مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: 221 ـ 230
(221)
يبغضني إلا منافق ولا يُحبّني إلا مؤمن. (1)
    وقد أعرب عن ذلك الإمام علي بن الحسين عليهما السَّلام في خطبته في جامع دمشق ، عند ما صعد المنبر وعرَّف نفسه فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ خطب خطبة أبكى منها العيون ، وأوجل منها القلوب ، ثمّ قال :
     « أيّها الناس أُعطينا ستّاً وفُضِّلنا بسبع ، أُعطينا : العلم ، والحلم ، والسماحة ، والفصاحة ، والشجاعة ، و المحبَّة في قلوب المؤمنين » . (2)
    ولا عجب في أنّه تبارك وتعالى سمّاهم كوثراً أي الخير الكثير ، وقال : « إِنّا أَعْطَيْناكَ الكَوثر ... » قال الرازي : الكوثر : أولاده ، لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه ( عليه السّلام ) بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان ، فانظر كم قتل من أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، ثم العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بني أُمية في الدنيا أحد يُعبأ به ، ثمّ انظر كم كان فيها من الأكابر من العلماء كالباقر و الصادق والكاظم والرضا ( عليهم السّلام ). (3)
    إنّ محبة النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) للحسين ( عليه السّلام ) لم تكن محبة نابعة من حبه لنسَبه بل كان واقفاً على ما يبلغ إليه ولده الحسين عليه السَّلام في الفضل والكمال والشهادة في سبيله ، ونجاة الأُمّة من مخالب الظلم ، والثورة على الظلم والطغيان ، وهناك كلام للعلاّمة المجلسي يقول :
    إنّ محبة المقربين لأولادهم وأقربائهم وأحبّائهم ليست من جهة الدواعي
1 ـ مسند أحمد : 84/1 ، إلى غير ذلك من المصادر المتوفرة.
2 ـ بحار الأنوار : 138/45.
3 ـ تفسير الفخر الرازي : 124/32.


(222)
النفسانية والشهوات البشرية ، بل تجرّدوا عن جميع ذلك و أخلصوا حُبَّهم ، ووُدَّهم للّه. وحُبّهم لغير اللّه إنّما يرجع إلى حبهم له ، ولذا لم يحب يعقوب من سائر أولاده مثل ما أحب يوسف ( عليه السّلام ) منهم ، و لجهلهم بسبب حبه له نسبوه إلى الضلال ، وقالوا : نحن عصبة ، ونحن أحقّ بأن نكون محبوبين له ، لأنّا أقوياء على تمشية ما يريده من أُمور الدنيا ، ففرط حبّه يوسف إنّما كان لحب اللّه تعالى له واصطفائه إيّاه فمحبوب المحبوب محبوب. (1)
1 ـ سفينة البحار : 496/1 ، مادة حبب.

(223)
من سمات أهل البيت ( عليهم السّلام )
3
استجابة دعائهم ( عليهم السّلام )
    الابتهال إلى اللّه وطلب الخير منه أو طلب دفع الشرِّ ومغفرة الذنوب ، أمر مرغوب ، يقوم به الإنسان تارة بنفسه ، وأُخرى يتوصل إليه بدعاء الغير.
    واستجابة الدعاء رهن خرق الحجب والوصول إليه سبحانه ، حتى يكون الدعاء مصداقاً لقوله سبحانه : « أُدْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ » (1) وليس كلّ دعاء مستجاباً و صاعداً إليه سبحانه ، فانّ لاستجابة الدعاء شروطاً مختلفة قلّما تجتمع في دعاء الإنسان العادي.
    نعم هناك أُناس مطهرون من الذنوب يكون دعاوَهم صاعداً إلى اللّه سبحانه ومستجاباً قطعاً ، ولذلك حثَّ سبحانه المسلمين على التشرّف بحضرة النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) و طلب الاستغفار منه ، قال سبحانه : « وَلَو أنّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أنفسهُمْ جاءُوكَ فاستغْفروا اللّه وَاسْتَغْفر لَهُمُ الرَّسُول لَوَجدوا اللّه تَوّاباً رَحيماً » . (2)
    وقال سبحانه : « وَإِذا قيلَ لَهُمْ تَعالَوا يَسْتَغْفِر لَكُمْ رَسُول اللّه لَوّوا رُءُوسهُمْ
1 ـ غافر : 60.
2 ـ آل عمران : 65.


(224)
وَرأيتهم يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » . (1)
    ولذلك طلب أبناء يعقوب من أبيهم أن يستغفر لهم كما يحكيه قله سبحانه : « قالُوا يا أَبانا استَغْفِر لَنا ذُنُوبنا إنّاكُنّا خاطِئين » . (2)
    ويظهر ممّا جرى بين النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) و وفد نجران من المحاجَّة والمباهلة انّ أهل البيت إذا أمَّنوا على دعاء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يُستجاب دعاءه ، فقد وفد نصارى نجران على الرسول وطلبوا منه المحاجَّة ، فحاجَّهم الرسول ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ببرهان عقلي تشير إليه الآية المباركة : « إِنَّ مَثل عيسى عِنْدَ اللّه كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قال لَهُ كُنْ فَيَكُون » . (3)
    فقد قارعهم النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) بهذا البيان البليغ الذي لا يرتاب فيه ذو مرية ، حيث كان نصارى نجران يحتجون ببنوة المسيح بولادته بلا أب فوافاهم الجواب : « بأنّ مثل المسيح كمثل آدم ، إذ لم يكن للثاني أب ولا أُمّ مع أنّه لم يكن ابناً للّه سبحانه » وأولى منه أن لا يكون المسيح ابناً له.
    ولمّا أُفحموا في المحاجَّة التجأوا إلى المباهلة والملاعنة ، وهي وإن كانت دائرة بين الرسول ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) و رجال النصارى ، لكن عمَّت الدعوة للأبناء والنساء ، للدلالة على اطمئنان الداعي بصدق دعوته وكونه على الحقّ ، وذلك لما أودع اللّه سبحانه في قلب الإنسان من محبة الأولاد والشفقة عليهم ، فتراه يقيهم بنفسه ويركب الأهوال والاخطار دونهم ، ولذلك قدَّم سبحانه في الآية المباركة الأبناء على النساء ، وقال : « فَمَنْ حاجّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكََ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوا نَدْعُ
1 ـ المنافقون : 5.
2 ـ يوسف : 97.
3 ـ آل عمران : 59.


(225)
أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنساءَناو نساءكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنُفسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِل فَنَجْعَل لَعْنَة اللّه عَلى الكاذِبين » . (1)
    وإنَّ إتيانه سبحانه بلفظ الأبناء بصيغة الجمع يعرب عن أنّ طرف الدعوى لم يكن النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وحده بل أبناؤه ونساؤه ، ولذلك عدَّتهم الآية نفس النبي ونساء النبي وأبناءه من بين رجال الأُمة ونسائهم و أبنائهم.
    ثمّ إنّ المفسرين قد ساقوا قصة المباهلة بشكل مبسوط منهم صاحب الكشاف ، قال : لماّ دعاهم إلى المباهلة ، قالوا : حتى نرجع و ننظر.
    فلّما تخالوا قالوا للعاقب ، وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ فقال : واللّه لقد عرفتم يامعشر النصارى أنّ محمّداً نبيّ مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، واللّه ما باهل قوم نبياً قط ، فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكنّ ، فإن أبيتم إلا إِلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
    فأتوا رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وقد غدا محتضناً الحسين ، آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه ، وعليّ خلفها ، وهو يقول : « إذا أنا دعوت فأمِّنوا » .
    فقال أُسقف نجران : يا معشر النصارى! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء اللّه أن يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتُهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك ، وأن نقرّك على دينك ، ونثبت على ديننا. قال : « فإذا أبيتم المباهلة ، فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم » .
1 ـ آل عمران : 61.

(226)
    فأبوا. قال : « فإنّي أُناجزكم » ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردُّنا عن ديننا ، على أن نؤدّي إليك كلّ عام ألفي حلّة ، ألف في صفر ، وألف في رجب ، وثلاثين درعاً عادية من حديد ، فصالحهم على ذلك.
    وقال : « والذي نفسي بيده انّ الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا » .
    وعن عائشة انّ رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فأدخله ، ثمّ فاطمة ، ثمّ علي ، ثمّ قال : « إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت » . (1)
    الشاهدعلى استجابة دعائهم أمران :
    أ : قول النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) إذا أنا دعوت فأمّنوا ، فكان دعاء النبي يصعد بتأمينهم ، وأيُّ مقام أعلى وأنبل من أن يكون دعاء النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) صاعداً بفضل دعائهم.
    ب : قول أُسقف نجران : « إنّي لأرى وجوهاً لو شاء اللّه أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها » والضمير يرجع إلى الوجوه ، أي لأزاله بدعائهم أو لأزاله بالقسم على اللّه بهم ، وقد أيَّد القول الثاني ابن البطريق في « العمدة » حيث قال : المباهلة بهم تصدق دعوى النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فقد صار إبطال محاجَّة أهل نجران في القرآن الكريم بالقسم على اللّه بهم. (2)
1 ـ الكشّاف : 326/1 ـ 327 ، ط عام 1367 هـ.
2 ـ العمدة : 243.


(227)
    وقد تركت مباهلة النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وأهل بيته أثراً بالغاً في نفوس المسلمين ، يشهد عليها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً ، فقال : ما يمنعك أن تسبَّ أباتراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فلن أسبَّه ، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم.
    سمعت رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول اللّه ، خلّفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبوّة بعدي ؟
    وسمعته يوم خيبر ، يقول : لأُُعطينّ الراية رجلاً يحب اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله.
    قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي عليّاً ، فأُتي به أرمد العين ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح اللّه على يديه.
    ولما نزلت هذه الآية : « فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم » دعا رسول اللّه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، وقال : اللّهم هؤلاء أهل بيتي. (1)
1 ـ صحيح مسلم : 120/7 ، باب فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ).

(228)
من سمات أهل البيت ( عليهم السّلام )
4
ابتغاء مرضاة اللّه تعالى
    الإنسان الكامل ، هو الذي لا يفعل شيئاً ولا يتركه إلا لابتغاء مرضاة اللّه تبارك و تعالى ، فيصل في سلوكه ورياضاته الدينيَّة إلى مكان تفنى فيه كلّ الدوافع والحوافز إلا داع واحد وهو طلب رضا اللّه تبارك و تعالى ، فإذا بلغ هذه الدرجة فقد بلغ الذروة من الكمال الإنساني ، وربَّما يبلغ الإنسان في ظل الرضا درجة لا يتمنّى وقوع ما لم يقع ، أو عدم ما وقع ، وإلى ذلك المقام يشير الحكيم السبزواري بما في منظومته :
وبهجة بما قضى اللّه رضا اعظم باب اللّه ، في الرضا وُعي (1) فقرا على الغنى صبورٌ ارتضى عن عارف عُمّر سبعين سنة يا ليت لم تقع ولا لما ارتفع وذو الرضا بما قضى ما اعترضا وخازن الجنة رضواناً دُعي وذان سيّان لصاحب الرضا إن لم يقل رأساً لأشيا كائنة مما هو المرغوب ليته وقع (2)

1 ـ اِشارة إلى ما روي انّ الرضا باب اللّه الأعظم.
2 ـ شرح منظومةالسبزواري : 352.


(229)
    وممَّن يمثل ذلك المقام في الأُمّة الإسلامية هو إمام العارفين وسيد المتّقين علي أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) فهو في عامَّة مواقفه ، في جهاده ونضاله ، وعزلته وقعوده في بيته ، وفي تسنّمه منصَّة الخلافة بإصرار من الأُمّة ، فهو في كلّ هذه الأحوال والمواقف ، لا همّ له إلا طلب رضوانه تعالى.
    وقد صرح الإمام بذلك عندما طلب منه تسلّم مقاليد الخلافة ، فقال : « أما والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ اللّه على العلماء ألا يقارُّوا على كظّة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز » . (1)
    و قد تجلّت هذه الخصلة في علي ( عليه السّلام ) حين مبيته في فراش النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ).
    روى المحدّثون أنّ رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) لمّا أراد الهجرة خلّف علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) بمكة لقضاء ديونه وردّ الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه فقال ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) له : يا علي اتَّشح ببردي الحضرمي الأخضر ، ثمّ نم على فراشي ، فانّه لا يخلص إليك منهم مكروه ، إن شاء اللّه عزّوجلّ ، ففعل ذلك ( عليه السّلام ) فأوحى اللّه عزّوجلّ إلى جبرئيل وميكائيل عليهما السَّلام إنّي قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ ، فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى اللّه عزّوجلّ إليهما : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب ، آخيت بينه وبين محمّد ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) فنام على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه.
1 ـ نهج البلاغة : الخطبة 3.

(230)
    فقال جبرئيل : بَخٍّ بَخٍّ مَن مثلك يابن أبي طالب ؟ يباهي اللّه بك الملائكة ، فأنزل اللّه تعالى على رسوله ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وهو متوجِّه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) : « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْري نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّه » . (1)
    وقد نقل غير واحد نزول الآية في حقّ علي ( عليه السّلام ).
    وقال ابن عباس : أنشدني أمير المؤمنين شعراً قاله في تلك الليلة :
وقيت بنفسي من وطئ الحصا وبتُّ أُراعي منهم ما يسوءني وبات رسول اللّه في الغار آمناً وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر و قد صبَّرت نفسي على القتل والأسر ومازال في حفظ الإله وفي الستر (2)
    وإلى هذه الفضيلة الرابية وغيرها يشير حسان بن ثابت في شعره عند مدح علي ( عليه السّلام ) :
من ذا بخاتمه تصدَّق راكعا من كان بات على فراش محمّد من كان في القرآن سمّي وأسرّها في نفسه إسرارا ومحمد اسرى يؤم الغارا في تسع آيات تلين غزارا (3)

    محاولة طمس الحقيقة لولا...
    إنّ عظمة هذه الفضيلة وأهمية هذا العمل التضحويّ العظيم ، دفعت بكبار علماء الإسلام إلى اعتبارها واحدة من أكبر فضائل الإمام علي ( عليه السّلام ) ، وإلى أن
1 ـ البقرة : 207.
2 ـ شواهد التنزيل : 130/1 ؛ أُسد الغابة : 25/4.
3 ـ سبط ابن الجوزي : تذكرةالخواصّ : 25 ، ط عام 1401 هـ.
مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: فهرس