مفاهيم القرآن ـ جلد الخامس ::: 481 ـ 490
(481)
الواقعيين إلاّ الشاذ النادر ، فإن الزيارة الرسمية الّتي رسم مقدماتها عملاء الطاغوت لا تسمح بإنجاز هذه الأُمور.
    كيف ينكر الأُستاذ خدمة الشيعة للقرآن وعلومه وتبيين وجوه إعجازه مع أنّ المفسّر الأوّل هو إمام الشيعة وإمام المسلمين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ثم تلميذه الأكبر ابن عباس حبر الأُمّة ، ثم أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) كلّهم ، ثم تلاميذهم المتربّون في أحضانهم ومناهجهم وقد توالى التأليف حول القرآن في كل ما يرجع إليه من زمن ابن عباس إلى زماننا هذا.
    ولإيقاف الأُستاذ على النزر اليسير من الجهود العلمية الّتي تحمّلها علماء الشيعة نأتي بأسماء التفاسير الّتي أُلّف أكثرها في أواخر القرن الرابع عشر الهجري باللغة العربية فقط ونترك ما أُلّف بغيرها :
    1. « آلاء الرحمن في تفسير القرآن » : تأليف العلاّمة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي ( المتوفّى عام 1352 هـ ) صدر منه جزءان.
    2. « الميزان في تفسير القرآن » : تأليف العلاّمة المحقّق المتألّه الأكبر السيد محمد حسين الطباطبائي ( المتوفّى 1402 هـ ) وهو في عشرين جزءاً ، طبع في بيروت وإيران.
    3. « البيان في تفسير القرآن » : تأليف المحقّق الأكبر السيد أبو القاسم الخوئي النجفي ـ دام ظلّه ـ طبع طبعات متعددة ، منها مانشرته مؤسسة الأعلمي بيروت ، الطبعة الثالثة ـ 1394 هـ / 1974 م.
    4. « التفسير الوجيز » : للعلاّمة الفقيه السيد محمد التبريزي ( مولانا ) ( المتوفّى عام 1363 هـ ) وهو تفسير على غرار تفسير الجلالين ، طبع في قم المقدسة من قبل مؤسسة الإمام المنتظر ( عليه السلام ) ـ 1418 هـ.


(482)
    5. « التفسير الكاشف » : في سبعة أجزاء ، تأليف العلاّمة الحجة المجاهد الشيخ محمد جواد مغنية ( رحمه الله ) وهو من فطاحل علماء بيروت ومن المناضلين ضد البدع ، وله مع ذلك تفسير صغير آخر ألّفه للشباب.
    6. « الفرقان في تفسير القرآن » : للعلاّمة الحجّة الشيخ محمد الصادقي الطهراني ، طبع في بيروت من قبل مؤسسة الأعلمي في 30 جزءاً.
    7. « التمهيد في علوم القرآن » : للعلاّمة الحجة الشيخ محمد هادي معرفة ، صدرت منه ستة أجزاء.
    8. « التفسير الأمثل » : للعلاّمة آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ـ حياه الله وبياه ـ ، وهو ترجمة لتفسيره باللغة الفارسية في عشرين جزءاً ، من منشورات مؤسسة البعثة ، بيروت ـ 1413 هـ.
    9. « القرآن والعقل » : للعلاّمة السيد نور الدين العراقي ( المتوفّى 1341 هـ ) ، وهو تفسير بديع في اسلوبه ، في ثلاثة أجزاء ، مطبوع في إيران سنة 1403 هـ.
    10. « تقريب القرآن إلى الأذهان » : تأليف العلاّمة الحجة السيد محمد الشيرازي ، ويقع في 30 جزءاً.
    11. « التحقيق في كلمات القرآن » : في أربعة عشر جزءاً تأليف المحقّق الشيخ حسن المصطفوي ـ دام ظلّه ـ ، وقد خرج جميع الأجزاء.
    12. « مواهب الرحمن في تفسير القرآن » : للعلاّمة الحجة السيد عبد الأعلى السبزواري النجفي ، صدر منه عشرة أجزاء.
    13. « تفسير القرآن الكريم مفتاح أحسن الخزائن الإلهية » : تأليف العلاّمة


(483)
المحقّق السيد مصطفى الخميني ، مطبوع في إيران خمسة أجزاء ، من منشورات مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ( قدس سره ) عام 1418 هـ.
    14. « تفسير البصائر » : تأليف العلاّمة المحقّق الشيخ يعسوب الدين الجويباري ، ويقع في 60 جزءاً ، مطبوع في قم المقدسة عام 1413 هـ.
    15. « الجديد في تفسير القرآن المجيد » : تأليف العلاّمة الحجة الشيخ محمد بن حبيب الله المعروف بالسبزواري النجفي ، سبعة أجزاء ، مطبوع في بيروت من منشورات دار التعارف للمطبوعات ـ 1402 هـ.
    16. « مفاهيم القرآن » : كتاب يفسر القرآن حسب موضوعاته ، وهو مبتكر في موضوعه ، بديع في بابه ، تأليف كاتب هذه السطور ، صدرت منه حتّى الآن عشرة أجزاء ، طبع في إيران عدة طبعات.
    هذه هي أسماء التفاسير الّتي أُلّفت باللغة العربية في العصر الأخير أتينا بأسمائها من دون مراجعة الفهارس المكتبية.
    وهناك تفاسير كثيرة باللغة العربية مطبوعة ومخطوطة لأعلام المعاصرين لم يسمح لهم الزمان بنشرها ، ومن أراد الوقوف على عناية طائفة الإمامية بتفسير الذكر الحكيم طول القرون ، فعليه الرجوع إلى كتاب « الذريعة إلى تصانيف الشيعة » ( الجزء الرابع مادة التفسير ) ومع ذلك فقد فاتته أسماء قسم من التفاسير الّتي أُلّفت في العصر الأخير.
    ونحن نكتفي بهذا المقدار من التناقض الموجود بين الرسالتين ، ولا يفوت القارئ الكريم عرفان الحوافز الّتي دفعت المؤلف إلى هذا التناقض.
    فإنّ الكاتب في الفترة الأُولى أطلّ بنظرة على الحقائق لا بعين السخط ، وإن


(484)
قصّر في كثير من الأُمور ، ولكنّه في الرسالة الثانية أطلّ بنظره عليها بعين السخط بعد قيام الثورة الإسلامية الّتي أثارت المستضعفين والمحرومين في المنطقة على أصحاب العروش ، الذين لم يزل الأُستاذ وأعضاء الوفد والرابطة يؤيدونهم وينصرونهم بأقلامهم وألسنتهم ، فلم يكن له بد من النظر إلى تلك الطائفة من زاوية السخط والغضب ، ولأجل ذلك جاء بالطامات والأكاذيب والنسب المفتعلة الّتي نشير إلى بعضها ، وقد قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
    ولكن لم يكن هناك أيّ سوء أبداه سوى النسب المفتعلة.
    وهناك مؤاخذة عامة تعم هذا الفريق من الكتّاب ولا تختص بالأُستاذ ولا بوفده ، وهي أنّهم قد اعتادو على السكوت على الظالم بل الركون إليه والجلوس على موائده ، والتبجّح بضيافته ، وهذه شنشنة نعرفها من هذه الجماعة من عصر الأُمويين إلى يومنا هذا ، ونجلّ العلماء الواقعيين من السنّة عن هذه المؤاخذة.
    ولذلك ينبغي أن نركّز على هذه النقطة الّتي كانت ولا تزال أساس الكثير من الانحرافات الّتي ألحقت بالمسلمين أكبر الأضرار في حياتهم الاجتماعية والسياسية ، وجعلت الكتّاب والمفكّرين في خدمة الظالم.

الركون إلى الظالم وحكمه في الإسلام
    لا شك أنّ الإسلام قد حرّم الركون إلى الظالم فقال سبحانه : ( وَ لاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (1) ، والكاتب وزملاؤه من مؤيدي الحكومات
    1 ـ هود : 113.

(485)
الجائرة والدعاة لهم في صلوات الجمعة والجماعة ، فما هو جوابهم عند الله عن هذا الركون الّذي لا يمكن إنكاره؟!
    هذا هوزميله أبو الأعلى المودودي أوّل فائز بجائزة الملك فيصل ، وذاك نصيره الآخر « عبد رب الرسول سياف » الفائز بالجائزة الملكية عام 1404 هـ (1) ، وهكذا دواليك فلا يشك ذو مسكة انّ جميع مشاريعهم وخططهم قائمة بالأُجور المبذولة من قبل الحكومات المفروضة على الأُمّة الإسلامية ، وهؤلاء قبال هذه النعم والترف ، يسعون بكل قوة وحماس ، في تدعيم عروشهم وتحكيم دعائمها ، ومع ذلك يدّعون أنّهم على خط الإسلام ، والتوحيد وغيرهم على خط الوثنية والشرك.
    فما هذا التوحيد الّذي يدّعونه ويجعلونه واجهة لكل آمالهم وأُمنياتهم الدنيوية؟! فلو كانت حقيقة التوحيد كسر الأصنام والأوثان ، وحذف الوسائط بين العبد والرب ، فما معنى تكريم هذه الطواغيت الجائرة ، والدعاء لهم والافتخار بضيافتهم الفاخرة ، والنزول عند رغباتهم واتخاذهم سناداً وعماداً في الحياة حتّى كأنّه لولاهم لما استقر لهم العيش ؟
    نراهم ونرى كل من كان في الخط الذي يمشي عليه هؤلاء ، ساكتين في مقابل طواغيت العصر وأعمالهم الإجرامية ومنها تسامحهم بل تعاملهم مع الشيطان الأكبر الّذي زرع دويلة إسرائيل في قلب الأُمّة الإسلامية ، وهومعلوم للأصم والأعمى ، فكيف بالسميع والبصير؟!
    نرى أنّه سبحانه يذمّ الساكتين ويندّد بالمحايدين عندما يطرح حياة أُمّة من بني إسرائيل الذين كانوا يعيشون في ساحل من سواحل البحر ، فيقسمهم إلى ثلاثة أصناف :
    1 ـ جريدة أخبار العالم الإسلامي ، رجب 1407 هـ ـ الموافق 16 آذار 1987 م.

(486)
    الأوّل : الجماعة الرافضة لحكم الله سبحانه ، حيث حرم عليهم صيد البحر يوم السبت قائلاً : ( ... إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ ) (1).
    الثاني : الجماعة الساكتة الّتي أهمّتهم أنفسهم ، لاينهون المعتدين عن عدوانهم ، بل كانوا يعترضون على القائمين بوظيفة الإرشاد ، والرد في وجه العاصين والطاغين بقولهم : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً ).
    الثالث : الجماعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر ، محتسبين ذلك وظيفة دينية عريقة ، وقد حكى الله سبحانه على لسانهم وقال : ( مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ).
    فالله سبحانه يخبر أنّه اباد الطائفتين الأُوليين « المنكرين ، والساكتين والمحايدين » وأنجى الطائفة الثالثة قائلاً : ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَاب بَئِيس بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ) (2) ، فالآية صريحة في حصر النجاة في الناهين عن السوء وشمول العذاب للمعتدين والساكتين.
    فما أصرح الآية في تبيين مصيركم أيّها الساكتون في وجه الطغاة ، الجالسون حول موائدهم العامرة ، المرتادون لمجالسهم وضيافاتهم الفاخرة ، من دون أن تقابلوهم بوجوه مكفهرّة أو بقلوب مملوءة بالغضب ، ومع ذلك تدّعون أنّكم دعاة التوحيد وأعلام الهداية وشعاركم الوحيد « إلى الإسلام من جديد » ؟!!
    وهل الإسلام إلاّ أُصول وعقائد وأحكام ووظائف جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين وملأ فمه : « من رأى منكراً فليغيره بلسانه ، فإن لم يستطع فبيده ، ومن لم
    1 ـ الأعراف : 163.
    2 ـ الأعراف : 165.


(487)
يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ».
    فهل أنت أيها الأُستاذ ويا أصحاب الندوة والندويين المرتزقين من الوهابية على هذا النمط؟ فهل رفعتم عقيرتكم على أصحاب الجلالات والعروش بمساهمتهم مع الشيطان الأكبر بإيوائه ثغر الإسلام وأُمّ القرى ومن حولها؟ كلا ، ولا!! فإنّكم تدركون خطورة الموقف ، وأنّ التخلّف عن الأدب الرسمي فضلاً عن رفع العقيرة ، ينتهي إلى قطع الرواتب والمنح والجوائز ، وبالنتيجة السقوط عن أعينهم وأعين من يعينونهم.
    فأنتم بهذا الحال وعّاظ السلاطين وخدّامهم لا وعّاظ الإسلام وخدّام المسلمين غير انّكم اتّخذتم الإسلام والدين واجهة في المجتمع ، ومع ذلك تتمنّون أن يلتف حولكم شباب المسلمين زاعمين أنّكم الإسلام المجسد مع أنّ حياتكم ومنحكم وأُجوركم كلها على عاتق الملوك ، لا على الشعب المسلم ، هذا موجز من دوركم في الحواضر الإسلامية ، ولانريد البسط والإسهاب « في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء » ؟!!
    لقد رأى الكاتب صورتي النبي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في المساجد والبيوت ، وقد عزّ عليه ذلك.
    أقول : إنّ الكاتب رأى سفور النساء في شوارع طهران يومذاك ورأى المؤسسات الربوية في جميع المدن الّتي زارها ، كما رأى التماثيل المنصوبة لطاغوت العصر في الساحات والميادين ، ولمس سنّ القوانين الكافرة في البلاد ، ولاحظ البرامج التربوية المنحرفة في الجامعات والكليات ، ومع ذلك كله لم ينبس في شأن تلك الموارد ببنت شفة ولم يعترض لا على مضيّفه ، ولا أتى بذكر واحدة من تلك الأُمور المهمة الهدامة لأُسس الإسلام في صميم رسالته ، ولكنّه عزّ عليه وجود


(488)
صورة النبي والولي في بعض المساجد ، الّتي لا يوافق عليها العلماء ولا يفعلها إلاّ بعض الجهلة والسذج.
    فالإسلام الّذي يجتمع مع سفور النساء ، وإنشاء المؤسسات الربوية ، وانحراف المناهج التربوية ، ويلتئم مع القوانين الكافرة في جميع المظاهر ، ويجتمع مع الدعاء للطواغيت والخضوع لهم ، وأخذ المنح والجوائز من أيديهم ، والتذلّل لهم بكل الوسائل ، عليه السلام ، وعلى مثل ذلك الدين العفا ، وكأنّي بشاعر المعرّة يخاطب تلك الزمرة ، ويقول :
إذا وصف الطائي بالبخل مادر وقال السهى للشمس أنت خفية وطاولت الأرض السماء ترفّعاً فياموت زر انّ الحياة ذميمة وعير قسّاً بالفهاهة باقل وقال الدجى للصبح لونك حائل وفاخرت الشهب الحصى والجنادل ويا نفس جدي انّ دهرك هازل
    ويا للعجب انّكم تشاهدون بأُمِّ أعينكم السفور والخمور في شوارع العواصم الإسلامية وتعلمون أنّ الحكومات الّتي أنتم تؤيدونها وتدعمونها ، هي السبب الوحيد لهذه الأوضاع الخلقية المؤسفة ومع ذلك لا تنبسون ببنت شفة ، ولمّا قامت الثورة الإسلامية في إيران ، فجابهت فوضى الفساد ، وقطعت جذورها ، خرجتم من أوكاركم متسلحين باسم الإسلام المزعوم تصبون القارعات عليها ، وتشنون الغارات إليها بكل قوّة ووسيلة ، وتكتبون في كل شهر وشهرين رسالة حولها إبعاداً لها عن قلوب الشباب ، وتحاولون تشويه سمعتها ، ما هذا التساهل في مقابل الطغمة الأثيمة في الحواضر الإسلامية ، وما هو الهدف وراء هذه الهجمة الشرسة على الحكومة الإسلامية الفتية الّتي تريد إيقاظ الطوائف الإسلامية ، حتّى تقوم بواجبها وتركز على التمسك بالوحدة؟!


(489)
    فبدلاً من دعمها وتأييدها وصيانتها عن الزلة حتّى تنمو وتصير شجرة مثمرة معطية أُكلها كلَّ حين ، قمتم بوجه تلك الحكومة بنشر كتيبات ورسائل تكرّرون الشبه الّتي أكل عليها الدهر وشرب ، وأجاب عنها الفطاحل الأعلام ، وقبل كل شيء تشقون عصا المسلمين وتمزّقون الوحدة ولو كان الهدف من نشرها هو الهداية والإرشاد إلى سبيل التوحيد ، فليست الفرية والافتعال والاعتماد على كتب مخالفيهم ، بل وعلى كتب اليهود والنصارى من شروطها ، ولا نبش الدفائن من أُسسها!! « ما هكذا تورد يا سعد الأبل ».
    إنّ ما تذكرونه من الشبهات مأخوذ من كتّاب مغفّلين أو مستغربين ، كموسى جار الله التركستاني ، وأحمد أمين المصري ، ذلك الكاتب المتحذلق المختلق ، والقصيمي النجدي ذلك الكيذبان الأشرس على المسلمين جميعاً وعلى الشيعة خصوصاً ، وغيرهم ، وقد قام الفطاحل الأعلام من الإمامية بنقد هذه النسب المفتعلة أو تفسيرها على نهج الحق ، نظراء : الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، والسيد محسن الأمين الشامي ، وشرف الدين العاملي ، وعبد الله السبيتي ، والعلاّمة الأميني ـ قدس الله أسرارهم وأسكنهم فسيح جناته ـ فكان الواجب على الكاتب ونظيره ترك التعرّض لهذه المسائل بعد الوقوف على هذه الكتب ، غير أنّه راقه تكرار المكرّرات وإغواء البسطاء ، وقبل كل شيء إرضاء الأسياد الذين يقومون في وجه الثورة الإسلامية يخافون من اندلاعها في المنطقة.
    لا شك أنّ الحركة نحو الإسلام قد استفحلت في جميع الأقطار الإسلامية وتشرف أن تكون ناضجة مثمرة في الأبعاد الكثيرة ، وانّ الأُمنية الّتي كانت تجول في خواطر الشخصيات الإسلامية الكبيرة منذ بداية القرن الرابع عشر كالسيد جمال الدين الأسدآبادي ، وتلميذه شيخ الأزهر محمد عبده المصري ، والسيد الكواكبي الشامي وسائر الأعلام ، أخذت تتجسد في المجتمع.


(490)
    فهل يصحّ في هذه الظروف نبش الدفائن والتنقيب عن المسائل الّتي تفكك عرى الوحدة ، وتوجد القلق والاضطراب ، أو ليست الوظيفة في هذه الظروف الدعوة إلى الوحدة وتناسي البحث عن هذه المسائل أو تأجيلها إلى آونة أُخرى؟!
    هذه خلاصة القول في الرسالة الأُولى ، وكفانا في نقدها ما كتبه العلاّمة المحقّق الشيخ لطف الله الصافي ( دام ظله ) قبل أعوام عندما نشر الكاتب المذكور رسالته الأُولى ، فأجاب عنها الشيخ برسالة أسماها « إيران تسمع فتجيب » (1) ، وقد قابله بأجوبة رصينة ، وبما أنّ الظروف في تلك الأعوام لم تسمح له بالأصحار بالحقائق بأكثر ممّا فيها ، لذلك طوى الكلام عن كثير من الانتقادات المتوجهة إليها ، فشكر الله مساعي شيخنا المحقّق ونفعنا الله بوجوده وعلومه.

موجز الرسالة الثانية
    إنّ الرسالة الثانية تشتمل قبل كل شيء على « علم كلام » جديد غفل عنه مشايخ المعتزلة وأئمة الأشاعرة ، كما تشتمل على أُمور مفتعلة على الشيعة وهم برآء منها ، وقد طرحت في كتب المغرضين من القدماء كابن حزم وتيمية وحجر ، والمتأخرين عنهم أحمد أمين المصري والخضري ذلك الأُموي المباهت وغيرهم من كتب السلف والخلف. والمطلب الجديد الّذي أتى به الكاتب ما زعم أنّه يشترط في النبوّة الدائمة تحقّق شروط أربعة وإنّها من ملامح الرسالة الخالدة ، وإليك تحليل تلك الشروط واحداً بعد الآخر.

الشرط الأوّل للرسالة الخالدة
    يقول : إنّ معجزة التأثير والهداية يجب أن تتحقّق في حياة الرسول وعلى أثر
    1 ـ طبعت الرسالة عام 1399 هـ ، ونشرتها دار القرآن الكريم في قم المشرّفة.
مفاهيم القرآن ـ جلد الخامس ::: فهرس