مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: 281 ـ 290
(281)
والثاني صراط الكافر ، والأوّل بما أنّه يوافق الفطرة صراط مستقيم ، والثاني بما انّه يخالفها صراط معوج ، فيثبت قدم المؤمن في الأوّل لاستقامته ، ويزل قدم الكافر لإعوجاجه.
    هذا هو الذي استظهره المفيد من الروايات وهو أمر لا بأس به وإن اعترض عليه المجلسي ، بما هذا مثاله : لا ضرورة تلجئنا إلى تأويل الظواهر الشرعية الدالة على أنّ للصراط واقعية يوم القيامة وانّها حقيقة أدق من الشعرة وأحد من السيف مالم تكن هناك ضرورة في التأويل. (1)
    ونحن نوافق المجلسي في أنّه ليس لنا تأويل الظواهر ما لم يكن هناك قرينة على التأويل ولكن ما ذكره المفيد ليس تأويلاً بلا قرينة ، والشاهد عليه أنّ هذه الجملة : « أدق من الشعرة و أحد من السيف » مثل يضرب للأُمور المستصعبة ، كما أنّه ورد في الروايات انّ الصراط على المؤمنين عريض وعلى المذنبين دقيق و انّه سبحانه يجعله كذا وكذا. (2)
    مع أنّ ظاهر الروايات الأُخرى انّ الصراط واحد وانّ الجميع يؤمرون بالاجتياز دون اختلاف في العرض والطول.
    والذي يؤيد ما ذكره الشيخ المفيد هو أنّ بعض الآيات تدّل على أنّ الحياة الأُخروية حقيقة للحياة الدنيوية وواقعها ، وانّ الحياة الدنيوية لها ظاهر وباطن ، تتجلّى في الآخرة بباطنها وفي هذه الدنيا بظاهرها ، يقول سبحانه : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ) (3) والآية ظاهرة في أنّه ليس للنور منشأ سوى وجودهم فكأنّهم بأيمانهم تشع نوراً ويمشون على ضوء
1 ـ بحار الأنوار : 8/71 ، باب 22 من كتاب العدل والمعاد.
2 ـ بحار الأنوار : 8/67 ، الحديث 8.
3 ـ الحديد : 12.


(282)
هذا النور ، وليس ذلك النور إلاّ انعكاساً لإيمانهم وتقواهم.
    فقد روى القمي في تفسيره عن أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) يقسّم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم.
    ويؤيده أيضاً انّ المنافقين والمنافقات يطلبون الاقتباس من نور المؤمنين ويقولون : ( انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) حتى نمشي على ضوء نوركم ، فيُجابون بقولهم : ( ارجعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ) يعني انّ هذا النور هو تجسيد للأعمال الصالحة التي قاموا بها في الحياة الدنيا ، وانّكم لو كنتم تبتغون نوراً فيجب أن تلتمسوه في الحياة الدنيوية ، وهيهات.

الولاية ، رخصة لعبور الصراط
    يستفاد من الروايات أنّ لموالي أهل البيت ( عليهم السلام ) امتيازاً خاصاً في اجتياز الصراط ، وقد رويت عدة أحاديث في هذا الصدد.
    1. روى الصدوق في فضائل الشيعة باسناده ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أثبتكم قدماً على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي ». (1)
    2. روى الصدوق في معاني الأخبار ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي! إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط فلم يجز أحد إلاّ من كان معه كتاب فيه براءة ». (2)
    3. روى الصدوق في علل الشرائع باسناده ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « لفاطمة وقفة على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة
1 ـ بحار الأنوار : 8/69 ، باب 22 من كتاب العدل والمعاد ، الحديث16.
2 ـ المصدر السابق ، الحديث 4.


(283)
كتب بين عيني كلّ رجل مؤمن أو كافر ، فيؤمر بمحبّ قد كثرت ذنوبه إلى النار فيقرأ بين عينيه محباً ، فتقول : إلهي وسيدي سمّيتني فاطمة وفطمت بي من تولاّني وتولّى ذريتي من النار ووعدك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد ، فيقول اللّه عزّوجلّ : صدقت يا فاطمة ، إنّي سمّيتك فاطمة وفطمت بك من أحبّك وتولاّك وأحبّ ذريتك وتولاّهم من النار ، ووعدي الحقّ وأنا لا أُخلف الميعاد ، و إنّما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأُشفّعك ، ليتبيّن لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي ، فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنّة ». (1)
    فيستفاد من هذه الروايات أنّ أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) يمنعون عن اجتياز الصراط ، كما أنّ مودتهم تسهل العبور وتغفر الذنوب.
    وأمّا تأثير المودة على غفران الذنوب بأسرها أو طائفة منها فهو أمر موكول إلى البحث في الشفاعة.
1 ـ المصدر السابق ، باب الشفاعة من كتاب العدل والمعاد ، الحديث 58.

(284)
الفصل الثاني والعشرون :
أصحاب الأعراف وسيماهم
    قد وردت كلمة الأعراف في القرآن مرّتين ، تارة بلفظ : ( على الأعراف ) ، وأُخرى بلفظ : ( وَأصحاب الأعراف ) ، وكلتا الآيتين لهما ارتباط بالقيامة.
    أمّا الأعراف ، فهو جمع العرف ، ويطلق على النقطة المرتفعة. (1)
    فيكون الأعرافي هو المنتسب لهذه النقطة الرفيعة ، يقول الصدوق : اعتقادنا في الأعراف انّه سور بين الجنة والنار ، ( وَعَلَى الأَعْرافِ رِجالٌ
1 ـ أقرب الموارد : مادة عرف.

(285)
يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ ) والرجال هم النبي وأوصياؤه ( عليهم السلام ) لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ، وعند الأعراف ، المرجون لأمر اللّه إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم. (1)
    وقال المفيد : قد قيل انّ الأعراف جبل بين الجنة والنار ، وقيل أيضاً انّه سور بين الجنة والنار ، وجملة الأمر في ذلك انّه مكان ليس من الجنّة ولا من النار ، وقد جاء الخبر بما ذكرناه وانّه إذا كان يوم القيامة كان به رسول اللّه وأمير المؤمنين والأئمّة من ذريته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم الذين عنى اللّه سبحانه ، بقوله : ( وَعَلَى الأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوا أَصحابَ الجَنَّة أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُون ). (2)
    وذلك انّ اللّه تعالى يُعلِّمُهم أصحابَ الجنة وأصحابَ النار بسيماهم يجعلها عليهم وهي العلامات ، وقد بيّن ذلك في قوله تعالى : ( يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسيماهُمْ ) ( يُعْرفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ) (3) وقد قال تعالى : ( إِنَّ في ذلِكَ لآيات لِلْمُتَوَسِّمين * وإِنّها لَبِسَبِيل مُقيم ) (4) فأخبر انّ في خلقه طائفة يتوسمون الخلق فيعرفونهم بسيماهم ». (5)
    إنّ الأعراف كما تقدم ورد في القرآن الكريم على النحو التالي حتى سمّيت السورة بذلك الاسم لما ورد فيها آياته :
    1. ( وَبَيْنَهما حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسيماهُمْ وَنادَوا أَصحابَ الجَنَّةِ أَن سَلامٌ علَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يطمَعُون ). (6)
    2. ( وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَومِ الظّالِمِين ). (7)
    3. ( وَنادى أَصْحابُ الأَعْراف رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُون ). (8)
    4. ( أَهؤلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا ينالُهُمْ اللّهُ بِرَحْمَة ادْخُلُوا الجَنَّةَ لا خَوْفٌ
1 ـ بحار الأنوار : 8/340 ، باب ذبح الموت من كتاب العدل والمعاد ، الحديث 23.
2 ـ الأعراف : 46.
3 ـ الرحمن : 41.
4 ـ الحجر : 75 ـ 76.
5 ـ تصحيح الاعتقاد : 48 و49.
6 ـ الأعراف : 46.
7 ـ الأعراف : 47.
8 ـ الأعراف : 48.


(286)
عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُون ). (1)
    دلّت الآية الأُولى على أنّ الواقفين على الأعراف يعرفون أهل الجنّة وأهل النار ، فإذا بأصحاب الجنة ينادونهم بالتسليم عليهم ، وهم بعدُ لم يدخلوا الجنة ولكن ينتظرون الدخول ، كما يقول سبحانه : ( ونادَوا أَصحاب الجنّة ) أي نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنّة ان ( سلام عليكم ) تحية منهم إليهم وهم بعد لم يدخلوها ولكن ينتظرون أن يأذن لهم بالدخول وكأنّهم مصطفون على أبواب الجنّة ينتظرون فتح أبوابها.
    ثمّ إنّ أصحاب الأعراف ينظرون إلى أصحاب النار نظر عداء ، فلا ينظرون إليهم إلاّ إذا صرفت وجوههم إليهم ولأجل التبرّي من أعمالهم يقولون : ( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَومِ الظّالِمين ) كما يقول سبحانه : ( وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصحابِ النّارِقالُوا ربّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَومِ الظّالِمين ).
    وبما انّ أصحاب الأعراف نادوا أصحاب الجنة ـ فبطبع الحال ـ ينادون أصحاب النار الذين تبرّأوا منهم فنادوهم بما يحكي عنهم سبحانه ، ويقول : ( وَنادى أَصْحابُ الأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُون ).
    ولما كان أصحاب النار يستهزئون بالمؤمنين ويصفونهم بأنّهم لا يصيبهم اللّه برحمة وخير ولا يدخلون الجنّة ، حاول أهل الأعراف تقريعهم وتكذيبهم وقالوا : أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة.
    فانظروا كيف نالتهم رحمة اللّه وهم مصطفون على أبواب الجنة ينتظرون الدخول فإذا بأصحاب الأعراف يجيزون لهم بالدخول أمام أعين أصحاب النار ويخاطبونهم ( ادْخُلُوا الجَنَّة لا خَوفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُون ) ، وعلى ما ذكرنا ،
1 ـ الأعراف : 49.

(287)
فقوله : ( لَمْ يدخلوها وهم يطمعون ) في الآية الأُولى راجع إلى المؤمنين المصطفين على أبواب الجنة.
    كما أنّ قوله في الآية الرابعة : ( ادخلوا الجنّة ) راجع إلى هؤلاء الذين كانوا من أصحاب الجنّة وهم بعد لم يدخلوها.
    هذا ما وصلنا إليه بعد التدبّر في أطراف الآية ، وبذلك يظهر أنّ ما ذكره المفسرون أو بعضهم في تفسير الآيات ليس بتام.
    هذا ولنرجع إلى الآيات وإلى ما يستفاد منها :
    1. انّ الأعراف مقام شامخ رفيع عليه رجال مشرفون على الجنة والنار وأهلهما.
    2. الأعراف مكان خاص وراء الجنة والنار ، وهو مشرف عليهما.
    3. انّ أصحاب الأعراف يتمتعون بمعرفة خاصة يعرفون على ضوئها أصحاب الجنّة والنار.
    هذا ما يستفاد من الآيات ، ولكن من هم أصحاب الأعراف ؟ فقد اختلفت فيهم كلمة المفسرين إلى أقوال :
    أ. فئة من الناس لهم مكانة خاصّة ، وقد شملتهم عناية اللّه.
    ب. هم الذين تستوي حسناتهم وسيئاتهم ، ولأجل ذلك لا يدخلون الجنة والنار بل يمكثون بينهما ، وإن كانت عاقبتهم الجنة لشمول رحمة اللّه سبحانه لهم.
    ج. الملائكة المتمثلون بصورة الرجال يعرفون الجميع.
    د. الفئة العادلة من كلّ أُمّة الذين يشهدون على أُمّتهم.
    هـ. فئة صالحة من حيث العلم والعمل.
    هذه هي الأقوال المذكورة في المقام ، لكن القول الثاني مردود ، لأنّ


(288)
المتوسطين في العلم والعمل ليس لهم أي امتياز حتى يهنئّوا يسلّموا على أصحاب الجنّة وينددوا ويوبخوا أصحاب النار.
    كما انّ القول الثالث لا يدعمه الدليل.
    وأمّا القول الرابع والخامس فقريبان من القول الأوّل ، ويمكن إرجاع الجميع إلى قول واحد.
    والحاصل انّ أصحاب الأعراف هم الرجال المثاليّون الذين بلغوا في العلم والعمل درجة ممتازة ويُشكِّل الأنبياء والأولياء معظمهم ، ثمّ الصالحون والصادقون.
    4. ما تضمنته هذه الآيات إنّما هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ويحكي لنا حقيقة رائعة لا تدرك إلاّ بهذا النحو الوارد في الآيات ، وكأنّ الحكومة المطلقة للّه سبحانه تتجلّى يوم القيامة بالشكل التالي :
    ـ طائفة متنعمة ( أصحاب الجنة ) جزاء لأعمالهم الحسنة.
    ـ طائفة معذبة ( أصحاب النار ) جزاء لأعمالهم السيئة.
    ـ طائفة تنفِّذ أوامره سبحانه بإدخال أهل الجنّة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار.
    هذا ما يستفاد من الآيات ، وإليك ما ورد في الروايات :

الأعراف في الروايات
    وقد ركزت الروايات على أمرين :
    أ. ما هي الأعراف ؟
    ب. من هم أصحابها ؟


(289)
    أمّا الأوّل : فقد روى القمي في تفسيره ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، أنّه قال : « إنّ الأعراف كثبان بين الجنة والنار ، أي طريق بينهما ». (1)
    وفي رواية أُخرى ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، قال : « الأعراف صراط بين الجنّة والنار ». (2)
    وليعلم انّه لو ثبت أنّ الأعراف بمعنى الصراط ، فهو غير الصراط الذي تكفَّلت ببيانه الآيات الأُخرى ، لأنّ الصراط المتقدم ذكره ، طريق عام يجتازه كلّ من المؤمن والكافر مع أنّ الأعراف مقام خاص لعدَّة من الناس.
    وأمّا تسمية الأعراف بالصراط فلأجل أنّ لفيفاً من المؤمنين العصاة يحتفُّون حوله وينتظرون مصيرهم بشفاعة النبي وآله ، وهؤلاء غير الذين يقفون على الأعراف.
    وأمّا الثاني : أي من هم أصحاب الأعراف ؟ فقد اختلفت فيهم الروايات :

1. الأئمّة المعصومون
    وهذا القول ورد فيه روايات تربو على 14 حديثاً. (3)
    ولنقتصر على رواية واحدة.
    قال أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) : « هم آل محمد لا يدخل الجنة إلاّ من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه ». (4)

2. المؤمنون العصاة
    وهذا ما يستفاد مما رواه القمي في تفسيره ، وقال : الأئمّة ( عليهم السلام ) يقفون على
1 ـ بحار الأنوار : 8/335 ، باب الأعراف من كتاب العدل والمعاد ، الحديث 2.
2 ـ بحار الأنوار : 8/335 ، باب الأعراف من كتاب العدل والمعاد ، الحديث 3.
3 ـ انظر بحار الأنوار : 8/329 ـ 341.
4 ـ بحار الأنوار : 8/331 ، باب الأعراف من كتاب العدل والمعاد.


(290)
الأعراف مع شيعتهم وقد سبق المؤمنون إلى الجنة بلا حساب.
    فيقول الأئمّة لشيعتهم من أصحاب الذنوب : انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سبقوا إليها بلا حساب ، وهو قول اللّه تبارك وتعالى : ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُون ).
    ثمّ يقال لهم : انظروا إلى أعدائكم في النار ، وهو قوله : ( وَإِذا صرفت أبصارهم تِلقاءَ أَصحاب النّار قالُوا رَبّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوم الظّالِمين ).
    ( وَنادى أَصْحابُ الأَعْراف رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ ـ فِي النّار ـ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ ـ فِي الدنيا ـ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُون ).
    ثمّ يقول لمن في النار من أعدائهم هؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم اللّه برحمة.
    ثمّ يقول الأئمّة لشيعتهم : ( ادخلوا الجنّة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) ثمّ نادى أصحاب النار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم اللّه. (1)
    ولا يخفى انّ هذا التفسير لا يلائم ظاهر الآية ، لما سبق منّا انّ قوله : ( لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُون ) راجع إلى أصحاب الجنّة ، لا العصاة الموجودين حول الأعراف الذين ينتظرون مصيرهم.
    كما أنّ قوله : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ) راجع إلى هؤلاء المنتظرين.

3. الذين تتساوى سيئاتهم مع حسناتهم
    يظهر ممّا رواه العياشي أنّ أصحاب الأعراف هم الذين تتساوى حسناتهم مع سيئاتهم.
1 ـ بحار الأنوار : 8/335 ، باب الأعراف من كتاب العدل والمعاد ، الحديث 2.
مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: فهرس