مفاهيم القرآن ـ الجزء الثاني ::: 241 ـ 250
(241)
النفسيّ ، وإظهار الطاعة القلبيّة بعمل محسوس.
    ثمّ لو كانت (البيعة) الطريق الوحيد لانتخاب الحاكم وتعيين القائد ، لوجب أن يرد لها ذكر في أحاديث الرسول صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ولقد كان الإمام عليّ (عليه السلام) هو الخليفة الوحيد الذي انتخب للحكم عن طريق البيعة دون بقيّة الخلفاء ، فالاُمّة لم تبايع أيّاً من الخلفاء الأربعة بحقيقة البيعة ، سواه .. اللّهمّ إلاّ في أبي بكر والتي كانت البيعة في مورده بيعةً ناقصةً ، أقتصرت على بعض المسلمين لاعامّتهم (1) ، وكانت بمثابة التسليم للأمر الواقع.
    وهناك أحاديث غامضة حول البيعة تحتاج إلى الدراسة والتحقيق فلتراجع المصادر التالية :
    بحار الأنوار (الجزء2) كتاب العلم( باب 33) الأحاديث : 21 و 22 و 23 و 28. وبحار الأنوار (الجزء27) كتاب الإمامة (الباب 3 ) الأحاديث : 1 و 4 و ....
    1 ـ كما مرّ عليك سابقاً.

(242)

(243)
الفصل الرابع
صفات الحاكم الإسلاميّ
    إنّ أهميّة (القيادة والحكم) في حياة الاُمّة وخطورتها البالغة وما يترتّب عليها من سعادة وشقاء ، تقتضي اعتبار سلسلة من الشروط والصفات في الحاكم ، والرئيس لولاها لانحرفت القيادة عن طريق الحقّ ، وانتهت بالاُمّة إلى أسوء مصير. ولقد فطن الإسلام إلى ذلك الأمر الخطير والناحية الحسّاسة ، فاشترط وجود صفات معينة في الحاكم والرئيس .. وقد فرض على الاُمّة الإسلاميّة مراعاة هذه الأوصاف والشروط عند انتخاب الحاكم..
    وها نحن نشير فيما يلي إلى بعض هذه الصفات ، مع الإشارة إلى شيء من أدلتها وفلسفتها على نحو الإجمال والاختصار :

1 ـ الإيمان :
    وهو الإعتقاد القلبيّ بالإسلام عقيدةً ونظاماً وخلقاً كما في القرآن الكريم والسنّة المطهرة ، ويدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أنّ الدين الإسلاميّ أفضل المبادىء وخير المناهج ، وأنّ العقيدة باللّه تعالى ، وبشرائعه من مبادئه الأوّليّة فلا يحقّ للكافر بها أن يسود المؤمنين، بحكم العقل، لأنّ ذلك يكون من قبيل تسويد من لا كفاءة له على صاحب


(244)
الكفاءة التامّة ـ قوله سبحانه : ( وَلَنْ يجعَلِ اللّهُ لِلْكَافِرِيْنَ عَلَى المؤْمِنِيْنَ سَبِيْلاً ) (النساء : 141).
    وأيّ سبيل أقوى من الولاية والحكومة على المؤمنين.

2 ـ حسن الولاية والقدرة على الإدارة :
    إنّ صلاحية الشخص للحكم والإدارة منوطة بقدرته على القيام بلوازم الولاية وأعبائها ، فحسن الولاية والكفاءة الإدارية شرط أساسيّ لاحتلال مقام الحكومة والرئاسة ، إذ التأريخ البشريّ قديماً وحديثاً يشهد بأنّ تصديّ الحكّام غير القادرين على الإدارة وغير الأكّفاء للولاية جرّ على الشعوب والاُمم ـ وخاصّةً الإسلاميّة ـ أسوء الم آسي ، وأشد الويلات.
    إنّ بداهة هذا الشرط وأهميّة هذه الصفة واضحة لكلّ أحد بحيث لانحتاج إلى إقامة دليل عليها، فالقيادة توجب بذاتها هذا الشرط وتوفّر مثل هذه الصفة في الحاكم والرئيس حتّى إذا لم يقم على ذلك دليل من خارج.
    وإلى أهمية هذه الصفة الحيوية في الحاكم يشير الرسول الأكرم صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم إذ يقول : « لاتصلُح الإمامة إلاّ لرجل فيه ثلاثُ خصال :
    1 ـ ورع يحجزه عن معاصي اللّه.
    2 ـ وحلم يملكُ به غضبهُ.
    3 ـ وحسنُ الولاية على من يلي حتّى يكون كالوالد (وفي رواية كالأب) الرحيم » (1).
    بل و يشترط الإسلام أن يكون الحاكم أكفأ من غيره
    1 ـ الكافي 1 : 407.

(245)
على الإدارة ، وأقدر من غيره على الولاية والقيادة.
    وقال الإمام عليّ (عليه السلام) : « أيّ ـ ها الناسُ إنّ أحقَّ الناس بهذا الأمر أقومهم [ وفي رواية أقواهم ] وأعلمهم بأمر اللّه فإن شغب شاغب استُعتب وإن أبى قُوتل » (1).
    إنّ أهم ما يشترط في الحاكم في نظر الإسلام هو حسن الولاية على من يلي اُمورهم ، والمقدرة الكافية على قيادتهم، إذ بذلك يمكن للحاكم والرئيس أن يلمَّ شعث المسلمين ، ويجمع شملهم ، ويدفعهم إلى مدارج الكمال والتقدّم ، ويجعلهم في المقدّمة من الشعوب والاُمم ، وفي القّمة من الحضارة المدنيّة والازدهار ، وحسن الولاية، هذا هو ما يسمّيه ويقصده السياسيّون اليوم بالنُضج العقليّ والرُشد السياسيّ.

3 ـ التفوّق في الدراية السياسيّة :
    على أنّ مجرّد المقدرة وحسن الولاية لا يكفي كما عرفت في منطق الإسلام بل يشترط أن يكون الحاكم الإسلاميّ متفوّقاً على غيره في الدراية السياسيّة فيكون أوسع من غيره في الاطّلاع على مصالح الاُمّة ، وأعرف من غيره باُمورها وحاجاتها ، لكي لايغلب في رأيه ، ولايُخدع في إدارته ، ولكي يصل المجتمع الإسلاميّ إلى أفضل أنواع القيادة وأدراها ، وأكفأها.
    من أجل ذلك يتعين على الحاكم الأعلى للاُمّة الإسلاميّة أن تبلغ رؤيته السياسيّة والاجتماعيّة درجةً يستطيع معها أن يقود الاُمّة سياسيّاً وأجتماعيّاً ويدفع بهم في طريق التقدم جنباً إلى جنب مع الزمن.
    وهذا يستلزم أن يكون الحاكم الأعلى للاُمّة مُلماً بالأوضاع السياسيّة وعارفاً بما يجري على الساحة الدوليّة من تطورات سياسيّة لكي يحفظ اُمّته من كلّ ما يمكن أن يتوجّه إليها من أخطار.
    يقول الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) في هذا الصدد : « العالمُ بزمانه لا
    1 ـ نهج البلاغة : الخطبة (172).

(246)
تهجمُ عليه اللوابسُ » (1).
    فإنّ من يسوس الاُمّة ويقودها دون بصيرة بالأحوال والأوضاع المحيطة بها يجرّ إليها الويل والانحراف عن جادّة الحقّ كما قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : « العاملُ على غير بصيرة كالسَّائر على غير الطَّريق ، لا تزيده سرعة السير من الطريق إلاّ بُعداً » (2).
    إنّ تسليم القيادة الجماعة إلى من لا يعرف شؤون السياسة والإدارة ، ولا يحسن الولاية والإمرة ، يكون كإعطائها إلى الصبيان وهو أمر معلوم العواقب ، واضح المخاطر كما يقول الإمام عليّ (عليه السلام) : « يأتي على الناس زمان لا يُقرّب فيه إلاّ الماحلُ (أي الساعي في الناس بالوشاية) ولا يُظرّف فيه إلاّ الفاجر ».
    إلى أن قال (عليه السلام) : « فعند ذلك يكون السلطانُ بمشورة النساء ، وإمارة الصبيان » (3).
    ومن المعلوم أنّ المراد من قوله (عليه السلام) من إمارة الصبيان هو الإشارة إلى تفويض الاُمور إلى من لا يتمتع بالرشُد السياسيّ ، والخبرة القياديّة ، والبصيرة الإداريّة ، وليس المراد من الصبيّ ـ في المقام ـ هو غير البالغ شرعاً وذلك بقرينة أنّ الإمام يتحدث عن زمن تضيع فيه المقاييس الصحيحة للسياسة والاجتماع ، فبدل أن تسلّم فيه القيادة إلى ذوي الفهم والفكر والكفاءة تُسلّم إلى من لا يملك ذلك.
    إنّ تأكيد الإسلام على هذا الشرط ـ بهذه الدرجة الكبيرة من التأكيد ـ إنّما هو لصيانة الاُمّة الإسلاميّة من التورّط في المشاكل بسبب ضعف القادة والحكام في السياسة أو غفلتهم عن مقتضيات عصرهم ، وجهلهم بمتطلبات زمانهم وضروراته ، فبسبب هذا الضعف والجهل والغفلة يمكن أن تقع الاُمّة الإسلاميّة فريسةً للمؤامرات الأجنبيّة الشرسة ، وتغدو آلةً طيّعةً بأيدي الأعداء ، لتنفيذ أغراضهم ، وتحقيق مقاصدهم ، وهو أعظم ما تصاب به الاُمم والشعوب في حياتها وتاريخها.
    1 ـ الكافي 1 : 27 ، 43.
    2 ـ الكافي 1 : 27 ، 43.
    3 ـ نهج البلاغة : الحكم رقم (102).


(247)
4 ـ العدالة :
    إنّ أهمّ ما يجب أنّ يتحلّى به الحاكم الإسلاميّ والرئيس الأعلى للحكومة الإسلاميّة ـ بعد حسن الولاية ـ هو أن يكون متصفاً بالعدالة ، بعيداً عن المعاصي والذنوب فأيّ حاكم يمكن أن يؤتمن على مصير الاُمّة ، ومقدّراتها ويكون ملتزماً بالدين ، و مخلصاً لواجباته ووفيّاً لمصالح الاُمّة، ما لم يتصف بالعدالة التي هي حالة نفسانيّة تمنعه من ارتكاب الذنوب ، وتردعه عن اقتراف المعاصي ، التي منها الخيانة ، والكذب ، والتضليل ، والغلول.
    ولعلّ أوضح ما يدلّ على لزوم وجود مثل هذه الصفة في الحاكم ، وحثّ الناس على اعتبارها وملاحظتها فيه عند اختياره وانتخابه هو قوله تعالى : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ ) (هود : 113).
    وأيّ ركون إلى الظلم أعظم من تسليط الحاكم الفاسق ، والقبول بولايته ، والانصياع لأوامره وتسليم مقدرات الاُمّة إليه ؟
    وقال سبحانه : ( وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطَاً ) (الكهف : 28).
    وفي آية أُخرى يعتبر طاعة الأسياد الفاسدين الفاسقين موجباً للضلال وينقل عن لسان المضلَّلين بهم وقولهم : ( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ ) (الأحزاب : 67).
    وأنت إذا لاحظت الآيات الواردة حول الإطاعة تجد أنّ إطاعة الفاسق أمر محرّم بنص الكتاب فراجع الآيات الواردة بهذا الصدد.
    وفي هذا المجال قال الرسول الأعظم صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : « لاتصلُح الإمامةُ إلاّ لرجل فيه ثلاثُ خصال : ورع يحجزه عن محارم اللّه .... » (1).
    1 ـ الكافي 1 : 407.

(248)
    وقال الإمام عليّ (عليه السلام) : « وقد علمتم أنّه لاينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدِّماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين :
    1 ـ البخيل ، فتكون في أموالهم نهمتهُ
    2 ـ ولا الجاهل ، فيُضلَّهم بجهله
    3 ـ ولا الجافي ، فيقطعهم بجفائه
    4 ـ ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم
    5 ـ ولا المُرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع (أي الحدود التي عيّنها اللّه لها).
    6 ـ ولا المُعطّل للسّنّة فيهلك الاُمّة » (1).
    وقال (عليه السلام) أيضاً : « من نصب نفسه للنَّاس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، ومعلّم نفسه ومؤدبها أحقّ بالإجلال من معلّم النَّاس ومؤدّبهم » (2).
    قال الإمام عليّ (عليه السلام) : « لايصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلاّ بإمام عدل » (3).
    وقال النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : « يوم واحد من سطان عادل خير من مطر أربعين يوماً ، وحدّ يقام في الأرض أزكى من عبادة سنة » (4).
    وقال الإمام عليّ (عليه السلام) : « وعدل السلطان خير من خصب الزَّمان » (5).
    وقال الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام) : « فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الدائن بدين اللّه ، الحابس نفسه على ذات اللّه » (6).
    1 ـ نهج البلاغة : الخطبة (127)شرح عبده.
    2 ـ نهج البلاغة : الحكم الرقم (73).
    3 ـ الكافي 1 : 314.
    4 ـ المستدرك 3 : 216.
    5 ـ البحار 78 : 10.
    6 ـ روضة الواعظين : 206 ، الإرشاد للمفيد : 210.


(249)
    وقال (عليه السلام) أيضاً : « إنّما الخليفةُ من سار بكتاب اللّه وسُنّة نبيّه » (1).
    وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) : « ايّاكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تداري في شيء من الأخذ والعطاء أن تتحاكموا إلى أحد هؤلاء الفُسّاق » (2).
    وقال الإمام عليّ (عليه السلام) : « اتقوا اللّه وأطيعوا إمامكم فإنَّ الرَّعيَّة الصَّالحة تنجو بالإمام العادل ، ألا وإنَّ الرَّعيَّة الفاجرة تهلك بالإمام الفاجر » (3).
    وقال الإمام الكاظم (عليه السلام) : « طاعة ولاة العدل تمام العزِّ » (4).
    وكتب الإمام عليّ (عليه السلام) إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني عامله على أرديشرخرة : « أمَّا بعد فإنَّ من أعظم الخيانة خيانة الاُمّة ، وأعظم الغشِّ على أهل المصر غشّ الإمام » (5).
    وقال (عليه السلام) أيضاً : « اتقوا الحكومة إنَّما هي للإمام العالم بالقضاء ، العادل في المسلمين كنبيّ أو وصيِّ نبيّ » (6).
    وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : « إيّاكُم أن يُحاكم بعضُكُم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلمُ شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلتُهُ قاضياً فتحاكموا إليه » (7).
    وعن النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : « أحبّ النَّاس إلى اللّه يوم القيامة وأدناهم منه مجلساً إمام عادل وأبغضُ الناس إلى اللّه ، وأبعدهم منهُ مجلساً إمام جائر » (8).
    وقال صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم : « إنّ المقسطين عند اللّه على منابر من نور عن يمين الرَّحمن وكلتا يديه
    1 ـ شرح ابن أبي الحديد 6 : 49.
    2 ـ التهذيب 6 : 303.
    3 ـ البحار 8 : 482.
    4 ـ تحف العقول : 282.
    5 ـ البحار 8 : 618.
    6 ـ وسائل الشيعة ( كتاب القضاء) 18 : الباب 3 الطبعة الجديدة نقلاً عن الكافي 7 : 406.
    7 ـ الوسائل 18 : أبواب صفات القاضي الباب (1).
    8 ـ جامع الاُصول 4 : 55 أخرجه الترمذيّ.


(250)
يمين ، الَّذين يعدلون في حُكمهم وأهلهم وما ولوا » (1).
    إنّ الحديث الأخير وإن كان حول القضاء والفصل بين الخصومات إلاّ أنّ اعتبار هذه الصفة في مقام القيادة والزعامة العليا يكون أقوى بدليل الأولويّة ، لأنّ مقام الرئاسة العليا والقيادة أكثر خطورةً وأهميّةً من مقام القضاء ، ومسؤوليّة الفصل بين الخصومات ولذلك فهو أكثر حاجة إلى اعتبار وصف العدالة.
    أضف إلى ذلك ، أنّ من كان يتصدّى للقضاء ـ في تلك العهود ـ كان نفسه يشغل مقام الحكم والإدارة أيضاً..
    ثمّ إذا كان وصف العدالة مشترطاً في إمام الجماعة الذي يؤم جماعةً من المصلّين وهو عمل محدود و مؤقت ، كما نعلم ، فمن الأولى أن يكون مشترطاً في الحاكم الإسلاميّ للاُمّة المتربّع علس مسند القيادة العامّة والآخذ بمقدرات الاُمّة ، والمتصرف في عامّة شؤونها ، والمدبّر لاُمورها في شتى المجالات الحيويّة في خضمِّ الحياة السياسيّة.

5 ـ الرجولة :
    إذا كان الإسلام يشترط أن يكون الوالي والحاكم والقاضي رجلاً فليس لأجل أنّه يريد الحطّ من كرامة المرأة والتقليل من شأوها وشأنها ، أو احتقارها ، إنّما يقوم بهذا العمل مراعاةً للظروف والنواحي الطبيعيّة في المرأة والخصائص التكوينيّة التي تقتضي مثل هذا التفاوت في موضوع الرئاسة العليا ، كما أنّ مبدأ توزيع المسؤوليات الاجتماعيّة وتقسيم الوظائف حسب الإمكانيات يقتضي من جانب آخر إيكال كلّ مسؤوليّة ووظيفة إلى من يمكنه ـ بحكم طبيعته ـ القيام بها ، وأدائها.
    وحيث إنّ (المرأة)انسانة عاطفية أكثر من الرجل، لذلك ، فهي قد اعفيت في ـ منطق الإسلام ـ من المسؤوليّات الشاقة والواجبات الثقيلة ، و أُوكل كلّ ذلك إلى
    1 ـ جامع الاُصول 4 : 53 أخرجه مسلم.
مفاهيم القرآن ـ الجزء الثاني ::: فهرس