معارج الاصول ::: 166 ـ 180
(166)
لكان نسخا للاجزاء ، لا نسخا للعبادة.
    المسألة الخامسة : يعلم النسخ بأن يقال : هذا ناسخ ، وذاك منسوخ ، أو يكون حكم أحد الدليلين مضادا لحكم آخر ، فيكون المتأخر ناسخا ، ويعلم التاريخ بوجوه :
    منها : أن يتضمن لفظ أحدهما ما يدل على التأخر أو التقدم.
    ومنها : أن يضاف أحدهما إلى زمان أو مكان يعلم منه التقدم أو التأخر.
    ومنها : أن يروي احدى الروايتين عن النبي صلى الله عليه وآله من انقطعت صحبته عند تجدد صحبة راوي الاخرى.
    وهل يقبل قول الصحابي إذا قال : كذا منسوخ مطلقا ، أو منسوخ بكذا ؟ الاظهر : لا ، إذ يجوز ان يكون قال ذلك اجتهادا ، لا عن سماع ، وقد يخطئ المجتهد.

في مباحث متعلقة بالناسخ ، وفيه مسائل :
    المسألة الاولى : من شرط الناسخ أن يكون المراد به غير المراد بالمنسوخ نفسه ، إذ لو اريد ازالة المنسوخ نفسه لكان أمرا بنفس ما نهى عنه ، ويلزم من هذا البداء.
    المسألة الثانية : من شرط الناسخ أن يكون متراخيا ، لأنه لو كان متصلا لما كان نسخا ، كما في قوله تعالى : « ولا تقربوهن حتى يطهرن » (1) ( وقوله ) (2)
1 ـ البقرة / 222
2 ـ في نسخة : وكقوله


(167)
تعالى : « ثم اتموا الصيام إلى الليل » (1) بل ذلك بالتقييد والتخصيص أشبه.
    المسألة الثالثة : من شرط [ الناسخ ] أن يكون في قوة المنسوخ ، فلا ينسخ المتواتر بالآحاد ، ولا المعلوم بالمظنون كالقياس وما شاكله.

في مباحث متعلقة بالمنسوخ ، وربما وقعت مشتركة ، وفيه مسائل :
    المسألة الاولى : إذا تضمن الدليل الاول لفظ التأبيد ، هل يجوز نسخه ؟.
    أنكره قوم ، والحق خلافه ، لأنه قد يستعمل فيما لايراد به الدوام ، فانه يقال تعلم العلم أبدا. ولو سلمنا أنه حقيقة في الدوام ، لكان ورود الناسخ يدل على أنه لم يرد به الدوام ، وكما أن العام حقيقة في الاستغراق ثم مع ورود المخصص يعلم أنه لم يرد ، فكذا هنا.
    المسألة الثانية : يجوز نسخ الحكم لا إلى بدل ، ومنعه قوم.
    لنا : نسخ الصدقة بين يدي المناجاة لا إلى بدل ، ولأن النسخ تابع للمصلحة فإذا كان الشيء مصلحة في وقت امر به ، وإذا انقلب [ إلى ] مفسدة نهي عنه ، ( ثم لا يلزم ) (2) البدل.
    المسألة الثالثة : لابد أن يكون المنسوخ مطلقا غير موقت بوقت معين لأنه لو وقت لم يكن ذلك نسخا ، لأن شرط تسميته أن يثبت الحكم لولا الدليل المتراخي ، وذلك غير حاصل في هذه الصورة.
    المسألة الرابعة : لا يجوز نسخ الشيء قبل وقت فعله ، مثل أن يأمر في
1 ـ البقرة / 187
2 ـ في نسخة : ولا يلزم


(168)
أول النهار بصلاة ركعتين عند الزوال ، ثم ينسخهما قبل ذلك ، وهو اختيار المرتضى « ره » ، وأبي جعفر ره. وقال المفيد « ره » : ( يجوز ) (1) ذلك ، وهو اختيار جماعة من الفقهاء والاشعرية.
    لنا : لو وقع ذلك ، لزم أن يأمر بنفس ما نهى عنه ، لكن ذلك محال لوجهين :
    الاول : أن الأمر يقتضي كونه حسنا ، والنهي يقتضي كونه قبيحا ، فيلزم كونه حسنا قبيحا معا.
    [ و ] الثاني : أن الفعل الواحد اما أن يكون حسنا ، واما أن يكون قبيحا [ فبتقدير أن يكون حسنا يلزم قبح النهي عنه ، وبتقدير أن يكون قبيحا ] يقبح الأمر به.
    احتج المجيز لذلك بوجوه :
    الاول : قوله تعالى : « يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب » (2).
    الثاني : انه تعالى أمر ابراهيم عليه السلام بذبح اسماعيل ، ثم نسخ ذلك قبل ذبحه.
    الثالث : ما روي أن النبي صلى الله عليه وآله أمر ليلة المعراج بخمسين صلاة ، ثم اقتصر به على خمس.
    ولان المصلحة قد تتعلق بنفس الأمر والنهي ، فجاز الاقتصار علهيما من دون ارادة فعل [ الاول وترك الثاني ].
    والجواب عن الاول : أن المحو والاثبات معلقان على المشيئة ، فلا نسلم
1 ـ في بعض النسخ : بجواز
2 ـ الرعد / 39


(169)
أنه يشاء مثل هذا القدر ، على أنه ( يحتمل ) (1) أن يكون يمحو ما يشاء مما يثبته غيره ، وكذلك يثبت ما يشاء ، فمن أين أنه يمحو ما يثبته هو تعالى.
    وقد قيل أن الحفظة تثبت على العبد معاصيه وطاعاته ، فيمحو الله سبحانه ما يشاء من المعاصي ، وهذا وان لم يكن معلوما ، فهو محتمل ، وبمثله يخرج الاحتجاج عن اليقين.
    والجواب عن الثاني : لم لا يجوز أن يكون الأمر كان بمقدمات الذبح ؟ و يكون الذبح ـ وان نطق به ـ غير مراد ، ويدل على ذلك قوله تعالى : « قد صدقت الرؤيا » (2).
    لا يقال : لو كان [ ذلك ] ، مرادا لما قال : « فانظر ماذا ترى » (3) ولما قال : « ان هذا لهو البلاء المبين » (4) ولما قال : « وفديناه بذبح عظيم » (5).
    لأنا نقول : غلب على ظن ابراهيم أن المراد الذبح ، فلهذا قال « ماذا ترى » وبواسطة ذلك الظن قال : « ان هذا لهو البلاء المبين ». وأما الفداء فقد يجوز أن يسمى بذلك وان لم يجب ذبح المفدى ، لمكان ظن ابراهيم أنه تعالى أراد الذبح.
    والجواب عن الثالث : أنه خبر واحد ، لا يثبت بمثله مسائل الاصول ، على أن فيه طعنا على الانبياء بالاقدام على المراجعة في الاوامر المطلقة.
    والجوب عن الرابع : أن الأمر والنهي يتبعان متعلقهما ، فان كان حسنا
1 ـ في نسخة : محتمل
2 ـ الصافات / 105
3 ـ الصافات / 102
4 ـ الصافات / 106
5 ـ الصافات / 107


(170)
كانا كذلك ، والا قبيحا ، على أنه لو كان الأمر كذلك ، لم يكن متعلق الأمر مرادا ، فلا يكون مأمورا به فلا يكون النسخ متناولا له.
    المسألة الخامسة : النسخ في القرآن جائز ، ويدل على ذلك وقوعه ، كنسخ عدة الوفاة بالحول إلى أربعة أشهر وعشر ، وكنسخ الصدقة أمام المناجاة ، وكنسخ الفرار من الزحف من العشرة.
    احتج المانع : بقوله تعالى : « لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه » (1)
    والجواب : لا نسلم أن النسخ باطل ، ولا يلزم من كونه ابطالا ، أن يكون باطلا. سلمناه جدلا ، لكن لم لا يجوز أن يكون « مابين يديه » اشارة إلى كتب الانبياء المتقدمة ؟ و « خلفه » اشارة إلى ما [ يكون ] بعد النبي صلى الله عليه وآله أو بعد كمال نزوله ، وهذا الاحتمال كاف في ابطال الاحتجاج.
    المسألة السادسة : نسخ الحكم دون التلاوة جائز ، وواقع ، كنسخ الاعتداد بالحول ، وكنسخ الامساك في البيوت.
    كذلك نسخ التلاوة مع بقاء الحكم جائز ، وقيل : واقع ، كما يقال انه كان في القرآن زيادة نسخت ، وهذا و ( ان لم يكن ) (2) معلوما ، فانه يجوز.
    لا يقال : لو نسخ الحكم ( لما ) (3) بقي في التلاوة فائدة ، فانه من الجائز أن يشتمل على مصلحة تقتضي ابقائها ، وأما بطلان دلالتها فلا نسلم ، فان الدلالة باقية على الحكم ، نعم لا يجب العمل به.
    المسألة السابعة : يجوز دخول النسخ في الاخبار التي تتضمن معنى الأمر ومعنى النهي ، كما يجوز في الأمر والنهى. وكذلك في الخبر المأمور به ،
1 ـ فصلت / 42
2 ـ في نسخة : لو لم يكن
3 ـ في نسخة : ما


(171)
كالاخبار بالتوحيد والعدل ، فيؤمر بذلك الخبر تارة ، وينهى عنه أخرى بحسب اختلاف المصلحة ، وهذا لا بحث فيه.
    وهل يجوز أن يخبر الله تعالى بخبر محض ، ثم يخبر بخلافه ؟ نظر ، فان كان ذلك المخبر مما يتغير مدلول الخبر فيه ، أمكن ذلك ، والا لم ( يجز ) (1).
    المسألة الثامنة : نسخ الكتاب بالكتاب جائز ، والسنة المتواترة بمثلها ، والآحاد بالآحاد ، كما قيل في ادخار لحوم الاضاحي ، وزيارة القبور.
    وهل يجوز نسخ السنة المتواترة بخبر الواحد ؟ منعه الأكثرون ، وهو الحق وقال قوم من أهل الظاهر بجوازه.
    لنا : وجوه :
    أحدها : أن ( خبر ) (3) الواحد مظنون ، والمتواتر معلوم ، ولا يجوز ترك المعلوم للمظنون.
    الثاني : ان خبر الواحد مختلف في العمل [ به ] ، وليس كذلك المتواتر ، فيكون العمل بالمتفق عليه أولى.
    الثالث : لو وجب العمل بخبر الواحد لكونه منسوبا إلى صاحب الشرع ، لوجب في المتواتر ، فيلزم التناقض ، ولو عمل بالمتواتر لكونه متواترا ، لم يلزم العمل بالخبر الواحد ، فلا يلزم التناقض.
    احتج الخصم بوجهين :
    أحدهما : يجوز التخصيص به ، فيجوز النسخ به.
    الثاني : وقع النسخ به ، كما في قوله تعالى : « واحل لكم ما وراء ذلكم » (3)
1 ـ يظهر من احدى النسخ ( يخبر )
2 ـ في نسخة : الخبر
3 ـ النساء / 24


(172)
    بقوله : « لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ».
    وقوله تعالى : « قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه » (1) بنهيه عن كل ذى ناب من السباع.
    والجواب عن الاول : أن نمنع تخصيص الكتاب بخبر الواحد. ثم لو سلمناه لما لزم من التخصيص النسخ ، لأن النسخ ازالة الحكم ، والتخصيص ليس كذلك.
    وعن الثاني : لا نسلم أن ذلك نسخ ، بل هو تخصيص ، على أنا لا نسلم أن التخصيص واقع بمجرد الخبر ، بل لكون الامة تلقته بالقبول وذلك غير ما نحن فيه.
    المسألة التاسعة : يجوز نسخ السنة المتواترة بالقرآن ، خلافا للشافعي.
    لنا : وقوعه ، فان استقبال بيت المقدس نسخ بقوله : « فول وجهك شطر المسجد الحرام » (2) وتحريم المباشرة : [ بالليل ] نسخ : بقوله « فالان باشروهن » (3)
    احتج الشافعي : بقوله تعالى : « لتبين للناس ما نزل إليهم » (4) فلو نسخ قوله بالقرآن [ حتى يتبين ] ، لما كان قوله بيانا.
    والجواب : لا نسلم أنه يلزم من كونه مبينا ما نزل الينا ، أن لا يكون في المنزل [ بيان ] لبعض أقواله.
    المسألة العاشرة : نسخ الكتاب بالسنة المتواترة واقع ، وحكى عن الشافعي انكاره.
1 ـ الانعام / 145
2 ـ البقرة / 144
3 ـ البقرة / 187
4 ـ النحل / 44


(173)
    لنا : ان السنة المتواترة يقينية ، فتكون مساوية للقرآن في اليقين ، فكما جاز نسخ الكتاب بالكتاب ، جاز نسخه بالسنة المساوية في العلم ، ولأن الزانية كان يجب امساكها في البيوت ، ونسخ ذلك بالرجم في المحصنة.
    احتج المانع : بقوله تعالى : « ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها » (1) والسنة ليست مماثلة للقرآن.
    وبقوله : « قل ما يكون لي أن أبد له من تلقاء نفسي ان أتبع الا ما يوحى إلى » (2).
    والجواب عن الاول : انه لا يلزم أن يكون المأتى به عوض المنسوخ ناسخا ، فلم لا يجوز أن تنسخ الآية بالسنة وهي دونها ، ثم يأتي الله بآية خير من المنسوخة ولا تتضمن حكم النسخ.
    والجواب عن الثاني : أنا نسلم أنه لايبد له الا بوحى من الله ، ولا يلزم أن يكون الناسخ قرآنا ، بل يجوز أن يكون الأمر بالنطق بالناسخ قرآنا ، وذلك [ مما ] لا ينافي ما قصدنا.
    المسألة الحادية عشرة : في الاجماع ، هل ينسخ وينسخ به أم لا ؟ يحتاج ذلك إلى تقديم مقدمة :
    وهي ان الاجماع هل يمكن استقراره قبل انقطاع الوحي أم لا ؟ أنكر ذلك الجمهور بأجمعهم ، وأجازه بعض أصحابنا.
    أما الجمهور فقالوا : إذا اتفق المسلمون على شيء في زمن النبي صلى الله عليه وآله فان كان منضما إلى قوله صلى الله عليه وآله ففيه الحجة ، لا في قول غيره ، فلم يكن اجماعا ، وان كان منفردا عن قوله صلى الله عليه وآله لم يعتد به.
1 ـ البقرة / 106
2 ـ يونس / 15


(174)
    وأما المرتضى « ره » فانه أجاز وقوع الاجماع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بناءا على أن الاجماع هو اتفاق من يعلم أن المعصوم عليه السلام في جملتهم ، وبأن الأدلة التي استدلوا بها على صحة الاجماع لا تختص بما بعد انقطاع الوحي.
    وقول الجمهور : لا اعتبار بقول الجماعة ، ضعيف ، لأنه لولا اتفاق الجماعة لما علم قول النبي صلى الله عليه وآله فكان اتفاقهم منضما إلى قوله من غير تعيين حجة.
    إذا عرفت هذا فنقول : اختلف أصحابنا في الاجماع ، هل ينسخ وينسخ به ؟ فقال المرتضى « ره » : يجوز ذلك عقلا ، لكن الاجماع منع منه. وقال [ شيخنا أبو جعفر ] الطوسي : الاجماع دليل عقلي ، والنسخ لا يكون الا بدليل شرعى ، فلم يتحقق النسخ فيما يكون مستنده العقل ، وقال بعض المتأخرين : الاجماع لا يكون الا اتفاقا ، ولا يكون الا عن مستند قطعي ، فيكون الناسخ ذلك المستند لا نفس الاجماع ، وفي هذه الوجوه اشكال.
    والذي يجيء على مذهبنا أنه يصح دخول النسخ فيه ، بناءا على أن الاجماع انضمام اقوال إلى قول لو انفرد لكانت الحجة ، فيه ، فجائز حصول مثل هذا في زمن النبي صلى الله عليه وآله ثم ينسخ ذلك الحكم بدلالة شرعية متراخية ، و كذلك يجوز ارتفاع الحكم المعلوم من السنة أو القرآن بأقوال يدخل في جملتها قول النبي صلى الله عليه وآله.
    المسألة الثانية عشرة : هل يدخل النسخ فحوى الخطاب ؟ الحق : نعم ، لأنه دليل شرعي ، فجاز رفع الحكم الثابت به ، كغيره من الأدلة ، لكن يجوز رفع المنطوق والفحوى ، [ ورفع الفحوى ] دون المنطوق ، إذا تعلقت به مصلحة وان كان فيه بعد.


(175)
    وهل يجوز رفع المنطوق به دون ما دلت عليه الفحوى ؟ هذا جائز ، و أنكر ذلك قوم ، وزعموا أن الفحوى انما علمت تبعا [ للتصريح ] (1) فإذا رفع الاصل تبعه الفرع.
1 ـ في نسخة : للصريح


(176)

(177)


(178)

(179)
    وفيه مسائل :
    المسألة الاولى : في حقيقة الاجتهاد.
    الاجتهاد : افتعال من الجهد ، وهو في الوضع : بذل المجهود في طلب المراد مع المشقة ، لأنه يقال : « اجتهد » في حمل الثقيل ، ولا يقال ذلك في حمل الحقير.
    وهو في عرف الفقهاء : بذل الجهد في استخراج الاحكام الشرعية ، و بهذا الاعتبار يكون استخراج الاحكام من أدلة الشرع اجتهادا ، لانها ( تبتنى ) (1) على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، وسواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد.
    فان قيل : يلزم على هذا أن يكون الامامية من أهل الاجتهاد.
    قلنا : الأمر كذلك ، لكن فيه ( ايهام ) (2) من حيث أن القياس من جملة
1 ـ في نسخة : تبنى.
2 ـ كذا الظاهر وفي النسخ : ابهام.


(180)
الاجتهاد ، فإذا استثنى القياس كنا من أهل الاجتهاد في تحصيل الاحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس.
    المسألة الثانية : لا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله متعبدا بالقياس في الاحكام الشرعية ، لأنا نستدل [ على ] أن العبادة لم ترد بالعمل به.
    وهل يجوز أن يكون متعبدا باستخراج الاحكام الشرعية بالطرق النظرية الشرعية عدا القياس ؟ لا نمنع من جوازه ، وان كنا ( لا نعلم ) (1) وقوعه.
    وعلى هذا التقدير ، فهل يجوز أن يخطئ في اجتهاده ؟ الحق أنه لا يجوز ، لوجوه :
    الاول : أنه معصوم من الخطأ ، عمدا ونسيانا ، بما ثبت في الكلام ، ومع ذلك يستحيل عليه الغلط.
    الثاني : انا مأمورون باتباعه ، فلو وقع منه الخطأ في الاحكام ، لزم الأمر بالعمل بالخطأ ، وهو باطل.
    الثالث : لو جاز ذلك لم يبق وثوق بأوامره ونواهيه ، فيؤدي ذلك إلى التنفير عن قبول قوله.
    احتج المجيز لذلك بوجهين :
    الاول : قوله تعالى : « قل انما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ » (2) ويلزم من المماثلة جواز الغلط عليه.
    الثاني : قوله عليه السلام : « فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه ان ما أقطع له (3) قطعة من النار » وهذا يدل [ على ] أنه يجوز منه الغلط في الحكم
    والجواب عن الاول : انه لا يلزم من المماثلة في البشرية المساواة في
1 ـ في نسخة : نعلم ، وهو خطأ.
2 ـ الكهف / 110
3 ـ زاد في نسخة : به
معارج الاصول ::: فهرس