فـتـح الابــواب ::: 271 ـ 285
(271)
    الباب الحادي والعشرون     أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني ، بإسنادهما الذي قدّمناه إلى جدي أبي جعفر الطوسيّ ، بإسناده إلى الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة من مسند جميل ، عن منصور بن حازم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ، وقد سأله بعض أصحابنا عن مسألة فقال : « هذه تخرج في القرعة ؟ » ثم قال : « وأيّ قضيّة أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله عزّ وجلّ ، أليس الله عزّ وجلّ يقول : ( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضينَ ) (1) (2).
    ومن ذلك في كتاب النهاية ، أخبرني به والدي موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاووس قدّس الله جلّ جلاله روحه ونوّر ضريحه ، فيما
1 ـ الصافات 37 : 141.
2 ـ أورده المؤلف في الأمان من الأخطار : 83 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 104 : 325 / 5.


(272)
قرأه على شيخه الفقيه حسين بن رطبة ، عن الشيخ أبي علي الحسن بن جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسيّ ، عن والده أبي جعفر الطوسي بجميع ما تضمّنه كتابه كتاب النهاية في الفقه.
    وأخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني بإسنادهما إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما ذكره في كتاب النهاية ، قال : روي عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وعن غيره من ابائه وأبنائه من قولهم : « كلُّ مجهول ففيه القرعة » قلت له : إنّ القرعة تُخْطىء وتصيب ، فقال : « كلُّ ماحَكَمَ الله فليس بمُخطىء » (1).
فصل :
    وأمّا كيفية الاستخارة بالقرعة ، فوجدت بخطّ أخي الصالح الرضيّ القاضي الآوي محمد بن محمد بن محمد الحسيني (2) ضاعف الله سعادته ، وشرّف خاتمته ، ما هذا لفظه :
    عن الصادق عليه السلام : « من أراد أن يستخير الله تعالى فليقرأ الحمد عشر مرات ، وإناّ أنزلناه عشر مرات ، ثمّ يقول : اللّهمَّ إنّي أستخيرك لعلمك بعاقبة (3) الامور ، وأستشيرك لحسن ظنّي بك في المأمول والمحذور ، اللّهم
1 ـ النهاية : 346 ، وأورده المصنف في الأمان من الأخطار : 83 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 154 : 325 / 6.
2 ـ قال الشيخ الطهراني في الأنوار الساطعة : 172 : محمد بن محمد بن محمد بن زيد بن الداعي بن زيد بن علي بن الحسين بن الحسن. هو رضي الدين بن فخر الدين بن رضي الدين الاوي العلوي الأفطسي. ذكر نسبه الى الحسن الأفطس ثم الى الإمام السجاد في خاتمة المستدرك ص 444 ، يروي عن أربعة اباء رابعهم الداعي بن زيد [ الناس : 75 ] عن شيخ الطائفة الطوسي. كان المترجم له مصاحباً لابن طاووس ( م 664 ) ويروي ابن طاووس عنه في كتبه بعض الحكايات. ونقل المجلسي في البحار عن المَجموعة للجبعي أنه توفي ليلة الجمعة 4 صفر 654 هـ.
3 ـ في « م » و « ش » : بعواقب.


(273)
إنْ كان أمري هذا ممّا قد نِيطت (1) بالبركة أعجازه وبواديه (2) ، وحفت بالكرامة أيّامه ولياليه ، فخر لي (3) بخيرة تردَ شموسه (4) ذلولاً ، وتقعص (5) أيامه سروراً ، يا الله إمّا أمر فأأتمر ، وإمّا نهي فانتهي.
    اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ثلاث مرات. ثم ياخذ كفاً من الحص أو سبحة.
    يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن
1 ـ أي تعلقت وناط الشيء تعلق ، وهذا منوط بك أي متعلّق ، والانواط المعاليق ، ونيط فلان بكذا أي علق ، وقال الشاعر :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
    « مصباح الكفعمي : 393 ».
2 ـ أعجاز الشيء آخره ، وبواديه أوله. ومفتتح الأمر ومبتدأه ومقتبله وعنفوانه وأوائله وموارده وبدائهه وبواديه نظائر. وشوافعه وتواليه وأعقابه ومصادره ورواجعه ومصائره وعواقبه وأعجازه نظائر. « مصباح الكفعمي : 393 ».
3 ـ في « د » زيادة : اللهم.
4 ـ أي صعوبته ، يقال : رجل شموس ، اي صعب الخُلق. أُنظر ا الصحاح « شمس ـ 3 : 940 ».
5 ـ كذا في جميع النسخ ، وأوردها الكفعمي بالضاد المعجمة ، وقال : وتقعض أي ترد وتعطف وقعضت العود عطفته ، وتقعص بالصاد تصحيف ، والعين مفتوحة لأنه إذا كانت عين الفعل أو لامه أحد حروف الحلق كان الاغلب فتحها في المضارع. وعلق العلامة المجلسي قائلا : وأما القعض بالمعنى الذي ذكره [ الكفعمي ] فقد ذكره الجوهري ، ولم يورد الفيروز آبادي هذا البناء أصلاً ، وهو غريب ، وفي كثير من النسخ بالصاد المهملة ، ولعله مبالغة في السرور ، وهذا شائع في عرف العرب والعجم ، يقال لمن أصابه سرور عظيم : مات سروراً ، أو يكون المراد به الانقضاء أي تنقضي بالسرور والتعبير به لأنْ أيام السرور سريعة الانقضاء ، فإنْ القعص ا لموت سريعاً ، فعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم والمجهول ، وقال الفيروز آبادي : القعص الموت الوحي ، ومات قعصاً أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه ، وقعصه كمنعه قتله مكانه كقعّصه ، وانقعص مات ، والشيء انثنى انتهى ، فعلى ما ذكرناه يمكن أن يكون بالمهملة بالمعنى الذي ذكره في المعجمة ، ولا يبعد أن يكون في الأصل تقيْض فصحف ولعل الأولى العمل بالرواية التي ليست فيها هذه الكلمة « بحار الأنوار 91 : 249 ».


(274)
الطاووس : هذا لفظ الحديث (1) ، ولعل المراد بأخذ الحصى والسبحة أن يكون قد قصد بقلبه أنّه إنْ خرج عدد الحصى والسبحة فرداً ، كان : إفعل ، وإنْ خرج منه زوجاً (2) كان : لا تفعل ، أو لعلّه يجعل نفسه والحصى أو السبحة بمنزلة (3) اثنين يقترعان ، فيجعل الصدر في القرعة منه أو من [ الحصى أو السبحة فيخرج عن نفسه عدداً معلوماً ثمّ ياخذ من ] (4) الحصى شيئاً ، أو من السبحة شيئاً ، ويكون قد قصد بقلبه أنّه إنْ وقعت القرعة عليه مثلاً فيفعل ، وإذا وقعت على الحصى أو السبحة فلا يفعل ، فيعمل بذلك (5).
فصل :
    وحدثني بعض أصحابنا مرسلاً في صفة القرعة أنّه يقرأ الحمد مرّة واحدة ، وإنا أنزلناه إحدى عشر مرة ، ثم يدعو بالدعاء الذي ذكرناه عن الصادق ( عليه السلام ) في الرواية التي قبل هذه ، ثم يقرع هو وآخر يقصد بقلبه أنّه متى وقع عليه أوعلى رفيقه يفعل بحسب ما يقصد في نيّته ، ويعمل بذلك مع توكّله وإخلاص طويّته (6).
    أقول : وقد رجحنا الاستخارة بالست الرقاع على سائر الاستخارات ، وكشفنا ذلك كشفاً لا يخفى على من عرفه من أهل العنايات.
1 ـ في البحارزيادة : كما ذكرناه.
2 ـ في البحار : مزدوجاً.
3 ـ في النسخ : إلأ ، وما أثبتناه من البحار.
4 ـ أثبتناه من البحار.
5 ـ أورده المجلسي في بحار الأنوار 91 : 247/ 1 ، والحر العاملي في وسائل الشيعة 5 : 219/ 2.
6 ـ أورده المجلسي في بحار الأنوار 91 : 247 ، والنوري في مستدرك الوسائل 3 : 200 / 11.


(275)
فصل :
يتضمّن المشاورة لله جلّ جلاله بالمصحف المقدس ووجدناه
قد سماه الذي رواه بالقرعة
    رأيت ذلك في بعض كتب أصحابنا رضوان الله عليهم قال : ويصلّى صلاة جعفر بن أبي طالب ، ولم ترد (1) صفتها ولا أيّ الروايات في تعقيبها بالدعوات ، وأنا أذكر من الروايات بذلك رواية مختصرة جليلة بعد ذكر صلاة جعفر عليه السلام ، وهذا صفة صلاة جعفر بن أبي طالب عليهم السلام جملة وتفصيلا : إنّك (2) تبدأ بالنيّة فتقصد بقلبك أنّك تصلّي مثل صلاة جعفربن أبي طالب ، تعبد الله جلّ جلاله بذلك لأنّه أهل للعبادة ، ثم تكبّر تكبيرة الإحرام ، وتقرأ الحمد وسورة إذا زلزلت الأرض زلزالها ، ثمّ تقول وأنت قائم :
    سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله واللّه أكبر خمس عشرة مرّة ، ثمّ تركع وتقول هذا التسبيح في ركوعك عشر مرات ، ثمّ ترفع رأسك من الركوع وتقوله عشراً ، ثم تسجد وتقوله في سجودك عشراً ، ثمّ ترفع رأسك من السجود وتجلس وتقوله في حال جلوسك عشراً ، ثمّ تسجد السجدة الثانية وتقوله فيها عشراً ، ثمّ ترفع رأسك وتجلس ، وتقوله في حال جلوسك عشراً ، ثم تقوم فتقرأ الحمد وسورة والعاديات ، ثمّ تقول هذا التسبيح في هذه الركعة الثانية كما قلته في الأولى ، وفي مواضعه التي ذكرناها.
    فإذا فرغت منه بعد رفع رأسك فن السجدة الثانية في الركعة الثانية فتشهد الشهادتين ، وصل على النبي صلى الله عليه واله ، ثمّ تسبح تسبيح
1 ـ في « د » : يرو.
2 ـ في « ش » و « د » : وإنك.


(276)
الزهراء عليها السلام ، ثمّ تقوم إلى الركعتين الأخيرتين من صلاة جعفر ، فتنوي بقلبك كما ذكرناه ، ثمّ تكبر تكبيرة الإحرام ، وتقرأ الحمد وسورة إذا جاء نصر الله والفتح ، وتقول التسبيح في هذه الركعة الثالثة في عدده ومواضعه ، كما ذكرناه في الركعة الاولى.
    فإذا فرغت من هذه الركعة الثالثة ، فقم إلى الركعة الرابعة ، واقرأ الحمد وسورة قل هو الله أحد ، وقل التسبيح المذكور في هذه الركعة الرابعة في عدده ومواضعه ، كما ذكرناه في الركعة الاولى.
    فإذا فرغت من التسبيح بعد رفع رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة ، فتشهّد وصلِّ على النبيّ واله صلوات اللهّ عليه ، وسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام.
    وأما تعقيبها ، فنذكر ما وعدنا به من الرواية الجليلة ووعودها الجميلة :
     روى المفضّل بن عمر قال : رأيت أبا عبداللهّ عليه السلام يصلّي صلاة جعفر عليه السلام ، فرفع يديه ودعا بهذا الدعاء : يا ربِّ يا ربِّ حتى انقطع النفس ، يا ربّاه يا ربّاه حتى انقطع النفس ، ربِّ ربِّ حتى انقطع النفس ، يا الله يا الله حتى انقطع النفس ، يا حيّ يا حيّ حتى انقطع النفس يا رحيم يا رحيم حتى انقطع النفس ، يا رحمن يا رحمن حتى انقطع النفس سبع مرات ، يا أرحم الراحمين سبع مرات.
    ثمّ قال : اللهمَّ إني أفتتح القول بحمدك ، وأنطق بالثناء عليك ، وأحمدك (1) ولا غاية لمدحك ، واُثني عليك ومن بلغ غاية ثنائك ، واُمجّدك وأنى لخلقك كنه معرفة مجدك ، وأيّ زمنِ لم تكن ممدوحاً بفضلك ، موصوفاً بمجدك ، عوّاداً على المذنبين بحلمك ، تخلّفَ سكّان أرضك عن طاعتك
1 ـ في مصباح المتهجد : وأُمجدك.

(277)
فكنت عليهم عطوفاً بجودك ، جواداً بفضلك ، عوّاداً بكرمك ، يا لا إله إلا أنت المنّان ذو الجلال والإكرام.
    وقال : يا مفضّل إذا كانت لك حاجة مهمة ، فصل هذه الصلاة ، وادعُ بهذا الدعاء ، وسل حاجتك ، يقض الله حاجتك ، إنْ شاء الله تعالى وبه الثقة (1).
     يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد به الطاووس : عدنا الان إلى ما وقفنا عليه في بعض كتب أصحابنا من صفة الفال في المصحف الشريف ، وهذا لفظ ما وقفنا عليه :

    صفة القرعة في المصحف : يصلّي صلاة جعفر عليه السلام ، فإذا فرغ منها دعا بدعائها ، ثمّ ياخذ المصحف ، ثمّ ينوي فرج آل محمد بدءاً وعوداً (2) ، ثمّ يقول : « اللّهمّ إنْ كان في قضائك وقدرك أن تفرِّج عن وليّك وحجّتك في خلقك في عامنا هذا وفي شهرنا هذا ، فاخرج لنا رأس آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك ».
    ثمّ يعدّ سبع ورقات ، ويعدّ عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة ، وينظر ما يأتيه في الحادي عشر من السطر ، ثمّ يعيد الفعل ثانياً لنفسه ، فإنّه يتبيّن حاجته إن شاء الله تعالى (3).
    أقول : أمّا بعد معنى قوله في كل ما قال « في عامنا هذا » أن يكون
1 ـ رواه الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد : 275 ، وأورده المصنف في جمال الأسبوع : 294 ، والكفعمي في البلد الأمين : 150 ، والمصباح : 480.
2 ـ قال المجلسي في بيانه على النص في البحار 91 : 241 : لعل المعنى في الحال وفي الرجعة ، أو ينوي ذلك مكرراً ، وقيل : أي أول مرة وفيما يفعل ثانياً ، وهو بعيد ، وفيه دلالة ما على جواز التفأل بالمصحف لاستعلام الأحوال.
3 ـ أورده الطبرسي في مكارم الأخلاق : 324 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 91 : 241/ 2 ، والنوري في مستدرك الوسائل 1 : 301/ 3.


(278)
العلم بالفَرَج عن وليّه وحجّته في خلقه يتوقّف على معرفة اُمور كثيرة ، فيكون كلّ وقت يدعى له بذلك في عامي هذا ، وفي شهري هذا ، يفرّج الله جل جلاله أمراً من تلك الامور الكثيرة ، فيسمّى ذلك فرجاً.
فصل :
    وحدّثني بدر بن يعقوب المقرىء الأعجمي (1) رضوان الله عليه بمشهد الكاظم صلوات الله عليه في صفة الفال في المصحف [ بثلاث روايات من غير صلاة ، فقال : تاخذ المصحف ] (2) : وتدعو فتقول (3) : اللّهَم إنْ كان من (4) قضائك وقدرك أن تمنَّ على اُمّة نبيّك بظهور وليك وابن بنت نبيّك ، فعجّل ذلك وسهّله ويسّره وكمّله ، وأخرج لي ايةً أستدلّ بها على أمر فائتمر ، أو نهي فانتهي ـ أو ما تريد الفال فيه ـ في عافية.
    ثمَّ تعدّ سبع أوراق ، ثمّ تعدّ في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ستّة أسطر ، وتتفأل بما يكون في السطر السابع.
    وقال في رواية اُخرى : إنّه يدعو بالدعاء ، ثمّ يفتح المصحف الشريف ، ويعدّ سبع قوائم ، ويعد ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ، وما في الوجهة الاولى من الورقة الثامنة من لفظ اسم الله جلّ جلاله ، ثمّ يعدّ قوائم بعدد لفظ اسم اللهّ ، ثم يعدّ من الوجهة الثانية من القائمة التي ينتهي
1 ـ ترجم له الشيخ الطهراني في الأنوار الساطعة في المائة السابعة : 24 ، قائلا : بدر الأعجمي ، الشيخ الصالح ، نزيل بغداد أيام المستنصر ( م 640 ) وقد توسط رضي الدين علي بن طاووس له عند الخليفة فرسم له خمسين ديناراً واتفق أنه وصل الرسم الى خطير الدين محمود بن محمد ، ثم استدركه له ابن طاووس ثانياً. ذكر تفصيله في الباب الخامس من « فرج المهموم ».
2 ـ ما بين المعقوفين أثبته من بحار الأنوار.
3 ـ في البحار : وتدعو بما معناه فتقول.
4 ـ في « م » والبحار : في.


(279)
العدد إليها ، ومن غيرها ممّا يأتي بعدها سطوراً بعدد لفظ اسم اللهّ جلّ جلاله ، ويتفأل بآخر سطر من ذلك.
    وقال في الرواية الثالثة : إنّه إذا دعا بالدعاء عدّ ثماني قوائم ، ثمّ يعدّ في الوجهة الاولى من الورقة الثامنة أحد عشر سطراً ، ويتفأل بما في السطر الحادي عشر ، وهذا ما سمعناه في الفأل بالمصحف الشريف قد نقلناه كما حكيناه (1).
1 ـ نقله المجلسي في بحار الأنوار 91 : 242 / 4 ، وقال : وجدت في بعض الكتب أنه نسب إلى السيد « ره » الرواية الثانية لكنه قال : يقرأ الحمد وآية الكرسي وقوله تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب ) الى آخر الآية ، ثم يدعو بالدعاء المذكور ويعمل بما في الرواية. وأورده النوري في مستدرك الوسائل 1 : 301 ذيل حديث 3.

(280)

(281)
    الباب الثاني والعشرون
في استخارة الإنسان عن من يكلّفه الاستخارة من
الإخوان
    إعلم أنّني ما وجدت حديثاً صريحاً انّ الإنسان يستخير عن سواه ، لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمّن الحثّ على قضاء حوائج الإِخوان من الله جلّ جلاله بالدعوات وسائر التوسّلات ، حتى رأيت في الأخبار من فوائد الدعاء للإخوان ما لا أحتاج إلى ذكره الان ، لظهوره بين الأعيان ، والاستخارات على سائر الروايات هي من جملة الحاجات ، ومن جملة الدعوات ، فإنَّ الذي يستخير بالرقاع إنّما يسجد ويدعو مائة مرة ، ويرفع رأسه ويدعو أيضاً كما قدّمناه ، فاستخارة الإِنسان عن غيره داخلة في عموم الأخبار الواردة بما ذكرنا.
فصل :
    ولأنّ الإِنسان إذا كلّفه غيره من الإخوان الاستخارة في بعض الحاجات ، فقد صارت الحاجة للّذي يباشر الاستخارات ، فيستخير لنفسه وللذي يكلّفه الاستخارة ، أمّا استخارته لنفسه بأنّه هل المصلحة للذي يباشر الاستخارة في القول لمن يكلفه الاستخارة ، وهل المصلحة للذي يكلّفه


(282)
الاستخارة في الفعل أو الترك ؟ وهذا ممّا يدخل تحت عموم الروايات بالاستخارات ، وبقضاء الحاجات ، وما يتوقّف هذا على شيء يختصّ به في الروايات (1).
1 ـ أورده المجلسي في بحار الأنوار 91 : 285 ، وعقب في بيانه قائلاً : ما ذكره السيد من جواز الاستخارة للغير لا يخلو من قوة للعمومات لا سيما إذا قصد النائب لنفسه أن يقول للمستخير افعل أم لا ؟ كما أومأ إليه اليد ، وهو حيلة لدخولها تحت الأخبار الخاصة ، لكنْ الأولى والأحوط أن يستخير صاحب الحاجة لنفسه ، لأنا لم نر خبراً ورد فيه التوكيل في ذلك ، ولو كان ذلك جائزاً او راجحاً لكان الأصحاب يلتمسون من الأئمة عليهم السلام ذلك ، ولو كان ذلك لكان منقولاً لا أقل في رواية ، مع أنّ المضطرّ أولى بالاجابة ودعاؤه أقرب الى الخلوص عن نية.

(283)
    الباب الثالث والعشرون     يقول علي بن موسى بن جعفربن محمد بن محمد بن الطاووس الحسنيّ : إعلم أنّني وجدت المتوقفين عن العمل بالاستخارة ، والمنكرين لها ، عدة فرق :
    الفرقة الأولى : قوم كانوا مشغولين عن أخبار الاستخارات بمهام دينهم ودنياهم ، فلم يتفّرغوا ولم ينظروا بالاعتبار في ما ورد فيها من الروايات ، ولو كانوا وقفوا على ما رويناه وذكرناه ما توقّفوا ولا أنكروا ، وكانوا يعملون بذلك ، فإنه واضح لمن عرف معناه ، وهؤلاء هم الذين يحسن الظنّ بهم من المتوقفين أو المنكرين ، ولا تزروا بغير المكابرين.
    الفريق الثاني من المتوقّفين عن الاستخارة والعمل بها والإنكار لها : قومٌ كانوا يستخيرون فوجدوا من الاستخارة أكداراً وأخطاراً ، فتوقَفوا عنها ونفروا منها وأظهروا إنكاراً ، وهؤلاء إذا نظر في حالهم منصف عارف بهم على اليقين ، عَلِمَ أنهم ما كانوا قد قاموا بشروط الاستخارة


(284)
لسلطان العالمين ، فالذنب كان لهم دون الاستخارات ، وذاك أنَّهم كانوا يستخيرون على سبيل التجارب ، لينظروا هل يظفرون بالمرادات أم لا يظفرون بذلك ( بطلان ما ورد في الاستخارة من الروايات ) (1) وبان أنّهم كانوا يفعلون ذلك على سبيل التجارب دون اليقين والتفويض إلى اللهّ جلّ جلاله في تدبير العواقب ، وتوقّفهم عنها ، ونفورهم منها ، ورجوعهم عن الله جلّ جلاله فيما أشار به عليهم فيما زعموا أنّهم استخاروا اللهّ جلّ جلاله فيه ، وفوّضوا !لى مراضيه ، ولو كانوا على يقين من استخارتهم ، كانوا قد قنعوا بتدبير الله ، فهوأعلم بمصلحتهم في دنياهم وآخرتهم.
فصل :
    وما يخفى على أهل البصائر أنّ الذي يستخير الله جلّ جلاله على سبيل التجربة ، فإنّه يكون سيّء الظنّ باللهّ عزّ وجلّ ، أو سيء الظنّ بالرواية عن الله ، بل لعلّه (2) كان سيّء الظنّ بالرواية قام (3) وصلّى صلاة الاستخارة ، وكلاهما يمنع من الاستخارة ، فإنّه لو حسن ظنّه ، أو قوي يقينه بالله جلّ جلاله ، رضي بتدبيره في كلّ اشارة ، واللهّ جلّ جلاله يقول : ( يَظُنُّونَ ِبالله غَيْرَ ألْحَقّ ظَنَ ألْجَاهِلية ) (4) ( الظَّانّينَ ِبالله ظَنَّ ألسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَاءهُ ألسَّوْءِ ) (5) فمن يستخير على سبيل التجارب ، ولا يكون مفوّضاً إلى الله جل جلاله العالم بالعواقب ، فقد أساء الظنّ بالله ، فإنّه مطلعٌ على سره ، ( وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه ) (6) والمستخير على هذه الصفات أقرب إلى الهلاك والنقمات من أنّه يظفر
1 ـ الظاهر أن هذه العبارة مقحمة في غير محلها ، فلاحظ.
2 ـ في « د » و « م » زيادة : لو.
3 ـ في « د » و « ش » : ماقام.
4 ـ آل عمران 3 : 154.
5 ـ الفتح 48 : 6.
6 ـ الأنعام 6 : 91.


(285)
بفوائد الاستخارات.
فصل :
    وأيضاً فإنّ المستخير على غير ثقة ويقين بالاستخارات ، بل إنْ جاءت كما يريد عمل بها ، وإن جاءت بخلاف ما يريد توقّف عنها ونفر منها وقدح في الروايات ، ما يؤمنه أن يدخل تحت عموم تهديد ووعيد سلطان العالمين ، في قوله تعالى : ( ومِنَ ألنَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أصَابَه خَيْرٌ إطْمَأنَّ بِهِ وَاِنْ اَصَابتهُ فِتْنَةٌ أنقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ ألدُّنْيَا وَألإخِرَةِ ذَلِكَ هُو الْخُسرَان ألْمبينُ ) (1)
فصل :
    الفريق الثالث : قوم كانوا يستخيرون لا على سبيل التجربة على ما يقولون ، بل ما كانوا يعلمون أنّ رقاع الاستخارات دالةٌ على ما يأتي فيها من الإشارات ، وهل يكون صفواً ، أو يكون فيها تكدير (2) في بعض الأوقات ، كما كنا قد شرحناه في باب ترجيح العمل بالستّ رقاع ، وما ذكرناه فيها من الانتفاع.
    بل لا يفرّقون بين الاستخارة إذا جاءت ( إفعل ) سواء كانت في خمس أوأربع أوثلاث ، وقد كشفنا في ذلك الباب الفرق بين رقاع الاستخارة إذا توافقت وتساوت وإذا اختلفت ، فانظره فإنه كاشف لوجوه الصواب ، ولو كان قد علم المستخير أنّ الرقاع إذا خرجت ( إفعل ) في خمس يقتضي أن يكون فيها تكدير بحسب مواضع الرقاع التي خرجت فيها ( لا تفعل ) كان قد تأهب له ، وما كان ينفرمنها ولا يستعجل.
    الفريق الرابع : قومٌ وجدوا كلاماً لشيخنا المفيد محمد بن محمد بن
1 ـ الحج 22 : 11.
2 ـ في « د » : نكداًَ.
فـتـح الابــواب ::: فهرس