|
|||
(31)
للوثوق بالرواية وعدمه.
أ. أن يعرف طبقة الراوي وعصره وأساتذته وتلاميذه ليميّز الأسماء المشتركة بين الرواة ، والمرسلة عن غيرها. ب. أن يعرف مدى ضبط الراوي وإتقانه في نقل الرواية من خلال الاطّلاع على رواياته. ج. أن يعرف كميّة رواياته كثرة وقلّة ، فإنّ التعرّف على ذلك يحدّد مكانة الراوي ومنزلته في نقل الحديث. د. مقدار فضله وعلمه. وهذه الأُمور الأربعة تؤكّد ثبوت الصغرى ، أي كون الخبر موثوق الصدور. ويمكن استحصالها من الرجوع إلى الكتب التالية : 1. « جامع الرواة » للشيخ المحقّق الأردبيلي المعاصر للعلاّمة المجلسي ( المتوفّى1110 هـ ). 2. « طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال » للسيد محمد شفيع الموسوي التفريشي من علماء القرن الثالث عشر. 3. « ترتيب الأسانيد » أو « تجريدها » للسيد المحقّق البروجردي ( 1292 ـ 1380 هـ ). 4. « معجم رجال الحديث » للسيد المحقّق أبو القاسم الخوئي ( 1317 ـ 1413 هـ ). فإنّ هذه الموسوعات الأربع خير وسيلة للوقوف على مكانة الراوي وراء ما في الكتب الرجالية الدارجة. (32)
1. ما هو الوجه الأوّل ، لتصحيح الأخذ بتوثيقات المتأخّرين ؟
2. ما هو الوجه الثاني لتصحيح الأخذ بتوثيقات المتأخّرين ؟ 3. اذكر طرق الوثوق بصدق الرواية. 4. ما هي الكتب التي توصلنا إلى هذه الطرق ؟ (33)
الدرس السابع
التوثيقات العامّة
قد تعرّفت على أنّ التوثيق ينقسم إلى : توثيق خاص وتوثيق عام ، و قد مضى الكلام في الأوّل ، وإليك البحث في الثاني.
والمراد من التوثيقات العامّة : توثيق جماعة تحت ضابطة خاصة وعنوان معيّن. وفيما يلي ، نذكر توثيقين عامّين منها : الأوّل : صحبة النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) والإمام عدالة صحابة النبيّ ونزاهتهم من كلّ سوء هي أحد الأُصول التي يتديّن بها أهل الحديث والأشاعرة من أهل السّنّة ، وقد راجت تلك العقيدة بينهم حتى جعلها الإمام الأشعري ( 260 ـ 324 هـ ) أحد الأُصول التي يبتني عليها مذهب أهل السنّة جميعاً. (1) ولكن إثبات الضابطة ( عدالة كلّ صحابيّ ) دونها خرط القتاد ، فإنّ الصحابة في الذكر الحكيم على صنفين : فصنف يمدحهم ويصفهم تحت عناوين تالية : 1. مقالات الإسلاميين : 1/332. (34)
السابقون الأوّلون : ( وَالسّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَوَالأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسان رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ). (1)
المبايعون تحت الشجرة : ( لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... ). (2) الفقراء المهاجرون : ( لِلْفُقَراءِ المُهاجِرينَ الَّذينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّهِ وَ رِضْواناً ... ). (3) أصحاب الفتح : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاء عَلى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ... ). (4) وصنف آخر يذّمهم ويصفهم بالعناوين التالية : المنافقون : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقينَ لَكاذِبُونَ ). (5) المنافقون المختفون : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُم ). (6) مرضى القلوب : ( وَإِذْ يَقُولُُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً ). (7) السمّاعون للمنافقين : ( لَوْ خَرجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاّخَبالاً ... وفيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَليمٌ بِالظّالِمين ). (8) المشرفون على الارتداد : ( وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْر الحَقِّ ظَنّ الجاهِليةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْء ... ). (9) 1. التوبة : 100. 2. الفتح : 18. 3. الحشر : 8. 4. الفتح : 29. 5. المنافقون : 1. 6. التوبة : 101. 7. الأحزاب : 12. 8. التوبة : 47. 9. آل عمران : 154. (35)
الفاسق : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَاء فَتَبَيَّنُوا ... ). (1)
المسلمون غير المؤمنين : ( قالَتِ الأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ). (2) المؤلّفة قلوبهم : ( إِنَّما الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم ). (3) المولّون أمام الكفّار : ( وَمَنْ يُولِّهِمْ يَومَئِذ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتال أَوْمُتَحَيِّزاً إِلى فِئَة فَقَدْ باءَبِغَضَب مِنَ اللّهِ ). (4) فإذا كانت صحابة النبي مصنَّفة في صنفين حسب الذكر الحكيم ، فكيف يمكن لنا أن نعدّ الجميع عدولاً ؟! هذا كلّه إذا رجعنا إلى الكتاب العزيز. وأمّا إذا رجعنا إلى السنّة فيعرّفهم النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) حسب ما أخرجه البخاري ومسلم حيث رويا بسند صحيح عن رسول اللّهصلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم انّه قال : « يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون (5) عن الحوض ، فأقول : يا ربِّ أصحابي ، فيقول : إنّه لاعلم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ». (6) إلى غير ذلك من الأحاديث الحاكية عن ارتداد قسم من الصحابة بعد رحيل النبي الأكرم ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ). فالصحابي بما انّه رأى النور و تشرّف برؤية النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) فهو معزّز مكرّم ، إلاّ أنّ ذلك لا يمنعنا عن التفتيش عن أحواله وحالاته في حياة النبيّ وبعد رحيله ، فلو ثبتت وثاقته نأخذ بها ، وإلاّ فيكون حاله كالتابعين وتابعي التابعين ، فما لم تحرز وثاقة الرجل لا يؤخذ بقوله. 1. الحجرات : 6. 2. الحجرات : 14. 3. التوبة : 60. 4. الأنفال : 16. 5. يحلؤون : يُطردون ويمنعون عن ورود الحوض. 6. جامع الأُصول : 11/120 ـ 121. (36)
ونظير ذلك الكلام في صحابة الأئمّة ( عليهم السَّلام ) ؛ فبمجرّد الصحبة لا يلازم وثاقة المصاحب.
ألا ترى أنّ مصاحبة امرأتي نوح ولوط لم تنفع لحالهما ، وخوطبا بقوله سبحانه : ( قيلَ ادْخُلاَ النّارَ مَعَ الدّاخلينَ ). (1) الثاني : الوكالة عن الإمام ربّما تعدّ الوكالة عن الإمام طريقاً إلى وثاقة الراوي ، ويستدلّ عليه بما رواه الكليني عن علي بن محمد ، عن الحسن بن عبد الحميد ، قال : شككت في أمر « حاجز » فجمعت شيئاً ، ثمّ صرت إلى العسكر ، فخرج إليَّ : « ليس فينا شكّ ولا في من يقوم مقامنا ، بأمرنا ، رُدّ ما معك إلى حاجز بن يزيد ». (2) وممّا يؤخذ على الاستدلال بالرواية : أوّلاً : انّ الرواية أخصّ من المدّعى ، فانّ الظاهر انّ المراد الوكلاء المعروفون الذين قاموا مقام الأئمّة ( عليهم السَّلام ) بأمرهم ، وهذا غير كون الرجل وكيلاً للإمام في أمر ضيعته أو في أمر آخر. ثانياً : كيف يمكن عدَّ الوكالة على وجه الإطلاق من أسباب التوثيق مع أنّ بعض الوكلاء أمثال علي بن حمزة البطائني ، وزياد بن مروان القندي ، وعثمان بن عيسى الرؤاسي طمعوا في الدنيا ومالوا إلى حطامها واستمالوا قوماً ، فبذلوا لهم شيئاً ممّا اختانوه من الأموال ؟! وكان عند ابن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، و عند زياد القندي سبعون ألف دينار. (3) 1. التحريم : 10. 2. الكافي : 1/521 ، باب مولد الإمام المهدي ( عج ) ، الحديث 14. 3. الطوسي ، كتاب الغيبة : 240 ـ 246. (37)
نعم إذا كان الرجل وكيلاً من جانب الإمام طيلة سنوات ، ولم يرد فيه ذمّ يمكن أن تكون قرينة على وثاقته وثبات قدمه ، إذ من البعيد أن يكون الكاذب وكيلاً من جانب الإمام عدّة سنوات ولا يظهر كذبه للإمام فيعزله.
1. بيّن أنواع التوثيقات ، وما هو المراد من التوثيقات العامّة ؟ 2. هل صحبة النبيّ أو الإمام تلازم الوثاقة ، أو لا ؟ ولماذا ؟ 3. هل الوكالة عن الإمام دليل على وثاقة الوكيل ، أو لا ؟ وما هو المختار في المقام ؟ (38)
(39)
الدرس الثامن
هل شيخوخة الإجازة آية الوثاقة ؟
مشايخ الإجازة هم الذين يجيزون لتلاميذهم رواية كتبهم عنهم ، أو رواية كتب الآخرين عن طريقهم ، فهل استجازة الثقة عن واحد منهم آية كون المجيز ثقة أو لا ؟
مثلاً ، انّ الصدوق والشيخ يرويان كثيراً من المصنّفات والأُصول المؤلّفة في أعصار الأئمّة ، بالاستجازة عن مشايخهما ، فهل استجازة ذينك العلمين أو غيرهما من الأعلام ، من هؤلاء المشايخ دليلاً على وثاقتهم مطلقاً ، أو عند المستجيز خاصة ، أو لا يدلّ على شيء منها ؟ والكلام في المقام مبنيّ على أنّ رواية الثقة عن شخص ، لا يعدّ دليلاً على كون المروي عنه ثقة عند الراوي ، وإلاّ فلو قلنا بهذا الأصل فاستجازة الثقة كروايته دليلان على كون المجيز و المروي عنه ثقتين. صور الإستجازة إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ للاستجازة صوراً : 1. إجازة الشيخ كتابَ نفسه إذا أجاز المجيز رواية كتابه عنه ، فلا تعدّ استجازة الثقة دليلاً على وثاقة (40)
المجيز ، بل يشترط فيه ما يشترط في سائر الرواة من الوثاقة والضبط ، إذ لا تزيد استجازة الثقة عن شخص ، على روايته عنه ، فكما لا تدلّ رواية الثقة على وثاقة المروي عنه فهكذا الاستجازة.
2. إجازة رواية كتاب ، ثابت الانتساب لمؤلّفه إذا أجاز الشيخ المجيز ، رواية كتاب لغيره ، وكانت نسبة الكتاب إلى مصنّفه مشهوراً ثابتاً ، وتكون الغاية من الاستجازة هي مجرّد اتصال السند ، وتصحيح الحكاية والتمكّن من القول بـ « حدّثنا » إلى أن ينتهي إلى الإمام ، دون تحصيل العلم لنسبة الكتاب إلى مصنّفه ، لأنّ المفروض انّ نسبته إليه كالشمس في رائعة النهار. وهذا نظير إجازة المشايخ الأكابر لتلاميذهم أن يرووا عنهم ، الكتب الأربعة للمحامدة الثلاثة ، و بما انّ الغاية ليست تحصيلَ العلم بنسبة الكتاب إلى مصنّفه بل الغاية تحصيل اتّصال السند والتمكّن من نقل الحديث بلفظ « حدّثنا » إلى أن ينتهي إلى المعصوم ، لا تعدّ الاستجازة دليلاً على وثاقة المجيز. والظاهر انّ مشايخ الصدوق في « الفقيه » من هذا القسم ، حيث إنّه ( قدَّس سرَّه ) قد حذف أوائل السند وابتدأ السند باسم من أخذ الحديث من أصله أو مصنّفه حتى يصل السند إلى الإمام ، ثمّ وضع في آخر الكتاب « مشيخة » ذكر فيها طريقه إلى من أخذ الحديث من كتابه. ويظهر من مقدّمة « الفقيه » انّ الكتب التي أُخذ الحديث عنها ، كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع ، وانّ ما ذكره في المشيخة لأجل تحصيل اتّصال السند ، لا لتصحيح نسبة الكتاب إلى مؤلّفه. (1) وعلى هذا لا تدلّ استجازة الصدوق على وثاقة مشايخه الذين ذكر أسماءهم في المشيخة. 1. الفقيه : 1/3 ـ 4. (41)
3. إذا أجاز رواية كتاب لم تثبت نسبته إلى مؤلّفه
إذا أجاز رواية كتاب لم تثبت نسبته إلى مؤلّفه إلاّ بواسطة الشيخ المجيز ، لا شكّ انّه تشترط وثاقة الشيخ المجيز عند المستجيز ، إذ لولاها لما ثبتت نسبته إلى المؤلّف ، و بدونها لا يثبت الكتاب ولا ما احتواه من السند والمتن وعادت الإجازة أمراً لغواً. وباختصار ، انّ الهدف الأسمى في هذا القسم من الاستجازة والاستمداد من ذكر الطريق إلى أصحاب هذه الكتب ، هو إثبات نسبة هذه الكتب إلى أصحابها ومؤلّفيها لا غير ، ولا يتحقّق هذا الهدف إلاّ أن يكون الشيوخ المجيزون واحداً تلو الآخر ثقاتاً يُعتمد على قولهم ، ولو لم يكن الشيخ ثقة عند المستجيز لما كان للاستناد إليه أيّة فائدة. هل كثرة تخريج الثقة عن شخص آية الوثاقة ؟ إذا أكثر الثقةُ الروايةَ عن شخص فهل يدلّ هذا النوع من التخريج على أنّ المروي عنه ثقة ؟ وقبل أن نشير إلى المختار ، نسلّط الضوء على أمرين : الأوّل : انّ مجرّد نقل الثقة عن شخص لا يدلّ على وثاقة المروي عنه ، لشيوع نقل الثقات من غيرهم ؛ لأنّ الهدف من النقل لا ينحصر في الاحتجاج والعمل حتّى يقال : انّه لا يحتجّ بقول غير الثقة فلماذا نقلوا عن غير الثقات ، بل ربّما يكون الغرض دعم سائر الأحاديث التي يتّحد مضمونها مع ما يرويه عن الضعيف ، وبهذا السبب كانت الثقات يروون عن الضعاف أيضاً. الثاني : انّ كثرة النقل عن الضعاف كان أمراً معرضاً عنه بين مشايخ (42)
الحديث في العصور الأُولى ، وتعدّ من أسباب الطعن على الثقة ، ولذلك أخرج زعيم القمّيّين أحمدُ بن محمد بن عيسى ( المتوفّى حوالي 280 هـ ) معاصرَه أحمد بن محمد بن خالد البرقي ( المتوفـّى عام 274 هـ ) عن قم ، لكثرة نقله عن الضعفاء.
قال العلاّمة في ترجمة البرقي : إنّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل. وقال ابن الغضائري : طعن عليه القمّيون وليس الطعن فيه ، إنّما الطعن فيمن يروي عنه ، فإنّه كان لا يبالي عمّن أخذ على طريقة الأخبار ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده من قم ثمّ أعاده واعتذر إليه. (1) إذا اتّضح هذان الأمران فاعلم : إنّ نقل الثقة عن غيره إذا كان قليلاً يدخل في الأمر الأوّل ولا يدلّ على وثاقة المروي عنه وقلنا انّ الثقة يروي عن غيره أحياناً ; وأمّا إذا أكثر النقل عنه ، فلو كان المروي عنه ضعيفاً يدخل في الأمر الثاني ويعدّ طعناً في الراوي ، ويُسجِّل التاريخ ذلك في حقّه ، فإذا أكثر النقل ولم يتعرّض له التاريخ بطعن ، نستكشف عن أنّ المروي عنه ثقة. أضف إلى ذلك انّه لو لم يكن المروي عنه ثقة لعاد النقل الكثير أمراً لغواً ، وهذا بخلاف قلّة النقل فإنّها لا تكون كذلك لما عرفت من أنّ للنقل أهدافاً أُخرى غير الاحتجاج وهو دعم سائر الروايات والنقول المتّحدة معها في المضمون ، وهذه الفائدة منتفية فيما لو أكثر النقل عن شخص. 1. الخلاصة ، القسم الأوّل : 14 ، رقم 7. (43)
كثرة الرواية عن المعصوم
إنّ كثرة الرواية عن المعصوم من دون فرق بين أن يكثر عن النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) أو الإمام ( عليه السَّلام ) لا يصلح دليلاً على وثاقة الراوي ، وكم من ضعيف في تاريخ الحديث اتّجر بالحديث المكذوب على لسان النبي حتى قام النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) بالبراءة من تلك الطغمة وقال : « كثرت الكذّابة عليّ ، فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ». (1) وعلى ضوء ذلك لا يمكن أن تعدّ كثرة الرواية عن المعصوم دليلاً على الوثاقة. نعم هناك طريق لكشف حاله ، وهو انّه إذا كان القسم الكبير من رواياته ، مطابقاً مضموناً مع الروايات التي رواها سائر الثقات ، فعند ذلك نستكشف منه انّ الرجل ثقة ، له رغبة بالحديث ونشره ، فيحتجّ بعامّة رواياته. 1. ما هو المراد من شيخوخة الإجازة ؟ 2. اذكر صور الاستجازة. 3. لماذا تعدّ كثرة تخريج الثقة عن راو دليلاً على وثاقة المخرج ؟ 4. هل كثرة الرواية عن المعصوم أمارة على الوثاقة أو لا ؟ 1. الصراط المستقيم : 3/258 ؛ وروى نحوه مسلم في صحيحه : 1/7. (44)
(45)
الدرس التاسع
أصحاب الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) الثقات
إنّ الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) قام بتثقيف الأُمّة في عصر تضاربت فيه الآراء والأفكار واشتعلت فيه نار الحرب بين الأمويين ومعارضيهم ؛ ففي تلك الظروف الصعبة القاسية استغلّ الإمام الفرصة ونشر من أحاديث جدّه وعلوم آبائه ما سارت به الركبان ، وتربّى على يديه الآلاف من المحدّثين والفقهاء ، وهذه فضيلة رابية لم تُكتب لأحد من الأئمّة لا قبله ولا بعده.
هذا هو الشيخ المفيد يصف مدرسته بقوله : نقل الناس عن الصادق ( عليه السَّلام ) من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر ذكره في البلدان ، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ، ما نقل عنه ، ولا لقي أحد منهم من أهل الآثار ونقلة الأخبار ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد اللّه ، فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فكانوا أربعة الآف رجل. (1) ونقل قريباً من ذلك النصّ ابن شهر آشوب في مناقبه (2) ، والفتّال في « روضة الواعظين » (3) ، والطبرسي في « إعلام الورى ». (4) 1. الإرشاد : 270 ـ 271 ، مؤسسة الأعلمى للمطبوعات ، بيروت 2. مناقب ابن شهر آشوب : 3/249. 3. روضة الواعظين : مؤسسة الأعلمى للمطبوعات ، بيروت. 4. إعلام الورى : 1/535 ، مؤسّسة آل البيت ( عليهم السَّلام ). |
|||
|