كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: 131 ـ 140
(131)
وسائل عن العلي الشأن بأنه الوصي دون ثان هل نص فيه الله بالقرآن لأحمد المطهر العدناني ؟!
فاذكر لنا نصا به جليا
أجبت يكفي ( خم ) في النصوص وجملة الأخبار والنصوص من آية التبليغ بالمخصوص غير الذي انتاشت يد اللصوص
وكتمته ترتضي أميا
أما سمعت يا بعيد الذهن : أنت كهارون لموسى مني ما قاله أحمد كالمهني إذ قال موسى لأخيه اخلفني؟!
فاسألهم لم خالفوا الوصيا ؟!
أما سمعت خبر المباهله ؟! بين الورى فهل رأى من عادله أما علمت أنها مفاضله؟! في الفضل عند ربه وقابله؟!
ولم يكن قربه نجيا
أما سمعت أنه أوصاه ؟! فخص بالدين الذي يرعاه وكان ذا فقر كما تراه 5 فإن عداه وهو ما عداه
غادر دينا لم يكن مرعيا
فقال : هل من آية تدل بحيث فيها الطهر يستقل على علي الطهر لا تعل ؟! تدنيه للفضل فيقصي كل
ويغتدي من دونه مقصيا ؟!
فقلت : إن الله جل قالا وآل إبراهيم فازوا آلا إذ شرف الآباء والأنسالا إنا وهبنا لهم إفضالا
لسان صدق منهم عليا
فكان إبراهيم ربانيا ثم خليلا صفوة صفيا ثم رسولا منذرا رضيا ثم إماما هاديا مهديا
وكان عند ربه مرضيا
فعندها قال : ومن ذريتي قال له : لا ، لن ينال رحمتي


(132)
وعهدي الظالم من بريتي أبت لملكي ذاك وحدانيتي
سبحانه لا زال وحدانيا
10 فالمصطفى الآمر فينا الناهي فالفعل منه والمقال الزاهي وعادم الأمثال والأشباه لم يصدرا إلا بأمر الله
لم يتقول أبدا فريا
إن كان غير ناطق عن الهوى فكيف أقصاهم وأدنى المجتوى ؟ إلا بأمر مبرم من ذي القوى؟ إذن لقد ضل ضلالا وغوى
ولم يكن حاشا له غويا
لكنما الأقوام في السقيفة وكان في شغل وفي وظيفة قد نصبوا برأيهم خليفة من غسل تلك الدرة النظيفة
وحزنه الذي له تهيا
حتى إذا قضى الخليفة انتخب ثم قضى واختار منهم من أحب من عقد الأمر له بين العرب وإن تكن شورى فللشورى سبب
إن كان ذا ترتيبه مقضيا
ثم قضى ثالثهم فانثالوا فلم تسع غير القبول الحال له الرجال تتبع الرجال فقام والرضا به محال
إذ كان كل يتمنى شيا
15 فغاضبت أولهم ذات الجمل فردهم سيف القضاء وفصل وقام معها الرجلان في العمل ولم يكن قد سبق السيف العذل
فقد تأتي حربهم مليا
وغاضب الشاني لأمر سالف وأصبح الناصر كالمخالف فاجتاحه بذي الفقار القاصف إذ شكت الرماح بالمصاحف
وأخذ الانحدار والرقيا
وكان أن يرد للتسليم فأعمل الحيلة في التحكيم إذ رد للأحبش في الهزيم بأمر شيطانهم الرجيم


(133)
ففي الرعاة حكم الرعيا
فلم يجد للكف من مناص فجاء أهل الشام بابن العاصي وأخذ التحكيم بالنواصي فاحتال فيها حيلة القناص
غر أبا موسى الأشعريا
قام أبو موسى فويق المنبر كما خلعت خاتمي من خنصر وقال : إني خالع بحيدر ثم جعلتها لنجل عمر
يا عمر وقم أنت اخلع الشاميا
فقال عمرو : أيها الناس اشهدوا ثم اسمعوا قولي ولا ترددوا أن خلع الذي له يعتمد 20 به فأني لابن هند أعقد
فاتخذوه مذهبا عمريا
فما ترى أنت بهذي الحال لا تدخل المفتاح في الأقفال من المقال ومن الأفعال ؟! تفتح عن الأضغان والاذحال
وما يكون في الحشا مطويا
إن عليا عند أهل العلم قد ناله من ربه في الحكم أول من سمي بهذا الاسم على يدي أخيه وابن العم
وحيا قديم الفضل عد مليا
وهو الذي سمي في التوراة بالنص والتصريح في البراة عند الأولى هاد من الهداة برغم من سيئ من العداة
من كل عيب في الورى بريا
وهو الذي يعرف عند الكهنه فأخذوا من كل شيئ حسنه إذ جمعوا التوراة في الممتحنه وهم لتوراة الكليم الخزنه
ليوردوا الحق لهم بوريا
وهو الذي يعرف في الانجيل وميزة الغرة والتحجيل برتبة الاعظام والتبجيل 25 وفوزة الرقيب للمجيل
وكان يدعى عندهم أليا


(134)
وهو الذي يعرف بالزبور وذي العلا والعلم المنشور زبور داود حليف النور في اسم الهزبر الأسد الهصور
ليث الوغا أعني به آريّا
وهو الذي تدعوه ما بين الورى ذووا العلوم منهم بكنكرا أكابر الهند وأشياخ القرى لانه كان عظيما خطرا
وكنكر كان له سميا
وهو الذي يعرف عند الروم وصاحب الستر لها المكتوم ببطرس القوة والعلوم ومالك المنطوق والمفهوم
ومن يكن ذا يدع بطرسيا
وهو الذي يعرف عند الفرس بغرسنا وذاك اسم قدسي لدى التعاليم وعند الدرس معناه قابض بكل نفس
كما دعوه عندهم باريا
30 وهو الذي يعرف عند الترك وإنه يرفع كل شك تيرا وذاك مشبه المحك عن كل حاك قوله ومحكي
إذا عرفت المنطق التركيا
وهو الذي يدعونه في الحبش لقدرة به وبطش مدهش بتريك أي مدبر لا يختشي وينعتونه بأقوى قرشي
فاسئل به من يعرف الحبشيا
وهو الذي يعرف عند الزنج وقاطع الطريق في المحج بحنبني أي مهلك ومنج إلا بإذن في سلوك النهج
فإن أردت فاسأل الزنجيا
وهو فريق بلسان الأرمن تعرفه أعلامهم في الزمن فاروقه الحق لكل مؤمن فاسأل به إن كنت ممن يعتني
تحقيقه من كان أرمنيا
وهو الذي سمته تلك الجوهره إذ ولدت في الكعبة المطهره


(135)
وخرّجت به فقال الجمهره : من ذا ؟ فقالت : هو شبلي حيدره
ولدته مطهرا قدسيا
هذا وقد لقبه ظهيرا يصرع من إخوانه الكبيرا أبوه إذ شاهده صغيرا 35 مشمرا عن ساعد تشميرا
وكان عبلا فتلا (1) قويا
ولقبته ظئره (2) ميمونا فكان درا عندها مكنونا إذ رأت السعد به مقرونا يحمي أخا رضاعه المنونا
ثم يدر ثديها الأبيا
واسم أخيه في بني هلال يذكره في سمر الليالي معلق الميمون بالحبال رجالهم فاسمع من الرجال
موهبة خص بها صبيا
والاسم عند الله في العلى علي اشتقه من اسمه في الأزل وهو الصحيح والصريح والجلي كمثل ما اشتق لخير الرسل
ومنح النبي والوصيا
واتفقت آراء أهل العلم فاختلفت في قصده والفهم على اسمه من دون معنى الاسم له وكل لم يطش بسهم
إذ قد أصاب الغرض المرقيا
فقال قوم : قد علا برازا فما رآه القرن إلا انحازا أقرانه وابتزها ابتزازا 40 وكان دونا سافلا فامتازا
فهو علي إذ علا العديا
وقال قوم : قد علا مكانا إذ لم يطق حمل نبي كانا متن النبي ورمى الأوثانا من ثقل الوحي حكى ثهلانا
فنال منه المنزل العليا

1 ـ عبل : الضخم الغليظ. فتل من فتله وهي شدة عصب الذراع.
2 ـ الظئر : المرضعة.


(136)
وقال فرقة : علي الدار علاه ذوالعرش على الأبرار في جنة الخلد مع المختار في روضة تزهو وفي أنهار
فنال منه المرتضى العلويا
وقال فرقة : علاهم علما ومن إلى القضاء قد تسمى فكان أقضاهم لذاك حكما يكون أعلى رفعة وأسمى
فوال ذاك العالم السميا
ودع تآويل الكتاب والخبر قد خاطب الله به خير البشر وخذ بما بان لديك وظهر ليفهموا الأحكام في بادي النظر
ويعرفوا النبي والوصيا
45 فاستمسكن بالعروة الوثقى التي تمش على الصراط لم تلتفت لم تنفصم عنه ولم تنفلت في قدم رأس وقلب مثبت
حتى تجوز سالما سويا
إلى جنان الخلد في أعلى الرتب موهبة ممن له الشكر وجب إذ ينثني كل امرء مع من أحب فهو أبر خالق وخير رب
عزوجل ملكا قويا
يا رب عبدك الذي غمره وقد عصى جهلا وقد أمرته بالفضل والإنعام مذ صيرته إن تاب فالذنب له غفرته
قد تبت فاغفر ذنبي العديا
يا رب ما لي عمل سوى الولا صنو الرسول والوصي المبتلى لأحمد وآله أهل العلا وفاطم والحسنين في الملا
غرا تزين العرش والكرسيا
ثم علي وابنه محمد ثم علي والجواد الأجود وجعفر الصدق وموسى المهتدي محمد ثم علي الأمجد
والحسن الذي جلا المهديا
50 فأعطني بهم جمال الدنيا وراحة القبر زمان البقيا


(137)
والأمن والستر بحشر المحيا والري من كوثر أهل السقيا
والحشر معهم في العلى سويا
يا طلح إن تختم بهذا في العمل وأنت طلح الخير إن جاء الأجل لم يدن منك فزع ولا وجل بالأجر من رب الورى عزوجل
كفى بربي راحما كفيا
    وله يمدح أمير المؤمنين عليه السلام :
أنا مولى لمن يقول رسول الله : سوف تأتي يوم القيامة ركب أنا منهم على البراق وبعدي تحتها يوم ذاك ناقتي العضباء وأبي إبراهيم فوق ذلول وأخي صالح على ناقة الله وعلي على أغر من الجنة في يديه من فوق رأسي لواء وعليه تاج بديع من النور قد أضاءت من نوره عرصة ولتاج الوصي سبعون ركنا فلربي الحمد الكثير على ما فيه ما بين جم غفير خمسة ما لغيرنا من ظهور بضعتي فاطم تسير مسيري ء تطوي الفجاج طي المغير عز قدرا بنا على الجمهور 5 أمامي في العالم المحشور ما خطب نعته باليسير الحمد للواحد الحميد الشكور يزاهي بإكليله المستدير الحشر فيا حسن ذاك من منظور 10 كل ركن كالكوكب المستنير قد حباني من حبه بالكثير
    وله يرثي الإمام السبط المفد صلوات الله عليه :
يا قمرا غاب حين لاحا يا نوب الدهر لم يدع لي أبعد يوم الحسين ويحيى كربت كي تهتدي البرايا فالدين قد لف بردتيه فصار ذاك الصباح ليلا أورثني فقدك المناحا صرفك من حادث صلاحا أستعذب اللهو والمزاحا؟! به وتلقى به النجاحا والشرك ألقى لها جناحا 5 وصار ذاك الدجى صباحا


(138)
فجاء إذ كاتبوه يسعي حتى إذا جاءهم تنحوا وأنبتوا البيد بالعوالي 10 فدافعت عنه أولياه سبعون في مثلهم الوفا ثم قضوا جملة فلاقوا فشد فيهم أبو علي يا غيرة الله لا تغيثي 15 ثم انثنى ظامئا وحيدا ولم يزل يرتقي إلى أن دونكم مهجتي فأني فكلكلوا فوقه فهذا يا بأبي أنفسا ظماء 20 يا بأبي أوجها صباحا يا بأبي أجسما تعرت يا سادتي يا بني علي أوحشتم الحجر والمساعي أوحشتم الذكر والمثاني 25 لا سامح الله من قلاكم لكي يريها الهدى الصراحا لا بل نحوا قتله اجتياحا والقضب واستعجلوا الكفاحا وعانقوا البيض والرماحا فأثخنوا بينهم جراحا هناك سهم القضا المتاحا وصافحت نفسه الصفاحا منهم صياحا ولا ضباحا كما غدا فيهم وراحا دعاه داعي اللقا فصاحا دعيت أن أرتقي الضراحا يقطع رأسا وذا جناحا ماتت ولم تشرب المباحا باكرها حتفا صباحا ثم اكتست بالدماء وشاحا (1) بكى الهدى فقدكم وتاحا آنستم القفر والبطاحا والسور الطوال الفصاحا وزاد أشياعكم سماحا
    وله في الإمام الصادق صلوات الله عليه :
عج بالمطي على بقيع الغرقد وقل : ابن بنت محمد ووصيه يا صادقا شهد الإله بصدقه يا بن الهدى وأبا الهدى أنت الهدى واقرا التحية جعفر بن محمد يا نور كل هداية لم تجحد فكفى شهادة ذي الجلال الأمجد يا نور حاضر سر كل موحد

1 ـ الوشاح : شبه قلادة من نسيج عريض يرصع بالجوهر.

(139)
يا بن النبي محمد أنت الذي يا سادس الأنوار يا علم الهدى أوضحت قصد ولاء آل محمد ضل امرؤ بولائكم لم يهتدِ
    وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
تخيره الله من خلقه وأنزل بالسور المحكمات وأغشاه نورا وناداه : قم فلاح الهدى واضمحل العمى فوصى عليا فنعم الوصي فحمله الذكر وهو الخبير عليه كتاب مبين منير وأنذر فأنت البشير النذير وولى الضلال وعيف الغرور ونعم الولي ونعم النصير (1)
    وله من قصيدة في الأئمة الطاهرين عليهم السلام قوله :
نص على ست وست بعده صلى عليه ذو العلى ولم يزل كل إمام راشد برهانه يغشاه منه أبدا رضوانه
    وله من قصيدة أخرى :
وقلت : ( براثا ) كان بيتا لمريم ولكنه بيت لعيسى بن مريم وللأوصياء الطاهرين مقامهم بسبعين موصى بعد سبعين مرسل وآخرهم فيها صلاة إمامنا وذاك ضعيف في الأسانيد أعوج وللأنبياء الزهر مثوى ومدرج على غابر الأيام والحق أبلج جباههم فيها سجود تشجج علي بذا جاء الحديث المنهج
    وله من قصيدة كبيرة يمدح بها أهل البيت عليهم السلام :
ألست ترى جبريل وهو مقرب يقول لهم أهل العبا : أنا منكم ! ؟ نعم آل طاها خير من وطئ الحصى هم الكلمات الطيبات التي بها هم البركات النازلات على الورى هم الباقيات الصالحات بذكرها له في العلى من راحة القصد موقف؟ فمن مثل أهل البيت إن كنت تنصف؟! وأكرم أبصار على الأرض تطرف يتاب على الخاطي فيحبا ويزلف تعم جميع المؤمنين وتكنف لذاكرها خير الثواب المضعف

1 ـ أشار بهذه الأبيات إلى حديث العشيرة المذكور في الجزء الثاني ص 278 ـ 287.

(140)
هم الصلوات الزاكيات عليهم هم الحرم المأمون آمن أهله هم الوجه وجه الله والجنب جنبه هم الباب باب الله والحبل حبله وأسمائه الحسنى التي من دعا بها يدل المنادي بالصلاة ويعكف وأعداؤه من حوله تتخطف وهم فلك نوح خاب عنه المخلف وعروته الوثقى تواري وتكنف أجيب فما للناس عنها تحرف
    ذكر السمعاني في ( الأنساب ) : أن العوني كان شاعر الشيعة وذكر الصحابة و ثلبهم في قصيدة أولها :
    ليس الوقوف على الأطلال من شاني......
    سمعت أن عمر بن عبد العزيز لما بلغه عنه سب الصحابة أمر به فضرب بالعمود بالمدينة فمات فيه.
     قال الأميني : خفي على ( السمعاني ) اسم العوني وعصره ومدفنه وأن القصيدة النونية المذكورة إنما هي لأبي محمد عبد الله بن عمار البرقي أحد شعراء أهل البيت وشي به إلى المتوكل وقرئت له نونيته فأمر بقطع لسانه وإحراق ديوانه ففعل به ذلك ومات بعد أيام وذلك سنة 245 ومن النونية قوله :
فهو الذي امتحن الله القلوب وهو الذي قد قضى الله العلي له وإن قوما رجوا إبطال حقكم لن يدفعوا حقكم إلا بدفعهم فقلدوها لأهل البيت أنهم عما يجمجمن من كفر وإيمان أن لا يكون له في فضله ثان أمسوا من الله في سخط وعصيان ما أنزل الله من آي وقرآن صنو النبي وأنتم غير صنوان
كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: فهرس