الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: 61 ـ 75
(61)


(62)
    في هذا الباب لدينا بحث عن المخاوف التي انتابت عدداً اكثر من الاشخاص ، وخاصة هناك خوف خاص لدى الاطفال يسمى بالعصاب ، والعوامل المؤثرة في مقدار الخوف وشدته وضعفه.
    وفصل آخر تحت عنوان : من هم الاشخاص الذين لديهم خوف اشد والغرض هو معرفة اي الاشخاص ينتابهم خوف اشد في الظروف المتساوية ، وسنتحدث في هذا البحث عن 12 مجموعة كالاشخاص المرتبطين ، والمشاهدين لأزمة ، والذين ليس لديهم دين والمنحرفين و ... الخ.
    وثمة فصل آخر حول عصاب الاطفال ، حيث نبحث عن ماهية مرض العصاب وما هي صوره وخصائصه ، ونبحث علائم ذلك لدى الاطفال ، ونشرح خطره على هذه المجموعة ، وفي الختام نسعى الى التحدث عن سبب ذلك.
    يدور الفصل الاخير في هذا الباب حول العوامل المؤثرة في الخوف ، ويبدو كأن بعض بحوثه مذكورة في الفصل الاول من ذلك ولكنا اضطررنا الى تكرار قسم منه لأن هدفنا هو تقديم بحث كامل ، لكل موضوع على حده.
    ومن بين العوامل سنشير الى عامل السن ، الذكاء ، الجنس ، التجربة ، نوع التربية وشخصية الافراد.


(63)
من هم الاشخاص الاكثر خوفا
    المقدمة :
    الغرض من هذا البحث هو دراسة من هم الاشخاص الذين ينتابهم خوف اشد في ظروف متساوية من حيث السن والجنس.
    هذا الأمر بحاجة الى دارسة وتحقيق واسع وشامل ، وليس لدينا الآن مجال لطرح تلك الجوانب وما يمكن الاشارة اليه في هذا الصدد باختصار هو :
    1 ـ من حيث الجنس : تخاف البنات اكثر من البنين لأنهن اكثر عاطفية وهو امر ينطبق على جميع مراحل العمر وفي جميع السنين. وبشكل عام إن الرجال اقل خوفاً من النساء ، ولعل وضع عملهم ومهنهم يوجب هذا الوضع ، بمعنى انهم مضطرون ومجبرون على مواجهة بعض المشاهد حتى يسهل عليهم الحصول على المعاش وهو عامل للفرار من الخوف ، وطبقاً للتحقيقات التي اجراها ( فينكر ) اتضح ان الاناث اكثر خوفاً من الذكور في الحياة الجماعية.


(64)
    2 ـ من الناحية العاطفية : الاطفال الذين انتابهم خوف وفشل في الجانب العاطفي يخافون أشد من بقية الاطفال الذين نموا في ظروف عاطفية عادية. فالطفل الذي يشاهد قضية نزاع الأبوين فيتعرض للأذى إثر ذلك ثم يصل امرهما الى الطلاق ، يصاب باليأس والانحراف ؛ وهو امر يؤدي الى اشتداد خوفه من الامر الذي كان يخاف منه.
    3 ـ من حيث الارتباط والتعلق : ان الاطفال الذين لديهم ارتباط عاطفي اشد يخافون اشد من بقية الاطفال ، هناك أطفال اعتادوا على الدلال من كثرة ما رأوا من محبة ودلال واصبحوا كالغصن الطري ينكسر بسرعة على اثر كثرة الماء. هؤلاء ادى ارتباطهم الشديد الى فقدانهم القدرة على الحركة ولم يعد بامكانهم ان يقفوا على اقدامهم ، ومن الطبيعي في هذه الحالة ان لا يتمكنوا من الحركة ومواجهة الخطر او احراز اي شيء من التقدم.
    4 ـ من حيث السلامة والمرض : بعض الاطفال مرضى دائماً لاسباب وراثية اوحياتية ويقضون اغلب اوقاتهم في البيت وفي الفراش ولم تتوفر لهم اية تجربة لمواجهة البيئة.
    هؤلاء لديهم خوف اشد من بقية الاشخاص حيث أثر المرض والرقود في جرأتهم واصبح خوفهم اشد وقابليتهم على الاستجابة للخطر اكثر.
    5 ـ من حيث الحساسيات : الاطفال العاطفيين لديهم خوف اشد من بقية الاطفال. وقد تنتج هذه الحساسية بسبب جوانب مرضية في الشخص او نوع تربيته. وفي كل الاحوال يبدو وكأنهم ينتظرون حادثة وينهارون بأقل حادثة ويفقدون القدرة على المقابلة امام الخطر.
    6 ـ من حيث الوعي : أثبتت الدراسات ان الاشخاص الأعلم في مسألة


(65)
يخافون اقل من الذين يجهلون تلك المسألة. اما الخوف العقلائي لدى الأشخاص العالمين فهو اشد مما لدى الاشخاص الجاهلين ، لان الجاهل لا يستطيع معرفة نتيجة واقعة ما ويتقدم بالا خوف وبصورة طبيعية ، الا ان الجهل بشكل عام هو من عوامل الخوف. فعندما لانعرف أمراً نتحسس ونهرب منه.
    7 ـ من حيث الذكاء : أثبتت التجارب والبحوث ان الاطفال الاكثر ذكاء اشد خوفاً من الاطفال الأقل ذكاء فنحن نعرف اشخاصاً قليلي الذكاء ولديهم ضعف ذهني ويبدو وكأنهم لايخافون ابدا. وهذا الامر ناتج عن انهم لايعرفون نتيجة الامر فالاشخاص الاذكياء اشد خوفا لأنهم يدركون نتائج أمر ما وعاقبته اكثر من غيرهم. ان الاشخاص الاكثر ذكاء يفهمون اكثر ويصبحون محافظين اكثر.
    8 ـ من حيث السن : قد يخف او يشتد خوف الاطفال بما يناسب السن ، كما ان خوفهم يختلف أيضاً باختلاف السن فالاطفال في الرابعة والخامسة اشد خوفا من الاطفال الأصغر سنا. ولعل ذلك ناتج عن انهم اكثر بحثاً واقوى في امكانية التخيل. كما ان الخوف من الموت لدى الاطفال في سن الثامنة اشد مما لدى الاطفال في السنين الاخرى حتى ان سن الثامنة يسمى بسن الخوف من الموت. ان الاطفال يمكنهم نسيان الخوف بسرعة ، وعندما يلعبون مع الآخرين ينسون انفسهم ، وتزول مسألة الخوف لديهم ، في حين ان الاشخاص الاكبر سنا لديهم خوف ثابت لأنهم يعرفون الحقائق بشكل اكثر وافضل.
    9 ـ المتأثرون : يخاف الاشخاص المتأثرون بمشكلة والمشاهدون المصيبة اكثر من بقية الأشخاص. من الطبيعي ان خوف الاشخاص الذين يواجهون مصاعب وعناء في حياتهم اليومية بصورة دائمة ، والذين شاهدوا موت ابيهم ذات يوم أو موت امهم في يوم آخر ، والذين انفصلت عنهم عمتهم او خالتهم


(66)
بسبب الهجرة مثلاً بعد ان كانوا مسرورين بهن ، والذين كانت لديهم رغبة في الألفة مع زوج الام او زوجة الأب ولكن حصل العكس ، اشد من خوف بقية الاشخاص العاديين.
    10 ـ أصحاب الأزمات : من كانت حياتهم متأزمة دائماً ، يخافون اكثر من بقية الاشخاص فمن الطبيعي ان الاشخاص الذين عاشوا ظروف الحرب وكان الموت يهددهم في كل لحظة ، يخافون اكثر. وكذلك الشخص الذي يخشى الحركة والتمرد ، والشخص الذي يشهد قضية في كل يوم وينتظر حدثا في كل لحظة ؛ من الطبيعي ان يخاف اشد من بقية الاشخاص.
    ويقل الخوف من هذه المسائل كلما تقدم الشخص في السن وبدأ يألف القضايا والحوادث ( مثل الاطفال الفلسطينيين او الاطفال في المناطق الحربية في ايران ).
    11 ـ الملحدون الذين لادين لهم : أثبتت البحوث ان الملحدين الذين ليس لديهم اتصال بالقدرة الالهية اللامتناهية ويرون أنفسهم لوحدهم ، بلا ناصر ، أمام مشاكل الحياة ، هم اشد خوفا من سائر الاشخاص. ويقول ( جان بول سارتر ) الفيلسوف الفرنسي : ان الالحاد هو أحد اسباب الخوف.
    ولعل تبرير ذلك هو ان المتدينين يلجأون الى الله في حالات الضيق والضعف وفي ما يواجههم من مشاكل الحياة ، ويعلمون انه ارحم الراحمين ، ولديه قدرة لا نهائية ، ويعمل ما يشاء متى ما اراد.
    اما الشخص الذي لا دين له ، فليس لديه هذا الملاذ والامل.
    12 ـ المنحرفون : واخيرا هناك اشخاص مصابون بشكل من الانحرافات في الحياة ، سواء انحرافات ناتجة عن مرض نفسي او خلل عصبي وانزعاج


(67)
حياتي او انحرافات سلوكية. ان الشخص حاد المزاج والمصاب بالعصيان والطغيان واللجاجة ، يبدو من الناحية العلمية انه لا يخاف ومتهور ، الا انه اشد خوفاً من الشخص العادي. وتلك الحدة والعصيان هي نوع من السبق للتغلب على الخوف. ان هؤلاء يرون انفسهم اضعف وليس لديهم تحمل للفشل والحرمان وينتابهم شعور بالدمار اذا حصلت لهم مشكلة ، ولهذا يتصرفون بشكل غير مناسب للمحافظة على انفسهم.


(68)
مرض العصاب لدى الاطفال
    ما هو العصاب ؟
    الفوبي ( العصاب او الرهاب ) من ناحية اللغة يعني الفرار ؛ الخوف المفاجيء ، الخوف بدون سبب او الخوف الوهمي ؛ وهو اسم اله الخوف في الاساطير اليونانية. العصاب من الناحية العلمية هو نوع خاص من الخوف الشديد وعلى اثره يخاف الانسان بشدة من الاشياء ومن الظروف غير المناسبة ويهيج على اثره وقد يصاب بخطر.
    يتحول هذا الخوف الدائم والشديد احيانا الى مرض مزمن ، فيخاف الانسان من المكان المرتفع والاماكن المفتوحة والمغلقة والدم والألم ويصبح مريضاً وبلا جرأة. وقد اعتبر ذلك النوع من الاوهام مرتبطاً بالمراحل الاولية للحياة ، ولا يمكن ازالته عادة بالدليل والتوضيح وتصعب ـ نسبياً ـ السيطرة الارادية عليه.

    العصاب هو وهم بسيط أو معقد الا انه بلا مبرر وله علاقة بتجربة غير موفقة في السنوات الاولى من الحياة ، كما لو رأى الشخص فأرة ميتة وهو في سن الطفولة فيخاف منها ويبقى على هذا لخوف.


(69)
    خصائصه على ضوء تحقيقات ( ماركيز ) :
    1 ـ انه نوع خاص من الخوف.
    2 ـ لايمكن ازالته بالدليل والتوضيح.
    3 ـ انواع الالحاح تؤدي الى اقرار وضع مفزع.
    4 ـ معدلة اكثر من الحاجة والحد الطبيعي.
    5 ـ لاتؤثر فيه التحكمات الرسمية والاخلاقية.
    6 ـ قد يترك آثاراً سلبية في كثير من الحالات.
    هذا وقد اثبتت بحوث اخرى ان العصاب :
    غالباً ما يتعرض له الاطفال ، ويشتد في الليل خاصة ، ويمهد لأخطار كثيرة وقد تنتاب الطفل اوهام في اليقظة تارة ، وفي النوم تارة اخرى ، فيصرخ متألماً ، وقد يشعر الطفل بتعب غير اعتيادي بعد تغلب العصاب ورؤية الكوابيس المرعبة ، فيظهر عرق بارد على جبينه ويشعر بتعب عادي.

    ثمة اشكال مختلفة للعصاب هي :
    الخوف من الاماكن المرتفعة ، الخوف من الاماكن المفتوحة ، الخوف من الالم بلا مبرر ، الخوف من الاماكن المغلقة ، من الدم والجرح والجراحة ، من الماء ، من التلوث ، من الظلام ، من السم ، من الحيوانات ، من الاماكن الضيقة ، من المرض ، من الجراثيم ، من الاصابة بالسل ، من امراض مثل السفليس ، من الاماكن المزدحمة ، من الازدحام ، من السفر ، من الهجوم ، من مسخ الشخصية و ... الخ.
    يرى الاطفال المصابون بالعصاب الاماكن المظلمة وكأنها تعج بكائنات عجيبة وغريبة ، وذلك لان قوة تخيلهم قوية جدا. ونوع الاحلام التي يراها


(70)
الطفل تكون مرة على شكل كلب يلاحقه ، ومرة لص يحاول خنقه ، وتارة يرى نفسه وكأنه على وشك السقوط من مرتفع ، واخرى يرى انه يصطدم بسيارة أو دراجة نارية.
    للمخاوف صورة معقدة وهي ـ كما يعتقد علماء النفس ـ مركبة من الامور التي يراها الطفل اثناء النهار وتظهر في الاحلام ليلا ، وهذا النوع من الخوف يشاهد كثيراً لدى الاطفال من ذوي الاعمار التي تتراوح بين ( 4 ـ 6 ) سنوات حيث ان قدرة تخيلهم أقوى ، وهناك صورة اخرى لهذه المخاوف لدى الاشخاص الأكبر سنا ، أغلبها الخوف من التلوث والخوف من الاصابة بالامراض الخطيرة.

    ـ يمكن معرفته الكابوس لدى الاطفال والاشخاص عن طريق العلائم.
    ـ وثمة حاجة الى بحث أوسع لدراسة جوانبه وحالاته لدى الاشخاص ، وما يمكن الاشارة اليه في هذا البحث المختصر هو :
    ـ يرى الطفل حلما احيانا ويستيقظ من شدة الخوف ، ويتصور ان امامه عفريتاً يقترب منه ، او يرى في المنام تمساحاً ويتصوره في اليقظة أيضاً ، وهو امر ناتج عن قوة خيال الطفل طبعاً. وقد يقع بصره في تلك الحالة على نقطة ثابة ويرى بعض الاشباح.
    ـ بعض الاطفال يرى في المنام ان شخصاً خطيراً يصرخ بوجهه ، وبعد اليقظة يبقى صوت الصراخ في أذنه حتى دقائق.
    ـ يخشى احياناً من النوم ، خوفاً من ان يرى حلماً مزعجاً ، لهذا يتذرع بالحجج الواهية ليلصق بحضن الام ويكون الى جانبها.


(71)
    ـ مرة يخاف من اللص في ان يخطفه ، لهذا يفتش الغرفة قبل النوم ، يفتش زوايا الغرفة ، وتحت السرير خشية ان يكون هناك شخص مختف فيها.
    ـ يرى في النوم احياناً شيئاً مفزعاً ، فيستيقظ نتيجة الخوف وينام مرة ثانية ويرى ذلك الحلم المفزع ، ويتكرر هذا الامر حتى الصباح عدة مرات.
    ـ تكون المخاوف لديهم شديدة وعلى شكل كابوس.
    ـ يصل خوفهم في حالات كثيرة الى درجة انهم لايتجرؤون على ذكره باللسان.
    ـ مع علمهم ان عامل الخوف ليس له وجود في الخارج الا انهم لايستطيعون التغلب على الخوف.
    ـ لا يستطيع هؤلاء الاطفال ان يتذكروا في الظروف العادية ما رأوه في النوم.
    ـ يسيطر عليهم الخوف المقرون بالخجل ، وفي بعض الحالات يقرن هذا الامر بالاضطراب او الشعور بالذنب.
    ـ يزول اساس الخوف من خلال التذكير به او التحدث عنه.
    يبحث الاطفال عن ذريعة لاثبات صحة خوفهم ويحاولون اظهاره وكأنه حقيقة لاشك فيها.
    ـ يحاول المصاب بالعصاب تعميم خوفه ، فهو في البداية يخشى من القطة مثلا ، ولكنه يعممه الى اشياء اخرى في ما بعد.
    ـ يتخذ الخوف وسيلة في بعض الايحان لاستقطاب اهتمام الآخرين.
    ـ قد تمتد نوبة وجوده لدى الاطفال من عدة دقائق الى ساعة واحدة ، ثم يهدأ.
    ـ يظهر عادة بعد بداية النوم بثلاث ساعات ، ويحصل في ساعة محددة غالباً.
    ـ يصل الى حده الاقصى في سن 4 ـ 6 ويكون الاضطراب على أشده في هذا السن.
    ـ يصرح بخوفه قبل النوم أحيانا ويقول : اخاف من شخص مختف في الغرفة او من صرصر تحت السرير ، او يقول لاتطفئ المصباح و ... الخ.


(72)
    من الطبيعي ان تتجسد في العصاب الاعراض الموجود في بقية المخاوف ، وله نفس مخاطرها ولكن من اهم الاخطار التي يمكن ذكرها في هذا الاطار هو خطر الانصهار الداخلي وفقدان الجرأة والقدرة على العمل. ان مشاعر الضعف عند هؤلاء الاشخاص شديدة بشكل استثنائي ، إذ يجب ان يحملوا مشقة وعناء كثيراً.
    ويصاحب رد فعل العصاب وجود كثير من الامراض النفسية ، ولهذا يساعد فهم مبدأ ذلك كثيراً في معرفة وعلاج الكثير من الامراض. هذا الخوف يجب ان لايصبح مزمناً لان امكانية علاجه في تلك الحالة تتضاءل جداً وينغلق طريق النجاة بوجه الشخص الى حد كبير.
    يتحول الكابوس الى عامل لقبول الجوانب الانفعالية ويشتد ارتباطه بالام او بقية الاقرباء بحيث لايتحرك من مكانه ولايقدر على القيام بأي نشاط حتى في النهار.
    ويحول الخوف من النوم دون نومه واستقراره. وقد يتمخض عنه قلة النوم ، والنوم القلق يعد منشأ لكثير من الاضطرابات النفسية ، وقد يؤدي العصاب احياناً الى الاضطراب ، وهو خطر جديد آخر.

    طرحت آراء مختلفة حول ماهية جذور العصاب ، ويمكن ادراج بعضها في اطار ثلاثة عوامل مهمة هي :
    1 ـ الخوف الشديد والمفاجيء في وقت سابق لايتذكر الطفل شيئاً منه ، ويتمركز هذا الامر في ضمير اللاشعور لدى الطفل.


(73)
    2 ـ رد فعل شرطي سابق في وقت وظروف كانت مرعبة للطفل ، وقد زال الشرط وبقيت آثاره وجوانبه التعميمية.
    3 ـ الايحاء الخارجي او علامة خوف عامة او تعارض شديد ، وسببه مجهول عند الطفل أيضاً. ومن الممكن ان يكتبه بشكل من الاشكال.
    وثمة اسباب اخرى في هذا المجال ، اهمها : انواع التعلق المفرط ، الاتصال المفرط ، القلق العاطفي ، انعدام الاستقرار النفسي ، العجز عن الدفاع ، فقدان الحيوية في النشاط ، الضعف البدني و ... الخ ، والافضل ان نسمي هذه العوامل ، عوامل مساعدة ونعتبرها من المسائل التي تزيد ذلك.


(74)
العوامل المؤثرة في الخوف :
    تمهيد :
    هناك عوامل مؤثرة في خوف الطفل من حيث الشدة والضعف ، وكذلك النوع والكيفية ، يحتاج شرحها وبحثها من كل الجوانب الى تفصيل اكثر ، وسنتناول بعض الجوانب باختصار.
    في البداية لابد من الاشارة الى ان الناس يتباينون فيما بينهم من جهات مختلفة. ودائرة هذا التفاوت وتوعه وكيفيته وأساسه في موضوع علم النفس واسعة جداً وشاملة للنواحي الظاهرة والباطنية ، الفردية والجماعية وكافة أبعاد الانسان.ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يختلف الخوف لدى الاشخاص من النواحي المختلفة ، وهذه الاختلافات ترتبط بما يلي :
    1 ـ سن الاشخاص : لاشك انه كلما كان السن أقل كان الخوف اشد. ومسألة الخوف لدى الاطفال في سن ( 3 ـ 5 ) هي اكثر من سائر سني عمر الطفل ، وذلك لأن قوة التخيل شديدة ، باستثناء حالات خاصة.
    ويتفاوت نوع الخوف باختلاف السنين. فالاطفال الصغار يخافون من مجموعة اشياء وظواهر الاكبر وصولاً الى البالغين يخافون من اشياء وظواهر اخرى. وبعض المخاوف التي تحصل في مرحلة الطفولة تزول في سنين الفتوة وتظهر بدلاً عنها مخاوف جديدة.
    2 ـ الذكاء : أثبتت البحوث العلمية ان هناك ارتباطاً بين المخاوف وذكاء


(75)
الاشخاص ، فالاشخاص الاذكياء يخافون عادة اكثر من الاشخاص قليلي الذكاء. ويرى العلماء ان النضج العقلي يجب ان يرفع الخوف ، ولكن الحقيقة هي انهم يحاولون مواجهة المسائل بتحفظ اكثر ، وهذا التحفظ يصبح في النهاية سبباً في خوفهم أكثر فأكثر ، هؤلاء أشد خوفاً لأنهم يدركون بشكل اسرع وافضل احتمال وقوع الخطر ويدركون عواقبه بصورة أفضل وأكثر ، اوانهم ينسجون خيالات الخوف في الذهن بشكل اكثر ، وبعد ان يكبر الاشخاص قليلو الذكاء يصبحون طبيعين ويسخرون من مخاوفهم السابقة في الماضي.
    3 ـ الجنس : ثمة ارتباط بين المخاوف والجنس. وقد ثبت من خلال التحقيقات والاختبارات ان الخوف لدى الفتيات أشد مما لدى الفتيان. وهذا الامر ينطبق على النساء أيضاً ، أي ان النساء يخفن اكثر من الرجال ، ولعل هذا يرتبط بجانبهن العاطفي ورقتهن.
    كما ان الخوف يختلف من حيث النوع لدى البنين والبنات ، فالبنات مثلاً يخفن اشد من الاولاد من الحضور في التجمعات ومن الذهاب الى المدرسة ، ولعل ذلك ناتج من شدة استياء البنت من الانفصال عن الام ، وكذلك ارتباطها غير العادي بالعائلة.
    ويجب عدم نسيان عامل التقليد في هذا المجال. كما ان الخوف يستمر لدى البنات اكثر مما لدى البنين.
    4 ـ التجربة : أثبتت البحوث ان الخوف لدى الاشخاص ذوي التجربة الاقل في الحياة هو أشد مما لدى غيرهم. من الطبيعي ان الاطفال من اهل الصحراء والتجول والطبيعة والجبال او الذين تستوجب حياتهم العادية ان يسيروا في الظلام ، اكثر جرأة وشهامة من الذين لايعيشون هذه الظروف.
    والاطفال القرويون يلاحقون الكلاب والثعالب وحتى الذئاب ؛ وهم بالطبع اشجع من اطفال المدينة الذين يرتجفون عند رؤية صرصر أو فأرة ، ويفرون اذا رأوا ثعلباً.
الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: فهرس