت عنده كان أمرها إليها إن شاءت أقامت وإن شاءت ذهبت ، وعلامة ارتضائها للزوج أن تعالج له طعاما إذا أصبح.
    4 ـ قال علي بن المغيرة : كنت مع السيد على باب عقبة بن سلم ومعنا ابن لسليمان ابن علي ننتظره وقد أسرج له ليركب ، إذ قال ابن سليمان بن علي يعرض بالسيد : أشعر الناس والله الذي يقول :
محمد خير من يمشي على قدم وصاحباه وعثمان بن عفانا
    فوثب السيد وقال : أشعر والله منه الذي يقول :
سائـل قريشا إذا ما كنت ذاعمه من كان أعلمها علما ؟! وأحلمها إن يصدقوك فلن يعدو أبا حسن من كان أثبتها في الدين أوتادا ؟! حلما ؟! وأصدقها قولا وميعادا ؟! إن أنت لم تلق للأبرار حسادا
    ثم أقبل على الهاشمي فقال : يا فتى ؟ نعم الخلف أنت لشرف سلفك ، أراك تهدم شرفك ، وتثلب سلفك ، وتسعى بالعدواة على أهلك ، وتفضل من ليس أصلك من أصله على من فضلك من فضله ، وسأخبر أمير المؤمنين عنك بذا حتى يضعك ، فوثب الفتى خجلا ولم ينتظر عقبة بن سلم. وكتب إليه صاحب خبره بما جرى عند الركوبة حتى خرجت الجائزة للسيد.
    5 ـ روى أبو سليمان الناجي : أن السيد قدم الأهواز وأبو بجير بن سماك الأسدي يتولاها وكان له صديقا ، وكان لأبي بجير مولى يقال له يزيد بن مذعور يحفظ شعر السيد وينشده أبا بجير ، وكان أبو بجير يتشيع. فذهب السيد إلى قوم من إخوانه


(263)
بالأهواز فنزل بهم وشرب عندهم فلما أمسى إنصرف ، فأخذه العسس (1) فحبس. فكتب من غده بهذه الأبيات وبعث بها إلى يزيد بن مذعور ، فدخل على أبي بجير و قال : قد جنى عليك صاحب عسسك ما لا قوام لك به. قال : وما ذلك ؟! قال : اسمع هذه الأبيات كتبها السيد من الحبس ، فأنشده يقول :
قف بالديار وحيها يا مربع إن الديار خلت وليس بجوها ولقد تكون بها أوانس كالدمى (2) حور نواعم لا ترى في مثلها فعرين بعد تألف وتجمع فاسلم فإنك قد نزلت بمنزل تأتي هواك إذا نطقت بحاجة قل للأمير إذا ظهرت بخلوة : هب لي الذي أحببته في أحمد يختص آل محمد بمحبة واسأل وكيف يجيب من لا يسمع؟! إلا الضوايح والحمام الوقع جمل وعزة والرباب ويوزع أمثالهن من الصيانة أربع والدهر ـ صاح ـ مشتت ما تجمع عند الأمير تضر فيه وتنفع فيه وتشفع عنده فيشفع منه ولم يك عنده من يسمع وبنيه إنك حاصد ما تزرع في الصدر قد طويت عليها الأضلع
ويقول فيها :
قم يا بن مذعور فأنشد نكسوا لولا حذار أبي بجير أظهروا لا تجزعوا فلقد صبرنا فاصبروا إذ لا يزال يقوم كل عروبة (3) مستحفز في غيه متتابع ليسر مخلوقا ويسخط خالقا خضع الرقاب بأعين لا ترفع شنآنهم وتفرقوا وتصدعوا سبعين عاما والأنوف تجدع منكم بصاحبنا خطيب مصقع في الشتم مثـله بخيل يسجع إن الشـقي بكل شر مولع
    فلما سمعها أبو بجير دعا صاحب عسسه فشتمه وقال : جنيت علي ما لا يدلى
1 ـ جمع العاس من عس عسا : طاف بالليل يحرس الناس.
2 ـ الدمى ج الدمية : الصورة المزينة فيها حمرة كالدم.
3 ـ يوم الجمعة كان يسمى قديما : يوم عروبة ويوم العروبة. والأفصح عدم إدخال الألف واللام.


(264)
به. إذهب صاغرا إلى الحبس وقل : أيكم أبو هاشم ؟ فإذا أجابك فأخرجه واحمله على دابتك وامش معه صاغرا حتى تأتيني به. ففعل ، فأبى السيد ولم يجبه إلى الخروج إلا بعد أن يطلق له كل من أخذ معه ، فرجع إلى أبي بجير فأخبره ، فقال : الحمد لله الذي لم يقل : أخرجهم وأعط كل واحد منهم مالا. فما كنا نقدر على خلافه ، إفعل ما أحب برغم أنفك الآن. فمضى فخلى سبيله وسبيل كل من كان معه ممن أخذ في تلك الليلة ، وأتى به إلى أبي بجير : فتناوله بلسانه وقال : قدمت علينا فلم تأتنا وأتيت بعض أصحابك الفساق ، وشربت ما حرم عليك حتى جرى ما جرى. فاعتذر من ذلك إليه ؟ فأمر له أبو بجير بجائزة سنية وحمله وأقام عنده مدة.
    6 ـ قال أبو الفرج في ( الأغاني ) 7 ص 259 : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثنا حاتم بن قبيصة قال : سمع السيد محدثا يحدث : إن النبي صلى الله عليه وآله كان ساجدا فركب الحسن والحسين على ظهره ، فقال عمر رضي الله عنه : نعم المطي مطيكما. فقال النبي صلى الله عليه وآله : ونعم الراكبان هما. فانصرف السيد من فوره فقال في ذلك.
أتى حسن والحسين النبي ففداهما ثم حياهما فراحا وتحتهما عاتقاه وليدان أمهما برة وشيخهما ابن أبي طالب خليلي لا ترجيا واعلما وأن عمى الشك بعد اليقين ضلال فلا تلججا فيهما أيرجى علي إمام الهدى ويرجى ابن حرب وأشياعه يكون إمامهم في المعاد وقد جلسا حجره يلعبان وكانا لديه بذاك المكان فنعم المطية والراكبان حصان مطهرة للحسان فنعم الوليدان والوالدان بأن الهدى غير ما تزعمان وضعف البصيرة بعد العيان فبئست لعمر كما الخصلتان وعثمان ما أعند المرجيان وهوج الخوارج بالنهروان خبيث الهوى مؤمن الشيصبان (1)

1 ـ الشيصبان : اسم الشيطان.

(265)
    وذكر ابن المعتز في طبقاته ص 8 أبياتا من دون ذكر الحديث وهي :
أتى حسنا والحسين الرسول وضمهما وتفداهما وطأطأ تحتهما عاتقيه وقد برزوا ضحوة يلعبان (1) وكان لديه بذاك المكان فنعم المطية والراكبان
    وذكر المرزباني في أخبار السيد ستة أبيات منها ولم يذكر الحديث وزاد :
جزى الله عنا بني هاشم فكلهم طيب طاهر بإنعام أحمد أعلى الجنان كريم الشمائل حلو اللسان
    ( قال الأميني ) : هذه القصيدة تتضمن أحاديث وردت في الإمامين السبطين وقد تلفت جملة من أبياتها فقوله :
أتى حسن والحسين النبي وقد جلسا حجره يلعبان
    إشارة إلى ما أخرجه الطبراني وابن عساكر في تاريخه 4 ص 314 عن أبي أيوب الأنصاري قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله والحسن والحسين يلعبان بين يديه في حجره فقلت : يا رسول الله ؟ أتحبهما ؟! فقال : كيف لا أحبهما ؟! وهما ريحانتي من الدنيا أشمهما.
    وعن جابر : قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حامل الحسن والحسين على ظهره وهو يمشي بهما فقلت : نعم الجمل جملكما. فقال : نعم الراكبان هما. وفي لفظ : دخلت عليه والحسن والحسين على ظهره وهو يمشي بهما على أربع يقول صلى الله عليه وآله : نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما. أخرجه ابن عساكر في تاريخ الشام 4 ص 207.
    وقوله :
أتى حسنا والحسين الرسول وقد برزوا ضحوة يلعبان
    وبعده من أبيات إشارة إلى ما أخرجه الطبراني عن يعلى بن مرة وسلمان قالا : كنا حول النبي صلى الله عليه وآله فجاءت أم أيمن فقالت : يا رسول الله ؟ لقد ضل الحسن و الحسين وذلك راد النهار. يقول : ارتفاع النهار. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قوموا فاطلبوا إبني وأخذ كل رجل تجاه وجهة وأخذت نحو النبي صلى الله عليه وآله فلم يزل حتى أتى سفح جبل وإذا الحسن والحسين يلتزق كل واحد منهما صاحبه وإذا شجاع على ذنبه


(266)
يخرج من فيه شبه النار فأسرع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فالتفت مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وآله ثم انساب فدخل بعض الأحجرة ثم أتاهما فأفرق بينهما ومسح وجوههما وقال : بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما على الله. ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن والآخر على عاتقه الأيسر فقلت : طوبا لكما نعم المطية مطيتكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما. الجامع الكبير للسيوطي كما في ترتيبه 7 ص 106.
    وأخرج ابن عساكر في تاريخه 4 ص 317 عن عمر : قال : رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي فقلت : نعم الفرس راحلتكما. وفي لفظ ابن شاهين في السنة : نعم الفرس تحتكما : فقال النبي صلى الله عليه وآله : ونعم الفارسان هما.
    7 ـ عن سليمان بن أرقم قال : كنت مع السيد فمر بقاص على باب أبي سفيان ابن العلاء وهو يقول : يوزن رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة في كفة بأمته أجمع فيرجح بهم ، ثم يؤتى بفلان فيوزن بهم فيرجح ، ثم يؤتى بفلان فيوزن بهم فيرجح ، فأقبل على أبي سفيان فقال : لعمري إن رسول الله صلى الله عليه وآله ليرجح على أمته في الفضل ، والحديث حق ، وإنما رجح الآخران الناس في سيئاتهم ، لأن من سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها (1) قال : فما أجابه أحد فمضى فلم يبق أحد من القوم إلا سبه. [ الأغاني 7 ص 271 ].
    8 ـ عن محمد بن كناسة قال : أهدى بعض ولاة الكوفة إلى السيد رداءا عدنيا ، فكتب إليه السيد فقال :
وقد أتانا رداء من هديتكم هو الجمال جزاك الله صالحة فلا عدمتك طول الدهر من وال لو أنه كان موصولا بسربال
    فبعث إليه بخلعة تامة وفرس جواد وقال : يقطع عتاب أبي هاشم واستزادته إيانا.
    9 ـ روى المرزباني مسندا عن الحرث بن عبيد الله بن الفضل قال : كنا عند المنصور فأمر بإحضار السيد فحضر قال : أنشدني مدحك لنا في قصيدتك الميمية التي أولها :
أتعرف دارا عفى رسمها ............

1 ـ أخرج حديث : من سن. ابن ماجة في سننه 1 ص 90 ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم.

(267)
    ودع التشبيب. فأنشده وقال :
فدع ذا وقل في بني هاشم بني هاشم حبكم قربة بكم فتح الله باب الهدى ألام وألقى الأذى فيكم وما لي ذنب يعدونه وإني لكم وامق ناصح فأصبحت عندهم مأثمي فلا زلت عندكم مرتضى جعلت ثنائي ومدحي لكم فإنك بالله تستعصم وحبكم خير ما يعلم كذاك غدا بكم يختم ألا لائمي فيكم ألوم سوى أنني بكم مغرم وإني بحبكم معصم مآثر فرعون أو أعظم كما أنا عندهم متهم على رغم أنف الذي يرغم
    فقال له المنصور : أظنك أوديت في مدحنا كما أودى حسان بن ثابت في مدح رسول الله صلى الله عليه وآله وما أعرف هاشميا إلا ولك عليه حق. والسيد يشكره وهو يكلمه بكلام من وصفه ما سمعته يقول لأحد مثله.
    10 ـ روى المرزباني في أخبار السيد بإسناده عن جعفر بن سليمان قال : كنا عند المنصور فدخل عليه السيد فقال له : أنشدني قصيدتك التي تقول فيها :
ملك ابن هند وابن أروى قبله وأضاف ذاك إلى يزيد ملكه أخزى الإله بني أمية إنهم نامت جدودهم وأسقط نجمهم جزعت أمية من ولاية هاشم إن يجزعوا فلقد أتتهم دولة فلكم يكون بكل شهر أشهر يا رهط أحمد إن من أعطاكم رد الوراثة والخلافة فيكم لمتمم لكم الذي أعطاكم ملكا أمر بحله الابرام إثم عليه في الورى وغرام ظلموا العباد بما أتوه وحاموا والنجم يسقط والجدود تنام وبكت ومنهم قد بكى الاسلام وبها تدوم عليكم الأيام وبكل عام واحد أعوام ملك الورى وعطاؤه أقسام وبنوا أمية صاغرون رغام ولكم لديه زيادة وتمام


(268)
أنتم بنو عم النبي عليكم وورثتموه وكنتم أولى به ما زلت أعرف فضلكم ويحبكم أوذى وأشتم فيكم ويصيبني حتى بلغت مدى المشيب فأصبحت من ذي الجلال تحية وسلام إن الولاء تحوزه الأرحام قلبي عليه وإنني لغلام من ذي القرابة جفوة وملام مني القرون كأنهن ثغام (1)
    قال : فرأيت المنصور يلقمه من كل شيء كان بين يديه ويقول : شكرا لله و لك يا إسماعيل حبك لأهل البيت صلى الله عليهم ، ومدحك لهم ، وجزاك عنا خيرا ، يا ربيع إدفع إلى إسماعيل فرسا وعبدا وجارية وألف درهم واجعل الألف له في كل شهر.
    11 ـ عن الجاحظ عن إسماعيل الساحر قال : كنت أسقي السيد الحميري وأبا دلامة فسكر السيد وغمض عينيه حتى حسبناه نام فجاءت بنت لأبي دلامة قبيحة الصورة فضمها إليه ورقصها وهو يقول :
ولم ترضعك مريم أم عيسى ولم يكفلك لقمان الحكيم

    ففتح السيد عينه وقال :
ولكن قد تضمك أم سوء إلى لباتها وأب لئيم
( لسان الميزان 1 ص 438 )
    12 ـ روى شيخ الطايفة كما في أمالي ولده ص 124 بإسناده عن محمد بن جبلة الكوفي قال : اجتمع عندنا السيد بن محمد الحميري وجعفر بن عفان الطائي (1) فقال له السيد : ويحك أتقول في آل محمد عليهم السلام شرا :
ما بال بيتكم يخرب سقفه وثيابكم من أرزل الأثواب؟!

    فقال جعفر : فما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد : إذا لم تحسن المدح فاسكت أيوصف آل محمد بمثل هذا ؟! ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك وقد قلت
1 ـ الثغام : شجر أبيض الزهر واحدته : ثغامة. يقال : صار الراس ثاغما. أي أبيض.
2 ـ أبو عبد الله المكفوف من شعراء الكوفة له في أهل البيت مراثي استنشدها الإمام الصادق صلوات الله عليه.


(269)
أنحو عنهم عار مدحك :
أقسم بالله وآلائه إن علي بن أبي طالب وإنه كان الإمام الذي يقول بالحق ويعني به كان إذا الحرب مرتها القنا يمشي إلى القرن وفي كفه مشي العفرني (1) بين أشباله ذاك الذي سلم في ليلة ميكال في ألف وجبريل في ليلة بدر مددا أنزلوا فسلموا لما أتوا حذوه والمرء عما قال مسئول علي التقى والبر مجبول له على الأمة تفضيل ولا تلهيه الأباطيل وأحجمت عنها البهاليل أبيض ماضي الحد مصقول أبرزه للقنص (2) ألغيل (3) عليه ميكال وجبريل ألف ويتلوهم سرافيل كأنهم طير أبابيل< وذاك إعظام وتبجيل

    كذا يقال فيه يا جعفر ؟ وشعرك يقال مثله لأهل الخصاصة والضعف. فقبل جعفر رأسه وقال : أنت والله الراس يا أبا هاشم. ونحن الأذناب. وهذا الحديث رواه أبو جعفر الطبري في الجزء الثاني من ( بشارة المصطفى ) عن الشيخ أبي علي ابن شيخ الطايفة عن أبيه بإسناده.

    خلفاء عصره
    أدرك السيد عشرا من الخلفاء : خمسة من بني أمية وخمسة من بني العباس وهم :
    1 ـ هشام بن عبد الملك المتوفى 125 عن خلافة 19 سنة و 9 شهرا. ولد السيد في أول خلافته.
    2 ـ وليد بن يزيد بن عبد الملك المقتول 126.
    3 ـ يزيد بن الوليد المتوفى 126 عن ملك ستة أشهر.
1 ـ يقال : أسد عفرني. أي : شديد.
2 ـ قنص الطير قنصا : صاده. والقنص بفتح القاف والنون : المصيدة.
4 ـ الغيل : الأجمة. موضع الأسد ج أغيال وغيول.


(270)
    4 ـ إبراهيم بن الوليد المتوفى 127 عن ملك ثلاثة أشهر.
    5 ـ مروان بن محمد بن مروان الحكم المقتول 132 وبه انقرضت دولتهم.
    6 ـ السفاح أول من تسنم بالملك من بني العباس سنة 132 توفي 136 وللسيد فيه شعر يوجد في الأغاني ، وفوات الوفيات ، وشرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 214. وكانت جراية السيد منه كل سنة جارية ومن يخدمها ، وبدرة دراهم وحاملها ، وفرسا وسائسها ، وتختا من صنوف الثياب وحامله.
    7 ـ المنصور المتوفى 158 وكان حسن الحال عنده يطلق لسانه بما أراد ، و كانت جرايته للسيد كل شهر ألف درهم.
    8 ـ المهدي بن المنصور المتوفى 169 تورع عنه السيد في أول خلافته وهجاه فأخذ واعتذر فرضي عنه فمدحه. مر بعض أخباره معه.
    9 ـ الهادي بن المهدي المتوفى 170.
    10 ـ الرشيد المتوفى 193 بعد ملك 23 عاما مدحه السيد بقصيدتين فأمر له ببدرتين ففرقهما فبلغ ذلك الرشيد فقال : أحسب أبا هاشم تورع عن قبول جوائزنا.
    قال المرزباني في أخبار السيد : لما ولي الرشيد رفع إليه في السيد أنه رافضي فأحضره فقال : إن كان الرافضي هو الذي يحب بني هاشم ويقدمهم على سائر الخلق فما أعتذر منه ولا أزول عنه ، وإن كان غير ذلك فما أقول به ثم أنشد :
شجاك الحي إذ بانوا كأني يوم ردوا العيس وفوق العيس إذ ولوا إذا ما قمن فالإعجاز وما جاوز للأعلى فدمع العين هتان للرحلة نشوان بها حور وغزلان في التشبيه كثبان فأقمار وأغصان
    ومنها :
علي وأبو ذر وعباس وعمار دعوا فاستودعوا علما ومقداد وسلمان وعبد الله إخوان فأدوه ما خانوا
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس