مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: 211 ـ 220
(211)
    وعلى ذلك فاللّه سبحانه وإن أراد طهارتهم عن الذنوب بالإرادة التكوينية ولكن تلك الإرادة تعلّقت بها ، لما علم سبحانه انّهم بما زودوا من إمكانات ذاتية ومواهب مكتسبة نتيجة تربيتهم وفق مبادئ الإسلام ، لا يريدون إلا ما شرّع لهم سبحانه من أحكام ، فهم لا يشاءون إلا ما يشاء اللّه ، وعند ذلك صح له سبحانه أن يخبر بأنّه أراد تكويناً إذهاب الرجس عنهم ، لأنّهم ( عليهم السّلام ) ما داموا لا يريدون لأنفسهم إلا الجري على وفق الشرع لا يفاض عليهم إلا هذا النوع من الوصف.
    وحصيلة الكلام : انّ مبنى الإشكال هو الغفلة عن كيفية تعلّق إرادته سبحانه بأفعال العباد حيث توهّم المستشكل :
    أوّلاً : انّ أفعال العباد خارجة عن إطار الإرادة التكوينية للّه سبحانه ، وغفل عن أنّ هذا النوع من الاعتقاد يساوق الشرك ويصادم التوحيد.
    وثانياً : انّ سبق الإرادة التكوينية على أفعال العباد يستلزم سلب الاختيار عنهم ، وغفل عن أنّ إرادته سبحانه انّما تتعلّق بتوسط إرادة العباد واختيارهم ، فهم إذا أرادوا لأنفسهم شيئاً ، فاللّه سبحانه يريد ذلك الشيء لهم تكويناً ، وليس في ذلك أيّة رائحة للجبر ، بل هو الأمر بين الأمرين.
    وعندئذ يكون المراد من تطهيرهم ـ بعد تجهيزهم بإدراك الحق في الاعتقاد والعمل ، وإعطائهم البصيرة الكاملة لمعرفة الحق في مجال الاعتقاد والعمل ـ تعلّق إرادته التكوينية بطهارتهم من الذنوب ، لأجل تعلّق إرادتهم بذلك ، فقد تعلّقت إرادته سبحانه بتنزيههم عن طريق إرادتهم واختيارهم ، وأين هذا من الجبر ؟

    تفسير آخر للإرادة التكوينية
    ما ذكرناه في كيفية تعلّق إرادته سبحانه بأفعال العباد ، جواب عام سار في


(212)
جميع الموارد ورافع للإشكال في مجال الجبر ، وانّ من أعضل الموارد في الجبر والاختيار ، هي تحليل كيفية تعلّق إرادته بأفعال العباد وانّه : هل يوجب الجبر ويسلب الاختيار ، باعتبار انّ إرادته لا تنفك عن المراد ، أم لا ؟ لأنّ إرادته تعلّقت بصدور أفعالهم عن أنفسهم عن مبادئها المكونة فيهم وهي إرادتهم واختيارهم ، فلو صدرت عنهم بلا هذه الخصوصية لزم انفكاك إرادته عن مراده.
    ولمّا استشكل هذا المطلب على بعضهم انصرفوا إلى إخراج أفعال العباد عن إطار إرادته سبحانه ، وانّما تتعلّق بالكائنات دون أفعالهم ، وهو كما ترى ، لأنّه يستلزم تحقّق شيء في صحيفة الوجود بغير إذنه وإرادته ، مع أنّ مقتضى التوحيد في الخالقية انتهاء كل ما في عالم الإمكان إلى وجوده وخالقيته ، وبالتالي إلى إرادته ، فإخراج أفعال العباد عن مجال إرادة اللّه ، يخالف الأُسس التوحيدية التي جاء بها القرآن ودعمها العقل.
    إلا أنّ في مسألة العصمة وكيفية تعلّق إرادته تعالى بعصمة المعصوم تحليلاً آخر يختص بهذا المقام ولا يتعدّاه.
    وحاصل هذا التحليل يتوقف على معرفة كيفية العصمة وحقيقتها ، فنقول :
    إنّ حقيقة العصمة ترجع إلى الدرجة العليا من التقوى ، بمعنى انّ التقوى إذا بلغت قمتها تعصم الإنسان عن اقتراف الذنب وجميع القبائح.
    وإن شئت قلت : العصمة نتيجة العلم القطعي الثابت والعرفان بعواقب المعصية علماً يصد الإنسان عن اجتراح المعاصي واقتراف المآثم ، كالإنسان الواقف أمام الأسلاك التي يجري فيها التيار الكهربائي ، فانّه لا يقدم بنفسه على إمساكها.


(213)
    وبعبارة ثالثة : العصمة : الاستشعار بعظمة الرب وكماله وجلاله استشعاراً منقطع النظير حيث يحدث في المستشعر التفاني في الحق ، والعشق لجماله ، وكماله ، بحيث لا يستبدل برضاه شيئاً.
    فإذا كانت حقيقة العصمة نفس هذه الحقائق أو قريباً منها ، فليس اتصاف الإنسان بهذه الحقائق موجباً للجبر وسالباً للاختيار ، بل المعصوم مع هذه المواهب الإلهية قادر على اقتراف المعاصي وارتكاب الخطايا غير انّه لأجل حصوله على الدرجة العليا من التقوى ، والعلم القطعي بآثار المعاصي والاستشعار المنقطع النظير بعظمة الخالق ، يختار الطاعة وترك المعصية مع القدرة على خلاف ذلك ، فحاله كالوالد العطوف لا يقدم على قتل ولده ولو أُعطيت له الكنوز الكثيرة.
    إنّ هذه الحقائق الموهوبة للمعصوم أشبه بحبل يلقى إلى الغارق في البحر والساقط في البئر حتى يتمسك به وينجي نفسه ، فلا شك انّ العاقل يتمسّك به دائماً وينجي نفسه ، ولكن هذا العمل لا يخالف قدرته على ترك التمسك به وإلقاء نفسه في مهاوي الهلكة.
    فهذه الحقائق النفسانية الموهوبة ليست إلا أسباباً لترك العصيان ومقتضيات للطاعات ، ومعدّات لقرب العبد من ربّه ، ومع ذلك تتوسط بينها وبين فعل العبد من طاعة أو عصيان ، إرادته واختياره ، فليست هذه المواهب عللاً تامة لتوجه العبد إلى جانب واحد وانحيازه عن جانب آخر ، بل هي أسباب مقربة ومعدات للإرادة ، ومع ذلك كله فاختيار المعصوم وإرادته باقيان على حالهما.
    فمعنى تعلّق إرادته سبحانه بعصمتهم ليس تعلّقها بالطاعة وترك العصيان ، بل معناه تعلّق إرادته التكوينية بإفاضة هذه المواهب عليهم وجعلها في


(214)
مكامن نفوسهم وتحليتهم بهذه الحلية الإلهية ، ولكن هذا الجعل والتحلية لا يهدف إلى كونهم مكتوفي الأيدي أمام التكاليف ومسوقين إلى جانب واحد ، فالاشتباه في المقام حصل في تعيين ما هو المفاض من اللّه سبحانه على هذه الشخصيات فتخيل : « انّ المفاض هو العصمة المفسرة بترك المعصية ونفس الطاعة » غفلة عن أنّ المفاض هو هذه الكيفيات والصفات العليا النفسانية عليهم ، وهي توجد استعداداً في النفس بترك العصيان واختيار الطاعة مع القدرة على الخلاف.
    نعم : لو كان هناك جبر ، فالجبر في تحليتهم بهذه المواهب والعطايا الإلهية ، ولكنّهم معها مختارون في التوجه ، لأي طرف أرادوا ، وإن كانوا لا يشاءون إلا الطاعة وترك المعصية.

    ما هو الوجه لتفسير الإرادة بالتشريعية ؟
    ثمّ إنّ الجمهور لمّا ذهبوا إلى كون الإرادة تشريعية احتالوا في توجيهها يقول المفسر المعاصر سيد قطب في هذا الصدد : إنّه سبحانه يجعل تلك الأوامر ـ الأوامر الواقعة قبل الآية من قوله : « وقرن ... ولا تبرجن » ـ وسيلة لإذهاب الرجس وتطهير البيت ، فالتطهير وإذهاب الرجس يتم بوسائل يأخذ الناس بها أنفسهم ويحقّقونها في واقع الحياة العملي ... ويختم هذه التوجيهات لنساء النبي بمثل ما بداها ، بتذكيرهنّ بعلو مكانتهنّ وامتيازهنّ على النساء بمكانتهنّ من رسول اللّه وبما أنعم اللّه عليهنّ فجعل بيوتهنّ مهبط القرآن ومنزل الحكمة وتشرف النور والهدى والإيمان ، وانّه لحظ عظيم يكفي التذكّر به لتحس النفس جلالة قدره ولطيف صنع اللّه فيه وجزالة النعمة التي لا يعد لها نعيم. (1)
1 ـ في ظلال القرآن ، في تفسير سورة الأحزاب.

(215)
    وحاصل ما ذكره مبني على نزول القرآن في مورد نساء النبي ، وانّه سبحانه علّل خطاباته لهنّ بأنّه يريد من هذه التكاليف إذهاب الرجس عنهنّ ، ويكون المعنى انّ التشديد في التكاليف وتضعيف الثواب والعقاب ليس لانتفاع اللّه سبحانه به ، بل لإذهاب الرجس عنكنّ وتطهيركنّ.
    ولا يخفى انّ ما ورد في الآيات من الأحكام ليست أحكاماً خاصة بنساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فهذا قوله سبحانه قبل آية التطهير : « وَقَرْنَ فِي بُيْوتِكُنَّ وَلأ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُوْلَى وَأَقِمْنَ الصَّلأةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ » . (1)
    وهذا قوله سبحانه بعد الآية : « واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات اللّه والحكمة ... » كلّها أحكام عامة لنساء المسلمين ، فاللّه سبحانه بهذه التكاليف يريد أن يطهر الكل وإذهاب الرجس عن عموم النساء ، لا عن زوجات النبي خاصة ، وعندئذ لا وجه لتخصيصهنّ بالخطاب بالعناية التي عرفت.
    وإنّما ذهب بعض الجمهور إلى ما ذهب ، لأجل انّهم تصوّروا نزول الآية في حق نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فاحتالوا لتفسير الإرادة بما ذكره سيد قطب ونظراؤه ، وانّما ذهبوا إلى ذلك بزعمهم اتصال الآية بما قبلها من الآيات ، مع أنّه سيوافيك انّ الآية آية التطهير آية مستقلة لا صلة لها بما قبلها ولا ما بعدها ، وانّما وضعت في هذا الموضع لمصلحة خاصة سنشير إليها ، والأحاديث بكثرتها البالغة ناصة على نزول الآية وحدها ، ولم يرد نزولها في ضمن آيات نساء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، ولا ذكره أحد حتى أنّ القائل باختصاص الآية بأزواج النبي ينسب القول إلى عكرمة وعروة لا إلى الرواية.
    فالآية لم تكن بحسب النزول من آيات النساء ، ولا متصلة بها ، وستوافيك
1 ـ الأحزاب : 33.

(216)
الروايات الكثيرة الواردة في هذا المضمار.
    السؤال الثالث : هل العصمة الموهوبة مفخرة ؟
    وهذا سؤال ثالث يتردد في المقام وفي غيره ، وقد طرحناه عند البحث عن العصمة على وجه الإطلاق ونطرحه هنا بشكل آخر ، وهو انّ عصمة أهل البيت لو كانت أمراً موهوباً من اللّه سبحانه كيف يمكن أن تعد مفخرة لأهله ؟
    والإجابة عن هذا السؤال واضحة بعد الوقوف على معنى العصمة الموهوبة لهم ، وقد عرفت أنّ المراد من هبتها لهم هو إعطاء المقتضيات والمعدات لهم التي لا تسلب الاختيار عنهم وهم بعد قادرون على الطاعة والعصيان والنقض والإبرام ، والسائل تخيل انّ العصمة الموهوبة هي نفس ترك العصيان والمخالفة ، فزعم أنّ شيئاً مثلها لا يعد فخراً ولا يوجب ثناءً ، وقد أوضحنا هذا في السؤال السابق ، فراجع.
    السؤال الرابع : هل الآية تدل على فعلية التطهير ؟
    وربّما يقال : إنّ أقصى ما تدل عليه الآية هو إخباره سبحانه عن أنّه يريد إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم ، وليس في الآية ما يدل على تحقّق هذه الإرادة بالفعل ، وانّها صدرت منه سبحانه ، مع أنّ القائلين بعصمة أهل البيت يذهبون بدلالتها على اتصافهم بالعصمة ، وفي هذا الصدد ينقل الشيخ زين الدين البياضي العاملي إشكالاً عن المخالف ويقول : « يريد » لفظ مستقبل ، فلا دليل على وقوعه. (1)
1 ـ الصراط المستقيم : 841/1.

(217)
    ولا يخفى أنّ هذا الإشكال نشأ من اتخاذ موقف خاص بالنسبة إلى أهل البيت بشهادة انّ هذه اللفظة وردت في كثير من الآيات مع أنّه ما خطر ببال أحد مثل هذا الإشكال قال سبحانه : « يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ » (1) ، وقال : « وَاللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ » (2) ، وقال : « يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ » (3) ، وقال : « وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ » (4) ، أضف إلى ذلك انّ هناك قرينة واضحة على تحقّق الإرادة بشهادة انّ الآية في مقام المدح والثناء.
    وأمّا الإتيان بصيغة المستقبل والعدول عن الماضي ، فهو لأجل ظهور فعل المستقبل في الدوام ، وهو سبحانه يريد إفادة دوام هذه الإرادة واستمرارها مدى الأيام والسنين.
    السؤال الخامس : هل الإذهاب يستلزم الثبوت ؟
    خلاصة هذا السؤال ترجع إلى أنّ الإذهاب يتعلّق بشيء موجود ، فعلى ذلك يستلزم أن يكون هناك رجس موجود أذهبه اللّه وطهرهم منه ، وهذا يضاد مقالة أهل العصمة ، ولكن السائل أو المعترض غفل عن أنّ هذه التراكيب كما تستعمل في إذهاب الشيء الموجود ، كذلك تستعمل فيما إذا لم يكن موجوداً ، ولكن كانت هناك مقتضيات ومعدات له حسب الطبيعة الإنسانية وإن لم يكن موجوداً بالفعل كقول الإنسان لغيره : أذهبَ اللّه عنك كل مرض ، ولم يكن حاصلاً له ، ولكن كانت بعض المعدات للمرض موجودة.
1 ـ النساء : 26.
2 ـ النساء : 27.
3 ـ النساء : 28.
4 ـ النساء : 26.


(218)
    وفي المقام نزيد توضيحاً : انّ الإنسان حسب الطبيعة الأوّلية مجهّز بالغرائز والميول العادية المتجاوزة عن الحدود ، ولم يشذ أهل البيت عنها ولم تكن لهم في العالم الجسماني خلقة خاصة بهم ، فكانت هناك أرضية صالحة للتعدي والطغيان ، فلمّا جهّزوا بهذه الغرائز أوّلاً ، ثم بالعصمة ـ بالمعنى الذي عرفت ـ ثانياً صح أن يقال : إنّه سبحانه أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً من العصيان.
    وهذه الأسئلة وأشباهُها لا تحتاج إلى البسط في المقال ، ولأجل ذلك نطوي الكلام عنها.


(219)
من سمات أهل البيت ( عليهم السّلام )
2
المحبّة في قلوب المؤمنين
    إنّ الإيمان باللّه و العمل الصالح يُورث محبَّة في قلوب الناس ، إذ للإيمان أثر بالغ في القيام بحقوق اللّه أوّلاً ، وحقوق الناس ثانياً ، لا سيَّما إذا كان العمل الصالح نافعاً لهم ، و لذلك استقطب المؤمنون حُب َّالنّاس ، لدورهم الفعّال في إصلاح المجتمع الإنساني. وهذا أمر ملموس لكلّ النّاس ، وإليه يشير قوله سبحانه : « إِنَّ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحات سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمن وُداً » . (1)
    وبما أنّ الأنبياء بلغوا قمَّة الإيمان كما بلغوا في العمل الصالح ذروته ، نرى أنّ لهم منزلة كبيرة في قلوب الناس لا يضاهيها شيء ، لأنّهم صرفوا أعمارهم في سبيل إصلاح أُمور الناس وإرشادهم إلى مافيه الخير و الرشاد. هذا حال الأنبياء ويعقبهم الأوصياء والأولياء والصلحاء.
    أخرج أبو إسحاق السعدوي في تفسيره باسناده عن البراء بن عازب ، قال :
1 ـ مريم : 96

(220)
    قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) لعلي : « اللّهمَّ اجعل لي عندك عهداً ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودَّة » ، فأنزل اللّه تعالى الآية المذكورة آنفاً.
    إنّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) لأجل انتسابهم إلى البيت النبوي الرفيع حازوا مودة الناس واحترامهم بكلّ وجودهم. وقد أُشير إلى ذلك في آثارهم وكلماتهم.
    روى معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « إنّ حبّ علي ( عليه السّلام ) قُذف في قلوب المؤمنين ، فلا يُحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، وإنّ حبّ الحسن والحسين عليهما السَّلام قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين فلا ترى لهم ذامّاً ، و دعا النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) الحسن والحسين عليهما السَّلام قرب موته فقبَّلهما وشمّهما وجعل يرشفهما وعيناه تهملان » . (1)
    و قد تعلَّقت مشيئته سبحانه على إلقاء محبتهم في قلوب المؤمنين الصالحين ، حتى كانت الصحابة يميّزون المؤمن عن المنافق بحبّ علي أو بغضه.
    روى أبو سعيد الخدري ، قال : إنّا كنّا لَنَعرف المنافقين نحن معشرَ الأنصار ببغضهم عليّ بن أبيطالب ( عليه السّلام ). (2)
    وقد تضافر عن علي أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) أنّه قال : « والَّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، انّه لعهد النبي اللأُمّي إليّ : انّه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق » . (3)
    و يروى عنه ( عليه السّلام ) أيضاً أنَّه قال : واللّه إنّه ممّا عهد إليَّ رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) انَّه لا
1 ـ المناقب لابن شهر آشوب : 383/3 ؛ سفينة البحار : مادة حبب : 492/1.
2 ـ جامع الترمذي : 5/ 635 برقم 3717 ؛ حلية الأولياء : 295/6.
3 ـ أسنى المطالب : 54 ، تحقيق محمد هادي الأميني.
مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: فهرس