كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: 221 ـ 230
(221)
يا غريب الديار صبري غريب بي نزاع يطـغى إليك وشوق ليت أني ضجيع قبرك أو لا أغـب الطـفوف في كل يوم مطر ناعم وريـح شـمال يا بني أحمد إلى كم سناني وجيادي مربوطـة والمـطايا ؟! كم إلى كم تعلو الطـغاة ؟! قد أذاع الغليل قلـبي ولكن ليت إني أبـقى فأمترق الناس وأجر القنا لثارات يوم الط صبـغ القلب حبكم صبغة الشيب أنا مولاكم وإن كنـت منكم وإذا الناس أدركوا غاية الفخر يفـرح الـناس بي لأني فضل فهم بين منشـد ما أقفيه سر ليت شعري من لائمي في مقال أترك الشيء عاذري فيه كل الناس هـو سـؤلي إن أسعد الله جدي وقتيل الأعداء نـومي قتيل وغرام وزفـرة وعـويل 35 أن ثـراه بمدمعي مـطلول من طراق الأنـواء غيث هطول ونـسيم غض وظـل ظـليل غائب عن طعانه ممطول ؟! ومقامي يروع عنه الدخيل ؟! 40 وكم يحكم في كل فاضل مفضول ؟! غير بـدع إن استـطب العليل وفي الكف صارم مسلول ف يستلحق الرعيل الرعيل وشيبي لولا الردى لا يحول 45 والدي ( حيدر ) وأمي ( البتول ) شآهم من قال جدي الرسول والأنام الذي أراه فضـول وراً وسامع ما أقول ترتضيه خـواطر وعقول ؟! 50 من أجل أن لحـاني عذول ومعالي الأمور للذمر سول (1)

1 ـ الذمر : الشجاع ج أذمار : والذمارة الشجاعة.

(222)
القرن الخامس
37
أبو محمد الصوري
المولود ح 339
المتوفى 419
ولائـك خير ما تحت الضمير وها أنا بت أحسس منه نارا أبا حسن تبين غدر قوم وقد قام النبي بهم خطيبا 5 أشـار إليه فيه بكل معنى فكم من حاضر فيهم بقلب طـوى يوم ( الغدير ) لهم حقودا فيا لك منه يوما جر قوما لأمر سولتـه لهم نفوس 10 ولست من الكثير فيطمئنوا وأنفس ما تمكن في الصدور أمـت بحـرها نار السعير لعـهد الله من عهد ( الغدير ) فـدل المؤمنين على الأمير بنـوه على مخالفة المشير يخـالفه على ذاك الحضور أنال بنشـرها يوم ( الغدير ) إلى يوم عبـوس قمطرير وغرتهم به دار الغرور بـأن الله يعـفو عن كثير
    وله في أهل البيت عليهم السلام :
عيون منعن الرقاد العيونا فكـن المنى لجميع الورى وقلـب تـقلبه الحـادثات يصـون هـواه عن العالمين 5 فمالي وكتمان داء الهوى ؟! وكان ابتداء الهوى بي مجونا جعلن لكل فـؤاد فـنونا وكـن لمن رامهن المنونا على ما تـشاء شمالا يمينا ومدمعه يستـذل المصـونا وقد كان ما خفته أن يكونا فـلما تمـكن أمسى جـنونا


(223)
وكنـت أظـن الهـوى هينا فـلو كنت شاهد يوم الوداع فهل ترك البين من أرتجيه سوى حـب آل نبي الهدى هم عدتي لوفاتي هم هم مورد الحوض للواردين هم عون من طلب الصالحات هم حجـة الله في أرضـه هم الناطـقون هم الصادقون هم الوارثون علوم النبي حقدتم عليهم حقودا مضت جـحدتم موالاة مولاكم وأنـتم بما قاله المصطفى وقلتم : رضينا بما قلـته فأيكم كان أولى بها ؟! وأيكم كان بعد النبي وصيا ؟! وأيكم نام في فـرشـه ومن شـارك الطهر في طائر لحـا الله قوما رأوا رشـدكم فلاقيت منه عذابا مهينا رأيت جفونا تناجي جفونا من الأولين والآخرينا ؟! فحـبهم أمل والآملينا 10 نجاتي هم الفوز للفائزينا وهم عروة الله للواثـقينا فكـن بمحبـتهم مستعينا وإن جحد الحـجة الجاحدونا وأنتم بتـكذيبهم كاذبونا 15 فما بالكم لهم وارثونا ؟! وأنـتم بأسـيافهم مسلمونا ويوم ( الغدير ) لها مؤمنونا وما نص من فضله عارفونا وقالت نفوسكم : ما رضينا 20 وأثـبت أمرا من الطيبينا ؟! ومن كان فيكم أمينا ؟! وأنـتم لمهجتـه طالبونا ؟! وأنـتم بذاك له شاهدونا ؟! مبينا فضلوا ضلالا مبينا 25
    وله في أهل البيت عليهم السلام :
ما طـول الليل القصيرا إلا وفي يده عزيمات ذو مقلة لا تستقل ليست تفتر عن دمي وترى بها ضعـفا ير ونهى الكواكب أن تغورا يحـل بها الأمورا ضـنى وإن أضنت كثيرا وترى بها أبدا فتورا يك المستجار المستجيرا 5


(224)
فيما ينازعني عذولا أترى بوادر فتنـتي لو شـاء لاختصر الغرام ولقد لبـست ثياب نفسـ 10 وتمثل الشيطان لي فخلعتها ولبست ثوب ما شئـت فاقلع عنه ما لم يكن من معـشر 15 من كل صدر موغر وتوامروا ما بينهم مترشح للملك قد وتوارثوها ليس تخرج هـذا إلى أن قام قايم وتسلم الاسلام أقتم أو يسامحني عذيرا فيما ترى إلا بدورا ؟! بها من اختصر الحصورا ـك مالكا أو مستعيرا ليغرني رشؤا غريرا الفتك سحابا جرورا واستغفر تجد ربا غفورا غدروا وقد شهدوا الغديرا ملأت ضغائنه الصدورا أن ينـصبوا فيها أميرا نصبت سريرته السريرا عنهم شبرا قصيرا آل أحمد مستثيرا مظلما فكساه نورا
[ القصيدة ]
    وله في أهل البيت عليهم السلام :
نكرت معرفتي لما حكم فبدت من ناظريها نظرة وتمكنت فأضنيت ضنىً وصبت بعد اجتناب صفوة وفقدت الوجد فيها والأسى ما لعيني وفؤادي كلما طال بي خلفهما فاتفقت ورزايا المصطفى في أهله يا بني الزهراء ماذا اكتست حاكم الحب عليها لي بدم أدخلتها في دمي تحت التهم كان بي منها واسقمت سقم بدلت من قولها : لا. بنعم فتألمت لفقدان الألم كتمت باح ؟! وإن باحت كتـم؟! لي هموم في الرزايا وهمم فاتحات للرزايا وختم فيكم الأيام من عتب وذم ؟!


(225)
يا طوافا طاف طـوفان به أي عهـد يرتجـى الحـفظ له لا تسليت وأنـوار لكم ركبوا بـحر ضلال سلموا ثم صارت سـنة جارية وعجيب إن حـقا بكم والولا فهو لمن كان على وأبيكم والذي وصـى به لقد احتـج على أمتـه وحطـيما بقنا الخط حطم 10 بعد عهد الله فيكم والذمم؟! غـشـيتها من بني حرب ظلم فيه والاسلام فيهم ما سلم كل من أمكنه الظلم ظلم قام في الناس وفيكم لم يقم 15 قول عبد المحسن الصوري قسم لأبيكم جدكم في يوم خم بالذي نالكم باقي الأمم
( الشاعر )
    أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب (1) بن غلبون الصوري من حسنات القرن الرابع ونوابغ رجالاته ، وقد مد له البقاء إلى أوليات القرن الخامس ، جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى ، كما إنه لا تعدوه رقة الغزل وشدة الجدل ، فهو عند الحجاج يدلي بحجته القويمة ، وعند الوصف لا يأتي إلا بصورة كريمة ، و ديوان شعره المحتوي على خمسة آلاف بيت تقريبا الحافل بالرقايق والحقايق يتكفل البرهنة على هذه الدعاوي ، وهو نص في تشيعه كما عده ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المجاهرين ، وما ذكرناه من شعره يمثل روحه المذهبية ، ونزعته الطائفية الحميدة ، وتعصبه لآل البيت النبوي ، واعترافه بحقهم الثابت ، ونبذه ما وراء ذلك نبذا لا مرتجع إليه ، وفي ديوانه غير ما ذكرناه شواهد وتلويحات لطيفة نحو قوله في صبي اسمه عمر :
نادمني من وجهه روضة فانظر معي تنظر إلى معجز مشـرقـة يمرح فيه النظر سيف علي بين جفني عمر
    وقد ترجمه ابن أبي شبانة في تكملة أمل الآمل وهو لا يترجم إلا المتمسك
1 ـ في تتميم يتيمة الدهر ج 1 ص 35 : طالب. وهو تصحيف.

(226)
بحجزة أهل البيت الطاهر ، وترجمه الثعالبي في ( يتيمة الدهر ) ج 1 ص 257 وذكر من شعره 225 بيتا ، وأثنى عليه وانتخب من ديوانه أبياتا في ( تتميم يتيمته ) ج 1 ص 35 وعقد ابن خلكان له ترجمة ضافية أطراه ووصف شعره في ج 1 ص 334 ، و قال : توفي يوم الأحد تاسع شوال سنة تسع عشرة وأربعمائة وعمره ثمانون أو أكثر ، وذكره ابن كثير في تاريخه ج 12 ص 25 ، ومن شعره في أهل البيت صلوات الله عليهم :
تـوق إذا ما حرمـة العدل جلت أغرك إن لم تستفـزك لوعة لك الخير هـذا حين شئت تلومني غداة أجيب العيس إذ هي حنت 5 وأنـتهب الأيام حتى كأنني وأستصغر البلوى لمن عرف الهوى أطـيل وقوفي في الطلول كأنني ليالي ألـقى كل مهضومة الحشى أصد فيدعـوني إلى الوصل طرفها 10 وإن قلت سقمي وكلت سقم طرفها وإن سمعت وانار قلبي شناعة وأصـرف همي عن هواها بهمتي وأنـشد بين البين والهجر مهجتي وما أحسب الأيام أيام هجرها 15 دعوا الأمة اللاتي استحلت تكن فما يقـتدي إلا بها في اغتصابها أليـس بنو الزهراء أدهى رزية حماتي إذا لانت قناتي وعدتي أقامت لحـرب الله حـزب أئمة 20 قلوب على الدين العتيق تألفت ملامي لتـقضي صبـوتي ما تمنت بقلبي ولا استبكاك بين بمقلتي لجاجا فـإلا لمـت أيام شرتي وأحدو إذا ورق الحمايم غنت أدافـع من بعد الحـلول منيتي واستكـثر الشكـوى وإن هي قلّت أحـاول منها أن ترد تحيتي إذا عدلت فيـما جـناه تجنـّت وإن أنا سارعت الاجابة صـدت بإبطـال قولي أو بإدحاض حجتي عليها أجابتني بوانار وجـنـتي عـزوفا فتـثـنيني إذا ما تـثـنـت ولم أدر في أي السبيلين ضلت تطـاولني إلا لتـقـصر مدتي مـع الأمـة الـلاتي بغت فاستحلت ولا أقتـدي إلا بـصبر أئـمتي عليكم إذا فـكرتم في رزيتي إذا لمن تكـن لي عدة عند شدتي إذا هي ضلـت عن سبيل أضلت لهم ومن الحـق القديم استملت


(227)
بماذا ترى تحتج يا آل أحمد وأشـهر ما يروونه عنه قوله : ولكـن دنياهم سعت فسعوا لها على أحمد فيكم إذا ما استعدت ؟! تركت كـتاب الله فيكم وعترتي فتلك التي فـلت ضميرا عن التي
    وله في أهل البيت سلام الله عليهم :
أصبـحوا يفـرقون من افراقي ما صبرتم لقد بخلتم على المدنف راحـة ما اعتمدتموها بقتلي سوف أمضي وتلحقون ولا علم حيث لا يجمع القضية من يجمع ما لهم لا خلقت فيهم فما أغفل رب ظهـر قلبـته مثل ما يقلب بعد ما قادني فلم أدر حتى وأراني أسير عينيك منهن مسة من هواك بي لا من الجن غير أن يبرد احتراقي بوصل أو يعيد الكرى علي كما كان ما لنـومي كأنه كان في غير مسترجع فيرجى وهل ير بأبي شـادن توثـقت بالإيما فهـو إلا يكن لحرب فحرب نفـرٌ من أمية نـَفـَرَ الا أنفـقوا في النفاق ما غصبوه وهي دار الغرور قصر باللو وأراها لا تستقيم لذي الزهـ فلهـذا أبناء أحمد أبناء علي فاستغاثوا في نكستي بالفراق حـقا حتى بطول السياق رب خير أتـى بغير اتفاق لكم ما يكون بعد اللحاق بين الخصمين ماض وباق 5 قومي عن الدم المهراق ؟! ظـهر المجـن للإرشاق صرت ما بين ملتقى الأحداق فماذا تراه في إطلاقي ؟! فهل من مغرم أو راق ؟! 10 أو بوعد أو أن يبل اشتياقي لا موحشي من خيالك الطراق أول دمعي جرى من الآماق ؟! جـع للعين أدمع في سباق ؟! ن منه قبـل شد وثاقي 15 علمته خيانة الميـثاق سلام من بينهم نفور إباق فاستقام النفاق بالانفاق م فيها تـطاول الـعـشاق ـد إذ المال مال بالأعناق 20 طرايد الآفاق


(228)
فـقراء الحجاز بعد الغنى الأكبر جانبتهم جوانب الأرض حتى إن اقـصر يا آل أحمد أو أغرق 25 لسـت في وصفكم بهذا وهذا إن أهل السماء فيكم وأهل الأرض عرفت فضـلكم ملائكة الله يستحقون حـقكم زعموا ذلك وأرى بعـضهم يبايع بعـضـا 30 واستـثاروا السيوف فيكم فقمنا أي عين ؟ لولا القيامة والمرجو فكأني بهم يودون لو أن الخوالي وإذا ما التـقوا تقاسمت النار ليتوبـوا إذا يـذادون عن أكرم 35 قيل : هـذا بما كفرتم فذوقوا أسـرى الشـام قتلى العراق خلت أن السـماء ذات انطباق كان التـقصير كالإغراق لا حـقا غير أن تروا إلحاقي ما دامتا لأهل افتراق فـدانت وقومكم في شـقاق ـ سحـقا ـ لهم من استحـقاق بانـتظام من ظلمكم واتساق نستـثـير الأقلام في الأوراق فيها من قدرة الخلاق من الليالي الـبواقي عليا بالعدل يوم التلاق حـوض عليه أكرم ساق ما كسبـتم يا بـؤس ذاك المذاق
    وقال في يوم عاشورا يمدح الإمام الحاكم بأمر الله :
خلا طرفه بالسقـم دوني يلازمه فأصبـح بي ما لست أدري أمثله لئن كان أخفى الصدر صدا من الجوى ولم تخفه إن الهوى خف حمله 5 ويا رب ليل قصـر الذكر طوله وما نمـت فيه غير أن لو سألتني ولكنه ألقى على الصبـح لونه كما جاء يوم في المحرم واحد طغـت عبد شمس فاستقل محلقا 10 فمن مبلـغ عني أمية إنـني إلى أن رمى سهما فصرت أساهمه بجفنيه ؟! أم لا يعدل السقم قاسمه ؟! ففي العين عنواناته وتراجمه ولكـن لأن النـوم ليـس يلايمه فما طلعت حتى تجلت غـمائمه عن الشغل عنه قلت ما قال نائمه فوالاه يوم شاحب الوجه ساهمه خبا نـوره لما استحلت محارمه إلى الشـمس من طغيانها متراكمه هتـفت بما قد كنت عنها أكاتمه ؟!


(229)
مضـت أعصر معوجة باعوجاجكم وجدد عهـد المصطفى بعض أهله فيا أيها الباكون مصـرع جده ألا أيها الثـكلى التي من دموعها لقد خـسر الدارين من صد وجهه حـريصا على نار الجـحيم كأنه إلى من تراه فوض الأمر غيركم فيا لك منها دولة علوية فـلا تنكروا إن قوم الدهر قايمه وحـكم في الدين الحنيفي حاكمه دعـوا جده تبكي عليه صوارمه إذا هي حيت من قتيل جماجمه فـلا أنـت مبقيه ولا الله راحمه 15 يخـاف على أبوابها من يزاحمه إذا أنـتم أركانه ودعائمه تبـدت بسعد حـاكم الدهر خاتمه
[ القصيدة ]
    وله قوله :
بالذي ألهم تعذيبي ثناياك العذابا والذي أودع في فيك من الشهد شرابا ما الذي قالته عيناك لقلبي فأجابا ؟! يا غـزالا صاد باللحظ لقلبي فأصابا والذي ألبس خديك من الورد نقابا والذي صير حظي منك هجرا واجتنابا والذي قالته للدمع فواراها انصبابا ؟ عمرك الله بصب لا يرى إلا مصابا
    هذه الأبيات توجد في ديوان المترجم فنسبتها إلى ( الصنوبري ) كما في كشكول البهائي ج 1 ص 23 في غير محله ، وأخذ البهائي منها قوله :
يا بدر دجا فـراقه القلب أذاب بالله عليك أي شيء قالت مذ ودعني فغاب صبري إذ غاب عيناك لقلبي المعنا فأجاب ؟!
    وللمترجم الصوري :
سفـرن بدورا وانتقبن أهلة وأبدين أطراف الشعور تسترا وربـتما أطلعن والليل مقبل فهن إذا ما شئن أمسين أو إذا ومسـن غصونا والتفتن جواذرا فأغدرت الدنيا علينا غدايرا شموس وجوه توفف الليل حايرا تعرضن أن يسبحن كن قوادرا
    وقال يرثي شيخ الأمة ابن المعلم أبا عبد الله محمد بن محمد بن نعمان المفيد المتوفى 413


(230)
تبارك من عم الأنام بفضله مضـى مستقلا بالعلوم محمد وبالموت بين الخلق ساوى بعدله وهيهات يأتينا الزمان بمثله
    جاء في ( بدائع البداية ) (1) بإسناده عن بكار بن علي الرياحي أنه قال : لما وصل عبد المحسن الصوري إلى دمشق جاءني المجدي الشاعر فعرفني به وقال : هل لك أن نمضي إليه ونسلم عليه ؟ فأجبت وقمت معه حتى أتينا إلى منزله وكان ينزل دائما إذا قدم في سوق القمح وكان بين يديه دكان قطان وفيها رجل أعمى فوقفت به عجوز كبيرة فكلمها بشيء وهي منصتة له فقال المجدي في الحال :
    منصتة تسمع ما يقول
    فقال عبد المحسن في الحال (2) :
    كالخلد لما قابلته الغول
    فقال له المجدي : أحسنت والله يا أبا محمد أتيت بتشبيهين في نصف بيت أعيذك بالله. ا ه‍.
    ومن لطيف قول الصوري ما قاله وقد استعير منه كتاب وحبس عليه كما يوجد في ديوانه :
ماذا جـناه كتابي فاستحق به فاطلـقه نسأله عما كان حل به سجـنا طـويلا وتغييبا عن الناس في طول سجنك من ضر ومن باس
    كتب الشاعر المفلق أحمد بن سلمان الفجري إلى عبد المحسن الصوري :
أعبد المحسن الصـوري لم قد فإن قلت : العبالة (3) أقعدتني فهذا البحر يحمل هضب رضوي وأن حـاولت سير البر يوما إذا استـحلى أخوك قلاك يوما تـحـرك عل أن تلقى كريما فما كل الـبرية من تراه جثمت جثوم منهاض كسير؟! على مضض وعافت عن مسيري ويستـثـني بركن من ثبير فـلست بمثـقل ظهـر البعير فمثـل أخيك موجود النظير تـزول بقربه إحن الصدور ولا كل البـلاد بـلاد صـور

1 ـ وذكره ابن عساكر في تاريخه ج 3 ص 281.
2 ـ في تاريخ ابن عساكر : كالحلد. وهو كما ترى.
3 ـ العبالة : الضخامة.
كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: فهرس