مفاهيم القرآن ـ جلد الراربع ::: 61 ـ 70
(61)
بنحو من الاَنحاء ، وعند ذلك لا فرق بين جعل الاستثناء متصلاً أو منقطعاً.
    والظاهر أنّ مصحح الاستثناء في الآية هو دخول المودة تحت الاَجر حقيقة إذ الخارج عن الآية بقرينة توجه الخطاب إلى الناس هو الاَجر الاَُخروي الخارج أو طلباً للمودة لشخصه أو لقريبه.
    ومع هذا الاعتراف ( أي دخول المودة تحت المستثنى منه وكون الاستثناء حقيقياً ) ليس طلب المودة للقربى أجراً حقيقياً عائداً نفعه إلى النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم إذ لو كان المطلوب من الاَُمّة نفس المودّة وتكريم الاَقربين وتبجيلهم لكان محلاً لاَن يعد أجراً حقيقياً ، ومصادماً للآيات النافية لطلب الاَجر عن الاَنبياء.
    وأمّا إذا كانت مودتهم طريقاً لتربية الاَُمّة وإسعادها وتكاملها كما سنشرحه عند البحث عن المقام الثالث ، فعند ذلك يعود طلب المودة كسائر التكاليف المطلوبة من الناس ، فهو قبل أن يكون مفيداً لصاحب الرسالة ، مفيد لنفس الاَُمّة ، ولاَجل ذلك قلنا عند الاَجابة على وجه الاِجمال : بأنّ طلب المودّة ليس أجراً حقيقياً وان أخرجت بصورة الاَجر.
    وحاصل ما ذكرناه أمران :
    الاَوّل : انّ المودّة داخلة تحت الاَجر بلا إشكال والاستثناء متصل جداً.
    الثاني : انّ المودة ليست أجراً حقيقياً ، لاَنّها ليست مطلوبة بالذات ، بل هي طريق وسبيل إلى نجاة الاَُمّة عن الهلاك والضلال ، بل هي وسيلة إلى هدف تربوي ، وهو اتّباع أقربائه في أقوالهم وأعمالهم.
    وإن شئت قلت : إنّ المودّة الحقيقية لاَقربائه لا تنفك عن اتّباعهم ، فيما يفعلون وفيما لا يفعلون ، وأمّا المودّة المنفكة عن الاقتفاء بهم فإنّما هي مودّة كاذبة أو خدعة يخدع الاِنسان بها نفسه ، وهو يحب نفسه وميوله لا سيده ومولاه ، وإن


(62)
أطلق عليها المودة فبالعناية والمجاز ، بل طبيعة المودّة لشخص يوجب انصباغ صاحبها بصبغة من يحبه ، والتكيّف بكيفه ، والتخلف في مورد أو موارد لا يضر في هذا المجال لاختلاف مراتب الود.
    وبعبارة ثالثة : تصبح المودّة لاَهل بيت النبي الذين هم أحد الثقلين (1) وسفينة النجاة (2) وورثة علم الرسول وحملة أحكام الدين ، سبباً لاِغناء الاَُمّة من الناحية الدينية عن الرجوع إلى غيرهم ، ووسيلة لاِزالة كل احتياجاتها ، فعند ذلك يكون طلب المودة كمثل قول الطبيب المعالج لمريضه ـ بعدما يفحصه بدقة ، ويكتب له نسخة ـ : « لا أطلب منك أجراً إلاّ العمل بهذه الوصفة » ، فهو في الظاهر أجر مطلوب ربّما يوجب نشاط الطبيب وسروره القلبي إذا رأى أنّ مريضه قد استعاد صحته ولكنّه قبل أن يرجع نفعه إلى الطبيب يعود نفعه إلى المريض.
    وبملاحظة هذه الاَُمور يتضح أنّ الهدف النهائي من طلب المودّة لاَقربائه هو دفع الناس إلى الاقتداء بهم واتباعهم لهم في شوَون الدنيا والآخرة ، وهذا سبب لوعي الاَُمّة وتكاملها ، في المرحلتين : الفكرية والعملية.
    إذا عرفت هذه الاَُمور وقفت على أنّه لا تناقض بين هذه الآية الناصّة على طلب المودة أجراً على الرسالة وبين الآيات المتضافرة الناصّة على أنّ الاَنبياء لا يطلبون أي أجر من أُممهم.
    ووجه عدم المنافاة واضح جداً ، لاَنّ المودة ـ كما أسلفناه ـ وإن كانت مطلوبة بصورة الاَجر إلاّ أنّ نتيجتها عائدة إلى ذات الاَُمّة لاَنّها سبب رقيّها مدارج
    1 ـ قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً » حديث رواه الفريقان.
    2 ـ قال رسول اللّه ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنهاغرق » رواه جمع من المحدِّثين من العامة والخاصة.


(63)
الكمال ، وإسعادها وتكاملها في المراحل الفكرية والعملية ، وتعرّفها على أُصول دينها وفروعه ، واستغنائها عن أيِّ منهج لا ضمان لصحته ، فلا يعد طلب ذلك الاَجر مضاداً للهتافات المتضافرة الصادرة عن الاَنبياء طيلة أداء رسالاتهم.


(64)
المقام الثالث
كيف يعود نفع المودّة إلى الناس؟
    إنّ القرآن الكريم اعتبر مودة القربى أجراً على الرسالة في آية ، وفي آية أُخرى اعتبر الاَجر المطلوب عائداً نفعه في نفس الاَمر إلى الاَُمّة ، قال سبحانه : ( قُل مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ) (1) فكيف يعود نفعها على الاَُمّة؟
    الجواب : لا حاجة إلى إفاضة القول في المقام على وجه التفصيل إذ قد تبين الجواب عند البحث السابق الدائر حول الجمع بين هذه الآية والآيات النافية ، ومع ذلك نشير هنا إلى الجواب على وجه الاِجمال وهو : انّ اللّه سبحانه عندما أمر نبيه بطلب المودّة من الناس لاَقربائه ، أراد إيصال الناس إلى فائدة أُخرى ، وذلك لاَنّ مودة أقربائه تنطوي على فائدتين مهمتين لنا :
    الاَُولى : انّ العترة بحكم أنّهم قرناء القرآن (2) معصومون من الخطأ والاشتباه ، فعند ذلك بإمكانهم أن يلبُّوا حاجات الناس العلمية في أُصول الدين وفروعه ، وبما أنّهم كسفينة نوح لا يتصور لهم انحراف في أقوالهم وأعمالهم فمودتهم ، والارتباط بهم يوجب تعرف الاَُمّة على حقائق دينها على وجه الصحّة
    1 ـ سبأ : 47.
    2 ـ في قوله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي » ، وقرين القرآن وعديله معصوم مثله وإلاّ لما صح جعله عديلاً وقريناً. فلاحظ.


(65)
واليقين ، بخلاف ما إذا رجعت إلى غيرهم فلا يحصل لهم إلاّ الشك والظن والتخمين.
    الثانية : لما كانت العترة النبوية تمثل بحكم تربيتها المتعالية قمة الاَخلاق والسجايا النبيلة ، كان الارتباط بهم طريقاً إلى الحصول على التكامل الروحي والمعنوي وسبباً للوقوف على الرضا الاِلهي.
    إذ عندما يكون ارتباط عامل برب عمله أو تلميذ بأُستاذه موجباً لتكامل العامل والتلميذ ، فالارتباط بعترة النبي سيكون بصورة أولى موجباً للحصول على تكامل أرقى ، كيف وهم بحكم الحديثين الماضيين مبّرأون من كل رذيلة أخلاقية ، وصفات ذميمة.
    وقد وردت الاِشارة إلى مثل هذا التأثير الذي يتركه الحب والود في نفس المحب من محبوبه في كلام الاِمام الصادق ( عليه السلام ) حيث قال : « ما أحب اللّه من عصاه » ثم أنشد الاِمام قائلاً :
تعصي الاِله وأنت تظهر حبه لو كان حبك صادقاً لاَطعته هذا محال في الفعال بديع انّ المحب لمن يحب مطيع (1)
    وبذلك يظهر أنّ ما ربّما يتفوّه به من لا قدم راسخ له في هذه الاَبحاث ويقول : إنّ طلب المودة من جانب النبي لاَقربائه أمر غير متين ، خال عن السداد والمتانة. لاَنّ القائل تصور انّ المقصود هو المحبة القلبية ، أو ما يصاحبه من التظاهر باللسان ، ولكنك قد وقفت على أنّ المقصود من المودة هو الارتباط وبالنتيجة التعرّف على المعارف والاَُصول ، وفي مرحلة أُخرى الاتباع والاقتداء العملي ، فيصير طلب المودة نوعاً من طلب الاتّباع للرسول وكتابه سبحانه ، قال
    1 ـ سفينة البحار : 1/119 ، مادة حب.

(66)
سبحانه : ( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ). (1)
    ثم إنّ للمفسرين في تفسير قوله : ( قُلْ ما سألتكم من أجرٍ فهوَ لَكُم ) (2) وجهين :
    الاَوّل : انّه كناية عن نفي الاَجر رأساً ، كما يقول الرجل لصاحبه : إن أعطيتني شيئاً فخذه ، وهو يعلم أنّه لم يعطه شيئاً ، ولكنه يريد به البت لتعليقه الاَخذ بما لم يكن. (3)
    وقال الطبرسي : لا أسألكم على تبليغ الرسالة شيئاً من عرض الدنيا فتتهموني ، فما طلبت منكم من أجر على أداء الرسالة وبيان الشريعة ، لكم وهذا كما يقول الرجل لمن لا يقبل نصحه : ما أعطيتني من أجر فخذه وما لي في هذا فقد وهبته لك ، يريد ليس لي فيه شيء. (4)
    الثاني : أن يريد بالاَجر ما جاء في قوله تعالى : ( قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عليهِ مِنْ أجْرٍ إلاّ مَنْ شاءَ أن يَتّخذَ إلى ربِّهِ سَبيلا ) (5) وفي قوله : ( قُلْ لا أسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المودّةَ فِي القُرْبَى ) (6) لاَنّ اتخاذ السبيل إلى اللّه نصيبهم وما فيه نفعهم ، وكذلك المودة في القربى. (7)
    1 ـ آل عمران : 31.
    2 ـ سبأ : 47.
    3 ـ الكشاف : 2/566.
    4 ـ مجمع البيان : 4/396.
    5 ـ الفرقان : 57.
    6 ـ الشورى : 23.
    7 ـ الكشاف : 2/566.


(67)
المقام الرابع
المودّة في القربى نفس اتخاذ السبيل إلى اللّه
    لقد بانت الحقيقة من هذا البحث الضافي بأجلى مظاهرها ، غير أنّه يجب البحث عن نكتة أُخرى وهي : أنّه سبحانه جعل اتخاذ السبيل إلى اللّه أجراً لرسالة نبيه في الآية التالية ، قال سبحانه : ( قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ إلاّ مَنْ شاءَ أن يَتَّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلا ) (1) وقبل الاِجابة على السوَال ، وأنّ المستثنى في هذه الآية هو المستثنى في آية سورة الشورى ، نعمد إلى توضيح الآية.
    إنّ الضمير في « عليه » يرجع إلى القرآن ، وقد وضع الفاعل وهو « من اتخذ إلى ربه سبيلا » موضع فعله ، وهو نفس اتخاذ السبيل ، فالاَجر المستثنى هو عمل المسلمين ، وهو اتخاذ السبيل لا نفس المتخذ كما هو ظاهر الآية ، أعني قوله : ( من اتَّخَذَ ) والمراد إلاّ فعل ( من اتَّخذَ ) والنكتة في العدول ، هو المبالغة في اتخاذ السبيل ، فكأنّ الشخص بوجوده الخارجي نفس اتخاذ السبيل ـ الذي هو معنى عرضي يحمله الاِنسان ـ ولذلك نظائر في القرآن الكريم ، قال سبحانه : ( لَيْسَ البِرَّ أنّ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْ ـ رِقِ والمَغْرِبِ ولكِنّ البِ ـ رَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ واليومِ الآخِرِ ). (2) فإنّ الظاهر من الآية ، انّ البر هو نفس من آمن ، مع أنّه لا يمكن أن
    1 ـ الفرقان : 57.
    2 ـ البقرة : 177.


(68)
يكون هو براً ، ولكن لاِظهار المبالغة في العمل بالبر ربما يخبر عن البر ب ـ ( من آمن باللّه واليوم الآخر ) وكأنّ الموَمن لاَجل إيمانه بالاَمرين صار نفس البر.
    ثم إنّ المراد من اتخاذ السبيل هو تلاوة القرآن والعمل بما فيه من الفرائض والمحرمات بقرينة قوله سبحانه : ( إنّ هذهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلا ). (1)
    وقد وردت هذه الآية أيضاً بنصها في سورة الاِنسان في الآية 29.
    وعلى ذلك يكون مفاد الآية : أنّي لا أطلب منكم أجراً سوى استجابة دعوتي واتباع الحق ، وهو نهاية استغنائه عن الاَُجور الدنيوية التافهة.
    وقد علّق سبحانه اتخاذ السبيل على مشيئتهم للدلالة على حريتهم الكاملة فلا إكراه ولا إجبار في ذلك الاتخاذ من قبل أحد ، ولا وظ ـ يفة للنبي سوى التبشير والاِنذار ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُوَمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُر ). (2)
    قال الزمخشري في الكشاف : وهذا نظير قول من قد سعى لك في تحصيل مال وقال : ما أطلب منك ثواباً على ما سعيت إلاّ أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ، ولكن صوّره هو بصورة الثواب وسمّاه باسمه ، فأفاد فائدتين :
    إحداهما : قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله.
    والثانية : إظهار الشفقة البالغة ... إلى أن قال : ومعنى اتخاذهم إلى اللّه سبيلاً ، تقرّبهم إليه وطلبهم عنده الزلفى بالاِيمان والطاعة. وقيل التقرّب بالصدقة والنفقة في سبيل اللّه. (3)
    1 ـ المزمل : 19.
    2 ـ الكهف : 29.
    3 ـ الكشاف : 2/412.


(69)
    وما ذكره من أنّ المراد من اتخاذ السبيل هو الاِيمان والطاعة يرجع إلى ما ذكرنا من أنّه يطلب إجابة دعوته والاتّباع للحق ، وتلاوة القرآن والعمل بما فيه ، والكل يرجع إلى أمر واحد ، وهو أنّه لا يطلب سوى العمل بالشريعة والاتّباع للدين الحنيف ، ومن ذلك يظهر أنّ تفسير « اتخاذ السبيل » بالاِنفاق في سبيل اللّه وإعطاء الصدقة تفسير بالمصداق وليس اتخاذ السبيل منحصراً فيه.
    قال الطبرسي : ما أسألكم عليه : على القرآن وتبليغ الوحي من أجر تعطونيه إلاّ من شاء أن يتخذ إلى ربِّه سبيلاً بإنفاقه ماله في طاعة اللّه واتّباع مرضاته ، والمعنى : لا أسألكم لنفسي أجراً ، ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة اللّه سبحانه ، بل أرغب فيه وأحث عليه ، وفي هذا تأكيد للصدق ، لاَنّه لو طلب على تبليغ الرسالة أجراً لقالوا إنّما يطلب أموالنا. (1)

وجه الجمع بين الاَجرين الظاهريين
    هذا هو معنى إيجاب اتخاذ السبيل الوارد في الآية ، وهو لا يفترق عن إيجاب المودة في القربى لغرض الوصول إلى الشريعة والتعرّف على أحكامها والعمل بما فيها من الفرائض والتجنب عن المنهيات ، لاَنّ مودّتهم الحقيقية كما عرّفناك لا تفترق عن الاتّباع لاَقوالهم والاقتداء بأعمالهم وهو نفس الاتّباع للشريعة والعمل بما فيها من الاَحكام ونفس استجابة دعوة النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ، فعادت الآيتان متوافقتي المضمون ومتحدتي المعنى.
    فالنبي ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) لم يطلب في كلتا الآيتين سوى العمل بالشريعة وإجابة دعوته ، وهو يحصل من طريق المودة في القربى كما يحصل من الاِيمان بالنبي ومودّته ، ولا معنى للمودة الحقيقية إلاّ العمل بقول المحبوب والاقتداء به فيما يأمر وينهى ،
    1 ـ مجمع البيان : 4/175.

(70)
والمودّة الفارغة عن الاتّباع ليست سوى خدعة يخدع الاِنسان بها نفسه هذا على القول بأنّ المراد من « اتخاذ السبيل » هو إجابة دعوة النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم والعمل بما أتى به والتمسك بشريعته.
    ولكن يمكن أن يقال : إنّ المراد من اتخاذ السبيل هو نفس المودّة في القربى ، فإنّها إحدى الطرق إلى التعرّف على الشريعة ، والتمسّك بها ، كما أنّ القرآن أيضاً أحد هذه الطرق ، وقد وافاك أنّ المودة ليست إلاّ أمراً طريقياً لهذه الغاية المهمة وليست مطلوبة بما هي هي ولذاتها.
    وتوَيد ذلك الصحاح الحاكمة بوجوب التمسك بالثقلين ، أعني : الكتاب والعترة ، في قوله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وأهل بيتي ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الاَرض ، وعترتي أهل بيتي وانّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ». (1)
    وقوله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ». (2)
    وقوله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « النجوم أمان لاَهل الاَرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لاَُمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس ». (3)
    وعلى هذا فينطبق المستثنيان الواردان في الآيتين على معنى واحد ، ويكونان هادفين إلى معنى فارد ، وهو المودة في القربى ، غير أنّه جاء الاَجر المطلوب في سورة الشورى على وجه الصراحة ، وفي سورة الفرقان على وجه الكناية.
    1 ـ راجع مصادر حديث الثقلين ، إلى ما نشرته دار التقريب بين المذاهب الاِسلامية ، باسم « حديث الثقلين » القاهرة ، عام 1374 هـ ، والمراجعات : 20 ـ 23.
    2 ـ مستدرك الحاكم : 3/151.
    3 ـ المصدر السابق : 149.
مفاهيم القرآن ـ جلد الرابع ::: فهرس