الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: 196 ـ 210
(196)
لمحمد بن الحسن الصفّار : عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن العلاء (1) بن يحيى المكفوف ، عن محمّد بن أبي زياد (2) ، عن عطية الأبزاري أنّه قال : طاف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالكعبة فإذا آدم بحذاء الركن اليماني فسلّم عليه ، ثمّ انتهى إلى الحجر فإذا نوح ـ وهو رجل طويل ـ فسلّم عليه (3).
    السادس والثلاثون : ما رواه الراوندي أيضاً نقلاً عن الصفّار ، عن الحسن بن علي بن عبدالله ، عن علي بن حسّان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ علياً ( عليه السلام ) لمّا عبر الفرات يريد صفّين (4) انفلق الجبل عن هامة بيضاء وهو يوشع بن نون » (5).
    السابع والثلاثون : ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة بين المعجزات » ـ الذي ألحقه وأضافه إلى كتاب « الخرائج والجرائح » ـ قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : « إنّ الله ردّ على أيّوب أهله وولده الذين هلكوا ـ إلى أن قال ـ : وكذلك عزير لمّا أماته الله مائة عام وكان معه اللبن لم يتغيّر وكان معه حماره لم يتغيّر ، وكذلك لمّا
1 ـ في المطبوع و « ح ، ش ، ط ، ك » : علي ، وهو تصحيف ، الصحيح ما أثبتناه من المصدر وهو الموافق للكتب الرجالية. اُنظر رجال النجاشي : 299/813 ، معجم رجال الحديث 12 : 195/7798.
2 ـ في الخرائج والبصائر : عمر بن أبي زياد. وفي « ط » : محمّد بن زياد.
3 ـ الخرائج والجرائح 2 : 819 / 31 ، بصائر الدرجات : 298 / 13.
4 ـ صفّين : هو موضع بقرب الرقّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقّة وبالس ، وبه سمّيت وقعة صفّين التي وقعت سنة 37 للهجرة بين جيش الإمام علي بن أبي طالب « أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وجيش معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة والتي راح ضحيّتها الآلاف ومن ضمنهم خمسة وعشرون صحابياً بدرياً وعلى رأسهم الصحابي الجليل الذي أخبره رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بشهادته ألا وهو عمّار بن ياسر رضوان الله عليه. اُنظر معجم البلدان 3 : 471.
5 ـ الخرائج والجرائح 2 : 820 / 33 ، بصائر الدرجات : 300 / صدر حديث 16.


(197)
مرّ عزير على قرية خاوية على عروشها ـ إلى أن قال ـ : فأحياهم الله وهم اُلوف وبعثه إليهم رسولاً وعاش سنين » (1) الحديث.
    الثامن والثلاثون : ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة » أيضاً مرسلاً قال : « إنّ عيسى كان له معجزات كثيرة لم تكن اليهود ينظرون فيها فيؤمنوا بها ، فسألوه أن يُحيي لهم سام بن نوح فأتى قبره وقال : قم يا سام بإذن الله فانشقّ القبر ، فأعاد الكلام فتحرّك ، وأعاد الكلام فخرج ، فقال له المسيح : أيّما أحبّ إليك تبقى أو تعود ؟ فقال : يا روح الله بل أعود ، [ إنّي ] (2) لأجد لذعة الموت في جوفي إلى هذا اليوم » (3).
    التاسع والثلاثون : ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل كتاب « الغيبة » مرسلاً قال : « وقد كان (4) من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصّته القرآن ، وأهل الكتاب يرون (5) أنّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه » (6).
    الأربعون : ما رواه الشيخ أيضاً في أواخر كتاب « الغيبة » معلّقاً : عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن علي بن الحكم ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار ، أماته الله مائة عام ثمّ بعثه » (7).
1 ـ الخرائج والجرائح 2 : 933 ـ 934.
2 ـ أثبتناه من المصدر.
3 ـ الخرائج والجرائح 2 : 949.
4 ـ في « ط » : وكان بدل من : وقد كان.
5 ـ في المطبوع و « ح ، ط ، ك » : يروون ، وفي المصدر : يزعمون.
6 ـ الغيبة للطوسي : 111.
7 ـ الغيبة للطوسي : 422 / 404.


(198)
    الحادي والأربعون : ما رواه الشيخ أيضاً في آخر كتاب « الغيبة » معلّقاً (1) : عن محمّد بن عبدالله الحميري ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن إسحاق بن محمّد ، عن القاسم بن ربيع ، عن علي بن الخطّاب ، عن مؤذِّن مسجد الأحمر ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) هل في كتاب الله مثل القائم ؟ قال : « نعم ، آية صاحب الحمار ، أماته الله مائة عام ثمّ بعثه » (2).
    أقول : المراد بالقائم هنا معناه اللغوي يعني من قام بالأمر ويكون مخصوصاً بمن عدا المهدي ( عليه السلام ) ، ويحتمل الحمل على المشابهة من بعض الوجوه ، فإنّ كلاًّ منهما غاب مدّة ثمّ ظهر وإن كان أحدهما مات والآخر لم يمت ، أو المراد بالموت أعمّ من المجازي والحقيقي ، فإنّ أحدهما مات ، والآخر مات ذكره لطول غيبته.
    الثاني والأربعون : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي نقلاً من كتاب « مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله : عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسين بن علوان ، عن محمّد بن داود العبدي ، عن الأصبغ بن نباتة : أنّ ابن الكوّا قام إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : إنّ أبا المعمّر يزعم أنّك حدّثته أنّك سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنّاً من أبيه ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إنّ عزيراً خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة ، وأماته الله مائة عام ثمّ بعثه ، ورجع إلى أهله واستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة ، وردّ الله عزيراً إلى (3) الذي كان به » (4) الحديث.
    الثالث والأربعون : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب
1 ـ ( معلّقاً ) لم يرد في « ك ».
2 ـ الغيبة للطوسي : 423 / 405.
3 ـ في المصدر والبحار 14 : 374/17 : في السن. بدل من : إلى.
4 ـ مختصر البصائر : 102/74 ، وفيه : أبو المعتمر. بدل : أبو المعمّر.


(199)
« التوحيد » ـ في باب الردّ على الثنوية والزنادقة ـ قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطان ، عن أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن أحمد بن يعقوب بن مطر ، عن محمّد بن الحسن بن عبدالعزيز الأحدب (1) ، عن أبيه ، عن طلحة بن زيد ، عن عبدالله بن عبيد ، عن أبي معمّر السعداني ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حديث طويل : « إنّ الله قال لموسى : إن أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني ، فأبدا الله سبحانه بعض آياته للجبل وتجلّى ربّنا للجبل ، فتقطّع الجبل فصار رميماً وخرّ موسى صعقاً ، ثمّ أحياه الله وبعثه ، فقال : ( سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ) (2) » (3) الحديث.
    الرابع والأربعون : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « الأمالي » ـ في المجلس التاسع والستّين ـ : عن الحسين بن محمّد بن سعيد الهاشمي ، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، عن محمّد بن أحمد بن علي الهمداني (4) ، عن الحسين (5) بن علي الشامي ، عن أبيه ، عن أبي جرير (6) ، عن عطاء الخراساني ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن محمّد بن علي الباقر ( عليه السلام ) قال : « أتى جبرئيل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بدابّة ـ فوق الحمار ودون البغل ـ فركب ثمّ مضى حتّى انتهى إلى بيت المقدس ، فدخله ثمّ أمَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيت المقدس سبعين نبيّاً.
1 ـ في « ح » : الأجدب. وفي « ط » : الأجذب.
2 ـ سورة الأعراف 7 : 143.
3 ـ التوحيد : 262 ـ 263.
4 ـ في « ط » : محمد بن علي بن أحمد بن علي الهمداني.
5 ـ في المصدر : الحسن. وقد أورد النمازي الحسن وقال : لم يذكروه. مستدركات النمازي 2 : 455/3768.
6 ـ في « ح » : عن أبي حريز.


(200)
    ثمّ صعد إلى السماء فمرّ على شيخ (1) فقال : من هذا يا جبرئيل ؟ قال : أبوك إبراهيم ، ثمّ مضى فمرّ على شيخ (2) فقال : من هذا يا جبرئيل (3) ؟ قال : أبوك آدم ، ثمّ مضى فمرّ بموسى بن عمران ـ ثمّ ذكر ما جرى بينهما من الكلام في فرض الصلاة وغيره ـ ثمّ مضى فمرّ على إبراهيم. وذكر ما جرى بينهما من الكلام » (4) الحديث.
    الخامس والأربعون : ما رواه الشيخ الجليل علي بن محمّد الخزّاز القمّي في كتاب « الكفاية » ـ في باب ما جاء عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ـ قال : حدّثنا الحسين بن علي أبو عبدالله ، قال : حدّثنا هارون بن موسى ، عن محمّد بن الحسن ، عن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل ـ قال : « ألم تسمعوا إلى قوله تعالى ( لاَتُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ ) (5) وقوله تعالى ( لَنْ تَرَانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ـ أي ميّتاً ـ فَلَمّا أَفَاقَ ـ وردّ الله عليه روحه ـ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ) (6) » (7) الحديث.
    السادس والأربعون : ما رواه الحافظ البرسي في آخر « كتابه » : أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال للحسن والحسين ( عليهما السلام ) : « إذا وضعتماني في لحدي فصلّيا
1 ـ في « ك » : فمرّ بشيخ.
2 ـ في « ح ، ط » : فمرّ بشيخ.
3 ـ من قوله : ( قال : أبوك ابراهيم ) إلى هنا لم يرد في « ك ».
4 ـ أمالي الصدوق : 534 / 720.
5 ـ سورة الأنعام 6 : 103.
6 ـ سورة الأعراف 7 : 143.
7 ـ كفاية الأثر : 261 ـ 262.


(201)
ركعتين ثمّ انظرا ما يكون » فلمّا وضعاه فعلا ما أمرهما ، ونظرا فإذا آدم ونوح ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتحدّثون مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ووجد (1) الزهراء وحوّاء ومريم وآسية ينحن على أمير المؤمنين ويندبنه (2).
    أقول : والأحاديث أيضاً (3) في هذا المعنى كثيرة ، وفي هذا القدر بل في بعضه كفاية إن شاء الله تعالى ، وقد عرفت أنّ أحاديث هذا الباب والذي قبله دالّة على مضمون واحد ، وذكرت السبب الباعث على قسمتها إلى بابين ، فإذا ضممت هذه الأحاديث بعضها إلى بعض مع أحاديث الباب الرابع ، حصل اليقين عندك وعند كلّ منصف بصحّة الرجعة فكيف إذا انضمّ إلى ذلك ما يأتي إن شاء الله تعالى.
    وليت شعري أيّ عاقل يشكّ في تواتر هذه الأحاديث ، ويجوّز الكذب على جميع رواتها ، وأيّ مطلب من مطالب الاُصول والفروع يوجد فيه أكثر من هذه النصوص الكثيرة الصريحة المتعاضدة المتظافرة ، وقد ظهر من هذه الأحاديث أنّ الرجعة قد وقعت في الاُمم السالفة في أوقات كثيرة جدّاً ، وفي الأنبياء والأوصياء والملوك السابقين ، بل يظهر منها أنّ جميع الأنبياء السابقين قد رجعوا إلى الدنيا بعد موتهم ، وجميع بني إسرائيل أيضاً رجعوا بعد قتل بخت نصّر إيّاهم.
    وإنّ كثيراً من الأنبياء رجعوا إلى الدنيا وبقوا مدّة طويلة ، يدعون الناس إلى دين الله ، كعزير وارميا وموسى وغيرهم ، وأنّ ذا القرنين رجع إلى الدنيا مرّتين ، وملك مشارق الأرض ومغاربها ، وبقي مدّة طويلة وسنين كثيرة يدعو الناس إلى
1 ـ في « ح ، ك » : ووجدا ، وفي « ش » : ووجدوا ، وفي البحار : وكشف الحسين ممّا يلي رجليه فوجد ....
2 ـ نقله المجلسي عن مشارق الأنوار في بحار الأنوار 42 : 301 ، قال : وروي عن الحسن ابن علي ( عليه السلام ). ولم أعثر عليه في مشارق أنوار اليقين والظاهر أنه كتاب الألفين في أسرار أمير المؤمنين ( عليه السلام ).
3 ـ ( أيضاً ) لم ترد في « ط ».


(202)
الله سبحانه.
    وأنّه قد رجع مرّة واحدة سبعون ألف رجل بعد موتهم وعاشوا مدّة طويلة ، ورجع مرّة اُخرى خمسة وثلاثون ألفاً بعد موتهم ، ورجع مرّة اُخرى سبعون ألف بيت ، ويحتمل أن يكونوا سبعمائة ألف إنسان أو أكثر ، فأحياهم الله بعد موتهم وعاشوا مدّة طويلة ، وكلّ ذلك ثابت بروايات العامّة والخاصّة موافق للقرآن في آيات كثيرة جدّاً كما عرفت ، فلابدّ من وجود مثل ذلك في هذه الاُمّة بمقتضى الأحاديث السالفة (1) وغيرها والله الموفّق.
1 ـ في « ح ، ش ، ك » : السابقة.

(203)
    ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها في آخر الزمان
    ويدلّ على ذلك أحاديث :
    الأوّل : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « عيون الأخبار » ـ في باب ذكر مجلس الرضا ( عليه السلام ) مع أهل الأديان ـ بالسند السابق ، في الحديث الثاني من الباب الخامس : عن الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال : « لقد اجتمعت قريش إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسألوه أن يُحيي لهم موتاهم ، فوجّه معهم علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال له : يا علي ، إذهب إلى الجبّانة فناد هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان يقول لكم محمّد : قوموا بإذن الله. فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، فأقبلت قريش تسألهم عن اُمورهم » (1) الحديث.
    ورواه الطبرسي مرسلاً في « الاحتجاج » (2).
    الثاني : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « عيون الأخبار » ـ في باب استسقاء المأمون بالرضا ( عليه السلام ) ـ : عن محمّد بن القاسم المفسّر ، عن يوسف بن محمّد بن زياد
1 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 160.
2 ـ الاحتجاج 2 : 408 ـ 409.


(204)
وعلي بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي العسكري ، عن آبائه ، عن الرضا ( عليهم السلام ) أنّه استسقى للناس وظهر للناس من إعجازه وإجابة دعائه وإخباره بما يكون وغير ذلك ممّا حمل بعض أعدائه على أن أخذ رخصته من المأمون لمجادلته ، فكلّمه كلاماً طويلاً في مجلس عام من جملته أن قال : يابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله مطراً قدّره لوقته كأنّك قد جئت بمثل آية الخليل لمّا أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال فأتينه سعياً ، وتركّبن على الرؤوس ، وخفقن وطرن بإذن الله ، فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحيي هذين وسلّطهما عليّ ـ وأشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون ـ.
    فغضب علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) وقال : « دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً ، فوثبت الصورتان وصارتا أسدين فتناولا الرجل ورضّضاه وهشّماه وأكلاه ولحسا دمه ، والقوم ينظرون إليه متحيِّرين ، فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا ( عليه السلام ) وقالا : يا وليّ الله في أرضه فما تأمرنا أن نفعل (1) بهذا ، أنفعل به ما فعلنا بهذا ؟ ـ يشيران إلى المأمون ـ فغشي على المأمون ممّا سمع منهما ـ إلى أن قال ـ : فقال : عودا إلى مقرّكما ، فعادا إلى المسند ، وصارتا صورتين كما كانتا » (2) الحديث.
    الثالث : ما رواه الكليني ـ في باب المسألة في القبر ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن علي بن أبي
1 ـ في « ح ، ش ، ك » : نفعل.
2 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 171 / ضمن حديث 1.


(205)
حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : « إنّ الميّت إذا خرج من بيته شيّعته الملائكة إلى القبر ، ويدخل عليه في قبره منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه (1) فيقعدانه فيسألانه » (2) ثمّ ذكر المسألة والسؤال والجواب. وذكر في الكافر نحو ذلك.
    أقول : وفي معناه أحاديث كثيرة وهذه رجعة في الجملة وحياة بعد الموت قبل القيامة أو نظير للرجعة ، يزول بها الاستبعاد ، وفي باب أنّ الميّت يزور أهله ، أحاديث قريبة من هذا المعنى.
    الرابع : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب مولد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبدالله بن محمّد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عيسى شلقان ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان له خؤولة (3) في بني مخزوم وأنّ شابّاً منهم أتاه ، فقال : يا خالي إنّ أخي مات وقد حزنت عليه حزناً شديداً ، قال : فقال له : تشتهي أن تراه ؟ قال : بلى ، قال : فأرني قبره ، قال : فخرج ومعه بردة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) متّزراً بها ، فلمّا انتهى إلى القبر تلملمت شفتاه ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس » (4) الحديث.
    الخامس : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب مولد أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن
1 ـ الحَقْوُ : الخصر ومشدّ الإزار. الصحاح 6 : 2317 ـ حقا.
2 ـ الكافي 3 : 239 / 12.
3 ـ الخؤولة : مفردها خال ، وهو الخال النسبي. القاموس المحيط 3 : 509.
4 ـ الكافي 1 : 456 / 7.


(206)
المغيرة ، قال : مرّ العبد الصالح ( عليه السلام ) بامرأة بمنى ـ وهي تبكي ـ وحولها صبيان لها يبكون ، وقد ماتت لها بقرة فدنا منها وقال : « ما يبكيك يا أمَة الله ؟ » قالت : إنّ لنا صبياناً يتامى ، وقد كانت لنا بقرة ، معيشتي ومعيشة صبياني كانت منها وقد ماتت ، قال : « أتحبّين أن اُحييها لك ؟ » فاُلهمت أن قالت : نعم ، فتنحّى وصلّى ركعتين ، ثمّ رفع (1) يده هنيئة وحرّك شفتيه ، ثمّ قام فصوّت (2) بالبقرة فنخسها نخسة وضربها برجله ، فاستوت على الأرض ، فلمّا نظرت المرأة إلى البقرة صاحت وقالت : عيسى بن مريم وربّ الكعبة ، فخالط الناس وصار بينهم ومضى ( عليه السلام ) (3).
    ورواه الصفّار في « بصائر الدرجات » ـ في باب أنّ الأئمّة ( عليهم السلام ) أحيوا الموتى ـ : عن أحمد بن محمّد مثله (4).
    ورواه الراوندي في « الخرائج والجرائح » (5).
    ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً عن الراوندي نحوه (6).
    السادس : ما رواه الكليني في « أوائل الروضة » : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب ، عن علي بن الحسين ( عليه السلام )
1 ـ في « ط » : ورفع. بدل من : ثمّ رفع.
2 ـ في « ك » : فضرب.
3 ـ الكافي 1 : 484 / 6.
4 ـ بصائر الدرجات : 292 / 2.
5 ـ الخرائج والجرائح 1 : 314 / 7.
6 ـ كشف الغمّة 2 : 247. وفيه : قال علي بن أبي حمزة : أخذ بيدي موسى بن جعفر ( عليه السلام ) يوماً فخرجنا من المدينة إلى الصحراء ، فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميّت .... وهكذا في الخرائج.


(207)
في حديث طويل قال : « يابن آدم إنّ أجلك أسرع شيء إليك ، وكان قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيداً ، فردّ إليك فيه روحك واقتحم عليك ملكان » (1) ثمّ ذكر ما يقع بينه وبينهما من السؤال والجواب.
    ورواه ابن بابويه في « الأمالي » ـ في المجلس السادس والسبعين ـ : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن غالب الأسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيّب ، عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) (2) مثله (3).
    السابع : ما رواه أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي في « الأمالي » : بإسناده (4) عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) قال : « مرّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالمقابر فسلّم عليهم ثمّ قال : السلام عليكم يا أهل التربة ، إنّ المنازل قد سكنت ، وإنّ الأموال قد قسّمت ـ إلى أن قال ـ : فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه : عليك السلام يا أمير المؤمنين » (5) وذكر الكلام الذي جرى بينهما وأنّ جميع الحاضرين سمعوه.
    الثامن : ما رواه الشيخ أيضاً في « الأمالي » : بإسناده قال : كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) وكان يبغضه ، فلم يلبث أن مرض ـ إلى أن قال ـ : فجاء وليّه (6) إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال : إنّ فلاناً الشامي قد هلك وهو يسألك أن
1 ـ الكافي 8 : 72 / 29.
2 ـ من قوله : عن عبد الله بن غالب. إلى هنا لم يرد في « ح ، ش ، ط ، ك ».
3 ـ أمالي الصدوق : 593 / 822.
4 ـ في حاشية « ط ، ك » : الإسناد ساقط من النسخة المنقول منها. « منه رحمه الله ».
5 ـ أمالي الطوسي : 55 / 76.
6 ـ في « ط » : فجاءوا به.


(208)
تصلّي عليه ، فقال : « كلاّ لا تعجلنّ على صاحبكم حتّى آتيكم » ثمّ قام من مجلسه فصلّى ركعتين ثمّ مدّ يده ما شاء الله ، ثمّ سجد حتّى طلعت الشمس ، ثمّ نهض وأتى منزل الشامي ودعاه (1) فأجابه ، ثمّ أجلسه فسنّده (2) ، ثمّ ما انصرف حتّى قوي الشامي فأتى أبا جعفر ( عليه السلام ) فقال : أشهد أنّك حجّة الله على خلقه ، قال : « وما بدا لك ؟ » قال : أشهد أنـّي عمدت بروحي ، وعاينت بعيني فلم يفاجئني (3) إلا ومناد أسمعه وما أنا بالنائم : ردّوا عليه روحه ، فقد سألنا ذلك محمّد بن علي. وصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر ( عليه السلام ) (4).
    التاسع : ما رواه الراوندي في كتاب « الخرائج والجرائح » وعلي بن عيسى في كتاب « كشف الغمّة » نقلاً عنه ـ في معجزات موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ـ : عن أبي حمزة قال : أخذ بيدي موسى بن جعفر يوماً فخرجنا من المدينة إلى الصحراء ، فإذا نحن برجل يبكي على الطريق وبين يديه حمار ميّت ورحله مطروح ، فقال له موسى ( عليه السلام ) : « ما شأنك ؟ » فقال : كنت مع رفقائي نريد الحجّ فمات حماري هاهنا ومضى أصحابي ، وقد بقيت متحيِّراً ، فقال : « لعلّه لم يمت » فقال : أما ترحمني حتّى تلهو بي ؟ قال : « إنّ عندي رقية جيّدة » فقال الرجل : ما يكفيني ما أنا فيه حتّى تستهزئ بي ؟ فدنا موسى ( عليه السلام ) من الحمار ودعا بشيء لم أسمعه ، وأخذ قضيباً كان مطروحاً فنخسه به وصاح عليه فوثب قائماً صحيحاً سالماً ، فقال : « يا مغربي ترى هاهنا شيئاً من الإستهزاء ، إلحق بأصحابك » ومضينا وتركناه (5).
1 ـ في المطبوع : ودعا ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ك » والمصدر ، وفي « ط » : ودعا به.
2 ـ في « ط » : فشدّه.
3 ـ في « ح » : يناجيني.
4 ـ أمالي الطوسي : 410 / 923.
5 ـ الخرائج والجرائح 1 : 314 / 7 ، كشف الغمّة 2 : 247.


(209)
    العاشر : ما رواه الراوندي وعلي بن عيسى أيضاً ـ في معجزات عليّ الهادي ( عليه السلام ) ـ عن زرافة حاجب (1) المتوكّل قال : وقع مشعبذ هندي يلعب بالحقّة ، وكان المتوكّل لعّاباً فأراد أن يخجل علياً ( عليه السلام ) ، فقال للمشعبذ : إن أخجلته فلك ألف دينار ، قال : فأمر أن يخبز رقاق خفاف تجعل على المائدة وأنا إلى جنبه ففعل ، وحضر عليّ ( عليه السلام ) الطعام ، وجعل مسورة عليها صورة أسد وجلس اللاعب إلى جنب المسورة ، فمدّ عليّ ( عليه السلام ) يده إلى رقاقة فطيّرها اللاعب ثلاث مرّات ، فتضاحكوا فضرب عليّ ( عليه السلام ) يده إلى تلك الصورة وقال : « خذه » فوثبت من المسورة وابتلعت الرجل وعادت إلى المسورة ، فتحيّروا ونهض عليّ ( عليه السلام ) ، فقال له المتوكّل : سألتك (2) إلا جلست ورددته ؟ فقال : « لا والله لا يُرى بعد هذا أبداً ، أتسلّط أعداء الله على أوليائه ؟ » وخرج من عنده ولم يُرَ الرجل بعدها (3).
    أقول : هذا وما قبله أعجب من الرجعة وأغرب (4) فيزول به الاستبعاد لها.
    الحادي عشر : ما رواه علي بن إبراهيم في آخر تفسير سورة الحجر قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة وعبدالله بن سنان وأبي حمزة الثمالي ، قالوا : سمعنا أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) يقول : « لمّا حجّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حجّة الوداع نزل بالأبطح (5) ، ووضعت له وسادة فجلس عليها ، ثمّ
1 ـ في « ح » : صاحب.
2 ـ في المطبوع و « ط » : سألناك. وما في المتن من نسخة « ح ، ش ، ك ».
3 ـ الخرائج والجرائح 1 : 400 / 6 ، كشف الغمّة 2 : 393 ـ 394.
4 ـ ( وأغرب ) لم يرد في « ك ».
5 ـ الأبطح : موضع في مكّة المكرّمة. وقريش فريقان : قريش البطاح وقريش الظواهر ، فقريش البطاح هم الذين ينزلون بطحاء مكّة ، وهم بنو عبد مناف وغيرهم.
    ولذا كان يقال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الأبطحي لأنّه من ولد عبد مناف ، وكان يقال لعبد المطّلب : سيّد الأباطح.
    اُنظر الروض المعطار في خبر الأقطار : 7.


(210)
رفع يده إلى السماء وبكى بكاءً شديداً ، ثمّ قال : « يا ربّ إنّك وعدتني في أبي واُمّي وعمّي أن لا تعذّبهم.
    قال : فأوحى الله إليه : إنّي آليت على نفسي أن لا يدخل جنّتي إلا من شهد أن لا إله إلا الله وأنّك عبدي ورسولي ، ولكن إئت الشعب فنادهم فإن أجابوك فقد وجبت لهم رحمتي ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى الشِعب ، فقال : يا أبتاه ويا اُمّاه (1) ويا عمّاه (2) ، فخرجوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ، فقال لهم : ألا ترون إلى هذه الكرامة التي أكرمني الله بها ؟ فقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وأنّك رسول الله حقّاً حقّاً ، وأنّ جميع ما جئت به فهو الحقّ ، فقال : ارجعوا إلى مضاجعكم. ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مكّة وقدم عليّ ( عليه السلام ) من اليمن ، فقال : ألا اُبشِّرك (3) يا علي ؟ ثمّ أخبره الخبر ، فقال علي ( عليه السلام ) (4) : الحمد لله » (5).
    الثاني عشر : ما رواه الشهيد الثاني في كتاب « مسكّن الفؤاد » نقلاً من كتاب « دلائل النبوّة » : عن أنس بن مالك ، قال : دخلنا على رجل من الأنصار وهو مريض ولم يزل حتّى قضى ، فبسطنا عليه ثوباً ، وله اُمّ عجوز كبيرة عند رأسه ، فقلنا : يا هذه احتسبي مصيبتك عند الله عزّوجلّ ، قالت : ومات ابني ؟ قلنا : نعم ، قال : فمدّت يدها ثمّ قالت : اللهمّ إنّك تعلم أنّي أسلمت لك وهاجرت إلى رسولك رجاء أن تعينني عند كلّ شدّة ورخاء (6) ، فلا تحمل عليَّ هذه المصيبة اليوم ،
1 ـ في « ح ، ش » : واماه ، وفي « ك » : وامتاه ، وفي « ط » : وا اُمّاه.
2 ـ في « ح ، ط » : واعمّاه ، وفي « ش ، ك » : وعمّاه.
3 ـ في « ك » : اُبشرّك. بدل من : ألا اُبشّرك.
4 ـ الاسم المبارك ( علي ( عليه السلام ) ) لم يرد في « ط ، ك » ..
5 ـ تفسير القمّي 1 : 380 ـ 381.
6 ـ في « ط » : عند كلّ رخاء وشدّة.
الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: فهرس