|
|||
(106)
فيما يحتاج الى بيان
والضابط فيه : أن كل ما لا يستقل بنفسه في معرفة المراد به ( فهو ) (1) مجمل.
وتقسيم ذلك أن نقول : الأدلة الشرعية : اما أقوال أو افعال. فالاقوال على ضربين : ما يستقل بنفسه في معرفة المراد [ به ] وهو [ ما ] يدل : اما بصريحه ، كقوله تعالى : « ولا يظلم ربك أحدا » (2) وقوله : « والله بكل شيء عليم » (3) أو بفحواه ، كقوله : « فلا تقل لهما أف » (4) وهذا حقيقة عرفية في نفي الاذية مطلقا. وقيل : يعلم ذلك بالقياس ، وهو باطل ، لأنه يعلمه من لا يستحضر القياس ومن لا يعتقد صحته أيضا. ومنه ما لا يستقل بنفسه ، وهو نوعان : أحدهما : يحتاج إلى بيان ما لم يرد منه ، كقوله تعالى : « والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما » (5) وهذا يصح التعلق به ، ومنهم من أدخله في حيز المجمل ، والاظهر ما ذكرناه [ والنوع ] الثاني : ما يفتقر إلى بيان ما أريد به ، وهو على أقسام : الاول : ما وضع في اللغة لمعنى واحد ، ( موجود ) (6) في أشخاص متعدده فانه بالنظر إليها أو إلى بعضها المعين ، مجمل ، كقوله تعالى : « وآتوا حقه 1 ـ في نسخة : هو. 2 ـ الكهف / 49. 3 ـ النساء / 176. 4 ـ الاسراء / 23. 5 ـ المائدة / 38. 6 ـ في نسخة : موضوع. (107)
يوم حصاده » (1).
الثاني : ما وضع لمعان [ مختلفة ] متعددة ـ وهو المشترك ـ فهو مجمل أيضا على ما مر بيانه ، كقوله تعالى : « ثلاثة قروء » (2) الثالث : ما استعمل في بعض موضوعه لمخصص ، [ مجمل ] ، كقوله تعالى : « احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم » (3). الرابع : ما استعمل في غير موضوعه وهو ضربان : [ أحدهما ] : الاسماء الشرعية ، منقولة كانت كقوله تعالى : « أقيموا الصلاة » (4) ( أو ) (5) مختصة كقوله تعالى : « ثم اتموا الصيام إلى الليل » (6) [ و ] الثاني : ما استعمل في مجازه ، وتساوت المجازات بالنسبة إليه ، فهو مجمل فيها. وأما الافعال : فكلها محتاجة إلى البيان ، لانها لا تنبئ عن الوجوه التي وقعت عليها ، [ وقد يقترن بها ما ينبئ عن الوجوه التي وقعت عليها ] كما إذا رؤي مثلا أنه صلى صلاة جماعة بأذان واقامة ، علم أنها واجبة ، لأن ذلك من دلائل الوجوب. فيما أدخل في المجمل ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : التحريم والتحليل المعلقان على الاعيان ، ينصرف إلى
1 ـ الانعام / 141. 2 ـ البقرة / 228. 3 ـ المائدة / 1. 4 ـ البقرة / 43. 5 ـ في نسخة : و. 6 ـ البقرة / 187. (108)
المنفعة المطلوبة من تلك العين عرفا ، وقال أبو عبد الله : هو مجمل.
لنا أن الذهن يسبق إلى ذلك ، فان القائل : [ هذا الطعام حرام ، يسبق إلى الذهن تحريم أكله. و ] هذه المرأة حرام يسبق إلى الذهن تحريم الاستمتاع بها ، وسبق الذهن إلى الشيء دلالة على كون اللفظ حقيقة فيه. احتج بأن الاعيان غير مقدورة ، فلا يتناولها النهي ، وليس مجاز أولى من مجاز ، فوجب التوقف. وجوابه : منع الثانية ، لقيام الاولوية البادية ، بقضية العرف. المسألة الثانية : قال الشيخ أبو جعفر « ره » : الباء في قوله تعالى : « وامسحوا برؤوسكم » (1) للتبعيض ، لأن الفعل متعد بنفسه ، فلولم تفد التبعيض لم يكن ( ثمة ) (2) فائدة. وقال القاضي تفيد الالصاق فحسب ، كما تقول : امسح يدك بالمنديل ، فانه يوجب الصاق يده بالمنديل ، اما بكله ، أو ببعضه. وقال بعض العراقيين : هي مجملة ، لانها تحتمل مسح الكل والبعض ، فإذا مسح النبي صلى الله عليه وآله بناصيته ، كان ذلك بيانا للمجمل. المسألة الثالثة : حرف النفي إذا دخل على المصدر كقوله : لا صلاة الا بطهور ، قال أبو عبد الله البصري : هو مجمل. وقال قوم : ان كان الفعل شرعيا ، انتفى عند انتفاء الصفة المذكورة ، كقوله : لا صلاة الا بفاتحة الكتاب » ، لأن الشرع ( أخبر ) (3) بانتفاء ذلك ، و ان كان حقيقة انصرف إلى حكمه : فان كان له حكم واحد ، انتفى ذلك الحكم 1 ـ المائدة / 6. 2 ـ في نسخة : ثم. 3 ـ في نسخة : أخبرنا. (109)
كقوله : لا شهادة لقاذف » ، وان كان له أحكام متساوية ، كان مجملا.
في البيان ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : البيان يقع بأشياء :
الاول : القول ، وهو ظاهر. الثاني : الكتابة ، كما بين الله تعالى لملائكته بما كتبه في اللوح ، والرسول بما كتبه لعماله ، والائمة من بعده. الثالث : الاشارة ، كما قال : الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، بأصابعه العشر ثم أعاد وحبس اصبعه في الثالثة ، وهذا القسم لا يصح في حق الله تعالى ، ( لافتقاره ) (1) إلى الاعضاء ، واستحالتها قي حقه تعالى. الرابع : الفعل ، وأنكر ذلك قوم ، والاصح جوازه ، كما بين النبي صلى الله عليه وآله الحج والوضوء بفعله ، ولا يكون [ ذلك ] بيانا حتى يعلم ذلك من قصده ، أو بنصه كقوله : « صلوا كما رأيتموني أصلي » ، أو بالدليل العقلي ، كما إذا فعل وقت الحاجة إلى بيان الخطاب. [ الخامس ] الترك ، كأن يتركه صلى الله عليه وآله ـ بعد فعله ـ عمدا ، [ أ ] ويكون الخطاب متناولا له ولامته ، ثم يتركه ، فيعلم خروجه ( عن ) (2) العموم. فرعان
الاول : الفعل أكشف من القول في البيان ، لأن الفعل ينبئ عن صفة
1 ـ في نسخة : لافتقارها. 2 ـ في نسخة : من. (110)
المبين عيانا ، والقول اخبار عن تلك الصفة ، وليس الخبر كالعيان.
الفرع الثاني : إذا ورد عقيب المجمل قول وفعل ، يحتمل أن يكون كل واحد منهما بيانا ، فان لم يتنافيا ، وعلم تقدم أحدهما ، كان هو البيان ، والثاني تأكيدا ، وان جهل ، كانا سواء في الاحتمال وان تنافيا ، وعلم تقدم أحدهما كان هو البيان ، ( وان ) (1) جهل ، كان القول هو البيان دون الفعل ، لأنه يدل بنفسه ، وليس كذلك الفعل. المسألة الثانية : لا يجب أن يكون البيان كالمبين في القوة ، خلافا للكرخي فانه لا يعمل بخبر الاوساق ، مع قوله عليه السلام : « فيما سقت السماء العشر ». وانما قلنا ذلك لأنه لا يمتنع تعلق المصلحة به ، وهو متضمن لحكم شرعي عملي ، فجاز استفادته بالخبر المظنون ، على ما سيأتي انشاء الله تعالى. في المبين له ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : يجوز أن يؤخر النبي صلى الله عليه وآله [ تبليغ ] العبادة إلى وقت الحاجة إليها ، وأو جبه قوم قبل الحاجة.
لنا : لو علم ذلك ، لعلم اما سمعا أو عقلا ، والقسمان ( منتفيان ) (2). احتجوا : بقوله تعالى : « يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك » (3) والامر للفور. 1 ـ في نسخة : فان. 2 ـ في بعض النسخ : منفيان. 3 ـ المائدة / 67. (111)
وجوابه : أن المراد بذلك القرآن ، لأنه هو المستفاد عند اطلاق التنزيل.
المسألة الثانية : لا خلاف بين أهل العدل أن تأخير البيان ( عن ) (1) وقت الحاجة غير جائز ، إذا لم يكن للمكلف طريق إلى معرفة ما كلف به الا بالبيان والا لكان تكليفا بما لا يطاق. واختلفوا في جواز تأخيره عن وقت الخطاب ، فأجازه جماعة من الشافعية مطلقا. وأنكره أبو علي ، وأبو هاشم. وأجاز أبو الحسين تأخير ما لا ظاهر له ومنع من تأخير ما له ظاهر استعمل في خلافه كالعام ( إذا أريد به ) (2) الخصوص والنكرة إذا أريد بها المعين ، والاسماء الشرعية. احتج الاولون بوجوه. الاول : أن البيان انما يراد ليتمكن المكلف من الاتيان بما كلف [ به ] ، فلا حاجة إليه عند الخطاب ، كما لم يجب تقديم القدرة. الثاني : لو قبح تأخيره زمانا طويلا ، لقبح تأخيره زمانا قصيرا. الثالث : لو قبح تأخير بيان العام ، لقبح [ تأخير ] بيان المنسوخ. الرابع : قوله تعالى : « فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه » (3) ، و « ثم » للتراخي. الخامس : أمره تعالى بني اسرائيل بذبح بقرة ، وهو لا يريد الاطلاق ، و أخر بيان صفتها إلى ما بعد السؤال. لا يقال : البيان توجه إلى تكليف ثان ، لأن ظاهر الكنايات العود إلى المذكور. ويمكن أن يجاب عن الاول : بأنا لا نسلم انحصار فائدة الخطاب فيما ذكرتم 1 ـ في نسخة : عند. 2 ـ في نسخة : كالعام في الخصوص. 3 ـ القيامة / 18 ـ 19. (112)
بل له فائدة أخرى ، وهو ارتفاع العبث وازالة الاغراء باعتقاد الجهل ، وهذه الفائدة لا تحصل الا مع مقارنة البيان للخطاب.
وعن الثاني : باظهار الفرق ، ومنع الملازمة ، فان الانسان قد يتكلم بما لا يفهم أصلا ، ثم يبينه في الحال ، ولا يقبح ذلك منه ، ويقبح أن يتراخى ببيانه عن الزمان القصير ، ولأن الكلام إذا اتصل به البيان صار كالجملة الواحدة. وعن الثالث : بالتزام التسوية بين النسخ والخصوص ، فانه لا يجوز اسماع المنسوخ الا مع الاشعار بالنسخ. وعن الرابع : بأن ظاهر الكناية عودها إلى جميع القرآن ، وكله لا يفتقر إلى بيان. فان قلت : يجب تنزيلها على ما يفتقر منه إلى ( بيان ) (1) كالمجمل و العموم. قلت : ليس ( ما ذكرته ) (2) أولى من التمسك بظاهر الكناية ، ويكون البيان اظهاره بالتنزيل ، أو يكون اشارة إلى ( بيان التفصيل ) (3). احتج أبو الحسين : بأنه لو تأخر بيان ما له ظاهر ، لكان المخاطب : اما أن يريد افهامنا بذلك ، واما أن لا يريد (4) ، ويلزم من الاول بطلان كونه خطابا. ومن الثاني تكليف ما لا يطاق ، أو الاغراء باعتقاد الجهل ، لأنه ان أراد منا فهم ظاهره ، لزم الاغراء بالجهل ، والا ( لكان ) (5) تكليفا بما لا سبيل إليه. وهذا ينتقض بجواز تأخير النسخ ، وبأنه قد يتوجه الخطاب إلى من يموت 1 ـ في نسخة : البيان. 2 ـ في نسخة : ما ذكره وفي أخرى : ما ذكرتم. 3 ـ في بعض النسخ : البيان التفصيلي. 4 ـ في نسخة : اما أن لا يريد افهامنا بذلك واما أن يريد. 5 ـ في نسخة : كان. (113)
قبل تمكنه من الاتيان بالفعل ، فيعلم خروجه عن الخطاب ، ولم ( يبين ) (1) ذلك.
واحتج أبو هاشم : بأنه لو جاز تأخير بيان المجمل ، لجاز مخاطبة العربي بالزنجية ، ولا يبين له في الحال ، والجامع : كون السامع لا يعرف المراد في الحالين. وجوابه : منع الملازمة ، وابداء الفرق ، وهو أن العربي لا يفهم موضوع الزنجية ، وليس كذلك في صورة النزاع ، لأن السامع يعلم أن المتكلم أراد أحد محتملات اللفظ ، وقد يتعلق الغرض بابانة مثل ذلك القدر. المسألة الثالثة : يجوز اسماع العام من لم يعرف الخاص ، سواءا كان المخصص عقليا أو شرعيا ، خلاف لأبي الهذيل ، وأبي علي. لنا : حصول الاتفاق على جواز اسماع العام المخصوص بالعقل ، فليجز مثله في الخصوص بالنقل ، والجامع : كون السامع في كل واحد من الامرين يتمكن من فهم المراد. احتج الخصم بوجهين : أحدهما : لو جاز ذلك لزم الاغراء بالجهل ، أو الخطاب بما لا يفهم. الثاني : لو جاز ذلك لما جاز العمل بالعام الا بعد العلم بانتفاء المخصص وذلك يسد باب الاستدلال بالعمومات. وجواب الاول : أن الاغراء والجهل منتفيان ، لأن السامع يجوز التخصيص فيسعى في طلب المخصص. وجواب الثاني : ان غلبة الظن بانتفاء المخصص ، تكفى في جواز العمل بالعام. 1 ـ في نسخة : تبين. (114)
(115)
(116)
(117)
في أفعال النبي صلى الله عليه وآله ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : التأسي في الفعل ( هو ) (1) أن يفعل صورة ما فعل ( النبي صلى الله عليه وآله ) (2) على الوجه الذي فعل ، لاجل أنه فعل.
وفي الترك : هو أن يترك مثل الذي ترك ، لاجل أنه ترك. والاتباع : قد يكون في القول ، وهو : امتثال مقتضاه من وجوب أو ندب أو حظر ، وقد يكون في الفعل والترك ، وهو مثل التأسي. والموافقة : هي المشاركة في صورة ما يشتركان فيه ، سواءا كان في عقيدة أو في فعل. والمخالفة : قد تكون في القول ، وهي : العدول عن مقتضاه. وفي الفعل ، وهي : العدول عن مثل فعله إذا وجب ، لأنه لو لم يجب ، لم يسم العادل مخالفا كما لا يقال : الحائض مخالفة للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في ترك الصلاة. والائتمام : هو فعل مثل ما فعله [ تبعا له ]. 1 ـ في نسخة : وهو. 2 ـ في بعض النسخ : الغير. (118)
المسألة الثانية : أفعال النبي صلى الله عليه وآله :
ان كانت بيانا لمجمل واجب ، كانت على الوجوب في حقنا ، أو لمندوب كانت كذلك في حقنا. وان لم تكن بيانا ، وكانت شرعية ، ولم يعلم الوجه الذي وقعت عليه ، قال ابن سريج : تدل على الوجوب في حقنا ، وقال الشافعي. تدل على الندب ، و قال مالك : على الاباحة ، والاولى : التوقف. لنا : ان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ فعل الواجب وغيره ، ولا اشعار للفعل بوجهه الذي وقع عليه ، ومع تساوي الاحتمال يجب التوقف. احتج القائلون بالوجوب : بالقرآن والاجماع : أما القرآن : فبقوله تعالى : « فليحذر الذين يخالفون عن أمره » (1) ، والامر حقيقة في الفعل ، وقوله تعالى : « لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة » (2) و قوله : « فاتبعوه » (3). وأما الاجماع : فلان الصحابة خلعوا نعالهم لما خلع ، وحلقوا لما حلق ، وذبحوا لما ذبح ، ورجعوا إلى قول عائشة في الغسل من [ التقاء ] الختانين. وجواب الاول : لا نسلم ان الأمر حقيقة في الفعل ، سلمنا [ ه ] لكن المشترك لا ينزل على كلا معنييه ، بل على أحدهما ، والقول مراد قطعا ، فالفعل غير مراد. 1 ـ النور / 63. 2 ـ الاحزاب / 21. 3 ـ هذه الكلمة وردت في قوله تعالى : « وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه » الانعام / 153. ولكن ما يصلح للاستدلال هنا هو قوله تعالى : « فآمنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه » الاعراف / 158. (119)
وجواب الثاني : لا نسلم أن التأسي هو الاتيان بمثل فعل الرسول صلى الله عليه وآله ، بل الاتيان به على الوجه الذي فعل ، كما بيناه ، وهو الجواب عن الآية الاخرى.
وأما الاجماع : فلا نسلم أنهم فعلوه لاجل فعله مطلقا ، بل لعله كان بين ذلك لهم. المسألة الثالثة : إذا علم الوجه الذي وقع عليه فعله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، قال أبو جعفر الطوسي « ره » : يجب اتباعه في ذلك ، وهو اختيار أبي الحسين البصري ، و توقف قوم في ذلك. احتج الاولون بوجهين : أحدهما : قوله تعالى : « لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة » (1) وقوله : « فاتبعوه ». [ و ] الثاني : الاجماع في الرجوع إلى أفعاله في تعريف الاحكام الشرعية. ويمكن أن يجاب عن الاول : ( بأن ) (2) الاسوة ليست من ألفاظ العموم ، فتصدق بالمرة الواحدة ، وقد توافقنا على وجوب التأسي [ به ] في بعض الاشياء ، فلعل ذلك هو المراد ، وهذا هو الجواب عن الآية الاخرى. لا يقال : العرف يقضي بوجوب التأسي به في كل الأمور ، لأنه لا يقال : فلان أسوة لفلان ، إذا كان أسوة له في أمر واحد. لأنا نقول : هذا ممنوع ، فلابد له من دليل. وأما الاجماع : فهو ( استدلال ) (3) بصورة خاصة على قضية عامة ، ولئن 1 ـ الاحزاب / 21. 2 ـ في نسخة : أن. 3 ـ في نسخة : الاستدلال. (120)
سلمنا حصوله في تلك الصورة ، فتعديته قياس.
في الوجوه التي تقع عليها أفعاله ، وفي حكم التعارض ، وفيه مسألتان :
المسألة الاولى : فعله عليه السلام قد يكون بيانا ، ويعلم ذلك بوجهين :
أحدهما : أن يتقدم فعله خطاب يفتقر إلى بيان ، ( ويعدم ) (1) ما يمكن أن يكون بيانا له. الثاني : أن ينص على كون فعله ( بيانا لخطاب ) (2). وقد يكون فعله ابتداء شرع ، فيكون واجبا أو مندوبا أو مباحا. فالواجب يعلم بخمس طرق : بنصه على الوجوب ، أو بكون فعله بيانا لواجب ، أو يفعل ـ عليه السلام ـ معه امارة تدل على الوجوب ، أو يفعله بدلا ( من ) (3) واجب ، أو يكون الفعل قبيحا لو لم يكن واجبا كركوعين في ركعة ، ذكره أبو الحسين. والمندوب يعلم بأربعة أشياء : بنصه ـ عليه السلام ـ ، أو يعلم أن له صفة زائدة على حسنه ولا تدل دلالة على وجوبه ، أو يكون بيانا لخطاب يدل على الندبية ، أو يكون امتثالا لخطاب دال عليها. والاباحة تعلم بأربعة أشياء : بأن يعلم ذلك من قصده اما بنص أو امارة ، أو يدل على حسنه ولا تدل دلالة على وجوبه ولا ندبه ، أو يكون بيانا لخطاب 1 ـ في نسخة : تقدم ، وفي أخرى : يقدم. 2 ـ في نسخة : بيان الخطاب. 3 ـ في بعض النسخ : عن. |
|||
|