|
|||
(61)
إذا ذكره ـ يعني الحسين ( عليه السلام ) ـ بكى حتى تملا عيناه لحيته ، وحتى يبكي لبكائه ـ رحمة له ـ من رآه ، وأنّ الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء ، وما من باك يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمة وأسعدها ، ووصل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأدّى حقنا ... ».
وفي قرب الاسناد عن بكر بن محمد الازدي قال : قال أبو عبد الله ـ الصادق ـ ( عليه السلام ) لفضيل بن يسار : « أتجلسون وتحدّثون ؟ » قال : نعم جعلت فداك ، قال ( عليه السلام ) : « إنّ تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل : من ذَكَرَنا أو ذُكِرْنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ». وفي خصال الصدوق ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الارض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، أُولئك منا وإلينا ». وفي كامل الزيارات بالاسناد إلى أبي عمارة المنشد قال : ماذكر الحسين ( عليه السلام ) عند أبي عبد الله ـ الصادق ـ ( عليه السلام ) (62)
في يوم قط فرؤي متبسماً في ذلك اليوم إلى الليل ، قال : وكان أبو عبد الله ( عليه السلام ) يقول : « الحسين عبرة كل مؤمن » (1).
وفيه بالاسناد إلى الصادق ( عليه السلام ) قال : « قال الحسين ( عليه السلام ) : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر » (2). إلى غير ذلك من صحاح الاخبار المتواترة عن أئمة الابرار (3). وناهيك بها حجة على رجحان هذه المآتم ، واستحبابها شرعاً ، فان أقوال أئمة الهدى من أهل البيت ( عليهم السلام ) وأفعالهم 1 ـ كامل الزيارات : 108. وراجع : بحار الانوار 44 / 280. 2 ـ كامل الزيارات : 108. وراجع : بحار الانوار 44 / 284. 3 ـ راجع : بحار الانوار 44 / 278 ـ 296 الباب 34. (63)
وتقريرهم حجة بالغة ، لوجوب عصمتهم بحكم العقل والنقل ، كما هو مقرر في مظانه من كتب المتكلمين من أصحابنا ، والتفصيل في كتابنا سبيل المؤمنين.
على أنّ الاقتداء بهم في هذه المآتم وغيرها لا يتوقف عند الخصم على عصمتهم ، بل يكفينا فيه ما اتفقت عليه الكلمة من إمامتهم في الفتوى ، وأنّهم في أنفسهم لا يقصرون عن الفقهاء الاربعة والثوري والاوزاعي وأضرابهم علماً ولا عملاً. وأنت تعلم أنّ هذه المآتم لو ثبتت عن أبي حنيفة أو صاحبيه أبي يوسف والشيباني مثلاً ، لاستبق الخصم إليها وعكف أيام حياته عليها ، فلم ينكرها علينا ويندّد بها بعد ثبوتها عن أئمة أهل البيت يا منصفون ؟! أتراه يرى في أئمة الثقلين أمراً يقتضي الاعراض عنهم ، أو يجد فيهم شيئاً يستوجب الانكار على الاخذين بمذهبهم ، أو أنّ هناك أدلّة خاصّة تقصر الامامة في الفتوى على أئمّة خصومنا ولا تبيح الرجوع إلى غيرهم ، كلاّ إنّ واقع الامر وحقيقة الحال بالعكس. (64)
هذا حديث الثقلين المجمع على صحّته واستفاضته ، قد أنزل العترة منزلة الكتاب وجعلها قدوة لاولي الالباب ، فراجعه :
في باب فضائل علي من صحيح مسلم. أو في الجمع بين الصحيحين. أو الجمع بين الصحاح الستة. أو في حديث أبي سعيد الخدري من مسند أحمد بن حنبل. أو خصائص علي للامام النسائي. أو في تفسيري الثعلبي والبيهقي. أو في حلية الحافظ الاصفهاني. أو كتب الحاكم والطبراني وغيرها من كتب الحديث (1). 1 ـ حديث الثقلين حديث صحيح ثابت متواتر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم بطرق كثيرة صحيحة عن بضع وعشرين صحابياً ، فالنبي ( صلى الله عليه وآله ) لمّا أحسّ بقرب أجله أوصى أمّته بأهمّ الامور لديه وأعزّها عليه ، وهما ثقلاه وخليفتاه ، وحثّ على التمسّك بهما واتباعهما ، وحذر من تركهما والتخلف عنهما ، وكان ذلك منه ( صلى الله عليه وآله ) في مواقف مشهودة ، أعلنها صرخة مدوّية كلّما وجد تجمعاً من الامة ومحتشداً من الصحابة ليبلّغوا مَن وراءهم وينقلوا إلى مَن بعدهم ، وقد صدع بها ( صلى الله عليه وآله ) في ملا من الناس أربع مرّات : ( 1) موقف يوم عرفة : سنن الترمذي 5 / 662 رقم 3786 ، كنز العمال 1 / 48 عن ابن أبي شيبة والخطيب ، نوادر الاصول للحكيم الترمذي : 68 ، المعجم الكبير 3 / 63 رقم 2679 ، مجمع الزوائد 5 / 195 و 9 / 163 و 10 / 363 و 368 ، المصابيح للبغوي 2 / 206 ، جامع الاصول 1 / 277 رقم 65 ، تهذيب الكمال 10 / 51 ، تحفة الاشراف 2 / 2 / 278 رقم 2615 ، مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 114 ، مشكاة المصابيح 3 / 258 ، نظم درر السمطين : 232. (2) موقف يوم الغدير : النسائي في خصائص علي : 96 رقم 79 ، التاريخ الكبير للبخاري 3 / 96 ، صحيح مسلم : باب فضائل علي رقم 2408 ، مسند أحمد 3/17 و 4 / 366 ، مسند عبد بن حميد رقم 265 ، المطالب العالية لابن حجر 4 / 65 رقم 1873 عن إسحاق بن راهويه في صحيحه وقال : هذا إسناد صحيح ، سنن الدارمي 2 / 310 رقم 2319 ، تذكرة خواص الامة : 322 ، السنة لابن أبي عاصم : 629 رقم 1551 و 630 رقم 1555 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 112 ، حلية الاولياء 1 / 355 و 9 / 64 ، المعرفة والتاريخ 1 / 536 ، كنز العمال 13 / 36340 و 36441 ، جمع الجوامع 2 / 66 و 357 و 395 ، أنساب الاشراف : ترجمة أمير المؤمنين ، مشكل الاثار 2 / 307 و 4 / 368 ، المعجم الكبير 3/2679 و 2681 و 2683 و 3052 و 5 / 4969 و 4970 و 4971 و 4986 و 5026 و 5028 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 19 بثلاث طرق وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأقرّه الذهبي و3/110 بطريق آخر وقال : صحيح على شرط الشيخين ، تاريخ بغداد 8 / 442 ، مصابيح السنة 2 / 205 ، منهاج السنة 4 / 85. (3) موقف مسجد المدينة : تفسير المحرّر الوجيز لابن عطية 1 / 34 ، تفسير البحر المحيط 1/13 ، الصواعق المحرقة : 75 و 136 ، ينابيع المودّة : 40. (4) موقفه ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه في الحجرة : رواه ابن أبي شيبة كما عنه العصامي في سمط النجوم العوالي 2/502 رقم 136 ، وأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الاستار 3/221 رقم 2612 ، تهذيب اللغة للازهري 9 / 78 ، مقتل الحسين 1/164 ، الصواعق المحرقة : 89. ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة : كتاب قبسات من فضائل أمير المؤمنين للمحقق الطباطبائي : 28 ـ 43 ، نفحات الازهار ـ حديث الثقلين ـ في ثلاث مجلدات. (65)
(66)
(67)
وأنا أورده لك بلفظ الترمذي (1) بحذف الاسناد :
1 ـ قال ابن حجر ـ بعد نقله عن الترمذي ـ في أثناء تفسيره للاية الرابعة من الايات التي أوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه ما هذا لفظه : ثم اعلم أنّ لحديث التمسك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً. قال : ومرّ له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه ، وفي بعض تلك الطرق أنه قال ذلك في حجة الوداع بعرفة ، وفي أخرى أنه قال بالمدينة في مرضه وقد امتلات الحجرة بأصحابه ، وفي أخرى أنه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى أنه قاله لما قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف. قال : ولا تنافي ، إذ لا مانع من أنه كرّر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها ، اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة « المؤلف ». راجع : الصواعق المحرقة 2 / 440. (68)
قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الاخر : كتاب الله عزّ وجلّ حبل ممدود من السماء إلى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما » (1).
وقد زاد الطبراني : « فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فانهم أعلم منكم » (2). قلت : لا يخفى أنّ تعليق عدم الضلال على التمسك بهما يقتضي بحكم المفهوم ثبوت الضلال لمن تخلّى عن أحدهما ، وناهيك به في وجوب اتباع العترة والانقطاع في 1 ـ سنن الترمذي : (3788) ، وأورده : السيوطي في الدرّ المنثور 2/60 ، والتبريزي في المشكاة (6244) ، والهندي في الكنز (873). 2 ـ الصواعق المحرقة 2 / 439 ، المعجم الكبير : (2681). (69)
الدين إليها وإلى القرآن العزيز.
على أنّ اقترانهم بالكتاب وهو معصوم ، وجعلهم في وجوب التمسك بهم مثله ، دليل قاطع على حجّية أقوالهم وأفعالهم ، وأنّ الرجوع في الدين إلى خلافهم ليس إلاّ كترك القرآن والرجوع إلى كتاب يخالف أحكامه. ولا تنس دلالة قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « ولن يفترقا » على عدم خلوّ الزمان ممن يفرغ منهم عن القرآن والقرآن يفرغ عنه (1). ثم إن قوله : « فلا تقدموهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم 1 ـ ومثله : قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « في كلّ خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله عز وجل ، فانظروا من توفدون ». أخرجه الملا ، كما في تفسير الاية الرابعة من الايات التي أوردها ابن حجر في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه ، وفي هذا المعنى صحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة ، بل هو من ضروريات مذهبهم ( عليهم السلام ) « المؤلّف ». راجع : الصواعق المحرقة 2 / 441. (70)
فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم » ، نصّ صريح فيما قلناه ، كما لا يخفى.
وكم لهذا الحديث من نظير في الدلالة على وجوب الاقتداء بالعترة الطاهرة أو المنع من مخالفتها ، نستلفت الباحثين إلى ما أخرجناه من ذلك في مبحث العصمة من سبيل المؤمنين. وحسبك منه ما أخرجه الحاكم بسند صححه على شرط البخاري ومسلم (1) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال من جملة حديث : « وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف ، فاذا خالفتها قبيلة من العرب [ في بعض أحكام الدين ] اختلفوا [ في فتاويهم ] فصاروا حزب إبليس » (2). 1 ـ كما في تفسير الاية السابعة من الايات التي أوردها ابن حجر في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه ، ونقله حاكماً بصحته أيضاً في باب الامان ببقائهم من أواخر الصواعق « المؤلّف ». 2 ـ الصواعق المحرقة 2 / 445 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 149 عن ابن عباس مرفوعاً وصححه. (71)
أليس هذا نصّاً في وجوب اتباعهم ، وحرمة مخالفتهم ، وهل في لغة العرب أو غيرها عبارة أبلغ منه في إنذار مخالفيهم ؟!
وأخرج أحمد بن حنبل وغيره (1) بالاسناد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : « النجوم أمان لاهل السماء ، فاذا ذهبت ذهبوا ، وأهل بيتي أمان لاهل الارض ، فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الارض » ، وفي رواية : « فاذا هلك أهل بيتي جاء أهل الارض من الايات ما كانوا يوعدون » ، وفي هذا المعنى صحاح متضافرة من طريق العترة الطاهرة ، ومتى كانوا أماناً لاهل الارض ، فكيف يستبدل بهم ، وأنّى 1 ـ كما نصّ عليه ابن حجر في باب الامان ببقائهم من صواعقه « المؤلّف ». راجع : الصواعق المحرقة 2 / 445 ، مسند أحمد : الفضائل ( 1145) ، المعجم الكبير : (6260) ، مجمع الزوائد 9 / 174 ، المطالب العالية : (2562) ، المستدرك على الصحيحين 2 / 448 و 3 / 149 ، ذخائر العقبى : 17. (72)
يعدل عنهم ؟!
وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً ـ كذا قال ابن حجر (1) ـ : أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا » ، قال ابن حجر : وفي رواية مسلم : « ومن تخلف عنها غرق » ، قال : وفي رواية : « هلك ، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل ، مَن دخله غفر له » ، قال : وفي رواية : « غفر له الذنوب » (2). 1 ـ في تفسير الاية السابعة من الايات التي أوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه ، وفي باب الامان ببقائهم من أواخر الصواعق أيضاً « المؤلّف ». (2) راجع : الصواعق المحرقة 2 / 438 ـ 439 و 445 و 543 و 675 ، المعجم الكبير : (2636) و (2637) و (2638) ، المعجم الصغير 1/139 ـ 140 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 151 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، المشكاة : (6174). (73)
ولا يخفى أن المراد من تمثيلهم بسفينة نوح إنما هو إلزام الامّة باتباع طريقتهم والتمسك بالعروة الوثقى من ولايتهم ، وليس المراد من النجاة بذلك إلاّ رضوان الله عز وجل والجنة ، كما أنّ المراد بغرق المتخلفين عنهم أو هلاكهم إنما هو سخط الله سبحانه والنار.
والمراد من تمثيلهم بباب حطة إنما هو بعث الامة على التواضع لله عز وجل بالاقتداء بهم والاستسلام لاوامرهم ونواهيهم ، وهذا كله ظاهر كما ترى. قال ابن حجر ـ بعد إيراد هذه الاحاديث في تفسير الاية السابعة من الايات التي أوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من الصواعق ـ ما هذا لفظه : ووجه تشبيههم بالسفينة ـ فيما مرّ ـ : أنّ من أحبهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز الطغيان. إلى أن قال : وبباب حطة ـ يعني : ووجه تشبيههم بباب حطة ـ أنّ الله تعالى جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع التواضع والاستغفار سبباً (74)
للمغفرة ، وجعل لهذه الامّة مودّة أهل البيت سبباً لها ، إلى آخر كلامه (1).
ولو أردنا استيفاء ما جاء من الصحاح الستة في وجوب اتباع أئمة أهل البيت ، والانقطاع في الدين إليهم عن العالمين ، لطال المقام وخرجنا عن موضوع هذه المقدمة. وحاصله : أنّ مآتمنا ـ بما فيها من الجلوس بعنوان الحزن على مصائب أهل البيت ، والانفاق عنهم في وجوه البرّ ، وتلاوة رثائهم ومناقبهم ، والبكاء رحمة لهم ـ سيرة قطعية قد استمرت عليها أئمة الهدى من أهل البيت ، وأمروا بها أولياءهم على مرّ الليالي والايام ، فورثناها منهم ، وثابرنا عليها ، عملاً بما هو المأثور عنهم. فكيف والحال هذه تنكرونها علينا وتقولون فيها ما تقولون ؟ والله يعلم أنها ليست كما تظنون. 1 ـ الصواعق المحرقة 2 / 446 ـ 447. (75)
دع بكاء الانبياء والاوصياء ، ودع عنك ما كان من ملائكة السماء ، وقل لي : هل جهلت نوح الجن في طبقاتها ، ورثاء الطير في وكناتها ، وبكاء الوحش في فلواتها ، ورسيس حيتان البحر في غمراتها ؟
وهل نسيت الشمس وكسوفها ، والنجوم وخسوفها ، والارض وزلزالها ، وتلك الفجائع وأهوالها ؟ أم هل ذهلت عن الاحجار ودمائها ، والاشجار وبكائها ، والافاق وغبرتها ، والسماء وحمرتها ، وقارورة أم سلمة وحصياتها (1) ، وتلك الساعة وآياتها ؟ 1 ـ أشرنا بهذا إلى ما رواه الملاّ في سيرته وابن أحمد في زيادة المسند ـ كما في الصواعق ـ عن أم سلمة ، قالت من حديث : ثم ناولني كفاً من تراب أحمر وقال : « إنّ هذا من تربة الارض التي يقتل بها ـ ولدي ـ فمتى صار دماً فاعلمي أنه قد قتل » ، قالت : فوضعته في قارورة عندي وكنت أقول : إن يوماً يتحول فيه دماً ليوم عظيم. وفي رواية أُخرى ـ كما في الصواعق أيضاً ـ : أن جبرئيل جاء بحصيات ، فجعلهن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قارورة ، قالت أم سلمة : فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلاً يقول : أيّها القاتلون جهلاً حسيناً أبشروا بالعذاب والتنكيل قد لعنتم على لسان ابن داو دوموسى وصاحب الانجيل قالت : فبكيت وفتحت القارورة ، فاذا الحصيات قد جرت دماً « المؤلّف ». راجع : الصواعق المحرقة 2 / 564 ـ 565 ، المعجم الكبير : (2817) ، مجمع الزوائد 9 / 189 ، ذخائر العقبى : 147 ، مختصر تاريخ دمشق 7 / 154 ، البداية والنهاية 8 / 218. |
|||
|