مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: 361 ـ 370
(361)
النار هوى ، اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادة. (1)
    ثمّ إنّ للسابقين إلى الخيرات ميزات ذكرها القرآن الكريم في غير واحد من الآيات :
    أ. يخشون ربّهم قال سبحانه : ( إِنَّ الّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ).
    ب. يؤمنون بآيات ربّهم ولا ينكرونها قال : ( وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُون ).
    ج. لا يشركون باللّه طرفة عين : ( وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُون ).
    د. يدفعون ما فرض اللّه في أموالهم يقول : ( وَالَّذينَ يُؤْتُُونَ ما آتوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُون ).
    ثمّ إنّ جميع هذه الصفات من صفات السابقين بشهادة انّه سبحانه يذكر بعد هذه الميزات ، ويقول : إنّ الموصوفين بها هم المسارعون في الخيرات ، يقول سبحانه : ( أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ ). (2)
    إلى هنا تمّ ما ذكره القرآن الكريم من صفات السابقين ، وإليك ما ذكره القرآن في المنازل التي يفوزون بها في الجنّة.
    إنّ السابقين إلى الخيرات هم المقرّبون ، كما يقول سبحانه : ( وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُون ) (3) ولأجل مكانتهم الرفيعة عند اللّه تبارك و تعالى لهم من الأجر ما يحكي عنه القرآن الكريم في الآيات التالية :
1 ـ نهج البلاغة : الخطبة 16.
2 ـ المؤمنون : 57 ـ 61.
3 ـ الواقعة : 10 ـ 11.


(362)
    ( في جَنّاتِ النَّعِيم * ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلين * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِين * عَلى سُرُر مَوضُونَة * مُتَّكئِينَ عليها مُتَقابِلين ).
    ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْواب وَأَبارِيقَ وَكَأْس مِنْ مَعين * لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُون ).
    ( وَفاكِهَة مِمّا يَتَخَيَّرُون ).
    ( وَلَحْمِ طَيْر مِمّا يَشْتَهُون ).
    ( وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثال اللُّؤلُؤِ المَكْنُون ).
    وهذه الكرامة من اللّه سبحانه و تعالى لم تكن اعتباطية بل جزاء لعملهم في الدنيا ، كما يقول : ( جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُون ).
    ( لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلاّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً ). (1)
    هؤلاء هم السابقون وهذه مكانتهم عند اللّه تبارك و تعالى ، وهذا جزاؤهم في الآخرة.
    بقيت هنا نكتة أُخرى ، وهي انّه سبحانه وصف جماعة بالمقربين ، وقال : ( فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوحٌ وَرَيحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم ). (2)
    والمراد من المقرّبين هنا هم السابقون لما وصفه سبحانه في أوّل السورة بالمقرّبين ، وقال : ( وَالسّابقُونَ السابِقُونَ * أُولئكَ المُقَرَّبُون ).
    وحيث إنّ المراد من السابقين ، هم السابقون بالخيرات ، وصف المسيح بأنّه من المقرّبين ، وقال : ( وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبين ). (3)
1 ـ الواقعة : 12 ـ 26.
2 ـ الواقعة : 88 ـ 89.
3 ـ آل عمران : 45.


(363)
    ثمّ إنّه سبحانه وصف المقرّبين في آية أُخرى بأنّهم شهداء كتاب الأبرار ، وقال : ( إِنَّ كِتابَ الأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّين * وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ * كِتابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ المُقَرَّبُونَ ). (1)
    وعلى هذا فالسابقون هم المقرّبون وهم شهداء كتاب الأبرار.
    إلى هنا تمّ ما ورد في القرآن الكريم في حقّ السابقين ، وحان البحث عن أصحاب اليمين وأصحاب الشمال.

أصحاب اليمين
    أصحاب اليمين هم الطائفة الثانية ذكرهم سبحانه و تعالى ، بقوله : ( وَأَصحابُ اليَمينِ ما أَصحابُ اليَمين ). (2)
    ثمّ ذكر انّ أصحاب اليمين هم ثلّة من الأوّلين وثلة من الآخرين.
    واختلف المفسرون في المقصود من أصحاب اليمين والمعروف في المقام نظريتان :
    الأُولى : انّ المراد منهم هم الذين يعطون كتابهم بيمينهم ، وقد استدلّوا عليه بالآيات التالية :
    ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناس بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَأونَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ). (3)
1 ـ المطففون : 18 ـ 21.
2 ـ الواقعة : 27.
3 ـ الإسراء : 71.


(364)
    ( فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينهِ فَيَقُولُ هاؤمُ اقْرَأُوا كِتابِيَه ). (1)
    ( فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ * فَسَوفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً ). (2)
    وعلى ذلك فهؤلاء الذين اتّسموا بأصحاب اليمين لأجل استلام كتبهم بيمينهم يتمتعون بمنزلة عظيمة عند اللّه سبحانه ذكرها سبحانه في غير واحد من الآيات بعد الحديث عن دفع كتبهم إلى يمينهم ، يقول :
    ( وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ). (3)
    ( فَهُوَ في عِيشَة راضِيَة ). (4)
    ( في جَنَّة عالِيَة * قُطُوفُها دَانِيَة ). (5)
    ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيّامِ الخالِيَة ). (6)
    هذه هي النظرية الأُولى في تفسير أصحاب اليمين ، وإليك الكلام في النظرية الثانية.
    الثانية : انّ المقصود من اليمين هو اليمن والبركة وهؤلاء هم الذين وصفهم سبحانه في صدر سورة الواقعة بأصحاب الميمنة ، وقال : ( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَة * فَأَصحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصحابُ الْمَيْمَنَة ) (7) ، وبما انّ أصحاب الميمنة يقابلون أصحاب المشأمة المأخوذ من الشؤم والشقاء ، فيكون أصحاب الميمنة
1 ـ الحاقة : 19.
2 ـ الانشقاق : 7 ـ 8.
3 ـ الانشقاق : 9.
4 ـ الحاقة : 21.
5 ـ الحاقة : 22 ـ 23.
6 ـ الحاقة : 24.
7 ـ الواقعة : 7 ـ 8.


(365)
مقابلاً لهم ، فهؤلاء غارقون في البركة والنعمة ، كما أنّ الذين يقابلونهم غارقون في الشقاء والوصب.
    وممّا يؤيد انّ أصحاب اليمين هم المتمتعون بنعم اللّه في الآخرة ، قوله سبحانه : ( فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَما أَدْراكَ مَا العَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبة * أَوْ إِطْعامٌ في يَوم ذِي مَسْغَبَة * يَتِيماً ذا مَقْرَبَة * أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَة * ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بالْمَرْحَمَةِ * أُولئكَ أَصحابُ المَيْمَنَة ). (1)
    والإمعان في سورة الواقعة التي هي الأصل في تصنيف الناس يوم القيامة يعطي هذا الانطباع انّ أصحاب الميمنة هم أصحاب اليمين لا صنفٌ آخر ، والدليل على ذلك انّ السورة تصنّف الناس إلى أصناف ثلاثة :
    أ. ( فَأصْحابُ المَيْمَنةِ ما أصحابُ المَيْمَنَة ).
    ب. ( أصحابُ المَشْأَمَةِ ما أصحابُ المَشْأَمَة ).
    ج. ( السّابِقُونَ السّابِقُون * أُولئكَ المُقَرَّبُون ).
    ثمّ يبدأ بذكر السابقين وما لهم من منزلة وكرامة وعندما ينتهي عن ذكر أوصافهم ، يبتدئ بذكر أصحاب الميمنة ، بقوله : ( وَأصحابُ اليَمين ما أصحابُ اليَمِين ) ويذكرهم إلى الآية الأربعين.
    ثمّ يبدأ بأصحاب الشمال إلى الآية 56.
    وبذلك يعلم أنّ الأصناف لا تتجاوز عن الثلاثة ، وانّ المقرّبين مدرجون في السابقين وأصحاب الميمنة من أصحاب اليمين ، ثمّ أصحاب الشمال وليس لهم اسم خاص ، وبذلك تتكفّل الآية لبيان تفاصيل الأصناف الثلاثة ، إلى قوله : ( هذا نُزُلُهُمْ يَومَ الدِّين ). (2)
1 ـ البلد : 11 ـ 18.
2 ـ الواقعة : 56.


(366)
المحسنون
    يصف سبحانه طائفة من المؤمنين بالمحسنين ، وليس هؤلاء طائفة خاصة ، وإنّما يدخلون امّا في السابقين أو في أصحاب اليمين ، وقد وصفهم سبحانه بالصفات التالية :
    ( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ).
    ( وَبِالأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون ).
    ( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسائِلِ وَالْمَحْرُوم ). (1)
    هذه هي صفاتهم البارزة التي يُعرفون من خلالها.
    وأمّا ما وعدوا من الجزاء فيكفي في ذلك الآيات التالية :
    ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ). (2)
    ( إِنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين ). (3)
    ( وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِين ). (4)
    ( وَإِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ). (5)
    ( إِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِين ). (6)
1 ـ الذاريات : 17 ـ 19.
2 ـ البقرة : 195.
3 ـ الأعراف : 56.
4 ـ الحج : 37.
5 ـ العنكبوت : 69.
6 ـ التوبة : 120.


(367)
الأبرار
    الأبرار جمع بار ، وهو المبالغة في الإحسان ، فيكون مقام الأبرار فوق مقام المحسنين ، فالمؤثرون على أنفسهم هم الأبرار ولكن المحسنين دونهم ، ولذلك يكون الأبرار طائفة خاصة من المحسنين.
    وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم وسرد أوصافهم في الآيات التالية :
    ( الّذِينَ يَذكُرونَ اللّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ).
    ( وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْض ).
    ]يقولون[ ( ربّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّار ).
    ( رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّر عَنّا سَيّئاتِنا وَتَوفَّنا مَعَ الأَبْرار ). (1)
    وظاهر الآيات انّ الموصوفين في الآية هم المحسنون الذين يدعون اللّه سبحانه بغية الوصول إلى مقام الأبرار ، فصح أن يقال : إنّ ما ذكر من صفات الأبرار.
    ومن صفاتهم البارزة أيضاً ما ورد في سورة الدهر حيث يطرح فيها موضوع الأبرار ويقول : ( إِنَّ الأَبْرار ... ) ثمّ يسرد صفاتهم ، ويقول :
    ( يُوفُونَ بِالنَّذْر ).
    ( وَيَخافُونَ يَوماً كانَ شَرُّهُ مَسْتَطِيراً ).
    ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ).
    ( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ).
1 ـ آل عمران : 191 ـ 193.

(368)
    ( إِنّا نَخافُ مِنْ رَبّنا يَوْماً عَبُوساً قَمطَرِيراً ). (1)
    ومن صفاتهم أيضاً ما ذكر في سورة البقرة :
    ( وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتابِ وَالنَّبِيّين ).
    ( وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسّائِلِينَ وَفِي الرِّقاب ).
    ( وَأَقامَ الصَّلاة ).
    ( وَآتَى الزَّكاة ).
    ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ).
    ( وَالصّابِرينَ فِي البَأْساءِ وَالضَّرّاءِ وَحِينَ البَأْس ).
    ( أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ).
    ( وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون ). (2)
    هذا بعض ما ورد من أوصافهم.
    وأمّا جزاؤهم في الآخرة فتحكي عنه الآيات التالية :
    ( فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوم ). (3)
    ( إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْس كانَ مِزاجُها كافُوراً ). (4)
    ( وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً ). (5)
1 ـ الدهر : 7 ـ 10.
2 ـ البقرة : 177.
3 ـ الدهر : 11.
4 ـ الدهر : 5.
5 ـ الدهر : 17.


(369)
    ( وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ). (1)
    ( لا يَرَونَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهُا ). (2)
    ( وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً ). (3)
    ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ). (4)
    ( وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَة مِنْ فِضَّة وَأَكْواب كانَتْ قَواريرا * قَوارِير مِنْ فِضَّة قَدَّرُوها تَقْديراً ). (5)
    ( عالِيَهُمْ ثِيابُ سُنْدُس خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَق ). (6)
    ( وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّة ). (7)
    ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ). (8)
    ( إِنَّ كِتابَ الأَبْرارِ في عِلِّيّين ). (9)
    ( إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيم * عَلى الأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ). (10)
    ( تَعْرِفُ في وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم ). (11)
    ( يُسْقَونَ مِنْ رَحِيق مَخْتُوم * خِتامُهُ مِسك ). (12)
    إلى هنا تمّ بيان حال السعداء في القرآن الكريم بأصنافهم المختلفة; بقي بيان حال أصحاب الشمال.
1 ـ الدهر : 21.
2 ـ الدهر : 13 ـ 14.
3 ـ الدهر : 14.
4 ـ الدهر : 19.
5 ـ الدهر : 15 ـ 16.
6 ـ الدهر : 21.
7. الدهر : 21.
8 ـ الدهر : 22.
9 ـ المطففون : 18.
10 ـ المطففون : 22 ـ 23.
11 ـ المطففون : 24.
12 ـ المطففون : 25 ـ 26.


(370)
أصحاب الشمال
    قال سبحانه : ( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمال ). (1) والقرآن يصف تارة أحوالهم في الدنيا وموقفهم من الشرع والشريعة وأُخرى أحوالهم في الآخرة.
    أمّا صفاتهم في الدنيا فيصفهم بالأوصاف التالية :
    ( إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِين ).
    ( وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيم ).
    ( وَكانُوا يَقُولُونَ أئذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أءِنّا لَمَبْعُوثُون ). (2)
    ويصفهم في سورة أُخرى ، بقوله :
    ( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ الْعَظِيم ).
    ( ولا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِين ). (3)
    انّ التدبر في هذه الآيات يستشف منها خلاصة صفاتهم وهي الترف أوّلاً ، ونقض العهد ثانياً ، وإنكار المعاد ثالثاً ، وعدم الإيمان باللّه الواحد رابعاً ، وعدم الحض على طعام المسكين خامساً.
    ولعلّ لهم أوصافاً أُخرى في القرآن غير ما ذكرنا.
    وأمّا أحوالهم في الآخرة فيكفي في ذلك الآيات التالية :
    ( وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَه * وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَه ). (4)
1 ـ الواقعة : 41.
2 ـ الواقعة : 45 ـ 47.
3 ـ الحاقة : 33 ـ 34.
4 ـ الحاقة : 25 ـ 26.
مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: فهرس