الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: 391 ـ 400
(391)
كذبوا ، كيف وهو يقول ؟ :
ألم
تعلموا أنا وجدنا محمدا
نبيا كموسى خط في أول الكتب ؟
وذكره غير واحد من أئمة الحديث في تآليفهم رضوان الله عليهم أجمعين.
19 ـ أخرج ثقة الاسلام الكليني في أصول الكافي 244 عن الإمام الصادق قال : كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول ؟
لقد
علموا أن ابننا لا مكذبوأبيض يستسقي
الغمام بوجهه
لدينا ولا يعبأ بـقيل
الأباطلثمال اليتامى عصمة للأرامل
وذكره السيد في البرهان 3 : 795 ، وكذلك
غير واحد من أعلام الطائفة أخذا عن الكليني.
20 ـ روى شيخنا أبو علي الفتال
في روضة الواعظين ص 121 عن الإمام الصادق عليه السلام قال : لما حضر أبا طالب
رضي الله عنه الوفاة جمع وجوه قريش فأوصاهم فقال : يا معشر قريش ! أنتم صفوة
الله من خلقه ، وقلب العرب ، وأنتم خزنة الله في أرضه وأهل حرمه ، فيكم السيد
المطاع ، الطويل الذراع ، وفيكم المقدام الشجاع ، الواسع الباع ، إعلموا أنكم لم
تتركوا للعرب في المفاخر نصيبا إلا حزتموه ، ولا شرفا إلا أدركتموه ، فلكم على
الناس بذلك الفضيلة ، ولهم به إليكم الوسيلة ، والناس لكم حرب إلى آخر ما مر في
ص 366 من مواقف سيدنا أبي طالب المشكورة المروية من طرق أهل السنة ، وذكر هذه
الوصية شيخنا العلامة المجلسي في البحار 9 : 23.
21 ـ حدث شيخنا أبو جعفر الصدوق
في إكمال الدين ص 103 بالإسناد عن محمد بن مروان عن الإمام الصادق عليه
السلام : إن أبا طالب أظهر الكفر وأسر الإيمان فلما حضرته الوفاة أوحى الله عز
وجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أخرج منها فليس لك بها ناصر.
فهاجر إلى المدينة.
وذكره سيدنا الشريف المرتضى في
الفصول المختارة ص 80 فقال : هذا يبرهن عن إيمانه لتحقيقه بنصرة رسول الله صلى
الله عليه وآله وتقوية أمره.
وذيل الحديث رواه السيد الحجة
ابن معد في كتابه ( الحجة ) ص 30 وقال في ص 103 : لما قبض أبو طالب اتفق
المسلمون على أن جبرئيل عليه السلام : نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وقال
(392)
له : ربك يقرءك السلام ويقول لك : إن
قومك قد عولوا على أن يبيتوك وقد مات ناصرك فأخرج عنهم وأمره
بالمهاجرة.
فتأمل إضافة الله تعالى أبا
طالب رحمه الله إلى النبي عليه السلام و شهادته له أنه ناصره ، فإن في ذلك
لأبي طالب أوفى فخر وأعظم منزلة وقريش رضيت من أبي طالب بكونه مخالطا لهم مع
ما سمعوا من شعره وتوحيده وتصديقه للنبي صلى الله عليه وآله ولم يمكنهم قتله
والمنابذة له لأن قومه من بني هاشم وإخوانهم من بني المطلب بن عبد مناف
وأحلافهم ومواليهم وأتباعهم ، كافرهم مؤمنهم كانوا معه ، ولو كان نابذ قومه
لكانوا عليه كافة ، ولذلك قال أبو لهب لها سمع قريشا يتحدثون في شأنه و يفيضون
في أمره : دعوا عنكم هذا الشيخ فإنه مغرم بابن أخيه ، والله لا يقتل محمد حتى
يقتل أبو طالب ، ولا يقتل أبو طالب حتى تقتل بنو هاشم كافة ، ولا تقتل بنو هاشم
حتى تقتل بنو عبد مناف ، ولا تقتل بنو عبد مناف حتى تقتل أهل البطحاء ،
فأمسكوا عنه وإلا ملنا معه فخاف القوم أن يفعل فكفوا ، فلما بلغت أبا طالب
مقالته طمع في نصرته فقال : يستعطفه ويرققه.
عجبت لحلم يا بن شيبة حادث
وأحلام أقوام لديك ضعاف
إلى آخر أبيات ذكرها ابن أبي الحديد
في شرحه 3 : 307 مع زيادة خمسة أبيات لم يذكرها السيد في
الحجة.
وذكرها ابن شجري في حماسته ص 16.
فقال السيد : فلما أبطأ عنه ما
أراد منه قال يستعطفه أيضا :
وإن امرءا من
قومه أبو معتب (1)أقول
له وأين منه نصيحتي
لفي منعة من أن يسام المظالما: أبا معتب ثبت سوادك
قائما
إلى أبيات خمسة. وقد ذكرها ابن هشام
في سيرته : 1 : 394 مع زيادة أربعة أبيات غير أن البيت الأول
فيه :
إن امرءا أبو عتيبة عمه
لفي روضة ما إن يسام المظالما
وذكرها ابن أبي الحديد في الشرح 3 :
307 ، وابن كثير في تاريخه 3 : 93.
22 ـ عن يونس بن نباتة عن
الإمام الصادق عليه السلام قال : يا يونس ! ما يقول الناس في أبي طالب ؟ قلت :
جعلت فداك يقولون : هو في ضحضاح من نار يغلي منها
1 ـ يعني به أبا
لهب.
(393)
أم رأسه فقال : كذب أعداء الله ، إن أبا
طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
كنز الفوائد لشيخنا الكراجكي ص
80 ، كتاب الحجة ص 17 ، ضياء العالمين.
23 ـ روى الشريف الحجة ابن معد في
كتاب الحجة ص 22 من طريق شيخنا أبي جعفر الصدوق عن داود الرقي قال دخلت علي
أبي عبد الله عليه السلام ولي على رجل دين وقد خفت نواه فشكوت ذلك إليه فقال
عليه السلام : إذا مررت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافا وصل عنه ركعتين ، وطف عن
أبي طالب طوافا وصل عنه ركعتين ، وطف عن عبد الله طوافا وصل عنه ركعتين. وطف
عن آمنة طوافا وصل عنها ركعتين ، وعن فاطمة بنت أسد طوافا وصل عنها ركعتين.
ثم ادع الله عز وجل أن يرد عليك مالك. قال : ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا
فإذا غريمي واقف يقول : يا داود ! جئني هناك فاقض حقك.
وذكره العلامة المجلسي في
البحار 9 : 24.
24 ـ أخرج ثقة الاسلام الكليني
في الكافي ص 244 بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال : بينا النبي صلى
الله عليه وآله في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه
سلا (1) ناقة فملؤا ثيابه بها فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب
فقال له : يا عم ! كيف ترى حسبي فيكم ؟ فقال له : وما ذاك يا بن أخي ؟ فأخبره
الخبر فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة : خذ السلا ثم توجه إلى القوم
والنبي صلى الله عليه وآله معه فأتى قريشا وهم حول الكعبة ، فلما رأوه عرفوا
الشر في وجهه ثم قال لحمزة : أمر السلا على أسبلتهم (2) ففعل ذلك حتى أتى على
آخرهم ثم التفت أبو طالب إلى النبي فقال : يا بن أخي هذا حسبك فينا.
وذكره جمع من الأعلام وأئمة
الحديث في تآليفهم.
25 ـ أخرج أبو الفرج الاصبهاني
بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام
يعجبه أن يروي شعر أبي طالب عليه السلام وأن يدون وقال : تعلموه وعلموه
1 ـ السلا : الجلدة التي
يكون فيها الولد.
2 ـ وفي بعض النسخ :
سبالهم ج السبلة : مقدمة اللحية. وما على الشارب من الشعر.
(394)
أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه
علم كثير.
كتاب الحجة ص 25 ، بحار الأنوار
9 ص 24 ، ضياء العالمين للفتوني.
26 ـ روى شيخنا الصدوق في أماليه ص
304 بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال : أول جماعة كانت إن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يصلي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب معه إذ مر أبو
طالب به وجعفر معه قال : يا بني صل جناح ابن عمك فلما أحسه رسول الله تقدمهما
وانصرف أبو طالب مسرورا وهو يقول :
إن عليا
وجعفرا ثقتي
عند ملم الزمان والكرب
إلى آخر أبيات مرت صحيفة 356 وتأتي في
ص 397 ، والحديث رواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره 4 : 211.
27 ـ أخرج ثقة الاسلام الكليني
في الكافي ص 242 بإسناده عن درست بن أبي منصور أنه سأل أبا الحسن الأول ـ
الإمام الكاظم ـ عليه السلام : أكان رسول الله صلى الله عليه وآله محجوجا بأبي
طالب ؟ فقال : لا.
ولكنه كان مستودعا للوصايا
فدفعها إليه فقال : قلت : فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به ؟ فقال : لو كان
محجوجا به ما دفع إليه الوصية قال : قلت : فما كان حال أبي طالب : قال : أقر
بالنبي وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه.
قال الأميني : هذه مرتبة فوق
مرتبة الإيمان فإنها مشفوعة بما سبق عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام
تثبت لأبي طالب مرتبة الوصاية والحجية في وقته فضلا عن بسيط الإيمان ، وقد بلغ
ذلك من الثبوت إلى حد ظن السائل أن النبي صلى الله عليه وآله كان محجوجا به
قبل بعثته ، فنفي الإمام عليه السلام ذلك ، وأثبت ما ثبت له من الوصاية وإنه
كان خاضعا بالإبراهيمية الحنيفية ، ثم رضخ للمحمدية البيضاء ، فسلم الوصايا
للصادع بها ، وقد سبق إيمانه بالولاية العلوية الناهض بها ولده البار صلوات
الله وسلامه عليه.
28 ـ أخرج شيخنا أبو الفتح
الكراجكي ص 80 بإسناده عن أبان بن محمد قال كتبت إلى الإمام الرضا علي بن
موسى الرضا عليهما السلام : جعلت فداك.
إلى آخر ما مر في ص 381 ، وذكره
السيد في كتاب الحجة ص 16 ، والسيد الشيرازي في الدرجات الرفيعة ،
(395)
والعلامة المجلسي في بحار الأنوار ص
33 ، وشيخنا الفتوني في ضياء العالمين.
29 ـ روى شيخنا المفسر الكبير أبو
الفتوح في تفسيره 4 : 211 ، عن الإمام الرضا سلام الله عليه وقال روى عن آبائه
بعدة طرق : إن نقش خاتم أبي طالب عليه السلام كان : رضيت بالله ربا ، وبابن أخي
محمد نبيا ، وبابني علي له وصيا.
ورواه السيد الشيرازي في
الدرجات الرفيعة ، والأشكوري في محبوب القلوب.
30 ـ أخرج الشيخ أبو جعفر الصدوق
بإسناد له : إن عبد العظيم بن عبد الله العلوي الحسيني المدفون بالري كان
مريضا فكتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام : عرفني يا بن رسول الله عن الخبر
المروي : إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فكتب إليه الرضا عليه
السلام.
بسم الله الرحمن الرحيم ، أما
بعد : فإنك إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.
كتاب الحجة ص 16 ، ضياء العالمين
لأبي الحسن الشريف.
31 ـ أخرج شيخنا الفقيه أبو
جعفر الصدوق بالإسناد عن الإمام الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم السلام
في حديث طويل : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله إني
قد أيدتك بشيعتين : شيعة تنصرك سرا ، وشيعة تنصرك علانية ، فأما التي تنصرك سرا
فسيدهم وأفضلهم عمك أبو طالب ، وأما التي تنصرك علانية فسيدهم وأفضلهم ابنه
علي بن أبي طالب. ثم قال : وإن أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه. كتاب
الحجة ص 115 ، ضياء العالمين لأبي الحسن الشريف.
32 ـ أخرج شيخنا الصدوق في
أماليه ص 365 من طريق الأعمش عن عبد الله بن عباس عن أبيه قال : قال أبو طالب
لرسول الله صلى الله عليه وآله : يا بن أخي ! الله أرسلك ؟ قال : نعم. قال :
فأرني آية. قال : ادع لي تلك الشجرة. فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم
انصرفت ، فقال أبو طالب : أشهد أنك صادق ، يا علي صل جناح ابن عمك.
ورواه أبو علي الفتال في روضة
الواعظين ص 121 ، ورواه السيد ابن معد في الحجة ص 25 ولفظه : قال أبو طالب
للنبي صلى الله عليه وآله بمحضر من قريش ليريهم فضله : يا بن أخي الله
(396)
أرسلك ؟ قال : نعم. قال : إن للأنبياء
معجزا وخرق عادة فأرنا آية. قال : ادع تلك الشجرة وقل لها : يقول لك محمد بن
عبد الله : أقبلي بإذن الله. فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم أمرها
بالانصراف فانصرفت ، فقال أبو طالب : أشهد أنك صادق. ثم قال لابنه علي عليه
السلام : يا بني إلزم ابن عمك. وذكره غير واحد من أعلام الطائفة.
33 ـ أخرج أبو جعفر الصدوق قدس الله
سره في الأمالي ص 366 بإسناده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه سأله
رجل فقال له : يا بن عم رسول الله ! أخبرني عن أبي طالب هل كان مسلما ؟ قال :
كيف لم يكن مسلما وهو القائل ؟
وقد علموا أن
ابننا لا مكذب
لدينا ولا يعـبأ بقيل الأباطل
إن أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب
الكهف حين أسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين.
ورواه السيد ابن معد في ( الحجة )
ص 94 ، 115 ، وذكره غير واحد من أئمة الحديث.
34 ـ أخرج شيخنا أبو علي الفتال
النيسابوري في روضة الواعظين ص 123 عن ابن عباس قال : مر أبو طالب ومعه جعفر
ابنه برسول الله عليه السلام وهو في المسجد الحرام يصلي صلاة الظهر وعلي عليه
السلام عن يمينه فقال أبو طالب لجعفر : صل جناح ابن عمك فتقدم جعفر وتأخر علي
واصطفا خلف رسول الله عليه السلام حتى قضى الصلاة وفي ذلك يقول أبو طالب :
إن عليا
وجعفرا ثقتيأجعلهما
عرضة العداء إذالا تخذلا
وانصرا ابن عمكاوالله لا
أخذل النبي ولا
عند ملم الزمان والنوب (1)اترك ميتا ....أخي لأمـي من بينهم وأبييخذله من بني ذو حسب (2)
وأخرج سيدنا ابن معد في كتاب الحجة ص
59 بإسناده عن عمران بن الحصين
1 ـ وفي نسخة : عند
احتدام الهموم والكرب.
2 ـ راجع فيما أسلفناه ص
394.
(397)
الخزاعي قال : كان والله إسلام جعفر
بأمر أبيه ، وذلك : مر أبو طالب ومعه ابنه جعفر برسول الله وهو يصلي وعلي عليه
السلام عن يمينه فقال أبو طالب لجعفر : صل جناح ابن عمك فجاء جعفر فصلى مع
النبي صلى الله عليه وآله ، فلما قضى صلاته قال له النبي صلى الله عليه وآله
يا جعفر ! وصلت جناح ابن عمك ، إن الله يعوضك من ذلك جناحين تطير بهما في
الجنة. فأنشأ أبو طالب رضوان الله عليه يقول :
إن عليا
وجعفرا ثقتيلا تخذلا
وانصرا ابن عمكاإن أبا
معتب قد أسلمناوالله لا
أخذل النبي ولاحتى ترون
الرئوس طايحةنحن
وهذا النبي أسرتهإن نلتموه
بكل جمعـكم
عند ملم الزمان والنوبأخي لأمي من بينهم وأبيليس أبو معتب بذي حدب (1)يخذله من بني ذو حسبمنا ومنكم هناك بالقضبنضرب عنه الأعداء كالشهبفنحن في الناس ألام العرب
ورواه شيخنا أبو الفتح الكراجكي بطريق
آخر عن أبي ضوء بن صلصال قال : كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله مع أبي طالب
قبل إسلامي ، فإني يوما لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدة القيظ إذ خرج
أبو طالب إلي شبيها بالملهوف فقال لي : يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين
؟ يعني النبي وعليا عليهما السلام فقلت : ما رأيتهما مذ جلست فقال : قم بنا في
الطلب لهما فلست آمن قريشا أن تكون اغتالهما قال : فمضينا حتى خرجنا من أبيات
مكة ثم صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقيناه إلى قلته فإذا النبي صلى الله عليه
وآله وعلي عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يركعان ويسجدان فقال أبو
طالب لجعفر ابنه وكان معنا : صل جناح ابن عمك.
فقام إلى جنب علي فأحس بهما
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتقدمهما وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا مما
كانوا فيه ثم أقبلوا نحونا فرأيت السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم انبعث يقول
الأبيات ، 35 ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال قال : أخبرني أبي أن أبا طالب رضي
الله عنه شهد عند الموت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ( ضياء
العالمين ).
1 ـ أبو معتب كنية أبي
لهب كما مر. ذي جدب : ذي تعطف.
(398)
36 ـ في تفسير الوكيع من طريق أبي ذر
الغفاري أنه قال : والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب رضي الله عنه حتى
أسلم بلسان الحبشة قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : أتفقه الحبشة ؟ قال :
يا عم ! إن الله علمني جميع الكلام. قال : يا محمدا ! اسدن لمصاقا قاطا لاها ،
يعني أشهد مخلصا لا إله إلا الله ، فبكي رسول الله صلى الله عليه وآله وقال :
إن الله أقر عيني بأبي طالب. ضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف.
أحب سيد الأبطح الشهادة بلغة
الحبشة في موقفه هذا بعد ما أكثرها بلغة الضاد وبغيرها كما فصل القول فيها
شيخنا الحجة أبو الحسن الشريف الفتوني المتوفى 1138 في كتابه القيم الضخم ( ضياء العالمين ) وهو أثمن كتاب ألف في الإمامة.
37 ـ روى شيخنا أبو الحسن قطب
الدين الراوندي في كتابه ـ الخرائج والجرائح ـ عن فاطمة بنت أسد أنها قالت :
لما توفي عبد المطلب أخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وآله عنده لوصية أبيه
به وكنت أخدمه وكان في بستان دارنا نخلات وكان أول إدراك الرطب و كنت كل يوم
ألتقط له حفنة من الرطب فما فوقها وكذلك جاريتي فاتفق يوما أن نسيت أن التقط
له شيئا ونسيت جاريتي أيضا ، وكان محمد نائما ودخل الصبيان وأخذوا كلما سقط من
الرطب وانصرفوا فنمت ووضعت الكم على وجهي حياء من محمد صلى الله عليه وآله
إذا انتبه فانتبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودخل البستان فلم ير رطبة على
وجه الأرض فأشار إلى نخلة وقال : أيتها الشجرة أنا جائع.
فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها
التي عليها الرطب حتى أكل منها ما أراد ثم ارتفعت إلى موضعها ، فتعجبت من ذلك
وكان أبو طالب رضي الله عنه غائبا فلما أتى وقرع الباب عدوت إليه حافية وفتحت
الباب وحكيت له ما رأيت فقال : هو إنما يكون نبيا وأنت تلدين له وزيرا بعد
يأس. فولدت عليا عليه السلام كما قال.
38 ـ روى شيخنا الفقيه الأكبر ابن
بابويه الصدوق في أماليه ص 158 بالإسناد عن أبي طالب سلام الله عليه قال قال
عبد المطلب : بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش
وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي ، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير ، فاستوت
وأنا يومئذ سيد قومي فقالت : ما شأن سيد العرب متغير اللون ؟ هل رابه من حدثان
الدهر ريب ؟ فقلت لها : بلى إني رأيت الليلة أنا نائم في الحجر كأن شجرة قد
نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها الشرق
(399)
والغرب ، ورأيت نورا يظهر منها أعظم من
نور الشمس سبعين ضعفا ، ورأيت العرب والعجم ساجدة لها ، وهي كل يوم تزداد عظما
ونورا ، ورأيت رهطا من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن
الناس وجها وأنظفهم ثيابا فيأخذهم ويكسر ظهورهم ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لا
تناول غصنا من أغصانها فصاح بي الشاب وقال : مهلا ليس لك منها نصيب ، فقلت :
لمن النصيب والشجرة مني ؟ فقال : النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها وسيعود
إليها ، فانتبهت مذعورا فزعا متغير اللون ، فرأيت لون الكاهنة قد تغير قالت :
لئن صدقت ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق والغرب وينبأ في
الناس.
فتسرى عني غمي ، فانظر أبا طالب
لعلك تكون أنت ، وكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وآله
وسلم قد خرج ويقول : كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين.
39 ـ قال السيد الحجة في كتابه ( الحجة )
ص 68 : ذكر الشريف النسابة العلوي العمري المعروف بالموضح بإسناده : إن أبا
طالب لما مات لم تكن نزلت الصلاة على الموتى فما صلى النبي عليه ولا على
خديجة ، وإنما اجتازت جنازة أبي طالب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي
وجعفر وحمزة جلوس فقاموا وشيعوا جنازته واستغفروا له فقام قوم : نحن نستغفر
لموتانا وأقاربنا المشركين أيضا ظنا منهم أن أبا طالب مات مشركا لأنه كان
يكتم إيمانه فنفى الله عن أبي الشرك ونزه نبيه صلى الله عليه وآله والثلاثة
المذكورين عليهم السلام عن الخطأ في قوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن
يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ، فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على
النبي بالخطأ والله تعالى قد نزهه عنه في أقواله وأفعاله.. الخ.
وأخرج أبو الفرج الاصبهاني
بالإسناد عن محمد بن حميد قال : حدثني أبي قال : سئل أبو الجهم بن حذيفة : أصلي
النبي صلى الله عليه وآله علي أبي طالب ؟ فقال : وأين الصلاة يومئذ ؟ إنما
فرضت الصلاة بعد موته ، ولقد حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر
عليا بالقيام بأمره وحضر جنازته وشهد له العباس وأبو بكر بالإيمان وأشهد على
صدقهما لأنه كان يكتم إيمانه ولو عاش إلى ظهور الاسلام لأظهر إيمانه.
40 ـ عن مقاتل : لما رأت قريش
يعلو أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : لا نرى محمدا
(400)
يزداد إلا كبرا وإن هو إلا ساحر أو
مجنون ، فتعاقدوا لئن مات أبو طالب رضي الله عنه ليجمعن القبائل كلها على
قتله ، فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وأحلافهم من قريش فوصاهم بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلم وقال : ابن أخي كلما يقول أخبرنا بذلك آبائنا وعلمائنا ،
وأن محمدا نبي صادق ، وأمين ناطق ، وإن شأنه أعظم شأن ، ومكانه من ربه أعلى مكان
، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته ، وراموا عدوه من وراء حوضته ، فإنه الشرف
الباقي لكم طول الدهر ثم أنشأ يقول :
أوصي بنصر
النبي الخير مشهدهوحمزة
الأسد المخشي صولتهوهاشما
كلها أوصي بنصرتهكونوا
فداء لكم أمي وما ولدتبكل
أبيض مصقول عوارضه
عليا ابني وعم الخير عباساوجعفرا أن يذودا دونه
الناساأن يأخذوا دون حرب القوم أمراسامن دون أحمد عند الروع أتراساتخاله في سواد الليل
مقباسا (1)
وقال الأميني : هذه جملة مما أوقفنا
السير عليه من أحاديث رواة الحق والحقيقة وصفحنا عما يربو على الأربعين روما
للاختصار ، فأنت إذا أضفت إليها ما أسلفناه مما يروي عن آل أبي طالب وذويه ،
وأشفعتها بما مر من أحاديث مواقف سيد الأباطح ، وجمعتها مع ما جاء من
الشهادات الصريحة في شعره تربوا الأدلة على إيمانه الخالص و إسلامه القويم
على مائة دليل ، فهل من مساغ لذي مسكة أن يصفح عن هذه كلها ؟ و كل واحد منها
يحق أن يستند إليه في إسلام أي أحد ، نعم : إن في أبي طالب سرا لا يثبت إيمانه
بألف دليل ، وإيمان غيره يثبت بقيل مجهول ودعوى مجردة ، إقرأ واحكم وقد فصل
القول في هذه الأدلة جمع من أعلام الطائفة كشيخنا العلامة الحجة المجلسي في
بحار الأنوار 9 : 14 ـ 33 ، وشيخنا العلم القدوة أبي الحسن الشريف الفتوني في
الجزء الثاني من كتابه القيم الضخم ضياء العالمين ( والكتاب موجود عندنا ) وهو
أحسن ما كتب في الموضوع كما أن ما ألف السيد البرزنجي ولخصه السيد أحمد زيني
دحلان أحسن ما ألف في الموضوع بقلم أعلام أهل السنة ، وأفرد ذلك إلى ألف آخرون
منهم :
1 ـ العالمين لشيخنا
الفتوني.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء السابع ::: فهرس