كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 291 ـ 300
(291)
لأشرقن (1) بدمعي إن نأت بم ليس العجيب بأن لم يبق لي جلد شبت ابن عشرين عاما والفراق له ماهز عطفي من شوق إلى وطني مثل اشتياقي من بعد ومنتزح أزكى ثرى ضم أزكى العالمين فذا إن كان عن ناظري بالغيب محتجبا دار ولم أقض ما في النفس من إرب لكن بقائي وقد بانوا من العجب سهم متى يصب شمل الفتى يشب ولا اعتزاني من وجد ومن طرب إلى الغري وما فيه من الحسب خير الرجال وهذا أشرف الترب فإنه عن ضميري غير محتجب
إلى أن يقول :
يا راكبا جسرة تطوي منا سمها تقيد المغزل الادماء في صعد تثني الرياح إذا مرت بغايتها بلغ سلامي قبرا بالغري حوى واجعل شعارك الله الخشوع به إسمع أبا حسن إن الأولى عدلوا ما بالهم نكبوا نهج النجاة ؟! وقد ودافعوك عن الأمر الذي اعتلقت ظلت تجاذبها حتى لقد خرمت وكان بالأمس منها المستقيل فلم وأنت توسعه صبرا على مضض ملاءة البيد بالتقريب والجنب (2) وتطلح الكاسر الفتخاء في صبب (3) حسرى الطلائح بالغيطان والخرب أوفى البرية من عجم ومن عرب وناد خير وصي صنو خير نبي عن حكمك انقبلوا عن شر منقلب وضـحته واقتفوا نهجا من العطب (4) زمامه من قريش كف مغتصب خشاشها تربت من كف مجتذب (5) أرادها اليوم لو لم يأت بالكذب ؟! والحلم أحسن ما يأتي مع الغضب

1 ـ أشرقه بريقه : أي أغصه ومنه التنفس.
2 ـ جنبه جنبا جنبا : أبعده ونحاه.
3 ـ المغزل : من أغزلت الظبية إذا ولدت الغزال. الأدم من الظباء بيضا تعلوهن طرائق فيهن غبرة. طلح : أتعب وأعيى. الكاسر : العقاب. الفتخاء : اللينة الجناح. الصبب : ما انحدر من الأرض.
4 ـ العطب : الهلاك.
5 ـ خرم الخرزة : فصمها. شق وترة الأنف. الخشاشة : عود يجعل في أنف الجمل.


(292)
حتى إذا الموت ناداه فأسمعه حبابها آخرا فأعتاض محتقبا (1) وكان أول من أوصى ببيعته حتى إذا ثالث منهم تقمصها عادت كما بدأت شوهاء جاهلة وكان عتها لهم في ( خم ) مزدجر وقال والناس من دان إليه ومن : قم يا علي فإني قد أمرت بأن إني نصبت عليا هاديا علما فبايعوك وكل باسط يده عافوك لا مانع طولا ولا حصر وكنت قطب رحى الاسلام دونهم ولا تماثلهم في الفضل مرتبة إن تلحظ القرن والعسال في يده وإن هززت قناة ظلت توردها ولا تسل حساما يوم ملحمة كيوم خيبر إذ لم يمتنع زفر فأغضب المصطفى إذ جر رايته فقال : إني سأعطيها غدا لفتى حتى غدوت بها جذلان تحملها جم الصلادم والبيض الصوارم والزرق والموت داع متى يدع امرءا يجب منه بأفضع محمول ومحتقب لك النبي ولكن حال من كثب وقد تبدل منها الجد باللعب تجر فيها ذئاب اكلة الغلب لما رقى أحمد الهادي على قتب ثاو لديه ومن مصغ ومرتقب أبلغ الناس والتبليغ أجدر بي بعدي وإن عليا خير منتصب إليك من فوق قلب عنك منقلب قولا ولا لهج بالغش والريب ولا تدور رحى إلا على قطب ولا تشابههم في البيت والنسب يظل مضطربا في كف مضطرب وريد ممتنع في الروع مجتنب إلا وتحجبه في رأس محتجب عن اليهود بغير الفر والهرب على الثرى ناكصا يهوي على العقب يحبه الله والمبعوث منتجب تلقاء أرعن من جمع العدى لجب (2) اللهاذم والماذي واليلب (3)

1 ـ اعتاض : أخذ بدلا وخلفا. احتقب : أركبه وراءه.
2 ـ جذل وجذلان : فرح وفرحان. أرعن : أحمق. جيش لجب : ذو كثرة وجلبة.
3 ـ الصلادم ج الصلدم : الصلب. الأسد. الزرق : يكنى به عن الأسنة والنصال لما في لونها الزرقة. اللهاذم ج اللهذم : الحاد القاطع. الماذي : كل سلاح من الحديد. اليلب : الفولاذ وخالص الحديد.


(293)
فالأرض من لاحقيات مطهمة وعارض الجيش من نقع بوارقه أقدمت تضرب صبرا تحته فغدا غادرت فرسانه من هارب فرق لك المناقب يعيى الحاسبون بها كرجعة الشمس إذ رمت الصلاة وقد ردت عليك كأن الشهب ما اتضحت وفي براءة أنباء عجائبها وليلة الغار لما بت ممتلأ ما أنت إلا أخو الهادي وناصره وزوج بضعته الزهراء يكنفها (2) من كل مجتهد في الله معتضد هادين للرشـد إن ليل الضلال دجا لقبت بالرفض لما إن منحتهم صلاة ذي العرش تترى كل آونة وابنيه من هالك بالسم مخترم والعابد الزاهد السجاد يتبعه وجعفر وابنه موسى ويتبعه البر والعسكريين والمهدي قائمهم من يملأ الأرض عدلا بعد ما ملأت القائد البهم الشوس الكماة إلى أهل الهدى لا أناس باع بائعهم والمستظل مثار القسطل الهدب لمع الأسنة والهندية القضب يصوب مزنا ولو أحجمت لم يصب أو مقعص (1) بدم الأوداج مختضب عدا ويعجز عنها كل مكتتب راحت توارى عن الأبصار بالحجب لناظر وكأن الشمس لم تغب لم تطو عن نازج يوما ومقترب أمنا وغيرك ملآن من الرعب ومظهر الحق والمنعوت في الكتب دون الورى وأبو أبنائه النجب بالله معتقد لله محتسب كانوا لطارقهم أهدى من الشهب ودي وأحسن ما ادعى به لقبي على ابن فاطمة الكشاف للكرب ومن معفر خد في الثرى ترب وباقر العلم داني غاية الطلب الرضا والجواد العابد الدئب ذو الأمر لابس أثواب الهدى القشب جورا ويقمع أهل الزيغ والشغب حرب الطغاة على قب الكلا الشزب (3) دين المهيمن بالدنيا وبالرتب

1 ـ قعصه وأقعصه. قتله مكانه.
2 ـ كنف الشيء. صانه وحفظه وحاطه وضمه إليه.
3 ـ البهم ج البهمة : الشجاع. الشوس : الشديد الجرئ في القتال. القب : القطع.


(294)
لو أن أضغانهم في النار كامنة يا صاحب الكوثر الرقراق زاخرة قارعت منهم كماة في هواك بما حتى لقد وسمت كلما جباههم صحبت حبك والتقوى وقد كثرت فاستجل من خاطر العبدي آنسة جاءت تمايل في ثوبي حيا وهدى أتعبت نفسي في مدحيك عارفة لأغنت النار عن مذك ومحتطب ذود النواصب عن سلساله العذب جردت من خاطر أو مقول ذرب خواطري بمضاء الشعر والخطب لي الصحاب فكانا خير مصطحب طابت ولوجا وزتك اليوم لم تطب إليك حالية بالفضل والأدب بأن راحتها في ذلك التعب
وذكر ابن شهر آشوب في ( المناقب ) 1 ص 181 ط ايران للعبدي قوله :
ما لعلي سوى أخيه فداه إذ أقبلت قريش وافاه في خم وارتضاه محمد في الورى نظير عليه في فرشه الأمير خليفة بعده وزير
( الشاعر )
    أبو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي. من شعراء أهل البيت الطاهر المتزلفين إليهم بولائه وشعره ، المقبولين عندهم لصدق نيته وانقطاعه إليهم ، وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب مولانا أمير المؤمنين الشهيرة ، وأكثر من مدحه ومدح ذريته الأطيبين وأطاب ، وتفجع على مصائبهم ورثاهم على ما انتابهم من المحن ، ولم نجد في غير آل الله له شعرا.
    استنشده الإمام الصادق صلوات الله عليه شعره كما في رواية ثقة الاسلام الكليني في ( روضة الكافي ) بإسناده عن أبي داود المسترق عنه قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : قولوا لأم فروة : تجيئ فتسمع ما صنع بجدها. قال : فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال : فأنشدنا. قال : فقلت :
فر وجودي بدمعك المسكوب ..........
    قال : فصاحت وصحن النساء فقال أبو عبد الله عليه السلام: الباب. فاجتمع أهل


(295)
المدينة على الباب قال : فبعث إليهم أبو عبد الله : صبي لنا غشي عليه فصحن النساء. و استنشد شعره الإمام أبا عمارة المنشد كما في ( الكامل لابن قولويه ) ص 105 بإسناده عن أبي عمارة قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا عمارة ؟ أنشدني للعبدي في الحسين عليه السلام قال : فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى. قال : فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار. الحديث.
    عده شيخ الطايفة في رجاله من أصحاب الإمام الصادق ولم يك صحبته مجرد ألفة معه ، أو محض اختلاف إليه ، أو أن عصرا واحدا يجمعهما لكنه حظي بزلفة عنده منبعثة عن صميم الود وخالص الولاء ، وإيمان لا يشوبه أي شائبة حتى أمر الإمام عليه السلام شيعته بتعليم شعره أولادهم وقال : إنه على دين الله.
    كما رواه الكشي في رجاله ص 254 بإسناده عن سماعة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله.
    وينم عن صدق لهجته ، واستقامة طريقته في شعره ، وسلامة معانيه عن أي مغمز ، أمر الإمام عليه السلام إياه بنظم ما تنوح به النساء في المأتم كما رواه الكشي في رجاله ص 254.
    وكان يأخذ الحديث عن الصادق عليه السلام في مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه عليه كما رواه ابن عياش في ( مقتضب الأثر ) عن أحمد بن زياد الهمداني قال : حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم قال : حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال : جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره : و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ؟! (1) قال : هم الأوصياء من آل محمد الاثنى عشر لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه. قال : فما الأعراف جعلت فداك ؟ ! قال : كثائب من مسك عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلا بسيماهم. فقال سفيان : أفلا أقول في ذلك شيئا ؟! فقال من قصيدة :
أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع ؟! وهل لليال كن لي فيك مرجع ؟!

1 ـ سورة الأعراف. آية 46.

(296)
يقول فيها :
وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزاء وأنتم على الأعراف وهي كثائب ثمانية بالعرش إذ يحملونه وأنتم ليوم المفزع الهول مفزع من المسك رياها بكم يتضوع ومن بعدهم في الأرض هادون أربع
    والقارئ إذا ضم بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له إلى الآخر يقف على رتبة عظيمة له من الدين تقصر دون شأوها الوصف بالثقة ، ويشاهد له في طيات الحديث والتأريخ حسن حال وصحة مذهب تفوق شؤون الحسان ، فلا مجال للتوقف في ثقته كما فعله العلامة الحلي ، ولا لعده من الحسان كما فعله غيره ، ولا يبقى لنسبته إلى الطيارة [ أي الغلو والارتفاع في المذهب ] وزن كما رآه أبو عمر والكشي في شعره ، ولم نجد في شعره البالغ إلينا إلا المذهب الصحيح ، والولاء المحض لعترة الوحي ، والتشيع الخالص عن كل شائبة سوء.
    ويزيدك ثقة به واعتمادا عليه رواية مثل أبي داود المنشد سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه ، وأبو داود هو شيخ الاثبات الأجلة نظراء الحسن بن محبوب ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وعلي بن الحسين بن فضال.
    كما أن إفراد مثل الحسين بن محمد بن علي الأزدي الكوفي المجمع على ثقته وجلالته تأليفه في أخبار المترجم له وشعره عده النجاشي في فهرسته ص 49 من كتبه يؤذن بموقفه الشامخ عند أعاظم المذهب ، وينبؤ عن إكبارهم محله من العلم والدين.

    نبوغه في الأدب والحديث
    إن الواقف على شعر شاعرنا ( العبدي ) وما فيه من الجودة. والجزالة. و والسهولة. والعذوبة. والفخامة. والحلاوة. والمتانة. يشهد بنبوغه في الشعر ، و تضلعه في فنونه ، ويعترف له بالتقدم والبروز ، ويرى ثناء الحميري سيد الشعراء عليه بأنه ( أشعر الناس ) من أهله في محله ، روى أبو الفرج في ( الأغاني ) 7 ص 22 عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان : إن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد :
إني أدين بما دان الوصي به يوم الخريبة (1) من قتل المحلينا

1 ـ الخريبة : موضع موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل.

(297)
وبالذي دان يوم النهروان به وشاركت كفه كفي بصفينا
    فقال له العبدي : أخطأت ، لو شاركت كفك كفه كنت مثله ، ولكن قل : تابعت كفه كفي ، لتكون تابعا لا شريكا. فكان السيد بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلا العبدي.
    والمتأمل في شعره يرى موقفه العظيم في مقدمي رجال الحديث ، ومكثري حملته ويجده في الرعيل الأول من جامعي شتاته ، وناظمي شوارده ، ورواة نوادره ، وناشري طرفه ، ويشهد له بكثرة الدراية والرواية ، ويشاهد همته العالية ، وولعه الشديد في بث الأخبار المأثورة في آل بيت العصمة صلوات الله عليهم ، وستقف على ذلك كله في ذكر نماذج شعره.

    ولادته ووفاته
    لم نقف على تأريخي ولادة المترجم له ووفاته ولم نعثر على ما يقربنا إليهما إلا ما سمعت من روايته عن الإمام جعفر بن محمد عليه السلام واجتماعه مع السيد الحميري المولود سنة 105 والمتوفى سنة 178 ومع أبي داود المسترق ، وملاحظة تأريخي ولادة أبي داود المسترق الراوي عنه ووفاته يؤذننا بحياة شاعرنا العبدي إلى حدود سنة وفاة الحميري فإن أبا داود توفي 231 كما في فهرست النجاشي أوفي 230 كما في رجال الكشي (1) وعاش سبعين سنة كما ذكره الكشي ، فيكون ولادة أبي داود سنة 161 على قول النجاشي و 160 على اختيار الكشي ، وبطبع الحال كان له من عمره حين روايته عن المترجم أقل ما تستدعيه الراوية ، فيستدعي بقاء المترجم أقلا إلى أواخر أيام الحميري ، فما في أعيان الشيعة 1 ص 370 من كون وفاة المترجم في حدود سنة 120 قبل ولادة الراوي عنه أبي داود المسترق بأربعين سنة خال عن كل تحقيق وتقريب.
1 ـ ما في نسخ الكشي من ذكر تأريخ وفاة أبي داود برقم 130 تصحيف 230 ، ويشهد بالتصحيف رواية طبقة أصحاب الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام عنه ، وكذلك رواية الحسن بن محبوب المولود سنة 149 والمتوفى سنة 224 ، ورواية محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى سنة 262.

(298)
ومن نماذج شعره :
إنا روينا في الحديث خبرا إن ابن خطاب أتاه رجل فقال : يا حيدر كم تطليقة بإصبعيه فثنى الوجه إلى قال له : تعرف هذا ؟ قال : لا وقد روى عكرمة في خبر مر ابن عباس على قوم وقد وقال مغتاظا لهم : أيكم قالوا : معاذ الله قال : أيكم قالوا : معاذ الله قال : أيكم قالوا : نعم قد كان ذا فقال : قد يقول : من سب عليا سبني محمد وصنوه وابنته صلى عليهم ربنا باري الورى صفاهم الله تعالى وارتضى لولاهم الله ما رفع السما لا يقبل الله لعبد عملا ولا يتم لامرء صلاته لو لم يكونوا خير من وطئ الحصا : هل أنا منكم ؟! شرفا ثم علا لو أن عبدا لقي الله بأعمال ولم يكن والى عليا حبطت وإن جبريل الأمين قال لي إنهما ما كتبوا قط على الطهر يعرفه ساير من كان روى فقال : كم عدة تطليق الإما؟! للأمة ؟ اذكره فأومى المرتضى سائله قال : اثنتان وانثنى قال له : هذا علي ذو العلا ما شك فيه أحد ولا امترى سبوا عليا فاستراع وبكا سب إله الخلق جل وعلا ؟! سب رسول الله ظلما واجترا ؟! سب عليا خير من وطئ الحصا ؟! سمعت والله النبي المجتبا وسبتي سب الإله واكتفا وابنيه خير من تحفى واحتذا ومنشئ الخلق على وجه الثرى واختارهم من الأنام واجتبى ولا دحى الأرض ولا أنشا الورى حتى يواليهم بإخلاص الولا إلا بذكراهم ولا يزكو الدعا ما قال جبريل بهم تحت العبا يفاخر الأملاك إذ قالوا : بلى جميع الخلق برا وتقى أعماله وكب في نار لظى عن ملكيه الكاتبين مذ دنا عليّ زلة ولا خنا


(299)
بيان ما حوته الأبيات من الحديث
مما أخرجه أعلام العامة
    ( قوله )
إنا روينا في الحديث خبرا يعرف ساير من كان روى
    أخرج الحافظ الدارقطني وابن عساكر : إن رجلين أتيا عمر بن الخطاب وسألاه عن طلاق الأمة ، فقام معهما فمشى حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجل أصلع فقال : أيها الأصلع ما ترى في طلاق الأمة ؟! فرفع رأسه إليه ثم أومى إليه بالسبابة و الوسطى ، فقال لهما عمر : تطليقتان. فقال أحدهما : سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل فسألته فرضيت منه أن أومى إليك. فقال لهما : تدريان من هذا ؟! قالا : لا. قال : هذا علي بن أبي طالب أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله لسمعته وهو يقول : إن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعا في كفة ثم وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي بن أبي طالب.
    م ـ وفي لفظ الزمخشري : جئناك وأنت الخليفة فسألناك عن طلاق فجئت إلى رجل فسألته ، فوالله ما كلمتك. فقال له عمر : ويلك أتدري من هذا ؟ الحديث ].
    ونقله عن الحافظين : الدار قطني وابن عساكر ] الكنجي في الكفاية ص 129 وقال : هذا حسن ثابت. ورواه من طريق الزمخشري خطيب الحرمين الخوارزمي في المناقب ص 78 ، والسيد علي الهمداني في مودة القربى. وحديث الميزان رواه عن عمر محب الدين الطبري في ( الرياض ) 1 ص 244 ، والصفوري في ( نزهة المجالس ) 2 ص 240.
    ( قوله )
وقد روى عكرمة في خبر ما شك فيه أحد ولا امترا
    أخرج أبو عبد الله الملا في سيرته عن ابن عباس : إنه مر بعد ما كف بصره على قوم يسبون عليا فقال لقائده : ما سمعت هؤلاء يقولون ؟! قال : سبوا عليا. قال : ردني إليهم. فرده فقال : أيكم الساب لله عز وجل ؟! قالوا : سبحان الله من سب الله فقد أشرك. قال : فأيكم الساب لرسول الله ؟! قالوا : سبحان الله ومن سب رسول الله فقد كفر. قال : أيكم الساب علي بن أبي طالب ؟! قالوا : أما هذا فقد كان. قال : فأنا أشهد بالله


(300)
وأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله عز وجل ومن سب الله كبه الله على منخريه في النار. ثم ولى عنهم فقال لقائده : ما سمعتهم يقولون ؟! قال : ما قولوا شيئا. قال : فكيف رأيت وجوههم إذ قلت ما قلت ؟! قال :
نظروا إليك بأعين محمرة نظر التيوس إلى شفار الجازر
قال : زدني فداك أبوك. قال :
خزر العيون نواكس أبصارهم نظر الذليل إلى العزيز القاهر
قال : زدني فداك أبوك. قال : ما عندي غير هذا قال : لكن عندي :
أحياؤهم عار على أمواتهم والميتون فضيحة للغابر
    وأخرجه محب الدين الطبري في ( الرياض ) 1 ص 166 ، والكنجي في ( الكفاية ) ص 27 ، وشيخ الاسلام الحموي في ( الفرايد ) في الباب السادس والخمسين ، وابن الصباغ المالكي في ( الفصول ) ص 126.
    ( قوله )
محمد وصنوه وابنته وابنيه خير من تحفى واحتذا
    عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : لما خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه إلتفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجدا وركعا قال آدم : هل خلقت أحدا من طين قبلي ؟! قال : لا يا آدم قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟! قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقت الجنة والنار ، ولا العرش ولا الكرسي ، ولا السماء ولا الأرض ، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا العالي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الاحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين ، آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخله ناري ، ولا أبالي يا آدم ؟ هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل. فقال النبي صلى الله عليه وآله : نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا ، ومن حاد عنها هلك ، فمن كان إلى الله حاجة ، فليسأل بنا أهل البيت.
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس