فوائد الاصول ـ الجزء الاول والثاني ::: 451 ـ 465
(451)
أو محكوما بحكم الوجوب كما هو مقالة من يقول : انه لا ينافي الاختيار خطابا و ملاكا.
    واما لو فرض ان الفعل الممتنع حال امتناعه محكوم بحكم يضاد حكمه السابق على الامتناع فهو لايكون من صغريات تلك القاعدة ، كما في المقام ، حيث إن الخروج عن الدار الغصبية مما يحكم بلزومه العقل. وهذا في الجملة مما لا اشكال فيه ، سواء قلنا : انه حكمه من باب اختيار أقل المحذورين ، كما قيل : أو قلنا : انه من باب وجوب رد المغصوب ، كما هو الأقوى على ما سيأتي. وعلى كل حال : يكون الخروج حال وقوعه مما يلزم به العقل ، ومعه كيف يندرج في قاعدة ـ الامتناع بالاختيار ـ.
    هذا كله إذا كانت الدعوى ان الخروج مما يكون ممتنعا بالاختيار.
    وأما إذا كانت الدعوى ان مقدارا من الكون الغصبي ممتنع ، فهي حق ، إذ لا محيص من مقدار من الكون الغصبي ، سواء مكث في الدار الغصبية أو خرج ، الا ان الكون الغصبي المتحقق في ضمن الخروج لايكون منهيا عنه بوجه من الوجوه وفي زمان من الأزمنة ، بل هو يكون واجبا في جميع الحالات ، لوجوب رد المغصوب إلى صاحبه بالضرورة من الدين. وكونه هو الذي أوقع نفسه في هذا التصرف الغصبي بسوء اختياره ـ حيث دخل في الدار عن اختيار ـ لا يوجب كون الخروج حال وقوعه مبغوضا ، كمن شرب دواء مهلكا وانحصر حفظ نفسه بشرب الخمر ، فان شرب الخمر في هذا الحال يكون واجبا عقلا وشرعا ، لتوقف حفظ النفس عليه ، وان كان بسوء اختياره أوقع نفسه في شرب الخمر. لمكان شربه الدواء المهلك. فالعقاب ( لو كان ) انما يكون في شرب ذلك الدواء لو كان شرب الخمر من الأمور التي لم يرد الشارع وقوعها في الخارج لما فيه من المفسدة ، فإنه ح يحرم على الشخص ادخال نفسه في موضوع يوجب شرب الخمر.
    وليس ذلك كشرب المرأة الدواء الموجب للحيض المستلزم لعدم أمرها بالصلاة ، حيث إنه يمكن القول بجواز شربها للدواء ، إذ لم يعلم من مذاق الشارع مبغوضية ايقاع الشخص نفسه في موضوع يوجب عدم تكليفه بالصلاة. وهذا بخلاف


(452)
شرب الخمر ، فان ادخال الشخص نفسه في موضوع يوجب تكليف بشرب الخمر مبغوض للشارع ، كما أن ادخال الشخص نفسه في موضوع يوجب تكليفه بالتصرف في مال الغير مبغوض للشارع ، فالدخول في الدار الغصبية يكون مبغوضا ومحرما من جهتين : من جهة كونه هو بنفسه تصرفا في ملك الغير ، ومن جهة استلزامه للتصرف الخروجي ، بخلاف مثل شرب الدواء الموجب لشرب الخمر فإنه محرم من جهة استلزامه شرب الخمر ، وليس له جهة أخرى إذا كان الدواء في حد نفسه مما يجوز شربه.
    والحاصل : انه ينبغي ان يقع التكلم في الدخول من جهة ان حرمته تكون من جهتين ، لا في الخروج فان الخروج واجب على كل حال. وليس وجوبه من باب حكم العقل باختيار أقل المحذورين ، فان مناط حكم العقل بلزوم الخروج عن ملك الغير في صورة ما إذا كان الدخول فيه بالاختيار ، وفي صورة ما إذا كان الدخول فيه بلا اختيار امر واحد ، وهو لزوم فراغ ملك الغير ورده إلى صاحبه ، الذي يحصل بالتخلية في غير المنقول. وليس حكم العقل بلزوم الخروج فيما إذا كان الدخول بالاختيار بمناط يغاير مناط حكمه بلزوم الخروج فيما إذا كان الدخول بغير الاختيار ـ حيث إنه في الأول يكون من باب أقل المحذورين ، وفي الثاني يكون من باب رد المغصوب ورفع اليد عنه ـ حتى يكون الثاني واجبا شرعا وعقلا دون الأول ، بل مناط حكم العقل معلوم عندنا مطرد في جميع اقسام الغصب من المنقول وغيره ، وانه في الجميع يجب رد المغصوب إلى أهله شرعا وعقلا ، غايته انه في المنقول يكون الرد بالقبض ، وفي غيره يكون برفع اليد والتخلية.
    فظهر : انه لا محيص عن القول بان الخروج عن الدار الغصبية فيما إذا توسطها بالاختيار مأمور به ليس الا ، ولا يجرى عليه حكم المعصية. هذا تمام الكلام في الحكم التكليفي.
    واما الحكم الوضعي :
    وهو صحة الصلاة في حال الخروج عند ضيق الوقت ، فمجمل الكلام فيه : هو انه ان قلنا بان الخروج مأمور به ولا يجرى عليه حكم المعصية ، فلا اشكال في


(453)
صحة الصلاة في حال الخروج وكونها مأمورا بها ، نعم لا بد من ملاحظة عدم وقوع تصرف زائد على الخروج ، فيؤمى للركوع والسجود.
    واما ان قلنا بجريان حكم المعصية عليه ، فبناء على جواز اجتماع الأمر والنهي يقع التزاحم بين المأمور به والمنهى عنه ، حيث إن القيام في حال المشي يكون واجبا من جهة كونه من اجزاء الصلاة ، والساقط هو الاستقرار في حال القيام لا أصل القيام ، ولمكان انه يقتضى اشغال ملك الغير يكون منهيا عنه ، ولو بالنهي السابق الساقط ، حيث إن الكلام فيما إذا كان الخروج معصية حكمية ، فيقع التزاحم بين الامر بالقيام وبين النهى عن اشغال المكان حاله ، ولمكان ـ ان الصلاة لا تسقط بحال ـ يمكن ان يقال بوجوب الصلاة وسقوط قيدية القيام ، فتكون الصلاة في مثل هذا خالية عن القيام ، ان نقول ببقاء القيام على جزئيته للصلاة ويكون مأمورا به و ان كان من جهة شاغليته لمكان الغير معصية ، أو نقول بأنه لا يجرى عليه حكم المعصية في مثل هذا الفرض لأهمية الصلاة ، فتأمل.
    واما بناء على الامتناع ، فيكون نفس هذا القيام بما انه قيام معصية و مبغوضا للشارع ، ومعه ينبغي ان نقول بعدم صحة الصلاة ، وان كان يمكن ان يقال بسقوط قيدية القيام ، لمكان ان الصلاة لا تسقط بحال ـ فتأمل في المقام ، فإنه بعد لا يخلو عن اشكال ، ويحتاج إلى زيادة بيان. وشيخنا الأستاذ مد ظله لم يستوف الكلام في الحكم الوضعي على ما ينبغي. ونسئل الله حسن العاقبة والتوفيق لما يحب و يرضى. وقد وقع الفراغ من تسويد هذه الأوراق المتعلقة بمبحث اجتماع الأمر والنهي في ليلة الثلثا غرة جمادى الأولى سنة 1347.


(454)
فصل في اقتضاء النهى عن العبادة أو المعاملة للفساد
    وتنقيح البحث عن ذلك يستدعى تقديم أمور :
    الامر الأول :
    قد أطالوا البحث في الفرق بين هذه المسألة ومسألة اجتماع الأمر والنهي مع أنه ما كان ينبغي إطالة البحث عن ذلك ، فان الفرق بين المسئلتين جلى لا يكاد يخفى ، لما عرفت : من أن موضوع مسألة اجتماع الأمر والنهي هو ما إذا تعلق الامر بعنوان والنهى بعنوان آخر وكانت النسبة بين العنوانين العموم من وجه ، والبحث فيه يكون عن اتحاد المتعلقين وعدم اتحادهما. والموضوع في هذه المسألة هو ما إذا تعلق النهى ببعض ما تعلق الامر به على وجه تكون النسبة بين المتعلقين العموم المطلق ، ويكون البحث فيها عن اقتضاء النهى للفساد. فموضوع كل من المسئلتين مع جهة البحث فيه يفترق عن موضوع الأخرى وعن جهة البحث فيها.
    نعم : من لم يعتبر في موضوع مسألة اجتماع الأمر والنهي كون النسبة العموم من وجه انحصر الفرق بين المسئلتين عنده في جهة البحث ، لا في الموضوع ، الا انه قد تقدم فساد ذلك وانه لابد في مسألة اجتماع الأمر والنهي من كون النسبة هي العموم من وجه.
    نعم : بناء على القول بالامتناع وتقديم جانب النهى تندرج مسألة الاجتماع في صغرى مسألة النهى عن العبادة وتكون من افرادها ، الا ان ذلك لا يوجب اتحاد المسئلتين.
    ثم انه لا اشكال في كون المسألة من مسائل علم الأصول وليست من المبادئ ، فإنها تقع كبرى في قياس الاستنباط ابتداء. وليست كمسألة اجتماع


(455)
الأمر والنهي ، حيث تقدم انها تكون من مبادئ مسألة التعارض والتزاحم وليست هي بنفسها من المسائل. واما مسألة النهى عن العبادة والمعاملة فهي بنفسها من المسائل ، ويستنتج منها فساد العبادة أو المعاملة.
    وبذلك يظهر فرق آخر بين المسئلتين وذلك واضح ، كوضوح ان المسألة ليست من مباحث الألفاظ ، بل البحث فيها انما يكون عن الملازمات العقلية للأحكام ، خصوصا بناء على ما هو التحقيق عندنا من أن الفساد يدور مدار عدم الامر والملاك معا ، ولا يكفي فيه عدم الامر كما حكى عن الجواهر ، فإنه لا دخل للفظ بالملاك ، بل الملاك امر واقعي تكويني لا بد من استكشاف عدمه في العبادة من مقدمات ، على ما سيأتي بيانها. والنهى بنفسه لا يكفي في الفساد مع قطع النظر عن كونه كاشفا عن عدم الملاك ، سواء كان مدلول اللفظ أو لم يكن ، كالنهي المستفاد من الاجماع والعقل.
    نعم : لو قلنا بأنه يكفي في الفساد عدم الامر ولا يحتاج إلى عدم الملاك كان النهى بنفسه دالا على عدم الامر ، ومع ذلك لا دخل للفظ ، فان النهى الواقعي يدل على عدم الامر ، سواء كان الدال على النهى لفظا أو عقلا أو اجماعا ، فلا موجب لعد المسألة من مباحث الألفاظ. وكان حق الاعلام ان يعقدوا بابا مستقلا للبحث عن الملازمات العقلية ، ويبحثوا فيه عن هذه المسألة وما شابهها مما يكون البحث فيه عن الملازمات العقلية للأحكام الشرعية ، كمسألة مقدمة الواجب ، ومسألة الضد. الا انهم لما لم يعقدوا لذلك بابا مستقلا ادرجوا هذه المسائل في مباحث الألفاظ.
    الامر الثاني :
    ينبغي خروج النهى التنزيهي عن حريم النزاع ، فإنه قد تقدم في مسألة الأمر والنهي انه لا يقتضى الفساد ، لان الرخصة الوضعية بالنسبة إلى الاتيان بأي فرد ( المستفادة من تعلق الامر بالطبيعة ) لا تنافى النهى التنزيهي المتضمن للرخصة أيضا ، على ما عرفت سابقا.
    نعم : لو تعلق النهى التنزيهي بذات ما يكون عبادة لكان لدعوى اقتضائه


(456)
الفساد مجال ، من جهة ان ما يكون مرجوحا ذاتا لا يصلح ان يتقرب به ، الا ان النواهي التنزيهية الواردة في الشريعة المتعلقة بالعبادات لم تتعلق بذات العبادة على وجه يتحد متعلق الأمر والنهي ، على ما تقدم تفصيله. فالقول بان النهى التنزيهي كالنهي التحريمي داخل في حريم اقتضاء النهى للفساد ضعيف جدا.
    ثم انه لا اشكال في دخول النهى النفسي في حريم النزاع ، وهل يختص النزاع به أو يعم النهى الغيري أيضا ؟ والذي ينبغي ان يقال : هو ان النهى الغيري المسوق لبيان المعانعية كالنهي عن الصلاة في غير المأكول خارج عن مورد النزاع ، لأنه بنفسه يقتضى الفساد ، حيث يدل على دخل عدم ما تعلق النهى به في حقيقة المأمور به ، وانتفاء الشيء بوجود مانعه ضروري غير قابل للنزاع فيه.
    واما النهى الغيري التبعي المستفاد من الامر بالشيء ـ بناء على اقتضائه النهى عن ضده ـ وأمثال ذلك من النواهي التبعية المتعلقة بالعبادة ، ففي دخوله في محل النزاع كلام ، من جهة كونه غير كاشف عن عدم الملاك ، بل غايته انه يوجب عدم الامر مع قطع النظر عن الامر الترتبي ، ومع عدم كشفه عن عدم الملاك لا يوجب الفساد ، بناء على كفاية الملاك في صحة العبادة ، وسيأتي البحث في ذلك.
    فظهر : ان المراد من النهى في عنوان النزاع هو النهى التحريمي النفسي ، أو الغيري التبعي ، على ما فيه من الكلام.
    واما العبادة : فالمراد بها في المقام معناها الأخص ، أي الوظيفة التي شرعت لأجل ان يتعبد بها ويتقرب بها منه تعالى.
    والمراد من المعاملة : هي الانشائيات الأعم من العقود والايقاعات ، لا خصوص العقود ، ولا المعاملة بالمعنى الأعم الشاملة لمثل احياء الموات ، والحدود ، والمواريث ، وغير ذلك من الموضوعات لآثار شرعية ، فان النهى التحريمي فيها لا يوجب الفساد ، فان النهى عن الاحياء بالآلة الغصبية مثلا لا يوجب فساد الاحياء ، وذلك واضح. الا إذا كان النهى ارشاد إلى عدم كون المحياة ملكا للمحيى ، وهذا خارج عما نحن فيه.
    واما المراد من الفساد : فهو عبارة عن عدم ترتب الأثر المطلوب من الشئ


(457)
عليه. ومن هنا كان التقابل بين الصحة والفساد تقابل العدم والملكة لا التضاد ، على ما سيأتي بيانه.
    الامر الثالث :
    للصحة اطلاقان : اطلاق في مقابل العيب ، واطلاق في مقابل الفساد ، كما يقال : ان هذا الجوز صحيح ، أي غير معيوب ، وأخرى يقال : صحيح ، أي غير فاسد. والمراد من الصحة في المقام هو ما يقابل الفساد. وحيث كانت الصحة والفساد من المحمولات المترتبة على الماهيات بعد وجودها ، فلا محالة لايكون التقابل بينهما تقابل السلب والايجاب ، وحيث لم يكن الفساد أمرا وجوديا فلا محالة لايكون التقابل بينهما تقابل التضاد ، وانحصر ان يكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، فيكون المراد من الصحيح هو ما يترتب عليه الأثر المطلوب منه ، والفاسد ما لم يترتب عليه ذلك الأثر. وحينئذ لا بد ان يكون المورد قابلا لان يتصف بالصحة والفساد ، فيحمل عليه الصحيح تارة ، والفساد أخرى. فالبسائط لا تتصف بالصحة والفساد ، بل تتصف بالوجود والعدم ، إذ فساد الشيء انما هو باعتبار عدم ترتب الأثر ، وذلك انما يكون باعتبار فقدانه بعض ما اعتبر فيه : من جزء ، أو شرط. وهذا انما يتصور في المركبات. واما البسائط ، فهي ان كانت موجودة فلامحة تكون صحيحه ، إذ ليس لها جزء أو شرط ، حتى يتصور فقدانه. وان لم تكن موجودة فلا تتصف ، لا بالصحة ، ولا بالفساد ، لما عرفت : من أن الصحة والفساد من المحمولات المترتبة على وجود الشيء.
    ثم انه ليس كل مركب ذي حكم شرعي مما يتصف بالصحة والفساد ، فان موضوعات التكاليف مع كونها مركبة لا تتصف بالصحة والفساد ، فمثل قوله : العاقل البالغ المستطيع يحج ، مع كون الموضوع فيه مركبا من العقل والبلوغ والاستطاعة ، لا يتصف بالصحة والفساد ، بل بالوجود والعدم ، كالبسائط. والذي يتصف بالصحة والفساد هي متعلقات التكاليف وما يلحق بها من الأسباب كالعقد المركب من الايجاب والقبول ، والايقاع المشتمل على الشرائط المعتبرة فيه ، حيث إن المتعلق أو العقد يمكن ان يكون صحيحا باعتبار انطباقه على ما يترتب عليه الأثر ، ويمكن ان يكون فاسدا باعتبار عدم الانطباق. كما أن اجزاء المتعلق والعقد


(458)
أيضا تتصف بالصحة والفساد باعتبار اثرها الاعدادي ، ولا يلزم ان يكون الشيء صحيحا باعتبار كونه علة تامة للأثر المطلوب منه والمرغوب فيه ، بل يكفي ان يكون على وجه الاعداد ، كما هو الشأن في جميع متعلقات التكاليف ، حيث تكون من المعدات للمصالح التي من اجلها امر بها ، وليست هي علة تامة لذلك ، بحيث تكون المصالح من قبيل المسببات التوليدية لتلك المتعلقات ، والا كانت نفس الملاكات متعلقة للتكليف ، وكان فعل المكلف من قبيل المحصل والسبب لذلك ، وذلك يكون بمراحل عن الواقع وان توهمه بعض الاعلام ، وقد تقدم منا مرارا فساد التوهم.
    فظهر : انه ليس المراد من الصحيح هو ما يكون علة تامة لترتب الأثر الذي لأجله صار متعلقا للتكليف ، بل يكفي ان يكون معدا لذلك. وان شئت قلت : ان المراد من الصحيح هو كون المأتى به في مقام الامتثال والخروج من عهدة التكليف مطابقا لما تعلق التكليف أو الوضع به ، لوضوح ان الذي يتصف بالصحة والفساد هو ما يوجد في الخارج من الافراد ، لا العنوان الكلي المتعلق للتكليف أو الوضع ، فان ذلك لا يتصف بالصحة والفساد ، واما المتصف بهما هو المأتى به في وادى الفراغ ، وما يلحق بذلك مما يأتي به في وادى الانشاء.
    وبذلك يندفع ما ربما يتوهم : انه بعد ما كان الصحيح عبارة عما ترتب الأثر والملاك عليه في باب العبادات ، فكيف قلتم بكون الأثر والملاك لم يتعلق به التكليف وكان متعلق التكليف هو الاجزاء والشرائط ؟ فان ذلك ينافي لحاظ الصحة باعتبار ترتب الأثر.
    وجه الدفع : هو ان لحاظ الصحة بهذا الاعتبار لا ينافي خروج الأثر عن دائرة التكليف ، بل يكفي في ذلك كون الأثر حكمة التشريع ، فإنه بعد ما كان الصحيح عبارة عن كون المأتى به مطابقا لما تعلق التكليف به أو الوضع به ، فلا فرق بين كون الأثر مما تعلق التكليف به ، أو لم يتعلق.
    نعم يبقى في المقام اشكال : وهو ان ألفاظ المعاملات انما تكون موضوعة لنفس المسببات ، لا للأسباب ، فالبيع اسم للنقل ، والنكاح اسم للازدواج ، وهكذا سائر ألفاظ المعاملات. ومن المعلوم : ان المسببات تكون بسائط لا تتصف بالصحة


(459)
والفساد ، بل بالوجود والعدم ، فان النقل مثلا اما ان يكون حاصلا واما ان لايكون ، ولا معنى لحصوله فاسدا. وحينئذ ينبغي خروج المعاملات عن حريم النزاع ، لان الذي يتصف بالصحة والفساد هو الأسباب ، حيث تكون مركبة من الايجاب والقبول ، وهذا ليس بيعا ، والذي يكون بيعا لا يتصف بالصحة والفساد ، هذا.
    ولكن يمكن ان يدفع ، بما تقدم منا في الصحيح والأعم عند دفع اشكال التمسك بالاطلاقات لنفى شرطية ما شك في المعاملات بناء على كونها موضوعة للمسببات.
    وحاصل ما ذكرناه في ذلك المقام ، هو ان العقد المؤلف من الايجاب والقبول في باب المعاملات ليس من قبيل العلل والأسباب ويكون النقل والانتقال في البيع معلولا له ، بل الايجاب والقبول انما يكون آلة لحصول النقل ، ويكون النقل هو الصادر عن المنشى ابتداء ، غايته انه لا بنفسه بل بآلته ، ويكون قوله ( بعت ) ايجادا للنقل بنفس القول ، لا ان القول علة لحصول النقل ، بحيث يكون هناك أمران ممتازان ، بل ليس هناك الا شيء واحد وفعل فارد صادر عن المنشى ، ويكون ذلك الفعل بما انه فعل صادر عن الشخص بمعناه المصدري ايجابا للبيع والنقل ، وبمعناه الاسم المصدري يكون بيعا ونقلا. ومن المعلوم : انه لا فرق بين المصدر و اسم المصدر الا بالاعتبار ، فهذا القول ( ايجاب ) باعتبار صدوره وايجاده عن الشخص ، و ( نقل ) باعتبار انه اثر ذلك الصدور والايجاد. فحصول النقل من قوله ( بعت ) نظير حصول الكتابة من مد القلم على القرطاس ، وحصول قطع الخشب من اعمال النجار المنشار ، واشتراك الكل في كونها من الايجاد بالآلة. غايته ان القلم والمنشار آلة تكوينية ، بخلاف قوله ( بعت ) وحينئذ يكون المتصف بالصحة والفساد هو نفس الايجاب والقبول بما انه آلة لحصول النقل وبذلك يدخل في حريم النزاع في المقام. كما أنه بذلك يظهر وجه التمسك بالاطلاقات ، فراجع ما ذكرناه (1) في مبحث
1 ـ راجع الجزء الأول من الفوائد ، بحث الصحيح والأعم ص 79 ـ 80. « واما المعاملات .. »

(460)
الصحيح والأعم.
    فظهر : ان المعاملات تتصف بالصحة والفساد ، وان قلنا بكونها أسماء للمسببات.
    ثم انه ربما يتوهم : ان الصحة والفساد في المعاملات من الأحكام الوضعية المتأصلة بالجعل ، بخلاف الصحة والفساد في العبادات ، فإنهما منتزعان عن مطابقة المأتى به للمأمور به وعدم المطابقة. وربما يقال : بأنهما مطلقا من المنتزعات الغير المتأصلة بالجعل في العبادات والمعاملات. وقد يقال : أيضا بأنهما مطلقا من المتأصلات في الجعل ، كالملكية والزوجية.
    والأقوى : كونهما من الأمور الانتزاعية مطلقا في العبادات والمعاملات ، كالسببية والشرطية والجزئية والعانعية ، وانما المجعول هو منشأ الانتزاع. وهذا أيضا ليس على اطلاقه ، بل ربما يكون منشأ الانتزاع أيضا غير مجعول شرعي.
    وتفصيل ذلك : هو ان الاتيان بكل من متعلق الامر الواقعي الأولى ، والواقعي الاضطراري الثانوي ، والظاهري ، يكون مجزيا كل عن امره عقلا ، وينطبق عليه تكوينا ، ومن هذا الانطباق ينتزع وصف الصحة وكون ما اتى به صحيحا ، فالصحة في مثل هذا تنتزع عن كون المأتى به منطبقا على ما هو المأمور به ، حسب اختلاف المأمور به من كونه : واقعيا أوليا ، أو ثانويا ، أو ظاهريا. وكون المأتى به منطبقا على المأمور به ليس أمرا مجعولا شرعيا ، وانما المجعول الشرعي هو تعلق الامر بما ينطبق على المأتى به ، واما كون المأتى به منطبقا عليه أو غير منطبق فهو يدور مدار واقعه ، والصحة والفساد تنتزع من نفس الانطباق وعدمه. فلا الصحة والفساد في مثل هذا مجعولان شرعيان ، ولا منشأ الانتزاع مجعول شرعي.
    هذا إذا كان الشيء منطبقا على المأمور به أو غير منطبق. وأما إذا شك في الانطباق وعدم الانطباق ، فللشارع حينئذ الحكم بالبناء على الانطباق ، كما هو شأن الأصول الجارية في وادى الفراغ ، ومن حكم الشارع بالانطباق ينتزع وصف الصحة ، فيكون منشأ الانتزاع في مثل هذا مجعولا شرعيا ، حيث إن الشارع حكم بكون المأتى به منطبقا على المأمور به حسب ما أدى إليه الأصل. ولكن هذه الصحة


(461)
الظاهرية المنتزعة عن حكم الشارع بانطباق المأتى به على المأمور به انما تكون إذا لم ينكشف الخلاف ، وأما إذا انكشف الخلاف وتبين عدم الانطباق فالصحة تنعدم ، بناء على ما هو الحق من عدم اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء.
    نعم : للشارع أيضا بعد انكشاف الخلاف الحكم بالصحة ، ومرجع الصحة في مثل هذا إلى الاكتفاء بما اتى به امتثالا للواقع عن الواقع وهذه ترجع إلى الصحة الواقعية بوجه.
    وعلى كل حال : الصحة والفساد أينما كانا فإنما يكونان من الانتزاعيات.
    ودعوى انها في المعاملات من الاحكام المجعولة فاسدة ، فان المجعول في باب المعاملات هو ترتب الأثر عند تحقق سببه ، وهذا لا يتصف بالصحة والفساد ، بل المتصف بهما هو الفرد المأتى به من المعاملة. وهذا الفرد انما يتصف بالصحة عند انطباقه على ما يكون مؤثرا ، وقد عرفت : ان الانطباق يكون أمرا واقعيا ومنه ينتزع الصحة ، فحال الصحة في المعاملات حالها في العبادات.
    الامر الرابع :
    البحث عن اقتضاء النهى للفساد لا يتوقف على ثبوت مقتضى الصحة للمنهى عنه لولا النهى ، بحيث كان صحيحا لولا النهى لمكان اندراجه تحت اطلاق دليل العبادة أو المعاملة ، كما يظهر من المحقق القمي (ره) بل يصح البحث عن اقتضاء النهى للفساد ولو كان المنهى عنه لولا النهى مشكوك الصحة والفساد من جهة الشبهة الحكمية أو المفهومية ، وكان الأصل العملي فيه يقتضى الفساد. مثلا لو كان ( صوم الوصال ) أو ( المقامرة ) مشكوك الصحة والفساد من جهة : عدم الدليل ، أو تعارض الدليلين ، أو غير ذلك من أسباب الشك ، فلا اشكال في أن الأصل عند الشك في ذلك هو الفساد ، لأصالة عدم مشروعية صوم الوصال ، وأصالة عدم ترتب الأثر من النقل والانتقال في المقامرة ، إذا فرض ان أوفوا بالعقود لا يعم المقامرة ، وعمومات الصوم لا تشمل صوم الوصال. ولكن مع ذلك لو تعلق النهى عن صوم الوصال أو المعاملة القمارية ، كان للبحث عن اقتضاء مثل هذا النهى للفساد مجال.


(462)
    ولا يتوهم : انه لا معنى للبحث عن ذلك بعد ما كان مقتضى الأصل الفساد ، لأنه بناء على اقتضاء النهى للفساد يكون الفساد مستندا إلى الدليل الاجتهادي الحاكم على الأصل العملي ، وان كان موافقا له في المؤدى كما حقق في محله. فدعوى ان مورد البحث يختص فيما إذا كان هناك مقتض للصحة مما لا شاهد عليها.
    الامر الخامس :
    لا أصل في نفس الجهة المبحوث عنها لو شك فيها ، سواء كان البحث عن اقتضاء النهى الفساد من حيث الدلالة اللفظية ، أو كان من حيث الملازمات العقلية ، إذا لملازمة العقلية لو كانت فهي أزلية فليس لها حالة سابقة ، فلا أصل يحرز الملازمة وعدم الملازمة ، وكذلك لا أصل لنا يعين دلالة اللفظ وعدم دلالته لو شك في الدلالة ، وذلك واضح. هذا بالنسبة إلى المسألة الأصولية المبحوث عنها في المقام.
    واما بالنسبة إلى المسألة الفرعية المستنتجة عن المسألة الأصولية ، ففي العبادات يرجع الشك فيها إلى الشك في المانعية ، لأن الشك في اقتضاء النهى للفساد يستتبع الشك في مانعية المنهى عنه عن العبادة ، ويندرج في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، ويكون المرجع هو البراءة فيها أو الاشتغال ، كل (1) على مسلكه.
    هذا إذا كان هناك امر بالعبادة مع قطع النظر عن النهى. واما لو لم يكن امر بها فالشك في اقتضاء النهى للفساد يوجب الشك في مشروعية العبادة ، والأصل يقتضى عدم المشروعية ، فتأمل.
    واما في المعاملات : فالشك في اقتضاء النهى للفساد يستتبع الشك في
1 ـ وقد أطلق شيخنا الأستاذ مد ظله القول باندراج المقام في مسألة دوران الامر بين الأقل والأكثر ، ولكن ينبغي التفصيل ، بين ما إذا تعلق النهى بنفس العبادة ، وبين ما إذا تعلق بجزئها أو شرطها ، فإنه لو تعلق بنفس العبادة لا يرجع الشك فيها إلى الشك في المانعية ، لاقتضاء النهى حرمة العبادة على كل حال وان شك في اقتضائه الفساد ، ومع حرمة العبادة لا يمكن تصحيحها ، إذ ليس هناك شيء وراء العبادة تعلق النهى به يشك في مانعية ، حتى ينفى بالأصل ، فتأمل جيدا. منه

(463)
صحة المعاملة ، والأصل يقتضى عدم الصحة ، لأصالة عدم ترتب الأثر عليها ، الا إذا كان هناك اطلاق أو عموم يقتضى الصحة وترتب الأثر فتدبر جيدا.
    وإذ تمهدت هذه المقدمات ، فالكلام في اقتضاء النهى للفساد يقع في مقامين :
    المقام الأول :
    في اقتضاء النهى عن العبادة للفساد.
    وتعلق النهى عن العبادة يتصور على وجوه : إذ قد تكون العبادة منهيا عنها لذاتها ، وقد تكون منهيا عنها لجزئها على وجه يكون الجزء واسطة في الثبوت ، وقد تكون منهيا عنها لشرطها كذلك ، وقد تكون لوصفها الخارج كذلك. وقد يكون نفس الجزء ، أو الشرط ، أو الوصف منهيا عنه ، وكان النهى عن العبادة المشتملة على ذلك الجزء ، أو الشرط ، أو الوصف ، بالعرض والمجاز.
    وقبل ذكر حكم هذه الأقسام ، لا بأس بالإشارة إلى ما ربما يستشكل في تعلق النهى بالعبادة.
    فمنها : انه كيف يعقل ان تكون العبادة منهيا عنها ؟ مع أن العبادة ما توجب القرب إليه تعالى ، ولا يعقل النهى عن ذلك.
    ومنها : ان النهى عن العبادة لا يجتمع مع الامر بها ، ومع عدم الامر بها تكون العبادة فاسدة لعدم مشروعيتها ، فلا تصل النوبة إلى اقتضاء النهى للفساد ، بل الفساد يستند إلى أسبق علله ، وهو عدم المشروعية.
    ومنها : انه لا يمكن النهى عن العبادة لذاتها ، حيث إن ذات العبادة بما انها ذات لم يتعلق بها النهى ، بل لا بد ان تكون هناك خصوصية أوجبت النهى ، كصلاة الحايض ، وصوم العيدين ، وأمثال ذلك مما كانت نفس العبادة منهيا عنها. فجعل النهى عن العبادة لذاتها قسيما للنهي عن العبادة لوصفها لا يستقيم ، بل دائما يكون النهى عن العبادة لوصفها ، ولو كان ذلك مثل الحيض في الحائض والزمان في العيدين ، هذا. ولكن لا يخفى عليك ضعف جميع ذلك.
    اما الأول :
    فلانه ، ليس المراد من تعلق النهى بالعبادة الفعلية ، بل المراد تعلق النهى بما


(464)
كان من سنخ الوظائف التي يتعبد بها ، بحيث لو لم يتعلق بها نهى وتعلق بها امر كان أمرها أمرا عباديا لا يسقط الا بالتعبد به والتقرب إليه تعالى ، من غير فرق بين ما كان ذاتا عبادة ، كالسجود لله ـ لو فرض تعلق النهى به ـ وما لم يكن كذلك ، كالصوم والصلاة ، فان السجود لله بوصف كونه مما يتقرب به إليه تعالى فعلا لا يعقل تعلق النهى به ، بل تعلق النهى به موجب لعدم كونه مقربا ، وان كان مقربا لولا النهى ، كما هو الحال في مثل الصلاة والصوم.
    واما الثاني :
    فلانه قد تقدم ان الفساد لولا النهى كان من جهة أصالة عدم المشروعية ، و اما لو تعلق النهى بها كان الفساد من جهة قيام الدليل الاجتهادي عليه ، والأصل لا يقاوم الدليل ، مضافا إلى أنه ربما تكون العبادة مندرجة تحت اطلاق ما دل على مشروعيتها في نوعها ، فيكون الفساد مستندا إلى النهى ليس الا ، كما لا يخفى.
    واما الثالث :
    فلان ذلك مناقشة مثالية. والمقصود : ان النهى قد يتعلق بذات العبادة لأجل خصوصية نوعية قائمة بذاتها ، وان كانت تلك الخصوصية من قبيل أوصاف المكلف الآتي بالعبادة ، كالحيض. وأخرى : يتعلق النهى بالعبادة لأجل خصوصية صنفية أو شخصية خارجة عن الذات لاحقة لها. والمناقشة بان الحيض ليس من الخصوصيات المنوعة للذات لا أهمية لها.
    إذا عرفت ذلك ، فاعلم : ان النهى المتعلق بالعبادة يقتضى الفساد مطلقا ، سواء كان لذاتها ، أو لجزئها ، أو لشرطها ، أو لوصفها ، إذا كانت هذه من الوسائط الثبوتية ، سواء قلنا : بكفاية عدم الامر لفساد العبادة ـ كما يحكى عن الجواهر ـ أو عدم كفاية ذلك بل يتوقف الفساد على عدم الملاك أيضا ـ كما هو المختار ـ وسواء كان اطلاق الامر بدليا ( كصل ) أو شموليا ( كأكرم العالم ) لو فرض انه امر عبادي فإنه على جميع هذه التقادير النهى يقتضى الفساد ، فإنه لا محيص عن تقييد اطلاق متعلق الامر بما عدا مورد النهى بعد ما كانت النسبة بين المتعلقين العموم المطلق و كان متعلق النهى أخص ، فإنه لولا التقييد يلزم الغاء النهى بالمرة ، أو اجتماع


(465)
الضدين ، وكلاهما لا يمكن. فالتقييد مما لا بد منه ، فلا امر ، ومع عدم الامر ، فان قلنا بمقالة صاحب الجواهر ، ففساد العبادة المنهى عنها واضح لا يحتاج إلى تجشم برهان.
    واما بناء على المختار : فكذلك أيضا لأنه وان قلنا بكفاية الملاك في صحة العبادة ، الا انه ليس كل ملاك مصححا للعبادة ، بل لا بد ان يكون الملاك تاما في عالم ملاكيته ، بحيث انه لم يكن مغلوبا ومقهورا بما هو أقوى منه ، إذا الملاك المغلوب غير صالح للعبادية ، والا لما صار مغلوبا. ومن المعلوم : ان النهى عن العبادة يكشف عن ثبوت مفسدة في العبادة أقوى من مصلحتها لو فرض انه كان فيها جهة مصلحة ، والا فمن الممكن ان لايكون في العبادة المنهى عنها جهة مصلحة أصلا ، وعلى تقدير ثبوتها فهي مغلوبة بما هو أقوى منها الذي أوجب النهى عنها ، إذ لو كانت مساوية أو أقوى من مفسدة النهى لما تعلق بها النهى ، فإذا كانت المصلحة مغلوبة سقطت عن صلاحيتها للتقرب ، وكانت العبادة فاسدة لا محالة. وينحصر تصحيح العبادة بالملاك بما إذا كان عدم الامر بها لأجل عدم القدرة عليها لمكان المزاحمة ، لا ما إذا كان عدم الامر بها من جهة التقييد والتخصيص.
    هذا إذا تعلق النهى بنفس العبادة
    وأما إذا تعلق بجزئها : فالأقوى انه كذلك أي يقتضى الفساد ، سواء كان الجزء من سنخ الافعال ، أو كان من سنخ الأقوال. وسواء اقتصر على ذلك الجزء المنهى عنه ، كما إذا اقتصر على قرائة سورة العزيمة بناء على كونها منهيا عنها ، أو لم يقتصر ، كما إذا قرء سورة أخرى بعد قرائة العزيمة أو قبلها. وسواء كان اعتبار ذلك الجزء في العبادة بشرط لا ، كما إذا قلنا بحرمة القران بين السورتين في الصلاة ، أو كان لا بشرط ، كما إذا قلنا بجواز القران. فإنه على جميع هذه التقادير يكون المنهى عنه مفسدا للعبادة ، لان النهى عن جزء يوجب تقييد العبادة بما عدا ذلك الجزء ، و تكون بالنسبة إليه بشرط لا لا محالة. ونفس اعتبار العبادة بشرط لا عن شيء يقتضى فساد العبادة الواجدة لذلك الشيء ، لعدم كون الواجد له من افراد المأمور به بل المأمور به غيره ، فالآتي بالمنهى عنه غير آت بالمأمور به. مضافا إلى أنه يعمه أدلة الزيادة ، و
فوائد الاصول ـ الجزء الاول والثاني ::: فهرس