|
|||
(466)
يكون قد زاد في صلوته مثلا فتفسد. ومضافا إلى أنه يعمه أيضا أدلة التكلم إذا كان المنهى عنه من سنخ الأقوال ، فإنه وان لم يخرج بالنهي عن كونه قرآنا مثلا ولا يدخل في كلام الآدمي ، الا انه بعد النهى عنه يخرج عن أدلة جواز القرآن والذكر في الصلاة ، وبعد خروجه عن ذلك يندرج في اطلاقات مبطلية مطلق التكلم من غير تقييد بكلام الآدمي ، والقدر الخارج عن هذا الاطلاق هو التكلم بالقرآن والذكر الجائز ، ويبقى الذكر أو القرآن المنهى عنه داخلا تحت الاطلاق.
وبما ذكرنا يظهر : انه لا فرق في بطلان الصلاة بقرائة العزيمة ، بين ما إذا قرئها بعد الحمد في مكان السورة ، أو قرئها في حال التشهد ، أو الركوع ، أو غير ذلك ، إذ مناط الفساد مطرد بعد ما كانت العزيمة منهيا عنها في الصلاة مطلقا وفي جميع الحالات ، فتأمل جيدا. هذا إذا تعلق النهى بالجزء. وأما إذا تعلق بالشرط فهو كتعلقه بالوصف ، إذ الشرط يرجع إلى الوصف. ومجمل القول في ذلك : هو ان الوصف المنهى عنه تارة : يكون متحدا مع العبادة في الوجود وليس له وجود استقلالي مغاير للموصوف ، كالجهر والاخفات في القراءة ، حيث إنه ليس للجهر وجود مغاير لوجود القراءة ، بل هو من كيفياتها. وأخرى : يكون للوصف وجود مغاير ، كالتستر والاستقبال في الصلاة. فان كان على الوجه الأول ، فالنهي عنه في الحقيقة يرجع إلى النهى عن العبادة الموصوفة بذلك الوصف ، ويندرج فيما تقدم من اقتضاء النهى للفساد ، كما لا يخفى. وأما إذا كان على الوجه الثاني ، فالنهي عنه لا يقتضى فساد العبادة ، حيث إنه لا موجب له ، إذ أقصى ما يقتضيه ذلك النهى هو حرمة ذلك الوصف والشرط ، ووقوع شيء محرم في أثناء العبادة لا يوجب فسادها إذا لم تقيد العبادة بالخالي عنه ، فيكون حال الوصف المنهى عنه في العبادة حال النظر إلى الأجنبية في أثناء العبادة ، وغير ذلك من المقارنات. نعم : إذا كان الشرط المنهى عنه عبادة يكون الشرط فاسدا وبفساده تفسد العبادة المشروطة به أيضا ، والسر في ذلك واضح. هذا كله فيما إذا كان النهى عن العبادة نفسيا. وأما إذا كان غيريا تبعيا ، كالنهي المتولد من الامر بالشيء ، فقد تقدم (467)
في مبحث الضد انه لا يقتضى الفساد ، الا إذا قلنا بتوقف العبادة على الامر ولم نقل بالامر الترتبي ، على ما تقدم.
هذا تمام الكلام في النهى عن العبادة. وينبغي التنبيه على أمرين : الامر الأول : ان مقتضى القاعدة كون النهى عن العبادة موجبا لفسادها مطلقا ، وانه مانع من صحتها ، من غير فرق بين صورة الاضطرار والنسيان الموجب لارتفاع الحرمة واقعا ، لان المعانعية ليست معلولة للحرمة حتى تدور مدارها ، بل هي والحرمة كلاهما معلولان للجهة التي أوجبت النهى : من المفسدة والمبغوضية الواقعية التي لا ترتفع بالاضطرار والنسيان. هدا ، ولكن المحكى عن المشهور خلاف ذلك ، حيث حكى عنهم : انه لو اضطر إلى لبس الحرير والذهب في الصلاة صحت صلوته ، وكذا في صورة النسيان. وكذا حكى عنهم : انه لو شك في كون اللباس حريرا ، أو كون الشيء ذهبا ، المستتبع للشك في حرمة لبسه المستتبع للشك في مانعيته ، فبأصالة الحل والبرائة يرتفع الشك في المانعية ، كما هو الشأن في كل شك سببي ومسببي ، حيث إن الأصل الجاري في الشك السببي رافع للشك المسببي ، ولا يجرى الأصل فيه موافقا كان أو مخالفا ، هذا. ولنا في كل من المحكى عن المشهور نظر. اما في الأول : فلما فيه. أولا : ان الموجب للمانعية ليس الا التضاد بين اطلاق الامر والحرمة ، إذ لولا التضاد لما كان وجه للمانعية وفساد العبادة ، وقد تقدم في مبحث الضد ان الضدين في عرض واحد ، ليس بينهما طولية وترتب ، وليس وجود أحدهما مقدمة لعدم الآخر ، ولا عدم أحدهما مقدمة لوجود الآخر. فيكون في المقام عدم الامر بالعبادة مع حرمتها في رتبة واحدة ، وليست الحرمة مقدمة لعدم الامر ، ولا عدم الامر مقدمة للحرمة ، فلو كان عدم الحرمة وارتفاعها في صورة الاضطرار والنسيان موجبا للامر بالعبادة ، يلزم كون عدم أحد الضدين مقدمة لوجود الآخر. وكان المشهور غفلوا عن مبناهم من عدم المقدمية في باب الضد ، والتزموا في المقام بان ارتفاع الحرمة (468)
عن العبادة موجب لثبوت الامر بالعبادة ، مع أن هذا عين القول بالمقدمية ، فتأمل جيدا.
وثانيا : انه هب ان الحرمة في طول الامر وبينهما ترتب ، الا ان المانعية ليست معلولة للحرمة ومسببة عنها ، حتى يكون ارتفاعها موجبا لارتفاع المانعية ، بل المانعية والحرمة معا معلولان لعلة ثالثة ، وهي الملاك والمفسدة التي أوجبت الحرمة و أوجبت المعانعية ، ومن المعلوم : ان ارتفاع أحد معلولي علة ثالثة لا يوجب ارتفاع المعلول الآخر الا إذا ارتفعت نفس العلة. والاضطرار والنسيان لا يوجبان الا رفع الحرمة ، واما الملاك والمفسدة فهو بعد على حاله. الا ان يقال : ان الاضطرار والنسيان حيث وردا في حديث الرفع كان رفعهما في الدليل كاشفا عن عدم لملاك. ولكن هذا لا يستقيم ، لورود حديث الرفع مورد الامتنان فهو لا ينافي بقاء الملاك والمفسدة ، ويكون المرفوع هو الحرمة فقط. واما في الثاني : فلما فيه أولا : ما عرفت من أن المانعية ليست مسببة عن الحرمة ، حتى يكون جريان أصالة الحل عند الشك في الحرمة موجبا لرفع الشك في المانعية ، بل الشك في المانعية بعد على حاله ، ولا بد ان يجرى الأصل في نفس المانعية ، ولا يكفي جريان الأصل في الحرمة. وثانيا : هب ، ان المعانعية مسببة عن الحرمة ، الا انه ليس كل أصل جار في السبب يكون رافعا للشك المسببي ، بل لا بد ان يكون المسبب من الآثار الشرعية المترتبة على السبب ، بحيث يكون التعبد بالسبب تعبدا بالمسبب ، كما في طهارة الثوب المغسول بالماء المشكوك الكرية. وهذا المعنى غير متحقق فيما نحن فيه ، لان الحلية المجعولة بأصالة الحل تكون من سنخ الحلية المجعولة في حال الاضطرار إلى اكل ما هو محرم الاكل ، كالأرنب ، غايته ان الحلية المجعولة في حال الاضطرار تكون واقعية ، والمجعولة بأصالة الحل تكون ظاهرية. ومن المعلوم : ان حلية اكل لحم الأرنب عند الاضطرار لا توجب عدم مانعية المتخذ منه من اللباس للصلاة ، لان الأرنب بعد محرم الاكل ، أي خلقه الله تعالى محرم الاكل ، كما خلق الغنم محلل الاكل ، وهذه الحرمة الاقتضائية المجعولة لذات الأرنب لا ترتفع بالحلية المجعولة في حال الاضطرار ، كما أن (469)
الحلية المجعولة للغنم بحسب الذات لا ترتفع بالحرمة العارضة له بسبب الجلل أو الوطي ، إذ لا تنافي بينهما ، فان أحدهما حلية أو حرمة اقتضائية وضعية ذاتية ، والأخرى حلية أو حرمة تكليفية فعلية عارضية. والمانعية في غير المأكول على تقدير كونها معلولة للحرمة ، فإنما هي معلولة لتلك الحرمة الذاتية الاقتضائية ، وهي كما لا ترتفع بالاضطرار ، كذلك لا ترتفع بأصالة الحل عند الشك في كون الحيوان محلل الاكل أو محرمه ، لما عرفت : من أن الحلية المجعولة بأصالة الحل من سنخ الحلية المجعولة في حال الاضطرار المجامعة للحرمة الذاتية. فاجراء أصالة الحل لا ينفع في رفع الشك في المانعية ، بل إن الشك في المانعية بعد على حاله ، الا ان يدعى ان أصالة الحل تثبت الحلية الواقعية الاقتضائية ، وهو بمكان من الفساد بحيث لا يخفى. وهذا بالنسبة إلى مانعية غير المأكول واضح.
واما فيما نحن فيه. من مانعية الحرير والذهب ، فان كانت حرمة لبس الحرير والذهب في الصلاة ( نظير حرمة اكل لحم الأرنب ) المحفوظة في حال الاضطرار إلى لبس الحرير والذهب ، فأصالة الحل لا تنفع في رفع الشك في المانعية ، كما في غير المأكول. وأما إذا لم يكن للبس الحرير والذهب الا حرمة واحدة وحكم فارد ترتفع في حال الاضطرار إلى لبسهما ، فبجريان أصالة الحل يرتفع الشك في المانعية ، على تقدير تسليم كون المانعية معلولة للحرمة. وقد مال شيخنا الأستاذ مد ظله إلى أن الحرمة في لبس الحرير والذهب نظير الحرمة في غير المأكول ، وحينئذ تكون المانعية المستفادة من الحرمة كالمانعية المستفادة من النهى الغيري ، في أنها لا ترتفع بالاضطرار والنسيان ، وعند الشك فيها من جهة الشبهة الموضوعية لا بد ان يجرى الأصل في نفس المانعية ، ولا تنفع أصالة الحل ، فتأمل في المقام جيدا. الامر الثاني : محل الكلام في اقتضاء النهى للفساد ، انما هو فيما إذا كان النهى متعلقا بالعبادة ابتداء ، أي كانت العبادة محرمة ذاتا. وأما إذا كان النهى عنها من جهة قبح التشريع ، أي الحرمة المأتية من قبل قبح التشريع ، فهل هو كذلك ؟ أي يقتضى الفساد ، أو انه لا يقتضيه ؟ أو التفصيل بين العبادة فيقتضيه ، والمعاملة فلا (470)
يقتضيه ، ومحل الكلام انما هو في العبادة أو المعاملة التي كانت في الواقع مشروعة و ممضاة ، أي كانت مما تعلق بها الامر والامضاء ولكن المكلف لم يعلم بذلك وأسندها إلى الشارع تشريعا.
والحق في مثل هذا ، التفصيل بين العبادة والمعاملة ، ففي المعاملة : حرمة التشريع لا تقتضي الفساد ، لأنه هب انه كان اصدارها قبيحا عقلا ومحرما شرعا ، الا ان حرمة الاصدار ومبغوضية الايجاد لا تقتضي الفساد ، على ما سيأتي في المقام الثاني. واما في العبادة : فالحرمة التشريعية كالحرمة الذاتية تقتضي الفساد لقبح التشريع عقلا المستتبع بقاعدة الملازمة للحرمة الشرعية. وحكم العقل بقبح التشريع لا يدور مدار الواقع ، بحيث إذا كانت العبادة في الواقع مشروعة كان المكلف متجريا ، بل تمام مناط حكم العقل بقبح التشريع هو الاسناد إلى المولى ما لم يعلم أنه منه ، من غير فرق بين ان يعلم أنه ليس منه ، أو يظن ، أو يشك. وليس حكم العقل بقبح التشريع كحكمه بقبح التصرف في مال الغير ، بحيث يكون له حكم واقعي و حكم طريقي في صورة الشك ، على ما بيناه في محله. فنفس عدم العلم بان الشارع لم يأمر بالعبادة يتحقق تمام موضوع حكم العقل بقبح التشريع ، ويتبعه الحرمة الشرعية. وليس حكم العقل بقبح التشريع كحكمه بقبح المعصية مما لا يستتبع حكما شرعيا فان قبح المعصية من جعل بذاته كحجية العلم ، ليس يقبل جعلا شرعيا ، موافقا أو مخالفا. بخلاف قبح التشريع ، فإنه قابل لجعل حكم مخالف ولا محذور فيه ، إذ يصح للشارع تجويز التشريع ، فهذا يدل على أن قبح التشريع ليس مما لا يستتبع بقاعدة الملازمة حكما شرعيا ، فحكم العقل بقبح التشريع يقتضى الحرمة الشرعية. وليس قبح التشريع أيضا من الآثام القلبية ، بحيث لا يسرى إلى العمل والفعل المتشرع به ، بل الفعل يكون مبغوضا وقبيحا ، غايته انه لا لذاته ، بل القبيح هو جهة الاصدار والايجاد ، وهذا المقدار يكفي في فساد العبادة لجهة بغضها الفاعلي. وقد تقدم منا : ان العبادة تحتاج إلى حسنها الفعلي والفاعلي معا ، ولا يكفي حسنها الفعلي ، فالحرمة التشريعية وان لم تناف المطلوبية الذاتية لكونهما في مرتبتين ، الا انها تنافى حسنها الفاعلي فتفسد ، فتأمل. المقام الثاني في النهى عن المعاملة ومجمل القول في ذلك : ان النهى عن المعاملة تارة يكون للارشاد إلى عدم حصولها ، فهذا لا اشكال في كونه موجبا لفسادها ، سواء تعلق بناحية السبب ، أو بناحية المسبب. فان تعلق بناحية السبب فهو يقتضى عدم ترتب المسبب على ذلك السبب ، وان تعلق بناحية المسبب فهو يقتضى عدم حصوله في الخارج. وهذا مما لا اشكال فيه ، فان النهى الارشادي حيث ما تعلق يقتضى الفساد ، حيث إنه ارشاد إلى الفساد. وأما إذا كان النهى عن المعاملة مولويا مفاده الحرمة ، فتارة : يتعلق بالسبب ، وأخرى : يتعلق بالمسبب ، وثالثة : يتعلق بآثار المسبب : من التصرف في الثمن والمثمن ، وغير ذلك من الآثار المترتبة على المعاملة. والتعبير بالسبب والمسبب لا يخلو عن مسامحة ، لما تقدم من أنه ليس باب العقود والايقاعات من الأسباب والمسببات ، بل هي من باب الايجاديات ، والايجاب والقبول بمنزلة الآلة لذلك ، ويكون المنشأ بنفسه هو الصادر عن المكلف ابتداء ، وهو الموجد له في وعاء الاعتبار ، لا ان الصادر عنه هو السبب ، حتى يكون النقل والانتقال من المسببات التوليدية. وقد تقدم تفصيل ذلك. فالمراد من تعلق النهى بالسبب تعلقه بالايجاد بمعناه المصدري ، ويكون المحرم المنهى عنه هو ايجاد المعاملة وانشائها والاشتغال بها ، كالبيع وقت النداء ، حيث إن المحرم هو الاشتغال بالبيع وقت النداء ، لا النقل والانتقال. والمراد من تعلقه بالمسبب تعلقه بالموجد ، بمعناه الاسم المصدري ، ويكون المحرم المبغوض هو المنشأ والنقل والانتقال ، كبيع المسلم والمصحف للكافر ، حيث إن المبغوض هو نقل المسلم والمصحف للكافر ، لا انشاء النقل ، ومبغوضية الانشاء لمكان ما يستتبعه من الأثر ، وهو النقل والانتقال. إذا عرفت ذلك فنقول : ان النهى لو كان عن نفس الايجاد والانشاء والاشتغال بالمعاملة ، فهو لا يقتضى الفساد ، إذ حرمة الايجاد لا يلازم مبغوضية الموجد وعدم تحققه. واما لو تعلق النهى بنفس المنشأ والموجد ، فهو يقتضى الفساد (472)
لخروج المنشأ حينئذ عن تحت سلطانه ، ولا قدرة عليه في عالم التشريع ، والمانع التشريعي كالمانع العقلي.
والحاصل : ان الأمر والنهي الشرعيين موجبان لخروج متعلقهما عن سلطة المكلف ، و يكون في عالم التشريع مقهورا على الفعل أو الترك ، ومن هنا كان اخذ الأجرة على الواجبات حراما ، لخروج الفعل بالايجاب الشرعي عن تحت قدرته وسلطانه ، فليس يمكنه تمليكه إلى الغير ليأخذ الأجرة عليه ، الا إذا تعلق الايجاب بنفس الايجاد والاصدار كما في الصناعات النظامية ، فإنه له اخذ الأجرة على عمله ، لعدم خروج عمله بمعناه الاسم المصدري عن تحت سلطانه ، لعدم تعلق الايجاب به ، بل تعلق الايجاب بنفس الايجاد والاصدار وعدم احتكار العمل. وأما إذا تعلق الامر بنفس العمل بمعناه الاسم المصدري فقد خرج العمل عن تحت سلطانه ، كما أنه لو تعلق النهى بنفس العمل فإنه أيضا يخرج عن تحت سلطانه ، ويكون النهى مخصصا لعموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) وعلى ذلك يبتنى عدم جواز بيع منذور الصدقة ومشروطها في ضمن العقد ، أو نذر البيع من زيد أو شرط ذلك ، فإنه لا يصح بيعه من غير زيد. والسر في جميع ذلك : هو ان النذر ، والشرط ، والامر والنهى ، موجب لخروج المتعلق عن دائرة السلطنة ، ومخصص لعموم ( الناس مسلطون على أموالهم ) و من شرائط صحة المعاملة السلطنة وعدم الحجر. ودعوى ان الوجوب والحرمة لا ينافيان السلطنة ضعيفة غايته ، فإنه لا معنى لبقاء السلطنة مع المنع الشرعي ، كما لا معنى لبقاء السلطنة مع سلبها عن نفسه بنذر أو شرط ، بعد ما دل الدليل على لزوم الوفاء بالنذر والشرط. وقد عرفت : ان جميع ذلك مندرج تحت جامع واحد وملاك فارد ، وهو ان الممنوع عنه شرعا موجب لسلب السلطنة. وبعض ما يترتب على ذلك من الفروع كأنه متسالم عليه عند الأصحاب ، وان كان بعضه الآخر لا يخلو عن خلاف. هذا إذا تعلق النهى بنفس المنشأ. وأما إذا تعلق بآثاره ، كقوله : ثمن العذرة أو الكلب سحت ، فهو يكشف أيضا انا عن عدم ترتب المنشأ وعدم تحققه. و (473)
من الغريب : ان بعض الاعلام سلم دلالة النهى عن الآثار على الفساد ، وأنكر دلالة النهى عن نفس المنشأ على الفساد ، مع أن الثاني أولى ، فتأمل جيدا.
ثم انه ربما يستدل على الفساد ، ببعض الاخبار (1) المعللة لعدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه : بأنه لم يعص الله وانما عصى سيده. تقريب الاستدلال : هو ان الظاهر من الرواية ، ان الشيء إذا كان معصية لله تعالى فهو فاسد ، ولا يصححه إجازة الغير ، والنهى التحريمي المتعلق بالمعاملة يوجب كون المعاملة معصية لله فتفسد. وهذا بخلاف ما إذا لم تكن المعاملة مما نهى عنها الشارع ابتداء ، بل كان نهيه عنها يتبع حق الغير ، لكونها تصرفا في سلطان الغير و تضييعا لحقه ، فهذا لا يقتضى الفساد ، لان الحق راجع إلى الغير ، فله اسقاط حقه و إجازة المعاملة. فهذه الرواية تكون من أدلة جريان الفضولي في كل ما يكون متعلقا لحق الغير ، ولا يختص الفضولي بما إذا كانت الرقبة ملكا للغير ، بل مطلق تعلق حق الغير بالرقبة ، ولو لأجل الرهانة ، أو الخيار ، أو الجناية ، يوجب كون المعاملة معصية لذلك الغير المستتبع لمعصية الله تعالى ، لمكان تضييع حق الغير ، وليست معصية الله تعالى فيما إذا كانت المعاملة مما تعلق بها حق الغير سوى كونه تضييعا لحق الغير و تفويتا لسلطنته. وهذا بخلاف ما إذا كانت المعاملة بنفسها معصية الله تعالى و تصرفا في سلطنته تعالى ، لمكان النهى عنها والبعث إلى تركها ، فان مثل هذه المعصية توجب الفساد. فيكون متحصل مفاد الرواية : ان المعاملة ان كانت معصية الله تعالى ابتداء ولم تكن معصية لغيره تعالى فهي فاسدة ولا تتحقق. وان كانت معصية للغير ، لمكان كونها تصرفا في سلطنة الغير ، فهي لا تقع فاسدة ، بل أمرها يرجع إلى ذلك الغير ، فان أجاز نفذت. وبذلك يندفع ما يقال : من أن معصية السيد أيضا معصية الله ، فتدل الرواية على أن معصية الله لا توجب فساد المعاملة ، والمراد من قوله : لم يعص الله ، هو انه ليس نكاح العبد مما لم يشرع الله تعالى كالنكاح في العدة ، فأقصى ما تدل عليه 1 ـ الوسائل ، الجزء 14 الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء ص 523 (474)
الرواية هو ان المعاملة ان كانت مما لم يشرعها الله تعالى فهي تقع فاسدة ، وان كانت مما شرعها الله تعالى في نوعها ولكن نهى عن بعض افرادها لخصوصية هناك ، كالنكاح بلا اذن السيد ، فهذه المعاملة لا تقع فاسدة ، فالرواية أدل على الصحة من دلالتها على الفساد.
وجه الدفع : هو ان معصية السيد وان كانت معصية الله تعالى الا انه قد عرفت ان المراد من كونها معصية الله ليس الا كون المعاملة تضييعا لحق السيد و تصرفا في سلطنته ، حيث إن العبد مملوك للمولى وليس له سلطنة على شيء ، فالرواية تدل على أن كل ما يكون تصرفا في سلطنة الغير. فأمره راجع إلى الغير ، وكل ما يكون تصرفا في سلطان الله تعالى فهو يقع فاسدا. والمعاملة المنهى عنها شرعا تكون تصرفا في سلطانه تعالى ومعصية له فتقع فاسدة ، لكونها خروجا عن وظيفة العبودية. كما أن اطلاق المعصية على معصية السيد تكون بهذه العناية ، حيث إن العبد خرج عن وظيفته بنكاحه بلا اذن سيده ، فتأمل جيدا. تنبيه حكى عن أبي حنيفة : دلالة النهى عن العبادة والمعاملة على الصحة ، وقد تبعه في خصوص المعاملة بعض أصحابنا ، بتقريب : ان متعلق النهى كمتعلق الامر لا بد ان يكون مقدورا بعد النهى ، ليمكن موافقة النهى ومخالفته ، ومعلوم : ان النهى لم يتعلق بالعبادة أو المعاملة الفاسدة ، إذ لا حرمة في اتيان العبادة أو المعاملة الفاسدة ، فالمنهى عنه لا بد ان يكون صحيحا حتى بعد النهى ليمكن مخالفة النهى ، فلو اقتضى النهى الفساد يلزم ان يكون النهى سالبا لقدرة المكلف ، وموجبا لرفع قدرة المكلف على مخالفته ، هذا. ولكن لا يخفى عليك : فساد الاشكال. اما في العبادات : فلان النهى فيها لم يتعلق بما هو عبادة فعلية ، بل تعلق بشيء لو امر به لكان امره عباديا ، على ما تقدم بيانه ، والمكلف قادر على فعل متعلق النهى ومخالفته ولو بعد النهى. والذي لايكون قادرا عليه ، هو فعل ما يكون عبادة فعلية ، وليس هذا متعلق النهى ، وذلك واضح. واما في المعاملة : فلان متعلق النهى هو المبادلة التي يتعاطاها العرف وما (475)
هي بيدهم ، لا المبادلة الصحيحة ، فان المبادلة العرفية لا تتصف بالصحة والفساد ، بل الصحة والفساد انما ينتزعان من امضاء الشارع لتلك المبادلة وعدم امضائها ، و ما ينتزع عن الحكم الشرعي لا يعقل ان يؤخذ في متعلق ذلك الحكم ، والمبادلة العرفية مقدورة للمكلف ولو بعد النهى الشرعي ، كما هو المشاهد ان بايع الخمر مع علمه بالفساد والنهى الشرعي حقيقة يبيع الخمر ويقصد المبادلة ، بحيث يكون بيعه للخمر مع علمه بالفساد كبيعه له مع عدم علمه به ، بل مع علمه بالصحة. وكذا سائر المبادلات العرفية التي تكون منهيا عنها ، فان جميعها مقدورة ومما يتعلق بها القصد حقيقة ، والنهى الشرعي يوجب فسادها ، أي عدم تحقق المبادلة خارجا شرعا ، وان تحققت عرفا. فدعوى ان النهى من المعاملة يقتضى الصحة ضعيفة جدا ، فتأمل جيدا.
هذا تمام الكلام في في النهى عن العبادة والمعاملة. وقد وقع الفراغ من تسويده ليلة الجمعة 25 ج 1 سنة 1347. (476)
المقصد الثالث : في المفاهيم
وقبل الخوض في المقصد ينبغي تقديم مقدمة.
وهي : ان المفهوم ـ على ما عرفت منا مرارا ـ عبارة عن المدرك العقلاني الذي يدركه العقل عند الالتفات إلى الشيء ، حيث إن لكل شيء وجودا عقلانيا على طبق وجوده الخارجي ، سواء كان ذلك الشيء من الماديات ، أو المجردات. وسواء كان جزئيا ، أو كليا. وذلك المدرك العقلاني يكون بسيطا ، وليس مركبا من مادة وصورة ، إذ المادة والصورة تكون من شؤون الوجود الخارجي ، واما الوجود العقلاني فهو مجرد عن ذلك لا تركيب فيه. وذلك المدرك هو المعبر عنه : بالمفهوم ، والمدلول ، والمعنى ، والمقصود ، كل من جهة ، الا ان الجميع يشير إلى امر فارد وشيء واحد. والمفهوم ، كما يكون في الألفاظ ، الأفرادية ، كذلك يكون في الجمل التركيبية ، حيث إنه كما أن للمفردات معنى ومفهوما مدركا عقلانيا ، كزيد ، و عمرو ، وانسان ، وشجر ، كذلك يكون للجمل التركيبية معنى ومفهوم ، كزيد قائم ، والنهار موجود ، وغير ذلك. وكما أن للألفاظ المفردة معنى مطابقيا ومعنى التزاميا ، فكذلك يكون للجمل التركيبية معنى مطابقي ومعنى التزامي. وكما أن لازم المعنى الافرادي تارة : يكون بينا أخص ، وأخرى : يكون أعم ، فكذلك لازم المعنى التركيبي ينقسم إلى هذين القسمين. واما الدلالة التضمنية فهي لا واقع لها ، سواء في الألفاظ الأفرادية أو الجمل التركيبية لما عرفت : من أن المعنى والمفهوم هو المدرك العقلاني الذي يكون بسيطا مجردا عن المادة وليس له جزء ، فالدلالة التضمنية لا أساس لها وان كانت مشهورة في الألسن ، بل الدلالة اما ان تكون مطابقية ، واما ان تكون التزامية. (477)
واللازم في الدلالة الالتزامية ، اما ان يكون لازما بالمعنى الأخص ، واما ان يكون لازما بالمعنى الأعم. واللازم بالمعنى الأعم ، سواء كان في المعاني الأفرادية أو في الجمل التركيبية ، ليس من المداليل اللفظية لان اللفظ لا يدل عليه ولا ينتقل الذهن إليه بواسطة اللفظ ، بل يحتاج إلى مقدمة عقلية.
ومن هنا قلنا : ان مسألة مقدمة الواجب ، ومسألة الضد ، ليست من المباحث اللفظية ، لكون اللازم فيها لازما بالمعنى الأعم ، لتوقف اللزوم على توسيط حكم العقل. ولعل دلالة الاقتضاء كقوله تعالى : واسئل القرية ، ودلالة الإشارة والايماء كدلالة الآيتين على أن أقل الحمل يكون ستة أشهر ، ودلالة قوله صلى الله عليه وآله : كفر ، عقيب قول السائل ( هلكت وأهلكت جامعت أهلي في نهار شهر رمضان ) على علية الجماع للتكفير ـ إذ لو العلية لبطل الاقتران ـ كل ذلك يكون اللازم فيه من اللازم بالمعنى الأعم ، فلا يكون من الدلالة اللفظية. وعلى تقدير تسليم كون بعضها من الدلالة اللفظية فهو ليس من المنطوق والمفهوم المبحوث عنه في المقام ، إذ المراد من المنطوق : هو ما دل عليه الجملة التركيبية بالدلالة المطابقية ، والمراد من المفهوم : هو ما دلت عليه الجملة التركيبية بالدلالة الالتزامية بالمعنى الأخص. فما لم يكن مدلولا مطابقيا للجملة ولا مدلولا التزاميا بالمعنى الأخص ، لايكون من المنطوق والمفهوم ، سواء قلنا : بأنه مدلول اللفظ ـ كما قيل في مثل دلالة الإشارة ـ أو قلنا : بأنه خارج عن مدلول اللفظ وكان من اللازم بالمعنى الأعم. فما يظهر من بعض من ادراج مثل دلالة الإشارة في المنطوق فاسد. كما أن ما يظهر من بعض من ادراجها في المفهوم فاسد أيضا ، فإنها وان قلنا بأنها من الدلالة اللفظية تكون خارجة عن المفهوم والمنطوق ، ولا مانع من ثبوت الواسطة بين المنطوق والمفهوم. وعلى كل حال : الامر في ذلك سهل ، من جهة انه بحث يرجع إلى الاصطلاح. والمقصود في المقام بيان ان المراد من المنطوق : هو المدلول المطابقي للجملة التركيبية ، والمراد من المفهوم : هو المدلول الالتزامي لها على وجه يكون بينا بالمعنى الأخص. ولعله إلى ذلك يرجع ما عن بعض من تعريف المنطوق بما دل عليه اللفظ (478)
في محل النطق ، والمفهوم : بما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ، بان يكون المراد من محل النطق ولا محله هو المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي. وبعد ذلك لا يهمنا البحث وإطالة الكلام في التعريفات التي ذكروها للمنطوق والمفهوم ، مع ما يرد عليها من عدم الانعكاس والاطراد ، فإنها تعاريف لفظية قلما تسلم عن الاشكال. كما لا يهمنا البحث عن أن المنطوق والمفهوم من صفات الدال أو المدلول ، وانما المهم هو البحث عن الجمل التي يكون لمدلولها المطابقي لازم بالمعنى الأخص ، المعبر عنه بالمفهوم.
وينبغي ان يعلم : ان النزاع في المقام انما يكون صغرويا ، أي انه بحث عن أصل ثبوت المفهوم واللازم ، لا عن حجيته ، لان حجيته بعد ثبوته مفروع عنها ولا كلام فيها. إذا عرفت ذلك فاعلم : ان هناك جملا تركيبية وقع النزاع في ثبوت اللازم والمفهوم لها. الفصل الأول في مفهوم الشرط والبحث عن القضية الشرطية تارة : يقع في معنى الشرط ، وأخرى : في مفاد القضية الشرطية أي المدلول المطابقي لها ، وثالثة : في ثبوت المفهوم لها أي المدلول الالتزامي. اما معنى الشرط : فهو يطلق على معنيين : أحدهما : المعنى الحدثي ( أي الجعل ) وهو بهذا المعنى يكون متصرفا يشتق منه الشارط والمشروط وغير ذلك ، وهو المراد من قوله عليه السلام : (1) شرط الله قبل شرطكم ، وقوله عليه السلام : في الدعاء ولك شرطي ان لا أعود في معصيتك. ولا يختص هذا المعنى من الشرط بان يكون في ضمن عقد ، وان كان يظهر من القاموس ذلك. وثانيهما : ما يلزم من عدمه العدم ، مع قطع النظر عن استلزام وجوده 1 ـ الوسائل ، الجزء 17 الباب 22 من أبواب موانع الإرث الحديث 1 ص 409 (479)
الوجود ، وهو بهذا المعنى جامد لا يتصرف. ولتفصيل الكلام في ذلك محل آخر ، إذ البحث عن ذلك لا ربط له بالمقام.
واما مفاد الجملة الشرطية ، وان الشرط إلى أي شيء يرجع ، فقد تقدم البحث عن ذلك مفصلا في الواجب المشروط (1) وقلنا : ان التعليق لا يرجع إلى النسبة ، وان كان يظهر من عبارة التهذيب ذلك ، حيث عرف القضية الشرطية : بما حكم فيها بثبوت نسبة على تقدير أخرى. بل التعليق والشرط يرجع إلى المحمول المنتسب ، لا نفس المحمول بمعناه الافرادي ، حتى يرجع التقييد إلى المادة ويكون شرط الواجب ، بل يرجع إلى المحمول المنتسب. وبذلك دفعنا اشكال : ان النسبة معنى حرفي والمعنى الحرفي غير قابل للتقييد لان التقييد يستدعى لحاظ المقيد معنى اسميا ، فراجع ما تقدم منا في الواجب المشروط. والمهم في المقام ، هو البحث عن المدلول الالتزامي للقضية الشرطية ، المعبر عنه بالمفهوم. فاعلم : ان ثبوت المفهوم للقضية الشرطية يتوقف : على كون الترتب بين الجزاء والشرط ناشئا عن علاقة ثبوتية في نفس الامر والواقع ، وليس الترتب بينهما لمجرد الاتفاق والمصادفة ، كما في قولك : إذا كان الانسان ناطقا فالحمار ناهق ، إذ لا علاقة بين نهيق الحمار ونطق الانسان في نفس الامر ، بل العلاقة بينهما تكون علاقة جعلية لحاظية. وعلى ان يكون الترتب ترتب العلية والمعلولية ، بان تكون العلاقة بين الجزاء والشرط علاقة العلية والمعلولية لا علاقة التلازم والتضايف ، وأن تكون العلة هو المقدم والشرط لا التالي والجزاء ، وأن يكون الشرط علة منحصرة لا يخلفه شرط آخر ، ولا يكون لشيء آخر دخل في عليته. فإذا تمت هذه الأمور للقضية الشرطية كان لها مفهوم ، وإذا انتفى أحد هذه الأمور لم يكن للقضية مفهوم. والسر في اعتبار هذه الأمور واضح ، فإنه لو لم يكن بين 1 ـ راجع الجزء الأول من الكتاب مبحث تقسيمات الواجب. الامر الثاني من بحث الواجب المشروط ص 178 (480)
الجزاء والشرط علقة ثبوتية وكانا متقارنين من باب الاتفاق ، لم يكن انتفاء الشرط مستتبعا لانتفاء الجزاء ، إذ لا مدخلية للشرط حينئذ في وجود الجزاء.
وكذا لو فرض ان بينهما علاقة ثبوتية ولكن لم تكن تلك العلاقة علاقة العلية والمعلولية بل كانت علاقة التلازم ، فإنه أيضا لا يقتضى انتفاء الشرط انتفاء الجزاء ، لان انتفاء أحد المتلازمين لا يستلزم انتفاء اللازم الآخر. الا إذا كان التلازم دائميا ، بحيث كانا معلولين لعلة ثالثة منحصرة ، فان انتفاء أحد المتلازمين في مثل هذا يقتضى انتفاء الآخر ، الا ان القضية الشرطية حينئذ لا تدل على هذا الوجه من التلازم ، فان العلة لم تكن مذكورة في القضية حتى يستفاد منها الانحصار أو عدم الانحصار ، وأقصى ما تقتضيه القضية الشرطية ـ بناء على عدم استفادة علية الشرط للجزاء ـ هو مجرد التلازم بين الشرط والجزاء ، واما كونه على هذا الوجه أو على ذلك الوجه فليس للقضية الشرطية دلالة عليه ، ولا بد في اثبات ذلك من الخارج ، فيخرج عما نحن فيه : من دلالة نفس القضية الشرطية على المفهوم. وكذا لو فرض عدم دلالة القضية الشرطية على كون الشرط علة منحصرة ، فان انتفاء الشرط في مثل ذلك أيضا لا يقتضى انتفاء الجزاء ، لامكان ان يخلفه شرط آخر. فالمهم هو اثبات ظهور القضية الشرطية في كون الشرط علة منحصرة ، اما وضعا واما اطلاقا. فنقول : اما دلالة القضية الشرطية على ثبوت العلقة بين الشرط والجزاء و انه ليس ذلك محض الاتفاق ، فمما لا ينبغي الاشكال فيها ، بل لا يبعد كون دلالتها على ذلك بالوضع ، لعدم صحة مثل ـ إذا كان الانسان ناطقا كان الحمار ناهقا ـ بلا عناية ، بل يتوقف على لحاظ عناية وعلاقة جعلية لحاظية. والا فان نفس القضية الشرطية تقتضي ان يكون بين الشرط والجزاء علاقة لزومية ، فان لم يكن ذلك بالوضع ـ كما هو ليس ببعيد ـ فلا أقل من ظهورها العرفي في ذلك. واما دلالة القضية الشرطية على كون العلقة بين الجزاء والشرط علقة الترتب وعلية الشرط للجزاء ، فهي وان لم تكن بالوضع وليس لنفس القضية الشرطية ظهور عرفي في ذلك ، الا انه لا يبعد دعوى الظهور السياقي في ذلك ، حيث إن سوق الكلام من جعل الشرط مقدما والجزاء تاليا ، هو ان يكون الكلام على وفق |
|||
|