الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: 106 ـ 120
(106)
    على هذا الاساس يجب افهام الطفل ان شخصاً لم يدخل الى الغرفة لكي يكون هناك داع للخوف منه حتى وان كانت الغرفة مظلمة ـ فكيف دخلت القطة او اللص او العفريت الى هذه الغرفة ؟ ولماذا تأتي الى هنا ولاتذهب الى بيت آخر والخ.
    الغرض ان ادراك هذه المسائل يساهم في رفع الخوف او تقليله على الاقل.
    3 ـ الايحاء : ادفعوا الطفل لأن يلقن نفسه بنفسه. يتكلم مع نفسه ويأتي بدليل لها ويقنعها بالاستدلال. يستطيع الطفل ان يقنع نفسه ان المسألة الفلانية غير ممكنة وان اللص او الحيوان لايتمكن ان يدخل غرفته ، واذا امكن ذلك فهو يستطيع ان يدافع عن نفسه ويواجه ذلك.
    يجب ان يلقن نفسه انه شجاع و لا يخاف من شيء ، ويفكر ويتعقل ، ويبعد عنه ما ليس له اساس ، ويفكر بالحل ، ويقول ماذا يجب ان يعمل في هذا الطريق وكيف يجب اتخاذ الموقف.
    كذلك ادفعوه لكي يتحدث مع نفسه ويسألها عن اسباب الخوف وتقوى ارادة الاشخاص عن طريق التلقينات والايحاء.
    4 ـ استصغار المسألة : من الفنون المهمة في علاج او تخفيف الخوف هو كسر هيبة الظاهرة التي يخشاها ، ومحاولة اقناع الخائف ان لا يعتبر موضوع الخوف مهماً في ذهنه. ان ابنكم يخاف من زرق الأبرة وقلع السن بسيط جداً لا يستحق التأوه ، وان الصرصر غير مؤذي بل يمكن القضاء عليها بسهولة و .. الخ ، فيتجرأ الطفل في المحافظة على نفسه ولايتأوه ولا يبكي.
    يمكنكم احياناً ان تصفوا موضوع الخوف بالسخرية ، وتقولوا له تارة انه تخيل الشيء الفلاني مفزعاً. وتستطيعون ان تفهموه في بعض الحالات انه يتمكن من التغلب على الخوف.


(107)
    5 ـ تمجيد الشجعان : اذكروا للاطفال قصصاً عن الاشخاص الشجعان بدون ان تتطرقوا الى خوفه. وتستطيعون احياناً ان تبحثوا عن اشخاص في العائلة كانوا شجعاناً جداً وذهبوا لقتل أسد أو حوت. أو التحدث اليه بمضامين بعض الاساطير.
    يجب تقوية الارضية المعاكسة لدى الطفل الذي لا يملك ذلك القدر من التجربة ويتحدث عن خوفه ، يجب ان يتحدث عن الشجاعة وعدم الخوف ، يجب التكلم عن الشجاعة أمامه وتقبيح الخوف. او يجب ان نكون اسوة في الشجاعة مع عدم الافراط في ذلك فيصبح خطيراً.
    وفي ما يتعلق بالخوف من الطبيب يجب ـ اولاً ـ إثبات ان الطبيب ينقذ الانسان ، ونذكر له الاشخاص الذين ذهبوا الى الطبيب وعولجوا. وهذا يدفعه نحو التوازن عن هذا الطريق ، او نضعه في جمع من الاطفال الشجعان ليلعب معهم.
    6 ـ انواع التقوية : أثبتت البحوث العلمية ان المخاوف تنتج احياناً عن ضعف وعجز الاشخاص سواء العجز البدني او العجز الروحي ، وهذا ما يدلل على امكانية العلاج او تقليل شدته على اقل تقدير.
    اما في مجال التقوية ، فيجب تقوية بدنه وروحه وتوطيد ثقته بنفسه.
    ومن الضروري ايضاً زرع التفاؤل لدى الطفل تجاه الحياة وتطوير مهاراته حتى يثق بنفسه ويتغلب على الخوف ، فنقوي مثلا قدرته الدراسية حتى لا يخشى الامتحان وننمي ارادته حتى يحكم السيطرة على نفسه ، ونحاول تقوية اعصابه بحيث لا ترتفع نبضات القلب حين الخوف ويزول ارتعاش اليد والقدم.


(108)
    7 ـ الوعد بالحماية : يخاف الاطفال احياناً من انعدام المعين ومن الضروري في هذه الحالة ان نعطيه وعدا بحمايته. ويمكن توعية الاطفال الكبار بوجود العون الالهي. واذا استطعنا ان نربي الطفل على الايمان فسنرى انه سيتقدم اعتماداً على ذلك ؛ والاسلام يوصي بتقوية علاقة الاشخاص بالله « الا بذكر الله تطمئن القلوب ».
    8 ـ التعليم الضروري : من طرق علاج ومكافحة الخوف تعليم الطفل اسلوب المواجهة والدفاع ، وكيفية الحفاظ على هدوئه ، وان يتعرف على سبب الخوف ويعرف كيف يجب ان يواجه الاب والمعلم الغاضب حتى لا يتعرض للأذى.
    من الضروري ان يعلم ، حتى يكون لديه ادراك وفهم صحيح للاوضاع المفزعة ، او تعليمه ان الصرصر والفأرة والقطة والظلام هي اشياء غير خطيرة وتعليمه كيف يجب ان يتحمل الألم وكيف يجب ان يتخذ موقفاً ازاء المسائل والقضايا المثيرة للخوف ، وكيف يجب الاستعداد للدفاع.
    9 ـ الاستعانة بالدين : تعرضنا قبل قليل الى دور الايمان والدين. وهذه حقيقة يقرها حتى غير المتدينين ويعترف بها علماء النفس أيضاً.
    يقول الدكتور بيل ان للدين دوراً مهماً في إزالة الخوف ، وان بالامكان معالجة الخوف عن هذا الطريق. وقد اوصى الدكتور بيل بالذهاب الى المسجد والكنيسة من اجل ازالة الخوف. فالايمان بالله يؤدي الى خلق الثقة بالنفس.
    الشخص المتدين ليس وحيداً ، ولا يعتبر نفسه بلا ملاذ وهو مطمئن ان الله لا يتركه لوحده في الملمات ، بل العون منه مأمول في اوقات الضيق. ويزيل ذكر الله خوف الموت عن الانسان لانه يدرك انه سينال لقاء الله ويصبح بين يدي رحمته.


(109)
    10 ـ العوامل الممهدة : نسعى في بعض الحالات ومن اجل ان يتغلب الطفل على الخوف ، الى ان تكون لدينا عوامل ممهدة لجرأة الطفل. مثلاً نضع الى جانب سريره او اسفل وسادته مصباحاً يدوياً ليضيئه كلما خاف أو أحس شيئاً في الظلام لكي يعرف انه لا يواجه خطراً.
    يخاف حتى يعرف وضعه ومحيطه. وأحياناً نذهب معه الى ساحة البيت ونطلب منه ان يشعل المصباح حتى يرى الاشياء بعينه. كما يمكنه ان ينام الى جانبكم او في الغرفة المجاورة حتى اذا استيقظ مع بروز اول آثار للخوف ، وجدكم الى جانبه ، وهذا الامر اكثر ضرورة للاطفال بين ( 3 ـ 5 ) سنوات.
    11 ـ المحفزات : ان التحفيز هو نوع من التشجيع للقيام بعمل يتجنبه الطفل. مثلاً ؛ يريد ان يذهب الى ساحة البيت او الى المغسلة ولكنه يخاف ، ويريد النزول في البحيرة او المسبح لكنه يخاف ؛ يريد الدفاع عن نفسه فيصاب بالاضطراب والخوف .. في هذه الحالات ، من الضروري منحه الجرأة ، بعدم مرافقة الام له مثلاً بل تقف فوق المدرج وتشجعه على الذهاب الى ساحة البيت منفردا وهي تحادثه من بعيد .. او يدخل الاب البحيرة او المسبح ، ويفتح ذراعيه وهذا يعطيه جرأة الدفاع عن نفسه أن والده سيحميه.
    ويستطيع الوالدان والمربون ( في هذا الصدد ) تطوير الطفل عن طريق الايحاء ، كأن يدفعوه بهدوء حتى يدخل الماء .. او يشجعوه على ان يتبع الصرصر ويقوم بملاحقة القطة والكلب ويهجم و ... في تلك الحالة سنرى ان خوفه سيزول تدريجياً.
    12 ـ الدافع الى التجربة : يمكن في بعض الحالات دفع الطفل الى التجربة واللمس لعلاج الخوف او السيطرة عليه. يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان ؛ اذا اراد الشخص الخائف ان يبعد عن نفسه هذه الصفة القبيحة فلا بد ان


(110)
يدخل بشكل متكرر في القضايا والاعمال المرعبة التي تهز القلب ، فتترسخ لديه ملكة الشجاعة نتيجة التكرار والتراكم (1).
    في بعض الحالات نجد له صديقاً من الاطفال الذين لايخافون ليلعب معه ، ويلعبان معاً مع قطة ، ويمشيان معاً في الظلام. واحياناً ضعوا ادوات لعب جيدة في غرفة شبه مظلمة واطلبوا منه ان يجدها فيزول خوفه بالتدريج.
    13 ـ توفير مستلزمات الالفة : خذوا طفلاً يخاف من الكلب او القطة واعطوه قطعة خبز ليلقيها للقطة او الكلب. في تلك الحالة تسير تلك الحيوانات وراءه ، وهذا يمهد بالتدريج الى ان يألف الطفل الحيوان ويزول خوفه منه.
    كذلك تستطيعون ان تمسكوا الحيوان باليد وتفهمون الطفل بالتلقين ان هذا الحيوان ليس خطيراً ؛ وكما انه الآن الى جانبكم فانه يمكن ان يكون الى جانبه. ومع هذا الكلام قربوا الحيوان منه بهدوء. عندما ترون انه يتعرض الى خوف شديد ، أوقفوا البرنامج في ذلك اليوم. وفي اليوم التالي ابدأوا ذلك البرنامج من جديد. في تلك الحالة سترون ان الخوف يزول تدريجياً ويصبح الطفل عادياً.
    14 ـ المرافقة والحضور : لازالة الخوف لدى الطفل يمكنكم احياناً اتباع الاساليب التالية معه :
    ـ ان تجلسوا الى جانبه بعض الدقائق حين النوم وتقصوا عليه قصصاً جيدة.
    ـ ان تداعبوه حين النوم احياناً وتجعلوه ينام على صوت الترنيمات الحنونة.
    ـ او تأخذوا احياناً بيده الى غرفة مظلمة وتطلبون منه ان يلمس جدار وأرضية الغرفة.
1 ـ ( ج2 ص 202 ). الغرض ، هو انه يجب في بعض الحالات دفع الطفل الى ان يجرب بنفسه مسألة ما كالاقتراب من حيوان. من الافضل ان يقوم الطفل بهذا العمل في لحظات السرور. وحتى التلقينات للطفل في ان القطة لاتعض ، ينبغي ان تكون في تلك اللحظات ، فتدفعه مثلاً لأن يرى قطة ، يلمسها ، يداعب ذنبها. يلعب معها.

(111)
    ـ وأحياناً ، يقرن شيء مخيف مع شيء يحبه الطفل حتى يزول خوفه تدريجيا.
    ـ في بعض الحالات هيئوا له مستلزمات إلفته مع الطبيب او الاشخاص الذين يخاف منهم ، كأن يعطيه الطبيب قطعة حلوى ، مثلاً.
    ـ واخيراً ، اذا حضر معكم في مشهد مخيف وشهد الوقائع ثقة منه بوجودكم واعتماداً عليكم ، فان مثل هذا الموقف يعد دافعاً لازالة الخوف ؛ فعندما تذهبون الى الطبيب اطلبوا منه ان يرافقكم ، وأن يفحصكم الطبيب أمامه ليدرك ان العلاقة بينكم وبين الطبيب علاقة ودية.
    15 ـ تنمية العلاقات : اثبتت البحوث العلمية ان تنمية العلاقات هي من العوامل التي ترفع الخوف. اعملوا على ان يصادق الطفل اشخاصاً اكثر. خذوه معكم الى دعوات الضيافة والتجمعات ، حيث ان رؤية الاشخاص وملاحظة وضعهم الهاديء والمريح هي من العوامل المهدئة.
    ان الجرأة والشجاعة تحصل اساسا في الحياة الجماعية وتصادفه احيانا مواقف يخجل منها وخاصة اذا لاحظ ان الآخرين يطلقون عليه صفة الخواف.
    في ظل تنمية العلاقات لابد من الذهاب وسط الجماعة واللعب معهم ، لانهم يعملون في مجال خاص.
    نسعى في تنمية العلاقات الى العمل على ان يألف الطفل اشخاصاً جدد ونأخذه الى اماكن جديدة ونهيء له مستلزمات الانسجام في تلك الظروف ، وندفعه ـ عن طريق الافلام ـ الى ان يرى المسائل ويتعرف على الاسرار حتى تنكسر هيبة بعض الظواهر المخيفة في قلبه.
    16 ـ احلال البديل : يمكن احياناً رفع الخوف عن طريق احلال البديل.
    فاذا كان الطفل مثلاً يخاف من الكلب ، وفي هذه الحالة نصنع من عدة قطع قماش لعبة على شكل كلب حتى يلعب الطفل بها ويألفها تدريجياً.


(112)
    في هذا المثال استفدنا من محفزات جديدة خالية من الخطر لغرض وضع بدائل للمثيرات المخيفة ، ودفعناه الى ترك الخوف على اساس قاعدة التسكين التدريجي ، ويمكن القول اننا نمنحه الجرأة بالاستفادة من تشابه شيء آخر كي يتقدم.
    17 ـ الشرطية : اذا قبلنا ان كثيراً من انواع الخوف تحصل عن طريق التلازم الشرطي فهذا الفرض صحيح أيضاً ، وهو امكانية ازالة جذر الخوف لدى الطفل عن طريق التزام شرطي جديد ، ولهذا كنا نصر في بحث الاسباب على وجوب معرفة اسباب الخوف.
    وهناك نظريات متنوعة للشرطية ؛ منها ان نقرن رؤية شيء مرعب مع لذة اكل الطعام ، ويجب رفع الخوف من القطة عن طريق لعب الطفل مع القطة. ان الشرطية ممكنة للاطفال في السنين الاولى ولكن هنا الامر صعب بالنسبة للكبار. ويمكن بحث المعالجات على اساس نظرية ( اسكيز ) وبصورة اصلاح السلوك او السلوك العلاجي ( وقد تجنبنا بحثها هنا بسبب تعقد مفاهيمها وصعوبة ادراكها من قبل الطبقة العامة ).
    18 ـ الاستسلام للقدر : ويمكن الاستفادة احياناً من طريقة الاستسلام للقدر لازالة الخوف ؛ فقد طرح هذا الامر في القرآن بصفته عاملاً آخر لارتياح القلب ومانعاً للخوف. ينبغي طمأنة النفس بأن الاقدار والاضرار لاتحصل الا بمشيئة الله. بل ان مايشأه الله لنا هو الخير ، وانه لن يصيبنا الا ما أراد لنا « قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون » (1).
    كذلك ينبغي افهام الطفل ان الخوف لايغير من الواقع شيئاً. بل لابد من بذل الجهد والكفاح الى الحد الممكن وحيث لاينفع الكفاح لابد من التسليم للمصير.
1 ـ التوبة : 51.

(113)
    وطبعاً لايمكن افهام الاطفال بهذه المسألة ، ولكن يمكن القيام بأعمال في هذا الجانب من شأنها ان تدخل في حدود ادراك وفهم الطفل.
    19 ـ الاستفادة من التنويم المغناطيسي : تشير بعض البحوث الى امكانية معالجة الشخص المصاب بالخوف عن طريق التنويم المغناطيسي حيث يلقن الطفل في النوم بعبارات : لاتخف ، اطمئن انه لايواجهك خطر ، انت منتصر ، يمكنك ان تتقدم ، انا متيقن ان النجاح حليفك واعلم انه لن يصيبك ضرر ، وانني على ثقة من قدرتك على ...
    يقع المريض عادة تحت سيطرة وتأثير المنوم بالكامل ، وكل جملة يقولها تنفذ اليه ويكون لها اثر في العلاج. فيقول له مثلاً : انك تتمتع بقوة كبيرة ، وانت قادر على القيام بكثير من الاعمال ، وانك لاتقل عن الاخرين لكي تخاف و ... ، وهذا الكلام يؤثر فيه.
    العلاج الطبي : يصبح من الضروري في بعض الحالات ان نرجع المريض الى الطبيب ، مثلاً :
    ـ في حالة المخاوف غير العادية.
    ـ في انواع التأثر غير العادي.
    ـ في المخاوف التي يتبعها تقلص عضلات الوجه.
    ـ بالنسبة لانواع الخوف الشديدة والمستمرة.
    ـ في حالات الخوف المسمى بالعصاب.
    ـ في الانزعاج وعدم الاستقرار الناجم من الخوف.
    ـ في انواع الخوف المصحوبة بانفعال شديد ، خاصة في سن ( 4 ـ 5 سنوات ) ؛ واخيراً في الحالات التي تفشل في معالجته.
    وفي بعض الحالات يستخدم الاطباء طريقة التخدير في العلاج وهذا عمل خاص بالاطباء.


(114)
طرق اخرى :
    يجب في هذا المجال البحث عن طرق اخرى لرفع الخوف ، منها :
    ـ الدفع الى ذكر الخوف مما يصبح عاملاً لتخفيفه.
    ـ مشاغلة الطفل بعمل ما ، غير التفكير.
    ـ توسيع النظرة الكونية لدى الطفل ، لكي يرى العالم بمنظار اوسع قليلاً.
    ـ التخدير وازالة الألم أثناء المعالجات الطبية.
    ـ اعطاء ادوية حلوة المذاق بدل الادوية المرة ، عندما يخاف الطفل من مرارة الدواء.
    ـ استعمال القرص بدلاً عن الابرة عندما يخاف الطفل من الابرة.
    ـ تنبيه الطفل بانه خاف كثيرا ، ولم نكن نتوقع منه ذلك.
    ـ الايحاء الى الطفل عن طريق الاشخاص الذين يحبهم في انهم يعتبرونه شجاعا ، ويمكن ان يكون اكثر جرأة.
    ـ استخدام الملاطفة وانواع المزاح التي تعطي الجرأة ( وتجنب اسلوب الاستهزاء ).
    ـ اعطاء الطفل فرصة ومجالا كي يبحث هو المسألة التي يرتئيها.
    ـ كون الوالدين والمربين اسوة في المجالات المثيرة للخوف.
    ـ حثه على مكافحة الخوف عن طريق الخيال ، والطلب منه ان يضع نفسه في عالم الخيال ويواجه ذلك الشيء في ذلك العالم.
    ـ السيطرة على العوامل المثيرة للخوف ووضع الطفل في ظروف عادية.


(115)
    اذا كان مرض العصاب بسيطاً وغير مؤثر وعلى نطاق الخوف من المدرسة فهو لا يشكل ظاهرة خطيرة ؛ لكن هنالك اطفال يصابون بألم في القلب في بعض الايام خاصة الايام الاولى من الاسبوع وايام الامتحان بسبب الضجر من المدرسة.
    وفي هذا الصدد يمكن ازالة الخوف عن طريق التشجيع واعلان الحماية وتوفير الفرص للدرس والامتحان واقامة علاقة ألفة بين المعلم والتلميذ و ... الخ.
    اذا اصبح مرض العصاب بصورة كابوس متكرر فلابد من مراجعة طبيب نفساني او مستوصف للصحة النفسية.
    وهنا نسترعي انتباه افراد العائلة الى عدم القلق من مشاهدة طفلهم يستيقظ من النوم مرعوباً ، بل عليهم التصرف بهدوء وإضاءة المصباح وتفهيمه انه رأى مناماً وهو امر طبيعي وليس هنالك مايوجب الخوف ، بل كان مجرد خيال ....


(116)
قواعد في العلاج
    المقدمة :
    ان المخاوف ـ حتى تلك التي ليس لها اساس منطقي ـ لا يمكن رفعها او استئصالها بسهولة. ان بعض الاشخاص يعانون من خوفهم ويريدون ـ بكل جهودهم ـ الابتعاد وتجنب ذلك ، ولكن يبدو وكأن هواجسهم تدفعهم الى ان يخافوا وينزعجوا من خوفهم ؛ فليست لديهم القدرة الكافية للتغلب والسيطرة على انفسهم.
    وهذا ليس سهلاً على الوالدين والمربين ـ فاذا ارادوا ان يزيلوا الخوف من الطفل فلا بد ان يستخدموا اسلوبا وطريقة ما ، والاساليب ليست كلها من نمط واحد ومناسب لجميع الاطفال.
    مع ذلك لابد أن يراعي الوالدان والمربون بعض القواعد والضوابط لكي ينجحوا في عملهم وجهودهم ، او للتقليل من خوف الطفل على الاقل ، وفي ما يلي بعضها :


(117)
    1 ـ قاعدة الملاطفة : يجب مراعاة هذه القاعدة في جميع مراحل حياة الطفل ، خاصة في المراحل الاولى من عمره. فالطفل بحاجة ـ في لحظة الخوف ، وحتى بعدها ـ الى الرأفة والملاطفة ، ونحن نرى مظاهر ذلك على الاطفال حيث انهم حينما يخافون من شيء يلوذون بحضن الام. وحتى الاطفال الرضع يحاولون ادخال رؤوسهم في صدور امهاتهم والالتصاق بهن.
    تعتبر الرأفة من مستلزمات القضاء على الخوف ، ولاتثمر كل انواع الغضب واهمال الطفل ، على امل زوال خوفه. فبالملاطفة وحدها يستطيع الانسان ان يقول كلامه المناسب ويهدي من روع الطفل.
    2 ـ قاعدة هدوء المربي : اذا كان الغرض هو ان يتغلب الطفل على الخوف ويسيطر على نفسه فذلك يستلزم ان يكون المربي هادئاً في ما يتعلق بموضوع الخوف وينظر اليه بعدم اهتمام. ان هدوء المربي يؤدي الى التقليل من خوف الطفل ، وفي بعض الحالات يزيل هيبته في نفس الطفل ، أيضاً.
    قد تخافون من موضوع ما ، ولكن من الضروري ان لا تظهره للطفل قولوا له بهدوء هل خفت من هذا ؟ انه ليس مما يوجب الخوف.
    كذلك من الضروري ان تعلموا الآخرين هذا الهدوء ، وافهموا المحيطين بالطفل ان يراعوا هذا الموضوع أيضاً.
    3 ـ قاعدة الحماية : طمئنوا الطفل انكم ستحمونه وستساعدونه اذا واجه أية صعوبة في الحياة. وعلى هذا الاساس ستزيلون حساسيته وقلقه.
    ولاثبات هذه الحماية حاولوا في حالات مختلفة ان تبينوا ذلك للطفل عملياً مثلاً اذا ضربته قطة بمخالبها فخذوا مكنسة ولاحقوا بها القطة. واذا هاجمه الكلب فبينوا له انكم ستضربونه ، وفي هذه الحالات حاولوا طبعاً ان تحضنوا الطفل وتداعبوه.


(118)
    4 ـ قاعدة الاطمئنان : يجب طمأنة الطفل اذا كان يخاف بشدة وغير مرتاح. طمأنته الى انه لا يواجه خطراً ، والى انكم تحبونه ولاتسمحون ابداً ان يتعرض الى ضرر.
    كذلك من اللازم ان ينام بإطمئنان ، وافهموه انكم على مقربة منه وستجيبونه اذا ناداكم. هذا الاطمئنان اكثر ضرورة للفتيان والبالغين وهذه الارضية يمكن ايجادها من خلال تعزيز الايمان بالله لديهم.
    5 ـ قاعدة الامن : اجعلوا محيط الطفل آمنا ، بحيث يشعر ان بامكانه مواصلة حياته الطبيعية بحرية. ومن الضروري في هذا الصدد ان تقللوا النزاعات والاختلافات العائلية الى الحد الادنى ، لان وجود القلق يؤدي الى ازدياد الخوف لدى الطفل.
    كما أن من الضروري إضاءة المصابيح في اماكن مختلفة ، في ساحة البيت ، في الممر ، في التواليت ، لكي يذهب الطفل الى الساحة وهو يشعر بالأمن. تكلموا معه اثناء الذهاب الى ساحة البيت ، اعطوه جرأة وطمئنوه الى عدم وجود أي خطر بانتظاره.
    6 ـ قاعدة ملء وقت الفراغ : ان التذكير والموعظة والنصيحة لوحدها لاتنقذ طفلكم من الخوف ، بل من الضروري ان تشغلوه بامور في حالات كثيرة لكي لا تبقى لديه فرصة للخوف اسعوا في هذا الصدد الى ان تضعوا تحت تصرفه الاشياء التي يحبها. قللوا من انشغاله بالاعمال الفكرية وحل الالغاز ، لان ذلك قد يؤدي الى مضاعفة الخوف وغلبة الهواجس وتحولها الى اوهام. من الافضل ان تكون اغلب اعماله يدوية مثل القطع والتمزيق ولصق قطع متنوعة معا و ... الخ.


(119)
    7 ـ قاعدة الحماية الجماعية : من الافضل ان يعيش الطفل الخائف ، بين الآخرين ولاتدعوه يذهب الى الغرفة لوحده ، لان الوحدة عامل للتفكير والوقوع في الاوهام والخيالات. حاولوا ان تاخذوه معكم لشراء شيء ما وكونوا الى جانبه في تصرفاته وعند الشراء.
    من اللازم ان تعملوا على جعل المحيط الجماعي مثيراً للبهجة ، وخاصة الجمع العائلي. وهيئوا مستلزمات انشغاله ومشاركته في الجماعة. خذوه الى اللعب ، ادفعوه الى الكلام ، اطلبوا منه رأياً ، و ...
    8 ـ قاعدة التدريج : نوصي الوالدين والمربين بهذه الوصية المهمة وهي اننا لانريد ان يزيلوا خوف الطفل في ليلة واحدة ، لان هذا العمل لايمكن ولايؤثر.
    فالخوف يحصل عادة بصورة تدريجية إلا ان يكون هناك خلل او مرض يؤدي الى ظهوره بصورة مفاجئة ؛ ويجب على هذا الاساس ان يرفع تدريجياً. كأن يعطى الطفل فرصة حتى يسيطر على نفسه تدريجياً ويزيل مخاوفه بهدوء. وفي هذا التدريج يمكن الاستفادة من الموعظة والسؤال وانواع التمهيد والايحاء والتلقين. كما يجب ان نشير الى ان الازالة التدريجية للخوف تعد اسلوباً مؤثراً واكثر ثباتاً.
    9 ـ قاعدة الاسراع في العلاج : لاتدعوا اي خطر يستحوذ على ذهن الطفل لكي لا يخلق في نفسه أية مخاوف. واذا ماحصل للطفل هذا الخطر ـ احياناً ـ فيجب استئصاله بسرعة من ذهنه ونفسه إذ ان هنالك علاقة بين الفترة التي يعيش فيها الانسان في حالة الخوف وبين مدة علاج تلك الحالة واصلاحها.
    لاتدعوا الطفل الذي يخاف من حيوان كالقطة او الصرصر او الفأرة ان تبقى وتأصل هذه الحالة في نفسه ابداً. على امل انه سيكبر في مابعد وينجح في امتلاك زمام نفسه واصلاحها ، فقد يتأصل الخوف اكثر في تلك الحالة وتزول امكانية العلاج.


(120)
    10 ـ قاعدة الاستمرار : قد تنجحون في علاج ابنكم وتعملون على ازالة خوفه من أمر ما ، ولكن لا تنسوا انه من غير الواضح انكم حصلتم على امكانية استئصال خوفه بشكل دائم ؛ لان المخاوف تعود في حالات كثيرة. ومن هنا يلزم عدم اغفال الاستمرار في اصلاح الابن والسيطرة عليه. لاتنسوا التخطيط لانواع المراقبة اللاحقة وسنتحدث عن هذه البحوث في فصل آخر.
    11 ـ قاعدة الصبر والتحمل : ان امر التربية واصلاح الخوف ليس بالامر الهين مع هذه الصورة التي عرضناها.
    ويحتاج الوالدان والمربون الى الصبر والتحمل الكافي. نريد ان نقول ـ باختصار ـ انه لابد من الالتفات الى نقطتين :
    الاولى : ان الخوف لدى الطفل له حقيقة وهو يتصوره امراً حقيقياً.
    الثانية : ازالة الخوف بحاجة الى الصبر والتحمل الكافي.
    وعلى هذا الاساس فان سوء السلوك والضجر وعدم الصبر واظهار الجزع لاتحل المشكلة ، وقد تضاعف الخطر في بعض الحالات.
    12 ـ استغلال الفرص : قد تحصل فرص وامكانات في بعض الحالات يستفيد منها الانسان لصالح سعادته وسعادة الآخرين. ومع ان اضاعة الفرص والفشل والحيرة تعتبر نقاطاً سلبية في الحياة ، الا انها من الممكن ان تكون محطات لتوثب الاشخاص.
    في بعض الحالات قد يحضر ابنكم بين جماعة من الناس ، ويطرح موضوع الخوف جانباً ويتعامل معه طفل آخر بثقة وارتياح ، وهذه الحادثة يمكن ان تكون درساً لابنكم بشرط ان تتمكنوا من استثمار ذلك الدرس.
الاطفال ومشاعر الخوف والقلق ::: فهرس