كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 311 ـ 320
(311)
وهم آل بيت المصطفى فودادهم على الناس مفروض بحكم وإسجال
وذكر لآخر :
هم القوم من أصفاهم الود مخلصا هم القوم فاقوا العالمين مناقبا موالاتهم فرض وحبهم هدى تمسك في أخراه بالسبب الأقوى محاسنهم تجلى وآثارهم تروى وطاعتهم ود وودهم تقوى
وذكر الشبلنجي في نور الأبصار ص 13 لأبي الحسن بن جبير :
أحب النبي المصطفى وابن عمه هم أهل بيت أذهب الرجس عنهم موالاتهم فرض على كل مسلم وما أنا للصحب الكرام بمبغض عليا وسبطيه وفاطمة الزهرا وأطلعهم افق الهدى أنجما زهرا وحبهم أسنى الذخائر للأخرى فإني أرى البغضاء في حقهم كفرا
( قوله )
وهم الصراط فمستقيم فوقه ناج وناكب
    أخرج الثعلبي في ( الكشف والبيان ) في قوله تعالى : إهدنا الصراط المستقيم. قال مسلم بن حيان : سمعت أبا بريدة يقول : صراط محمد وآله.
    وفي تفسير وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري عن السدي عن أسباط ومجاهد عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : إهدنا الصراط المستقيم. قال : قولوا معاشر العباد أرشدنا إلى حب محمد وأهل بيته.
    وأخرج الحموي في ( الفرايد ) بإسناده عن أصبغ بن نباتة عن علي عليه السلام في قوله تعالى : وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون (1) قال : الصراط ولايتنا أهل البيت.
    وأخرج الخوارزمي في ( المناقب ) : الصراط صراطان : صراط في الدنيا. وصراط في الآخرة. فأما صراط الدنيا فهو علي بن أبي طالب. وأما صراط الآخرة فهو جسر جهنم. من عرف صراط الدنيا جاز على صراط الآخرة. ويوضح معنى هذا الحديث ما أخرجه ابن عدي والديلمي كما في ( الصواعق ) ص 111 عن رسول الله صلى الله
1 ـ سورة المؤمنون آية 75.

(312)
عليه وآله قال : أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي ولأصحابي.
    وأخرج شيخ الاسلام الحموي بإسناده في فرايد السمطين في حديث عن الإمام جعفر الصادق قوله : نحن خيرة الله ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى الله.
    فهم الصراط إلى الله فمن تمسك بهم فقد إتخذ إلى ربه سبيلا كما ورد فيما أخرجه أبو سعيد في شرف النبوة بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تمسك بنا إتخذ إلى ربه سبيلا. [ ذخاير العقبى ص 16 ].
    ( قوله ) : صديقة.
    يعني به فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله سماها بها أبوها فيما أخرجه أبو سعيد في ( شرف النبوة ) عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي : أوتيت ثلاثا لم يؤتهن أحد ولا أنا : أوتيت صهرا مثلي ولم أوت أنا مثلي. وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي و لم أوت مثلها زوجة. وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما ، ولكنكم مني وأنا منكم. الرياض النضرة 2 ص 202.
    وعن عايشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحد كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها صلى الله عليه وآله. حلية الأولياء 2 ص 42 ، الاستيعاب 2 ص 751 ذخاير العقبى ص 44 ، تقريب الأسانيد وشرحه 1 ص 150 ، مجمع الزوايد 9 ص 201 وقال : رجاله رجال الصحيح.
    ( قوله ) : لصديق.
    يعني به أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو صديق هذه الأمة وذلك لقبه الخاص ، قال محب الدين الطبري في رياضه : إن رسول الله صلى الله عليه وآله سماه صديقا وقال في ص 155 : قال الخجندي : وكان يلقب بيعسوب الأمة وبالصديق الأكبر. وهناك أخبار كثيرة نذكر بعضها.
    1 ـ أخرج ابن النجار وأحمد في المناقب عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله الصديقون ثلاثة : حزقيل مؤمن آل فرعون. وحبيب النجار صاحب آل ياسين. وعلي بن أبي طالب. وأخرجه أبو نعيم في المعرفة وابن عساكر عن أبي ليلى ، وزادا في لفظهما : وهو أفضلهم.


(313)
وأخرجه محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 154 ، والكنجي في الكفاية 47 بلفظ أبي ليلى ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 152 ، وابن حجر في الصواعق ص 74 بلفظ ابن عباس ، وص 75 بلفظ أبي ليلى.
    2 ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله : إن هذا أول من آمن بي ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق و الباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين.
    أخرجه الطبراني عن سلمان وأبي ذر. والبيهقي والعدني عن حذيفة. والهيثمي في المجمع 9 ص 102 ، والحافظ الكنجي في الكفاية 79 من طريق الحافظ ابن عساكر وفي آخره : وهو بابي الذي أوتى منه وهو خليفتي من بعدي. وذكره باللفظ الأول المتقي الهندي في إكمال كنز العمال 6 ص 56.
    3 ـ عن ابن عباس وأبي ذر قالا : سمعنا النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي : أنت الصديق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل. أخرجه محب الدين في الرياض 2 ص 155 وقال : وفي رواية : وأنت يعسوب الدين. عن الحاكمي والقرشي في شمس الأخبار ص 35 وفيه : وأنت يعسوب المؤمنين. ورواه مع الزيادة شيخ الاسلام الحموي في الفرايد في الباب الرابع والعشرين. وابن أبي الحديد عن أبي رافع في شرح النهج 3 ص 257 ولفظه : قال أبو رافع : أتيت أبا ذر بالربذة أودعه فلما أردت الانصراف قال لي ولأناس معي : ستكون فتنة فاتقوا الله وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول له : أنت أول من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصديق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الكافرين ، وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي وتنجز موعدي. وذكره القاضي الأيجي في ( المواقف ) 3 ص 276 ، والصفوري في ( نزهة المجالس ) 2 ص 205.
    4 ـ عن النبي صلى الله عليه وآله قال قال لي ربي عز وجل ليلة أسرى بي : من خلفت على أمتك يا محمد ؟ قال قلت : يا رب أنت أعلم. قال : يا محمد ؟ انتجبتك برسالتي ، واصطفيتك لنفسي ، وأنت نبيي وخيرتي من خلقي ، ثم الصديق الأكبر الطاهر المطهر


(314)
الذي خلقته من طينتك وجعلته وزيرك وأبي سبطيك السيدين الشهيدين الطاهرين المطهرين سيدي شباب الجنة : وزوجته خير نساء العالمين ، أنت شجرة وعلي غصنها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتهما من طينة عليين وخلقت شيعتكم منكم ، إنهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف ما ازدادوا لكم إلا حبا. قلت : يا رب ومن الصديق الأكبر ؟! قال : أخوك علي بن أبي طالب.
    أخرجه القرشي في ( شمس الأخبار ) ص 33.
    5 ـ عن علي عليه السلام أنه قال : أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتري ، لقد صليت قبل الناس سبع سنين. أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح. والنسائي في ( الخصايص ) ص 3 بسند رجاله ثقات. وابن أبي عاصم في ( السنة ). والحاكم في ( المستدرك ) 3 ص 112 وصححه. وأبو نعيم في ( المعرفة ). وابن ماجة في سننه 1 ص 57 بسند صحيح. والطبري في تاريخه 2 ص 213 بإسناد صحيح. والعقيلي. والخلعي. وابن الأثير في ( الكامل ) 2 ص 22. و ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 ص 257. ومحب الدين الطبري في ( الذخاير ) ص 60 ، و ( الرياض ) 2 ص 155 و 158 و 167. والحموي في ( الفرايد ) في الباب التاسع والأربعين. والسيوطي في ( الجمع ) كما في ترتيبه 6 ص 394. وفي طبقات الشعراني 2 ص 55 : قال علي رضي الله عنه : أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب.
    6 ـ عن معاذة قالت : سمعت عليا وهو يخطب على منبر البصرة يقول : أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر. أخرجه ابن قتيبة في ( المعارف ) ص 73. وابن أيوب. والعقيلي. ومحب الدين في ( الذخاير ) ص 58 ، و ( الرياض ) 2 ص 155 ، و 157 ، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 ص 251 ، 257 ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 405.
    ( قوله ) :
إسماهما قرنا على سطر بظل العرش راتب
    أشار إلى حديث كتابة أسماء فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها في ظل العرش وقد كتبت على باب الجنة كما أخرجه الخطيب البغدادي في تأريخه 1 ص 259 عن


(315)
ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي حبيب الله ، والحسن الحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ، على مبغضيهم لعنة الله. ورواه الخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 240.
    ( قوله ) :
كان الإله وليها وأمينه جبريل خاطب
    إشارة إلى أن الله تعالى هو زوج فاطمة عليا وكان ولي أمرها وخطب فيه الأمين جبرئيل عليه السلام كما ورد عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها الناس ؟ هذا علي بن أبي طالب أنتم تزعمون أنني أنا زوجته ابنتي فاطمة ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أجب ، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان فقال : يا محمد : العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ، وقد جمع الروحانيين والكروبيين في واد يقال له : الأفيح. تحت شجرة طوبى و زوج فاطمة عليا وأمرني ، فكنت الخاطب : والله تعالى الولي. الحديث. [ كفاية الطالب ص 164 ].
    وأخرج محب الدين الطبري في الذخاير ص 31 عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتاني ملك فقال : يا محمد ؟ إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك : إني قد زوجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى فزوجها منه في الأرض.
    وأخرج النسائي والخطيب في تأريخه 4 ص 129 بالإسناد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله صبيح العرس رعدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : يا فاطمة ؟ إني زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين يا فاطمة ؟ إني لما أردت أن أملكك لعلي أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم جبريل فزوجك من علي ثم أمر شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم أمرها فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ منهم يومئذ أكثر مما أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة. قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حيث أول من خطب عليها جبريل. وذكره الكنجي في ( الكفاية ) ص


(316)
165 ثم قال : حديث حسن عال رزقناه عاليا. ومحب الدين في ( الذخاير ) ص 32.
    وروى الصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225 عن جبرئيل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله أمر رضوان أن ينصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور وأمر ملكا يقال له : ( راحيل ) أن يصعده ، فعلا المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله فارتجت السموات فرحا وسرورا ، وأوحى الله إلي أن أعقد عقدة النكاح ، فإني زوجت عليا بفاطمة أمتي بنت محمد رسولي ، فعقدت وأشهدت الملائكة وكتبت شهادتهم في هذه الحريرة ، وإني أمرت أن أعرضها عليك وأختمها بخاتم مسك أبيض وأدفعها إلى رضوان خازن الجنان. وهناك في هذا المعنى أخبار كثيرة.
    ( قوله ) :
والمهر خمس الأرض موهبة تعالت في المواهب
    أشار به إلى ما أخرجه شيخ الاسلام الحموي في ( فرايد السمطين ) في الباب الثامن عشر عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي : يا علي ؟ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، وإنه أوحى إلي أن أزوجك فاطمة على خمس الأرض ، فهي صداقها فمن مشى على الأرض وهو لكم مبغض فالأرض حرام عليه أن يمشي عليها.
    ( قوله ) :
وتهابها من حمل طوبى طيبت تلك المواهب
    أشار إلى حديث النثار المروي عن بلال بن حمامة قال : طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم متبسما ضاحكا ووجهه مسرور كدارة القمر فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ما هذا النور ؟ قال : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي بأن الله زوج عليا من فاطمة ، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاعا ـ يعني صكاكا ـ بعدد محبي أهل البيت ، وأنشأ تحتها ملائكة من نور ودفع إلى كل ملك صكاكا ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلايق فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت له صكا فيه فكاكه من النار ، فصار أخي وابن عمي وبنتي فكاك رقاب رجال ونساء أمتي من النار.
    أخرجه الخطيب في تاريخه 4 ص 210. وابن الأثير في أسد الغابة 1 ص 206


(317)
وابن الصباغ المالكي في ( الفصول المهمة ). وأبو بكر الخوارزمي في ( المناقب ). و ابن حجر في ( الصواعق ) ص 103. والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 225. والحضرمي في ( رشفة الصادي ) ص 28.
    وأخرج أبو عبد الله الملا في سيرته عن أنس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال لعلي : هذا جبريل يخبرني أن الله زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى : أن انثري عليهم الدر والياقوت. فنثرت عليهم الدر والياقوت فابتدرت إليه الحور العين يتلقطن في أطباق الدر والياقوت فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة. ورواه محب الدين في ( الذخاير ) ص 32. وفي ( الرياض ) 2 ص 184. والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 223.

( ومن شعر العبدي )
يا سادتي يا بني علي من ذا يوازيكم وأنتم أنتم نجوم الهدى اللواتي لولا هداكم إذا ضـللنا لا زلت في حبكم أوالي وما تزودت غير حبي وذاك ذخري الذي عليه ولاكم والبراء ممن يا آل طه وآل صاد خلايف الله في البلاد يهدي بها الله كل هاد والتبس الغي بالرشاد عمري وفي بغضكم أعادي إياكم وهو خير زاد في عرصة الحشر اعتمادي يشنأكم إعتقادي
    وللعبدي قوله :
وزوج في السماء بأمر ربي وصير مهرها خمسا بأرض فذا خير الرجال وتلك خير ال‍ بفاطمة المهذبة الطهور لما تحويه من كرم وحور نساء ومهرها خير المهور
    وله :
إذ أتته البتول فاطم تبكي اجتمعن النساء عندي وأقبلن وتوالي شهيقها والزفيرا يطلن التقريع والتعبيرا


(318)
قلن إن النبي زوجك اليوم قال يا فاطم اصبري واشكري الله أمر الله جبرئيل فنادى اجتمعن الأملاك حتى إذا ما قام جبريل خاطبا يكثر ال خمس أرضي لها حلال فصير نثرت عند ذاك طوبى الحور عليا بعلا معيلا فقيرا فقد نلت منه فضلا كبيرا معلنا في السماء صوتا جهيرا وردوا بيت ربنا المعمورا تحميد لله جل والتكبيرا ه على الخلق دونها مبرورا من المسلك والعبير نثيرا
    ( بيان )
إذا أتته البتول فاطم تبكي وتوالي شهيقا والزفيرا
    إشارة إلى ما أخرجه مالحافظ عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس و ] الخطيب بإسناده في تاريخه 4 ص 195 عن ابن عباس قال : لما زوج النبي صلى الله عليه وآله فاطمة من علي قالت فاطمة : يا رسول الله ؟ زوجتني من رجل فقير ليس له شيء. فقال النبي صلى الله عليه وآله أما ترضين ؟! إن الله اختار من أهل الأرض رجلين : أحدهما أبوك والآخر زوجك. وذكره الحاكم في المستدرك 3 ص 129 وصححه. والهيثمي في ( المجمع ) 9 ص 112. والسيوطي في ( المجمع ) كما في ترتيبه 6 ص 391. والصفوري في ( النزهة ) 2 ص 226.
    وفي نزهة المجالس 2 ص 226 عن العقائق : أن فاطمة رضي الله عنها بكت ليلة عرسها فسألها النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقالت له : تعلم إني لا أحب الدنيا ولكن نظرت إلى فقري في هذه الليلة أن يقول لي علي : بأي شيء جئت ؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله : لك الأمان فإن عليا لم يزل راضيا مرضيا. ثم بعد ذلك تزوجت امرأة من اليهود وكانت كثيرة المال فدعت النساء إلى عرسها فلبسن أفخر ثيابهن ثم قلن : نريد أن ننظر إلى بنت محمد وفقرها. فدعونها ، فنزل جبريل بحلة من الجنة فلما لبستها واتزرت وجلست بينهن رفعت الإزار فلمعت الأنوار فقالت النساء : من أين لك هذا يا فاطمة ؟! فقالت : من أبي. فقلن : من أين لأبيك ؟! قالت : من جبريل. قلن من أين لجبريل ؟! قالت : من الجنة. فقلن : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمن أسلم زوجها استمرت معه وإلا تزوجت


(319)
غيره. مر بيان ما في بقية الأبيات من الحديث المأثور.
    وللعبدي قوله من قصيدة يمدح بها عليا عليه السلام :
وكان يقول : يا دنياي غري سواي فلست من أهل الغرور
    ومن أخرى:
لم تشتمل قلبه الدنيا بزخرفها بل قال : غري سواي كل محتقر
    أشار بهما إلى ما في حديث ضرار بن ضمرة الكناني لما وصف أمير المؤمنين لمعاوية بن أبي سفيان قال : لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه قابضا على لحيته يتملل السليم ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا ؟ يا دنيا ؟ غري غيري ، إلي تعرضت ؟! أم إلي تشوقت ؟! هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك يسير. الحديث.
    أخرجه أبو نعيم في ( الحلية ) 1 ص 84. وابن عبد البر في ( الاستيعاب ). وابن عساكر في تاريخه 7 ص 35 وكثيرون آخرون من الحفاظ والمؤرخين. وله قوله :
لما أتاه في حجراته قالوا له : إن كان أمر من لنا قال النبي : خليفتي هو خاصف والطهر يخصف نعله ويرقع خلف إليه في الحوادث نرجع ؟! النعل الزكي العالم المتورع
    أشار بهذه الأبيات إلى حديث أم سلمة قالت لعايشة أم المؤمنين في بدء واقعة الجمل : أذكرك كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله صلى الله عليه وآله فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحدثانه فيما أرادا ثم قالا : يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا. فقال لهما : أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران. فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قلت له وكنت أجرأ عليه منا : من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم ؟! فقال : خاصف النعل. فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت : يا


(320)
رسول الله ؟ ما أرى إلا عليا. فقال : هو ذاك. فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك.
    فقالت : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟! فقالت : إنما أخرج للإصلاح بين الناس وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت : أنت ورأيك. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 ص 78.
    ولشاعرنا العبدي قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه السلام :
يا من شكت شوقه الأملاك إذ شغفت فصاغ شبهك رب العالمين فما بحبه وهواه غاية الشغف ينفك من زاير منها ومعتكف
    وله في مدحه صلوات الله عليه :
صور الله لأملاك العلى وهي ما بين مطيف زاير هكذا شاهده المبعوث في مثله أعظمه في الشرف ومقيم حوله معتكف ليلة المعراج فوق الرفرف
    في هذه الأبيات إشارة إلى حديث الحافظ المتقن الكبير الثقة يزيد بن هارون عن حميد الطويل الثقة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مررت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به فقلت : يا جبرئيل من هذا الملك ؟ قال : ادن منه وسلم عليه. فدنوت منه وسلمت عليه ، فإذا أنا بأخي وابن عمي علي بن أبي طالب. فقلت : يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة؟! فقال لي : يا محمد ؟ لا ، ولكن الملائكة شكت حبها لعلي فخلق الله تعالى هذا الملك من نور على صورة علي ، فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرة يسبحون الله ويقدسونه ويهدون ثوابه لمحب علي. أخرجه الحافظ الكنجي في ( الكفاية ) ص 51 وقال : هذا حديث حسن عال لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
    ومن شعر العبدي قوله :
وزوجه بفاطم ذو المعالي وخمس الأرض كان لها صداقا على الارغام من أهل النفاق ألا لله ذلك من صداق
    وقوله يمدح به أمير المؤمنين :
وكم غمرة للموت في الله خاضها وكم ليلة ليلاء لله قامها ولجة بحر في الحكوم أقامها وكم صبحة مشجورة الحر صامها
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس