كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: 331 ـ 340
(331)
ولا مقتن على بكير أقضي بتربتـه الفـروض ولأملأن على العوام نقضـي بتـطويل الشوارب ولأرخين من العمائم ولأرفعن إلى الصلاة [ وأقول في يوم تحار [ والصحـف تنـشر طيها [ : هذا الشـريف أضـلني في العـشايا والبكر ومن زيارته الوطر 20 مسائلا فيها غرر عنـد تقصير الشعر ما تـكور واعتصر يدي وأرويها أثـر لـه البصائر والبصر ] 25 والنار ترمي بالشرر ] بعد الهداية والنظر ] (1)
    5 ـ كتب في هذا المعنى أبو الفتح سبط ابن التعاويذي إلى نقيب الكوفة الشريف محمد بن مختار العلوي يعاتبه على عدم الوفاء بما كان وعده به بقصيدة تأتي في ترجمة أبي الفتح أولها :
يا سمي النبي يا بن علي قامع الشرك والبتول الطهور
( الشاعر )
    أبو الحسين مهذب الدين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي (2) الشامي نازل درب الخابوري على باب الجامع الكبير الشمالي عين الزمان الشهير بالرفا ، أحد أئمة الأدب ، وفي الطبقة العليا من صاغة القريض ، وقد أكثر وأجاد وله في أئمة أهل البيت عليه السلام عقود عسجدية أبقت له الذكر الخالد والفخر الطريف والتالد ، و قد أتقن اللغة والعلوم والأدبية كلها ، أنجبت به الطرابلس فكان زهرة رياضها ، و ورواء أرباضها ، ثم هبط دمشق فكان شاعرها المفلق ، وأديبها المدره ، فنشر في عاصمة الأمويين فضايل العترة الطاهرة بجمان نظمه الرايق ، وطفق يتذمر على من ناواهم أو زواهم عن حقوقهم محققا فيه مذهبه الحق ، فبهظ ذلك المتحايدين عن أهل البيت عليهم السلام فوجهوا إليه القذائف والطامات ، وسلقوه بألسنة حداد فمن
1 ـ الأبيات الثلاثة الأخيرة من قصيدة ابن منير.
2 ـ طرابلس : بلدة على ساحل الشام مما يلي دمشق.


(332)
قائل : إنه كان خبيث اللسان ، وآخر يعزو إليه التحامل على الصحابة ، ومن ناسب إليه الرفض ، ومن مفتعل عليه رؤيا هائلة ، لكن فضله الظاهر لم يدع لهم ملتحدا عن إطرائه وإكبار موقفه في الأدب بالرغم من كل تلكم الهلجات ، وجمع شعره بين الرقة والقوة والجزالة ، وازدهى بالسلاسة والانسجام ، وقبل أي مأثرة من مآثره أنه كان أحد حفاظ القرآن الكريم كما ذكره ابن عساكر وابن خلكان وصاحب [ شذرات الذهب ].
    قال ابن عساكر في تاريخه ج 2 ص 97 : حفظ القرآن ، وتعلم اللغة والأدب ، و قال الشعر ، وقدم دمشق فسكنها ، كان رافضيا خبيثا يعتقد مذهب الإمامية ، وكان هجاء خبيث اللسان يكثر الفحش في شعره ، ويستعمل فيه الألفاظ العامية ، فلما كثر الهجو منه سجنه بوري بن طغتكين أمير دمشق في السجن مدة وعزم على قطع لسانه فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب فوهبه له وأمر بنفيه من دمشق ، فلما ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق ثم تغير عليه إسماعيل لشيء بلغه عنه فطلبه وأراد صلبه فهرب واختفى في مسجد الوزير أياما ثم خرج من دمشق ولحق بالبلاد الشمالية ينقل من حماة (1) إلى شيزر وإلى حلب ثم قدم دمشق آخر قدمة في صحبة الملك العادل لما حاصر دمشق الحصر الثاني ، فلما استقر الصلح دخل البلد ورجع مع العسكر إلى حلب فمات بها ، لقد رأيته غير مرة ولم أسمع منه ، فأنشدني والأمير أبو الفضل إسماعيل ابن الأمير أبي العساكر سلطان بن منقد قال : أنشدني ابن منير لنفسه :
أخلى فصد عن الحميم وما اختلى ما كان واديه بـأول مرتـع وإذا الكريم رأى الخـمول نزيله كالبـدر لما أن تضاءل نوره 5 ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا فارق ترق كالسيف سل فبان في ورأى الحمام يغصه فتوسلا ودعت طلاوته طلاه فأجفلا في منزل فالحزم أن يترحلا طلب الكمال فحازه متنقلا أفلا فليت بهن ناصية الفلا ؟! متنيه ما أخفى القراب وأخملا

1 ـ بلدة شهيرة بينها وبين شيزر نصف يوم ، وبينها وبين دمشق خمسة أيام للقوافل ، و بينها وبين الحلب أربعة أيام.

(333)
لا تحسبن ذهاب نفسـك ميتة للقـفر لا للفـقر هبها إنما لا ترض من دنياك ما أدناك من وصل الهجير بهجر قوم كلما من غادر خبثـت مغارس وده أو حـلف دهـر كيف مال بوجهه لله علمي بالزمان وأهله طبعـوا على لؤم الطباع فخيرهم ما الموت إلا أن تعيش مذللا (1) مغـناك ما أغـناك أن تتوسلا دنـس وكن طيفا جلا ثم انجلى أمطرتهم عسلا جنوا لك حنظلا 10 فـإذا محـضت لـه الوفاء تأولا أمسى كذلك مدبرا أو مقـبـلا ذنب الفضيلة عندهم أن تكملا إن قلـت قال وإن سكت تقولا
    وفي غير هذه الرواية زيادة وهي :
أنا من إذا ما الدهر هم بخفضه واع خطاب الخطب وهو مجمجـم زعم كمنبلج الصباح وراءه سامته همته السماك الأعزلا 15 راع أكـول العيس من عدم الكلا عـزم كحد السيف صادف مقتلا
    قال الأميني : والشاعر يصف في نظمه هذا مناوئيه من أهل زمانه الذين نبزوه بالسفاسف ورموه بالقذائف ممن أوعزنا إليهم في الترجمة وكل هجوه من هذا القبيل ولذلك كان يثقل على مهملجة الضغائن والإحن.
    وقال ابن عساكر : وأنشد أيضا له :
عدمت دهرا ولدت فيه ما تعتريني الهموم إلا فهل صديق يباع ؟! حتى يكـون في قلبه مثال وكم صديق رغبت عنه كم أشرب المر من بنيه من صاحب كنت أصطفيه بمهجـتي كنت أشتريه يشبه ما صاغ لي فيه قد عشت حتى رغبت فيه
    وقال الأمير أبو الفضل : عمل والدي طستا من فضة فعمل ابن منير أبياتا كتبت عليه من جملتها :
يا صنو مائدة لأكرم مطعم مأهولة الأرجاء بالأضياف

1 ـ هذا البيت وبيت واحد بعده ذكرهما ابن خلكان في تاريخه ج 1 ص 51.

(334)
جمعت أياديه إلي أيادي ال ومن العجائب راحتي من راحة آلاف بعد البـذل للآلاف معروفة المعروف بالإتلاف
    ومن محاسن شعره القصيدة التي أولها :
من ركب البدر في صدر الرديني وأنزل النير الأعلى إلى فلك طرف رنا أم قراب سل صارمه ؟! أذلني بعد عز والهوى أبـدا وموه السحر في حد اليماني مداره في القباء الخسرواني وأغيد ماس أم أعطاف خطي؟! يستعبد الليث للظبي الكناسي
    وذكر منها ابن خلكان أيضاً :
أما وذائب مسـك من ذوائـبه وما يجـن عقيقي الشفاه من الريـ لو قيل للبدر : من في الأرض تحسده أربى علي بشتـى من محـاسنه إباء فارس في لين الشآم مع ال وما المدامة بالألباب أفتك من على أعالي القضيب الخيزراني ـق الرحيقي والثغر الجماني إذا تحـلى ؟ لقال : ابن الفلاني تألفت بين مسموع ومرئي ظـرف العراقي والنطق الحجازي فـصاحة البـدو في ألفاظ تركي
    ويوجد تمام القصيدة 27 بيتا في ( نهاية الإرب ) ج 2 ص 23 ، وتاريخ حلب ج 4 ص 234 : وذكر ابن خلكان له أيضا :
أنكرت مقلتـه سفـك دمي لا تخالوا خاله في خده ذاك من نار فؤادي جذوة وعلى وجنته فاعترفت قطرة من دم جفـني نقطت فيه ساخت وانطفت ثم طفت
    وكان بين المترجم وابن القيسراني (1) مهاجاة واتفق أن أتابك عماد الدين زنكي صاحب الشام غناه مغن على قلعة جعبر وهو يحاصرها قول المترجم :
ويلي من المعرض الغضبان إذ سلمت فازور يزوي قوس حاجبه نقل الواشي إليه حديثا كله زور كأنني كأس خمر وهو مخمور
    فاستحسنها زنكي وقال : لمن هذه ؟ فقيل : لابن منير وهو بحلب فكتب إلى
1 ـ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن نصر الخالدي الحلبي الشاعر الفذ المتوفى بدمشق 548.

(335)
والي حلب يسيره إليه سريعا فسيره فليلة وصل ابن منير قتل أتابك زنكي فعاد ابن منير صحبة العسكر إلى حلب فلما دخل قال له ابن القيسراني : هذه بجميع ما كنت تبكتني به.
    كان شاعرنا المترجم عند أمراء بني منقذ بقلعة شيزر وكانوا مقبلين عليه وكان بدمشق شاعر يقال له : أبو الوحش وكانت فيه دعابة وبينه وبين أبي الحكم عبيد الله (1) مداعبات فسأل منه كتابا إلى ابن منير بالوصية عليه فكتب أبو الحكم :
أبا الحسين اسمع مقال فتى : هذا أبو الوحش جاء ممتدحا واتل عليهم بحسن شرحك ما وخبر القوم أنه رجل عـوجل فيما يقول فارتجلا للقوم فاهنـأ به إذا وصلا أنقله من حديثه جـملا ما أبصر الناس مثله رجلا
    ومنها :
وهـو على خفـة به أبدا يمـت بالثلب والرقاعة والس إن أنـت فاتحته لتخبر ما فنبه إن حـل خـطـة الخسف وأسقـه السـم إن ظـفرت به معترف أنه من الثقلا خف وأما بغير ذاك فلا يصـدر عنه فتحت منه خلا والهـون ورحب به إذا رحلا وامزج له من لسانك العسلا (2)
    وذكر النويري له في ( نهاية الإرب ) ج 2 :
لاح لنا عاطلا فصيغ له حياة روحي وفي لواحظه ما خاله من فتيت عنبر صد لكـن سويداء قلب عاشقه مناطق من مراشق المقل حتفي بين النشاط والكسل غيه ولا قطر صبغة الكحل طفت على نار وردة الخجل

1 ـ هو أبو الحكم عبيد الله بن المظفر المغربي الشاعر المتضلع في الأدب والطب والهندسة له أشياء مستملحة منها مقصورة هزلية ضاهى بها مقصورة ابن دريد ولد باليمن سنة 486 وتوفي بدمشق سنة 549. توجد ترجمته في تاريخ ابن خلكان 1 ص 295 ، ونفح الطيب 1 ص 385 وغيرهما.
2 ـ نفح الطيب ج 1 ص 385.


(336)
    وله في النهاية أيضا :
كأن خـديه ديناران قد وزنا فخف إحداهما عن وزن صاحبه وحرر الصيرفي الوزن واحتاطا فحـط فوق الذي قد خف قيراطا
    وله في ( بدايع البداية ) ج 1 ص 44 في صبي صبيح سراج يسمى يوسف قوله :
يا سمي المتاح في ظلمة الجـ والذي قطع النساء له الأيـ لك وجه مياسم الحسن فيه ب لمن ساقه القضاء إليها دي ومكـن حبله من يديها صكـة تطبـع البـدور عليها
    كتب ابن منير للقاضي أبي الفضل هبة الله المتوفى 562 يلتمس منه كتاب [ الوساطة بين المتنبي وخصومه ] تأليف القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني وكان قد وعده بها :
يا حائزا غاي كل فضيلة ومن ترقى إلى محل إلى متى أسعط التمني ؟ تضل في كنهه الإحاطة أحكم فوق السهى مناطه ولا ترى المن بالوساطه
    ولد المترجم [ ابن منير ] سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بطرابلس ، وتوفي في جمادى الآخر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة [ عند جل المؤرخين ] بحلب ودفن في جبل جوشن (1) بقرب المشهد الذي هناك ، قال ابن خلكان : زرت قبره ورأيت عليه مكتوبا :
من زار قبري فليكن موقنا فيرحم الله امرءا زارني أن الذي ألقاه يلقاه وقال لي يرحمك الله
    ثم وجدت في ديوان أبي الحكم عبيد الله أن ابن منير توفي بدمشق في سنة سبع وأربعين ورثاه بأبيات على أنه مات بدمشق وهي هزلية على عادته ومنها :
1 ـ جوشن جبل في غربي حلب ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه ويقال : أنه بطل منذ عبر سبى الحسين بن علي رضي الله عنه ونساؤه وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزا أو ماء فشتموها ومنعوها فدعت عليهم فمن الآن من عمل فيه لا يربح ، وفي قبلى الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمى مشهد الدكة والسقط يسمى محسن بن الحسين رضي الله عنه ( معجم البلدان 3 ص 173 ).

(337)
أتـوا به فوق أعواد تسيره وأثخنوا الماء في قدر مرصعة وغسلوه بشطـي نهـر قلوط واشعلوا تحته عيدان بلوط
    وعلى هذا التقدير فيحتاج إلى الجمع بين هذين الكلامين فعساه أن يكون قد مات في دمشق ثم نقل إلى حلب فدفن بها.
    وأما أبو المترجم ( المنير ) فكان شاعرا كجده ( المفلح ) كما في ( نسمة السحر ) وكان منشدا الشعر العوني ، ينشد قصائده في أسواق طرابلس كما ذكر ابن عساكر في تاريخ الشام ج 2 ص 97 ، وبما أن العوني من شعراء أهل البيت عليهم السلام ولم يؤثر عنه شيء في غيرهم ، وكان منشده الشيعي هذا يهتف بها في أسواق طرابلس وفيها أخلاط من الأمم والأقوام كانوا يستثقلون نشر تلكم المآثر بملأ من الأشهاد ، وبالرغم من غيظهم الثائر في صدورهم لذلك ما كان يسعهم مجابهته والمكاشفة معه على منعه لمكان من يجنح إلى العترة الطاهرة هنالك فعملوا بالميسور من الوقيعة فيه من أنه كان يغني بها في الأسواق كما وقع في لفظ ابن عساكر وقال : كان منشدا ينشد أشعار العوني في أسواق طرابلس ويغني.
    وأسقط ابن خلكان ذكر العوني وإنشاد المنير لشعره فاكتفى بأنه كان يغني في الأسواق ـ زيادة منه في الوقيعة وعلما بأنه لو جاء بذكر العوني وشعره لعرف المنقبون بعده مغزى كلامه كما عرفناه ، وعلم أن ذلك الشعر لا يغني به بل تقرط به الآذان لإحياء روح الإيمان وإرحاض معرة الباطل.
    توجد ترجمة ابن منير في كثير من المعاجم وكتب السير منها : تاريخ ابن خلكان ج 1 ص 51. الخريدة للعماد الكاتب. الأنساب للسمعاني (1) . تاريخ ابن عساكر 2 ص 97. مرآة الجنان 3 ص 287. تاريخ ابن كثير 12 ص 231. مجالس المؤمنين ص 456. أمل الآمل لصاحب الوسائل. شذرات الذهب 4 ص 146. نسمة السحر في الجزء الأول. روضات الجنات ص 72. أعلام الزركلي 1 ص 81. تاريخ آداب اللغة 3 ص 20. دائرة المعارف للبستاني ج 1 ص 709. تاريخ حلب 4 ص 231
1 ـ قال : أدركته حيا بالشام وكان قد نزل شيراز في آخر عمره. قال الأميني : شيراز تصحيف ( شيزر ) وهى تشتمل على كورة بالشام قرب المعرة. وقال : توفي في حدود سنة 540 وهو كما ترى.

(338)
القرن السادس
46
القاضي ابن قادوس
المتوفى 551
يا سيد الخلفاء طرا إن عظموا ساقي الحجيج أنت الإمام المرتضى وولي خيرة ( أحمد ) والحـائز القـصبات في والمطـفئ الغوغا بب بـدوهم والحضـّر فأنت ساقي الكوثر وشفيعنا في المحشر وأبـو شبير وشبر يوم ( الغدير ) الأزهر در والنضير وخيبر (1)
( الشاعر )
    القاضي جلال الدين أبو الفتح محمود بن القاضي إسماعيل بن حميد الشهير بابن قادوس الدمياطي المصري.
    أحد عباقرة الأدب ، وفذ من صيارفة البيان ، مقدم في حلبة القريض ، كاتب الانشاء بالديار المصرية للعلويين ، وتصدر بالقضاء ، جمع بين فضيلتي العلم والأدب فعد من أئمة البيان الرايع الذين جعلوا من رسائلهم الخلافية والديوانية نماذج من الفصاحة الباهرة ، تلمذ عليه القاضي الفاضل (2) وكان يسميه ذا البلاغتين ( : الشعر والنثر ) له ديوان شعر في مجلدين توفي بمصر سنة خمسمائة وإحدى وخمسين (3) .
    ذكر ابن خلكان في تاريخه 1 ص 54 له في القاضي الرشيد (4) . وكان أسود اللون :
يا شبه لقمان بـلا حكمة وخـاسرا في العلم لا راسخا سلخت أشعار الورى كلها فصرت تدعى الأسود السالخا

1 ـ مناقب ابن شهر آشوب.
2 ـ أبو علي عبد الرحيم بن علي البيساقي ثم المصري أحد أئمة البلاغة ولد سنة 529 وتوفي 596
3 ـ تاريخ ابن كثير 12 ص 235 ، الحاكم بأمر الله ص 234 ، الأعلام 3 ص 1011.
4 ـ أبو الحسن أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الزبير المصري المقتول سنة 563.


(339)
    حكى الحموي في ( معجم الأدباء ) ج 4 ص 60 قال : اجتمع ليلة عند الصالح ابن رزيك جماعة من الفضلاء فألقى عليهم مسألة في اللغة فلم يجب عنها بالصواب سوى القاضي الرشيد فقال : ما سئلت قط في مسألة إلا وجدتني أتوقد فهما فقال ابن قادوس وكان حاضرا :
إن قلت : من نار خلقـ قلنا : صدقت فما الذي ـت وفقت كل الناس فهما أطفاك حتى صرت فحما ؟
    وذكر له ابن كثير في تاريخه فيمن يكرر التكبير ويوسوس في نية الصلاة :
وفاتر النية عنينها يكبر التسعين في مرة مع كثرة الرعدة والهمزة كأنه صلى على حمزة (1)
    وذكر له المقريزي في ( الخطط ) 2 ص 298 في ذكر قلعة الروضة المعروفة بالجزيرة :
أرى سرح الجزيرة من بعيد كأن مجرة الجوزا أحاطت كأحداق تغازل في المغازل وأثبتت المنازل في المنازل
    ومن شعره في المذهب كما في مناقب ابن شهر آشوب قوله :
هي بيعة الرضوان أبرمها التقى ما اضطر جدك في أبيك وصية وكذا الحسين وعن أخيه جازها وأنارها النص الجلي وألحما وهو ابن عم أن يكون له انتمى وله البنون بغير خلف منهما
    وله في الإمام زين العابدين عليه السلام :
أنت الإمام الآمر العدل الذي الفاضل الأطراف لم ير فيهم أنتم خزائن غامضات علومه فعلى الملائك أن تؤدي وحيه خبـب البراق لجده جبريل إلا إمام طاهر وبتول وإليكم التحـريم والتحليل وعليكم التبيـين والتأويل
    ذكر سيدنا الأمين في ( أعيان الشيعة ) في الجزء السابع عشر ص 332 ابن قادوس المصري وقال : ذكرنا في ج 6 ص 93 : أنا لم نعرف اسمه ، وذكرنا في 13 ص 206 : إن
1 ـ إشارة إلى ما ورد في صلاة النبي صلى الله عليه وآله على حمزة سيد الشهداء يوم أحد من أنه عليه السلام كبر فيها سبعين أو اثنين وتسعين تكبيرة.

(340)
اسمه محمود بن إسماعيل بن قادوس الدمياطي المصري اعتمادا على ما وجدناه في الطليعة ( للعلامة السماوي ) من نسبة الشعر الذي في ( المناقب ) إليه ، ثم وجدناه في كتاب ( شذرات الذهب ) في حوادث سنة 639 ما صورته : وفيها توفي النفيس ابن قادوس القاضي أبو الكرام أسعد بن عبد الغني العدوي.
    فرجحنا أن يكون هو الذي نسب إليه ابن شهر آشوب الشعر الصريح في تشيعه وترجمناه في مستدركات هذا الجزء ( ص 468 ) وسبب الترجيح وصفه بالقاضي في ( المناقب ) والذي كان قاضيا بنص المناقب والشذرات هو أسعد لا محمود ومحمود إنما كان كاتبا للعلويين بنص الطليعة لكن يبعده أن صاحب ( المناقب ) مات سنة 588 وأسعد مات سنة 639 بعده بإحدى وخمسين سنة ، غير أنه يمكن نقله عنه لأن أسعد عاش 96 سنة.
    قال الأميني : ما ذكره شيخنا صاحب ( الطليعة ) هو الصواب.
    وقد خفي على سيدنا الأمين أمور : الأول : كون أبي الفتح ابن قادوس المترجم قاضيا وقد ذكره معاصره القاضي الرشيد المقتول 563 في كتابه ( جنان الجنان ورياضة الأذهان ) ونقله عنه صاحب تاريخ حلب ج 4 ص 133 ، ووصفه بذلك المقريزي في الخطط ج 2 ص 306 والدكتور عبد اللطيف حمزة في كتابه ( الحركة الفكرية في مصر ) ص 271.
    والثاني : أن المعروف بابن قادوس هو محمود شاعرنا لا أسعد فإنه يعرف بالقاضي النفيس لا بابن قادوس.
    والثالث : أن القاضي النفيس لم يذكر قط بالأدب والشعر في أي معجم والذي يذكر شعره في المعاجم ويعرف بديوانه المجلدين أبو الفتح ابن قادوس مترجمنا. والله من ورائهم محيط.
كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: فهرس