الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: 111 ـ 120
(111)
قصر على لسان محمد. وفي لفظ : على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
    مسند أحمد 1 : 37 ، سنن ابن ماجة 1 : 329 ، سنن النسائي 3 : 118 ، سنن البيهقي 3 : 199 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 308 ، 309 ، المحلى لابن حزم 4 : 265 ، زاد المعاد هامش شرح المواهب 2 : ص 21 فقال : ثابت عن عمر.
    2 ـ عن يعلى بن أمية قال : سألت عمر بن الخطاب قلت : ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة الآية.
    وقد أمن الناس ؟ فقال : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
    صحيح مسلم 1 : 191 ، 192 ، سنن أبي داود 1 : 187 ، سنن ابن ماجة 1 : 329 ، سنن النسائي 3 : 116 ، سنن البيهقي 3 : 134 ، 141 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 308 ، المحلى لابن حزم 4 : 267.
    3 ـ عن عبد الله بن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من هذه المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع إليها.
    وفي لفظ : صحبت رسول الله فكان لا يزيد في السفر على الركعتين. الحديث.
    مسند أحمد 2 : 45 ، سنن ابن ماجة 1 : 330 ، سنن النسائي 3 : 123 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 310 ، زاد المعاد هامش شرح المواهب للزرقاني 2 : 29 وصححه.
    4 ـ عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا و في السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة.
    وفي لفظ مسلم : إن الله عزوجل فرض الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم على المسافر ركعتين وعلى المقيم أربعا.
    صحيح مسلم 1 : 258 ، مسند أحمد 1 : 355 ، سنن ابن ماجة 1 : 330 ، سنن النسائي 3 : 119 ، سنن البيهقي 3 ، 135 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 307 ، 310 ، المحلى لابن حزم 4 : 271 فقال : ورويناه أيضا من طريق حذيفة ، وجابر ، وزيد بن ثابت ، وأبي هريرة ، وابن عمر كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد في غاية الصحة.
    تفسير القرطبي 5 : 352 ، تفسير ابن جزي 1 : 155 ، زاد المعاد لابن القيم هامش شرح الزرقاني 2 : 221 ، مجمع الزوائد 2 : 154 من طريق أبي هريرة.


(112)
    5 ـ عن عائشة قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر.
    وفي لفظ ابن حزم من طريق البخاري : فرضت الصلاة ركعتين ، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا ، وتركت صلاة السفر على الأولى.
    وفي لفظ أحمد : كان أول ما افترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتان ركعتان إلا المغرب فإنها كانت ثلاثة ثم أتم الله الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا في الحضر وأقر الصلاة على فرضها الأول في السفر.
    راجع صحيح البخاري 1 : 159 ، ج 2 : 105 ، ج 5 : 172 ، صحيح مسلم 1 : 257 ، موطأ مالك 1 : 124 ، سنن أبي داود 1 : 187 ، كتاب الأم للشافعي 1 : 159 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 310 ، سنن البيهقي 3 : 135 ، المحلى 4 : 265 ، زاد المعاد 2 : 21 ، تفسير القرطبي 5 : 352 ، 358.
    6 ـ عن موسى بن مسلمة قال قلت لابن عباس : كيف أصلي بمكة إذا لم أصل في جماعة ؟ قال : ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
    مسند أحمد 1 : 290 ، 337 ، صحيح مسلم 1 : 258 ، سنن النسائي 3 : 119.
    7 ـ عن أبي حنظلة قال : سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر فقال : ركعتان سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ البيهقي : قصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    مسند أحمد 2 : 57 ، سنن البيهقي 3 : 136.
    8 ـ عن عبد الله ابن عمر قال : الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنة فقد كفر.
    سنن البيهقي 3 : 140 ، المحلي لابن حزم 4 : 270 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 310 ، المعجم الكبير للطبراني كما في مجمع الزوائد 2 : 155 وقال : رجاله رجال الصحيح.
    9 ـ عن ابن عباس قال : من صلى في السفر أربعا كمن صلى في الحضر ركعتين.
    مسند أحمد 1 : 349 ، المحلي 4 : 270.
    10 ـ عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا صلى ركعتين حتى يرجع.
    وفي لفظ : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لم يزد على ركعتين حتى يرجع.


(113)
    مسند أحمد 1 : 285 ، 356 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 309.
    11 ـ عن عمران بن حصين قال : ما سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا قط إلا صلى ركعتين حتى يرجع ، وحججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة ، وأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين وقال لأهل مكة : صلوا أربعا فإنا قوم سفر.
    راجع سنن البيهقي 3 : 135 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 310.
    وعن عمران في لفظ آخر : ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صلى ركعتين إلا المغرب.
    أخرجه أبو داود وأحمد كما في مجمع الزوائد 2 : 155.
    12 ـ عن عمر بن خطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة المسافر ركعتان حتى يؤب إلى أهله أو يموت.
     ( أحكام القرآن للجصاص 2 : 310 ).
    13 ـ عن إبراهيم : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى الظهر بمكة ركعتين فلما انصرف قال : يا أهل مكة ! إنا قوم سفر ، فمن كان منكم من أهل البلد فليكمل. فأكمل أهل البلد.
    الآثار للقاضي أبي يوسف ص 30 ، 75 ، وراجع ما مر صفحة 107 من هذا الجزء.
    14 ـ عن أنس بن مالك قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة.
    صحيح البخاري 2 : 153 ، صحيح مسلم 1 : 260 ، مسند أحمد 3 : 190 ، سنن البيهقي 3 : 136 ، 145.
    15 ـ عن عبد الله بن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا ونحن في ضلال فعلمنا ، فكان فيما علمنا : أن الله عزوجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر.
    أخرجه النسائي كما مر في تفسير الخازن 1 : 412 ، ونيل الأوطار 3 : 250.
    16 ـ عن أبي الكنود عبد الله الأزدي قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان نزلتا من السماء ، فإنشئتم فردوهما.
    أخرجه الطبراني في الصغير كما في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 2 : 145 فقال : رجاله موثقون.


(114)
    17 ـ عن السائب بن يزيد الكندي قال : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، ثم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر.
    قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2 : 155 : رواه الطبري في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
    18 ـ عن ابن مسعود قال : من صلى في السفر أربعا أعاد الصلاة.
    أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 2 : 155.
    19 ـ عن حفص بن عمر قال : انطلق بنا أنس بن مالك إلى الشام إلى عبد الملك و نحن أربعون رجلا من الأنصار ليفرض لنا فلما رجع وكنا بفج الناقة صلى بنا الظهر ركعتين ثم دخل فسطاطه ، وقام القوم يضيفون إلى ركعتيهم ركعتين أخريين فقال : قبح الله الوجوه ، فوالله ما أصابت السنة ولا قبلت الرخصة فاشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن قوما يتعمقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من الرمية.
    أخرجه أحمد في المسند 3 : 159 ، وذكره الهيثمي في المجمع 2 : 155.
    20 ـ عن سلمان قال : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى قدم المدينة وصلاها بالمدينة ما شاء الله ، وزيد في صلاة الحضر ركعتين و تركت الصلاة في السفر على حالها.
    رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد 2 : 156.
    21 ـ عن ثمامة بن شراحيل قال : خرجت إلى ابن عمر فقلت : ما صلاة المسافر ؟ قال : ركعتين ركعتين إلا صلاة المغرب ثلاثا.
    قلت : أرأيت إن كنا بذي المجاز ؟ قال : ما ذو المجاز ؟ قلت : مكان نجتمع فيه ونبيع فيه ونمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة.
    فقال : يا أيها الرجل كنت بآذربيجان لا أدري قال : أربعة أشهر أو شهرين ، فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين ، ورأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم بصر عيني يصليها ركعتين ، ثم نزع إلي بهذه الآية : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
    أخرجه أحمد في المسند 2 : 154.
    22 ـ أخرج أحمد في المسند 2 : 400 من طريق أبي هريرة قال : أيها الناس إن الله عزوجل فرض لكم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين.


(115)
    23 ـ عن عمر بن عبد العزيز قال : الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصح غيرهما.
    ذكره ابن حزم في المحلى 4 : 271.
    وذهب عمر وابنه ، وابن عباس ، وجابر ، وجبير بن مطعم ، والحسن ، والقاضي إسماعيل ، وحماد بن أبي سليمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة والكوفيون إلى أن القصر واجب في السفر كما في تفسير القرطبي 5 : 351 ، وتفسير الخازن 1 : 413.
    أترى مع هذه الأحاديث مجالا للقول بأن القصر في السفر رخصة لا عزيمة ؟ و لو كان يسوغ الإتمام في السفر لكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرب عنه بقول أو بفعل ولو بإتيانه في العمر مرة لبيان جوازه كما كان يفعل في غير هذا المورد.
    أخرج مسلم في صحيحه (1) من حديث بريدة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى صلوات بوضوء واحد فقال له عمر : إنك صنعت شيئا لم تكن تصنعه ؟ فقال : عمدا صنعته يا عمر!.
    قال الشوكاني في نيل الأوطار 1 : 258 بعد ذكر الحديث : أي لبيان الجواز وأخرج أحمد وأبو يعلى عن عائشة قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فقام عمر خلفه بكوز فقال : ما هذا يا عمر ؟ فقال : ماء تتوضأ به يا رسول الله !.
    قال : ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت كانت سنة ( مجمع الزوائد 1 : 241 ) وكم للحديثين من نظير في أبواب الفقه ؟.
    ولو كان هناك ترخيص لما خفي على أكابر الصحابة حتى نقدوا عثمان نقدا مرا وفندوا معاذيره وفيهم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو باب مدينة علم النبي ، ومستقى أحكام الدين من بعده ، يعرف رخصها من عزائمها قبل كل الصحابة ، فهل يعزب عنه حكم الصلاة وهو أول من صلى من ذكر مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
    حتى إن الخليفة نفسه لم يفه بهذا العذر البارد ، ولو كان يعرف شيئا مما قالوه لما أرجأ بيانه إلى هؤلاء المدافعين عنه ، ولما كان في منصرم معاذيره بعد أن أعوزته : إنه رأي رآه ، ولما كان تابعه على ذلك من تابعه محتجا بدفع شر الخلاف فحسب من دون أي تنويه بمسألة الرخصة.
    وأنت تعرف بعد هذه الأحاديث قيمة قول المحب الطبري في رياضه النضرة 2 :
1 ـ الجزء الأول صفحة 122.

(116)
151 : إنها مسألة اجتهادية ولذلك اختلف فيها العلماء فقوله ـ يعني عثمان ـ فيها لا يوجب تفكيرا ولا تفسيقا.
    خفي على المغفل إن الاجتهاد في تجاه النص لا مساغ له ، وإن المسألة لم يكن فيها خلاف إلى يوم أحدوثة عثمان بل كانت السنة الثابتة عند جميع الصحابة بقول واحد وجوب القصر للمسافر ، وما كان عمل الخليفة إلا مجرد رأي رآه خلاف سنة أبي القاسم صلى الله عليه وآله ويعرب عن جلية الحال صحيح أحمد الآتي في ترجمة مروان وفيه : إن معاوية لما قدم مكة صلى الظهر قصرا فنهض إليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا له : ما عاب أحد ابن عمك ما عبته به فقال لهما : وما ذاك ؟ فقالا له : ألم تعلم إنه أتم الصلاة بمكة ؟ قال لهما : ويحكما وهل كان غير ما صنعت ؟ قد صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر.
    قالا : فإن ابن عمك قد أتمها وإن خلافك إياه له عيب ، فخرج معاوية إلى العصر فصلاها أربعا.
    واختلاف العلماء بعد قط لا قيمة له ويضرب به على عرض الجدار بعد ثبوت السنة ، وليس إلا لتبرير ساحة الرجل ، وأنى ؟ بل عمله يدنس ذيل كل مبرر ، وأما عدم إيجاب القول بالاتمام للمسافر الكفر أو الفسق وإيجابه ذلك فالمرجع فيه حديث الثامن المذكور ص 112 من صحيحة عبد الله بن عمر قال : الصلاة في السفر ركعتان من خالف فقد كفر.

( الدين عند السلف سياسة وقتية )
    تعطينا هذه الروايات الواردة في صلاة الخليفة درسا ضافيا صافقه الاستقراء لكثير من الموارد إن كثيرين من الصحابة ما كان يحجزهم الدين عن مخالفة التعاليم المقررة وكانوا يقدمون عليها سياسة الوقت ، وإلا فلا وجه لتربيعهم الصلاة وهم يرون أن المشروع خلافه لمحض إن الخلاف شر ، وهم أو من ناضل عنهم وحكم بعدالتهم أجمع لا يرون جواز التقية ، فعبد الله بن عمر يتبع الخليفة في أحدوثته ، وكان يتم إذا صلى مع الإمام ، وإذا صلى وحده صلى ركعتين ، وفي لسانه قوله : الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنة فقد كفر (1) وبمسمع منه قوله صلى الله عليه وآله : إن الله لا يقبل عمل امرء حتى يتقنه.
1 ـ راجع صفحة 112 من هذا الجزء.

(117)
قيل : وما اتقانه ؟ قال : يخلصه من الرياء والبدعة (1). وقوله صلى الله عليه وآله : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2).
    وهذا عبد الله بن مسعود يرى السنة في السفر ركعتين ، ويحدث بها ثم يتم معتذرا بأن عثمان كان إماما فما أخالفه والخلاف شر كما مر في ص 99.
    وهذا عبد الرحمن بن عوف كان لم ير للخليفة عذرا فيما أتى به من إتمام الصلاة في السفر ، ويقول له مجيبا عن أعذاره : ما هذا شيء لك فيه عذر. ويسمع منه قوله : إنه رأي رأيته.
    خلافا للسنة الثابتة ، ومع ذلك كله يصلي أربعا بعد ما سمع من ابن مسعود بأن الخلاف شر (3) لماذا كانت مخالفة عثمان شرا ، ولم تكن مخالفته ومخالفتهم على ناموس الشريعة ونبيها شرا ؟ دعني واسأل الصحابة الأولين.
    وهذا علي أمير المؤمنين المقتص الوحيد أثر النبي الأعظم يؤتى به للصلاة ـ كما مر في ص 100 ـ فيقول : إنشئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ركعتين ) فيقال له : لا إلا صلاة أمير المؤمنين عثمان أربعا. فيأبى ولا يبالون.
    نعم : لم تكن الأحكام عند أولئك الخلفاء الذين أدخلوا آراءهم الشاذة في دين الله والذين اتبعوهم إلا سياسة وقتية يدور بها الأمر والنهي ، ويتغير بتغيرها الآراء حينا بعد حين ، فترى الأول منهم يقول على رؤوس الاشهاد : لئن أخذتموني بسنة نبيكم لا أطيقها. وقد جاء النبي الأعظم بسنة سهلة سمحة.
    ويقول : إني أقول برأيي إن يك صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ( راجع الجزء السابع 104 ، 118 ، 119 ، ط 2 ).
    ويأتي بعده من يفتي بترك الصلاة للجنب الفاقد للماء ولا يبالي ، وقد علمه النبي الأعظم التيمم فضلا عما في الكتاب والسنة. راجع ج 6 : 83 ط 2.
    وكان لم يقرأ بفاتحة الكتاب في الركعة الأولى ، ويكررها في الثانية تارة ، و أخرى لم يقرأها في ركعاتها ، ويقتصر على حسن الركوع والسجود ، وطورا يتركها و لم يقرأ شيئا ثم يعيد. راجع ج 6 : 108 ط 2.
1 ـ بهجة النفوس للحافظ ابن أبي جمرة الأزدي الأندلسي 4 : 160.
2 ـ المحلى 7 : 197.
3 ـ راجع من هذا الجزء ص 99.


(118)
    وكان ينهى عن التطوع بالصلاة بعد العصر ، ويضرب بالدرة من تنفل بها ، والناس يخبره بأنه سنة محمد صلى الله عليه وآله ، وهو لا يصيخ إلى ذلك ، كما مر في الجزء ال‍ 6 : 184 ط 2.
    وتراه يحكم في الجد بمائة قضية كلها ينقض بعضها بعضا ، كما مر حديثه في الجزء ال‍ 6 ص 116 ط 2.
    وثبت عنه قوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما ، وأعاقب عليهما.
    كما فصلناه في ج 6 : 210 ط 2.
    وجاء عنه قوله : أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهن و أحرمهن وأعاقب عليهن : متعة النساء. ومتعة الحج. وحي على خير العمل. راجع الجزء ال‍ 6 : 213 ط 2.
    إلى قضايا أخرى لدة هذه أسلفناها في الجزء السادس في ( نوادر الأثر في علم عمر ) وهذا عثمان يخالف السنة الثابتة في مثل الصلاة عماد الدين ويعتذر بقوله : إنه رأي رأيته.
    ويحدث أذانا بعد الأذان والإقامة ، ويتخذه الملأ الاسلامي سنة في الحواضر الإسلامية.
    وينهى عليا أمير المؤمنين عن متعة الحج ، وهو يسمع منه قوله : لم أكن لأدع سنة رسول الله لقول أحد من الناس.
    ويأخذ الزكاة من الخيل ، وقد عفى الله عنها بلسان نبيه الأقدس.
    ويقدم الخطبة على الصلاة في العيدين خلاف السنة المسلمة.
    ويترك القراءة في الأوليين ، ويقضيها في الأخريين.
    ويرى في عدة المختلعة ما يخالف السنة المتسالم عليها ، واتخذ في الأموال والصدقات سيرة دون ما قرره الكتاب والسنة ، إلى كثير من الآراء الشاذة عن مقررات الاسلام المقدس ، وسيوافيك تفصيلها.
    وهذا معاوية ، وما أدراك ما معاوية ؟! يتبع أثر النبي الأعظم في صلاة ظهره فيأتيه مروان وابن عثمان فيزحزحانه عن هديه فيخالف السنة الثابتة ـ باعتراف منه


(119)
في صلاة عصره ، إتباعا لسياسة الوقت ، وإحياء لبدعة ابن عمه ، وإماتة لشرعة المصطفى ، تزلفها إلى مثل مروان وابن عثمان.
    وتراه يحكم بجواز الجمع بين الأختين المملوكتين ، ويعترض عليه الناس فلا يبالي (1).
    ويحلل الربا ، وفي كتاب الله العزيز : ( أحل الله البيع وحرم الربا ) فأخبره أبو الدرداء إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع باعه ، فقال معاوية : ما أرى بهذا بأسا ، فقال أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية ، أخبره عن رسول الله ، ويخبرني عن رأيه.
    لا أساكنك بأرض ، فخرج من ولاية معاوية.
    اختلاف الحديث للشافعي هامش كتابه الأم 7 : 23 وأخذ ألف دينار دية الذمي ، وجعل خمسمائة في بيت المال ، وخمسمائة لأهل القتيل. بدعة مسلمة خلاف سنة الله (2).
    وأمر بالأذان في العيدين ، ولا أذان فيهما ولا أذان إلا في المكتوبة.
    ذكره الشافعي في كتاب الأم 1 : 208.
    وأخذ من الأعطية زكاة ، وهو أول من أحدثها كما في كتاب الأم 2 : 14.
    وهو أول من نقص التكبير كما أخرجه ابن أبي شيبة.
    وأتي إليه بلصوص ، فقطع بعضهم ، وعفى عن أحدهم لسماعه منه ومن رامه كلاما يروقه ، كما ذكره الماوردي في الأحكام السلطانية ص 219 ، وابن كثير في تاريخه 8 : 136.
    وقدم الخطبة على الصلاة في العيدين كما يأتي تفصيله والمسنون خلافه وسن لعن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وأمر به الخطباء وأئمة الجمعة والجماعة في جميع الحواضر الإسلامية.
    فكن على بصيرة من أمرك ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ، واحذرهم أن يفتنوك ، سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون.
1 ـ الدر المنثور 2 : 137.
2 ـ كتاب الديات لأبي عاصم الضحاك ص 50.


(120)
ـ 3 ـ
إبطال الخليفة الحدود
    أخرج البلاذري في الأنساب 5 : 33 من طريق محمد بن سعد ، بالإسناد عن أبي إسحاق الهمداني : إن الوليد بن عقبة شرب فسكر فصلى بالناس الغداة ركعتين (1) ثم التفت فقال : أزيدكم ؟ فقالوا : لا قد قضينا صلاتنا ، ثم دخل عليه بعد ذلك أبو زينب وجندب بن زهير الأزدي وهو سكران فانتزعا خاتمه من يده وهو لا يشعر سكرا.
    قال أبو إسحاق : وأخبرني مسروق إنه حين صلى لم يرم حتى قاء ، فخرج في أمره إلى عثمان أربعة نفر : أبو زينب. وجندب بن زهير. وأبو حبيبة الغفاري. والصعب بن جثامة. فأخبروا عثمان خبره فقال عبد الرحمن بن عوف ، ما له ؟ أجن ؟ قالوا : لا ، ولكنه سكر.
    قال : فأوعدهم عثمان وتهددهم ، وقال لجندب : أنت رأيت أخي يشرب الخمر ؟ قال : معاذ الله ، ولكني أشهد إني رأيته سكران يقسلها من جوفه ، وإني أخذت خاتمه من يده وهو سكران لا يعقل.
    قال أبو إسحاق : فأتى الشهود عائشة فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان ، وإن عثمان زبرهم ، فنادت عائشة : إن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود.
    وقال الواقدي : وقد يقال : إن عثمان ضرب بعض الشهود أسواطا ، فأتوا عليا فشكوا ذلك إليه.
    فأتى عثمان فقال : عطلت الحدود وضربت قوما شهدوا على أخيك فقلبت الحكم ، وقد قال عمر : لا تحمل بني أمية وآل أبي معيط خاصة على رقاب الناس قال : فما ترى ؟ قال : أرى أن تعزله ولا توليه شيئا من أمور المسلمين ، وأن تسأل عن الشهود فإن لم يكونوا أهل ظنة ولا عداوة أقمت على صاحبك الحد.
    قال : ويقال : إن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها وقال : وما أنت وهذا ؟ إنما أمرت أن تقري في بيتك.
    فقال قوم مثل قوله : وقال آخرون : ومن أولى بذلك
1 ـ هكذا في الأنساب وصحيح مسلم وأما بقية المصادر فكلها مطبقة على أربع ركعات و ستوافيك إن شاء الله تعالى.
2 ـ كان الوليد أخاه لأمه أمهما أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: فهرس