الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: 241 ـ 250
(241)
    وقبل هذه كلها سنة الله في الذكر الحكيم حول الأموال مثل قوله تعالى :
    1 ـ واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. ( الأنفال 41 ).
    2 ـ إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ( التوبة 60 ).
    3 ـ ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير.
    ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. ( الحشر 6 ، 7 ).
    هذه سنة الله وسنة نبيه غير أن الخليفة عثمان نسي ما في الكتاب العزيز ، وشذ عما جاء به النبي الأقدس في الأموال ، وخالف سيرة من سبقه ، وتزحزح عن العدل و النصفة ، وقدم أبناء بيته الساقط ، أثمار الشجرة الملعونة في كتاب الله ، رجال العيث والعبث ، والخمور والفجور ، من فاسق إلى لعين ، إلى حلاف مهين هماز مشاء بنميم ، وفضلهم على أعضاء الصحابة وعظماء الأمة الصالحين ، وكان يهب من مال المسلمين لأحد من قرابته قناطير مقنطرة من الذهب والفضة من دون أي كيل ووزن ، ويؤثرهم على من سواهم كائنا من كان من ذي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم.
    ولم يكن يجرأ أحد عليه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما كان يرى سيرته الخشنة مع أولئك القائمين بذلك الواجب ، ويشاهد فيهم من الهتك والتغريب والضرب بدرة كانت أشد من الدرة العمرية (1) مشفوعة بالسوط والعصا (2) وإليك نبذة من سيرة الخليفة في الأموال :

ـ 31 ـ
أيادي الخليفة عند الحكم بن أبي العاص
    أعطى صدقات قضاعة الحكم بن أبي العاص عمه طريد النبي بعد ما قربه وأدناه وألبسه يوم قدم المدينة وعليه فزر (3) خلق وهو يسوق تيسا والناس ينظرون إلى سوء
1 ـ راجع محاضرة الأوائل للسكتواري ص 169.
2 ـ يأتي حديثه بعيد هذا.
3 ـ من فزر الثوب : انشق وتقطع وبلى.


(242)
حاله وحال من معه حتى دخل دار الخليفة ثم خرج وعليه جبة خز وطيلسان ( تاريخ اليعقوبي 2 : 41 ).
    وقال البلاذري في الأنساب 5 : 28 رواية عن ابن عباس أنه قال : كان مما أنكروا على عثمان إنه ولى الحكم ابن أبي العاص صدقات قضاعة (1) فبلغت ثلاث مائة ألف درهم فوهبها له حين أتاه بها.
    قال ابن قتيبة وابن عبد ربه والذهبي : ومما نقم الناس على عثمان إنه آوى طريد النبي صلى الله عليه وسلم الحكم ولم يؤوه أبو بكر وعمر وأعطاه مائة ألف (2).
    وعن عبد الرحمن بن يسار قال : رأيت عامل صدقات المسلمين على سوق المدينة إذا أمسى أتاها عثمان فقال له : إدفعها إلى الحكم بن أبي العاص ، وكان عثمان إذا أجاز أحدا من أهل بيته جائزة جعلها فرضا من بيت المال فجعل يدافعه ويقول له : يكون فنعطيك إنشاء الله.
    فألح عليه فقال : إنما أنت خازن لنا فإذا أعطيناك فخذ ، وإذا سكتنا عنك فاسكت.
    فقال : كذبت والله ما أنا لك بخازن ولا لأهل بيتك إنما أنا خازن المسلمين ، وجاء بالمفاتيح يوم الجمعة وعثمان يخطب فقال : أيها الناس زعم عثمان إني خازن له ولأهل بيته وإنما كنت خازنا للمسلمين وهذه مفاتيح بيت مالكم.
    ورمى بها فأخذها ودفعها إلى زيد بن ثابت. ( تاريخ اليعقوبي 2 : 145 ).
    قال الأميني : يروى نظير هذه القضية كما يأتي لزيد بن أرقم وعبد الله بن مسعود ولعل هذه وقعت لغيرهم من الولاة على الصدقات أيضاً. والله العالم.

الحكم وما أدراك ما الحكم ؟
    كان خصاء يخصي الغنم (3) أحد جيران رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة من أولئك الأشداء عليه صلى الله عليه وآله المبالغين في إيذاءه شاكلة أبي لهب كما قاله ابن هشام في سيرته 2 : 25 ، وأخرج الطبراني من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال : كان الحكم يجلس
1 ـ أبو حي باليمن.
2 ـ المعارف لابن قتيبة ص 84 ، العقد الفريد 2 : 261 ، محاضرات الراغب 2 : 212 ، مرآة الجنان لليافعي 1 : 85 نقلا عن الذهبي.
3 ـ حياة الحيوان للدميري 1 : 194.


(243)
عند النبي صلى الله عليه وآله فإذا تكلم اختلج فبصر به النبي صلى الله عليه وآله فقال : كن كذلك.
    فما زال يختلج حتى مات.
    وفي لفظ مالك بن دينار : مر النبي صلى الله عليه وآله بالحكم فجعل الحكم يغمز النبي صلى الله عليه وآله وسلم باصبعه فالتفت فرآه فقال : اللهم اجعل به وزغا (1) فرجف مكانه وارتعش.
    وزاد الحلبي بعد أن مكث شهرا مغشيا عليه (2).
    أسلفناه من طريق الحفاظ الطبراني والحاكم والبيهقي. ومرت صحته في الجزء الأول صفحة 237.
    روى البلاذري في الأنساب 5 : 27 : إن الحكم بن العاص كان جارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكان أشد جيرانه أذى له في الاسلام ، وكان قدومه المدينة بعد فتح مكة وكان مغموصا عليه في دينه ، فكان يمر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغمز به و يحكيه ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلى قام خلفه فأشار باصبعه ، فبقي على تخليجه وأصابته خبلة ، واطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في بعض حجر نسائه فعرفه وخرج إليه بعنزة وقال : من عذيري من هذا الوزغة اللعين ؟ ثم قال : لا يساكنني ولا ولده فغربهم جميعا إلى الطائف فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم عثمان أبا بكر فيهم وسأله ردهم فأبى ذلك وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لما استخلف عمر كلمه فيهم فقال مثل قول أبي بكر ، فلما استخلف عثمان أدخلهم المدينة وقال : قد كنت كلمت رسول الله فيهم وسألته ردهم فوعدني أن يأذن لهم فقبض قبل ذلك.
    فأنكر المسلمون عليه إدخاله إياهم المدينة.
    وقال الواقدي : ومات الحكم بن أبي العاص بالمدينة في خلافة عثمان فصلى عليه و ضرب على قبره فسطاطا.
    وعن سعيد بن المسيب قال : خطب عثمان فأمر بذبح الحمام وقال : إن الحمام قد كثر في بيوتكم حتى كثر الرمي ونالنا بعضه فقال الناس : يأمر بذبح الحمام وقد آوى طرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1 ـ الوزغ : الارتعاش والرعدة.
2 ـ الإصابة 1 : 345 ، 346 ، السيرة الحلبية 1 : 337 ، الفائق للزمخشري 2 : 305 ، تاج العروس 6 : 35.


(244)
    وذكره بلفظ أخصر من هذا في صفحة 125 وذكر بيتين لحسان بن ثابت في عبد الرحمن بن الحكم الآتيين في لفظ أبي عمر فقال : كان يفشي أحاديث رسول الله فلعنه وسيره إلى طائف ومعه عثمان الأزرق والحارث وغيرهما من بنيه وقال : لا يساكنني فلم يزالوا طرداء حتى ردهم عثمان فكان ذلك مما نقم عليه.
    وفي سيرة الحلبية 1 : 337 : إطلع الحكم على رسول الله من باب بيته وهو عند بعض نسائه بالمدينة فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعنزة وقيل بمدرى في يده وقال : من عذيري من هذه الوزغة لو أدركته لفقأت عينه ، ولعنه وما ولد ، وذكره ابن الأثير مختصرا في أسد الغابة 2 : 34.
    وقال أبو عمر في ( الاستيعاب ) : أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف وخرج معه ابنه مروان ، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه فقيل : كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبار أصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين ، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه ، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته ، إلى أمور غيرها كرهت ذكرها ، ذكروا : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ وكان الحكم يحكيه فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم يوما فرآه يفعل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم فكذلك فلتكن.
    فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ ، فعيره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه :
إن اللعين أبوك فارم عظامه يمسي خميص البطن من عمل التقى إن ترم ترم مخلجا مجنونا ويظل من عمل الخبيث بطينا (1)
    وأخرج أبو عمر من طريق عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل عليكم رجل لعين.
    وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل فدخل الحكم ابن أبي العاص (2).
    [ وقال ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق ص 144 : وبسند رجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه إنه صلى الله عليه وسلم قال : ليدخلن الساعة عليكم رجل
1 ـ الاستيعاب 1 : 118 ، أسد الغابة 2 : 34.
2 ـ الاستيعاب 1 : 119.


(245)
لعين. فوالله ما زلت أتشوق داخلا وخارجا حتى دخل فلان يعني الحكم كما صرحت به رواية أحمد ].
    وروى البلاذري في ( الأنساب ) 5 : 126 ، والحاكم في ( المستدرك ) 4 : 481 وصححه والواقدي كما في السيرة الحلبية 1 : 337 بالإسناد عن عمرو بن مرة قال : إستأذن الحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف صوته فقال : ائذنوا له لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنين وقليل ماهم ، ذوو مكر وخديعة يعطون الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق (3).
    [ وفي لفظ ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق ص 147 : ائذنوا له فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وما يخرج من صلبه يشرفون في الدنيا ، ويترذلون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة إلا الصالحين منهم وقليل ماهم ].
    وأخرج الحاكم في المستدرك 4 : 481 وصححه من طريق عبد الله بن الزبير قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الحكم وولده.
    وأخرج الطبراني وابن عساكر والدارقطني في الأفراد من طريق عبد الله بن عمر قال : هجرت الرواح رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو الحسن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادن : فلم يزل يدنيه حتى التقم أذنيه فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يساره إذ رفع رأسه كالفزع قال : فدع بسيفه الباب فقال لعلي : إذهب فقده كما تقاد الشاة إلى حالبها.
    فإذا علي يدخل الحكم بن أبي العاص آخذا بإذنه ولها زنمة حتى أوقفه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فلعنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثم قال : أحله ناحية حتى راح إليه قوم من المهاجرين والأنصار ثم دعا به فلعنه ثم قال : إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه ، وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء.
    فقال ناس من القوم : هو أقل وأذل من أن يكون هذا منه قال : بلى وبعضكم يومئذ شيعته ( كنز العمال 6 : 39 ، 90 ) وأخرج ابن عساكر من طريق عبد الله بن الزبير قال وهو على المنبر : ورب
1 ـ وذكره الدميري في حياة الحيوان 2 : 299 ، وابن حجر في الصواعق ص 108 ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 : 90 نقلا عن أبي يعلى والطبراني والحاكم والبيهقي وابن عساكر.

(246)
هذا البيت الحرام والبلد الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
    وفي لفظ : إنه قال وهو يطوف بالكعبة : ورب هذه البنية للعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم وما ولد.
    كنز العمال 6 : 90.
    وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن كعب القرظي أنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم وما ولد إلا الصالحين وهم قليل.
    وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله قال : إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال : إن الله تعالى قد أرى لأمير المؤمنين يعني معاوية في يزيد رأيا حسنا أن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر.
    فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : أهر قلية إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده.
    فقال مروان : ألست الذي قال لوالديه أف لكما ؟ فقال عبد الرحمن : ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله أباك ؟ فسمعت عائشة فقالت : مروان ! أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا ، كذبت والله ما فيه نزلت ، نزلت في فلان بن فلان.
    وفي لفظ آخر عن محمد بن زياد : لما بايع معاوية لابنه قال مروان : سنة أبي بكر وعمر.
    فقال عبد الرحمن : سنة هرقل وقيصر.
    فقال مروان : هذا الذي قال الله فيه : والذي قال لوالديه أف لكما. الآية.
    فبلغ ذلك عائشة فقالت : كذب مروان ، كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن اسمي الذي نزلت فيه لسميته ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان فضض من لعنة الله.
    وفي لفظ : ولكن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله.
    وفي لفظ الفائق : فأنت فظاظة (1) لعنة الله و ولعنة رسوله.
    راجع مستدرك الحاكم 4 : 481 ، تفسير القرطبي 16 : 197 ، تفسير الزمخشري 3 : 99 ، الفائق له 2 : 325 ، تفسير ابن كثير 4 : 159 ، تفسير الرازي 7 : 491 : ، أسد الغابة لابن الأثير 2 : 34 ، نهاية ابن الأثير 3 : 23 ، شرح ابن أبي الحديد 2 : 55 ،
1 ـ قال الزمخشري : افتظظت الكرش إذا اعتصرت ماءها ، كأنه عصارة قذرة من اللعنة.

(247)
تفسير النيسابوري هامش الطبري 26 : 13 ، الاجابة للزركشي ص 141 ، تفسير النسفي هامش الخازن 4 : 132 ، الصواعق لابن حجر ص 108 ، إرشاد الساري للقسطلاني 7 : 325 ، لسان العرب 9 : 73 ، الدر المنثور 6 : 41 ، حياة الحيوان للدميري 2 : 399 ، السيرة الحلبية 1 : 337 ، تاج العروس 5 : 69 ، تفسير الشوكاني 5 : 20 ، تفسير الآلوسي 26 : 20 ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية 1 : 245.
     ( لفت نظر ) يوجد هذا الحديث في المصادر جلها لولا كلها باللفظ المذكور غير أن البخاري أخرجه في تفسير صحيحه في سورة الأحقاف وحذف منه لعن مروان وأبيه وما راقه ذكر ما قاله عبد الرحمن ، وهذا دأبه في جل ما يرويه ، وإليك لفظه : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال : خذوه.
    فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني.
    فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
    وهذا الحديث يكذب ما عزاه القوم إلى أمير المؤمنين وابن عباس من قولهما بنزول آية : وأصلح لي في ذريتي.
    في أبي بكر كما مر في الجزء السابع ص 6 32 ط 2.
    وكان الحكم مع ذلك كله يدعو الناس إلى الضلال ويمنعهم عن الاسلام ، إجتمع حويطب بمروان يوما فسأله مروان عن عمره فأخبره فقال له : تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث.
    فقال حويطب : الله المستعان والله لقد هممت بالاسلام غير مرة كل ذلك يعوقني أبوك يقول : تضع شرفك ، وتدع دين آبائك لدين محدث ؟ وتصير تابعا ؟ فسكت مروان وندم على ما كان قال له ، ( تاريخ ابن كثير 8 : 70 ).

( الحكم في القرآن )
    أخرج ابن مردويه عن أبي عثمان النهدي قال : قال مروان لما بايع الناس ليزيد : سنة أبي بكر وعمر ( إلى آخر الحديث المذكور ) فسمعت ذلك عائشة فقالت : إنها لم تنزل في عبد الرحمن ولكن نزل في أبيك : ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم الآية ( سورة القلم 10 ).


(248)
    راجع الدر المنثور 6 : 41 ، 251 ، السيرة الحلبية 1 : 337 ، تفسير الشوكاني 5 : 263 ، تفسير الآلوسي 29 : 28 ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية 1 : 245 وأخرج ابن مردويه عن عائشة إنها قالت لمروان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأبيك وجدك ( أبي العاص بن أمية ) إنكم الشجرة الملعونة في القرآن.
    ويقول لأبيك وجدك ( أبي العاص بن أمية ) : إنكم الشجرة الملعونة في القرآن.
    ذكره السيوطي في الدر المنثور 4 : 191 ، والحلبي في السيرة 1 : 337 ، و الشوكاني في تفسيره 3 : 231 ، والآلوسي في تفسيره 15 : 107.
    وفي لفظ القرطبي في تفسيره 10 : 286.
    قالت عائشة لمروان : لعن الله أباك وأنت في صلبه ، فأنت بعض من لعنة الله ثم قالت : والشجرة الملعونة في القرآن.
    و أخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله رأيت بني أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء ، واهتم رسول الله لذلك ، فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن و نخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا. ( الاسراء 60 ).
    وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أصبح وهو مهموم فقيل ما لك يا رسول الله ؟ فقال : إني أريت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا فقيل : يا رسول الله ! لا تهتم فإنها دنيا تنالهم فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي. الآية.
    وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن سعيد بن المسيب قال : رأى رسول الله صل الله عليه وسلم بني أمية على المنابر فساءه ذلك فأوحى الله تعالى إليه : إنما هي دنيا أعطوها.
    فقرت عينه وذلك قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك. الآية.
    وأخرج الطبري والقرطبي وغيرهما من طريق سهل بن سعد قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات وأنزل الله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك. الآية.
    وروى القرطبي والنيسابوري عن ابن عباس : إن الشجرة الملعونة هو بنو أمية


(249)
    وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو (1) إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة.
    يعني الحكم وولده.
    وفي لفظ : إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام إن ولد الحكم بن أمية يتداولون منبره كما يتداولون الصبيان الكرة فساءه ذلك.
    وفي لفظ للحاكم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر وأبي يعلى من طريق أبي هريرة : إني أريت في منامي كأن بني الحكم بن العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة. فما رؤي النبي مستجمعا ضاحكا حتى توفي.
     ( مصادر ما رويناه ) : تفسير الطبري 15 : 77 ، تاريخ الطبري 11 : 6 35 ، مستدرك الحاكم 4 : 48 ، تاريخ الخطيب 8 : 28 و ج 9 : 44 ، تفسير النيسابوري هامش الطبراني 15 : 55 ، تفسير القرطبي 10 : 283 ، 286 ، النزاع والتخاصم للمقريزي ص 52 ، أسد الغابة 3 : 14 من طريق الترمذي ، [ تطهير الجنان لابن حجر هامش الصواعق ص 148 فقال : رجاله رجال الصحيح إلا واحدا فثقة ] الخصايص الكبرى 2 : 118 ، الدر المنثور 4 : 191 ، كنز العمال 6 : 90 ، تفسير الخازن 3 : 177 ، تفسير الشوكاني 3 : 230 ، 231 ، تفسير الآلوسي 15 : 107 فقال الآلوسي : ومعنى جعل ذلك فتنة للناس جعله بلاء لهم ومختبرا ، وبذلك فسره ابن المسيب و كان هذا بالنسبة إلى خلفائهم الذين فعلوا ما فعلوا ، وعدلوا عن سنن الحق وما عدلوا وما بعده بالنسبة إلى ما عدا خلفاءهم منهم ممن كان عندهم عاملا وللخبائث عاملا ، أو ممن كان أعوانهم كيف ما كان ، ويحتمل أن يكون المراد : ما جعلنا خلافتهم وما جعلنا أنفسهم إلا فتنة ، وفيه من المبالغة في ذمهم ما فيه ، وجعل ضمير ( نخوفهم ) على هذا لما كان له أولادا أو شجرة باعتبار أن المراد بها بنو أمية ، ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة ، والفروج المحصنة ، وأخذ الأموال من غير حلها ، ومنع الحقوق عن أهلها ، وتبديل الأحكام ، والحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام ، إلى غير ذلك من القبايح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد
1 ـ وفي بعض المصادر : ابن عمر.

(250)
تنسى ما دامت الليالي والأيام ، وجاء لعنهم في القرآن إما على الخصوص كما زعمته الشيعة ، أو على العموم كما نقول فقد قال سبحانه وتعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة.
    وقال عزوجل : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. إلى آيات أخر ، ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولا أوليا. إلى آخر كلامه. راجع.

نظرة في كلمتين
    1 ـ قال الطبري بعد روايته حديث الرؤيا : لا يدخل في هذا الرؤيا عثمان ولا عمر بن عبد العزيز ولا معاوية.
    لا يهمنا بسط القول حول هذا التخصيص ، ولا ننبس ببنت شفة في تعميم العموم الوارد في الأحاديث المذكورة وأمثالها الواردة في بني أمية عامة وفي بني أبي العاص جد عثمان خاصة ، من قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري : إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية و بنو المغيرة وبنو مخزوم (1).
    وقوله صلى الله عليه وآله من طريق أبي ذر : إذا بلغت بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولا ، ومال الله نحلا ، وكتاب الله دغلا (2).
    وقوله صلى الله عليه وآله من طريق حمران بن جابر اليمامي : ويل لبني أمية. ثلاث.
    أخرجه ابن مندة كما في الإصابة 1 : 353 ، وحكاه عن ابن مندة وأبي نعيم السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه 6 : 39 ، 91.
    وقوله صلى الله عليه وآله من طريق أبي ذر : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا ، وعباد الله خولا ، ودين الله دغلا.
    قال حلام بن جفال : فأنكر على أبي ذر فشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، وأشهد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله.
    أخرجه الحاكم من عدة طرق وصححه هو والذهبي كما في المستدرك 4 : 480
1 ـ مستدرك الحاكم 4 : 487 وصححه.
2 ـ مستدرك الحاكم 4 : 479 ، وأخرجه ابن عساكر كما في كنز العمال 6 : 39.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء الثامن ::: فهرس