التوحيد ::: 91 ـ 105
(91)
فكتب إليهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار ، وإن الله سبحانه قد فسر الصمد فقال : ( الله أحد. الله الصمد ) ثم فسره فقال : ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ). ( لم يلد ) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم و الخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع ، تعالى أن يخرج منه شيء ، وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف.
    ( ولم يولد ) لم يتولد من شيء ولم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع و الثمار من الأشجار ، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم (1) والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب (2) وكالنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء ، مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته ، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه (3) فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد.
1 ـ هذه الثلاثة من قبيل خروج القوة وظهورها في محلها لا خروجها إلى خارج المحل كخروج قوة البصر إلى خارج العين على القول بالشعاع ، ويمكن أن تكون كذلك ولما يدركها الإنسان.
2 ـ كخروج النور من النير.
3 ـ علق عليه السلام تلاشى الفاني بالمشيئة وبقاء الباقي بالعلم لمناسبة المشيئة المحدثة لما يفنى والعلم القديم لما يبقى لأنها في مذهب أهل البيت عليهم السلام محدثة ، وإلا فلا شيء خارج عن تعلق العلم والمشيئة.


(92)
    6 ـ قال وهب بن وهب القرشي : سمعت الصادق عليه السلام يقول : قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر عليه السلام فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثم سألوه عن الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، الصمد خمسة أحرف : فالألف دليل على إنيته وهو قوله عزوجل : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) (1) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس ، واللام دليل على إلهيته بأنه هو الله ، والألف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان (2) ولا يقعان في السمع ويظهران في الكتابة دليلان على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس ولا تقع في لسان واصف ، ولا أذن سامع ، لأن تفسير الإله هو الذي إله الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحس أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس ، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة دليل على أن الله سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمسة ، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكر العبد في ماهية البارئ وكيفيته أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشيء يتصور له لأنه عزوجل خالق الصور ، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عزوجل خالقهم و مركب أرواحهم في أجسادهم. وأما الصاد فدليل على أنه عزوجل صادق وقوله صدق وكلامه صدق ودعا عباده إلى اتباع الصدق بالصدق ووعد بالصدق دار الصدق وأما الميم فدليل على ملكه وأنه الملك الحق لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه.
    وأما الدال فدليل على دوام ملكه وأنه عزوجل دائم تعالى عن الكون والزوال بل هو عزوجل يكون الكائنات ، الذي كان بتكوينه كل كائن ، ثم قال عليه السلام :
    لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد والإسلام والإيمان و الدين والشرائع من الصمد ، وكيف لي بذلك ولم يجد جدي أمير المؤمنين عليه السلام حملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر : ( سلوني قبل أن تفقدوني
1 ـ آل عمران : 18.
2 ـ في حال الوصل ، وهذا معنى الادغام اللغوي.


(93)
فإن بين الجوانح مني علما جما ، هاه هاه إلا لا أجد من يحمله ، ألا وإني عليكم من الله الحجة البالغة فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ).
    ثم قال الباقر عليه السلام : الحمد لله الذي من علينا ووفقنا لعبادته ، الأحد الصمد (1) الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وجنبنا عبادة الأوثان ، حمدا سرمدا وشكرا واصبا ، وقوله عزوجل : ( لم يلد ولم يولد ) يقول : لم يلد عزوجل فيكون له ولد يرثه (2) ولم يولد فيكون له والد يشركه في ربوبيته وملكه ( ولم يكن له كفوا أحد ) فيعاونه في سلطانه (3).
    7 ـ حدثنا أبي رحمه الله ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد ابن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الربيع بن مسلم ، قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام وسئل عن الصمد فقال : الصمد الذي لا جوف له.
    8 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : انسب لنا ربك ، فلبث ثلاثا لا يجيبهم ، ثم نزلت هذه السورة إلى آخرها ، فقلت له : ما الصمد ؟ فقال : الذي ليس بمجوف.
    9 ـ أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن أبي السري (4) ، عن جابر بن يزيد ،
1 ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( ووفقنا لعبادة الأحد الصمد ) ـ الخ ).
2 ـ في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) و ( و ) ( يرثه في ملكه ).
3 ـ في نسخة ( ج ) ( فيعارضه في سلطانه ) وفي البحار ( فيعازه في سلطانه ).
4 ـ في نسخة ( و ) و ( د ) و ( ب ) ( الحسين بن أبي السري ) وكلاهما تصحيف والصحيح الحسن بن السري كما في الكافي باب تأويل الصمد وفي البحار في الحديث السادس عشر من الباب السادس في الجزء الثالث من الطبعة الحديثة ، وفي جامع الرواة.


(94)
قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن شيء من التوحيد ، فقال : أن الله ـ تباركت أسماؤه التي يدعى بها وتعالى في علو كنهه ـ واحد ، توحد بالتوحيد في علو توحيده ، ثم أجراه على خلقه (1) فهو واحد ، صمد ، قدوس ، يعبده كل شيء ويصمد إليه كل شيء ، ووسع كل شيء علما.
    10 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ولقبه شباب الصيرفي ، عن داود بن القاسم الجعفري ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ما الصمد ؟ قال : السيد المصمود إليه في القليل والكثير.
    11 ـ حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين المرواني ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد ابن سليمان بفارس ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الرواسي (2) قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك (3) عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية واستعمل عليها عليا عليه السلام ، فلما رجعوا سألهم فقالوا : كل خير غير أنه قرأ بنا في كل صلاة بقل هو الله أحد ، فقال : يا علي لم فعلت هذا ؟ فقال : لحبي لقل هو الله أحد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أحببتها حتى أحبك الله عزوجل.
    12 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن أحمد بن ـ
1 ـ إجراء التوحيد على الخلق هو فطرهم بفطرة التوحيد كما ذكر في الكتاب و فسر به في الآثار ، وإليه يصمد كل شيء بالفطرة وإن غشيتها في البعض كدورات العلائق المادية فغفلوا عنها.
2 ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( محمد بن عبد الله الرقاشي ).
3 ـ هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي أبو الأزهر البصري ، يعرف بالرشك ـ بكسر الراء المهملة وسكون الشين المعجمة ـ قال ابن حجر : ثقة عابد وقال الذهبي وثقه أبو حاتم وأبو زرعه ، روى عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، وروى عنه جعفر بن سليمان الضبعي الإمامي.


(95)
هلال ، عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر الله له عزوجل ذنوب خمسين سنة.
    13 ـ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه وآله صلى على سعد بن معاذ ، فقال : لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه سبعون ألف ملك وفيهم جبرئيل يصلون عليه ، فقلت : يا جبرئيل بم استحق صلاتكم عليه ؟ قال : بقراءة قل هو الله أحد قائما وقاعدا وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا.
    14 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سيف بن عميرة ، عن محمد بن عبيد ، قال : دخلت علي الرضا عليه السلام ، فقال لي : قل للعباسي : يكف عن الكلام في التوحيد وغيره ، ويكلم الناس بما يعرفون ، ويكف عما ينكرون ، وإذا سألوك عن التوحيد فقل كما قال الله عزوجل : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) وإذا سألوك عن الكيفية فقل كما قال الله عزوجل ( ليس كمثله شيء ) وإذا سألوك عن السمع فقل كما قال الله عزوجل : ( هو السميع العليم ) فكلم الناس بما يعرفون.
    15 ـ حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي ـ عبد الله عليه السلام ، قال : من قرأ قل هو الله أحد مرة واحدة فكأنما قرأ ثلث القرآن و ثلث التوراة وثلث الإنجيل وثلث الزبور.


(96)
    1 ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن سعيد بن عزيز السمرقندي ـ الفقيه بأرض بلخ (1) قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد الزاهد السمرقندي بإسناده رفعه إلى الصادق عليه السلام ، أنه سأله رجل فقال له : إن أساس الدين التوحيد والعدل ، و علمه كثير ، ولا بد لعاقل منه ، فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه ، فقال عليه السلام :
    أما التوحيد فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك ، وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لا ملك عليه.
    2 ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني المكتب رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الإمام علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى عليهم السلام ، قال : خرج أبو حنيفة ذات يوم من عند الصادق عليه السلام ، فاستقبله موسى ابن جعفر عليهما السلام فقال له : يا غلام ممن المعصية ؟ قال : لا تخلو من ثلاث : إما أن تكون من الله عزوجل ، وليست منه فلا ينبغي للكريم أن يعذب عبده بما لا يكتسبه وإما أن تكون من الله عزوجل ومن العبد ، وليس كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإما أن تكون من العبد وهي منه ، فإن عاقبه الله فبذنبه وإن عفا عنه فبكرمه وجوده.
    3 ـ حدثنا أبو الحسين علي بن أحمد بن حرابخت الجير فتي النسابة (2) قال : حدثنا أحمد بن سلمان بن الحسن ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الصائغ ، قال :
1 ـ في نسخة ( ب ) وحاشية نسخة ( د ) ( محمد بن سعيد بن عزيز ) بالراء المهملة في آخره.
2 ـ في نسخة ( د ) ( خدابخت ) وأظن أنه الصحيح ، والكلمة عجمية مركبة من خدا بمعنى مالك وبخت بمعنى الحظ ، وحرابخت معنى خوشبخت ، وجيرفت قرية قرب كرمان ، وفي بعض الأسماء المذكورة في السند اختلاف في النسخ لم نذكره لقلة الجدوى.


(97)
حدثنا خالد العرني ، قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا أبو سفيان مولى مزينة عمن حدث عن سلمان الفارسي رحمه الله ، أنه أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله إني لا أقوى على الصلاة بالليل ، فقال : لا تعص الله بالنهار ، وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة بالليل ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أنت رجل قد قيدتك ذنوبك.

    1 ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن حكيم ، قال :
    وصفت لأبي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق (1) و وصفت له قول هشام بن الحكم ، فقال : إن الله عزوجل لا يشبهه شيء.
    2 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا علي بن محمد ، رفعه ، عن محمد بن الفرج الرخجي ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم ، و هشام بن سالم في الصورة ، فكتب عليه السلام : دع عنك حيرة الحيران ، واستعذ بالله من الشيطان ، ليس القول ما قال الهشامان (2).
    3 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن سهل بن زياد ، عن حمزة بن محمد ، قال : كتبت إلى أبي ـ الحسن عليه السلام : أسأله عن الجسم والصورة ، فكتب عليه السلام : سبحان من ليس كمثله
1 ـ الموفق على بناء الفاعل من باب الأفعال : الذي حسنت خلقته وجملت صورته لتوافق أعضائه وتناسب هندسة أشكاله.
2 ـ لا ريب في جلالة قدر الهشامين عند الأصحاب ، وفي كتب الرجال والأخبار توجيهات لما يزريهما. راجع هامش شرح أصول الكافي للمولى صالح المازندراني ج 3 ص 288.


(98)
شئ لا جسم ولا صورة.
    4 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم : أن الله عزوجل جسم ، صمدي ، نوري ، معرفته ضرورة ، يمن بها على من يشاء من خلقه (1) فقال عليه السلام : سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ، ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير ، لا يحد ، ولا يحس ، ولا يجس ولا يمس ، ولا تدركه الحواس ، لا يحيط به شيء ، لا جسم ، ولا صورة ، ولا تخطيط ، ولا تحديد.
    5 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ ، عن محمد ابن زيد ، قال : جئت إلى الرضا عليه السلام أسأله عن التوحيد ، فأملي علي : الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء ومبتدعها ابتداء بقدرته وحكمته ، لا من شيء فيبطل الاختراع ، ولا لعلة فلا يصح الابتداع (2) خلق ما شاء كيف شاء ، متوحدا بذلك لا ظهار حكمته وحقيقة ربوبيته ، لا تضبطه العقول ، ولا تبلغه الأوهام ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يحيط به مقدار ، عجزت دونه العبارة ، وكلت دونه الأبصار ، وضل فيه تصاريف ـ الصفات ، احتجب بغير حجاب محجوب. واستتر بغير ستر مستور ، عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة ، ونعت بغير جسم ، لا إله إلا الله الكبير المتعال.
1 ـ أي ليست معرفته من صنع العباد بل ضرورية بالفطرة كما يأتي الأخبار بذلك في الباب الثالث والستين.
2 ـ العلة المنفية ليست الفاعلية لأنه تعالى فاعل الأشياء ، ولا المادة إذ نفاها قبل هذا ، ولا الصورة إذ هي في الحقيقة نفس الشيء المعلول. ولا الغاية إذ لا يناسب التفريع. بل المراد بها مثال سابق خلق الأشياء على ذلك المثال كما وقع كثيرا في كلامه وكلام آبائه عليهم السلام في هذا الكتاب وغيره ، ويستفاد ذلك من التفريع لأن الابتداع هو إنشاء الشيء من دون أن يكون له مثال سبقه.


(99)
    6 ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي رضي الله عنه ، عن أبيه ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن حكيم ، قال : وصفت لأبي إبراهيم عليه السلام قول هشام الجواليقي ، وحكيت له قول هشام بن الحكم : إنه جسم ، فقال : إن الله لا يشبهه شيء ، أي فحش أو خناء أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد أو أعضاء ؟!
    تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
    7 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، والحسين بن علي ، عن صالح بن أبي حماد (1) عن بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن محمد بن زياد ، قال : سمعت يونس بن ظبيان يقول : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما إلا أني أختصر لك منه أحرفا ، يزعم : أن الله جسم لأن الأشياء شيئان : جسم و فعل الجسم ، فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : ويله ، أما علم أن الجسم محدود متناه ، والصورة محدودة متناهية ، فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان ، وإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقا ، قال : قلت : فما أقول ؟ قال : لا جسم ولا صورة ، وهو مجسم الأجسام ، ومصور الصور ، لم يتجزء ، ولم يتناه. ولم يتزايد ، ولم يتناقص ، لو كان كما يقول لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ، ولا بين المنشئ والمنشأ ، لكن هو المنشئ ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا (2).
1 ـ هذا الحديث بعين السند والمتن مذكور في الكافي باب النهي عن الجسم والصورة وليس هناك في السند : ( والحسين بن علي ، عن صالح بن أبي حماد ).
2 ـ فرق على صيغة المصدر ، ومعادل كلمة بين محذوف أي وبينه ، ومر نظير هذا في الحديث السابع عشر من الباب الثاني بذكر المعادل ، وكون فرق بصيغة الفعل الماضي حتى لا يحتاج إلى المعادل بعيد المناسبة لما قبله ، وقوله : ( إذ كان ـ الخ ) بيان وتعميم للفرق أي من جميع الجهات.


(100)
    8 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ، قال :
    حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن الحماني (1) ، قال : قلت لأبي الحسن موسى ابن جعفر عليهما السلام : إن هشام بن الحكم زعم : أن الله جسم ليس كمثله شيء ، عالم سميع ، بصير ، قادر متكلم ، ناطق ، والكلام والقدرة والعلم تجري مجرى واحدا ليس شيء منها مخلوقا ، فقال : قاتله الله ، أما علم أن الجسم محدود ، والكلام غير المتكلم (2) معاذ الله وأبرء إلى الله من هذا القول ، لا جسم ولا صورة ولا تحديد ، وكل شيء سواه مخلوق وإنما تكون الأشياء بإرادته ومشيته من غير كلام ولا تردد في نفس ، ولا نطق بلسان.
    9 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال كتبت إلى الرجل يعني أبا الحسن عليه السلام : أن من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد ، فمنهم من يقول جسم ، ومنهم من يقول صورة ، فكتب عليه السلام بخطه :
    سبحان من لا يحد ، ولا يوصف ، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم ـ أو قال : البصير ـ.
    10 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن هشام بن إبراهيم ،
1 ـ المظنون أن الحسن بن الحسين بن عبد الله مكان هذا الرجل كما في نسخة ( ط ) و ( ن ) اشتباه من النساخ لشهادة سائر النسخ والحديث السابع باب النهي عن الجسم والصورة من الكافي والحديث التاسع عشر باب نفي الجسم والصورة من البحار.
2 ـ تعرض عليه السلام لإبطال شيئين في كلام هشام ليسا بالحق : كونه تعالى جسما وكلامه تعالى كالعلم والقدرة من صفات الذات ، وسكت عن الباقي لكونه حقا.


(101)
قال : قال العباسي قلت له ـ يعني أبا الحسن عليه السلام ـ : جعلت فداك أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة قال : ومن هو ؟ قلت : الحسن بن سهل (1) قال : في أي شيء المسألة ؟
    قال : قلت في التوحيد ، قال : وأي شيء من التوحيد ؟ قال : يسألك عن الله جسم أو لا جسم ؟ قال : فقال لي : إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب مذهب إثبات بتشبيه ، و مذهب النفي ، ومذهب إثبات بلا تشبيه. فمذهب الاثبات بتشبيه لا يجوز ، ومذهب النفي لا يجوز ، والطريق في المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه.
    11 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، عن عمران بن موسى ، عن الحسن بن العباس ابن حريش الرازي ، عن بعض أصحابنا ، عن الطيب يعني علي بن محمد ، وعن أبي جعفر الجواد عليهما السلام أنهما قالا : من قال بالجسم فلا تعطوه من الزكاة ولا تصلوا وراءه.
    12 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال ، حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي القاساني ، قال : كتبت إليه عليه السلام :
    أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد ، قال : فكتب عليه السلام : سبحان من لا يحد ، ولا يوصف ، ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير.
    13 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن بشر بن بشار النيسابوري ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام بأن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد ، منهم من يقول هو جسم ، ومنهم من يقول صورة ، فكتب عليه السلام : سبحان من لا يحد ، ولا يوصف ، ولا يشبهه شيء ، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
    14 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، عن أبيه ، عن سهل بن زياد ، قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومائتين : قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم ، ومنهم من يقول هو صورة ، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولا على
1 ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( الحسين بن سهل ).

(102)
عبدك ، فوقع عليه السلام بخطه : سألت عن التوحيد ، وهذا عنكم معزول (1) ، الله تعالى واحد ، أحد ، صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، خالق وليس بمخلوق ، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام وغير ذلك ، ويصور ما يشاء ، وليس بمصور ، جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، وتعالى عن أن يكون له شبيه ، هو لا غيره (2) ليس كمثله شيء ، وهو السمع البصير.
    15 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، قال : حدثنا ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليه السلام بمسائل ، فيها : أخبرني عن الله عزوجل هل يوصف بالصورة وبالتخطيط ؟ فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد فكتب عليه السلام بيدي عبد الملك بن أعين : سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك ، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك وتعالى بخلقه المفترون على الله ، واعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عزوجل ، فانف عن الله البطلان والتشبيه ، فلا نفي ولا تشبيه ، هو الله الثابت الموجود ، تعالى الله عما يصفه الواصفون ، ولا تعد القرآن فتضل بعد البيان.
    16 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله ، عن أبيه ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم و الصورة ، فكتب : سبحان من ليس كمثله شيء ولا جسم ولا صورة.
    17 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه ، عن أبيه ، عن سهل
1 ـ أي البحث عن ذاته تعالى وأنها ما هي لأنه خارج عن طوق المخلوق فيقع في الباطل كما وقع كثير ، بل صفوه بصفاته ودلوا عليه بآياته.
2 ـ إما عطف على هو أي هو ليس كمثله شيء لا غيره لأن غيره من المخلوق له الأمثال ، أو خبر له أي هو لا يكون غيره بل مبائن له بالذات والصفات.


(103)
ابن زياد الآدمي ، عن حمزة بن محمد ، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة ، فكتب : سبحان من ليس كمثله شيء.
    18 ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي رحمه الله ، عن أبيه ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بحر ، عن أبي ـ أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون أن الله عزوجل خلق آدم على صورته (1) فقال : هي صورة محدثة مخلوقة ، اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة ، فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه والروح إلى نفسه. فقال : ( بيتي ) (2) وقال : ( ونفخت فيه من روحي ) (3).
    19 ـ حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل صورة الإنسان ، وقال آخر : إنه في صورة أمرد جعد قطط ، فخر أبو عبد الله ساجدا ، ثم رفع رأسه ، فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شيء ، ولا تدركه
1 ـ في هذا الكلام وجوه محتملة : فإن الضمير أما يرجع إلى الله تعالى فالمعنى ما ذكره الإمام عليه السلام هنا على أن يكون الإضافة تشريفية كما في نظائرها أو المعنى أنه تعالى خلق آدم على صفته في مرتبة الامكان وجعله قابلا للتخلق بأخلاقه ومكرما بالخلافة الإلهية ، وأما يرجع إلى آدم عليه السلام فالمعنى أنه تعالى خلق جوهر ذات آدم على صورته من دون دخل الملك المصور للأجنة في الأرحام كما لا دخل لغيره في تجهير ذاته وذات غيره أو المعنى أنه تعالى خلق آدم على صورته هذه من ابتداء أمره ولم يكن لجوهر جسمه انتقال من صورة إلى صورة كالصورة المنوية إلى العلقة إلى غيرهما ، أو المعنى أنه تعالى خلق آدم على صورته التي قبض عليها ولم يتغير وجهه وجسمه من بدئه إلى آخر عمره ، وأما يرجع إلى رجل يسبه رجل آخر كما فسر به في الحديث العاشر والحادي عشر من الباب الثاني عشر فراجع.
2 ـ البقرة : 125.
3 ـ الحجر : 29.


(104)
الأبصار ، ولا يحيط به علم ، لم يلد لأن الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن له من خلقه كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه علوا كبيرا.
    20 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الصقر بن ( أبي ) دلف ، قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام عن التوحيد ، وقلت له : إني أقول بقول هشام ابن الحكم ، فغضب عليه السلام ثم قال : ما لكم ولقول هشام ، إنه ليس منا من زعم أن الله عزوجل جسم (1) ونحن منه براء في الدنيا والآخرة ، يا ابن ( أبي ) دلف إن الجسم محدث ، والله محدثه ومجسمه.
    وأنا أذكر الدليل على حدوث الأجسام في باب الدليل على حدوث العالم من هذا الكتاب إن شاء الله.

    1 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله الأشعري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عيسى ، عمن ذكره ، قال : سئل أبو جعفر عليه السلام أيجوز أن يقال : إن الله عزوجل شيء ؟ قال : نعم ، يخرجه عن الحدين حد التعطيل وحد التشبيه (2).
    2 ـ أبي رحمه الله ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للزنديق حين سأله ما هو ؟
    قال : هو شيء بخلاف الأشياء ، ارجع بقولي : ( شيء ) إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية ، غير أنه لا جسم ولا صورة (3).
1 ـ قوله : ( من زعم ـ الخ ) اسم ليس و ( منا ) خبره قدم على اسمه.
2 ـ أما خروجه عن حد التعطيل أي الإبطال والنفي فواضح ، وأما عن حد التشبيه فبانضمام قوله تعالى. ( ليس كمثله شيء ).
3 ـ في المجمع عن القاموس : الزنديق معرب زندين أي دين المرأة ، أقول : و يكون بمعنى من كان على دين المرأة كما يقال : زن صفت أي من كان على صفة المرأة ، والمعنى الثاني هو المناسب هنا ، ويحتمل أن يكون معرب ، زند دين وزند كتاب للمجوس زعموا أنه الذي جاء به زرادشت الذي ادعوا أنه نبي وعلى هذا فالزنديق هو الذي يكون على دين المجوس ، وقال في مجمع البحرين : وفي الحديث : الزنادقة هم الدهرية الذي يقولون :
    لا رب ولا جنة ولا نار وما يهلكنا إلا الدهر ـ انتهى ، وأتى به هنا معرفا لسبق ذكره في الحديث الذي ذكره الصدوق رحمه الله بتمامه في الباب السادس والثلاثين ، وقوله : ( وأنه شيء ـ الخ ) إما بكسر الهمزة مستأنفا أو عطفا على أول الكلام ، وإما بفتحها عطفا على معنى أي إثبات معنى وإثبات أنه شيء ـ الخ ، وفي البحار باب النهي عن التفكر في ذات الله عن الاحتجاج : ( ارجع بقولي شيء إلى أنه شيء ـ الخ ) وفي البحار أيضا باب إثبات الصانع :
    ( ارجع بقولي شيء إلى إثباته وأنه شيء ـ الخ ) وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ارجع بقولي شيء إلى إثبات معنى أنه شيء ـ الخ ) وفي الكافي باب حدوث العالم وباب إطلاق القول بأنه شيء : ( ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شيء ـ الخ ).


(105)
    3 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه ، وخلقه خلو منه (1) وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله عزوجل فهو مخلوق ، والله خالق كل شيء ، تبارك الذي ليس كمثله شيء.
    4 ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي رحمه الله ، قال : أخبرنا علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن خيثمة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه ، وخلقه خلو منه ، وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله عزوجل فهو مخلوق والله تعالى خالق كل شيء.
    5 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم
1 ـ إشارة أما إلى المباينة بالذات والآنية بينه وبين خلقه وأما إلى عدم الحلول.
التوحيد ::: فهرس