فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: 676 ـ 690
(676)
الناقصة ليس التامة وبالعكس ، لان نقيض كل شيء رفعه ، ومن المعلوم : أن ما تثبته أصالة الصحة إنما هو مفاد كان الناقصة ، وهو بلوغ العاقد وسببية العقد الواقع ، ويترتب عليه أثر النقل والانتقال ، فإذا كان موضوع أثر النقل والانتقال مفاد كان الناقصة فنقيضه يكون مفاد ليس الناقصة الذي هو مؤدى الاستصحاب ، والمفروض : أنه يكفي في صحة الاستصحاب إثبات ما هو نقيض موضوع النقل والانتقال.
    فدعوى : أن عدم سببية العقد الصادر ليس موضوع الأثر ولا يترتب عليه عدم النقل والانتقال ـ لان عدم المسبب يستند إلى عدم وجود السبب لا إلى عدم سببية الموجود ـ وإن كانت في محلها ولا سبيل إلى الخدشة فيها ، إلا أن عدم سببية العقد الصادر يكون نقيض ما هو الموضوع للنقل والانتقال ، وكما يصح التعبد بكون الموجود هو الموضوع للأثر كما هو مفاد أصالة الصحة ، كذلك يصح التعبد بكون الموجود نقيض موضوع الأثر كما هو مفاد الاستصحاب ، وإلى ذلك يرجع قوله ـ قدس سره ـ « ولكن يدفع هذا الخ ».
    فان قلت : قد تقدم في الأحكام الوضعية : أن السببية لا تنالها يد الجعل وإنما المجعول الشرعي هو ترتب المسبب أو التكليف على سببه أو موضوعه ، فالاستصحاب لا يجري لنفي سببية العقد وإنما يجري لنفي الحكم الوضعي وهو النقل والانتقال ، فليس الاستصحاب في المقام إلا أصلا حكميا ، وأصالة الصحة تكون حاكمة عليه ، لأنها من الأصول الموضوعية ، كما هو مفروض الكلام.
    قلت : هذا الاشكال بمثابة من الفساد ! بداهة أن التعبد بوجود موضوع التكليف أو سبب الوضع بلحاظ وجود التكليف والوضع أمر بمكان من الامكان ، فإذا صح التعبد بوجود الموضوع والسبب صح التعبد بعدم الوجود أيضا ، مع أنه على هذا يلزم أن تكون أصالة الصحة أيضا من الأصول الحكمية ،


(677)
فإنه كما لا يصح التعبد بعدم سببية العقد الواقع ، كذلك لا يصح التعبد بسببية العقد الموجود ، فلا يعقل التفكيك بين مفاد الاستصحاب ومفاد أصالة الصحة ، وإلى هذا أشار بقوله : « وإن قيل » إلى قوله : « وكيف كان ».
    هذا حاصل ما أفاده السيد الكبير ـ قدس سره ـ في كلامه المتقدم.
    ومنه يظهر الاشكال فيما ذكره الشيخ ـ قدس سره ـ في الامر الثاني من الأمور التي عقدها في أصالة الصحة ، حيث قال ـ ردا على من قال بعدم جريان أصالة الصحة عند الشك في بلوغ الضامن أو أركان العاقد كالمحقق والعلامة قدس سرهما ـ « والأقوى بالنظر إلى الأدلة السابقة من السيرة ولزوم الاختلال هو التعميم » فراجع.
    هذا ، ولكن مع ذلك كله المسألة لا تخلو عن الاشكال ، فان المدرك في أصالة الصحة في العقود ليس إلا الاجماع ، وهو لا يخلو : إما أن يكون عمليا وإما أن يكون لفظيا. فان كان عمليا : فاللازم متابعة مقدار العمل ولا محل لملاحظة النسبة بين الاستصحاب وأصالة الصحة. وإن كان لفظيا : فالمتبع ملاحظة مقدار إطلاق معقد الاجماع.
    فان استفيد منه كون أصالة الصحة من الأصول الموضوعية والحكمية ـ بمعنى أنها تجري في جميع موارد الشك في الصحة والفساد سواء كان في مورد الشك أصل موضوعي يكون الشك في الصحة والفساد مسببا عنه كما إذا كان الشك في بلوغ العاقد أو وزن المبيع أو اختباره أو لم يكن في مورد الشك إلا أصالة عدم النقل والانتقال كما إذا كان الشك في شرائط صحة العقد من العربية والماضوية ونحو ذلك ـ فلا محالة تكون أصالة الصحة أخص مطلقا من الاستصحاب ، فإنه ليس في مورد من موارد أصالة الصحة إلا والاستصحاب على خلافها ، فمقتضى صناعة الاطلاق والتقييد تخصيص الاستصحاب بما عدا الشك في صحة العقد وفساده مطلقا.


(678)
    وإن استفيد من معقد الاجماع اختصاص أصالة الصحة بما إذا كان الشك متمحضا في النقل والانتقال من دون أن يكون في مورد الشك أصل موضوعي يقتضي عدم كون العقد واجدا لشرائط النقل والانتقال ، ففي جميع موارد الأصول الموضوعية يبنى على فساد العقد ولا تجري أصالة الصحة.
    والذي يقوى في النظر : جريان أصالة الصحة في ما عدا الشك في أهلية العاقد أو قابلية العوضين للنقل والانتقال ـ على التفصيل المتقدم ـ ولابد من التأمل التام في كلمات القوم.
    هذا تمام الكلام فيما كان يهم البحث عنه في أصالة الصحة في فعل الغير. وأما أصالة الصحة في قول الغير واعتقاده : فلا إشكال فيها ـ على التفصيل الذي ذكره الشيخ قدس سره ـ فلا يهمنا البحث عنها.

    من الأمور التي ينبغي البحث عنها في خاتمة الاستصحاب بيان النسبة بينه وبين سائر الوظائف المقررة للجاهل.
    أما النسبة بينه وبين القرعة : فالظاهر أنه لا يمكن اجتماعهما في مورد حتى تلاحظ النسبة بينهما (1) لان التعبد بالقرعة إنما يكون في مورد اشتباه موضوع التكليف وتردده بين الأمور المتباينة ، ولا محل للقرعة في الشبهات البدوية سواء كانت الشبهة من مجاري أصالة البراءة والحل أو من مجاري الاستصحاب ، لان المستفاد من قوله ـ عليه السلام ـ « القرعة لكل مشتبه » أو « مجهول » (2) هو
1 ـ أقول : وذلك تمام ، إنما الكلام في تخصيص مصب الاستصحاب أو البراءة في غير المشتبه بالأمور المتبائنة مطلقا ، لامكان كون المشتبهين بين الشخصين على وجه لا بأس بجريان الاستصحاب أو البراءة في كل منهما.
2 ـ قد راجعت الوسائل والمستدرك فلم أجد حديثا بهذا اللفظ نعم : في الوسائل « كل


(679)
مورد اشتباه الموضوع بين الشيئين أو الأشياء ، فيقرع بينهما لاخراج موضوع التكليف ، ولا معنى للقرعة في الشبهات البدوية ، فإنه ليس فيها إلا الاحتمالين والقرعة بين الاحتمالين خارج عن مورد التعبد بالقرعة ، فموارد البراءة والاستصحاب خارجة عن عموم أخبار القرعة بالتخصص ، لا بالتخصيص ، كما يظهر من كلام الشيخ ـ قدس سره ـ.
    والحاصل : أن عنوان « المجهول » و « المشتبه » و « المشكوك » وإن كان يعم الشبهة البدوية ، إلا أن المتفاهم من عنوان القرعة هو أن يكون بين الموضوعات المتعددة لا بين الاحتمالين في موضوع واحد. فالحري إنما هو ملاحظة النسبة بين أصالة الاحتياط والتخيير وبين القرعة ، لا بينها وبين الاستصحاب وأصالة الحل والبراءة.
    ولا إشكال في أن مورد القرعة إنما هو الموضوعات الخارجية ، وأما الأحكام الشرعية : فلا مجال للقرعة فيها ، بل إن أمكن فيه الاحتياط فهو ، وإلا فالتخيير ، فان قوله ـ عليه السلام ـ « القرعة لكل أمر مشتبه » وإن كان بظاهره يعم اشتباه الحكم الشرعي ، إلا أن مورد أخبار القرعة هو ما إذا كان الاشتباه في الموضوع الخارجي.
    لا يقال : إن المورد لا يقتضي التخصيص ، لأنه يقال : نحن لا ندعي التخصيص من جهة المورد ، بل ندعي أنه من الموارد يستكشف أن مصب العموم هو خصوص الموضوعات ولا يعم الاحكام.
    ثم إن الموضوع المشتبه تارة : مما يتعلق به حق الله ( تعالى ) وأخرى : مما يتعلق به حق الناس. فان كان مما يتعلق به حق الناس : فالوظيفة قد تقتضي
مجهول ففيه القرعة » الباب 13 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى الحديث 11 و 18 ، وفي المستدرك « دعائم الاسلام ، عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهم السلام ـ أنهم أوجبوا الحكم بالقرعة في ما أشكل » الباب 11 ح 1 ( المصحح ).

(680)
الاخذ بقاعدة « العدل والانصاف » من التثليث والتنصيف والتربيع حسب اختلاف الموارد والدعاوي (1) كما في موارد اختلاف البينات عند تردد الموضوع بين الشخصين أو الأشخاص ، فان المتحصل من مجموع الأخبار الواردة في ذلك وفي باب الدرهم الودعي هو الاخذ بما يقتضيه العدل والانصاف. وقد تقتضي الوظيفة إخراج الموضوع المشتبه بالقرعة.
    وكذا الحال فيما إذا كان الموضوع متعلقا لحق الله ، فان الوظيفة قد تقتضي الاحتياط ، وقد تقتضي التخيير ، وقد تقتضي القرعة. والانصاف : أن تشخيص موارد القرعة عن موارد الاحتياط والتخيير وقاعدة العدل والانصاف في غاية الاشكال ، ولذلك قيل : « إن العمل بالقرعة إنما يكون في مورد عمل الأصحاب ولا يجوز الاخذ بعموم أخبارها » فإنه عند اشتباه الموطوء بغيره في الغنم تجري فيه القرعة ـ كما ورد به النص ـ وأما عند اشتباه الحرام بغيره في غير الموطوء لا تجري فيه القرعة ، مع أن الفرق بينهما غير واضح. ولابد من التأمل التام والمراجعة في كلمات الاعلام.
    وعلى كل حال : قد عرفت أن المورد الذي يجري فيه الاستصحاب لا تجري فيه القرعة ، وبالعكس ، فلا يمكن أن يعارض أحدهما الآخر حتى نحتاج إلى ملاحظة النسبة بينهما.
    وأما نسبة الاستصحاب مع سائر الأصول العملية ـ من البراءة والتخيير والاحتياط وقاعدة الحل والطهارة ـ فقد تقدم : أن الاستصحاب يكون واردا على الأصول العقلية وحاكما على الأصول الشرعية ، لأنه من الأصول المحرزة المتكفلة للتنزيل ، ولذلك يقوم مقام القطع الطريقي ، فيكون الاستصحاب رافعا لموضوع الأصول العقلية حقيقة بالورود ولموضوع الأصول الشرعية بالحكومة.
1 ـ أقول : قاعدة العدل والانصاف إنما يجري في صورة لم تجر قاعدة القرعة ، كيف ! ويصير القرعة مرجحا لا ينبغي مع هذا المرجح اقتضاء العدل والانصاف ، كما لا يخفى.

(681)
    وقد أطال الشيخ ـ قدس سره ـ الكلام في حديث « كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (1) مع أنه لا يحتاج إلى هذا التطويل ، فان المراد من قوله عليه السلام « حتى يرد فيه نهي » إن كان هو الورود من قبل الله ( تعالى ) بالوحي إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان مفاد الحديث مفاد سائر العمومات الاجتهادية ، نظير قوله تعالى : « وأحل لكم ما في الأرض جميعا » (2) فيكون أجنبيا عن أدلة أصالة البراءة ، بل ينبغي عده من أدلة أصالة الإباحة ردا على من قال بأصالة الحظر قبل الشرع. وإن كان المراد من « الورود » الوصول والعلم بالنهي كان المراد من « الشيء » الشيء المشكوك ، فيكون مفاده مفاد سائر أدلة البراءة ولا خصوصية للحديث المبارك ، وقد عرفت : أن الاستصحاب باعتبار إحرازه يكون رافعا لموضوعها. وقد تكرر منا الكلام في تفصيل ذلك (3).

    في تعارض الاستصحابين.
    وتفصيل الكلام في ذلك : هو أن الشك في بقاء أحد المستصحبين إما يكون مسببا عن الشك في بقاء المستصحب الآخر وإما أن يكون الشك في بقاء كل من المستصحبين مسببا عن أمر ثالث ، ولا يمكن أن يكون الشك في كل منهما مسببا عن الآخر ، فإنه لا يعقل أن تكون علة الشيء معلوله. وما قيل : من أن الشك في عموم كل من العامين من وجه مسبب عن
1 ـ من لا يحضره الفقيه : ج 1 ح 937.
2 ـ قد تكرر منه ـ رحمه الله ـ الاستشهاد بهذه الآية ، ولم نعثر عليها ، والظاهر أنه سهو منه ( المصحح ).
3 ـ أقول : قد تقدم أن البيان الذي صدر منه لتحكيم الاستصحاب غير تام بالنسبة إلى ما اخذت المعرفة غاية له ، كأصالة الحلية والطهارة : فلا محيص في تحكيمه عليها أيضا بما ذكرنا من البيان.


(682)
الشك في عموم الآخر ، فاسد ، فان الشك في عموم كل منهما إنما يكون مسببا عن العلم الاجمالي بعدم إرادة العموم في أحدهما ، لامتناع إرادة العموم في كل منهما ثبوتا في مقام الجعل والتشريع ، وذلك واضح.
    فان كان الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر : فلا إشكال في حكومة الاستصحاب السببي على الاستصحاب المسببي ، بل في حكومة كل أصل سببي على كل أصل مسببي ـ ولو لم يكن الأصل السببي من الأصول المحرزة ـ إذا كان الأصل السببي واجدا لشرطين :
    أحدهما : أن يكون ترتب المسبب على السبب شرعيا لا عقليا ، بمعنى أن يكون أحد طرفي الشك المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على أحد طرفي الشك السببي ، فالشك في بقاء الكلي لأجل الشك في حدوث الفرد الباقي خارج عن محل الكلام ، لان بقاء الكلي ببقاء الفرد عقلي ، فلا يكون استصحاب عدم حدوث الفرد حاكما على استصحاب بقاء الكلي ، بل يجري استصحاب بقاء الكلي في عرض استصحاب عدم حدوث الفرد ، ولا معارضة بينهما ، وقد تقدم تفصيل ذلك في استصحاب الكلي.
    ثانيهما : أن يكون الأصل السببي رافعا للشك المسببي ، فالشك في جواز الصلاة في الثوب لأجل الشك في اتخاذه من الحيوان المحلل خارج عن محل الكلام أيضا ، فان أصالة الحل في الحيوان وإن كان تجري ، إلا أنها لا تقتضي جواز الصلاة في الثوب ، لبقاء الشك في جواز الصلاة فيه على حاله ، لان أصالة الحل لا تثبت كون الثوب متخذا من الأنواع المحللة ، على ما تقدم بيانه أيضا في استصحاب الكلي.
    فإذا كان الأصل السببي واجدا لهذين الشرطين فلا ينبغي التأمل في حكومته على الأصل المسببي ، لأنه رافع لموضوعه ، فلا يمكن أن يعارضه الأصل


(683)
المسببي ، لان كل حكم مشروط بوجود موضوعه ، فلابد من فرض وجود الموضوع في ترتب الحكم عليه ، ولا يعقل أن يكون الحكم متكفلا لوجود موضوعه. فالأصل المسببي إنما يجري إذا بقي الشك الذي اخذ موضوعا فيه والأصل السببي رافع ومعدم له في عالم التشريع ، لان التعبد بمؤدى الأصل السببي بمدلوله المطابقي يقتضي إلغاء الشك المسببي ، ولا عكس ، وبداهة أن التعبد بطهارة الماء المغسول به الثوب النجس بنفسه يقتضي التعبد بطهارة الثوب (1) إذ لا معنى لطهارة
1 ـ أقول : مفاد « كل شيء طاهر » الجاري في الماء المشكوك طهارته إذا كان التعبد بطهارته في ظرف الشك به بلا نظر فيه إلى إلغاء الشك أصلا ، فتارة : يكون طهارة ما غسل به من الآثار الواقعية المترتبة على طهارة الماء أعم من الواقعية والظاهرية ، وأخرى : تكون بواقعيتها مترتبة على طهارة الماء واقعا ، وإنما يستفاد طهارته الظاهرية من عناية نظر القاعدة في تعبده بالطهارة في الماء إلى طهارة ما غسل به ، حيث إنه من آثارها بمقتضى دليل الكبرى الواقعي. ولا إشكال في التقديم على الوجه الأول ، ولكن لم يلتزم به أحد ، فلا محيص من الوجه الثاني. وحينئذ ففي التقديم بمناط نفي الموضوع للأصل المسببي إشكال ظاهر ، إذ غاية اقتضاء التعبد بطهارة الماء في ظرف الشك التعبد بطهارة الثوب المغسول به أيضا في ظرف الشك بلا نظر منه إلى نفي الشك ، وحينئذ فلو كان في البين استصحاب نجاسته لا مجال لحكومة هذا الأصل على الاستصحاب المزبور ، إذ كل واحد يثبت التعبد بحكم في ظرف الشك طهارة أو نجاسة ، من دون نظر لأحدهما إلى نفي موضوع الآخر من الشك في الطهارة والنجاسة.
    وتوهم : جريان القاعدة في الرتبة السابقة لسبق رتبة شكه فلا يبقى شك في طهارة الثوب كي يجرى الاستصحاب ، مدفوع أولا : أن تقدم رتبة المشكوك لا يقتضي مطلقا تقدم رتبة شكه ـ كما بينا نظيره في العلم الاجمالي في مسألة الملاقي ـ وثانيا : سلمنا تقدم رتبة الشك ، ولكن نقول : إن الحكم بتعبد الأثر في طول التعبد بطهارة الماء ، ولازمه كونه في عرض التعبد بالنجاسة باستصحابه ، فلم لا يجري الاستصحاب كي لا يبقى مجال للتعبد بطهارة الثوب مع فرض وجود موضوعها في رتبة واحدة ؟ ومن هنا ظهر : أنه لو بنينا أن لكل واحد من الأصلين النظر إلى نفي الشك يجيء الكلام أيضا في أنه لم تجري أولا التعبد بطهارة الثوب الناظر إلى نفي شكه ؟ بل من الممكن أن تجري الاستصحاب الناظر إلى نفي الشك عن طهارة الثوب كي لا يبقى مجال لنظر عموم طهارة الماء إلى التعبد بمثل هذا الأثر ، كما لا يخفى.
    وحينئذ ما أفاده المقرر ـ بطوله وتكراره الممل ـ مما لا يسمن ولا يغنى من جوع ! فلا محيص في وجه تقديم الأصل السببي إلى بيان آخر ، ولا يكاد يتم هذا البيان ، كما لا يتم في وجه تقديم الاستصحاب السببي على المسببي أيضا ،


(684)
الماء إلا كونه مزيلا للحدث والخبث ، سواء كانت طهارة الماء مؤدى الاستصحاب أو مؤدى قاعدة الطهارة ، فيرتفع الشك في بقاء نجاسة الثوب ، وأما التعبد بنجاسة الثوب : فهو بنفسه لا يقتضي التعبد بنجاسة الماء المغسول به ، نعم : لازم بقاء النجاسة في الثوب هو نجاسة الماء ، فإنه لو كان الماء طاهرا لم تبق النجاسة في الثوب ، فاستصحاب بقاء نجاسة الثوب بمدلوله المطابقي لا يقتضي نجاسة الماء وغير مزيل للشك فيها. فاثبات نجاسة الماء المغسول به الثوب باستصحاب بقاء نجاسة الثوب
كما لا يخفى.
    وحينئذ الذي يقتضيه التحقيق أن يقال في وجه التقديم بمناط الحكومة : هو أن لسان القاعدة إذا كان هو الطهارة في ظرف الشك في طهارة الماء ، فمثل هذا اللسان بعدما كان ناظرا إلى إثبات الأثر ففي الحقيقة نفس جعل الطهارة للماء المشكوك ناظر إلى نفي التعبد بعدم آثار طهارة الماء المشكوك ، ومرجع هذا النظر في الحقيقة إلى النظر إلى نفي استصحاب عدم الآثار مهما شك في طهارة الماء. ولا نعني من الحكومة إلا كون أحد الأصلين ناظرا إلى نفي الآخر ، إما بدوا أو بتوسيط نظره إلى نفي موضوعه ، وما نحن فيه من قبيل الأول ، لا الأخير ، كما هو الشأن في حكومة « لا ضرر » و « لا حرج » على أدلة الاحكام والمقرر تخيل أنه من قبيل الأخير ، فوقع في حيص وبيص ولم يأت مع تكراره بشيء ! ومن هنا ظهر حال استصحاب السببي بالنسبة إلى المسببي ، من دون احتياج في وجه التقديم إلى نفي الشك كي يرد عليه أيضا بان شأن الاستصحاب ليس نفي الشك ، مع أنه لو كان كان استصحاب السببي أيضا ينفي الشك عن المسبب.
    فان قلت : كما أن نظر الأصل السببي إلى نفي التعبد بعدم آثار طهارة الماء المشكوك ، كذلك نظر الأصل المسببي إلى إثباتها في ظرف الشك بها ، فقهرا كان ناظرا إلى نفي التعبد بأثر طهارة الماء المشكوك أيضا.
    قلت : غاية نظر الأصل المسببي إلى نفي ثبوت ما نظر إليه الأصل السببي ، لا إلى نفي نظره ، وبعبارة أخرى : نظر الأصل المسببي إلى نفي التعبد بنقيض مؤداه ، وهو عين ما هو المنظور في الأصل السببي بلا نظر منه إلى نفي نظره إلى اللوازم ، بل بالنسبة إليه ليس إلا من باب تخصيص نظر الأصل السببي إلى غير هذا الأثر. وهذا بخلاف الأصل السببي ، فإنه يرفع التعبد بخلاف أثره بنفس نظره إلى إثبات اللوازم ، وحينئذ فمن طرف الأصل السببي كان نفي الأصل المسببي بنظره إليه ، ومن طرف الأصل المسببي كان نفي النظر إلى الأصل السببي إلى أثره بالتخصيص ، ومن المعلوم : أن عند الدوران بين الحكومة والتخصيص كان الحاكم مقدما على التخصيص ، كما لا يخفى ، فتدبر وافهم واغتنم !!.


(685)
يتوقف على مقدمتين ـ الأولى : بقاء الشك في نجاسة الثوب بعد غسله بالماء المشكوك الطهارة. الثانية : حجية الأصل المثبت. والأصل الذي يكون مؤداه طهارة الماء يرفع الشك في بقاء نجاسة الثوب ، لما عرفت : من أنه لا معنى لطهارة الماء إلا كونه مزيلا للحدث والخبث ، فلم يبق موضوع لاستصحاب بقاء نجاسة الثوب.
    ومن هنا يظهر : أن عدم جريان الأصل المسببي لا يبتني على عدم حجية الأصل المثبت ، بل لا يجري الأصل المسببي ولو فرض حجية الأصل المثبت ، لان الأصل إنما يثبت اللوازم والملزومات العقلية والعادية بعد جريانه ، وجريانه يتوقف على وجود موضوعه ، والأصل الجاري في الشك السببي رافع لموضوع الأصل المسببي ، فهو يسقط بسقوط موضوعه في الرتبة السابقة ، ولا تصل النوبة إلى المنع عن إثباته اللوازم والملزومات.
    والحاصل : أن جريان الأصل المسببي يتوقف على الشك في مؤداه والشك في مؤداه يتوقف على عدم جريان الأصل السببي ـ إذ مع جريانه يرتفع الشك في مؤدى الأصل المسببي ـ وعدم جريان الأصل السببي يتوقف على جريان الأصل المسببي وإثباته اللوازم العقلية. وأما جريان الأصل السببي : فهو لا يتوقف على شيء ، لان موضوعه محرز بالوجدان وليس له في مرتبة جريانه رافع.
    وظني أن المسألة أوضح من أن تحتاج إلى إطالة الكلام فيها ، ولم يعهد الاشكال فيها من أحد إذا كان دليل اعتبار الأصل السببي مغايرا لدليل اعتبار الأصل المسببي ، وإنما استشكل من استشكل فيها مع اتحاد دليل اعتبار الأصلين ، كقوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك ». ومنشأ الإشكال : هو أن نسبة قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » إلى كل واحد من الشك السببي والمسببي يتوقف على شيء ، لان موضوعه محرز بالوجدان وليس له في مرتبة جريانه رافع. وظني أن المسألة أوضح من أن تحتاج إلى إطالة الكلام فيها ، ولم يعهد الاشكال فيها من أحد إذا كان دليل اعتبار الأصل السببي مغايرا لدليل اعتبار الأصل المسببي ، وإنما استشكل من استشكل فيها مع اتحاد دليل اعتبار الأصلين ، كقوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك ».
    ومنشأ الإشكال : هو أن نسبة قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » إلى كل واحد من الشك السببي والمسببي على حد سواء ، فإنه يعم كل فرد من أفراد اليقين ولا شك ، كما أن قوله : « أكرم العلماء » يعم جميع


(686)
الافراد المتدرجة في الوجود ، فلا وجه لملاحظة الدليل أولا مع الشك السببي حتى يقال بارتفاع الشك المسببي ، بل يمكن العكس ويلاحظ الدليل أولا مع الشك المسببي فيرتفع به الشك السببي بناء على حجية الأصل المثبت.
    وبعبارة أوضح : فردية الشك المسببي للعام محرزة بالوجدان كما أن فردية الشك السببي له أيضا محرزة بالوجدان ، فلا معنى لاخراج الشك المسببي عن كونه فردا للعام بادخال الشك السببي في أفراد العام ، مع أن نسبة العام إلى كل من الفردين على حد سواء.
    ويمكن تقريب الاشكال بوجه آخر : وهو أن الحكومة تتوقف على تعدد الدليل ليكون أحد الدليلين حاكما على الآخر ومفسرا لمدلوله ، فلا يعقل الحكومة في دليل واحد ، لأنه يلزم اتحاد الحاكم والمحكوم وكون الدليل الواحد شارحا ومفسرا لنفسه ، فالأصل السببي لا يمكن أن يكون حاكما على الأصل المسببي مع اتحاد دليل اعتبارهما.
    هذا ، ولكن لا يخفى عليك فساد ذلك ، فان قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » عام انحلالي ينحل إلى قضايا متعددة حسب تعدد أفراد اليقين والشك في الخارج ، فهو بالنسبة إلى الشك السببي والمسببي بمنزلة دليلين متغايرين ، كما إذا كان لكل منهما دليل يخصه من أول الامر ، فيكون أحد الدليلين رافعا لموضوع دليل الآخر وحاكما عليه. وأما حديث اعتبار الشرح والتفسير في الحكومة : فقد عرفت ما فيه ، وسيأتي تفصيله أيضا ( إن شاء الله تعالى ).
    فالتحقيق : أنه لا مجال للتوقف في حكومة الأصل السببي على الأصل المسببي ، سواء توافقا في المؤدى أو تخالفا ، وسواء كان دليل اعتبارهما متحدا أو متعددا ، فان اتحاد الدليل وتعدده لا دخل له بذلك بعدما كان الدليل عاما انحلاليا.


(687)
    وإن شئت قلت : إن قوله ـ عليه السلام ـ « لا تنقض اليقين بالشك » لا يمكن أن يعم الأصل السببي والمسببي في عرض واحد جمعا ، إذ يلزم من دخول كل منهما خروج الآخر ، ولكن خروج الأصل السببي عن العموم يوجب التخصيص بلا مخصص ، لأنه فرد للعام وجدانا ، وليس في البين ما يوجب خروجه عنه ، وأما خروج الأصل المسببي عنه فلا يلزم منه ذلك ، بل الأصل المسببي خارج عنه بالتخصص ، لارتفاع موضوعه ، لما عرفت : من أن الأصل السببي رافع للشك المسببي ومعدم له في عالم التشريع ، فلا يلزم من خروجه التخصيص بلا مخصص.
    وبعبارة أوضح : دخول الشك المسببي في العموم يحتاج إلى مؤنة خروج الشك السببي عنه ، فإنه لولا خروجه لا يكاد يمكن دخول الشك المسببي فيه ، لعدم انحفاظ الشك ، فلابد في دخوله من خروج الشك السببي ، بخلاف دخول الشك السببي في العموم ، فإنه لا يحتاج إلى مؤنة ، لكونه من أفراد العموم وجدانا ، فهو داخل بنفسه ، ومن المعلوم : أنه إذا توقف شمول العموم لفرد على خروج فرد عنه لا يكون العموم شاملا له من أول الامر لكي يلزم من شموله خروج ما هو معلوم الفردية ، وذلك واضح لا خفاء فيه.
    هذا كله إذا كان الشك في أحد المستصحبين مسببا عن الشك في الآخر.
    وإن كان الشك في كل منهما مسببا عن أمر ثالث : فهو على أقسام ، لأنه إما أن يلزم من العمل بالاستصحابين مخالفة عملية للتكليف المنجز ، وإما أن لا يلزم منهما مخالفة عملية. وعلى الثاني : فإما أن يقوم دليل من الخارج على عدم إمكان الجمع بين المستصحبين ـ كتتميم الماء النجس كرا بماء طاهر حيث قام الاجماع على اتحاد حكم المائين المجتمعين فلا يمكن بقاء النجس على نجاسته والطاهر على طهارته ـ وإما أن لا يقوم دليل على عدم إمكان الجمع بينهما. فان لم يقم دليل على ذلك : فإما أن يكون لبقاء كل من المستصحبين في


(688)
زمان الشك أثر شرعي ـ كما لو توضأ المكلف بمايع مردد بين الماء والبول غفلة فان استصحاب طهارة البدن يقتضي ترتيب آثار الطهارة على البدن واستصحاب بقاء الحدث يقتضي ترتيب آثار الحدث ـ وإما أن يكون لاحد المستصحبين أثر شرعي في زمان الشك دون الآخر ، كما في دعوى الموكل التوكيل في شراء العبد ودعوى الوكيل التوكيل في شراء الجارية فهذه جملة ما ذكره الشيخ ـ قدس سره ـ من الأقسام.
    وقبل بيان أحكامه ينبغي تمهيد مقدمتين ، وإن كان قد تقدم الكلام فيهما في أول مبحث الشك في المكلف به.
    الأولى : هل الأصل في تعارض الأصول يقتضي التخيير في إعمال أحدها ؟ أو أن الأصل في تعارض الأصول يقتضي التساقط ؟ فقد يقال ، بل قيل : إن الأصل يقتضي التخيير ، قياسا لها على تعارض الطرق والامارات على القول بالسببية فيها ، على ما سيأتي ( إن شاء الله تعالى ) في مبحث التعادل والتراجيح : من أن الأصل في تعارض الامارات هو التساقط بناء على الطريقية والتخيير بناء على السببية.
    والأقوى : هو التساقط ، فان التخيير في إعمال أحد الأصلين المتعارضين مما لا دليل عليه ولا يقتضيه أدلة اعتبار الأصول ، لان أدلة اعتبارها تقتضي إعمال كل أصل بعينه ، فإذا لم يمكن ذلك فلابد من التساقط. وقياس الأصول المتعارضة على الامارات المتعارضة مع الفارق ، فان الامارات المتعارضة بناء على السببية فيها إنما تندرج في صغرى التزاحم ، سواء قلنا بالسببية الباطلة التي ترجع إلى التصويب أو قلنا بالسببية الصحيحة التي توافق مسلك التخطئة. أما على الأول : فرجوع التعارض في الامارات إلى باب التزاحم واضح. وأما على الثاني : فالسببية التي لا تنافي مذهب التخطئة عبارة عن اشتمال كل من الامارات المتعارضة على المصلحة السلوكية ، على ما تقدم بيانها في الجمع بين


(689)
الحكم الظاهري والواقعي (1).
    وتقدم أيضا : أنه لا وجه للالتزام بالمصلحة السلوكية ، بل الحق هو أن المجعول في باب الامارات نفس الطريقية والوسطية في الاثبات ، من دون أن يكون في العمل بها مصلحة سوى مصلحة الواقع عند الإصابة. ولكن لو قلنا بالمصلحة السلوكية فإنما نقول بها في حال انفتاح باب العلم والتمكن من إدراك الواقع ، فإنه في هذا الحال يمكن أن يتوهم بقبح التعبد بالامارات مع كونها قد تخالف الواقع ، لأنه يلزم تفويت مصلحة الواقع على المكلف مع تمكنه منها بتحصيل العلم. وأما في صورة انسداد باب العلم وعدم تمكن المكلف من إدراك الواقع : فلا موجب للالتزام بالمصلحة السلوكية ، لأنه لا يلزم من التعبد بالامارات تفويت مصلحة الواقع ، بل باب الوصول إلى المصالح الواقعية منسد على المكلف حسب الفرض ، والمقدار الذي يدركه المكلف من إصابة الامارة للواقع خير جاءه من قبل التعبد بها ، فلا وجه للالتزام بالمصلحة السلوكية في
1 ـ أقول : قد تقدم منا في مبحث الاشتغال : بأنه بناء على اقتضاء العلم الاجمالي للموافقة القطعية لا عليته لا محيص من استفادة التخيير من إطلاق الأصول ، لان المقدار المتيقن من قبل العقل الحاكم بحرمة المخالفة العملية تنجزيا هو تقيد التعبد بالعمل بكل واحد في حال عدم العمل بالآخر ، ونتيجته التخيير محضا ولو بنينا فيها على الطريقية ، فارجاع البحث في المقام إلى مسألة السببية في الطرق أو طريقيتها أجنبي عن المقام.
    ثم إن فيما أفاد : من تصور المصلحة السلوكية على موضوعية الطرق الذي هو راجع إلى المصلحة في تطبيق العمل على المؤدى لا نفسه ، إنما يحتاج إليه بناء على إمكان إطلاق الحكم الواقعي بمقتضياته لمرتبة الشك بنفسه ، وإلا فلا قصور لتصور الحكم الفعلي قائمين * بنفس المؤدى في ظرف الشك بالواقع بلا تضاد بينهما مع اختلاف الرتبة ، مع أن البناء على الأول من مجرد مصلحة السلوك أيضا لا يكفي للجمع بين الحكمين الفعليين ، كما لا يخفى ، فالالتزام بمصلحة السلوك على مذهب المخطئة مما لا يغني من جوع ! كما لا يخفى. ولعمري ! إن فيما أفيد لا يرى إلا مصادرات محضة ، فتدبر فيها. ولكماته أيضا مواقع نظر أخرى.
    * كذا في النسختين ، والصحيح ( الحكمين الفعليين القائمين » ( المصحح ).


(690)
صورة انسداد باب العلم ، بل المصلحة السلوكية تختص بصورة انفتاح باب العلم إن لم نقل : إنه يكفي في صحة التعبد بالامارات مصلحة التسهيل ، وإلا فنمنع عن المصلحة السلوكية حتى في صورة انفتاح باب العلم.
    وعلى كل حال : السببية التي توافق مسلك المخطئة عبارة عن اشتمال الامارة على المصلحة السلوكية في صورة التمكن من إدراك الواقع وانفتاح باب العلم.
    وعلى هذا تندرج الامارات المتعارضة في باب التزاحم ويكون التخيير في الاخذ بأحدها على القاعدة ، لأنه لا يتمكن المكلف من الجمع بين الامارتين المتعارضتين (1) فلا يمكنه إلا سلوك أحد الطريقين وإدراك إحدى المصلحتين ، فيكون المكلف مخيرا في سلوك أحدهما إن لم يكن لأحدهما مرجحات باب التزاحم. هذا كله في الطرق والامارات.
    وأما الأصول العملية : فهي وإن لم تكن طريقا إلى الواقع لأنها ليست كاشفة عن الواقع ، إلا أنه لا يمكن القول بالسببية فيها ، لان التعبد بالأصول العملية إنما يكون في ظرف انسداد باب العلم (2) وعدم التمكن من إدراك الواقع ، لأنها وظيفة الشاك والمتحير الذي لا تصل يده إلى الواقع ، فالتعبد بها يختص بصورة انسداد باب العلم ، ومعه لا يمكن اشتمال الأصول على المصلحة
1 ـ أقول : وسيجئ في محله ( إن شاء الله تعالى ) أن نتيجة التزاحم في باب الامارات ليس التخيير على الاطلاق.
2 ـ لا يخفى : أن هذا البيان لا يتم في الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، فإنها تجري ولو مع التمكن من تحصيل العلم بالفحص. ولكن الذي يسهل الخطب : هو أنه لا نقول بالمصلحة السلوكية في الامارات فضلا عن الأصول ، بل سيأتي في مبحث التعادل والتراجيح الاشكال في إدراج الامارات المتعارضة في صغرى التزاحم على القول بالسببية بمعنى اشتمالها على المصلحة السلوكية. فالأقوى فيها التساقط ، إلا على القول بالسببية التصويبية ، فإذا كان هذا حال الامارات ، فما ظنك بالأصول العملية ! فتأمل جيدا. ( منه ).
فوائد الاصول ـ الجزء الرابع ::: فهرس