القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع ::: 15 ـ 30
(15)
الحمد لله تعالى والصلاة على رسوله وآله تتوالى.
    قد بالغ علماء العامة في الثناء على الصحيحين أعني صحيح محمد بن إسماعيل البخاري ، و صحيح مسلم بن الحجاج القشيري ، وذكروا أنهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم والفرقان العظيم ، وحكى جماعة منهم اجماع الأمة على صحة الأحاديث المودعة فيهما ، وتلقّيهم إياهما بالقبول (1) ، بل تعدى جماعة من محققيهم لاثبات كون أخبارهما مقطوعة الصدور عن سيد البشر صلى الله عليه وآله ، بل ذكروا تصحيح النبي صلى الله عليه وآله ، كتاب البخاري ، وإذنه في روايته عنه ، بل كتاب مسلم أيضاً كما ستعرف تفصيل ذلك كلّه ، وشنع جماعة منهم على الشيعة في تركهم العمل بأخبارهما ، وعدم اعتمادهم عليهما ، قال صاحب النواقض وهو الشهير : بالميرزا مخدوم الشريفي حفيد السيد الشريف في كتابه : من هفواتهم يعني الشيعة إنكارهم كتب الأحاديث الصحاح التي تلقّت الأمة بقبولها منها : صحيحا البخاري ، ومسلم الّذَين مرّ ذكرهما.
    قال أكثر علماء المغرب : أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى صحيح مسلم بن الحجاج القشيري (2).
1. مقدمة ابن الصلاح : 22 ـ 24 ، صيانة صحيح مسلم له أيضاً : 85.
2. تاريخ بغداد 13 : 101 ، صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح : 67 ـ 71 ، مقدمة ابن الصلاح : 14 ـ 15 ، مقدمة النووي على صحيح مسلم 1 : 15 ، مقدمة فتح الباري : 8 ، تدريب الراوي 1 : 93.


(16)
    وقال الأكثرون من غيرهم : صحيح محمد بن اسماعيل البخاري هو الأصح ، وما اتّفقا عليه ، هو ما اتّفق عليه الأمة ، وهو الذى يقول فيه المحدِّثون كثيراً : صحيح متّفق عليه ، ويعنون به اتّفاقهما ، لا اتفاق الأمة ، وان لزمه ذلك (1) ، واستدل ( السيوطي ) في الأزهار [ المتناثرة في الأحاديث المتواترة ، في كثير من مواردها على الصحيحين ، ثم قال في تدريبه بعد كلام النووي : « اتّفاق الشيخين » وذكر الشيخ : يعني ابن الصلاح ( أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته والعلم القطعي حاصل فيه ) قال : خلافاً لمن نفى ذلك ، محتجاً بأنه لايفيد إلا الظن ، وإنّما تلقته الأمة بالقبول (2) لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ.
    وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويماً ، ثم بان لي أن الذي أخترناه أولاً هو الصحيح ، لأن الظن من هو معصوم من الخطاء لايخطئ ، والأُمة في ] (3)
1. انظر « النكت على ابن الصلاح » لابن حجر 1 : 371 ، التقييد والإِيضاح : 41 ـ 42 ، ومقدمة شرح مسلم للنووي : 20 ، ثمرات النظر في علم الأَثر : 131.
2. أَمّا نسبة القول إِلى الأُمة بتلقيهم بالقبول في الصحيحين فإنَّه يتعيّن على المدعي إِقامة البرهان ، ولا يخفى إِنَّ اقامته على هذه الدعوى يعدّ أَمراً مستحيلاً ، لأن الأُمّة تتألف من قسمين :
الأَول : العامة من الناس وهم السواد الأَعظم.
الثاني : الخواص من الناس ، وهم العلماء والمجتهدون.
ومن البديهي أَنَّ القسم الأَول خارج عن دائرة البحث ، لأنَّ فيهم من لايعرف الصحيحين أَصلاً ، وخروج هذا العدد الكبير قد يضر بالاتّفاق كما لايخفى.
وأَما القسم الثاني : فمن العلماء والمجتهدين طائفة انتقدوا الصحيحين لاسيما صحيح البخاري وبيَّنوا موارد ضعفهما ، تارة في الإِسناد وأُخرى في المتون ، وقد ذكرنا أَسماء جملة من الناقدين في الفصل الرابع من التكملة فراجع.
ولا شبهة أَيضاً لدى الفقيه أَنَّ خروج هذه الطائفة من العلماء تضر بالاتّفاق المزعوم حقيقة.
3. ما بين المعقوفتين بياض في نسخة الأصل وقد وصلناها بقرينة سياق الكلام من كتاب « الأزهار المتناثرة » و « تدريب الراوي » للسيوطي.


(17)
إجماعها معصومة عن الخطاء ، ولهذا كان الإجماع المبنى على الاجتهاد حجة مقطوعة بها ، وقد قال إمام الحرمين : لو حلف انسان بطلاق امرأة أن ما فى الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لزمه الطلاق لإجماع المسلمين على صحته (1) ، ثم حكى السيوطي عن النووي انه قال : خالفه ( أي ابن الصلاح ) المحققون والأكثرون فقالوا : يفيد الظن مالم يتواتر (2). وقال : تلقى الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فيها من غير توقف على النظر فيه بخلاف غير هما فلا يعمل به حتى ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيح ولايلزم من اجماع الأمة على العمل بما فيهما اجماعهم على القطع بأنه كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد اشتدّ انكار ابن برهان على من قال بقول الشيخ ، وبالغ في تغليطه (3).
    قال السيوطي : وكذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول ، ثم قال : قال البلقيني : ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع ، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصلاح ، عن جماعة من الشافعية كأبي إسحاق ، وأبي حامد الإسفراييني والقاضي أبي الطيب ، والشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، وعن السرخسي من الحنفية ، والقاضي عبد الوهاب من المالكية ، وأبي يعلى وابن الزعواني من الحنابلة ، وابن فورك وأكثر أهل الكلام من الأشعرية ، وأهل الحديث قاطبة ، ومذهب السلف عامة بل بالغ ابن طاهر المقدسي في صحة التصوف : فالحق به ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه ، وقال شيخ الإسلام : ما ذكره النووي في شرح مسلم من جهة الأكثرين ، أما
1. تدريب الراوي 1 : 104.
2. المصدر السابق 1 : 105.
3. متن تدريب الراوي : 105 ، ومزيد القول في التكملة فليراجع.


(18)
المحققون فلا ، وقد وافق ابن الصلاح أيضاً المحققون (1).
    ثم قال السيوطي بعد حكايته عن ابن كثير أيضاً موافقة ابن الصلاح قلت : وهو الذي اختاره ولا أعتقد سواه. انتهى كلام السيوطي (2).
    وقد ذهب ابن تيمية الذي يستندون بافاداته ويبتهجون بهفواته إلى قول ابن الصلاح أيضاً على ما في إمعان النظر.
    وقال شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني في « شرح نخبة الفكر » : الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم خلافاً لمن أبى ذلك ، قال : هو أنواع :
    منها : المشهور اذا كانت له طرق متبائنة سالمة من ضعف الرواة والعلل.
    منها : ما أخرجه الشيخان في صحيحهما ما لم يبلغ حدّ التواتر ، فإنه احتف به قرائن.
    منها : جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح عن غيرهما ، وتلقّي العلماء لكتابهما بالقبول ، وهذا التلقّي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر. قال : وليس الاتفاق على وجوب العمل فقط ، فإن الإتفاق حاصل على وجوب العمل بكل ما صحّ ولو لم يخرجه الشيخان ، فلم يبق للصحيحين في هذا مزية ، والإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة ، وممن صرّح من أئمة الأصول بافادة ما خرّجه الشيخان العلم اليقيني النظري ، الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ، ومن
1. تدريب الراوي1 : 105 ـ 106.
2. المصدر السابق 1 : 106.


(19)
أئمة الحديث أبو عبدالله الحميدي ، وأبو الفضل بن الطاهر انتهى (1).
    وبالغ بعض أواخرهم في اثبات قطعية صدور أحاديثهما حتى ألّف في ذلك رسالة مستقلّة سمّاها « غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي و ابن الصلاح » ، وأدرج هذه الرسالة في كتابه المسمّى بـ « الدراسات » ، وأطال فيه لكنه لم يأت في الاستدلال للطرفين بغير ما عرفت في عبارة السيوطي ، وحاصل تحريره لدليل ابن الصلاح : « أن تصحيح الحديث ملازم للظن بصدوره ، فالإجماع على الصحة معناه حصول الظن من جميع الأُمة بالصدور ، وظن الأُمة بأجمعهم مقطوع العصمة عن الخطاء بدليل قطعية الإجماعات الاجتهادية ، ثم إنه أربى على من تقدم عليه فلم يرض بما استثناه غيره مما انتقد أحد من الحفاظ ، أو وقع التجانب بين مدلوليه ، فذهب إلى أن الخبرين المتناقضين كلاهما مقطوع الصدور ، وعدم ظهور وجه الجمع بينهما لا يدل على عدمه في الواقع ، وأما ماانتقد عليهما ، فهو أيضاً لم ينزل عن أعلى درجات الصحة ، وهي درجة ما أخرجه الشيخان ، ونفي الريب عن وجوب العمل بالمنتقد منهما من غير نظر ووقفة إلى ما يندفع به ذلك الانتقاد بمجرد إخراجهما [ له وجوباً مؤكداً لا يوجد في صحيح غيره فان حكم كلّ حديث صحيح ولو في أدنى مراتب الصحة وجوب العمل لحصول الظن الغالب ، ولكنّ بين ظن وظن ما يكاد يشيه ما بين اليقين والشك ، فوجوب العمل هذا بمجرد اخراجهما ] (2) ، فكيف اذا نظر فيما أجابوا عن ذلك ، وبما جعلوه هباءاً منثوراً ، وتصدّى جماعة للجواب عما
1. شرح نخبة الفكر : 26 ـ 27 ، ولكنّ ترتيب الوجوه المذكورة في شرح نخبة الفكر في نسخة المطبوعة يختلف مع ما ذُكر في المتن بالتقدم والتأخير.
2. ما بين [ ] على ما في دراسات اللبيب.


(20)
تكلّم فيه من أحاديث الصحيحين أو أحدهما بل أفرد بعضهم كتاباً في ذلك وهو العراقي ، وأجاب شيخ الإسلام في مقدمة شرحه عن جميع ما انتقد على البخاري » انتهى بمحصله (1).
    وعثرت على كلام جماعة غير من تقدم يطول ذكرهم ذهبوا إلى ما ذهب إليه هؤلاء لا فائدة مهمة في نقل خرافاتهم ، وأطرف من هذا كله ما ذكره الشيخ أحمد النخلي مفتي الحنفية ، المترجم في كتاب « سلك الدرر في أعيان القرن الثانى عشر » (2) ، والكتاب موجود في خزانة كتب حرم المدينة المنورة ، حيث قال في رسالته التي ذكر فيها مشايخه ومروياته ، والرسالة موجودة في خزانة كتب حرم مكة ، ما هذا لفظه :
    أخبرنا شيخنا السيد السند أحمد بن عبدالقادر ، نفع الله تعالى به قال : أخبرنا جمال الدين القيرواني ، عن شيخه الشيخ يحيى الخطاب المالكي المكي ، قال : أخبرنا عمّي الشيخ بركات الخطابي ، عن والده ، عن جده الشيخ محمد بن عبدالرحمن الخطاب شارح مختصر خليل ، قال : مشينا مع شيخنا العارف بالله الشيخ عبدالمعطي التنوسي ، لزيارة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلمّا قربنا من الروضة الشريفة ، ترجّلنا فجعل الشيخ عبدالمعطي يمشي خطوات ويقف ، حتى وقف تجاه القبر الشريف فتكلّم بكلام لم نفهمه ، فلما انصرفنا سألناه عن وقفاته ؟ فقال : كنت أطلب الإذن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في القدوم عليه ، فإذا قال
1. دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب : 308 ـ 325 ، وهذه الاسطر القلائل حصيلة ما يقرب عشرين صفحة كما تلاحظ وفيها مباحث دقيقة حول أخبار الصحيحين وما يترتب عليهما بعد فرض التناقض والتضاد بين مدلوليهما.
2. سلك الدرر 1 : 171 والكتاب قد طبع في مجلدين.


(21)
لي أقدم ، قدمت ساعة ثم وقفت ، وهكذا حتى وصلت إليه فقلت : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل ما رواه البخاري عنك صحيح ؟ فقال : صحيح ، فقلت : أرويه عنك يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال : أروه عني ، ثم حكى النخلي إجازة عبدالمعطي للخطاب ، وكذا كل واحد لمن بعده حتى وصل إلى نفسه.
    وأورد صاحب رسالة الدر الثمين في مبشرات النبي الأمين هذه الحكاية ، ثم قال : ووجدت هذا الحديث بخط الشيخ عبدالحق الدهلوي بإسناده له عن الشيخ عبد المعطي بمعناه وفيه : فلمّا فرغ من الزيارة وما يتعلق بها سئل أن يروي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صحيح البخاري وصحيح مسلم ؟ فسمع الإجازة من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكر صحيح مسلم أيضاً.
    أقول : هذا كلّه مضافاً إلى ما ذكروا في ترجمة البخاري ومسلم ، وأثبتوا لهما من المحاسن الجليلة ، والمآثر الأصيلة ، والمفاخر الأثيلة ، والمدائح العظيمة ، والمحامد الجسيمة ، والمكارم الفخيمة ، وسنتلو عليك شطراً منها فيما بعد ان شاء الله تعالى.


(22)

(23)
الفصل الأوّل
الإلزامات


(24)

(25)
    ذكروا أن البخاري ألّف صحيحه في بيت الحرام (1) ، والتزم عند كتابة كل حديث أن يغتسل غسلاً ويصلّي ركعتين ثم يكتب (2) ، وقد سمع صحيحه منه تسعون ألفاً ، ورووا عنه ، وأنت إذا سمعت هذا كلّه ، وأمعنت النظر فيها ، وتأملت في مطاويها وحوافيها ، فمن الآن فاستمع ما يتلى عليك ونحن نبدأ أولاً بذكر جملة من التعصّبات فنقول :
    قد أنكر كثير من أعيان علمائهم كثيراً من الأخبار الواضحة المتضافرة بل المتواترة بطرقهم المروية ، وجملة منها في صحاحهم لما رأوا فيها من الدلالة على الحق الواضح القويم ، ويحسبونه هيّناً ، وهو عند الله عظيم ، وهي على ما يظهر بالتّتبع كثيرة ، نذكر شطراً يسيراً.
    منها : بعضها مذكور في الصحاح ، وبعضها مشهور مأثور في كثير من كتبهم المعتبرة المعوّل عليها.
    أما الكبرى : فادلتها مبسوطة مشروحة في كتب الفريقين ، ولنكتف من الأخبار المذكورة في كتب القوم مما يتعلق بالمقام بنبذ يسير ، فالجرعة تدل على
1. وقد قيل أنه بعد ما خرج إلى خراسان صنّف كتابه الصحيح ، ولذلك قال ابن حجر : « ... وخرج إِلى خراسان ووضع كتابه « الصحيح » فعظم شأنه وعلا ذكره » ، تهذيب التهذيب 9 : 47 ، ويؤيد ذلك قوله : صنّفت كتابي الصحاح لستّ عشرة سنة ، واقامته في الحجاز ومجاورته البيت أقل من ذلك ، فراجع.
2. تاريخ بغداد 2 : 9 ، تاريخ مدينة دمشق 52 : 72.


(26)
القدير ، فنقول : يدل عليها بعد قوله تعالى ، في مواضع عديدة ، فمن القرآن : ( قل لا أسألكم عليه أجراً الاّ المودة في القربى ) (1)
    وما تواتر في كتب الفريقين ، من قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك.
    وما رواه ابن حجر المتعصب في الصواعق ، قال :
    الحديث الرابع والثلاثون : أخرج الدارقطني ، في الإِفراد عن ابن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : علي باب حطّة ، من دخل منه كان مؤمناً ، ومن خرج منه كان كافراً (2).
    وفي مفتاح النجاة للبدخشاني ، الذي هو من عظماء أهل السنة : أخرج الديلمي عن ابن عمر : علي باب حطّة ، الحديث (3).
    وأورد السيوطي هذا الحديث في الجامع الصغير الذي قال في وصفه : هذا الكتاب أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفاً ، ومن الحكم المصطفوية صنوفاً ، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة ، ولخصت فيه من معادن الأثر ابريزه وبالغت في تحرير التخريج فتركت القشر وأخذت اللباب ، وصنته عمّا تفرد به وضاع أو كذاب ، ففاق بذلك الكتب المؤلفة في هذا النوع كالفائق والشهاب (4)
1. الشورى : 23.
2. فردوس الاخبار 3 : 90 رقم 3998.
3. المصدر السابق.
4. قال المناوي : والظاهر أن مراده بالفائق كتاب الفائق في اللفظ الرائق : تأليف ابن غنام جمع فيه أحاديث من الرقاق على هذا النحو ، وأما ما يتبادر إلى بعض الأذهان من إرادة فائق الزمخشري فلا يستقيم اذ المشار إليه بهذا النوع هو ايراد متون الأحاديث مجردة عن الأسانيد مرتبة على الحروف ، وفائق الزمخشري ليس إلاّ في شرح الألفاظ اللغوية والكلمات العربية الواقعة في الحديث ولسان الصدر الأول من الصحب والتابعين الموثوق بعربيتهم المحتج باستعمالهم وبينه وبين هذا الكتاب بون. فيض القدير للمناوي 1 : 22.


(27)
وحوى من نفائس الصناعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب (1).
    وما تواتر أيضاً عند الفريقين من قوله : « إني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (2).
    وما رواه الحاكم في المستدرك ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (3).
    وروى أيضاً بسند آخر عن أبي ذر : من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني (4).
1. متن فيض القدير 1 : 20.
2. مسند أحمد 3 : 17 و 4 : 366 ، سنن الترمذي 5 : 662 رقم 3786 ، كتاب السنّة لابن أبي عاصم : 629 رقم 1551 ، و 630 رقم 1555 ، سنن الدارمي 2 : 210 رقم 2319 ، المعجم الكبير 3 : 63 رقم 2679 ، المعرفة والتاريخ 1 : 536 بعدة طرق ، مشكل الآثار 2 : 307 و 4 : 368 ، مصابيح السنة 2 : 206 ، مشكاة المصابيح 2 : 258 ، حلية الأولياء 1 : 355 و 9 : 64 ، تاريخ بغداد 8 : 442 ، السنن الكبرى 2 : 148 و 7 : 30 و 10 : 114 ، مجمع الزوائد 5 : 195 و 9 : 163 و 10 : 363 ، المطالب العالية 4 : 65 رقم 1873 ، تهذيب الكمال 10 : 51 ، تحفة الاشراف 2 : 278 رقم 2615 ، أسد الغابة 3 : 92 وفي طبعة 3 : 139 ، المحرر الوجيز لابن عطيّة 1 : 34 ، البحر المحيط لأبي حيّان 1 : 12 ، سمط النجوم العوالي للعصامي 2 : 502 رقم 136.
3. المستدرك 3 : 121 و 128.
4. المستدرك 3 : 124.


(28)
    وروى أيضاً ، عن عمرو بن شاس حديثاً في آخره قال : يا عمرو أما والله لقد آذيتني فقلت : أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : بلى من آذى علياً فقد آذاني ، وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (1).
    قد عقد البدخشاني في مفتاح النجاة باباً : في ان الحق مع علي يدور كيف ما دار. وأورد فيه أحاديث كثيرة مما أخرجه الترمذي عن أبي يعلى والضياء عن أبي سعيد وابن مردويه عن عائشة أيضاً ، وعن أبي موسى الاشعري وعن أم سلمة وعن شهر بن حوشب عن أم سلمة والطبراني في الاوسط والصغير عن أم سلمة والديلمي عن عمار بن ياسر ، وأبي أيوب ، والحاكم ، وغيرهم ، وذكر بعض هذه الاخبار أيضاً الشيخ عبدالحق الدهلوي في رجال المشكاة في ترجمة الامير ( عليه السَّلام ).
    و رواه الحاكم في المستدرك بسند متّصل ، إلى ان قال : حدّثني أبو أيوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقي (2).
    ورواه أيضاً البدخشاني في مفتاح النجاة عن ابن مسعود ، وفي كنز العمال أيضاً عن ابن مسعود وفيه أيضاً عن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه علي ( عليه السَّلام ) أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ، ورواه أيضاً محمد بن طلحة الشافعي في كتاب مطالب السؤول وغيرهم في غيرها والناكثون أصحاب وقعة الجمل ، والمارقون أصحاب النهروان ، والقاسطون أصحاب صفين (3).
1. المصدر السابق.
2. المستدرك 3 : 139.
3. مطالب السؤول : 117.


(29)
    منها : حديث المنزلة ، أعني قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ».
    حيث أنه مروي في صحاحهم وغيرها من الكتب التي يعسر تعدادها (1) ، وسنفرد لذكرها باباً على حدة ، وذكره البخاري في موضعين من صحيحه بطرق ثلاثة (2) ، وأورده مسلم (3) ، والترمذي (4) في صحيحهما ، وابن ماجه في سننه وهو أحد الصحاح الستّ ، على ما ذكره جماعة منهم : ابن خلكان ، وأورده الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (5) ، والنسائي في خصائصه (6) ، هؤلاء أرباب الصحاح الستّ ، وأورده غيرهم ممن لا يحصى ، وكتب القاضي علي بن المحسن التنوخي وهو من أعيان علمائهم كما يعرف من كتاب الأنساب
1. صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب علي بن أبي طالب رقم 3706 و كتاب المغازي باب غزوة تبوك رقم 4416 وأورد أيضاً في المغازي تعليقاً ، صحيح مسلم 4 : 1870 رقم 2404 ، مسند أحمد 1 : 175 و 182 ، سنن الترمذي 5 : 638 رقم 3724 ، سنن ابن ماجة 1 : 115 ، خصائص النسائي : 70 ، مسند أبي داود 1 : 28 رقم 209 ، مشكل الآثار 2 : 309 ، المعجم الكبير 12 : 99 ، والمعجم الصغير 2 : 22 ، الطبقات الكبرى 3 : 24 ، شرح السنة 8 : 85 رقم 3906 ، صفة الصفوة 1 : 312 ، تاريخ بغداد 11 : 432 ، سيرة ابن هشام 4 : 162 ، السنن الكبرى 9 : 40 ، دلائل النبوة للبيهقي 5 : 220 ، تهذيب التهذيب 7 : 296 ، العقد الفريد 5 : 61 ، المناقب للخوارزمي : 83 ، كفاية الطالب : 283 وقال فيه : اتفق الجميع على صحته حتى صار ذلك اجماعاً منهم.
2. صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب علي بن أبي طالب رقم 3706 و كتاب المغازي باب غزوة تبوك رقم 4416 وأورد أيضاً في المغازي تعليقاً.
3. صحيح مسلم 2 : 19 و 7 : 119.
4. سنن الترمذي 5 : 640 رقم 3728.
5. مسند أحمد 3 : 56 ـ 94.
6. خصائص النسائي : 15 ـ 17.


(30)
للسمعاني ، وتاريخ ابن خلكان ، كتاباً مستقلاً في ذكر طرق هذا الحديث ، ورواه عن أزيد من عشرين صحابياً ، واعترف بكثرة طرقه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (1) وابن حجر المكي في الصواعق (2) ، وقد صرح في الصواعق بتواتر حديث تعدّدت طرقه لكن بأقل من طرق هذا الحديث بكثير ، واعترف جماعة منهم بتواتر هذا الحديث منهم العلامة السيوطي ، وأورده في رسالة « الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة » (3) ، وذكره ابن تيمية في المنهاج (4) ، مع ولعه بالمماراة واللّجاج ، [ وقال : ] ان هذا الحديث صحيح بلاريب.
    ثم ان غاية الاستغراب ونهاية الاستعجاب أن جماعة من أساطينهم منعوا صحة هذا الحديث مع ما عرفت أن اخراج أحد الشيخين له كاف في الحكم بصحته ، وبكونه مقطوع الصدور ، منهم : محققهم المدقق رئيس الحذاق المتكلّمين الآمدي ، ومنهم : المحقق النحرير العضدي ، قال : والجواب منع صحة الحديث ، ومنهم : شمس الدين الإصبهاني في شرح الطوالع ، وفي شرح التجريد ، قال : لايصح الإستدلال به من جهة السند ، ولئن سلم صحة السند الخ.
    وابن حجر المكي مع أنه ممن ادعى الإجماع على أن الصحيحين أصح الكتب بعد كلام الله (5) ، واعترف بما تقدم آنفاً ذكر كلام الآمدي في مقام الجواب والرّد على الشيعة ، قال : وجوابها أن هذا الحديث ان كان غير صحيح كما يقول الآمدي فظاهر... الخ (6).
1. فتح الباري 7 : 60.
2. الصواعق المحرقة : 72.
3. الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة : 38 رقم 101.
4. منهاج السنة 4 : 87.
5. الصواعق المحرقة : 18.
6. الصواعق المحرقة : 75.
القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع ::: فهرس