الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: 241 ـ 255
(241)
    ورابعها : الإجماع فإنّ كلّ من قال : بأنّ الرجعة حقّ قال بالمغايرة ، وقد ثبت أنّ الرجعة حقّ فتثبت (1) المغايرة ، وكلّ من قال ببطلان الرجعة من العامّة ، قال بصحّة هذه الصور ووجودها (2) ونقلها ، فلهذا أوردناها حجّة عليهم في الاستبعاد فضلاً عن الإنكار.
    وخامسها : إنّ الأحاديث الواردة في الأخبار بالرجعة ، والوعد بوقوعها قد وردت قبل وقوع هذه الوقائع وبعدها ، حتّى في زمان المهدي ( عليه السلام ) كما يأتي إن شاء الله تعالى.
    وسادسها : إنّ أحاديث الباب الرابع تدلّ على أنّ كلّ ما وقع في الاُمم السابقة (3) يقع في هذه الاُمّة مثله ، أو ما هو أعظم منه وأفضل وأزيد (4) ، ووجهه واضح ، فإنّ نبيّنا ( صلى الله عليه وآله ) أفضل الأنبياء ، واُمّته أشرف الاُمم ، ألا ترى إلى الغيبة وأمثالها ممّا وقع منه في هذه الاُمّة أضعاف ما وقع في الاُمم السابقة ؟!.
    وسابعها : إنّ التصريحات بما يدفع هذا الخيال ويبطله ويردّه أكثر من أن يحصى ، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى والله الهادي.
1 ـ في « ط » : فثبتت.
2 ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : وجوّزها.
3 ـ في « ح » : السالفة.
4 ـ في المطبوع : أو أزيد. وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ط ، ك ».


(242)

(243)
    والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً ، وقد وقفت في هذه الأيّام على شيء كثير ولم اُورد الجميع لما مرّ ، بل اقتصرت من ذلك على أحاديث :
    الأوّل : ما رواه الشيخ الجليل (1) رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « من لا يحضره الفقيه » وفي « عيون الأخبار » والشيخ الجليل رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتاب « التهذيب » بأسانيدهما الصحيحة : عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن موسى بن عبدالله النخعي (2) ، قال : قلت لعلي بن محمّد بن علي بن موسى ( عليهم السلام ) : علّمني قولاً أقوله بليغاً كاملاً (3) إذا زرت واحداً منكم.
    فقال : « إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين ـ وذكر الزيارة الجامعة ـ إلى أن قال : « فثبّتني الله أبداً ما بقيت على موالاتكم ، وجعلني ممّن يقتصّ (4)
1 ـ ( الجليل ) لم يرد في « ح ».
2 ـ في العيون : موسى بن عمران النخعي.
3 ـ في « ط » : بليغاً كاملا أقوله.
4 ـ في « ك » : يقبض.


(244)
آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهداكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكرّ في رجعتكم ، ويملّك في دولتكم ، ويشرّف في عافيتكم ، ويمكّن في أيّامكم ، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم » (1).
    الثاني : ما رواه ابن بابويه والشيخ بالإسناد السابق : عن الإمام علي بن محمّد ( عليهما السلام ) في زيارة الوداع : « إذا أردت الإنصراف فقل : السلام عليكم سلام مودِّع ـ إلى أن قال ـ السلام عليكم حشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم ، ومكّنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملّكني في أيّامكم » (2).
    أقول : في هذين الحديثين وأمثالهما ممّا يأتي وهو كثير ، دلالة على أنّ رجعة الشيعة ليست بعامّة ، بل إنّما يرجع بعضهم ، وإلا لكان الدعاء بغير فائدة ، كما لايجوز أن يقال : اللهمّ ابعثني يوم القيامة ، واحشرني في الآخرة.
    ويأتي ما هو صريح فيما قلناه إن شاء الله.
    الثالث : ما رواه ابن بابويه أيضاً في كتاب « معاني الأخبار » ـ قبل آخر الكتاب باثنتي عشرة ورقة في النسخة المنقول منها في باب معنى أيّام الله عزّوجلّ ـ قال : حدّثنا أبي ( رحمه الله ) ، قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن مثنّى الحنّاط ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ، قال : « أيّام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة » (3).
    ورواه في كتاب « الخصال » ـ في باب الثلاثة ـ : عن أحمد بن محمّد بن يحيى
1 ـ من لا يحضره الفقيه 2 : 370 / 1625 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 272/1 ، التهذيب 6 : 95/ 177.
2 ـ نفس المصادر المتقدّمة.
3 ـ معاني الأخبار : 365 / 1.


(245)
العطّار ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن الحسن الميثمي (1) ، عن مثنّى الحنّاط (2) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) مثله (3).
    ورواه الشيخ علي بن يونس في كتاب « الصراط المستقيم » نقلاً من كتاب الحضرمي (4).
    أقول : في هذا تصريح ببطلان تأويل الرجعة بخروج المهدي ( عليه السلام ) ورجوع الدولة ، ويأتي ما هو أقوى تصريحاً إن شاء الله تعالى ، مع ما تقدّم من تصريح علماء اللغة بمعناها.
    وليس في سند الرواية من يحصل فيه شكّ أو يوجد فيه طعن ، فإنّ إبراهيم بن هاشم والمثنّى ممدوحان مدحاً جليلاً مع صحّة مذهبهما ، بل لا يبعد الجزم بتوثيقهما عند التحقيق ، والباقي في غاية الجلالة والثقة ، وصحّة المذهب والحديث.
    الرابع : ما رواه الشيخ الطوسي في « المصباح الكبير » ـ في فضل الزيارات (5) في عمل رجب ـ حيث قال : زيارة رواها ابن عيّاش قال : حدّثني حسين بن عبدالله ، عن مولاه ـ يعني أبا القاسم الحسين بن روح أحد السفراء ـ قال : زر أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب ، تقول : « الحمد لله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب ـ إلى أن قال ـ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حتّى العود إلى حضرتكم ، والفوز في كرّتكم ، والحشر في زمرتكم (6).
1 ـ في « ح » : المثنّى.
2 ـ في « ح ، ش ، ك » : الخيّاط.
3 ـ الخصال : 108 / 75.
4 ـ الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم 2 : 264.
5 ـ في « ك » : فصل الزيادات.
6 ـ مصباح المتهجد : 755 ـ 756.


(246)
    الخامس : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في أعمال شهر ذي الحجّة زيارة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ : قال أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) : « مضى أبي علي بن الحسين ( عليه السلام ) إلى قبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ثمّ بكى وقال : « السلام عليك يا أمين الله في أرضه » وذكر الزيارة ثمّ قال : قال الباقر ( عليه السلام ) : « ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أو أحد (1) من الأئمّة ( عليهم السلام ) إلا وضع (2) في درج من نور (3) حتّى يسلّم إلى القائم ( عليه السلام ) ، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة إن شاء الله تعالى » (4).
    ورواه الكفعمي في « مصباحه » (5) وكذا ما قبله.
    أقول : الظاهر أنّه يسلّم إلى القائم ( عليه السلام ) بعد ظهوره بقرينة الطبع وغيره ، وإنّ ضمير « يلقى » عائد إليه ( عليه السلام ) ، بل لا يحتمل غير ذلك ، فهو وعد بالرجعة وإخبار بها لمن زار بالزيارة المذكورة على تقدير موته قبل خروجه ( عليه السلام ) ، مضافاً إلى التصريحات الكثيرة.
    السادس : ما رواه الشيخ في « المصباح » والكفعمي أيضاً في « مصباحه » ـ في أدعية يوم الجمعة ـ في دعاء السمات المروي عن العمري ( رضي الله عنه ) : « اللهمّ إنّي أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعزّ (6) الأجلّ الأكرم الذي إذا دُعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت ، وإذا دعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج
1 ـ في « ح ، ش ، ك » : واحد. وفي المصدر : أو عند قبر أحد.
2 ـ في المصدر : إلا وُقِّعَ ، وفي مصباح الكفعمي : إلا رُفِعَ.
3 ـ في المصدر زيادة : وطبع بطابع محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، وفي مصباح الكفعمي : بخاتم ، بدل : بطابع.
4 ـ مصباح المتهجّد : 681 ـ 683.
5 ـ مصباح الكفعمي 2 : 151 ـ 152.
6 ـ ( الأعز ) لم يرد في « ك ».


(247)
انفرجت ، وإذا دعيت به على العسر (1) لليسر تيسّرت ، وإذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت » (2) الدعاء.
    أقول : لا شكّ أنّهم ( عليهم السلام ) يعلمون ذلك الإسم ، فإذا دعا المهدي ( عليه السلام ) به نشر الله له الأموات ، فهو دالّ على إمكان الرجعة قطعاً ، وعلى وقوعها أيضاً ، باعتبار أنّ « إذا » موضوعة لما هو محقّق الوقوع كما تقرّر ، فهو مؤيّد للتصريحات الكثيرة.
    السابع : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » والكفعمي أيضاً ـ في أعمال ذي القعدة في يوم الخامس والعشرين منه ـ أنّه يستحبّ أن يُدعى فيه بهذا الدعاء : « اللهمّ داحي الكعبة ـ إلى أن قال ـ وأشهدني أولياءك عند خروج نفسي ، وحلول رمسي ، وانقطاع عملي (3) ، وانقضاء أجلي ـ إلى أن قال ـ اللهمّ عجِّل فرج أوليائك واردد عليهم مظالمهم ، وأظهر بالحقّ قائمهم.
    ثمّ قال : اللهمّ صلِّ عليه وعلى جميع آبائه ، واجعلنا من صحبه ، وابعثنا في كرّته ، حتّى نكون في زمانه من أعوانه » (4).
    الثامن : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ إلى أن قال : فقلبي لك (5) مسلّم ونصرتي لك (6) معدّة.
    ثمّ قال : « اللهمّ كما مننت عليَّ بزيارة أمير المؤمنين وولايته ، فاجعلني ممّن ينصره وينتصر به ، وتمنّ عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة » (7).
1 ـ في المطبوع : اليسر ، وما في المتن أثبتناه من « ح ، ش ، ك » ، وفي « ط » : على اليسر للعسر.
2 ـ مصباح الكفعمي 2 : 46 ، مصباح المتهجّد : 374.
3 ـ في « ط » : أملي.
4 ـ مصباح المتهجّد : 611 ـ 612 ، مصباح الكفعمي 2 : 458.
5 ـ في « ط » : لكم.
6 ـ في « ح » : لكم.
7 ـ مصباح المتهجد : 687 ـ 688.


(248)
    ورواه الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في « المزار » بالإسناد الآتي عن أبي الحسن ( عليه السلام ) (1).
    ورواه الكفعمي في « مصباحه » في الفصل الحادي والأربعين (2).
    التاسع : ما رواه الشيخ أيضاً في « المصباح » ـ في زيارة الأربعين للحسين ( عليه السلام ) بالإسناد الآتي في محلّه ـ : عن الصادق ( عليه السلام ) في جملة زيارة « أشهد أنّي بكم مؤمن وبإيابكم (3) موقن ـ إلى أن قال ـ ونصرتي لكم معدّة حتّى يأذن الله لكم ، فمعكم معكم لا مع عدوّكم » (4).
    العاشر : ما رواه الكليني ـ في باب زيارة الحسين ( عليه السلام ) ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن نعيم بن الوليد ، عن يوسف الكناسي (5) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إذا أتيت قبر الحسين ( عليه السلام ) فقل ـ وذكر الزيارة إلى أن قال ـ : اللهمّ العن قتلة الحسين ، اللهمّ اجعلنا ممّن ينصره وينتصر به ، وتمنّ عليه بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة » (6).
1 ـ كامل الزيارات : 41 ـ 42.
2 ـ مصباح الكفعمي 2 : 148 ـ 149.
3 ـ في « ك » : وبآياتكم. ووردت في « ش » غير منقطعة.
4 ـ مصباح المتهجد : 732.
5 ـ في الكافي : يونس الكناسي ، وكذلك في مرآة العقول 18 : 291 / 1 ، ولكن ما في الوافي 14 : 1490/ 3 ، والوسائل 14 : 483 / 1 ، مطابق لما في المتن وهو الصحيح كما صرّح به السيِّد الخوئي في معجمه 21 : 189 ـ 190 ، وكذلك أورد صدر الرواية ابن قولويه في كامل الزيارات : 204/ 8 ، والصدوق في من لا يحضره الفقيه 2 : 360 / 1615 عن يوسف الكناسي قائلاً : وقد أخرجت في كتاب الزيارات ، وفي كتاب مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنواعاً من الزيارات ، واخترت هذه لهذا الكتاب لأنّها أصحّ الروايات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية.
6 ـ الكافي 4 : 572 / 1.


(249)
    الحادي عشر : ما رواه الكليني ـ في باب أنّ الأئمّة ( عليهم السلام ) ورثوا علم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وجميع الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّل ( عليه السلام ) قال : قلت له : أخبرني عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ورث النبيّين كلّهم ؟ قال : « نعم » قلت : إنّ عيسى بن مريم كان يُحيي الموتى ؟ قال : « صدقت ، وداود (1) كان يعلم منطق الطير ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقدر على هذه المنازل ـ إلى أن قال ـ : وإنّ الله يقول في كتابه : ( وَلَوْ أَنَّ قُرآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) (2) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي تسيّر به الجبال ، وتقطّع به الأرض ، وتُحيى به الموتى » (3) الحديث.
    أقول : في هذا دلالة واضحة على إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.
    الثاني عشر : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب ما أعطى الله الأئمّة ( عليهم السلام ) من الإسم الأعظم ـ : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمّي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « إنّ عيسى بن مريم ( عليه السلام ) اُعطي حرفين كان يعمل بهما ـ ثمّ ذكر ما اُعطي (4) الأنبياء (5) ـ وإنّ الله جمع ذلك كلّه لمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) » (6) الحديث.
1 ـ في « ح » : وسليمان بن داود. بدل من : وداود.
2 ـ سورة الرعد 13 : 31.
3 ـ الكافي 1 : 226 / 7.
4 ـ في « ح ، ش ، ك » : ما أعطى الله.
5 ـ في « ح ، ش ، ك » زيادة : وقال.
6 ـ الكافي 1 : 230 / 2.


(250)
    أقول : وهذا يدلّ على إمكان الرجعة أيضاً ، بل وقوعها عند التحقيق.
    الثالث عشر : ما رواه الكليني ـ في باب مولد أبي جعفر محمّد بن علي الباقر ( عليه السلام ) ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقلت له : أنتم ورثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : « نعم » قلت : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورث الأنبياء كلّهم ، عَلِمَ كلّ ما علموا ؟ قال : « نعم » قلت : فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص ؟ قال : « نعم بإذن الله ».
    ثمّ قال لي : « إدن منّي يا أبا محمّد » فدنوت منه ، فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء ، والبيوت وكلّ شيء في البلد ، ثمّ قال لي : « أتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة ، أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصاً ؟ » فقلت : أعود كما كنت ، فمسح على عيني ، فعدت كما كنت (1).
    ورواه الراوندي في « الخرائج والجرائح » (2).
    ورواه علي بن عيسى في « كشف الغمّة » نقلاً من كتاب « الدلائل » لعبد الله بن جعفر الحميري (3).
    ورواه الكشّي في « كتاب الرجال » : عن محمّد بن مسعود العيّاشي ، عن علي بن محمّد القمّي (4) ، عن محمّد بن أحمد ، عن علي بن الحسن (5) ، عن علي بن الحكم
1 ـ الكافي 1 : 470 / 3.
2 ـ الخرائج والجرائح 1 : 274 / 5.
3 ـ كشف الغمّة 2 : 142 ـ 143.
4 ـ ( عن علي بن محمد القميّ ) لم يرد في « ط ».
5 ـ في « ط ، ك » : علي بن الحسين. وفي المصدر : أحمد بن الحسن.


(251)
مثله (1).
    وهذا أيضاً دالّ على إمكان الرجعة وعدم جواز إنكارها.
    الرابع عشر : ما رواه الكليني أيضاً ـ في باب الدعاء في حفظ القرآن ـ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عمّن ذكره ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ وذكر الدعاء يقول فيه ـ : « وأسألك باسمك الذي تحيي به الموتى » (2).
    أقول : ومثل هذا كثير جدّاً.
    الخامس عشر : ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب « علل الشرائع والأحكام » ـ في باب العلّة التي من أجلها سمّي عليّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والعلّة التي من أجلها سمّي القائم قائماً ـ قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ومحمّد بن محمّد بن عصام ، قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثنا القاسم بن العلاء ، قال : حدّثنا إسماعيل الفزاري ، قال : حدّثنا محمّد بن جمهور العمّي (3) ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عمّن ذكره ، عن أبي حمزة
1 ـ رجال الكشّي : 174 / 298.
2 ـ الكافي 2 : 576 / 1.
3 ـ في المطبوع ونسخة « ش ، ح ، ك ، ط » : القمّي ، وما أثبتناه من المصدر هو الصحيح إن شاء الله تعالى ، والعَمّي نسبة إلى بني العم من تميم ، كما قاله النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن محمّد بن جمهور.
    وقال السيّد الخوئي : قد تكرّر في الكشي ذكر محمّد بن جمهور ، مع توصيفه بالقمّي في بعض الموارد ، وهذا من غلط النسخة جزماً.
    روى عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ). اُنظر ـ رجال البرقي : 51 ، رجال النجاشي : 62 / 144 و 337 / 901 ، معجم رجال الحديث 16 : 189/10439.


(252)
الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) وذكر حديثاً يقول فيه : « لمّا قتل جدّي الحسين ( عليه السلام ) ضجّت الملائكة إلى الله بالبكاء ، فأوحى الله إليهم : قرّوا ملائكتي ، وعزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حين ، ثمّ كشف الله عزّوجلّ عن الأئمّة من ولد الحسين ( عليهم السلام ) فإذا أحدهم قائم يصلّي ، فقال الله عزّوجلّ : بذلك القائم أنتقم منهم » (1).
    أقول : الحصر الذي يفهم من التقديم هنا يتعيّن كونه إضافياً بالنسبة إلى الوقت الذي ضجّت فيه الملائكة ، وأرادوا تعجيل الإنتقام منهم فيه لما يأتي إثباته إن شاء الله ، على أنّ الحصر الذي يفهم من التقديم ضعيف الدلالة ، بل لا يتعيّن هنا كون التقديم هنا للحصر والتخصيص ، بل لا يبعد كونه لمجرّد الاهتمام ، خصوصاً مع كثرة المعارضات ، وهذا يدلّ على رجوع قتلة الحسين ( عليه السلام ) في زمان القائم ( عليه السلام ) ، كما يأتي التصريح به إن شاء الله.
    السادس عشر : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « العلل » ـ في باب نوادر العلل ـ قال : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمّد بن سليمان (2) ، عن داود بن النعمان ، عن عبد الرحمن القصير (3) ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « أما لو قد قام قائمنا لقد ردّت إليه الحميراء حتّى يجلدها ، وحتّى ينتقم لاُمّه فاطمة منها » قلت : جعلت فداك ولِمَ يجلدها الحدّ ؟ قال : « لفريتها على اُمّ إبراهيم » قلت : فكيف أخّر الله ذلك إلى القائم ؟ قال : « إنّ الله بعث محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) رحمةً ويبعث القائم ( عليه السلام ) نقمة » (4).
    السابع عشر : ما رواه الشيخ أبو علي الحسن ابن الشيخ أبي جعفر محمّد بن
1 ـ علل الشرائع : 160 / 1 ـ باب 129.
2 ـ في « ح » : محمد بن سلمان.
3 ـ ( القصير ) لم يرد في « ح ».
4 ـ علل الشرائع : 579 / 10.


(253)
الحسن الطوسي في « الأمالي » : بإسناده عن أبي ذرّ الغفاري أنّه أخذ بحلقة باب الكعبة واستند إليها ثمّ قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « من قاتلني في الاُولى وقاتل أهل بيتي في الثانية ، حشره الله في الثالثة مع الدجّال ، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة (1) نوح من ركبها نجا ومن تخلّف (2) عنها غرق » (3).
    أقول : (4) إمّا أن يراد بالثانية والثالثة الرجعة كما روي في قتلة الحسين ( عليه السلام ) أنّهم يرجعون مراراً ، أو يراد بالثالثة وحدها الرجعة ، وعلى كلّ حال فالمقصود ثابت.
    الثامن عشر : ما رواه أيضاً في « الأمالي » : بإسناده عن سفيان بن إبراهيم الغامدي (5) ، عن جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) قال : « بنا يبدأ البلاء ثمّ بكم ، وبنا يبدأ الرخاء ثمّ بكم ، والذي يُحلف به لينتصرنّ الله بكم كما انتصر بالحجارة » (6).
    أقول : ضمير جمع المخاطبين وغيره من الألفاظ يجب حمله على الحقيقة حتّى يتحقّق قرينة مانعة قطعاً ، وذلك يستلزم رجوع المخاطبين في آخر الزمان
1 ـ في « ط » : كمثل سفينة.
2 ـ في نسخة « ش » : تخلّى.
3 ـ أمالي الطوسي : 60 / 88.
4 ـ في المطبوع زيادة : الظاهر من الاُولى : زمانه ( صلى الله عليه وآله ) ، والثانية : زمان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والثالثة : الرجعة ، و.
5 ـ في المطبوع : صفوان بن إبراهيم الفايدي ، وفي نسخة « ش ، ح ، ط » : سفيان بن إبراهيم الفايدي ، وفي « ك » اللقب غير منقّط ، وما أثبتناه من المصدر هو الصحيح إن شاء الله تعالى.
    اُنظر مستدركات النمازي 4 : 88 / 6343 و 50 / 6181 ، ترجمة سعدان بن إسحاق بن سعيد. وسفيان هذا لم يذكره أصحاب التراجم كما قال النمازي.
6 ـ أمالي الطوسي : 74 / 109 ، وأورده المفيد في أماليه : 301 / 2 ، وسنده مطابق لما في المتن ، وكذلك الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : 94 ، إلا أنّ فيه : العابدي ، بدل : الغامدي.


(254)
أو جماعة منهم وهو المطلوب.
    التاسع عشر : ما رواه أيضاً في « الأمالي » : بإسناده عن محمّد بن حمران ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « لمّا كان من أمر الحسين ( عليه السلام ) ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى [ وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟! ] (1) قال : فأقام الله لهم ظلّ القائم ( عليه السلام ) وقال : بهذا أنتقم له من ظالميه » (2).
    العشرون : ما رواه أيضاً فيه : بإسناده عن أبي ذرّ أنـّه سمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « من قاتلني في الاُولى ، وقاتل أهل بيتي في الثانية ، فهو فيها من شيعة الدجّال » (3).
    الحادي والعشرون : ما رواه الشيخ الجليل الثقة أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كتاب « المزار » ـ في الباب التاسع عشر في علم الأنبياء بقتل الحسين ( عليه السلام ) ـ قال : حدّثني محمّد بن جعفر الرزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد (4) بن معاوية العجلي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث طويل ـ : « إنّ الله وعد الحسين ( عليه السلام ) أن يكرّه إلى الدنيا حتّى ينتقم بنفسه ممّن فعل
1 ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
2 ـ أمالي الطوسي : 418 / 941.
3 ـ أمالي الطوسي : 459 / 1026.
4 ـ في نسخة « ش ، ح ، ك » : يزيد ، وما في المتن والمصدر هو الصحيح.
    وبريد هو أبو القاسم ، عربي ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) ، وجه من وجوه أصحابنا وفقيه أيضاً ، له محلّ عند الأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمامين الباقرين ( عليهما السلام ) ، مات ( رحمه الله ) في حياة أبي عبدالله ( عليه السلام ) سنة مائة وخمسين.
    اُنظر رجال النجاشي : 112 / 287 ، رجال البرقي : 14 و 17 ، رجال الطوسي : 109 / 22 و 158/ 59.


(255)
ذلك به ». الحديث (1).
    ويأتي إن شاء الله تعالى.
    الثاني والعشرون : ما رواه الشيخ الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم في « تفسيره » ـ في أوائله بعد تسع ورقات من أوّله في النسخة المنقول منها في بحث الردّ على من أنكر الرجعة ـ قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ـ يعني ابن عثمان ـ عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « ما يقول الناس في هذه الآية : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً ) (2) » قلت : يقولون : إنّها في القيامة ، قال : « ليس كما يقولون ، إنّها في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة : ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) (3) » (4).
    الثالث والعشرون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً ـ بعد الحديث السابق بغير فصل ، والظاهر أنّه بذلك الإسناد (5) أيضاً ـ في قوله تعالى : ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاها أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ) (6) قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : « كلّ قرية أهلكها الله بالعذاب لا يرجعون في الرجعة ، وأمّا في القيامة فيرجعون ، وأمّا من محض الإيمان محضاً وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ، أو محض الكفر محضاً (7) فإنّهم يرجعون » (8).
1 ـ كامل الزيارات : 63 / 3.
2 ـ سورة النمل 27 : 83.
3 ـ سورة الكهف 18 : 47.
4 ـ تفسير القمّي 1 : 24.
5 ـ في « ط » : بغير فصل أنّه بذلك الاجناس.
6 ـ سورة الأنبياء 21 : 95.
7 ـ في « ح ، ش ، ك » : أو محضوا. وفي « ط » : أو محض الكفر كفراً محضاً.
8 ـ تفسير القمّي 1 : 24 ـ 25.
الاِيقاظ مِنَ الهجْعَةِ بالبرهان على الرجعة ::: فهرس