الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء التاسع ::: 21 ـ 30
(21)
الفئة الباغية. وقد أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله :
    ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية.
    وفي لفظ : تقتل عمار الفئة الباغية ، وقاتله في النار.
    وفي لفظ : ويح عمارا وويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية.
    وفي لفظ معاوية : تقتل عمارا الفئة الباغية.
    وفي لفظ عثمان : تقتلك الفئة الباغية ، قاتل عمار في النار.
    وفي لفظ : تقتل عمارا الفئة الباغية عن الطريق ، وإن آخر رزقه من الدنيا ضياح من لبن.
    وفي لفظ عمار : أخبرني حبيبي صلى الله عليه وسلم إنه تقتلني الفئة الباغية ، وأن آخر زادي مذقة من لبن.
    وفي لفظ حذيفة : إنك لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية الناكبة عن الحق ، يكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن.
    وفي لفظ : ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
    وفي لفظ أنس : ابن سمية تقتله الفئة الباغية قاتله وسالبه في النار.
    وفي لفظ عائشة : اللهم بارك في عمار ، ويحك ابن سميه تقتلك الفئة الباغية ، و آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن.
    وفي لفظ : ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك إنما تقتلك الفئة الباغية.
    جاء هذا الحديث من طرق كثيرة تربو حد التواتر منها طريق عثمان بن عفان. عمرو بن العاص. معاوية بن أبي سفيان. حذيفة بن اليمان. عبد الله بن عمر. خزيمة بن ثابت. كعب بن مالك. جابر بن عبد الله. ابن عباس. أنس بن مالك. أبي هريرة الدوسي عبد الله بن مسعود. أبي سعد. أبي أمامة. أبي رافع. أبي قتادة. زيد بن أبي أوفى. عمار بن ياسر. عبد الله بن أبي هذيل. أبي اليسر. زياد بن الفرد. جابر بن سمرة. عبد الله ابن عمرو بن العاص. أم سلمة. عائشة. راجع طبقات ابن سعد 3 : 180 ، سيرة ابن هشام 2 : 114 ، مستدرك الحاكم 3 : 386 ، 387 ، 391 ، الاستيعاب 2 : 436 وقال : تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم


(22)
إنه قال : تقتل عمارا الفئة الباغية. وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته وهو من أصح الأحاديث. طرح التثريب 1 : 88 وصححه ، تيسير الوصول 3 : 278 ، شرح ابن أبي الحديد 2 : 274 ، تاريخ ابن كثير 7 : 267 ، 270 مجمع الزوائد 9 : 296 وصححه من عدة طرق ، تهذيب التهذيب 7 : 409 وذكر تواتره ، الإصابة 2 : 512 وقال : تواترت الأحاديث ، كنز العمال 6 : 184 ، ج 7 ، 73 ، 74 ، ونص على تواتره السيوطي في الخصايص كما مر في الجزء الثالث 250 ط 2.
    وأخرجه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والبزار ، وعبد الرازق ، والطبراني ، و الدارقطني ، وأبو يعلى ، وأبو عوانة ، والإسماعيلي ، والضياء المقدسي ، وأبو نعيم ، وتمام ، وابن قانع ، وابن مندة ، والبارودي ، والبرقاني ، وابن عساكر ، والخطيب.
    ( عمار في الذكر الحكيم )
    هذا عمار بين البدء والختام المحمودين وهو بينهما كما أثنى عليه الذكر الحكيم بقوله تعالى : أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ( الزمر 9 ) أخرج ابن سعد في الطبقات 3 : 178 ط ليدن وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس : إنها نزلت في عمار بن ياسر.
    وذكر الزمخشري في تفسيره 3 : 22 : إنها نزلت في عمار وأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي.
    وذكر القرطبي في تفسير 15 : 239 عن مقاتل : إن من هو قانت : عمار بن ياسر وذكر الخازن في تفسيره 3 : 53 : إنها نزلت في ابن مسعود وعمار وسلمان.
    وذكره الخطيب الشربيني في تفسيره 3 : 410.
    وذكر الشوكاني في تفسيره 4 : 442 حديث ابن سعد وابن مردويه وابن عساكر.
    وزاد الآلوسي عليه في تفسيره 23 : 247 قوله : و أخرج جويبر عن ابن عباس إنها نزلت في عمار وابن مسعود وسالم مولي أبي حذيفة.
    وعن عكرمة : الاقتصار على عمار.
    وعن مقاتل : المراد بمن هو قانت : عمار وصهيب و ابن مسعود وأبو ذر.
    وجل ما ذكره الآلوسي مأخوذ من الدر المنثور 5 : 323.
    ( آية ثانية ) : أخرج ابن ماجة في قوله تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ. الآية ( الأنعام 52 ) إنها


(23)
نزلت في عمار وصهيب وبلال وخباب.
    راجع تفسير الطبري 7 : 127 ، 128 ، تفسير القرطبي 16 : 432 ، تفسير البيضاوي 1 : 380 ، تفسير الزمخشري 1 : 453 ، تفسير الرازي 4 : 50 ، تفسير ابن كثير 2 : 134 ، تفسير ابن جزي 2 : 10 ، الدر المنثور 3 : 14 ، تفسير الخازن 2 : 18 ، تفسير الشربيني 1 : 404 ، تفسير الشوكاني 2 : 115.
    ( آية ثالثة ) أخرج جمع من الحفاظ نزول قوله تعالى : إلا من أكره وقلبه مطمأن بالإيمان ( سورة النحل : 106 ) في عمار. وقال أبو عمر في الاستيعاب. هذا مما اجتمع أهل التفسير عليه. وقال القرطبي : نزلت في عمار في قول أهل التفسير. وقال ابن حجر في الإصابة : اتفقوا على أنه نزل في عمار.
    قال ابن عباس ( في لفظ الواحدي ) نزلت في عمار بن ياسر وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسرا وأمه سمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما ، فأما سمية فإنها ربطت بين بعيرين ووجئ قبلها بحربة ، وقيل لها : إنك أسلمت من أجل الرجال.
    فقتلت ، وقتل زوجها ياسر ، وهما أول قتيلين قتلا في الاسلام ، وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن عمارا كفر.
    فقال : كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، وأخلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فجعل رسول الله عليه السلام يمسح عينيه وقال : إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.
    فأنزل الله تعالى هذه الآية.
    أخرج حديث نزولها في عمار ، ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبري عن ابن عباس.
    وعبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر من طريق أبي عبيدة بن محمد عمار عن أبيه.
    وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن أبي مالك.
    راجع طبقات ابن سعد 3 ، 178 ، تفسير الطبري 14 : 122 ، أسباب النزول للواحدي ص 212 ، مستدرك الحاكم 2 : 357 ، الاستيعاب 2 : 435 ، تفسير القرطبي 10 : 180 ، تفسير الزمخشري 2 : 176 ، تفسير البيضاوي 1 : 683 ، تفسير الرازي 5 : 365 ، تفسير ابن جزي 2 : 162 ، تفسير النيسابوري هامش الطبري 14 : 122 ، بهجة


(24)
المحافل 1 : 94 ، تفسير ابن كثير 2 : 587 ، الدر المنثور 4 : 132 ، تفسير الخازن 3 : 143 ، الإصابة 2 : 512 ، تفسير الشوكاني 3 : 191 ، تفسير الآلوسي 14 : 237.
    ( آية رابعة ) ذكر الواحدي من طريق السدي أن قوله تعالى : أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ( القصص : 61 ) نزل في عمار والوليد بن المغيرة.
    راجع أسباب النزول للواحدي ص 255 ، تفسير القرطبي 13 : 303 ، تفسير الزمخشري 2 : 386 ، تفسير الخازن 3 : 43 ، تفسير الشربيني 3 : 105.
    ( آية خامسة ) أخرج أبو عمر من طريق ابن عباس في قوله تعالى : أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ( الأنعام : 122 ) إنه عمار بن ياسر.
    وأخرج نزولها في عمار ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ راجع الاستيعاب 2 : 435 ، تفسير ابن جزي 2 : 20 ، تفسير ابن كثير 2 : 172 تفسير البيضاوي 1 : 400 ، تفسير السيوطي 3 : 43 ، تفسير الشربيني 1 : 429 ، تفسير الخازن 2 : 32 ، تفسير الشوكاني 2 : 152.
الثناء الجميل على عمار
    أما الأحاديث الواردة في الثناء عليه فحدث عنها ولا حرج وإليك نزرا منها :
    1 ـ عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث : إن عمارا ملئ إيمانه من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه.
    راجع حلية الأولياء 1 : 139 ، تفسير الزمخشري 2 : 176 ، تفسير البيضاوي 1 : 683 ، بهجة المحافل 1 : 94 ، تفسير الرازي 5 : 365 ، تفسير الخازن 3 : 143 ، كنز العمال 6 : 184 ، و ج 7 ، 75 ، تفسير الآلوسي 14 : 237.
    2 ـ أخرج ابن عساكر من طريق علي : عمار خلط الله الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه ، وخلط الإيمان بلحمه ودمه ، يزول مع الحق حيث زال ، وليس ينبغي للنار أن تأكل منه شيئا ( كنز العمال 6 : 183 ).
    3 ـ أخرج البزار من طريق عائشة قالت : ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمارا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ملئ إيمانا


(25)
إلى مشاشه. وفي لفظ أبي عمر : ملئ عمار ايمانا إلى أخمص قدميه. وفي لفظ له : إن عمار بن ياسر حشي ما بين أخمص قدميه إلى شحمة أذنيه إيمانا.
    ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 295 وقال : رجاله رجال الصحيح ، وأخرجه ابن ماجة من طريق علي كما في طرح التثريب 1 : 87 ، وأخرجه ابن ديزيل والنسائي من طريق عمرو بن شرحبيل عن رجل مرفوعا كما في تيسير الوصول 3 : 279 ، والبداية والنهاية 7 : 311 ، ولفظه : لقد ملئ عمار إيمانا من قدمه إلى مشاشه.
    ورواه عبد الرزاق والطبراني وابن جرير وابن عساكر كما في كنز العمال 6 : 184. وأخرجه أبو عمر بالألفاظ الثلاثة في الاستيعاب 2 : 435.
    4 ـ أخرج ابن ماجة وأبو نعيم من طريق هاني بن هاني قال : كنا عند علي فدخل عليه عمار فقال : مرحبا بالطيب المطيب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه.
    سنن ابن ماجة 1 : 65 ، حلية الأولياء 1 : 139 ، الإصابة 2 : 512.
    5 ـ أخرج ابن سعد في الطبقات 3 : 187 ط ليدن مرفوعا : إن عمارا مع الحق والحق معه ، يدور عمار مع الحق أينما دار ، وقاتل عمار في النار.
    وأخرج الطبراني والبيهقي والحاكم من طريق ابن مسعود مرفوعا : إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.
    ذكره ابن كثير في تاريخه 7 : 270 ، والسيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه 6 : 184 ، وفي لفظ إبراهيم بن الحسين بن ديزيل في سيرة علي : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : أرأيت إذا نزلت فتنة كيف أصنع ؟ قال : عليك بكتاب الله.
    قال : أرأيت إن جاء قوم كلهم يدعون إلى كتاب الله ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.
    وأخرج أبو عمر في الاستيعاب 2 : 436 من طريق حذيفة : عليكم بابن سمية فإنه لن يفارق الحق حتى يموت.
    أو قال : فإنه يدور مع الحق حيث دار.
    6 ـ أخرج ابن ماجة من طريق عطاء بن يسار عن عائشة مرفوعا : عمار ما عرض عليه أمران إلا اختار الأرشد منهما.


(26)
    وفي لفظ أحمد من طريق ابن مسعود مرفوعا : ابن سمية ما عرض عليه أمران قط إلا أخذ بالأرشد منهما.
    وفي لفظ آخر له من طريق عائشة : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما.
    وفي لفظ الترمذي : ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما.
    راجع مسند أحمد 1 : 389 و ج 6 : 113 ، سنن ابن ماجة 1 : 66 ، مصابيح البغوي 2 : 288 ، تفسير القرطبي 10 : 181 ، تيسير الوصول 3 : 279 ، شرح ابن أبي الحديد 2 : 274 ، كنز العمال 6 : 184 ، الإصابة 2 : 512.
    7 ـ أخرج الترمذي من طريق علي قال : إستأذن عمار على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إئذنوا له : مرحبا بالطيب المطيب.
    فقال : حسن صحيح.
    وأخرجه الطبراني وابن أبي شيبة وأحمد في المسند 1 : 100 ، 126 ، 138 ، والبخاري في تاريخه 4 : 229 من القسم الثاني ، وابن جرير وصححه والحاكم والشاشي وسعيد بن منصور وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 : 140 ، والبغوي في المصابيح 2 : 288 ، وأبو عمر في الاستيعاب 2 : 435 ، وابن ماجة في السنن 1 : 65 ، وابن كثير في البداية 7 : 311 ، وابن الديبع في التيسير 3 : 278 ، والعراقي في طرح التثريب 1 : 87 ، و السيوطي في الجامع الكبير 7 : 71.
    8 ـ عن أنس بن مالك مرفوعا : إن الجنة تشتاق إلى أربعة : علي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، والمقداد.
    وفي لفظ الترمذي والحاكم وابن عساكر : إشتاقت الجنة إلى ثلاثة : علي وعمار وسلمان.
    وفي لفظ لابن عساكر : إشتاقت الجنة إلى ثلاثة : إلى علي وعمار وبلال.
    أخرجه أبو نعيم في الحلية 1 : 142 ، والحاكم في المستدرك 3 : 137 ، وصححه هو والذهبي ، والترمذي والطبراني كما في تفسير القرطبي 10 : 181 ، وتاريخ ابن كثير 7 : 311 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 9 : 307 ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 3 : 306 وفي ج 6 : 198 ، 199 ، وأبو عمر في الاستيعاب 2 : 435.
    9 ـ أخرج البزار من طريق علي مرفوعا : دم عمار ولحمه حرام على النار أن تطمعه.
    وفي لفظ ابن عساكر : دم عمار ولحمه حرام على النار أن تأكله أو تمسه.


(27)
    مجمع الزوائد 9 : 295 ، كنز العمال 6 : 184 ، ج 7 : 75.
    10 ـ أخرج ابن هشام مرفوعا : ما لهم ولعمار ؟ يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي ، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه.
    سيرة ابن هشام 2 : 115 ، العقد الفريد 2 : 289 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 274 ولفظه : ما لقريش ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، قاتله وسالبه في النار ، وبهذا اللفظ ذكره ابن كثير في تاريخه 7 : 268.
    11 ـ أخرج الطبراني وابن عساكر من طريق عائشة مرفوعا : كم من ذي طمرين لا ثوب له لو أقسم على الله لأبره ، منهم : عمار بن ياسر. ( مجمع الزوائد 9 : 294 ، كنز العمال 6 : 184 ).
    12 ـ أخرج أحمد من طريق خالد بن الوليد مرفوعا : من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله.
    صححه الحاكم والذهبي بطريقين ، وصححه الهيثمي.
    وفي لفظ : من يسب عمارا يسبه الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله ، ومن يسفه عمارا يسفهه الله.
    صححه الحاكم والذهبي.
    وفي لفظ : من يسب عمارا ، يسبه الله ومن يعاد عمارا يعاده الله ، صححه الحاكم والذهبي.
    وفي لفظ لأحمد : من يعاد عمارا يعاده الله عز وجل ، ومن يبغضه يبغضه الله عز وجل ، ومن يسبه يسبه الله عز وجل.
    وفي لفظ الحاكم : من يحقر عمارا يحقره الله ومن يسب عمارا يسبه الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله.
    وفي لفظ ابن النجار : من سب عمارا سبه الله ، ومن حقر عمارا حقره الله ، ومن سفه عمارا سفهه الله.
    وفي لفظ ابن عساكر : من يبغض عمارا يبغضه الله ، ومن يلعن عمارا يلعنه الله.
    وفي لفظ الطبراني : من يعادي عمارا يعاديه الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله ، ومن يسب عمارا يسبه الله ، ومن يسفه عمارا يسفهه الله ، ومن يحقر عمارا يحقره الله


(28)
    وفي لفظ الطبراني أيضا : من يحقر عمارا يحقره الله ، ومن يسب عمارا يسبه الله ، ومن ينتقص عمارا ينتقصه الله ، ومن يعاد عمارا يعاده الله. قال الهيثمي : رجاله ثقات.
    أخرج هذا الحديث على اختلاف ألفاظه جمع كثير من الحفاظ وأئمة الفن راجع مسند أحمد 4 : 89 ، مستدرك الحاكم 3 : 390 ، 391 ، تاريخ الخطيب 1 : 152 ، الاستيعاب 2 : 435 ، أسد الغابة 4 : 45 ، طرح التثريب 1 : 88 ، تاريخ ابن كثير 7 : 311 ، الإصابة 2 : 512 ، كنز العمال 6 : 185 ، ج 7 : 71 ـ 75.
    13 ـ عن حذيفة أنه قيل له : إن عثمان قد قتل فما تأمرنا ؟ قال : ألزموا عمارا قيل : إن عمارا لا يفارق عليا قال : إن الحسد هو أهلك للجسد ، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي.
    فوالله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب ، وإن عمارا من الأخيار.
    أخرجه ابن عساكر في كنز العمال 7 : 73.
    14 ـ عن عبد الله بن جعفر قال : ما رأيت مثل عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر كانا لا يحبان أن يعصيا الله طرفة عين ، ولا يخالفان الحق قيد شعرة.
    أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 9 : 292.
    15 ـ ذكر الأبشيهي في المستطرف 1 : 166 في حديث : هبط جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ( وكان يسأل عن أصحابه ) إلى أن قال : من هذا الذي بين يديك يتقي عنك ؟ قال : عمار بن ياسر.
    قال : بشره بالجنة حرمت النار على عمار.

    هذا عمار
    إذا درست هذه كلها فهل تجد من الحق أن يعمل معه تلكم الفظاظات مرة بعد أخرى ؟ وهل تجد مبررا لشيء منها ؟ فإن زعمت أنها تأديب من خليفة الوقت فإن التأديب لا يسوغ إلا على إسائة في الأدب ، وزور من القول ، ومناقضة للحق ، ومضادة للشريعة ، ويجل عمار عن كل ذلك ، فلم يصدر منه غير دعاء إلى الحق ، وأذان بالحقيقة ، وتضجر لمظلوم ، وعمل بالوصية واجب ، ورسالة عن أناس مؤمنين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فهل حظر الاسلام شيئا من هذه فأراد الخليفة أن يعيد عمارا إلى نصاب الحق ؟ أو أن الخليفة مفوض في النفوس كما يرى أنه مفوض في الأموال


(29)
فيراغم فيها عامة المسلمين بإرضاء من يجب إرغامهم من أناس لا خلاق لهم ؟ وكذلك يفعل بالنفوس فعل المستبدين ولوازم الدكتاتورية ومقتضيات الملك العضوض.
    ولو كان الخليفة ناصبا نفسه للتأديب فهل أدب أمثال عبيد الله بن عمر ، والحكم ابن أبي العاص ، ومروان بن الحكم ، والوليد بن عقبة ، وسعيد بن العاص ، ونظرائهم من رجال العيث والفساد المستحقين للتأديب حينا بعد حين ؟ وهو كان يرنو إلى أعمالهم من كثب ، لكنه لم يصدر منه إلا إرضائهم وتوفير العطاء لهم والدفاع عنهم ، وتسليطهم على النفوس والأموال حتى أوردوه مورد الهلكة ، ولقد ادخر تأديبه كله لصلحاء الأمة مثل عمار وأبي ذر وابن مسعود ومن حذا حذوهم ، فإلى الله المشتكى.
    وإنك لو أمعنت النظرة في أعماله وأفعاله لتجدنه لا يقيم وزنا لأي صالح من الأمة ، ولقد ترقى ذلك أو تسافل حتى أنه جابه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام غير مرة بقوارص كلماته ومما قال له مما مر في صفحة ( 18 ، 19 ) قوله : أنت أحق بالنفي منه.
    وقوله : لئن بقيت لا أعدم طاغيا يتخذك سلما وعضدا ويعدك كهفا وملجأ.
    يريد بالطاغي أبا ذر وعمار وأمثالهما ويجعل الإمام عليه السلام سلما وعضدا وكهفا وملجأ لمن سماهم الطغاة.
    كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
    كأن الرجل لم يصاحب النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ، أولم يع إلى ما هتف به من فضائل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من أول يومه آناء الليل وأطراف النهار في حله ومرتحله ، في ظعنه وإقامته ، عند أفراد من أصحابه أو في محتشد منهم ، ولدى الحوادث والوقايع وعند كل مناسبة ، وفي حروبه ومغازيه.
    وكأنه لم يشهد بلاء مولانا الإمام عليه السلام في مأزق الاسلام الحرجة ، ولم يشهد كراته وقد فر أصحابه ، وتفانيه في سبيل الدعوة عند خذلان غيره ، واقتحامه المهالك لصالح الاسلام حيث ركنوا إلى دعة ، وتقهقر بهم الفرق ، وثبطهم الخول.
    يزعم القوم أن الخليفة كان حافظا للقرآن وأنه كان يتلوه في ركعة في لياليه ولو صح ما يقولون فهلا كان يمر بآية التطهير ومولانا الإمام عليه السلام أحد الخمسة الذين أريدوا بها ؟ وبآية المباهلة وهو نفس النبي فيها ؟ إلى آيات أخرى نازلة فيها بالغة إلى


(30)
ثلاثمائة آية كما يقوله حبر الأمة عبد الله بن العباس (1) أو أنه كان يمر بها على حين غفلة من مفادها ؟ أو يمر بها وقد بلغ منه اللغوب من كثرة التلاوة فلا يلتفت إليها ؟ أو أنه كان يرتلها ملتفتا إلى مغازيها ؟ ولكن ...
    أنا لا أدري بماذا يعلل قوارص الخليفة عليا عليه السلام ابنا حجر وكثير وأمثالهما المعللون أقوال الخليفة وأفعاله في مثل أبي ذر وابن مسعود ومالك الأشتر ، بأن مصلحة بقائهم في الأوساط الإسلامية مع الحرية في المقال لا تكافئ المفسدة المترتبة عليه من سقوط أبهة الخلافة.
    على أنه ما كان عند القوم إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهل يجرهم الحب المعمي والمصم إلى أن يقولوا بمثل ذلك في حق عظيم الدنيا والدين مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فهل كانت مفسدة هنا لك مترتبة على مقام الإمام في المدينة حتى يكون نفيه عنها أولى ؟ وهل هو إلا الصلاح كله ؟ وهل المصالح النوعية والفردية يستقى من غيره ؟ ولعمر الحق إن أبهة تسقط لمكان أمير المؤمنين عليه السلام وفضله ونزاهته وعلمه وإصلاحه لحرية بالسقوط ، وأيم الله لو وسع أولئك المدافعون عن تلكم العظائم لدنسوا ساحة قدس الإمام بالفرية الشائنة ، واتهموه بمثل ما اتهموا به غيره من صلحاء الأمة وأعلام الصحابة والخيرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ولكن ...
    ولو كان خليفة يعير لنصائح الإمام عليه السلام أذنا واعية لصانه عن المهالك ، ولم تزل الأبهة مصونة له ، والعز والنجاح ذخرا له ولأهل الاسلام ، وكان خيرا له من ركوبه النهابير التي جرعته الغصص وأودت به وجرت الويلات على الأمة حتى اليوم ، ولكنه ...
    لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا.

ـ 43 ـ
تسيير الخليفة صلحاء الكوفة إلى الشام
    روى البلاذري عن عباس بن هشام بن أبيه عن أبي مخنف في إسناده قال : لما
1 ـ راجع ما مر في الجزء الأول ص 334 ط 2.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب ـ الجزء التاسع ::: فهرس