كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: 341 ـ 350
(341)
القرن السادس
47
الملك الصالح
ولد 495
استشهد 556
1
سقى الحمى ومحلا كنت أعهـده فإن دنى الغيث واستسقت مرابعه حيا بحور بصوب المزن أجوده ربا فـدمعي بالتسكاب ينـحده
    ويقول فيها :
يا راكب الغي دع عنك الضلال من ردت الشمس من بعد المغيب له ويوم ( خم ) وقد قال النبي له : من كنـت مولى هذا يكون له من كان يخـذله فالله يخذله والباب لما دحاه وهو في سغب وقلقل الحـصن فارتاع اليهود له نادى بأعلى السما جبريل ممتـدحا وفي الفـرات حديث إذ طغى فأتى فقال للماء : غض طوعا فبان لهم فهذا الرشد بالكوفة الغراء مشهده فأدرك الفضل والأملاك تشهده بين الحضور وشالت عضده يده مولى أتاني به أمر يؤكده أو كان يعـضده فالله يعضده من الصيام وما يخفى تعبده وكان أكثـرهم عمدا يفنـده : هذا الوصي وهذا الطهر أحمده كل إليه لخوف الهلك يقصده حصـباؤه حين وافاه يهدده (1)
2
    موله من قصيدة توجد منها 57 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام :
1 ـ القصيدة 39 بيتا يوجد شطر منها في مناقب ابن شهر آشوب ، والصراط المستقيم للبياضي ، وذكرها برمتها العلامة السيد أحمد العطار في كتابه ( الرائق ).

(342)
وفي مواقـف لا يحـصى لها عددا كم كربة لأخيه المصطفى فرجت كم بين من كان قد سن الهروب ومن في هل أتـى بين الرحمن رتبته علي قال. اسألوني كي أبين لكم علم بـل قال : لسـت بخير إذ وليتكم إن كان قد أنكر الحساد رتبته وفي ( الغدير ) له الفضل الشهير بما ما كان فيها برعديد ولا نـكل به وكان رهين الحادث الجلـل ؟! في الحرب إن زالت الأجبال لم يزل ؟! في جوده فتمـسك يا أخي بهل ـي وغير علي ذاك لم يقل فقوموني فـإني غير معتدل فقد أقر لـه بالحـق كل ولي نـص النبي لـه في مجمع حفل
3
    قال من قصيدة ذات 44 بيتا أولها :
لا تبك للجيرة السارين في الظعن فليس بعد مشيب الرأس من غزل وتب إلى الله واستشفع بخيرته ( محمد ) خـاتم الرسل الذي سبقت ولا تعرج على الأطلال والدمن ولا حنين إلى إلـف ولا سكن من خلقه ذي الأيادي البيض والمنن به بشـارة قـس وابن ذي يزن
    يقول فيها :
فاجعله ذخرك في الدارين معتصما وصيه ومواسيه وناصره على أوصى النبي إليه لا إلى أحد فقال : هـذا وصيي والخليفة من قالوا : سمعنا فلما أن قضى غدروا له وبالمرتضى الهادي أبي الحسن أعاديه من قيـس ومن يمن سواه في ( خم ) والأصحاب في علن بعدي وذو العلم بالمفروض والسنن والطهر ( أحمد ) ما واروه في الجبن
4
    وله من قصيدة 27 بيتا :
أنا من شيعـة الإمام علي أنا من شيعة الإمام الذي ما أنا عبد لصاحب الحوض ساقي حرب أعدائه وسلم الولي مال في عمره لفعل دني من تـوالى فيه بكأس روي


(343)
أنا عبد لمن أبان لـنا المشكل والذي كبرت ملائكة الله له الإمام الذي تخيره الله قسما ما وقاه بالنفس لما ب ولعمري إذ حل في يوم ( خم ) فارتاض كل صعب أبي عند صرعـة العامري بـلا مرية أخـا للنبي ات في الفـرش عنه غير علي لم يكن موصيا لغير الوصي
5
    وله من قصيدة ذات 41 بيتا مطلعها :
ما كان أول تائـه بجـماله متباين فالعدل من أقواله صـرع الـفؤاد بسحر طرف فاتر متعـود للرمي حـاجبه غدا ما بلـبل الأصـداغ فوق عذاره يبغي مغالطة العيون بها لكي ويظـل من ثقل الضلالة تشتكي جعل السهاد رقيب عيني في الدجا وحفـظت في يدي اليمين وداده وأباح حسادي موارد سمعه أغراه تـأنيسي له بنفاره عنى ولربما عاتبته فيقول لي : قولي كمعاشر أخـذ النبي عهودهم خـانوه في أمواله وزروا على هذا ( أمير المؤمنين ) ولم يكن العلم عند مقاله والجود حـ وأخوه من دون الورى وأمينه وصاهم بولاية فكأنما بـدر منال البدر دون مناله ليغرنا والجور من أفعاله حتـى دنـى فأصابه بنباله من قسيه واللحظ بعض نصاله إلا انطـوى قلبي على بلباله 5 يخفى عقاربه مدب صلاله ما يشتكيه القلب من أغلاله كي لا ترى في النوم طيف خياله جهدي وضيـع مهجتي بشماله وحميت ورد السمع عن عذاله 10 وإذلالي بفـرط دلالـه يكـذبه بفتـح فـعالـه واستحسنوا الغدر الصراح بآله أفعالـه وعصوه في أقواله في عصره من حاز مثل خصاله5 ين نـواله والبأس يوم نزالـه قدما على المخفي من أحواله وصاهم بخلافه وقتاله


(344)
واستنقصوا الدين الحنيف بكتمهم يوم ( الغدير ) وكان يوم كماله ]
    أخذنا هذه القصائد من كتاب ( الرائق ) لسيدنا العلامة السيد أحمد العطار و قد ذكر فيه شطرا مهما من شعر الملك الصالح في العترة الطاهرة ولعله جل ما فيهم ].
( الشاعر )
    أبو الغارات الملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين طلايع بن رزيك بن الصالح الأرمني (1) أصله من الشيعة الإمامية في العراق كما في [ أعلام الزركلي ].
    هو من أقوام جمع الله سبحانه لهم الدنيا والدين ، فحازوا شرف الدارين ، وحبوا بالعلم الناجع والأمرة العادلة ، بينا هو فقيه بارع كما في [ خواص العصر الفاطمي ] وأديب شاعر مجيد كما طفحت به المعاجم ، فإذا به ذلك الوزير العادل تزدهي القاهرة بحسن سيرته ، وتعيش الأمة المصرية بلطف شاكلته ، وتزدان الدولة الفاطمية بأخذه بالتدابير اللازمة في إقامة الدولة وسياسة الرعية ونشر الأمن وإدامة السلام ، وكان كما قال الزركلي في [ الأعلام ] وزيرا عصاميا يعد من الملوك ، ولقب بالملك الصالح ، ولقد طابق هذا اللفظ معناه كما ينبئك عنه تاريخه المجيد ، فلقد كان صالحا بعلمه الغزير وأدبه الرايق ، صالحا بعدله الشامل وورعه الموصوف ، صالحا بسياسته المرضية وحسن مداراته مع الرعية ، صالحا بسيبه الهامر ونداه الوافر ، صالحا بكل فضايله وفواضله دينية ودنيوية ، وقبل هذه كلها تفانيه في ولاء أئمة الدين عليهم السلام و نشر مآثرهم ودفاعه عنهم بفمه وقلمه ونظمه ونثره ، وكان يجمع الفقهاء ويناظرهم في الإمامة والقدر ، وكان في نصر التشيع كالسكة المحماة كما في ( الخطط والشذرات ).
    وله كتاب [ الاعتماد (2) في الرد على أهل العناد ] يتضمن إمامة أمير المؤمنين عليه السلام والكلام على الأحاديث الواردة فيها ، وديوانه مجلدان فيه كل فن من الشعر ، وقد شرح سعيد بن مبارك النحوي الكبير المتوفى سنة 569 بيتا من شعر المترجم في عشرين كراسا ، وكان الأدباء يزدلفون إلى دسته كل ليلة ويدونون شعره ، و العلماء يفدون إليه من كل فج فلا يخيب أمل آمل منهم ، وكان يحمل إلى العلويين
1 ـ بكسر الهمزة وكسر الميم نسبة إلى أرمينية على غير قياس وهي اسم لصقع عظيم واسع.
2 ـ الاجتهاد : في شذرات الذهب.


(345)
في المشاهد المقدسة كل سنة أموالا جزيلة وللأشراف من أهل الحرمين ما يحتاجون إليه من كسوة وغيرها حتى ألواح الصبيان التي يكتب فيها والأقلام وأدوات الكتابة ووقف ناحية ( المقس ) (1) لأن يكون ثلثاها على الأشراف من بني الحسنين السبطين الإمامين عليهما السلام ، وتسعة قراريط منها على أشراف المدينة النبوية المنورة ، وجعل قيراطا على مسجد أمين الدولة ، وأوقف بلقس بالقليوبية وبركة الحبش (2) و جدد الجامع بالقرافة الكبرى ، وبنى الجامع الذي على باب زويلة بظاهر القاهرة و يسمى بجامع الصالح ، ولم يترك غزو الأفرنج مدة حياته في البر والبحر ، فكانت بعوثه إليهم تترى في كل سنة (3) ولم يزل له صدر الدست وذرى الفخر ونفوذ الأمر وعرش الملك حتى اختار الله تعالى له على ذلك كله الفوز بالشهادة وقتل غيلة في دهليز قصره سنة 556 يوم الاثنين 19 شهر الصيام ودفن في القاهرة بدار الوزارة ثم نقله ولده العادل إلى القرافة الكبرى.

    كلمات حول المترجم
    1 ـ قال ابن الأثير في الجزء الحادي عشر من تاريخه ( الكامل ) ص 103 : في هذه السنة ( يعني سنة 556 ) في شعر رمضان قتل الملك الصالح وزير العاضد العلوي صاحب مصر وكان سبب قتله إنه تحكم في الدولة التحكم العظيم واستبد بالأمر والنهي وجباية الأموال إليه لصغر العاضد ولأنه هو الذي ولاه ووتر الناس فإنه أخرج كثيرا من أعيانهم وفرقهم في البلاد ليأمن وثوبهم عليه ، ثم أنه زوج ابنته من العاضد فعاداه أيضا الحرم من القصر فأرسلت عمة العاضد الأموال إلى الأمراء المصريين و دعتهم إلى قتله وكان أشدهم عليه في ذلك إنسان يقال له : ابن الداعي ، فوقفوا له في دهليز القصر فلما دخل ضربوه بالسكاكين على دهش فجرحوه جراحات مهلكة إلا أنه حمل إلى داره وفيه حياة فأرسل إلى العاضد يعاتبه على الرضا بقتله مع أثره في خلافته فأقسم العاضد أنه لا يعلم بذلك ولم يرض به فقال : إن كنت بريئا فسلم
1 ـ بفتح الميم ثم السكون كان قبل الاسلام يسمى ( أم دنين ).
2 ـ قال الحموي : هي أرض في وهدة من الأرض واسعة طولها نحو ميل مشرفة على نيل مصر خلف القرافة وقف على الأشراف.
3 ـ الخطط ج 4 ص 81 وص 324 ، تحفة الأحباب للسخاوي ص 176.


(346)
عمتك إلى حتى أنتقم منها فأمر بأخذها فأرسل إليها فأخذها قهرا واحضرت عنده فقتلها ووصى بالوزارة لابنه رزيك ولقب العادل فانتقل الأمر إليه بعد وفاة أبيه ، وللصالح أشعار حسنة بليغة تدل على فضل غزير فمنها في الافتخار :
أبى الله إلا أن يدوم لـنا الدهـر علمنا بأن المال تفنى ألوفه خلطـنا النـدى بالباس حتى كأننا قرانا إذا رحنا إلى الحرب مرة كما أننا في السلم نبذل جودنا ويخدمنا في ملكنا العز والنصر ويبقى لـنا من بعده الأجر والذكر سحاب لديه البرق والرعد والقطر قرانا ومن أضيافنا الذئب والنسر ويرتع في أنعامنا العبد والحر
    وكان الصالح كريما فيه أدب وله شعر جيد وكان لأهل العلم عنده اتفاق ، ويرسل إليهم العطاء الكثير ، بلغه أن الشيخ أبا محمد بن الدهان النحوي البغدادي المقيم بالموصل قد شرح بيتا من شعره وهو هذا :
تجنب سمعي ما يقول العواذل وأصبح لي شغل من الغز وشاغل
    فجهز إليه هدية سنية ليرسلها إليه فقتل قبل إرسالها ، وبلغه أيضا أن إنسانا من أعيان الموصل قد أثنى عليه بمكة فأرسل إليه كتابا يشكره ومعه هدية ، وكان الصالح إماميا لم يكن على مذهب العلويين المصريين ، ولما ولى العاضد الخلافة وركب سمع الصالح ضجة عظيمة فقال : ما الخبر ؟ فقيل : إنهم يفرحون فقال : كأني بهؤلاء الجهلة وهم يقولون : ما مات الأول حتى استخلف هذا.
    وما علموا أنني كنت من ساعة استعرضهم استعراض الغنم قال عمارة (1) : دخلت على الصالح قبل قتله بثلاثة أيام فناولني قرطاسا فيه بيتان من شعر وهما :
نحن في غـفلة ونوم وللموت قد رحلـنا إلى الحمام سنينا عيون يقـظانة لا تنام ليت شعري متى تكون الحمام ؟!
    فكان آخر عهدي به. وقال عمارة أيضا : ومن عجيب الاتفاق إنني أنشدت ابنه قصيدة أقول فيها :
أبوك الذي تسطو الليالي بحده وأنت يمين إن سطا وشمال

1 ـ أحد شعراء الغدير في القرن السادس يأتي شعره وترجمته في هذا الجزء.

(347)
لرتبته العظـمى وإن طال عمره تخالصك اللحظ المصون ودونها إليك مصير واجـب ومنال حجاب شريف لا انقضى وحجال
    فانتقل الأمر عليه بعد ثلاثة أيام.
    2 ـ وقال ابن خلكان في تاريخه ج 1 ص 259 : دخل الصالح إلى القاهرة و تولى الوزارة في أيام الفائز ، واستقل بالأمور وتدبير أحوال الدولة ، وكان فاضلا محبا لأهل الفضايل ، سمحا في العطاء سهلا في اللقاء جيد الشعر ومن شعره :
كم ذا يرينا الدهر من أحداثه ننسى الممات وليس يجري ذكره عبرا وفينا الصد والاعراض فينا فتذكرنا به الأمراض
    ومنه أيضا :
ومهفهف ثمل القوام سرت إلى ماضي اللحاظ كأنما سلت يدي قد قلت إذ خط العذار بمسكه : ما الشعر دب بعارضيه وإنما الناس طوع يدي وأمري نافذ فأعجـب بسلطان يعم بعدله والله لولا اسم الفرار وإنه أعطافه النـشوات من عينيه سيفي غداة الروع من جفنيه في خـده ألفيه لا لاميه أصداغه نفضـت على خديه فيهم وقلبي الآن طوع يديه ويجور سلطـان الغرام عليه مستقـبح لفـررت منه إليه
    وأنشد لنفسه بمصر :
مشيبك فقد نضا صبغ الشباب تنام ومقلة الحدثان يقظى وكيف بقاء عمرك وهو كنز وحـل الباز في وكر الغراب وما ناب النوائب عنك ناب وقد أنفقت منه بلا حساب ؟!
    وكان المهذب عبد الله بن أسعد الموصلي نزيل حمص قد قصده من الموصل و مدحه بقصيدته الكافية التي أولها :
أما كفاك تلاقي في تلاقيكا وفيم تغضب إن قال الوشاة سلا لا نلت وصلك إن كان الذي زعموا ولسـت تقـم إلا فـرط حبيكا وأنت تعلم أني لست أسلوكا ؟! ولا شفى ظمأي جواد ابن رزيكا


(348)
    وهي من نخب القصايد.
    3 ـ قال المقريزي في ( الخطط ) ج 4 ص 81 ـ 73 : زار الملك الصالح مشهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جماعة من الفقراء وإمام مشهد علي رضي الله عنه يومئذ السيد ابن معصوم (1) فزار طلايع وأصحابه وباتوا هنالك فرأى السيد في منامه الإمام صلوات الله عليه يقول له : قد ورد عليك الليلة أربعون فقيرا من جملتهم رجل يقال له : طلايع بن رزيك من أكبر محبينا فقل له : إذهب فإنا قد وليناك مصر.
    فلما أصبح أمر من ينادي : من فيكم اسمه طلايع بن رزيك ؟ فليقم إلى السيد ابن معصوم.
    فجاء طلايع إلى السيد وسلم عليه فقص عليه رؤياه ، فرحل إلى مصر وأخذ أمره في الرقي ، فلما قتل نصر بن عباس الخليفة الظافر إسماعيل استثارت نساء القصر لأخذ ثاراته بكتاب في طيه شعورهن ، فحشد طلايع الناس يريد النكبة بالوزير القاتل ، فلما قرب من القاهرة فر الرجل ودخل طلايع المدينة بطمأنينة وسلام ، فخلعت عليه خلايع الوزارة ولقب بالملك الصالح ، فارس المسلمين ، نصير الدين ، فنشر الأمن وأحسن السيرة.
    [ ثم ذكر حديث قتله (2) ] وقال : كان شجاعا كريما جوادا فاضلا محبا لأهل الأدب جيد الشعر رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا ، وكان مهابا في شكله ، عظيما في سطوته ، وجمع أموالا عظيمة ، وكان محافظا علي الصلوات فرايضها ونوافلها شديد المغالاة في التشيع صنف كتابا سماه [ الاعتماد في الرد على أهل العناد ] جمع له الفقهاء وناظرهم عليه وهو يتضمن إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام ، وله شعر كثير يشتمل على مجلدين في كل فن فمنه في اعتقاده :
يا أمة سلكـت ضـلالا بينا قلتم : ألا إن المعاصي لم تكن لو صح ذا كان الإله بزعمكم حتى استوى إقرارها وجحودها إلا بتقدير الإلـه وجودها منع الشريعة أن تقام حدودها

1 ـ قال السيد ابن شدقم في ( تحفة الأزهار ) : كان أبو الحسن بن معصوم ابن أبي الطيب أحمد سيدا شريفا جليلا عظيم الشأن رفيع المنزلة كان في المشهد الغروي كبيرا عظيما ذا جاه وحشمة ورفعة وعز واحترام عليه سكينة ووقار. ا ه‍. وهو جد الأسرة الكريمة النجفية المعروفة اليوم ببيت خرسان.
2 ـ راجع كتابنا شهداء الفضيلة ص 58.


(349)
حاشا وكلا أن يكون إلهنا ينهى عن الفحشاء ثم يريدها
    وله قصيدة سماها [ الجوهرية في الرد على القدرية ].
    ثم قال : ويروى أنه لما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها قال : هذه الليلة ضرب في مثلها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأمر بقراءة مقتله واغتسل وصلى مائة وعشرين ركعة أحيى بها ليله وخرج ليركب فعثر وسقطت عمامته واضطرب لذلك وجلس في دهليز دار الوزارة فأحضر ابن الصيف وكان يلف عمايم الخلفاء والوزراء وله على ذلك الجاري الثقيل ليصلح عمامته وعند ذلك قال له رجل : إن هذا الذي جرى يتطير منه فإن رأى مولانا أن يؤخر الركوب فعل.
    فقال : الطيرة من الشيطان وليس إلى التأخير سبيل.
    ثم ركب فكان من أمره ما كان.
    وقال في ج 2 ص 284 : قال ابن عبد الظاهر : مشهد الإمام الحسين صلوات الله عليه قد ذكرنا أن طلايع بن رزيك المنعوت بالصالح كان قد قصد نقل الرأس الشريف من عسقلان (1) لما خاف عليها من الفرنج وبني جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به و يفوز بهذا الفخار فغلبه أهل القصر على ذلك وقالوا : لا يكون ذلك إلا عندنا فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه له ونقلوا الرخام إليه وذلك في خلافة الفائز على يد طلايع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
    وسمعت من يحكي حكاية يستدل بها على بعض شرف هذا الرأس الكريم المبارك وهي : أن السلطان الملك الناصر رجمه الله لما أخذ هذا القصر وشي إليه بخادم له قدر في الدولة المصرية وكان ببده زمام القصر وقيل له : إنه يعرف الأموال التي بالقصر والدفائن فأخذ وسئل فلم يجب بشيء وتجاهل فأمر صلاح الدين نوابه بتعذيبه فأخذه متولي العقوبة وجعل على رأسه خنافس وشد عليها قرمزية ، وقيل : إن هذه أشد العقوبات ، وإن الانسان لا يطيق الصبر عليها ساعة إلا تنقب دماغه وتقتله ففعل ذلك به مرارا وهو لا يتأوه وتوجد الخنافس ميتة فعجب من ذلك وأحضره وقال له : هدا سر فيك ولا بد أن تعرفني به.
    فقال : والله ما سبب هذا إلا أني لما وصلت رأس الإمام الحسين حملتها.
    قال : وأي سر أعظم من هذا. وراجع في شأنه فعفا عنه. إنتهى.
    4 ـ وقال الشعراني في مختصر تذكرة القرطبي ص 121 : قد ثبت أن طلايع
1 ـ مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر يقال لها : عروس الشام.

(350)
ابن رزيك الذي بنى المشهد بالقاهرة نقل الرأس إلى هذا المشهد بعد أن بذل في نقلها نحو أربعين ألف دينار ، وخرج هو وعسكره فتلقاها من خارج مصر حافيا مكشوف الرأس هو وعسكره ، وهو في برنس حرير أخضر في القبر الذي هو في المشهد موضوعة على كرسي من خشب الآبانوس ، ومفروش هناك نحو نصف أردب من الطيب كما أخبرني بذلك خادم المشهد ، إلى أن قال في ص 122 : فزر يا أخي هذا المشهد بالنية الصالحة إن لم يكن عندك كشف فقول الإمام القرطبي : إن دفن الرأس في مصر باطل صحيح في أيام القرطبي فإن الرأس إنما نقلها طلايع ابن رزيك بعد موت القرطبي : قال الأميني : هذا التصحيح لقول القرطبي يكشف عن جهل الشعراني بترجمة القرطبي وطلايع ، وقد خفي عليه أن القرطبي توفي سنة 671 بعد وفاة طلايع الملك الصالح بمائة وخمس عشر سنة فإنه توفي سنة 556 ونطفة القرطبي لم تنعقد بعد.
    ثم مشهد رأس الحسين الذي بناه طلايع احترق سنة 740 فأعيد بناؤه مرارا وأخيرا أقيم في جواره جامع حتى إذا كانت أيام الأمير عبد الرحمن كخيا أحد أمراء المماليك فأعيد بناء المشهد الحسيني في أواخر القرن الماضي للميلاد وبعد ذلك أعيد بناؤه برمته في أيام الخديوي السابق ، ولم يبق من البناء القديم إلا القبة المغطية لمقام الإمام فأصبح على ما نشاهده الآن وهو الجامع المعروف بجامع سيدنا الحسين (1) .

ولادته ووفاته    مدايحه ومراثيه
    ولد الملك الصالح سنة خمس وتسعين وأربعمائة ومدحه الفقيه عمارة اليمني ( الآتي ذكره ) بقصايد توجد في كتابه ( النكت العصرية ) منها :
دعـوا كل برق شمتم غير بارق وزوروا المقام الصالحي فكل من ولا تجعلوا مقصودكم طلب الغنى ولكـن سلوا منه العلى تظفروا بها يلوح على الفسطاط صادق بشره على الأرض ينسى ذكره عند ذكره فتجنوا على مجد المقام وفخره فكل أمري يرجى على قدر قدره
    ومدحه في شعبان سنة 505 بقصيدة منها :
قصدتك من أرض الحطيم قصائدي حـادي سـراها سنـة وكتاب

1 ـ تاريخ مصر الحديث ج 1 ص 298.
كتاب الغدير ـ الجزء الرابع ::: فهرس