مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: 271 ـ 280
(271)
الأمر الثاني : الاعتماد على الروايات والمنقولات
    فلو كان هذا هو الميزان فقد صرح كثير منهم بأنّ أربعة آيات من سورة الشورى مكّية ، حتى أنّ المصاحف المطبوعة في الأزهر وغيره ، تصرح بذلك و تُقرأ فوق السورة هذه الجملة : سورة الشورى مكية الآيات إلا ثلاث وعشرين وأربع وعشرين وسبع وعشرين.
    أضف إلى ذلك انّ كثيراً من المفسّرين و المحدِّثين صرحوا بذلك. (1)
    وهذا هو البقاعيّ مؤلف « نظم الدرر وتناسب الآيات والسور » يصرح بأنّ الآيات مدنيّة ، كما نقله المحقّق الزنجاني في « تاريخ القرآن » . (2)
    السؤال الرابع
    الإنسان مفطور على حب الجميل وكراهة القبيح فيكون الودّ أمراً خارجاً عن الاختيار ، فكيف يقع في دائرة السؤال ويطلبه النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) من المؤمنين مع أنّه كذلك ؟.
    والجواب : أوّلاً : انّ الحبّ لو كان أمراً خارجاً عن الاختيار فلا يتعلَّق به الأمر ، كما لا يتعلَّق به النهي ، مع أنّه سبحانه ينهى عن ود من حادَّ اللّه ورسوله ، ويقول : « لا تَجد قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَنْ حادَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ » . (3)
1 ـ انظر الكشاف : 81/3 ؛ تفسير الرازي : 655/7 ؛ تفسير أبي السعود في هامش تفسير الرازي نفس الصفحة ؛ تفسير أبي حيان : 7/516 ؛ تفسير النيسابوري : 312/6. وأمّا من المحدّثين كمجمع الزوائد للهيتمي : 168/9 ؛ الصواعق المحرقة : 101 ـ 135 ،
2 ـ تاريخ القرآن : 57.
3 ـ المجادلة : 22.


(272)
    كما أنّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) يدعو إلى التراحم والتعاطف النابعين عن الود والحب ، ويقول :
     « مثل المؤمنين في توادّهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى » . (1)
    كلّ ذلك يدل على أنّ الودّ والبغض ليس على النسق الذي وصفه السائل ، ولذلك نرى الدعوة الكثيرة إلى الحب في اللّه والبغض في اللّه.
    قال الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : « من أوثق عرى الإيمان أن تحب في اللّه وتبغض في اللّه » . (2)
    وقد كتب الإمام علي ( عليه السّلام ) إلى عامله في مصر مالك الأشتر رسالة قال فيها : « واشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبة لهم ، واللطف بهم » . (3)
    روى الخطيب في تاريخه عن النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « عنوان صحيفة المؤمن حبّ علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) » . (4)
    و قال ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال علياً بعدي ، وليوال وليّه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فانّهم عترتي خلقوا من طينتي ، رزقوا فهماً وعلماً » . (5)
    روى أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه قول النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من أحبني فليحب عليّاً » . (6)
1 ـ مسند أحمد : 270/4.
2 ـ سفينة البحار : 11/2 مادة الحبّ.
3 ـ نهج البلاغة : قسم الرسائل : الرسالة 53.
4 ـ تاريخ بغداد : 410/4.
5 ـ حلية الأولياء : 86/1.
6 ـ مسند أحمد : 366/5 ؛ صحيح مسلم : كتاب الفتن : 119.


(273)
    وأخرج أحمد في مسنده عن الرسول : « من أحبني وأحب هذين وأباهما وأُمُّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة » . (1)
    وثانياً : أنّ الإيصاء إنّما لا يفيد إذا لم يتوفر في الموصى له ملاك الحب والود كما إذا كان الرجل محطّاً للرذائل الأخلاقية ، وأمّا إذا كان الموصى له إنساناً مثالياً متحلياً بفضائل الأخلاق ومحاسنها ، فانّ الإيصاء به يعطف النظر إليه وبالتالي يجيش حبّه كلَّما تعمَّقت الصلة به.
    وحاصل الكلام : أنّ دعوة الناس إلى الحبّ تقوم على إحدى دعامتين :
    الأُولى : الإشادة بفضائل المحبوب وكمالاته التي توجد في نفس السامع حبّاً وولعاً إليه.
    الثانية : الإيصاء بالحب والدعوة إلى الودّ ، فانّه يعطف نظر السامع إلى الموصى له ، فكلَّما توطَّدت الأواصر بينهما وانكشفت آفاق جديدة من شخصيته ازداد الحبّ والود له. وعلى كلّ تقدير فالنبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) هو المحبوب التام لعامة المسلمين ، فحبُّه لا ينفك عن حبّ من أوصى بحبِّه وأمر بودّه.
    وخير ما نختم به هذا البحث حديث مروي عن النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) نقله صاحب الكشاف حيث قال ، قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّآل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشرَّه ملك الموت بالجنة ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد يُزفُّ إلى الجنة كما تزفُّ العروس إلى بيت زوجها ،
1 ـ مسند أحمد : 1/77.

(74)
ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح اللّه له في قبره بابين إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل اللّه قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيساً من رحمة اللّه ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنة » . (1)
    وروى أيضاً : انّه لما نزلت هذه الآية ، قيل : يا رسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودَّتهم ؟
    فقال ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « علي و فاطمة و ابناهما » . (2)
1 ـ الكشاف : 82/3 ، تفسير سورة الشورى ، ط عام 1367.
2 ـ الكشاف : 81/3.


(275)
من حقوق أهل البيت ( عليهم السّلام )
4
الصلوات عليهم
    إنّ من حقوق أهل البيت ( عليهم السّلام ) هي الصلوات عليهم عند الصلاة على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، قال سبحانه : « إِنَّ اللّهَ وَمَلائكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيّ يا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وََسَلِّمُوا تَسْلِيماً » . (1)
    ظاهر الآية هو تخصيص الصلاة على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) لكن فهمت الصحابة انّ المراد هو الصلاة عليه وعلى أهل بيته ، وقد تضافرت الروايات على ضمّ الآل إلى النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) عند التسليم والصلاة عليه ، وقد جاء ذلك في الصحاح والمسانيد ، نقتصر منها على ما يلي :
    1. أخرج البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيني كعب بن عجرة ، قال : ألا أُهدي لك هدية سمعتها من النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فقلت : بلى ، فأهدها لي ، فقال : سألنا رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ، فقلنا : يا رسول اللّه ، كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فانّ اللّه قد علّمنا كيف نسلم ؟ قال :
     « قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى
1 ـ الأحزاب : 56.

(276)
آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، اللّهمّ بارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيد » . (1)
    وأخرجه أيضاً في كتاب التفسير عند تفسير سورة الأحزاب. (2)
    كما أخرجه مسلم في باب الصلاة على النبي من كتاب الصلاة. (3)
    2. أخرج البخاري أيضاً ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلنا يا رسول اللّه ، هذا التسليم فكيف نصلّي عليك ؟ قال : « قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد عبدك ورسولك ، كما صلّيت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على إبراهيم » . (4)
    3. أخرج البخاري ، عن ابن أبي حازم ، عن يزيد ، قال : « كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم » . (5)
    4. أخرج مسلم ، عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : أتانا رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا اللّه تعالى أن نصلِّي عليك ، يا رسول اللّه : فكيف نصلِّي عليك ؟
    قال : فسكت رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) حتى تمنّينا انّه لم يسأله.
    ثمّ قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على آل إبراهيم
1 ـ صحيح البخاري : 146/4 ضمن باب « يزفُّون النَسَلان في المشي » من كتاب بدء الخلق.
2 ـ صحيح البخاري : 151/6 ، تفسير سورة الأحزاب.
3 ـ صحيح مسلم : 2/16.
4 ـ صحيح البخاري : 151/6 ، تفسير سورة الأحزاب.
5 ـ المصدر السابق.


(277)
في العالمين انّك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم » . (1)
    إنّ ابن حجر ذكر الآية الشريفة ، وروى جملة من الأخبار الصحيحة الواردة فيها ، وانّ النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) قرن الصلاة على آله بالصلاة عليه ، لمّا سئل عن كيفية الصلاة والسلام عليه ، قال : وهذا دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته ، وبقية آله مراد من هذه الآية ، وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عُقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر ، فلمّا أُجيبوا به دلّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وانّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأنّ القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ، ومنه تعظيمهم ، ومن ثمّ لمّا أدخل من مرّفي الكساء ، قال : « اللّهمّ انَّهم منّي وأنا منهم ، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم » ، وقضية استجابة هذا الدعاء : انّ اللّه صلّى عليهم معه فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه.
    ويروى : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : و ما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسكون ، بل قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمد. ثمّ نقل عن الإمام الشافعي قوله :
يا أهل بيت رسول اللّه حبكم كفاكم من عظيم القدر إنّكم فرض من اللّه في القرآن أنزله من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له
    فقال : فيحتمل لا صلاة له صحيحة فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل ، ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه. (2)
1 ـ صحيح مسلم : 46/2 ، باب الصلاة على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) بعد التشهد من كتاب الصلاة.
2 ـ الصواعق المحرقة : 146 ، ط عام 1385 هـ.


(278)
    هذا كلّه حول الصلاة على الآل عند الصلاة على الحبيب.
    و أما حكم الصلاة على آل البيت في التشهد ، فقال أكثر أصحاب الشافعي : انّه سنّة.
    وقال التربجي : من أصحابه هي واجبة ، ولكن الشعر المنقول عنه يدل على وجوبه عنده ، ويؤيده رواية جابر الجعفي ـ الذي كان من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السَّلام ، وفي طبقة الفقهاء ـ ، عن أبي جعفر عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) : « من صلّى صلاة لم يصل فيها عليّ ولا أهل بيتي لم تقبل منه » . (1)
    وجابر الجعفي ممَّن ترجمه ابن حجر في تهذيبه ، ونقل عن سفيان في حقّه :
    ما رأيت أورع في الحديث منه ، وقال وكيع : مهما شككتم في شيء فلا تشكّوا في أنّ جابراً ثقة.
    وقال سفيان أيضاً لشعبة : لأن تكلَّمت في جابر الجعفي لأتكلمنَّ فيك. إلى غير ذلك. (2)
    قال ابن حجر : أخرج الدار قطني والبيهقي حديث من صلّى صلاة ولم يصل فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه ، وكأنّ هذا الحديث هو مستند قول الشافعي انّ الصلاة على الآل من واجبات الصلاة ، كالصلاة عليه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) لكنّه ضعيف ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه ، قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، والأمر للوجوب حقيقة على الأصحّ. (3)
    وقال الرازي : إنّ الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء
1 ـ سنن الدارقطني : 355/1.
2 ـ تهذيب التهذيب : 46/2.
3 ـ الصواعق المحرقة : 234 ، ط الثانية ، عام 1385 هـ.


(279)
خاتمة التشهد في الصلاة ، وقوله : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، وارحم محمّداً وآل محمّد.
    وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل ، فكلّ ذلك يدل على أنّ حبّ آل محمّد واجب ، وقال الشافعي :
يا راكباً قف بالمحصَّب من منى سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى إن كان رفضاً حبُّ آل محمّد واهتف بساكن خيفها والناهض فيضاً كما نظم الفرات الفائض فليشهد الثقلان أنّي رافضي (1)
    وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى : « قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا المَوَدَّة فِي القُربى » كفى شرفاً لآل رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وفخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كلّ صلاة. (2)
    وروى محب الدين الطبري في الذخائر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضي اللّْه عنه انّه كان يقول : لو صلّيت صلاة لم أُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنّها تقبل. (3)
    وقال المحقّق الشيخ حسن بن عليّ السقاف : تجب الصلاة على آل النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) في التشهد الأخير على الصحيح المختار ، لأنّ أقصر صيغة وردت عن سيدنا رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ثبت فيها ذكر الصلاة على الآل ، ولم ترد صيغة خالية منه في صيغ تعليم الصلاة ، فقد تقدّم حديث سيدنا زيد بن خارجة ، انّ رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) قال :
1 ـ تفسير الفخر الرازي : 166/27 ، تفسير سورة الشورى.
2 ـ تفسير النيسابوري : تفسير سورة الشورى.
3 ـ ذخائر العقبى : 19 ، ذكر الحث على الصلاة عليهم.


(280)
     « صلّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء ، وقولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد » . (1)
    بلاغ وإنذار
    لقد تبين ممّا سبق كيفية الصلاة على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) وانّه لا يصلّى عليه إلا بضم الآل إليه ، ومع ذلك نرى أنّه قد راجت الصلاة البتراء بين أهل السنَّة في كتبهم ورسائلهم ، مع أنّ هذه البلاغات من النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) نصب أعينهم ولكنَّهم رفضوها عملاً واكتفوا بالصلاة عليه خاصة ، حتى أنّ ابن حجر الهيتمي ( 899 ـ 974 هـ ) نقل كيفية الصلاة على النبي ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) ولكن كتابه المطبوع مليء بالصلاة البتراء. وإليك نصّ ما قال : ويروى لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، قالوا : وما الصلاة البتراء ؟ ، قال : تقولون : اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ولا ينافي ما تقرر حذف الآل في الصحيحين ، قالوا : يا رسول اللّه : كيف نصلّي عليك ؟ قال : قولوا اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى أزواجه و ذرِّيته ، كما صليت على إبراهيم إلى آخره.
    لأنّ ذكر الآل ثبت في روايات أُخر ، وبه يعلم أنّه ( صلَّى اللّه عليه وآله وسلَّم ) قال ذلك كلّه فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظه الآخر. (2)
    وفي الختام نذكر ما ذكره الرازي ، انّه قال : أهل بيته ساووه في خمسة أشياء : في الصلاة عليه وعليهم في التشهد ، وفي السلام ، والطهارة ، وفي تحريم الصدقة ، وفي المحبّة. (3)
1 ـ صحيح صفة صلاة النبي : 214.
2 ـ الصواعق المحرقة : 146 ، ط الثانية ، عام 1385.
3 ـ الغدير : 303/2 ، ط طهران نقله عن تفسير الرزاي : 391/7 ولم نعثر عليه في الطبعتين.
مفاهيم القرآن ـ جلد العاشر ::: فهرس