عصمة الانبياء و الرسل
... ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم ... ما كان محمد ابا احد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين ... ) ( الايات 37 ـ 40 ) .
     و قال عز اسمه لسائر المؤمينن : ( و ما جعل ادعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بافواهكم و الله اءدعوهم لا بائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهميقول الحق و هو يهدي السبيل فاخوانكم في الدين و مواليكم ) (1) اوردنا في ما سبق مثالين من آيات اخطا العلماء في تاويلها بسبب ما ورد في روايات مفتراة على الانبياء ، و نورد في ما ياتي امثلة من آيات اخطا البعض في تاويلها دونما استناد الى رواية :
     آيات اخطاوا في تاويلها
     ا ـ نسبة العصيان الى آدم (ع) في سورة طه حيث قال تعالى : ( و عصى آدم ربه فغوى ) (2)
     ب ـ في سورة الانبياء : حيث قال ابراهيم عن تكسير الاصنام : ( بل فعله كبيرهم ) ، في حين انه هو الذي كان قد كسرها ، كما قال سبحانه : قالوا من فعل هذا بلهتنا انه لمن الظالمين ( فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون قالواقالوا فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدونقالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم فرجعواقال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا ينطقون ت اانت فعلت هذا بلهتنا يا ابراهيم ثـم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ماالى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون هؤلاءينطقون ) (3)
    ج ـ اخبر الله سبحانه في سورة يوسف (ع) ان وزعته (4) قالوا لاخوته : ( انكم لسارقون ) ، في حين انهم لم يكونوا قد سرقوا صواع الملك ، حيث قال تعالى : قالوا ت ( فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل اخيه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقونقلوا نفقد صواع الملك و لمن جاء به حمل بعير و انا به زعيمو اقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبينقالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الا رض و ما كنا سارقين فبدا باوعيتهم قبل وعاءقالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالميناخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان لياءخذ اخاه في دين الملك الاان يشاء قالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبلالله نرفع درجات من نشاء و فوق كل ذي علم عليم قالوا ياايهافاسرها يوسف في نفسه و لم يبدها لهم قال انتم شر مكانا و الله اعلم بما تصفون العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين ) (5)
    د ـ اخبر الله سبحانه في سورة الانبياء ان النبي ذا النون (ع) ظن ان الله لن يقدر عليه حيث قال تعالى : ( و ذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمينفاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين ) (6)
     ه ـ اخبر الله تعالى في سورة الفتح انه سبحانه غفر بعد الفتح ما تقدم من ذنب خاتم الانبياء و ماتاخر ، و قال سبحانه و تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر و يتم نعمته عليك ويهديك ( انا فتحنا لك فتحا مبينا صراطا مستقيماو ينصرك الله نصرا عزيزا ) (7) هذه الى آيات اءخرى لم يفطنوا الى تاءويلها ، و سندرسها بعد تفسير الكلمات و بعض المصطلحات في ما ياتي باذنه تعالى : تفسير بعض الكلمات و المصطلحات : اولا : تعريف مصطلحات البحث : ا ـ اوامر الله و نواهيه : من اوامر الله و نواهيه ما تظهر آثـار مخالفتها في الحياة الدنيا فحسب و لا تتعداها الى الحياة الاخرة ، مثل ما ورد في قوله تعالى : ( كلوا و اشربوا و لا تسرفوا ) (8) و الاسراف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان ، مثل تجاوزه الحد في تناول الطيبات من الماكول و المشروب ، و يرى الانسان اثر مخالفته لهذا النوع من اوامر الله و نواهيه في الحياة الدنيا و لا يتعداها الى الاخرة ، و يسميان امرا ارشاديا و نهيا ارشاديا.
    و منها ما يوجب فعل المامور به و يحرم تركه و يحرم فعل المنهي عنه ، و هذان تمتد آثارمخالفتهما على الانسان الى يوم القيامة و تسبب له العذاب ، و يسميان بالامر و النهي المولويين.
    مثل :
     ب ـ ترك الاولى : في ما يصدر من الانسان من عمل ما يكون فعل خلافه وضده افضل ، مثل الموردين الاتيين من افعال انبياء الله تعالى المذكورة في القرآن الكريم.
    ج ـ المعصية : عصى امره يعصيه عصيانا و معصية : خرج من طاعته و لم ينفذ امره ، فهو عاص و عصي.
    و لفظ ( الامر ) قد ياتي في الكلام بعد ذكر مشتقات المعصية ، مثل ما جاء :
    1 ـ سورة الكهف في حكاية قول موسى لمن اراد ان يصحبه : ( ستجدني ان شاء صابرا و لا اعصي لك امرا ) (9)
    2 ـ في وصف الملائكة الموكلين بالنار في سورة التحريم : ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ( الاية 6 ) .
    و لا ياتي لفظ الامر في الكلام ـ غالبا ـ بوضوح المعنى مثل قوله تعالى في سورة طه : ( فعصى آدم ربه ) (10) و احيانا لا يذكر من عصى امره مثـل قوله تعالى في ما جاء عن خبر فرعون في سورة النازعات : ( فكذب و عصى ) (11)
     د ـ الذنب : ان حقيقة الذنب هو تبعة كل عمل يصيب الانسان في المستقبل ، و قد تخص هذه التبعة بعض الاعمال في الدنيا ، و ترد على الانسان ممن يقدرون على الاضرار بالانسان ، كما جاء في حكاية قول موسى (ع) في مناجاة ربه في سورة الشعراء : قال رب اني اخافقوم فرعون الا يتقون ( و اذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الطالمين و لهم علي ذنب فاخافو يضيق صدري و لا ينطلق لساني فارسل الى هارونان يكذبون ان يقتلونقال كلا فاذهبا بياتنا انا معكم مستمعون ) (12) فان فعل موسى كان قتله القبطي الذي جاء خبره في الايات من سورة القصص : ( و دخل المدينة على حين غفلة من اهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان انه قال رب بماقال رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له انه هو الغفورالرحيمعدو مضل مبين فاصبح في المدينة خائفايترقب فاذا الذي استنصره بالاانعمت علي فلن اكون ظهيرا للمجرمين فلما ان اءراد اءن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يامس يستصرخه قال له موسى انك لغوي مبين موسى اتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالا مس ان تريد الا اءن تكون جبارا في الا رض و ما تريد ان و جاء رجل من اقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملا ياتمرون بكتكون من المصلحين فخرج منهاخائفا يترقب قال رب نجني من القومليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين الظالمين ) (13) و كان لفعله ـ قتله القبطي ـ تبعة في الدنيا ، و هي ائتمار قوم فرعون لقتله.
    و تبعة عصيان اوامر الله و نواهيه المولوية تصيب الانسان في الاخرة ، و احيانا في الدنيا والاخرة ، و هي ذنوب العبد تجاه ربه جل اسمه.
    ثانيا : شرح بعض الكلمات :
     ا ـ ذا الا يد : آد ، يئيد ، ايدا : اشتد و قوي ، و ذا الايد : صاحب القوة.
    ب ـ اواب : اوب تاويبا : رجع فهو اواب ، و الاواب كالتواب : الراجع الى الله بترك معاصيه و فعل طاعاته.
    ج ـ تشطط : الشطط : الجور في الحكم و تجاوزه القدر المحدود في كل شي ء.
    د ـ اكفلنيها : كفله كفلا و كفالة : عاله و رعاه ، و اكفلنيها : اعطني اياها لارعاها.
    ه ـ عزني في الخطاب : عزه و عازه : غلبه ، و عزني في الخطاب : غالبني في الكلام.
    و ـ الخلطاء : مفرده الخليط : الصديق و المجاور و الشريك.
    ز ـ ظن : الظن ما يحصل عن امارة ، و قد يبلغ الظن درجة اليقين مثل قوله تعالى : ( و ظن داود انما فتناه ) اي ايقن انا فتناه ، و قد لا يبلغه و يكون دونه الى حد التوهم ، مثل قوله تعالى في خبريونس (ع) : ( فظن ان لن نقدر عليه ) .
    ح ـ فتناه : الفتنة : الامتحان ، و يكون المعنى : ايقن داود انا امتحناه.
    ط ـ خر : خر : سقط من علو ، و خر راكعا : اي هوى الى الركوع.
    ي ـ اناب : ناب الى الشي ء نوبا و نوبة : رجع اليه مرة بعد اءخرى ، و اءناب العبد الى الله : رجع اليه بالتوبة من المعصية ، و كذلك اعتمد عليه في ما ينزل به ، و كان ابراهيم (ع) منيبا يرجع اليه في اءموره كلها.
    ك ـ فغفرنا و ليغفر : غفره مغفرة و غفرا و غفرانا : ستره و غطاه فهو غافر و غفور ، و للمبالغة غفار ، و كل شي ء سترته فقد غفرته ، و سمي ما ينسج من الدروع على قدر الراس و يلبس تحت القلنسوة بالمغفر لانه يستر الراس و الرقبة ، و غفر الله ذنوبه : اي سترها ، و يكون ذلك بمحو آثار الذنوب في الدنيا وآثارها في الاخرة.
    ل ـ لزلفى : زلف اليه زلفا ، زلفى ، و زلفة ، و ازدلف : دنا منه و تقرب ، والزلفة : القرب.
    م ـ مب : آب يؤوب اوبا و ايابا و مبا : رجع ، و المب : اسم زمان ومكان للاوب.
    ن ـ خليفة : ليس معنى خليفة الله في القرآن نوع الانسان على الارض كما قيل ، بل المراد : الامام المنصوب من قبل الله لهداية الناس و ليحكم بين الناس ، كما يظهر ذلك في قوله تعالى لداود (ع) : ( يا داودانا جعلناك خليفة في الا رض فاحكم بين الناس بالحق ) .
    س ـ الخيرة : خار الشي ء على غيره خيرة و خيرة و خيرا : فضله على غيره.
    ع ـ وطرا : الوطر : حاجة للانسان له عناية بها و اهتمام فاذا بلغها و نالها قيل : قضى وطره.
    ف ـ ادعياؤهم : الادعياء : مفرده الدعي : من ينسب الى قوم و ليس منهم ، واظهر مصاديقه مصاديقه : المتبنى.
    ص ـ سنة الله : النظام الذي قدره الله لخلقه ، و ( سنة الله في الذين خلوا ) اي حكم الله و شريعته التي انزلها على من سبق خاتم الانبياء من الرسل.
    ق ـ قدرا مقدورا : قدر الله الامر يقدره : دبره او اراد وقوعه ، و قدر الله الرزق يقدره جعله محدودا ضيقا.
    ر ـ جذاذا : جذ الشي ء جذا : قطعه ، فالشي ء مجذوذ ، و جذه كسره و فتته ، و الجذاذ المقطع او المكسر.
    ش ـ فتى : الفتى : الشاب من كل شي ء ، و يقال للعبد و الامة تلطفا بهما ، و الفتى : الكامل من الرجال ، و المرادبه هنا الشاب من الرجال.
    ت ـ نكسوا : نكس راسه و نكس على راسه : طاطا راءسه ذلا و انكسارا.
    ض ـ السقاية : السقاية : الاناء يسقى به و قد يكال به.
    ظ ـ العير : القوم معهم حملهم من الميرة ، و قد يقال للرجال و الجمال معا ، كما يقال لكل منهما وحده : العير.
    غ ـ صواع : المراد بالصواع هنا : صاع الملك و هو السقاية المذكورة قبله.
    خ ـ زعيم : زعم يزعم زعما و زعامة : ضمن و كفل فهو زعيم.
1 ـ الاحزاب /4 ـ 5.
2 ـ الاية 121.
3 ـ الايات 58 ـ 65.
4 ـ الوزعة : الموظفون من قبل ولاة الامر .
5 ـ الايات 78 ـ 70.
6 ـ الايات 86 ـ 88.
7 ـ الايات 1 ـ 3.
8 ـ الاعراف / 31.
9 ـ الاية 69.
10 ـ الاية 121.
11 ـ الاية 2.
12 ـ الايات 15 ـ 10.
13 ـ الايات 15 ـ 21.