حديث المنزلة ::: 61 ـ 75
(61)
يوسف الاعور الواسطي ، له رسالة في الرد على الشيعة ، يقول هذا الرجل : لو سلّمنا دلالة حديث المنزلة على الخلافة ، فقد كان في خلافة هارون عن موسى فتنة وفساد وارتداد المؤمنين وعبادتهم العجل ، وكذلك خلافة علي ، لم يكن فيها إلاّ الفساد ، لم يكن فيها إلاّ الفتنة ، ولم يكن فيها إلاّ قتل للمسلمين في وقعة الجمل وصفين.
    وهذا كلام هذا الناصبي الخبيث.
    وبعدُ ، إذا لم يكن لاستخلاف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تبوك قيمة ، ولم يكن له هذا الاستخلاف مقاماً ، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من استخلاف مثل ابن أُم مكتوم ، فلماذا هذا الاهتمام بهذا الحديث بنقل طرقه وأسانيده ، وبالتحقيق في رجاله ، وبالبحث في دلالاته ومداليله ؟
    إذا كان شيئاً تافهاً لا يستحق البحث ، وكان أضعف من أضعف الاستخلافات ، فلماذا هذه الاهتمامات ؟
    ولماذا قول عمر : لو كان لي واحدة منهنّ كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ؟
    وقول سعد : والله لانْ تكون لي إحدى خلاله الثلاث أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ؟
    ولماذا استشهاد معاوية بهذا الحديث أمام ذلك الرجل الذي


(62)
سأله مسألةً ، وكان معاوية بصدد بيان مقام علي وفضله ؟
    ولماذا كلّ هذا السعي لابطال هذا الحديث وردّه ؟
    ألم يقل الفضل ابن روزبهان ـ الذي هو الاخر من الرادّين على الاماميّة واستدلالاتهم بالاحاديث النبويّة ـ ما نصّه : يثبت به ـ أي بحديث المنزلة ـ لامير المؤمنين فضيلة الاُخوّة والمؤازرة لرسول الله في تبليغ الرسالة وغيرهما من الفضائل.
    وهكذا تسقط المناقشة الثانية.

    الجواب عن المناقشة الثالثة :
    والمناقشة الثالثة كانت دعوى اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك.
    نعم لو كان الحديث مختصّاً بغزوة تبوك ، ولو سلّمنا بأنّ سبب الورود وشأن النزول مخصّص ، لكان لهذا الاشكال ولهذه المناقشة وجه.
    ولكن حديث المنزلة ـ كحديث الثقلين وكحديث الغدير ـ كرّره رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مواطن كثيرة ، وهذه كتب القوم موجودة بين أيدينا ، والباحث الحرّ المنصف يمكنه العثور على تلك الروايات ، وتلك المواطن الكثيرة التي ذكر فيها رسول الله هذا الحديث.


(63)
    وأنا أذكر لكم بعض تلك المواطن ومصادر ورود حديث المنزلة فيها ، وأُحاول أن أختصر :

    المورد الاول : قصة المؤاخاة
    قال ابن أبي أوفى : لمّا آخى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بين أصحابه ، وآخى بين أبي بكر وعمر ، قال علي : يا رسول الله ذهب روحي ، وانقطع ظهري ، حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري ، فإن كان هذا من سخط عَلَيّ فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله : « والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي » ، قال : ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال : « ما ورّث الانبياء من قبلي » ، قال : ما ورّث الانبياء من قبلك ؟ قال : « كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم » ، وأنت معي في قصري في الجنّة ، مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي » ، ثمّ تلا رسول الله قوله تعالى : ( إخْوَاناً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ ).
    ذكر هذا الحديث الحافظ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى : ( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً

(64)
وَمِنَ النَّاسِ ) (1) ، ولاحظوا المناسبة بين هذا الحديث وبين الاية : ( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ).
    يروي السيوطي في الدر المنثور هذا الحديث : عن البغوي ، والباوردي ، وابن قانع ، والطبراني ، وابن عساكر (2).
    وهو أيضاً : في مناقب علي لاحمد (3) ، وفي الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة (4) ، وفي كنز العمال أيضاً عن مناقب علي (5).

    المورد الثاني : في حديث الدار ويوم الانذار
    ففي رواية أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير ذكر هذا اللفظ : « فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي ووزيري ووصيّي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ؟ » (6).
1 ـ سورة الحج : 75.
2 ـ الدر المنثور 6/76 ـ 77.
3 ـ فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : 142 رقم 207.
4 ـ الرياض النضرة 3/182 ، قطعة منه.
5 ـ كنز العمال 9/167 رقم 25554 و 13/105 رقم 36345.
6 ـ تفسير الثعلبي : مخطوط.


(65)
    المورد الثالث : في خطبة غدير خم
    وقد تقدم في بحث حديث الغدير.

    المورد الرابع : في قضية سد الابواب
    وقد أشرنا إليه ، وفي رواية هناك يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : « وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى » ، هذه الرواية رواها الفقيه ابن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين (1).

    المورد الخامس :
    هو المورد الذي قرأناه عن عمر بن الخطّاب عن مصادر كثيرة قال عمر : كفّوا عن ذكر علي ... إلى آخره.

    المورد السادس : في قضية ابنة حمزة سيّد الشهداء
    وذلك لمّا أتت من مكة ، وقدمت المدينة المنورة ، تخاصم فيها علي وجعفر وزيد ، في هذه القضية تحاكموا إلى رسول الله ، فقال
1 ـ مناقب الامام علي ( عليه السلام ) للمغازلي : 255 ـ 257.

(66)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : « أمّا أنت يا علي ، فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة ».
    روى هذا الخبر ابن عساكر في تاريخ دمشق (1) ، والخبر موجود : في مسند أحمد (2) ، وفي سنن البيهقي (3) ، وغيرهما من المصادر ، لكن بدل حديث المنزلة : « أنت منّي وأنا منك ».

    المورد السابع : في حديث عن جابر
    قال : جاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ونحن مضطجعون في المسجد قال رسول الله : « أترقدون بالمسجد ! إنّه لا يرقد فيه » ، فحينئذ خاطب عليّاً وكان علي فيهم قال : « تعال يا علي ، إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي ، أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة ».
    وهذا أيضاً في تاريخ دمشق (4).
1 ـ ترجمة الامام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1/368 رقم 409.
2 ـ مسند أحمد 1/185 رقم 933.
3 ـ سنن البيهقي 8/6.
4 ـ ترجمة الامام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1/290 رقم 329.


(67)
    المورد الثامن :
    « يا أُم سلمة ، إنّ عليّاً لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ».
    وهذا الحديث أيضاً في تاريخ دمشق (1).
    وهناك موارد أكثر ، وأنا تتبعت تلك الموارد وسجّلتها ، ولكن أكتفي بهذا المقدار لغرض الاختصار.
    فاندفعت المناقشات كلّها ، وتمّت دلالة حديث المنزلة على خلافة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

    وتتلخص وجوه الدلالة على الخلافة ، أي على كون الحديث نصّاً في الامامة ، تتلخص في :
    أوّلاً :
    تمنّيات بعض أكابر الاصحاب.
    ثانياً :
    تكرار النبي هذا الحديث.
    ثالثاً :
    القرائن الداخلية في هذا الحديث وفي ألفاظه
1 ـ ترجمة الامام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1/365 رقم 406.

(68)
المختلفة ، وأقرأ لكم عدّةً من تلك القرائن :
    منها قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا الحديث في حديث المنزلة : « لابدّ أنْ أُقيم أو تقيم » ، ممّا يدلّ على أنّه لا يمكن أن ينوب أحد مناب رسول الله في أمر من الاُمور غير علي ، ولهذا نظائر كثيرة ، منها إبلاغ سورة براءة إلى أهل مكة.
    ومن القرائن الداخلية أيضاً : قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « خلّفتك أنْ تكون خليفتي ».
    وهذا أيضاً قد تقدّم.
    ومنها : قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ـ إلى آخره ـ فإنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك ».
    أخرجه الحاكم في المستدرك قال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
    ومن القرائن أيضاً : قوله لعلي : « لك من الاجر مثل مالي ومالك من المغنم مثلما لي ».
    رواه صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرة (1).
    وفي حديث أيضاً من أحاديث المنزلة يقول رسول الله : « إنّه لا
1 ـ الرياض النضرة 3/119.

(69)
ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي ».
    وهذا الحديث صحيح قطعاً ، وهو موجود : في مسند أحمد (1) ، وفي مسند أبي يعلى ، وفي المستدرك (2) ، وفي تاريخ دمشق (3) ، وفي تاريخ ابن كثير (4) ، وفي الاصابة لابن حجر (5) ، وغيرها من المصادر.
    ومن القرائن قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « أنت خليفتي في كلّ مؤمن بعدي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى وأنت خليفتي في كلّ مؤمن بعدي ».
    وهو أيضاً بسند صحيح في خصائص علي للنسائي (6).
    وأمّا القرائن الخارجية فما أكثرها.
    وإلى الان انتهينا من البحث عن حديث المنزلة سنداً ودلالة ، وظهر : إنّ حديث المنزلة نصّ في خلافة رسول الله.
    ومن يسعى وراء حمل الامامة والخلافة بعد رسول الله على أن
1 ـ مسند أحمد 1/545 رقم 3052.
2 ـ مستدرك الحاكم 3/133 ـ 134.
3 ـ ترجمة الامام علي ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق 1/209 رقم 251.
4 ـ البداية والنهاية المجلد 4 الجزء 7/338.
5 ـ الاصابة لابن حجر 4/270 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.
6 ـ خصائص النسائي : 49 ـ 50.


(70)
يكون في المرتبة الرابعة ، عليه أنْ يثبت حقيّة خلافة المشايخ بالادلة القطعية ، حتّى يحمل الحديث على المرتبة الرابعة المتأخّرة عن عثمان ، وإلاّ فلا يتمّ هذا الحمل.
    وإنّه يدلّ هذا الحديث أيضاً على عصمة أمير المؤمنين.
    ويدلّ أيضاً على أفضليّة أمير المؤمنين من جهة الاعلميّة وغيرها.

    والان يعجبني أنْ أقرأ عليكم هذا الخبر ، وإن طال بنا المجلس :
    دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم على معاوية ، وهي عجوز كبيرة ، فقال لها معاوية : مرحباً بك يا خالة ، كيف أنت ؟
    فقالت : بخير يابن أُختي ، لقد كفرت النعمة ، وأسأت لابن عمّك الصحبة ، وتسمّيت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك ، وكنّا أهل البيت أعظم الناس في هذا الدين بلاءاً ، حتّى قبض الله نبيّه مشكوراً سعيه ، مرفوعاً منزلته ، فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي


(71)
وأُميّة ، فابتزّونا حقّنا ، ولّيتم علينا تحتجّون بقرابتكم من رسول الله ، ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الامر ، وكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان علي بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى.
    فقال لها عمرو بن العاص : كفّي أيّتها العجوز الضالّة ، وقصّري عن قولك مع ذهاب عقلك.
    فقالت : وأنت يابن النابغة ، تتكلّم وأُمّك كانت أشهر بغيّة بمكّة ، وأرخصهنّ أُجرة ، وادّعاك خمسة من قريش ، فسألتْ أُمّك عنهم فقالت : كلّهم أتاني ، فانظروا أشبههم به فألحقوه به ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل ، فألحقوك به.
    فقال مروان : كفّي أيّتها العجوز ، واقصري لما جئتي له.
    قالت : وأنت أيضاً يابن الزرقاء تتكلّم.
    ثمّ التفتت إلى معاوية فقالت : والله ما جرّأهم عَلَيّ هؤلاء غيرك ، فإنّ أُمّك القائلة في قتل حمزة :
نحن جزيناكُم بيومِ بدرِ ما كان لي في عُتبة من صبرِ والحربُ بعد الحربِ ذات سعرِ وشكرُ وحشي عَلَيّ دهري


(72)
حتّى ترمّ أعظمي في قبري
    فأجابتها بنت عمّي وهي تقول :
خزيتِ في بدر وبعدَ بدرِ يابنة جبّار عظيمِ الكفرِ
    فقال معاوية : عفى الله عمّا سلف يا خالة ، هات حاجتك.
    فقالت : مالي إليك حاجة ، وخرجت عنه.
    وفي رواية : قالت : أُريد ألفي دينار لاشتري بها عيناً فوّارة في أرض خرّارة ، تكون لفقراء بني الحارث بن عبد المطّلب ، وألفي دينار أُخرى أُزوّج بها فقراء بني الحارث ، وألفي دينار أُخرى أستعين بها على شدّة الزمان.
    فأمر لها معاوية بذلك.
    فأروى هذه ابنة عمّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، استشهدت بحديث المنزلة ، واستدلّت على إمامة أمير المؤمنين بهذا الحديث ، وشبّهت عليّاً بهارون ، وأيضاً : شبّهت أهل البيت ببني إسرائيل في آل فرعون.
    وهذا الخبر تجدونه مع اختلاف في بعض الالفاظ : في العقد الفريد ، وفي تاريخ أبي الفداء ، وفي روضة المناظر لابن الشحنة


(73)
الحنفي ، الذي هو أيضاً من التواريخ المعتبرة (1).
    وهكذا ، فقد تمّت الدلالة وسقطت المناقشات كلّها ، والحمد لله.

    ثانياً : المناقشات غير العلميّة
    وتصل النوبة الان إلى الطرق الاُخرى والاساليب غير العلمية في ردّ حديث المنزلة ، أذكرها باختصار وإنْ طال بنا المجلس ، لئلاّ يبقى شيء من البحث إلى الليلة القادمة.
    الطريق الاول :
    الطريق الذي مشوا عليه بعد المناقشات الفاشلة ، وهو : تحريف الحديث ، وبعد أنْ عرفوا أن لا جدوى في المكابرة في أسانيد الحديث ودلالاته رأى بعض النواصب أنْ لا مناص من تحريف الحديث ، ولكنْ ما أشنع تحريفه وما أقبح صنيعه ، إنّه حرّف الحديث تحريفاً لا يصدر من الكفّار.
1 ـ العقد الفريد 2/119 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ 1403 هـ.
    تاريخ أبي الفداء 1/188 ـ مكتبة المتنبي ـ القاهرة.
    روضة المناظر ـ هامش ابن كثير ـ حوادث سنة : 60.


(74)
    لاحظوا : في ترجمة حريز بن عثمان من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وأيضاً في كتاب تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، يروون عن حريز قوله :
    هذا الذي يرويه الناس عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنّه قال لعلي : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ، هذا حق ، ولكنْ أخطأ السامع ، يقول الراوي : قلت : ما هو ؟ قال : إنّما هو : أنت منّي بمنزلة قارون من موسى ، قلت : عمّن ترويه ؟ قال : سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر (1).
    فماذا تقولون لهذا الرجل ولرواة هذا الخبر ، ولكنّ الاسف كلّ الاسف أن يكون حَريز هذا من رجال البخاري ، أن يكون من رجال الصحاح سوى مسلم ، كلّهم يعتمدون عليه وينقلون عنه ويصحّحون خبره ، وعن أحمد بن حنبل أنّه عندما سئل عن هذا الرجل قال : ثقة ثقة ثقة.
    والحال أنّهم يذكرون بترجمة هذا الرجل : إنّه كان يشتم عليّاً ، ويتحامل عليه بشدّة ، نصّوا على أنّه كان ناصبيّاً ، وأنّه كان يقول : لا أُحبّ عليّاً قَتَل آبائي ، كان يقول : لنا إمامنا ـ يعني معاوية ـ ولكم
1 ـ تاريخ بغداد 8/268 رقم 4365 ـ دار الكتاب العربي ، تهذيب التهذيب 2/209 ـ دارالفكر ـ 1404 هـ.

(75)
إمامكم ـ يعني عليّاً ، وكان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة وبالعشيّ سبعين مرّة ، وقد نقلوا عنه أشياء أُخرى غير هذه الاشياء.
    مع ذلك يصحّحون خبره ، وأحمد بن حنبل يكرّر توثيقه : ثقة ثقة ثقة ! ويروي عنه البخاري وأصحاب الصحاح عدا مسلم.
    ومن هنا يمكن للباحث الحر أنْ يعرف موازين هؤلاء ومعاييرهم في تصحيح الحديث وتوثيق الراوي ، وأنّهم كيف يتعاملون مع علي وأهل البيت.
    الطريق الثاني :
    إنّه عَمَدَ بعضهم إلى وضع حديث المنزلة للشيخين ، فروى عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنّه قال : أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى.
    هذا الحديث يرويه الخطيب البغدادي ، وعنه المنّاوي في كتاب كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق ، وهو كتاب للمنّاوي مطبوع يروي فيه هذا الحديث عن الخطيب البغدادي ، والخطيب يرويه بسنده (1).
1 ـ تاريخ بغداد 11/385 رقم 6257 ، كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق ـ ط هامش الجامع الصغير ـ حرف الالف.
حديث المنزلة ::: فهرس