اللآلئ العبقرية في شرح العينيّة الحميرية ::: 511 ـ 525
(511)
    جملة المصراع الأخير حال عن « حيدر ».
    « تطلع » يجوز أن يقرأ بالتاء الفوقانية على أن يرجع الضمير إلى « الشمس » وأن يُقرأ بالياء التحتانية على أن يرجع الضمير إلى « حيدر » أو « وجهه ».
    فعلى الأوّل الظرف أعني « إذ » مع ما أُضيف إليه مستقرّ حال عن الشمس.
    وعلى الثاني لغو متعلّق بمعنى التشبيه المفهوم من الكاف ، يعني أنّه وقت الظهور يشبه الشمس.
    المعنى :
    وللناس يوم يزعجهم اللّه من القبور أو يجمعهم في عرصة القيامة أو يزعجهم ويجمعهم : خمسة أعلام : فمنها شطر هالك أو هالك الأصحاب ، أو ذو هلاك أي هالك الأصحاب ، أو خمس فرق ذوي أعلام.
    فمنها : شطر هالك. ثمّ بيّن الشطر الهالك بأنّه أربع رايات ، فراية الذي هو عجل هذه الأُمّة و فرعونها أو فرعونها أو فرعون الراية أي أصحابها وسامريّ الأُمّة ، أو راية العجل والفرعون والسامريّ هي المسرعة يوم الحشر ، أو في الضلال والكفر والنفاق ومخالفة الوصية ، أو هي ذات الشنع أو الداخلة في الشنع ، أو الآتية بالشنع ، أو المشنع عليها أي التي يشتمها الناس يوم الحشر أو يفضحها اللّه تعالى أو التي تستحقّ الشتم والفضيحة ، أو هي الشناعة أي الفضاعة والقبح ، أو هي محل الشناعة أو محل الشنع أي الشتم والفضيحة ، أو هي المهملة للحقّ أو لوصية النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، أو هي الخبيثة كالشناع ، أو هي أدعياء أولاد زنا ، وذلك لأنّه قد تواترت الأخبار أنّ من أبغض آل الرسول صلوات اللّه عليه وعليهم وخالفهم فهو ولد زنا أو ولد حيض ، وهو أيضاً بمنزلة ولد الزنا في الخبث ، ولذا نرى كثيراً من الأخبار


(512)
خالية عن ذكره مقتصرة على ذكر ولد الزنا ، أو هي كثيرة الأصحاب أو وافرة الضلال والفتن والشرور ونحوها ، أو هي الشبعى من الدنيا المتضلّعة منها ، أو أصحاب راية العجل. الخ.
    وراية منها يتقدّمها أي أربابها ، أو أصحاب راية يتقدّمهم رجل أسود شديد السواد ، أو طويل أسود عبد أو هو عبد لئيم لئم أي متأكّد اللؤم ، أو عبد أو أحمق أو صغير أي حقير غير ذي شرف وعزّ ، أو من لا يتّجه لمنطق ولا غيره أعوج الكوع.
    وراية منها أو أرباب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم من هو كالثعلب في المكيدة والغدر ، أو في الجبن وهو قد أنشأ من الكذب والفعل الشنيع أو الكذب العظيم ما ليس على حذو شيء من الكذب والفعل الشنيع ، أو أبدعه اللّه تعالى لأجل ذلك أي لما لم يصدر منه إلاّ ذلك ، فكأنّه خلق لأجله ، كما قال اللّه تعالى : ( خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَل ) (1) على وجه ، أو من صفة ذلك أو والحال ذلك.
    وراية منها أو أصحاب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم عثمان الذي هو كالنعثل أو كنعثل لا برّد اللّه ضجعاً له أو له ضجعة.
    أو فمنها راية العجل وكذا وكذا.
    أو فمنها راية العجل ومنها كذا و منها كذا.
    ثمّ ابتدأ فقال : هذه أعلام أربعة قد أُسكنوا في سقر ليس لهم من أقصى عمقها طلوع أي خروج وظهور ، أو مكان طلوع أو زمانه ، أو أربعة في سقر أُسكنوا فيها ، أو أربعتها كذا ، أو هذه الرايات كذلك حال كونها أربعة. إلى آخره. أو
1 ـ الأنبياء : 37.

(513)
المعنى راية العجل وكذا وكذا أربعة الخ. أو حال كونها أربعة في سقر ، أو حال كونها أربعة وحال كونها في سقر أُودعوا فيها ، أو أربعتها في سقر ، أو أربعتها حال كونها في سقر أُودعوا فيها ، أو حال كونها أربعة في سقر أُودعوا ليس لهم. إلى آخره. أو أربعتها حال كونها في سقر أُودعوا ليس لهم. الخ.
    وراية منها أو أصحاب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم حيدر ، والحال أنّ وجهه كالشمس وقت طلوعها أو وقت طلوعه.
    أو ومنها راية كذا ، ولنذكر هنا ما حضرنا من أخبار الرايات فنقول :
    قال السيد الأجل رضي الملّة والحق والدين ، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي رضي اللّه عنه في كتاب « اليقين باختصاص مولانا عليّ ( عليه السَّلام ) بإمرة المؤمنين » ما هذا لفظه : الباب السادس والتسعون فيما نذكره من كتاب المعرفة تأليف عباد بن يعقوب الرواجني برجالهم في تسمية النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لعلي ( عليه السَّلام ) أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ، نذكر منه بلفظه ما يحتمله هذا الكتاب ويليق ذكره بالصواب من حديث الخمس رايات : فيقول عباد :
    قد حدّثنا أبو عبد الرحمن المسعودي قال : حدّثنا الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن حيّان بن الحارث الأزدي ، عن الربيع بن جميل الضبي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، قال : لمّا سير أبو ذر ـ رضي اللّه عنه ـ اجتمع هو وعليّ ( عليه السَّلام ) والمقداد بن الأسود قال : ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : أُمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات :
    أوّلها راية العجل ، فأقوم فآخذه بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك يتبعه. فأقول : ماذا خلّفتموني في الثقلين


(514)
بعدي ؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر فمزّقناه واضطهدنا الأصغر وابتزيناه حقّه. فأقول : اسلكوا ذات الشمال ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
    ثمّ ترد عليّ راية فرعون أُمّتي ، فمنهم أكثر الناس وهم المبهرجون. (1)
    قلت : يا رسول اللّه وما المبهرجون ؟ أبهرجوا الطريق ؟
    قال : لا ولكنّهم بهرجوا دينهم ، وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون فآخُذُ بيد صاحبهم فإذا أخذتُ بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه. فأقول لهم : ما خلّفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
    ثم ترد عليّ راية فلان (2) وهو أمام خمسين ألفاً ، فأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه. فأقول لهم : ما خلّفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : كذبنا الأكبر وعصيناه وخذلنا الأصغر وخذلنا عنه. فأقول : اسلكوا سبيل أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
    ثمّ يرد عليّ المخدج برايته وهو أمام سبعين ألفاً من أُمّتي فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه. فأقول : ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟
1 ـ البَهْرَج : التعويج من الاستواء إلى غير الاستواء. ( لسان العرب : « بهرج » ).
2 ـ في الخصال « راية هامان أُمتي » و بعدها « راية عبداللّه بن قيس ».


(515)
    فيقولون : كذبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.
    فأقول : اسلكوا سبيل أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
    ثمّ يرد راية (1) أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين فأقوم فآخذه بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه فأقول : ماذا خلّفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : اتّبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقُتلنا معه. فأقول لهم : ردوا رواءً مرويّين ، فيشربون (2) شربة لا يظمأون بعدها أبداً ، وجه إمامهم كالشمس (3) الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، وكأضوأ نجم في السماء.
    قال : ألستم تشهدون على ذلك ؟ قالوا بلى. قال : وأنا على ذلكم من الشاهدين.
    قال الحارث : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ صخر بن الحكم حدّثني به.
    وقال صخر : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ حيان بن الحارث حدّثني به.
    وقال حيان : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ الربيع بن جميل حدّثني به.
    وقال الربيع بن جميل : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا ذر حدّثني به. (4)
    وقال أبو ذر رضي اللّه عنه : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم )
1 ـ في الأصل : « علي ».
2 ـ من المصدر. وفي الأصل : « ردّوا فيردون ».
3 ـ من المصدر. وفي الأصل : « أبدانهم كالشمس ».
4 ـ في المصدر : قال صخر : اشهدوا عليَّ بهذا عند اللّه أنّ الربيع بن جميل حدثنى به.
    وقال الربيع : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ مالك بن ضمرة حدثني به.
    وقال مالك : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا ذر حدثني به.


(516)
حدّثني به.
    وقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لأبي ذر : اشهد أنّ جبرئيل حدّثني به عن اللّه تعالى.
    وقال أبو عبد الرحمان : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ الحارث حدّثني به.
    وقال عباد : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا عبد الرحمان حدّثني به. وقال عباد : واسم أبي عبد الرحمان عبد اللّه بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعود.
    قال علي بن العبّاس : واشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ عبّاداً حدّثني به.
    قال أبو علي عمر : واشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ عليّ بن العباس حدّثني به. هذا لفظ الباب بتمامه. (1)
    ثمّ قال ما هذا لفظه : الثامن والتسعون : فيما نذكره من كتاب « تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) » من المجلّد الأوّل منه ، تأليف الشيخ العالم محمد بن العباس بن علي بن مروان ، في تسمية النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) مولانا عليّاً ( عليه السَّلام ) « أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين » :
    اعلم أنّ هذا محمد بن العباس قد تقدّم ممّا ذكرناه عن أبي العباس أحمد بن علي النجاشي أنّه ذكر عنه : « إنّه ثقة ثقة عين » وذكر أيضاً أنّ جماعة من أصحابه ذكروا : « إنّ هذا الكتاب الذي ننقل منه ونروي عنه لم يُصنَّف في معناه مثله ». وقيل : « إنّه ألف ورقة ». وقد روى أحاديثه عن رجال العامة ليكون أبلغ في الحجّة وأوضح في المحجّة ، وهو عشرة أجزاء.
    والنسخة التي عندنا الآن قالب ونصف الورقة مجلّدان ضخمان ، قد نسخت
1 ـ السيد علي بن طاووس الحلّي : اليقين : 275 ، الباب 96 ؛ الخصال : 457 ، ح 2.

(517)
من أصل عليه خطّ أحمد بن الحاجب الخراساني ، في إجازة تاريخها ، في صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وإجازة بخط الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي وتاريخها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
    وهذا الكتاب أرويه بعدّة طرق ، منها عن الشيخ الفاضل أسعد بن عبد القاهر المعروف جدّه بسفرويه الاصفهاني ، حدثني بذلك لمّا ورد إلى بغداد في صفر سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بداري بالجانب الشرقي من بغداد التي أنعم بها علينا الخليفة المستنصر ـ جزاه اللّه خير الجزاء ـ عند المأمونية في الدرب المعروف بدرب الحوبة ، عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن العبد أبي الحسين الراوندي ، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي ، عن السعيد أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنهم.
    وأخبرني بذلك الشيخ الصالح حسين بن أحمد السوراوي إجازةً في جمادى الآخرة سنة سبع وستمائة ، عن الشيخ السعيد محمد بن القاسم الطبري ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمد الطوسي ، عن والده السعيد محمد بن الحسن الطوسيّ.
    وأخبرني بذلك أيضاً الشيخ علي بن يحيى الحافظ إجازة ، تاريخها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستمائة ، عن الشيخ السعيد عربي بن مسافر العبادي ، عن الشيخ محمد بن القاسم الطبري ، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمد الطوسي ، وغير هؤلاء ـ يطول ذكرهم ـ عن السعيد الفاضل المطّلع على علوم كثيرة من علوم الإسلام والده أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال : « أخبرنا بكتب هذا الشيخ العالم أبي عبد اللّه محمد (1) بن العبّاس بن مروان ، ورواياته جماعة من أصحابنا عن
1 ـ « بن محمد » : المصدر.

(518)
أبي محمد بن (1) هارون بن موسى التلعكبري ، عن أبي عبد اللّه محمد بن العباس بن مروان المذكور ».
    فقال في كتابه الذي قدّمنا ذكره في تفسير قوله جلّ جلاله : ( يَومَ تَبْيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (2) ما هذا لفظه :
    حدّثنا محمد بن القاسم المحاربي ، قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن المسعودي عبد اللّه بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعود ، عن الحارث بن حصيرة عن ابن الحكم (3) الفزاري ، عن حنان (4) بن الحارث الأزدي ، عن الربيع بن جميل الضبّي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي (5) ، عن أبي ذر الغفاري : إنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : ترد عليّ أُمّتي بخمس رايات. فذكر الحديث ـ إلى أن قال : ـ ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ، فأقوم فآخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : بما خلّفتموني في الثقلين ؟ فيقولون : تبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه.
    فأقول : ردوا رواءً مرويّين (6) ، فيشربون شربةً لا يَظمأون بعدها ، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجههم كالقمر ليلة البدر ، أو كأضوأ نجم في السماء.
    قال أبو ذر لعليّوالمقداد وعمّار وحذيفة وابن مسعود ـ و كانوا شيّعوه لمّا سير ـ : ألستم تشهدون عليّ ذلك ؟ قالوا : بلى ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين. (7) انتهى هذا الباب بتمامه بألفاظه.
1 ـ « بن » ليس في المصدر.
2 ـ آل عمران : 106.
3 ـ « عن صخر ابن الحكم » : المصدر.
4 ـ « حباب » : المصدر ، وفي البحار : « حنان ».
5 ـ « الدوسي » : البحار.
6 ـ « رواءً مرويّين » : من المصدر.
7 ـ اليقين : 279 ـ 281 الباب 98. وروى مثله في البحار : 8 / 24 ، الباب 20 ، ح 19 عن كفاية الطالب.


(519)
    ثمّ قال ما هذه عبارته : الباب الرابع والعشرون بعد المائة : فيما نذكره عن هذا أحمد بن محمد الطبري من كتابه برجالهم في حديث الخمس رايات ، وذكر فيها تسمية مولانا علي ( عليه السَّلام ) أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين ، فقال :
    حدّثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي العدل ، وعلي بن أحمد بن حاتم التميمي ، وعلي بن العباس البجلي ، وعلي بن الحسين العجلي ، وجعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، والحسن بن السكن الأسدي الكوفيون ، قالوا : حدّثنا عباد بن يعقوب ، قال : أخبرنا علي بن هاشم بن زيد ، عن أبي الجارود ، زياد بن المنذر ، عن عمران بن ميثم الكيّال ، عن مالك بن ضمرة الرؤاسي ، عن أبي ذرّ الغفاري ، قال : لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ( يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (1) قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ترد أُمّتي يوم القيامة على خمس رايات :
    فأوّلها مع عجل هذه الأُمّة ، فآخذ بيده فترجف قدماه و يسودّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما فعلتم بالثقلين ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فخرقنا ومزّقنا ، وأمّا الأصغر فعادينا وأبغضنا. فأقول : ردّوا ضماءً مظمئين مسودّة وجوهكم ، فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.
    ثمّ ترد عليّ راية فرعون هذه الأُمّة ، فأقوم فآخذ بيده ثمّ ترجف قدماه ويسودّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما فعلتم بالثقلين ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فمرقنا منه ، وأمّا الأصغر فبرئنا منه ولعنّاه.فأقول : ردّوا ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم ، فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.
1 ـ آل عمران : 106.

(520)
    ثمّ ترد عليّ راية ذي الثدية معها أوّل خارجة وآخرها ، فأقوم فآخذ بيده فترجف قدماه ويسودّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما فعلتم بالثقلين بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فمرقنا منه ، وأمّا الأصغر فبرئنا منه ولعنّاه. فأقول : ردّوا ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.
    ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين فأقوم ، فآخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه فأقول : ما فعلتم بالثقلين بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فاتّبعناه وأطعناه ، وأمّا الأصغر فقاتلنا معه حتى قُتلنا. فأقول : ردوا رواء مرويّين مبيضّة وجوهكم فيؤخذ بهم ذات اليمين وهو قول اللّه عزّوجلّ ( يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمّا الّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمّا الّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيها خالِدُون ). (1) انتهى الباب بألفاظه على ما فيما عندنا من النسخ.
    والظاهر أنّه سقط من أقلام الكُتّاب ذكر راية من الخمس.
    وفي تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسير سورة آل عمران مثل هذا الخبر ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الجارود ، عن عمران بن هيثم ، عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذر رضي اللّه عنه ، و زيادة راية أُخرى بها يكمل الخمس ، فقال بعد راية فرعون الأمّة :
    ثمّ ترد علي راية مع سامري هذه الأُمّة فأقول لهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي ؟ فيقولون : أمّا الأكبر فعصيناه وتركناه ، وأمّا الأصغر فضيّعناه وصنعنا به
1 ـ اليقين : 329 الباب 124 ، والبحار : 8 / 207. والآية من سورة الأنعام : 106 و 107.

(521)
كلّ قبيح ، (1) ، فأقول ردوا إلى النار (2) ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم (3). وباقي الخبر مطابق لما حكي عن « اليقين » إلاّ في قليل من الألفاظ.
    ثمّ قال ابن طاووس رحمه اللّه في كتاب اليقين ما هذا لفظه : الباب التاسع والعشرون بعد المائة : فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسين المذكور من كتابه الذي أشرنا إليه ـ يعني كتاب « الرسالة الموضّحة ـ بالخزانة العتيقة بالنظامية » ، من حديث الخمس رايات ، وتسمية سيّدنا رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لمولانا علي ( عليه السَّلام ) بأمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجّلين ، فقال ما هذا لفظه :
    وعنه قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدّثني أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن نوح بن درّاج من أصل كتابه قال : حدثني أبي قال : حدّثني محمد بن أيّوب بن درّاج ، عن نوح بن أبي النعمان الأزدي ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن حنان بن الحارث (4) الأزدي ، عن ربيع ابن جميل الضبي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذر الغفاري قال :
    لمّا سير أبو ذر اجتمع هو وعليّ بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، وسلمان الفارسي ، وعبد اللّه بن مسعود ، والمقداد بن الأسود ، وحذيفة بن اليمان ، وعمّار بن ياسر ، فقال أبوذر : حدّثوا بحديث نذكر فيه رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) فنشهد له وندعوا له ونصدّقه.
    قالوا : حدّثنا يا علي ، قال : لقد علمتم ما هذا زمان حديثي ، قالوا :
1 ـ « وأمّا الأصغر فخذلناه وضيعناه » : المصدر.
2 ـ « ردوا النار » : المصدر.
3 ـ تفسير علي بن إبراهيم القمي : 1 / 109 باب ورود الرايات.
4 ـ الحرب : المصدر.


(522)
صدقت ، حدّثنا أبي حذيفة ، قال : لقد علمتم أنّي سئلت عن المعضلات فحدّثتهنّ ، قالوا : حدثنا يا ابن مسعود ، قال : لقد علمتم أنّي قرأت القرآن لم أسأل عن غيره ، قالوا : حدِّثنا يا عمّار ، قال : لقد علمتم أنّي نسي ، إلاّ أن أُذكَّر.
    قال : فقال أبو ذر : أنا أُحدِّثكم بحديث سمعتموه ، أو من سمعه منكم تشهدون أنّه حقّ ؛ ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ، وأنّ البعث حقّ ، وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ ؟
    قالوا : نشهد على ذلك قال : وأنا معكم من الشاهدين.
    قال : ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) حدّثنا أنّ شرار الأوّلين والآخرين اثنا عشر : ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين ؟
    ثمّ سمّى الأوّلين : ابن آدم الذي قتل أخاه ، وفرعون ، وهامان ، وقارون ، والسامريّ ، والدجّال ـ اسمه في الأوّلين ويخرج في الآخرين ـ وسمّى الآخرين ستّة : العجل ، وفرعون ، وهامان ، وقارون ، والسامريّ ، والأبتر.
    قالوا : نشهد على ذلك. قال : وأنا على ذلك من الشاهدين.
    قال : ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) قال : إنّ أُمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات ، وهي : راية العجل فأقوم إليه فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورَجَفَتْ قدماه وخفقت أحشاؤه وفُعل ذلك بمن تبعه. فأقول : ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزّقناه واضطهدنا الأصغر وابتززناه. فأقول : اسلكوا ذات الشمال فينصرفون ظماءً مظمئين مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة.


(523)
    ثمّ ترد علي راية فرعون أُمّتي وهم أكثر الناس ومنهم البهارجيّون. (1)
    قال أبو ذر : قلت : يا رسول اللّه وما البهارجيون أبهرجوا الطريق ؟ قال : لا ولكن بهرجوا دينهم وهم الذين يصنعون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون. فأقوم فآخذ بيد صاحبكم ؛ وذكر مثل الأوّل فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزقناه ، وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم فينصرفون ظماءً مظمئين مسودّة وجوهُهم لا يطعمون منه قطرة.
    ثمّ ترد عليّ راية فلان ـ وسمّاه ـ وهو إمام خمسين ألفاً من أُمّتي فآخذ بيده وذكر مثل الأوّل ، فيقولون : كذّبنا الأكبر وخذلنا الأصغر وعدلنا عنه ، فيكون سبيلهم سبيل من تقدّمهم.
    ثمّ ترد عليّ راية فلان ـ وسمّاه ـ وهو إمام سبعين ألفاً من أُمّتي فأقوم فآخذ بيده وذكر مثل ذلك ، فيقولون : كذّبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه فيكون سبيلهم سبيل من تقدّمهم.
    ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين و إمام الغرّ المحجّلين ، فأقوم فآخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما خلّفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون : تبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه ، فأقول : ردوا فيشربون شربة لا يظمأُون بعدها أبداً ولا ينصبون ولا يفزعون ، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوهم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء. فقال أبو ذر : وهو أنت يا عليّ. قال أبو النعمان : قال لي صخر إشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدَّثتك به عن حنان. وقال حنان لصخر : اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدّثتك به عن ربيع بن جميل.
1 ـ المبهرجون : الخصال.

(524)
    قال : وقال ربيع لحنان : اشهد بهذا علي عند اللّه أنّي حدّثتك بهذا عن مالك بن ضمرة. وقال مالك بن ضمرة لربيع : اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدّثتك به عن أبي ذر عن رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). وقال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لأبي ذر : اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدثتك بهذا ليس بيني وبين أبي ذر وبين اللّه أحد. (1) انتهى الباب بتمام ألفاظه.
    ثمّ قال : الباب التاسع والستّون بعد المائة : فيما نذكره من جزء عتيق عليه مكتوب : « في هذا الجزء : حديث الرايات وخطبة أُبي بن كعب » وعليه سماع تاريخه : في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعمائة في تسمية رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) مولانا عليّاً ( عليه السَّلام ) أمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجّلين ، فقد تقدّم هذا الحديث بغير هذا الاسناد فقال ما هذا لفظه :
    حدّثنا القاضي أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن الحسين الجعفي قراءة عليه فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن الفرزدق القطعي الفزاري ، قال : حدّثنا الحسين بن علي بن بزيع ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن بن الفرات الفزاري ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي ، عن (2) عبد اللّه بن عبد الملك ، عن الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن حيان بن الحارث الأزدي يكنّى أبا عقيل ، عن الربيع بن جميل الضبّي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذر الغفاري ، أنّه اجتمع هو وعلي بن أبي طالب وعبد اللّه بن مسعود والمقداد بن الأسود ، و عمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان.
    قال : فقال أبو ذر : حدّثونا حديثاً نذكر به رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) فنشهد له وندعو له
1 ـ اليقين : 363 ـ 366 ، الباب 129.
2 ـ « عن » : المصدر.


(525)
ونصدّقه ، فقالوا : حدِّثنا يا عليّ ، قال : فقال عليّ ( عليه السَّلام ) : لقد علمتم ما هذا زمان حديثي ، قالوا : صدقت.
    قال : فقالوا : حدّثنا يا حذيفة ، قال : لقد علمتم أنّي سئلت عن المعضلات فحذرتهنّ قالوا : صدقت.
    قال : فقالوا : حدّثنا يا ابن مسعود ، قال : لقد علمتم أنّي قرأت القرآن لم أسأل عن غيره قالوا : صدقت.
    قال : فقالوا : حدّثنا يا مقداد ، قال : لقد علمتم إنّما كنت فارساً بين يدي رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أُقاتل ولكن أنتم أصحاب الحديث ، فقالوا : صدقت.
    قال : فقالوا : حدِّثنا يا عمّار ، قال : لقد علمتم أنّي إنسان نسّاء إلاّ أن أُذكَّر فأذكر ، قالوا : صدقت.
    قال : فقال أبو ذر رحمة اللّه عليه : أنا أُحدّثكم بحديث سمعتموه أومن سمعه منكم بلغ : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ، وأنّ البعث حقّ ، وأنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النّار حقّ ؟ قالوا : نشهد ، قال : وأنا من الشاهدين.
    قال : ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) حدّثنا أنّ شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر : ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين.
    ثمّ سمّى من الأوّلين : ابن آدم النبيّ ؛ الذي قتل أخاه ، وفرعون ، وهامان ، وقارون ، والسامري ، والدجّال اسمه في الأوّلين ويخرج في الآخرين.
    وسمّى من الآخرين ستّة : العجل وهو عثمان ، وفرعون وهو معاوية ، وهامان وهو زياد بن أبي سفيان ، وقارون وهو سعد بن أبي وقّاص ، والسامري وهو
اللآلئ العبقرية في شرح العقينيّة الحميرية ::: فهرس