|
|||||||||||||||
(166)
المستثنى داخل في المستثنى منه المنكر ، ولهذا إذا علم في الموجب دخول المستثنى في المستثنى منه المنكر جاز الاستثناء اتّفاقاً نحو : له عليّ عشرة إلاّ واحد (1).
« في الثرى » يحتمل أن يكون ظرفاً لغواً ، لقوله : « وقع » تقدّم عليه ، وأن يكون مستقراً صفة ل « صلال » وعلى التقديرين ف « وقع » صفة وعليها فهي تحتمل الظرفية والاستعلاء. « رقش » إمّا صفة أُخرى ، أو خبر ل « هي » محذوفاً ، والجملة مستأنفة. وعلى الأوّل : جملة « يخاف الموت نفثاتها » صفة أُخرى ل « صلال » أو مستأنفة. وعلى الثاني : صفة ل « رقش ». وجملة : « والسمّ في أنيابها منقع » عطف على تلك الجملة إمّا عطف صفة على أُخرى أو عطف جملة على أُخرى كما عرفت في نظيرتها سابقاً. ويحتمل أن يكون حالاً إمّا عن الموت أو النفثات أو ما أُضيفت إليه أعني ضمير الـ « صلال » فإنّه فاعل النفثات معنى. والظرف أعني « في أنيابها » إمّا لغو متعلّق ب « منقع » وهو الظاهر أو مستقر حال عن السمّ ، أو خبر عنه و « منقع » خبر آخر وعلى هذا لا يحتمل الجملة الحالية كما لا يخفى. المعنى : أنّ لأُمّ عمرو مربعاً كذا وكذا مع أثر أو في أثر دار أي منزل أو بلدة أو صقع أو قبيلة ليس بتلك الدار أو الرسم أو بمنزل تلك القبيلة للوحشة أو مبصِر ـ بالكسر ـ أو مبصَر ـ بالفتح ـ أو ذو عَلَم أو معلوم أوحسّاس أو محسوس أو 1 ـ شرح الرضي : 2 / 97. (167)
سامع صوت أو مسموع ـ أي مسموع صوته ـ إلاّ حيات أو حيات من تلك الحيات التي عرفتها ساقطته في تلك الأرض أو في تلك الأرض النديّة أو عليها ، أو إلاّ حيات أوحيات من تلك الحيات كائنة في الثرى موصوفة بالسقوط ، وكان وصفها بالسقوط للدلالة إمّا على أنّ تلك الأرض لغاية إقفارها عن أهلها قد استوطنتها الحيّات و أمِنَّ من أن يكون لهنّ ما يعاديهنّ فلا يتحركن عنها إلى حجرة ولا يهربن عن شيء ، أو على أنّها من التجر عمّا جرى على المربع والدار من الإقفار وامحاء الآثار لا يتحرّكن بل تولّين وسقطن متدلّيات حائرات ، أو على أنّها لغاية إقفارها ليس فيها ما تتغذّى به الحيات فهنّ لغاية الضعف وطول الجوع ساقطات لا يقدرن على التحرّك.
أو أراد أنّها وقفن على الأرض متهيّئات للوثوب على كلّ من يمرّ أو ما يمرّ عليهنّ ليلسعنه فإنّ من الحيّات نوعاً تثب على الناس فتقتلهم ، وكلّ شيء إذا أراد الوثوب لصق نفسه بالأرض ساعة ثمّ يثب. ثمّ وصف الحيّات بأنّها « رقش » فإنّ الحيّات الرقش أخبث من غيرها ، فإن كانت الصلال أعمّ من الرقش فالوصف بها تقييد وإلاّ فتوضيح. ثمّ بالغ بالخبث فقال : إنّ الموت الذي يخاف منه كلُّ شيء يخاف من نفثات تلك الحيّات فضلاً عن عضّها بأنيابها ، و إنّ السمّ مربى في أنيابها أي رُبِّي حتى بلغ الكمال فلا سمّ أقوى منه. أو أراد أنّ كلّ السمّ في أنيابها وهو منقع أي كان كل سمّ قد ربّي حتى بلغ الكمال والكل أُودع في أنيابها. أو أنّ السمّ حال كونه في أنيابها مربّى. أو أراد أنّ الموت يخاف نفثاتها حال كون السمّ منقعاً في أنيابها ، أو حال (168)
كون السمّ حال كونه في أنيابها منقعاً.
ويحتمل أن يكون المراد بالدار دار الرسول ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) إمّا منزله أو بلده أو رتبته الظاهرية التي هي السّلطنة والرئاسة الظاهرة. والمراد ب « الصلال » الضلاّل المضلّين من الغاصبين للخلافة وأشياعهم لعنهم اللّه ، فإنّ أعدى عدو للإنسان من الحيوانات هو الحيّة وهؤلاء أعدى الناس للنّاس ، فإنّهم يضرّون بدينهم الذي به الحياة الأبدية أو بدينهم ودنياهم ؛ وأعدى الناس للمؤمنين حقيقة وظاهراً. والمراد ب « الثرى » إمّا ثرى تلك الدّار حقيقة إن كانت الدار حقيقة ، أو مجازاً إن كانت مجازاً أو جملة الأرض. والمراد بوقوعهم في الأرض ، إمّا اطمئنانهم ، أو وقوعهم ليثبوا على النّاس فيسلبوهم حياتهم الأبدية أو حياتهم الدنيوية. أو ليثبوا على المؤمنين أو الأئمّة ـ صلوات اللّه عليهم ـ أو عليهم وعلى المؤمنين ، أو أنّهم وقعوا في الأرض يفعلون ما يشاءُون. أو أنّهم أخلدوا إلى الأرض. أو أنّهم متحيّرون في الدين لكونهم مذبذبين. أو في أحكام الواقعات الّتي ترد عليهم ، لجهلهم بالكتاب والسنّة وم آخذ الأحكام. ثمّ إنّ وصف الصلال بالرقش إمّا لمجرّد أنّ الحيّات الرقش أخبث الحيّات من غير ملاحظة مثله في المستعار لهم ، أو للدلالة على أنّهم يحسنون ظواهرهم ويزيّنونها بظواهر الشّرع حتى ينخدع بهم النّاس كالحيّات الرّقش التي منظرها حسن وفجرها من القبح في أقصى الغاية. وفي استعارة أصل الصلال لهم إشارة إلى أنّ فيهم مثل ما في الحيّات من لين الملمس مع الخبث المتبالغ ، ففيهم أيضاً لين وحُسن ظواهر مع ما في بواطنهم من العداوة التي لا يكتنه كنهها ، والخبث الّذي (169)
لا يمكن أن يصفه واصف مطري أو الوصف الرقش ، إشارة إلى أنّهم ذوو ألوان في الدّين كما هو صفة المنافقين.
أو إلى اختلاف أقوالهم في الأحكام الدينية على حسب اختلاف أهوائهم أو لتحيّرهم وجهلهم بم آخذها. وعلى هذا الاحتمال يحتمل أن يكون استعارة الموت للأئمة ـ صلوات اللّه عليهم ـ لكونهم حياة الإيمان والمؤمنين وموت الضلال والضالين والمضلّين ، أو لشجعان المؤمنين أو للكل ؛ وقد سمّى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وآله نفسه بالموت في كتابه إلى أبي بكر حيث قال : أما واللّه لو قلت ما سبق من اللّه فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل الأسنان دوارة الرحى ، ( فإن نطقت يقولون حسداً ) (1) وإن سكتُّ فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت ، هيهات هيهات السّاعة يقال لي هذا وأنا الموت المميت وخواض المنايا في جوف ليل حالك. (2) وأن يكون استعار السمّ للكفر والضلال الذي هو نافي للحياة الأبديّة الحقيقية كما أنّ السم ناف للحياة الدنيويّة. وأن يكون استعار الأنياب لأنصارهم فإنّ الأنياب سلاح ذواتها. ويحتمل أن لا يكون تجوّز إلاّ في المركب بأن يكون مثل خلو مرتبة الخلافة والرئاسة عن أهلها وقيام غيرهم مقامهم ممّن يقتلون الناس قتلاً دينيّاً ويقتلون المؤمنين قتلاً دنيوياً ، أو يعادون الناس أو المؤمنين بدار لم يبق لها رسم وليس بها إلاّصلال كذا و كذا. 1 ـ ما بين القوسين من المصدر. 2 ـ الطبرسي ، الاحتجاج : 1 / 245. (170)
المعاني :
فيه مسائل : الأُولى : في العدول عن « في » أو « مع » إلى « الباء » ، وله وجوه : منها : رعاية الوزن. ومنها : الإيجاز. ومنها : التوجيه. الثانية : في حذف المسند إليه إن كان قوله « برسم دار » خبر المبتدأ محذوف وله وجوه : منها : الوزن. ومنها : التوجيه. ومنها : الاحتراز عن العبث في الظاهر من جهتين : إحداهما وجود القرينة ، والأُخرى تخييل أنّ ذلك المربع إمّا من جهة كونه مربع أُمّ عمرو ، أو لاتّصافه بتلك الحالة العجيبة الشأن ممّا لا يغيب عن الأذهان فحضوره في الذّهن مغني عن ذكره في الكلام. ومنها : إظهار التضجّر عن ذلك المربع حتى أنّ نفسه لا تساعده على ذكره مرّة ثانية ولو بالضمير. ومنها : الإشارة إلى أنّه من النكارة بلغ إلى حيث لا يمكن أن يشار إليه بالضمير فإنّه لو ذكر المسند إليه كان الوجه أن يذكره بالضمير. الثالثة : في ظرفية المسند أو الوصف أو الحال والوجه فيه ما تقدّم في البيت (171)
الأوّل ، و يزيد هنا إرادة استيفاء أقسام النعت في الظاهر فإنّ من أقسامه الظرف وإن كان في الحقيقة إمّا مفرداً أو جملة.
الرابعة : في حذف متعلّق الظرف ووجهه مع الوزن اتّباع الاستعمال. والتوجيه من وجهين : أحدهما : احتمال الوصفية والحالية والاستيناف. والثاني : احتمال المصاحبة والظرفية. الخامسة والسادسة : في تنكير دار ووصفها. والوجه فيهما ما تقدّم في تنكير « مربع » ووصفه. السّابعة : في الإتيان بهذا النعت أو الحال. ووجهه ما مرّ في الوصف بالأوصاف السابقة. الثامنة : في تأخير هذا النعت عن النعوت السابقة إن كان نعتاً ، وله وجوه : الأوّل : إنّ تلك نعوتُ له من جهته في نفسه وهذا نعت له بالمقايسة إلى غيره. والثاني : إنّه أطول منها ، فيطول الفصل بها بين النعت ومنعوته حتى لا يشعر السّامع بوصفية البيت الثاني أصلاً ولا يشعر بوصفيّة الأوّلين أوّل مرّة إن قلنا إنّه يشعر بها بعد التأمّل. والثالث : إنّه لو قدّمه على سائر الأوصاف لم يحتمل إلاّ الوصفية فزال التوجيه. والرّابع : إنّه وصف محتمل للافراد والجملة الاسميّة والفعلية ، وسائر الأوصاف كلّها أوصاف متعبة فهي أولى بالتقديم ، وأيضاً الصّورة الظرفية متأخّرة الرتبة عن الصورة الافرادية والجملية فإنّها مؤوّلة بإحداهما. (172)
التاسعة : في وصف الدار ووجهه ما تقدم.
العاشرة : في جملية وصفها إن كان جملة وإلاّ فليقل وصفها بهذا النوع من الوصف ، ولها وجوه : منها : التصريح بكون النفي في الحال ، فإنّه يستفاد من لفظة « ما ». ومنها : إنّها الأصل هنا فإنّ المقصود انتفاء المونس فإن أتى بالمفرد كان مفرداً مصاغاً منها. ومنها : صراحة العموم في المونس لوقوعه في حيّز النفي صريحاً. ومنها : ظهور صحّة الاستثناء من المونس لصراحة عمومه ؛ لعدم جواز الاستثناء من المنكر إلاّ إذا عمّ ، وفي الوصف بمثل هذه العبارة وجه آخر هو التوجيه من جهتين : احتمال الإفراد والجملية ، واحتمال الاسمية والفعلية. الحادية عشرة : في الإتيان بما دون ليس ، ووجهه مع الاختصار والوزن التوجيه ، فإنّه لو أتى بليس لم يحتمل إلاّ أن يكون جملة فعلية فاعلها مونس ، وليكون بصورة الجملة الاسمية إن لم يكن اسمية حقيقة ليكون ذا وجهين : التجدد والثبات. الثانية عشرة : في تقديم الظّرف أعني « بها » والوجه فيه : أوّلاً : ما تقدّم في تقديم الظرف في « تروح عنه الطير » ، وزيادة تخصيص « مونس » ، والتوجيه ، وإذا جعل مونس فاعلاً للظرف ، فالوجه أصالة تقديم العامل مع الوجهين الأوّلين. الثالثة عشرة : في تقديم الظرف أعني « في الثرى » على « وقع » إن كان متعلّقاً به. ووجه التوجيه ورعاية الوزن والقافية. الرابعة عشرة : في فائدة الوصف بهذا الظرف إن كان وصفاً ، أمّا إن كان « في » (173)
بمعنى « على » ففائدته الدلالة على أنّهنّ لا يأوين إلى حجر لأمنهنّ إذ ما بها غيرهن. وأمّا إن كانت للظرفيّة فللدلالة على أنّه ليس بها إلاّ الأرض.
الخامسة عشرة : في الوصف ب « وقع » وقد تبيّن لك وجهه فيما قدّمنا وكذا الوصف ب « رقش ». السادسة عشرة : في تأخير الوصف ب « الرقش » عمّا تقدّمه. ووجهه أنّ ما تقدّمه سواء كان نعتاً واحداً أو نعتين ، نعت بما يتعلّق بالدار ، ويعلم منه نعتها بالإقفار وامحاء الرسوم واتّصافها بحالة عجيبة يتحيّر منها ، فناسب التقديم على ما لا يتعلّق بها من الأوصاف وهذا هو الوجه في تأخير « وقع » عن الظرف إن كان صفة ، مع ما تقدّم من التوجيه ورعاية الوزن والقافية. السابعة عشرة : في تأخير الوصف بالجملتين عن الوصف ب « الرقش » ، والوجه فيه مع كونهما جملتين : رعاية الترقّي في وصفهما بالخبث ، التصريح بالخبث المبالغ عمّا هو علامة الخبث. الثامنة عشرة : في تأخير الجملة الثانية عن الأُولى. ووجهه ما تقدّم في البيت الثاني مع التوجيه باحتمال الحالية. التاسعة عشرة : في جعلها مقرونة بحرف العطف ووجهه جميع ما تقدّم في البيت الثاني. العشرون : في اسميتها ، ولها وجوه : منها : التوجيه. ومنها : رعاية القافية. ومنها : الدلالة على الثبات بتخييل أنّ كمال السمّ في أنيابها ليس أمراً محدثاً (174)
بل هو أبداً ثابت ليس له زمان انتفاء.
الحادية والعشرون : في تعريف المسند إليه ، أمّا إن كان للعهد الذهني فيصحّ الابتداء به ، وأمّا إن كان للاستغراق فله وللمبالغة المطلوبة التي عرفتها. الثانية والعشرون : في تقديم الظرف أعني في إتيانها على « منقع » ووجهه التوجيه ورعاية القافية والوزن وتقريب الضمير من مرجعه والاهتمام ، لكون الكلام في بيان صفات الصلال وإفادة الاختصاص بادّعاء أن لا سمّ في غيرها ؛ إمّا لحقارة سموم غيرها بالنسبة إلى سمومها في الغاية أو بادّعاء أنّ جميع السموم قد اجتمعت في أنيابها. الثالثة والعشرون : في أنّ هذه الأبيات الأربعة أهي أخبار أم إنشاءات ؟ فنقول : إنّها أخبار من وجه إنشاء من آخر ، وذلك أنّ كلّ مركّب تام أو غيره فله وضعان : أحدهما شخصي وهو وضع مفرداته ، والآخر : نوعي وهو وضع الجملة وله بحسب كل ّوضع معنى فنحو : زيد قائم ، مثلاً ، معناه بحسب الوضع الشخصي : أنّ القيام ثابت لزيد ، ومعناه بحسب الوضع النوعي إخبار المخاطب بذلك. إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ربّما يؤتى بالجملة الخبرية ويراد بها الإنشاء بالنسبة إلى وضعه الشخصي كما يراد بذلك المثال أمر زيد بالقيام. وكما أنّه يراد بنحو : رحم اللّه فلاناً ، طلب الرّحمة له من اللّه تعالى. وقد يؤتى بها ويراد بها الإنشا بالنسبة إلى وصفه الثاني كقوله تعالى حكاية : ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) (1) فإنّه لم يرد إخبار اللّه 1 ـ مريم : 4. (175)
تعالى بذلك وإنّما أراد الاستعطاف والاسترحام منه ، وهذه الأبيات الأربعة من هذا القبيل فإنّ المراد بها إظهار التحسّر والتأسف.
ويحتمل أن لا يكون المراد بها إلاّ الاخبار وإن تضمّنت إظهار التحسّر. البيان : يحتمل أن يكون البيتان الأوّلان على حقيقتهما بلا تجوز في جزء من أجزائهما ولا في الجملة. ويحتمل أن يكون الدار استعارة تصريحية مرشّحة من وجوه : الأوّل : ذكر الرسم. والثاني : ذكر الباء التي بمعنى « في » فإنّ الظرفية الحقيقية إنّما هي للمكان أو الزّمان. والثالث : ذكر المونس. والرابع : ذكر الصلال بالنسبة إلى معناها الحقيقي. وأن يكون « الصلال » استعارة تصريحية مرشّحة باعتبار ذكر النفثات والسمّ. وأن يكون « الثرى » ترشّحاً لاستعارة الدّار أو بتخييله على تفسير السكّاكي لها. وأن يكون المراد ب « الوقوع » التهيّؤ للإيذاء أو الاطمئنان أو الإفساد أو التحيير مجازاً على ما عرفت. وأن يكون « الرّقش » مجازاً عن حسن الظن أو النفاق أو اختلاف الأقوال في (176)
الأحكام.
وأن يكون « الموت » استعارة مصرّحاً بها مجرّدة ، لمقارنتها بالخوف الملائم للمشبه. وأن يكون « النفثات » ترشيحاً للصلال ، أو تخييلية على ذلك بالتفسير ، أو استعارة برأسها للقليل من إيذائهم. وأن يكون المصراع الثاني أيضاً ترشيحاً أو تخييلية للصلال. وأن يكون « السمّ » استعارة للصلال والأنياب للأنصار. ويحتمل أن يكون البيتان جميعاً تمثيلاً لحال دار الرسول صلوات عليه وآله ، أو رتبة الرئاسة والخلافة في خلوها عن أهلها واشتغالها بأئمّة الجور بحال دار ليس بها إلاّ صلال كذا وكذا. (177)
« لمّا » على وجوه : اسم ، وحرف مركّب من كلمتين ومركب من ثلاث كلمات. فالاسم مصدر « لم » إذا وقف عليه نصباً. والمركّب من كلمتين كما في قوله :
1 ـ ونظير ذلك في الألغاز ، قوله :
وجوابه : أن الأصل « بل ردّيه » ثم كتب على لفظ الألغاز ( المصدر نفسه ). (178)
ظرفية ، و « ادع » منصوب ب « لن » والظرف أعني « ما » مع ما أُضيف إليه ظرف ل « ادع » وأمّا نصب « اشهد » فبـ « أن » مقدّرة ، والواو عاطفة له على القتال لا على « ادع » كقوله :
و « الحرف » قسمان : عاملة وهي الجازمة المختصة بالمضارع. وغير عاملة ، وهي قسمان : حرف استثناء نحو ( إِنْ كُلُّ نَفْس لَمّا عَلَيْها حافِظ ) (3) فيمن شدّد الميم ، ونحو : انشدك باللّه لما فعلت. وحرف وجود لوجود ، وقيل : وجوب لوجوب ، فيكون نظيره « لو » إلاّ أنّها 1 ـ جاء في بلاغات النساء لابن طيفور : 119 قال : قال أحمد بن الحارث بن أبي الحسن المدايني قال : كان يزيد بن هبيرة الممارس أول أمير ولي اليمامة لعبد الملك بن مروان فتزوج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري فقالت :
2 ـ هود : 111. 3 ـ الطارق : 4. (179)
حرف امتناع لامتناع وهي تقتضي جملتين ولا تدخل إلاّ على الماضي. وزعم ابن السرّاج والفارسي وابن جنّي وجماعة أنّها ظرف بمعنى « حين » وابن مالك أنّها ظرف بمعنى « إذْ » وأُريد بلزوم الإضافة إلى الجملة لها واختصاصهما بالماضي.
« وقف » يقف وقوفاً : دام قائماً ، وقفته وقفاً يتعدّى ولا يتعدّى. « التاء » المتحركة المضمومة : ضمير متّصل مرفوع للمتكلّم وحده ، والمذهب المنصور أنّه أعرف المعارف. « الألف واللاّم » في « العيس » : للعهد الذّهني أو الخارجي باعتبار أنّ مراده « عيسيّ » فعوّض الألف واللام عن الإضافة. و « العيس » ـ بالكسر ـ : الإبل البيض التي يخلط بياضها شي من الشقرة ، واحدها « اعيس » والأُنثى « عيسا » ، و تعيست الإبل : صارت بياضاً في سواد الظّرفية المدلول عليها ب « في » إمّا حقيقية أو مجازية ، والمراد : في جنب رسمها فتنزل مجاور الظرف منزلة الظرف. « الواو » للحال ، « الألف واللام » للعهد الخارجي لأنّها عوض عن الإضافة أي عيني العين الجارجة المخصوصة من حرف جرّ بمعنى التعليل. « العرفان » والمعرفة : إدراك الشيء ، بتفكّر و تدبر لأثره ، وأصله من « عرفت » أي أصبت عرفه ، أي رائحته ، أو أصبت عُرفه أي حدّه ، ولذا يقال : عرفت اللّه لأنّ إدراكه تعالى إنّما هو بالتفكّر والتدبّر في آثاره ، ولا يقال : عرف اللّه ، إذ لا تفكّر ولا تدبّر في شأنه تعالى ويضادّه الإنكار كما يضادّ العلم الجهل ، قال سبحانه : ( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرونَها ) (1) وقال تعالى : ( فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ). 1 ـ النحل : 83. 2 ـ يوسف : 58. (180)
فقد تحقّق أنّ (1) المعرفة أخصّ من العلم ، وقد يقال : إنّ الفرق بينها وبين العلم أنّها تخصّ البسيط أي التصوّر أو الجزئي. والعلم يخصّ المركّب أي التصديق أو الكلّي.
ويقال : إنّها العلم الحادث بعد أن لم يكن أو الأخير من العلمين المتحلّل بينهما غفلة أو نسيان ، أوجهل. دمعت العين « تدمع » كمنع وفرح ، أي سال منها الدّمع. « الذكر » والذكرى : خلاف النسيان ، واجعله منكم على ذكر ـ بالكسر وبالضم ـ أي لا تنسه. « مَن » اسم مبنيّ على السكون يختصّ بذي العقل مفرداً كان أو مثنى أو مجموعاً ، مذكّراً أو مؤنّثاً ، موجوداً أو معدوماً متوهّماً ، فقد قالت العرب : أصبحت كمن لا يخلق ، خلافاً لبشر المريسي فإنّه لم يجوّزه ، و ربّما أُطلق على ما لا يعقل تنزيلاً له منزلة من يعقل كقوله تعالى إشارة إلى الأصنام : ( مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ القِيامةِ ) (2) ، وعلى ما يشمل العاقل وغيره تغليباً نحو : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ ) (3) ، وعلى غير العاقل وحده إذا وقع في تفصيل جملة يدخل فيها العاقل وغيره نحو : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعَ ) (4) وذهب قطرب وجماعة إلى عدم اختصاصه بالعاقل وجواز استعماله في غيره مطلقاً ، وهو يقع على وجوه : منها : الموصولة نحو قوله تعالى : ( وَللّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ). (5) 1 ـ يوسف : 58. 2 ـ الأحقاف : 5. 3 ـ النور : 45 4 ـ النور : 45 5 ـ الرعد : 15. |
|||||||||||||||
|