الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: 46 ـ 60
(46)
اسباب ودوافع الخوف
    المقدمة :
    من النقاط المهمة للآباء والمربين ، معرفة اسباب الخوف للتمكن من اتخاذ مواقف صحيحة في الحالات الضرورية. وباستثناء المخاوف الفطرية فانه ليس ثمة خوف بدون سبب. وهناك اسباب مختلفة سنشير اليها ، ومالم يتم التعرف عليها لايمكن اصلاحها وعلاجها ، وهي كمايلي :
    1 ـ الاكتساب : ان معظم مخاوف الاشخاص ، وخاصة الاطفال ، ناتجة عن التعلم والاكتساب ، بمعنى ان الطفل تعلم من الأبوين والمربين وكذلك من اصدقائه والمحيطين به الخوف من اشياء واشخاص وزمن معين ، وكذلك من أوضاع خاصة. الطفل يتعلم الخوف عن طرق مختلفة منها المشاهدة مثل مشاهدة خوف الأب او الآم حين مواجهة بعض القضايا وبعض الحالات


(47)
كالرعد والبرق والعاصفة ، وهو يقلد ما يراه ويسمعه احياناً ، وهذا سبب لنمو ونشوء وظهور الخوف.
    احياناً يسمع ويشاهد الطفل شخصاً يقول انني اخاف من الشيء الفلاني ، فيتعلم ذلك ويعمل به ، ولهذا يمهد الأبوان المحافظان والخائفان للتعليم في هذا الصدد بشكل تلقائي ويربيان طفلاً شديد الخوف.
    2 ـ التجارب الخاصة : يحصل الخوف احياناً من تجارب سيئة مؤلمة مرت به ، فالطفل الذي يلعب مع قطة وتنهشه بمخالبها وتدمي وجهه ، من حقه ان يخاف منها. ويخاف الطفل من الطبيب أحياناً لأن الطبيب قد حقنه بأبرة ذات مرة وأوجعه.
    وتخيفه النافذة لأنها آلمته ذات يوم حين ضغطت يده. ويخاف من الظلام لأن شوكة وخزته ذات ليلة في غرفة مظلمة.
    وهكذا يسعى الطفل الى عدم الوقوع في حالة مشابهة ، خاصة الطفل في سن الرابعة فصاعداً ، حيث تمتاز قدرة التعميم بالقوة ، ويكون الجانب التخيلي لديه في كمال الذروة. فيحاول تعميم اللحظات المريرة في الحياة ويراها في دائرة اوسع. وتمهد هذه التجارب المؤلمة الطريق امام حالات مريرة وغير مطلوبة.
    3 ـ زوال العادة : يألف الطفل بسرعة اوضاعه وامكاناته ، ويصعب عليه ترك الامور المألوفة ، بل قد يؤدي ذلك الى اثارة مخاوفه. انكم تعرفون اطفالاً يتحوكون بحرية في البيت ، ولكنهم اذا دخلوا أجواء غريبة وغير مألوفة يلتجئون الى حضن الام ولايفارقونها يخاف الطفل اذا ابتعد عن امه ، اذا كان يعتمد عليها ، ويخاف من الوجوه الغريبة اذا اعتاد مشاهدة وجه أبيه وأخيه وأخته ، والطفل الذي يرتبط بمرضعة يستحوذ عليه الهلع لو فصل عنها.


(48)
    ان الاطفال يخافون من تغيير الأوضاع والبيئة ويزعجهم الابتعاد عن الظروف المألوفة الى درجة انهم يصابون بالأرق والهواجس اذا ناموا في غير بيوتهم ليلة واحدة.
    4 ـ التربية الخاطئة : وقد تنجم بعض المخاوف عن التربية الخاطئة التي يمارسها الأبوان والمربون مع الاطفال ، وبميسورنا ان نذكر في هذا الصدد بعض الحالات وهي :
    1 ـ الأمر والنهي المتكرر الذي يتعب الطفل ويزعجه ، كأن يقال له : انتبه ، لا تتكلم والخ.
    2 ـ اصدار الاوامر المتناقضة والاستجوابات المتكررة من قبل أشخاص مختلفين.
    3 ـ تطبيق التعليمات الانضباطية القاسية على الطفل بحيث تموت فيه روح الجرأة.
    4 ـ التحدث عن الجن والظواهر التي يجهلها الطفل.
    5 ـ التوبيخ والصفح الشديد حتى يرى نفسه وأمنه في خطر.
    6 ـ اذا كان الأبوان شديدي الخوف يؤدي ذلك الى التعليم السيء.
    7 ـ فضح الطفل في حضور الناس وخاصة اصدقائه.
    8 ـ كثرة النزاع بين الزوجين بحيث يخاف الطفل على أمنه.
    9 ـ ممارسة اعمال مثيرة للرعب امام الطفل كالعملية الجراحية أو قلع الاسنان.
    10 ـ الايحاءات المرعبة ، مثل ان يقال له سأحبسك في دهليز حتى يقتلك الجن اذا فعلت كذا.


(49)
    11 ـ طرد الطفل بالشكل الذي يشعر بالحرمان واليأس.
    12 ـ الانتقادات الحادة والبحث عن العيوب بالشكل الذي يشعر الطفل بضياع جرأته.
    13 ـ حرمان الطفل من الاشياء التي يحبها كثيرا كالطعام والحلويات و ... الخ.
    5 ـ المرض : وقد تكون المخاوف مرضية ؛ وللتخيل والأعصاب جذر فيها : فالخلل العصبي بأنواعه وعدم التوازن في البدن أو في الجهاز العصبي والالتزام بأوهامه وخيالاته يمكن ان تكون من عوامل الخوف. ويرى علماء النفس ان هناك مخاوف عصبية ناتجة عن الخيالات والتصورات كالخوف من الميت والمقبرة ، حيث يتصور ان الميت قد ينهض ويأخذ بردائه او يخرج من القبر ويمسك بردائه مع انه يعلم ان ذلك لايحصل.
    الخوف من الظلام يولد احياناً من تصورات عجيبة وغريبة ، هذه التصورات تتجه تارة نحو المستقبل وتحصل تصورات سيئة لدى الشخص كأن يتصور وقوع الحالة الفلانية له في السنوات القادمة وهي عدم النجاح في الامتحانات او الزواج. وهكذا يجسد في ذهنه حادثة ما ويتصورها أنها حقيقة.
    6 ـ الادراك والوعي : تنجم المخاوف في بعض الحالات من الادراك والوعي ، كالخوف من حيوان وحشي والخوف من شخص ثمل يحمل سكيناً بيده وهو عاجز عن المواجهة والمقابلة وعدم قدرته على انقاذ نفسه اذا هاجمه.
    ان العوامل المثيرة للرعب كثيرة في الطبيعة ، والخوف منها ضروري للمحافظة على وجوده. وينجم الخوف من الذنب عن الادراك والعقل لأنه يعلم ان هناك حساباً وكتاباً وان الله لايرضى له ارتكاب المحرمات ، والخوف من سقف على وشك السقوط ناتج عن الادراك وهو معقول وينبغي ان يكون ؛ لهذا مجد الاشخاص الاكثر ذكاء اكثر تحفظاً ولديهم خوف صحيح أكثر.


(50)
    7 ـ الجهل : وبالعكس يخاف بعض الاشخاص لأنهم لايعرفون ماهية ومقدار وكيفية القضية. فمثلاً يرى الطفل شخصاً غريباً ويظن انه يريد إلحاق الضرر به ، ويرى جهازاً ويخشى ان يقترب منه لئلا ينفجر في وجهه.
    ان الجهل والخوف يترافقان ويثيران في الطفل مشاعر الغربة والاضطراب والقلق ، ويقول أحد العلماء ان الجهل هو من حلفاء الخوف ، كما ان الامور غير المجربة هي من عوامل الخوف ، فالانسان لايقترب من الشيء الفلاني عندما لا يعلم كيف يجب استعماله مع الجهاز الفلاني. ويخاف من الشيء الذي يتحرك ولا يعلم لماذا يتحرك فيبعد نفسه عنه.
    8 ـ العامل النفسي : للمخاوف احياناً سبب نفسي كالخوف من الذنب والخوف من الانتقام والمحاسبة ، والخوف من عقوبة الأمر الفلاني والاحساس بوطأة الجريمة.
    وقد تكون الاضطرابات والانزعاجات النفسية والخلل النفسي والخشية من زوال فضائله وكذا من انواع الاحتقار والحرمان والشعور بعدم الاحترام له وبالحقارة والطرد من عوامل الخوف.
    وقد اعتقد بعض علماء النفس نتيجة للسذاجة انه يجب البحث عن السبب الاساسي للخوف في النظام النفسي للاشخاص ، كيف ظهر وكيف انتقل اليهم. ولايوجد مبرر لاغلب المخاوف النفسية وهي تعتبر نوعاً من التغطية لآلام لا يمكن تحملها ويسعى الاشخاص الى الهرب منها.
    ويمكن الاشارة الى انواع الخوف الناتجة عن التخيل والوهم والتي لها أساس طبي في كل الاحوال كأمثلة على المخاوف النفسية.


(51)
    9 ـ العامل العاطفي : وهناك دافع عاطفي وراء بعض المخاوف ، فالاطفال الاكثر حسداً يتصفون بشدة الخوف في كثير من الحالات ، والاشخاص الخجولون ينتابهم نوع من الخوف يتعلق بالمحافظة على الوجود وصيانة الاعتبار.
    أحياناً يخاف الطفل وهو في السنة الثالثة من عمره مع أنه ليس مريضا ؛ ولو تعمقنا جيداً لأدركنا ان الحسد ادى به الى هذه الحالة. وقد ينتاب الطفل الخوف اثر التهديدات كأن يقال له سأعطيك للقطة حتى تأكلك.
    وأحياناً ينتج الخوف من إظهار العلاقة الشديدة والدلال. فالاطفال المدعومون اكثر لعدم توفر فرصة المواجهة لهم مع البيئة ، فاعمالهم يقوم بها الآخرون بدلاً عنهم مما يمهد لحدوث انواع القلق لدى الطفل. وقد ذكر ان المخاوف العصبية لها سبب عاطفي.
    10 ـ عامل الشرطية : واخير تنجم المخاوف احياناً عن الشرطية ويعتقد المؤيدون لنظرية بافلوف.
    ان الخوف الذي ليس له صورة غريزية ، ينجم عن انعكاسات شرطية ثم على شكل تداعيات ، ويعتبرون الخوف من الرعد ناتجاً عن الخوف من صياح الأب وشتمه وقيامه بالهجوم والضرب. كما ان اخذ امه الى الغرفة اثناء الرعد والبرق يمهد لشرطية الطفل بهذا الامر وهو يمثل اساس خوفه.
    ويعتقد طبعاً بعض الاسباب الشرطية قد نسيت تدريجياً ولم يعد الطفل يعرفها اليوم الا ان ماهيتها وأثرها باقية حتى الآن حيث نمت واتسعت طوال فترة من الزمن.
    ان العائلة والمدرسة والتجربة واصدقاء الطفل والمحيطين به والمرض هي من عوامل خوفه والمربي بحاجة الى معرفة الاسباب من اجل المعالجة.


(52)
جذور الخوف بنظر علماء النفس
    فترة الطفولة :
    يتفق علماء النفس في ان منشأ الخوف هو ما انتاب الانسان من ألم وتجربة مرة في فترة الطفولة لازالت متأصلة وثابتة فيه. وهنا يمكن الاشارة الى ما ذكره ( فرويد ) حيث اعتبر ان الخوف المرضي ناتج عن تجارب مرة في فترة الطفولة.
    يقول ان الطفل يتأثر اذا عضه الحيوان في فترة الطفولة ويعمم ذلك الى غيره كالحصان ، ويخاوف من الذهاب في الشارع لئلا يواجه حصاناً في الطريق ويعضه.
    ويعتبر آخرون أن تهديدات الأبوين في فترة الطفولة وتجاربه في هذا الاطار هي من عوامل الخوف حتى بالنسبة للخوف المرضي كالوسواس. ويمكن الاشارة هنا الى الخوف من الجراثيم في السنين اللاحقة والخوف من الظلام.

    قيل ان الألم سبب للمخاوف الطفولية ، ومن الطبيعي ان يبكي الانسان وينزعج من الألم ، وهذا الانزعاج يثير الخوف لدينا وتصبح بعض المواقف متأثرة بالخوف.


(53)
    ان الخوف من الألم يتعقد في بعض الحالات بحيث لا يعود بامكان الأبوين ولا الطفل معرفة ذلك. وهو يخاف رغم انه يظهر نفسه قوياً وشجاعاً امام الألم. ويعتقد بعض علماء النفس ان هناك ارتباطاً واسعاً بين الخوف والألم وأن الخوف في الحقيقة هو احد المركبات الاساسية للألم وهو جرس لايقاظ الشخص من نوم الغفلة.

    ذكر بعض علماء النفس ان الولادات الصعبة تعتبر سبباً أساسياً للخوف وقالوا ان لحظة الخروج من الرحم هي لحظة الانسجام الصعب مع البيئة الخارجية ، وإن على الطفل ان يؤقلم نفسه مع حالة الضغط والألم والضوء والضجيج ونوع التغذية الجديد ، وهو أمر يثير قلقه الى حد التحير إلى حين.
    ويرى بعضهم ان مرحلة الولادة ، والألم الناجم عنها ، هي اساس الكابوس او الاحلام المرعبة ، ولايمكن للطفل ان يتحملها ، وتوجد في ضميره كمصدر للخوف ويقولون ان الجنون والخلل النفسي لدى الاشخاص يجب البحث عنها في هذا الاطار. ان الطفل الذي يدخل من عالم الرحم المحدود الى جو غير متناه ، لا يمكن ان تكون حالته عادية ويعيش حياة بدون خوف.

    يقول بعض علماء النفس ان الوحدة هي اساس الخوف في فترة الطفولة وأنها تمتد الى مرحلة الفتوة والشباب ، فالطفل يشعر بالوحدة في بعض ساعات النهار ويستغرق في نفسه وعالم خيالاته ، وتحصل لديه تصورات في الوحدة


(54)
فيتغلب عليه الوهم ويبدأ يخاف مما يفتعل ذهنه وخيالاته ؛ وهذا الأمر يترسخ فيه فيما بعد ويصير على هيئة خوف حقيقي.
    ويقول هؤلاء ان اغلب المخاوف هي وليدة تصوراتنا ، وتظهر أغلبها من الخيالات الباطلة ومن تخيل الجن والوحوش في أوقات الوحدة. وأن المخاوف هي وليدة التصورات حتى لدى الكبار أيضاً. فقد يظن شخص كبير انه اذا حصل هذا الأمر فسيحصل ذلك الوضع ، وسيكون الضرر الفلاني حتمياً اذا حصلت الحالة الفلانية ، وينمي هذه الجوانب في ذهنه ثم يظهرها على هيئة خوف مزمن.

    يعتقد بعض علماء النفس بوجود علاقة بين الخوف والاحتقار ويظنون ان الشعور بأنواع الحقارة الناجم عن فترة الطفولة والذي حدث لديهم بشكل مباشر وغير مباشر ، يمهد لكثير من المخاوف.
    فلو اخذنا بنظر الاعتبار طفلاً يسمع صياح أبويه دائماً بسبب انهم عصبيون أو لديهم حالة غضب ، ويعتاد شيئاً فشيئاً على هذا الوضع ، فإنه سيشعر بأن شخصيته محتقرة ، وهذا اساس لكثير من المشاكل والمخاوف في المراحل اللاحقة وحتى في سن الشيخوخة.

    ثمة آراء اخرى في موضوع الجذور الأولية للخوف لايمكن تقديمها كلها في هذا البحث المختصر ، بل سنطرح في ما يلي بعضها مع الاشارة الى انه حتى


(55)
في هذا البحث المختصر ، بل سنطرح في ما يلي بعضها مع الاشارة الى انه حتى المخاوف التي لا مبرر لها لا تخلو من سبب وان كان خفياً عن الانظار في الظاهر :
    1 ـ السبب الاساسي للخوف هو الشعور بالخطر عليه او على الآخرين. الشعور بالخطر على المال والمنال والنفس والاعتبار والبلد والكرامة والحرية والشهرة والاستقلال و ... الخ.
    2 ـ يرى البعض ان السبب الاساسي هو الشعور بالتهديد نتيجة اضطراب التوازن والذي يحصل إثر تغيير الوضع حيث ينزعج الطفل ويشعر بالتهديد.
    3 ـ التهديدات في فترة الطفولة هي سبب اساسي للخوف. يقوم الأب او الأم احياناً بتخويف الطفل من أحد الاشخاص فيما لو فعل فعلاً ما ، مما يسبب لدى الطفل خوفاً مستمراً.
    4 ـ تعتبر البيئة التي يعيش فيها الاطفال سبباً لكثير من الخلل وتمهد لكثير من ابتلاءاتهم. وبشكل عام ، هناك علاقة بين خوف الأبوين والأبناء ، وأغلبه يتأصل فيهم من هذه الناحية ، وقد تدخل جوانب أخرى في هذا الأمر ، كالشرطية.


(56)
العوامل التي تضاعف الخوف
    المقدمة :
    ثمة عوامل تؤثر في اشتداد الخوف وتحوله لدى الطفل الى كابوس في بعض الحالات ؛ وهي عوامل عديدة وكثيرة ، نشير في ما يلي إلى بعضها :
    1 ـ المشاهدات : يشتد خوف الطفل حينما يواجه مشهداً مفزعاً. فالطفل يخاف اذا كانت أمه مريضة وجاء الطبيب وزرقها أبرة ، وتشتد درجة الخوف لدى الطفل الذي يخاف من الموت والقبر عندما يشاهد دفن احد الاشخاص ، خاصة دفن شهيد ، أو يرى بدناً مجروحاً. وقد يتبدل هذا الخوف الى كابوس والى أحلام مفزعة.
    2 ـ السماع : من عوامل اشتداد الخوف لدى الطفل هو ذكر القصص المثيرة للخوف ، وكذلك طرح الوقائع التي تحدث عن التجارب اليومية. فقد تذكرون لعوائلكم او اصدقائكم واقعة مثيرة للخوف ، وتظهر مرارة الامر على وجوهكم اثناء التكلم عنها ، فيصير هذا الامر سبباً في اشتداد الخوف. ويشتد خوف الطفل أحياناً اذا سمع قصة في الاذاعة فيها مسألة يخاف منها الطفل.


(57)
    3 ـ التجارب المرة : قد يخاف الطفل من القطة ، الا أنكم افهمتموه بعدة ادلة ان القطة حيوان أليف رغم انها ضربته سابقاً بمخالبها وذاق ألم ذلك ، فتقنعوه ان تلك الحادثة وقعت لمرة واحدة وان القطة حيوان محبوب و ... الخ.
    في هذه الحالة يتقبل الطفل لمس القطة وألفتها ، لكنه اذا هاجمه هذا الحيوان مرة أخرى وضربه بمخالبه ، فمن الطبيعي ان يشتد خوفه وشعوره بالخطر.
    4 ـ انواع الاحتقار والسخرية : احياناً يسخر الآباء والامهات من الاطفال ويحتقرونهم بدلا من التعرف على سبب الخوف وإزالته من الاساس ، وهذا الامر لايصلح الاطفال بل يؤدي الى شعورهم بالحقارة والى اشتداد مخاوف اخرى لديهم.
    ان من الخطأ السخرية بالطفل من اجل تشجيعه ، او تحقيره بجمل غير مناسبة بسبب خوفه ؛ فالاحتقار والسخرية لاتزيل الخوف بل يتجذر اكثر ويتأصل في داخل الطفل.
    5 ـ السلوك الساذج : قد يخاف الطفل من شيء فيضعه الأب او الأم امام شيء مخيف فجأة من اجل ازالة خوفه.فمثلاً قد يخاف من البحر ومن موجه فيحضنه الأب ويتقدم به بحجة ما يتركه في وسط الماء من اجل ازالة خوفه.
    نعم ان هذه الطريقة قد تؤثر بصورة ايجابية في حالات نادرة الا انها قد تؤدي الى حصول سكتة قلبية نتيجة الخوف. ونحن نعرف حالات وضع فيها الاطفال ليلا في دهليز واغلق الباب عليهم كي يزيلوا عنهم حالة الخوف من الظلام وبعد ساعة دخلوا فوجدوهم موتى ، وهذا تحذير للوالدين والمربين.
    6 ـ القدوة السيئة : اذا كان الأب الام أسوة غير مناسبة في الخوف او الجرأة


(58)
فان الطفل سيتعلم ذلك ، ولا يستطيع الآباء والامهات شديدو الخوف الحيلولة دون خوف الطفل بل على العكس يضاعفون من خوفه.
    فالام التي تخاف من الصرصر ، والاب الذي يفر من الفأرة لايتمكنان ان يكون اسوة في الجرأة والشجاعة للابناء. فهذا الابن سيتخذ موقفاً أشد وينظر الى الخوف بتفكير اكثر اذا كان لديه خوف قليل بعد رؤيته لذلك الوضع ، سيظن ان من حقه ان يخاف لأن اباه وامه يخافان وهما في ذلك السن.
    7 ـ الضغوط والتهديدات : ان انواع التخويف وممارسة الضغوط على الطفل وتطبيق البرامج الانضباطية الصعبة على الاطفال تترك على كثير منهم آثاراً سلبية في مجال الخوف ؛ فالطفل شديد الخوف يشتد خوفه من تطبيق البرامج الانضباطية الصعبة ، ويترسخ شعوره بالصغر ويشتد خوفه على نفسه.
    ان الاطفال شديدي الخوف بحاجة الى الملاحظة اكثر من اي شخص آخر ، لا الى ممارسة الضغط والتهديدات ، ويجب ان ينتبه الآباء والامهات والمعلمون وخاصة معلمو الصفوف الاولى والثانية ، الى هذه الناحية اكثر ، ويسعوا خاصة في الاشهر الاولى من السنة الدراسية الى تلطيف اجواء الصف ليصبح مثل محيط العائلة.
    8 ـ الصداقات غير السليمة : انكم تعلمون ان المخاوف تسري ، وان الصداقات غير السليمة مهمة ومصيرية في هذا المجال ، فاذا كان ابناؤكم شديدي الخوف فيجب ان لا يصادقوا ولايرافقوا اشخاصاً شديدي الخوف.
    ان كثيراً من الاطفال ذوي الخوف الشديد يسعون الى اختيار اصدقاء من نوعهم ، فهم لايرغبون ان يصادقوا اشخاصاً لايخافون من اجل ان لا يسبب ذلك ألما جديدا لهم ، وفي النتيجة يشتد خوفهم في ظل الصداقات خاصة اثناء تبادل الكلام ، يجب ان لايشاهدوا المناظر التي تثير خوف بقية الاطفال ، فاذا


(59)
كان الطفل يخاف من زرق الأبرة فيجب ان لايكون حاضرا عندما يزرق الاطفال الآخرون الذين يصرخون من الابرة ، لأن العواطف تسري.
    9 ـ المراقبة الشديدة : المراقبات الشديدة تجذر الخوف. فهناك بعض الامهات يحاولن مرافقة اطفالهن خطوة خطوة لانهن ، يقلقن عليهم ويعلمن انهم شديدو الخوف.
    هذا النوع من المواقف يؤدي بالطفل ان يرى نفسه محقاً في الخوف ، وتكثر حساسيته بالنسبة الى موضوع الخوف ، ويتخيل ان مراقبة الام بهذا المقدار تعني بالتأكيد وجود مسألة ما ، فيتضاعف شعوره بالخطر ، ويشتد خوفه.
    10 ـ عوامل اخرى : توجد عوامل كثيرة يمكن الاشارة اليها في هذا الصدد ، منها اقتران واقعة مفزعة مع تفكير الطفل الهلع بالخوف ومشاهدة منظر قتل في التلفزيون ، ومشاهدة نموذج لتلك القضية في الشارع ، وخوف الطفل من القطة التي عضته ، واقتران ذلك مع الكلب الذي هجم عليه وعضه ايضا ، وخوفه من الماء ووقوعه في الحوض ، وتعرضه الى الاختناق ، وخوفه من الانسان الأعمى والاعرج ، وصفعه للطفل ، وعامل الشرطية وعامل التعميم و ... الخ والتي تثير كل منها مشكلة له بشكل ما و تعمل على مضاعفة خوفه.


(60)
الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: فهرس