|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
(76)
ثمّ أتبع قوله هذا : أشهد أنْ لا إله إلاّ اللّه حقّاً حقّاً ، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه حقّاً حقّاً ، أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً حقّاً ، أشهد أنْ لا إله إلاّ اللّه ، ثم أغمض عينيه بنفسه فكأنّما كانت روحة ذبالة طفئت أو حصاة سقطت. (1)
وفي كتاب « الرجال » للكشي : حدثني أبو سعيد محمد بن رشيد الهروي قال : حدّثني السيّد وسمّاه ، وذكر أنّه خيّر قال : سألته عن الخبر الّذي يروى أنّ السيّد اسودّوجهه عند موته ؟ فقال ذلك الشعر الذي يروى له في ذلك قال : حدثني أبو الحسين المروزي قال : روي أنّ السيد ابن محمد الشاعر اسودّ وجهه عند الموت فقال : هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين ؟! قال : فابيض ّوجهه كأنّه القمر ليلة البدر فأنشأ يقول :
1 ـ عليّ بن عيسي الإربلي : كشف الغمة : 1 / 548 ـ 549. (77)
1 ـ ما بين القوسين من المصدر. 2 ـ البيتين الأخيرين تقديم وتأخير عمّا في المصدر. 3 ـ الكشي : الرجال : 2 / 570 ـ 571. (78)
فقبّل جعفر رأسه وقال : أنت واللّه الرأس يا أبا هاشم ونحن الأذناب. (4) حكى أبو عمر الزاهد (5) في كتاب « الياقوتة » أنّ بعض الشيعة أنشد أبا 1 ـ « ذاك » : المصدر. 2 ـ العَفَرني والعِفرِّين : الأسد ، سمّي بذلك لشدّته. ( اللسان : « عفر » ). 3 ـ « حذوه » : المصدر. 4 ـ أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري : بشارة المصطفى لشيعة المرتضى : 53 و 54. ( المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ط 2. وذكره الشيخ الطوسي في الامالي 198. ( دار الثقافة قم ـ 1414 هـ ). 5 ـ هو أبوعمر الزاهد محمد بن عبد الواحد المطرّز الباوردي ( 261 ـ 345 هـ ) المعروف ب « غلام ثعلب » ( السيد بحر العلوم : الفوائد الرجاليّة : 3 / 8 ـ 9 ). (79)
مخالد هذه الأبيات فقال له أبو مخالد : يا هذا إنّ الشاعر لم يمدح صاحبك وإنّما هجاه في موضعين :
أحدهما : أنّ عليّاً مجبول على البرّ والتُّقى ، ومن جُبل على أمرلم يُمدح عليه لأنّه لم يكسبه بسعيه. وثانيهما : أنّه ادّعى أنّه أُيِّد في حروبه بالملائكة ولا فضيلة له حينئذفي الظفر لأنّ حيّة النميري لو أُيِّد بهؤلاء لقهر الأعداء. (1) ولا يخفى على كلّ كبير وصغير أنّ ما ذكره من الإيرادين من السّخافة بمكان ، و أنّهما ممّا تستهجنه الأذهان وتمجّه الآذان. أمّا الأوّل فمن وجوه : الأوّل : إنّ من المعلوم عند أُولي الفهوم أنّ أمثال هذه العبارات شائعة في المبالغة على المواظبة على الأمر حتى كأنّه مجبول عليه ، كما قال تعالى : ( خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَل ) (2) وقد اشتهر أنّ العادة كالطّبيعة الثابتة (3) ، فالمجبوليّة هنا ليست على حقيقتها كما فهمه هذا المورد الأحمق ، بل إنّما هي نهاية في المبالغة في الوصف بالمواظبة والاعتياد. والثاني : إنّ من المشهور المسطور أنّ المدح لا يجب أن يكون على ما يكون بالسعي والاختيار ، إنّما ذلك الحمد على ما هو المشهور ، فأيّ وجه لما قاله من أنّه عليه السَّلام إذا كان مجبولاً عليهما لم يستحقّ المدح عليهما ؟! والثالث : إنّ غاية ما ألزمه هذا الأحمق أن لا يكون الوصف بذلك ممّا يسمى مدحاً ، وهو إنّما نصر السيّد لو صرّح بكونه مدحاً أو أشار إليه وليس وإن قال إنّه 1 ـ لم يتوفر المصدر بأيدينا. 2 ـ الأنبياء : 37. 3 ـ في الأصل : « الثانية » وهو تصحيف. (80)
لا يمكن الوصف بأمثاله ، لم يستحق الجواب (1).
وأمّا الثاني فمن وجهين : الأوّل : إنّ السيّد سلام اللّه عليه لم يتعرّض لتأييد الملائكة له ( عليه السَّلام ) لا تصريحاً ولا تلويحاً وإنّما أفاد أنّهم سلّموا عليه إجلالاً له وتبجيلاً. والثاني : أنّا لو سلّمنا أنّه تعرّض لذلك فمنع ، انّه لا فضيلة له في ذلك ، بمنزلة منع أن يكون تأييد الملائكة والنّصر بالرعب وغير ذلك من جنود اللّه ، من فضائل رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، مع أنّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) افتخر بذلك في غير موطن ، نعم لوكان في مقام مدحه ( عليه السَّلام ) بأنّه هزم الكفار وظفر عليهم لكان للإيراد توجيه ، ولا شبهة في أنّه لا نصّ عليه ولا إشارة إليه في الشعر ، مع أنّه على ذلك أيضاً ظاهر الاندفاع ، فإنّ المدح بأنّه هزم الكفّار وظفر عليهم بتأييد الملائكة ممّا تقبله الطباع ، بل هو أولى بالمدح من الظفر شدة بأسه وقوّة شجاعته ( فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ ولكنْ تَعْمى القُلوبُ التي في الصُّدُورِ ) (2). ثمّ من العجب العجيب أنّ هذا المغفّل الجهول لم يقتصر على إبطال المدح بل ادّعى أنّه هجاه بهذين الوصفين !! أترى أحداً من المجانين يفوه بمثل هذا ؟! 1 ـ هنا عبارة غير مقروءة. 2 ـ الحج : 46. (81)
روى الشيخ أبو عمرو الكشي في كتاب « الرجال » قال :
حدّثني نصر بن الصباح ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد البصري ، قال : حدّثني علي بن إسماعيل ، قال : أخبرني فضيل الرسّان (1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) بعد ما قتل زيد بن علي رحمة اللّه عليه فأُدخلت بيتاً جوف بيت ، فقال لي : يا فضيل قتل عمّي زيد ؟ قلت : نعم جعلت فداك. قال : رحمه اللّه أما إنّه كان مؤمناً ، وكان عارفاً ، وكان عالماً ، وكان صادقاً ، أما إنّه لو ظفر لوفى ، أما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعها. قلت : يا سيّدي ألا أنشدك شعراً ؟ قال : أمهل ، ثم أمر بستور فسدلت وبأبواب ففتحت ، ثمّ قال : أنشد ، 1 ـ هو الفضيل بن الزبير الرسان : من أصحاب الباقر ( عليه السَّلام ) كما في رجال الشيخ ( برقم 2 ) ومن أصحاب الصادق ( عليه السَّلام ) أيضاً ( برقم22 ) (82)
فأنشدته :
1 ـ كذا في الأصل والمصدر وتنقيح المقال للمامقاني ، وفي إحدى نسخ التنقيح « وقفن ». انظر رجال المامقاني : 1 / 143. 2 ـ « أهوى » : المصدر وتنقيح المقال. 3 ـ ما بين القوسين من المصدر. (83)
1 ـ ما بين القوسين من المصدر. 2 ـ الأوكع : اللئيم. 3 ـ هذه الأبيات ليست هي المختارة بالتحديد للشارح في هذا الكتاب ، وفيها أيضاً بعض الاختلاف مع المشروح. (84)
قلت : السيد ابن محمد الحميري.
فقال : رحمه اللّه. قلت : إنّي رأيته يشرب النبيذ ! فقال : رحمه اللّه. قلت : إنّي رأيته يشرب النبيذ الرستاق ! قال : تعني الخمر ؟ قلت : نعم. قال : رحمه اللّه ، وما ذلك على اللّه أن يغفر لمحبّ عليّ. (1) وفي « الأغاني » : قال عباد بن صُهَيب (2) : كنت عند جعفر بن محمد ، فأتاه نعي السيد ، فدعا له وترحَّم عليه ، فقال له رجل : يابن رسول اللّه ( تدعو له ) (3) وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرجعة! فقال : حدَّثني أبي عن جدّي أنّ مُحِبِّي آل محمد لا يموتون إلاّ تائبين وقد تاب ، ورفع مُصَلّى كانت تحته ، فأخرج كتاباً من السيد يُعرِّفه فيه أنّه قد تاب ويسأله الدعاء له. (4) وروى بعض أصحابنا بسنده عن سهل بن ذبيان قال : دخلت على الإمام عليّ بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) في بعض الأيّام قبل أن يدخل عليه أحد من الناس فقال لي : مرحباً بك يا ابن ذبيان ، الساعة أراد رسولي أن يأتيك لتحضر عندنا فقلت : لماذا يا ابن رسول اللّه ؟ 1 ـ الكشي : الرجال : 2 / 569 ـ 570. 2 ـ عبّاد بن صهيب أبوبكر التميمي الكليني ( الكليبي ) اليربوعي : بصري ، ثقة روى عن أبي عبد اللّه ( الصادق ( عليه السَّلام ) ). ( معجم رجال الحديث : 9 / 214 رقم 6136 ). 3 ـ ما بين القوسين من المصدر. 4 ـ أبو الفرج علي بن الحسين الاصبهاني : الأغاني : 7 / 277. (85)
فقال : لمنام رأيته البارحة ، وقد أزعجني وأرَّقني. فقلت : خيراً يكون إن شاء اللّه تعالى ؟
فقال : يا ابن ذبيان ، رأيت كأنّي نُصِب لي سُلَّم فيه مائة مرقاة ، فصعدت إلى أعلاه. فقلت : يا مولاي أُهنّئك بطول العمر ، ربّما تعيش مائة سنة ، لكلّ مرقاة سنة ، فقال لي ( عليه السَّلام ) : ما شاء اللّه كان. ثمّ قال : يا ابن ذبيان ، فلمّا صعدت إلى أعلى السلّم رأيت كأنّي دخلت قبّة خضراء يُرى ظاهرها من باطنها ، ورأيت جدِّي رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) جالساً فيها وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان يُشرق النور من وجههما ، ورأيت امرأة بهيّة الخلقة ، ورأيت بين يديه شخصاً بهيّ الخلقة جالساً عنده ، ورأيت رجلاً واقفاً بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة : ( لأُمِّ عَمرو بِاللِّوى مَربَعُ ). فلمّا رآني النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال لي : مرحباً بك يا ولدي يا عليّ بن موسى الرضا سلِّم على أبيك عليّ ، فسلّمت عليه. ثم قال لي : سلّم علي أُمِّك فاطمة الزهراء ، فسلّمت عليها. ثمّ قال لي : وسلّم على أبويك الحسن والحسين ، فسلّمت عليهما. ثمّ قال لي : وسلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري ، فسلمت عليه ؛ وجلست فالتفت النبيُّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) إلى السيد إسماعيل وقال : أعد إليّ ما كنّا فيه من إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول :
(86)
بكى النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وفاطمة ( عليها السَّلام ) معه ومن معه ، ولمّا بلغ إلى قوله :
قال عليّ بن موسي الرضا عليهما السَّلام : فلمّا فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفت النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) إليَّ وقال لي : يا علي بن موسى احفظ هذه القصيدة ومُر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على اللّه تعالى. قال الرضا ( عليه السَّلام ) : ولم يزل يكرّرها عليّ حتّى حفظتها منه. (2) 1 ـ
2 ـ ذكر الحديث في البحار : 47 / 328 دون ذكر مصدر له ، قائلاً : « أقول : وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنّه روى باسناده ـ ثمّ ذكر الحديث ـ ». وجاء في هامش البحار ما يلي : « نقل القاضي نور اللّه في مجالسه : 2 / 508 عن رجال الكشي حديث سهل بن ذبيان وقصّة المنام ولم نقف عليه في المطبوع من رجال الكشّي ، كما أنّ أبا علي في رجاله ص 59 والمامقاني في رجاله : 1 / 143 نقلاً عن العيون لشيخنا الصدوق قصة المنام ، وذكر شيخنا الأميني في الغدير 2 / 223 خلو نسخ العيون المخطوطة والمطبوعة من ذلك. ونقل عن جماعة ذكر المنام في مؤلّفاتهم فراجع ». (87)
وإذا بلغ الكلام هذا المبلغ حان أن أُعوّض على الدرر مستعيناً باللّه خالق القوى والقدر ، وقد اخترت من نسخ القصيدة أطولها وأبسطها وأوضحها وأسبطها (1) ، قال رحمه اللّه :
« اللام » المفرد على وجهين : حرف هَجْي ، وحرفُ مَعنى. فلنتكلّم على أحوالها بكلّ اعتبار. أمّا الكلام عليها بالاعتبار الأوّل ، فاعلم أنّ مخرجها ـ على ما قاله سيبويه (2) وغيره ـ : من حافّة اللسان من أدناها إلى منتهى طرف اللسان ما بينها وبين ما 1 ـ السَّبْطُ : الشّعْرُ الذي لا جعُودة فيه ، و شعرٌ سَبْطٌ وَسَبِطٌ : مُستَرسِلٌ غير جَعْد. ( لسان العرب : « سبط » ). 2 ـ هو عمرو بن عثمان بن قبرالفارسي ( المتوفّى 180 هـ ) لقب ب « سيبويه » له ترجمة في « المعارف » لابن قُتيبة : 302 ـ اخبارالنحويّين والبصريّين للسيرافي : 48 ـ انباء الرواة : 2 / 36. (88)
يليها من الحنك الأعلى ممّا فويق الضاحك والناب والرباعية والثنية (1).
قوله : « من أدناها إلى ما دون طرف اللسان » إلى رأسه ، وقوله : « إلى منتهى طرف اللسان » : أي رأسه. والضواحك : هي الأسنان الأربعة التي بين الأضراس والأنياب. وجاء بمعنى : كلّ سن يبدو عند الضحك. وتخصيص الأوّل لأنّها نهاية ما يظهر من الأسنان عند الضحك ، ووَصْف السن به وصفٌ مجازي كالشارب. والضحك : بمعنى الظهور والتلألؤ والالتماع ، كما يقال : له رأي ضاحك لا لَبس فيه. ويقال لِطَلع النخل : الضاحك والضُّحك. وضحك البرق. والحوض يضحك في الروضة. وكما قال بأحد المعنيين :
والرباعيات : هي الأسنان التي بين الناب والثنايا. والثنايا : هي التي في مقدّم الفم فلكلّ من الأصناف الأربعة أربع : اثنتان من فوق واثنتان من أسفل. 1 ـ كتاب سيبويه : 4 / 433. و نصّه : ... وما فويق الثنايا مخرج النون. 2 ـ البيت لدعبل الخزاعي من ( الكامل ) ، انظر ديوانه : 143. ( مؤسّسة الأعلمي ، بيروت 1417 هـ ). ونسبه في أعلام الزركلي : 5 / 214 إلى ( البرداني محمد بن أحمد ابن محمد أبوالحسن ) عن كتاب ( المحمّدون : 56 ). (89)
وخالف في ذلك الحاجبي (1) فلم يعتبر من الأسنان إلاّ الثنايا ، قال في الإيضاح : وكان ينبغي أن يقال فوق الثنايا إلاّ أنّ سيبويه قال مثل ذلك ، فمن أجل ذلك عددوا ، وإلاّ فليس في الحقيقة فوق ذلك ، لأنّ مخرج النون يلي مخرجها وهو فوق الثنايا فكذلك هذا ، على أنّ الناطق باللام تنبسط جوانب طرفي لسانه ممّا فوق الضاحك إلى الضاحك الآخر وإن كان المخرج في الحقيقة ليس إلاّ فوق الثنايا ، هذا وإنّما ذلك يأتي لما فيها من شبه الشدّة ودخول المخرج في ظهر اللسان فينبسط الجانبان لذلك ، فلذلك عدّد الضاحك والناب والرباعية والثنايا.
و خالف الشاطبي (2) في ظاهره فلم يعتبر إلاّاللسان والحنك ، والشيخ أبو الحجاج يوسف بن محمد البلوي المعروف بابن الشيخ في كتاب « الف باء » فلم يعتبر إلاّ اللسان. وقال الجعبري (3) في « شرح حرز الأماني » : من رأس حافّة اللسان وطرفه ومحاذيهما من الحنك الأعلى ومن اللثّة في سمت الضاحك لا الثنيّة ، خلافاً لسيبويه. واعتبر الشيخ أحمد بن علي الكوفي صاحب « حل الرّموز » فويق الناب إلى الثنايا. أقول : أمّا النزاع بين سيبويه والحاجبي فيشبه أن يكون لفظياً كما هو الظاهر 1 ـ هو عثمان بن عمر بن أبي بكر المعروف بابن الحاجب ( المتوفّى 646 هـ ). له ترجمة في البداية والنهاية : 13 / 80 ـ النجوم الزاهرة : 4 / 301 ) 2 ـ أبوالقاسم بن فيّرة بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير ( 538 ـ 590 هـ ). له ترجمة في سير أعلام النُّبلاء : 21 / 261 ، البداية والنهاية : 13 / 10 ، النجوم الزاهرة : 6 / 136. 3 ـ ابراهيم بن عمر بن ابراهيم بن خليل الجعبري ( 640 ـ 732 هـ ) يُعرف بابن السراج. له ترجمة في معجم المؤلّفين : 1 / 69 ، اعلام الزركلي : 1 / 55 ، البداية والنهاية : 14 / 185. (90)
ممّا حكينا من كلامه ، فإنّه معترف بأنّ اللسان ينبسط على الضواحك وما بينها جميعاً ، إلاّ أنّه يقول : إنّ المخرج حقيقة ما فوق الثنايا ، وكأنّه في ذلك صادق ، واعتبر سيبويه جميع ذلك وإن كان بعضه تابعاً لبعض. وأمّا ابتداء صاحب « حل الرّموز » من الناب ، فلانتهاء الضعف في الضاحك ، فإنّ نهاية القوة في الوسط الذي هو بازاء الثنايا ولا يزال يضعف قليلاً قليلاً إلى الضاحك ، وربّما لم يظهر مدخليته لغاية الضعف فيه.
وأمّا عدم اعتبار الجعبري للثّنايا ، فلا يتمّ إلاّ إذا تلفّظ باللام بشدّة فإنّه حينئذ ينعطف طرف اللّسان إلى الحنك. وأمّا الشاطبي فلعلّه تسامح إمّا باستعمال الحنك فيما يشمل اللثَّة تغليباً ، أوبالاكتفاء ببعض أجزاء المخرج. ثمّ اللام من الحروف الذولقية أو الذلقية التي تبتدئ من ذولق اللّسان أو ذلقه أي حدّه وهي ثلاثة : الراء واللاّم والنون ، وفي بعض نسخ « العين » للخليل : إنّ حروف الذلق : الراء واللاّم والنون والفاء والباء والميم ، ولعلّه إدخال الثلاثة الأخيرة باعتبار طرف الفم إذ لا مدخل للسان فيها ، والمراد النسبة إلى الذلق ، بمعنى الفصاحة لخفّة النطق بها وسهولته ، ثمّ هي من المجهورة (1) أي التي يقوى التصويت بها ؛ لما يمنع النفس من الجبران معها وهي ما عدا حروف « سكت فحثه شخص ». وهي أيضاً بين الشديدة والرخوة وهي حروف لم ترو عنّا ، فإنّ الشديدة ما ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف وهي حروف « أجدك قطبت » ، والرخوة مايجري الصوت معها في الوقف وتلك الأحرف الثمانية ينحصر 1 ـ قال في تاج العروس : 3 / 114 ، المجهورة من الحروف عند النحويّين بأجمعهم في قولهم « ظلّ قوربض إذ غزا جند مطيع ». |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|