مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: 371 ـ 380
(371)
    فهو لأجل سوء المصير يتمنّى عدم حشره ، كما قاله سبحانه :
    ( يا لَيْتَها كانَتْ القاضية ). (1)
    فهو يدرك بأنّ ما جمعه من المال والنفوذ ما منعه من عذاب اللّه ، فيقول كما قال سبحانه :
    ( ما أَغْنى عَنّي ماليه * هَلَكَ عَنّي سُلْطانِيَه ). (2)
    ولكن تمنّيه وصراخه لا يفيده شيئاً فيأخذه الموكلون يغلّونه فيصلونه الجحيم ، كما يقوله سبحانه :
    ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ في سِلْسِلَة ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ). (3)
    وفي سورة الواقعة يذكر حالهم في الآخرة بنحو آخر :
    ( وَأَصحابُ الشِّمالِ ما أَصحابُ الشِّمال * في سَمُوم وَحَمِيم * وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم ) (4) أي تهب عليهم ريح حارة تدخل مساماتهم ويصبّ عليهم ماء مغلي.
    ( لا بارِد وَلا كَرِيم ). (5)
    لا بارد يستراح إليه لأنّه دخان جهنم ، ولا كريم فيشتهى مثله.
    ( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ المُكَذِّبُون * لآكِلُونَ مِنْ شَجَر مِنْ زَقُّوم * فَمالِئُونَ
1 ـ الحاقة : 27.
2 ـ الحاقة : 28 ـ 29.
3 ـ الحاقة : 30 ـ 32.
4 ـ الواقعة : 41 ـ 43.
5 ـ الواقعة : 44.


(372)
مِنْهَا الْبُطُون * فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيم * فَشارِبُونَ شُربَ الْهِيم ). (1)
    فهؤلاء يأكلون من شجر من زقوم وهو ثمر شجر شديد المرارة ، فيملأون منها بطونهم ، ثمّ يشربون عليه شرب الحميم وهو الماء الحار فيكون شربهم كشرب الإبل التي أصابها الهيام وهي شدة العطش فلا تزال تشرب الماء حتى تموت ، و ( هذا نُزُلُهُمْ يَومَ الدِّين ) أي منزلهم الذي ينزلون عليه وهذا طعامهم وشرابهم وهذا مكانهم.
    إلى هنا تمّ بيان الأصناف الثلاثة الواردة في القرآن الكريم ، أعني : السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
    وإليك البحث في سائر الأصناف :

أ. الفسّاق
    إنّ ظاهر سورة الواقعة هو تصنيف جميع المحشورين في الأصناف الثلاثة الماضية ، وينحصر السعداء في السابقين وأصحاب اليمين ، والأشقياء في أصحاب الشمال مع أنّ هناك قسماً رابعاً أو خامساً وهم المؤمنون غير المشركين والكافرين الذين خالفوا اللّه باقترافهم الكبائر ( الفسّاق ) فهم يستحقون العذاب مع أنّهم ليسوا من أصحاب الشمال.
    والجواب : انّ كل من يدخل النار ، فهو من أصحاب الشمال ، وتخصيص الكافر والمشرك والمنافق والمترف بالذكر لا يعني اختصاص أصحاب الشمال بهم ، وانّما يعني أنّهم من المصاديق البارزة لأصحاب الشمال.
1 ـ الواقعة : 51 ـ 55.

(373)
    وعلى ذلك تكون هذه الطوائف الأربع من أصحاب الشمال ، وفي الوقت نفسه المؤمن المرتكب للكبيرة أيضاً منهم ، ولكن كما أنّ في الجنّة درجات فانّ في النار دركات أيضاً ، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار بخلاف المؤمن المرتكب للكبيرة.

ب. الظالمون
    البحث عن الظلم والظالمين وما لهم من الأوصاف والحالات في الدنيا والآخرة ، رهن دراسة مبسطة ، ونقتصر في المقام على ذكر بعض أوصافهم وأحوالهم على وجه الإيجاز.
    إنّ الذكر الحكيم يصفهم بالأوصاف والحالات التالية :
    ليس لهم ناصر وَلا شفيع ( وَما لِلظّالِمينَ مِنْ أَنْصار ). (1)
    ( ما لِلظّالِمينَ مِنْ حَمِيم وَلا شَفِيع يُطاع ). (2)
    أعدّ لهم العذاب الأليم : ( إِنَّ الظّالِمينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ). (3)
    لَهم مثوى السوء : ( وَبِئْسَ مَثْوى الظّالِمين ). (4) ( وَلَهُمْ سُوءُ الدّار ). (5)
1 ـ البقرة : 270
2 ـ غافر : 18.
3. إبراهيم : 22.
4 ـ آل عمران : 151.
5 ـ غافر : 52.


(374)
    اليأس من رحمة اللّه ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أن لَعْنَةُ اللّهِ عَلى الظّالِمين ). (1)
    سرادق من النار تحيط بهم : ( انّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمينَ ناراً أحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها ). (2)
    عض الأيدي من الحسرة : ( يَوْمَ يَعضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْه ). (3)
    لا يقبل منهم عذر : ( فَيَومَئِذ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُون ). (4)
    يذوقون عذاب الخلد : ( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَل تُجْزَوْنَ إِلاّبِما كُنْتُم تَكْسِبُونَ ). (5)
    يسلب عنهم القدرة على النطق : ( وَوَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُون ). (6)
    يساقون مع أزواجهم وما يعبدون إلى النار : ( احْْشُُرُوا الَّذينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجهُمْ وَما كانُوا يعبدُونَ * مِنْ دُونِ اللّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الجَحِيم ). (7)

ج. الكافرون والمشركون
    الكافر والمشرك إذا ماتا بلا توبة يخلّدون في النار ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتاب وَالْمُشْرِكِينَ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة ). (8)
    إنّ السمع والبصر واللسان وغيرها من الأعضاء من نعم اللّه سبحانه على عباده ليشكروه ، وليس معنى الشكر إلاّ استعمالها في طاعة اللّه ومعرفته ، ولكن
1 ـ الأعراف : 44.
2 ـ الكهف : 29.
3 ـ الفرقان : 27.
4 ـ الروم : 57 ولاحظ المؤمن : 52.
5 ـ يونس : 52.
6 ـ النمل : 85.
7 ـ الصافات : 22 ـ 23.
8 ـ البينة : 6.


(375)
هؤلاء استعملوها في غير الطاعة فيحشرون في الآخرة عمياً وبكماً وصماً فكأنّ الآخرة انعكاس عميهم وبكمهم وصمهم في الدنيا ، قال سبحانه : ( وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْواهُمْ جَهَنَّمَ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً * ذلِكَ جَزاؤهُمْ بِأَنّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا ). (1)
    ويزاد في عذابهم بجعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم ، قال سبحانه : ( وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (2) وقال : ( إِنّا جَعَلْنا في أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُون ). (3)
    وقال : ( إِنّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرينَ سَلاسِلَ وَأَغلالاً وَسَعِيراً ). (4)
    بل يكون عذابهم أشدّمن ذلك فيقطع لهم ثياب من نار ، قال : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نار ). (5)
    ولأجل انّ الكافر يواجه بعذاب شديد في ذلك اليوم ، وصف ذلك اليوم بأنّه عسير عليهم ، حيث قال : ( وَكانَ يَوْماً على الْكافِرينَ عَسِيراً ) ، (6) وقال : ( فَذلِكَ يَومَئِذ يَومٌ عَسِير * عَلى الكافِرينَ غَيْرُ يَسير ). (7)
    وصفوة القول : إنّ اللّه سبحانه أعدّ لهم عذاباًمهيناً وشديداً وعذاباً من رجز أليم.
    قال سبحانه :
    ( وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرينَ عَذاباً مُهِيناً ). (8)
    ( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيد ). (9)
    ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْز أَليم ). (10)
1 ـ الإسراء : 97 ـ 98.
2 ـ سبأ : 33.
3 ـ يس : 8.
4 ـ الإنسان : 4.
5 ـ الحجر : 19.
6 ـ الفرقان : 26.
7. المدثر : 9 ـ 10.
8 ـ النساء : 37.
9 ـ فاطر : 7.
10 ـ الجاثية : 11.


(376)
د. المكذبون
    إنّ الأشقياء هم الذين يكذّبون بآيات اللّه ورسله ويوم الدين ، وقد عرفوا في سورة الواقعة بأصحاب الشمال ، قال سبحانه : ( وَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ المُكَذِّبينَ الضّالّين * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيم * وَتَصْلِيَةُ جَحِيم ). (1) والمراد من المكذبين في هذه الآية هو من يكذب القرآن الكريم بسياق الآيات المتقدمة عليها ، قال سبحانه : ( إِنَّهُ لقرآنٌ كَريمٌ * في كِتاب مَكْنُون * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُون * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمين * أَفَبِهذا الحَديث أَنْتُمْ مُدْهِنُون ). (2)
    وقد ذكر سبحانه جزاء الذين يكذبون بيوم الدين ، وقال : ( وَيْلٌ يَومَئِذ لِلْمُكَذِّبِين * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَومِ الدِّين ). (3)
    وقال : ( فَوَيْلٌ لِلْمُكَذِّبينَ الَّذِينَ هُمْ في خَوض يَلْعَبُون ) (4). ومتعلّق التكذيب بحكم سياق الآيات هو يوم الدين.
    ولأجل بشاعة جريمتهم لا يؤذن لهم بالنطق بل يرسلون إلى الجحيم الذي كانوا يكذبون به ، وإلى النار التي ترمي بشرر كالقصر ، وليس لهم غذاء إلاّ الأكل من شجرة الزقوم ، وهذه الأُمور نقرأها في الآيات التالية :
    ( هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ). (5)
    ( انْطَلِقُوا إِلَى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون ). (6)
1 ـ الواقعة : 92 ـ 94.
2 ـ الواقعة : 77 ـ 81.
3 ـ المطففون : 10 ـ 11.
4 ـ الطور : 11.
5 ـ المرسلات : 35 ـ 36.
6 ـ المرسلات : 29.


(377)
    ( انْطَلِقُوا إِلَى ظِل ذي ثَلاثِ شُعَب * لا ظَلِيل وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَب ). (1)
    ( إِنَّها تَرْمِي بِشَرر كَالقَصْرِ * كَأَنَّهُ جَمالَتٌ صُفر ). (2)
    ( ثمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ المُكَذِّبُونَ * لآكِلُونَ مِنْ شَجَر مِنْ زَقُوم * فَمالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيم ). (3)

هـ. المجرمون والفجار
    إنّ المجرمين من أصناف الأشقياء ، وليس مصيرهم بأقل قسوة من مصير الظالمين والمكذبين ويعرف أحوالهم ممّا يطرأ على وجوههم ، لأنّ المجرم حينما يواجه جزاءه ، فالندم على عمله ، يظهر على ملامح وجهه ، ولذلك نجد انّه سبحانه عندما يذكر المجرمين يركز على بيان الحالات الطارئة على وجوههم ، وهذا من لطائف كلامه.
    فالقرآن تارة يشير إلى يأسهم يوم القيامة أو تحيّرهم ، يقول سبحانه : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبْلِسُ المُجْرِمُون ) (4) ، أي ييأسون من رحمة اللّه ونعمه التي يفيضها على المؤمنين ، أو يتحيّرون وتنقطع حججهم بظهور جلائل الآيات الباهرة التي يقع عندها علم الضرورة.
    وأُخرى إلى وجوههم وانّه يعلوها غبار الغم والحزن ثمّ يعلوها سواد من كثرة الغم ، ويقول : ( وَوُجُوهٌ يَومَئِذ عَلَيْها غَبَرَةٌ * تَرْهَقُها قَتَرَةٌ * أُولئِكُ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرة ). (5)
1 ـ المرسلات : 30 ـ 31.
2 ـ المرسلات : 32 ـ 33.
3 ـ الواقعة : 51 ـ 54.
4 ـ الروم : 12.
5 ـ عبس : 40 ـ 42.


(378)
    وثالثة إلى أنّهم يعرفون بسيماهم وانّهم يحشرون زرق العيون ، يقول سبحانه : ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ). (1)
    ويقول : ( وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمينَ يَومَئِذ زُرقا ). (2)
    ورابعة إلى إشفاقهم عندما يواجهون صحيفة الأعمال ، يقول سبحانه : ( وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرةً إِلاّ أَحْصاها ). (3)
    وخامسة إلى شقائهم الذي ربما يصير سبباً إلى نكووس رؤوسهم ، يقول : ( وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ). (4)
    وعندما يتم حسابهم عند اللّه يجزون بالسحب في النار على وجوههم ، يقول سبحانه : ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النّارِ عَلى وُجُوهِهم ). (5)
    وسادسة إلى تمنّيهم الخلاص من العذاب بفداء كلّ من كانوا يحبونه في الدنيا من الأولاد والأزواج ، يقول سبحانه : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَو يَفْتَدي مِنْ عَذابِ يَومَئِذ بِبَنيهِ * وصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصيلَتِهِ الَّتي تُؤْيهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَميعاً ثُمَّ يُنْجيهِ ). (6)
    ولكن ذلك لا ينجع ، لأنّ سنّته جرت على ألا تزر وازرة وزر أُخرى ، فيؤخذ المجرم ويعلّق بالأصفاد ، يقول سبحانه : ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَومَئِذ مُقَرّنِينَ فِي الأَصْفاد ) (7) ، ولا يقتصر على ذلك فيلبسون سرابيل من قطران مع غشاء الوجوه بالنار ، يقول سبحانه : ( سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِران وَتغْشى وُجُوهَهُمُ النّار ). (8)
1 ـ الرحمن : 41.
2 ـ طه : 102.
3 ـ الكهف : 49.
4 ـ السجدة : 12.
5 ـ القمر : 48.
6 ـ المعارج : 11 ـ 14.
7 ـ إبراهيم : 49.
8 ـ إبراهيم : 50.


(379)
سمات المجرمين في القرآن
    إنّ الذكر الحكيم يعرّفهم بميزات كثيرة :
    السخرية من المؤمنين ، قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُون ). (1)
    التكذيب بيوم الدين ، قال سبحانه : ( هذِهِ جَهَنَّمُ الّتي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُون ). (2)
    وقد عرّف المجرمون أنفسهم عند السؤال عن سبب إقحامهم في النار ، بالأُمور التالية :
    ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين ).
    ( وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) (3).
    ( وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضين ).
    ( وَكُنّا نُكَذِّبُ بِيَوم الدِّين ). (4)
    وعلى كلّ حال فالمجرم في مقابل المسلم ، فالثاني يسلم الأمر إلى اللّه سبحانه ، والآخر يسلم الأمر إلى هواه ، يقول سبحانه : ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمينَ كَالْمُجْرِمينَ ). (5)
    ولأجل غرورهم وتكبّرهم على الأنبياء والمؤمنين عادوهم ، يقول سبحانه : ( وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمينَ ). (6)
1 ـ المطففون : 29.
2 ـ الرحمن : 43.
3 ـ المدثر : 44.
4 ـ المدثر : 43 ـ 46.
5 ـ القلم : 35.
6 ـ الفرقان : 31.


(380)
    وقال سبحانه : ( ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَونَ وَمَلائهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوماً مجْرِمين ) (1).
    فالمجرم ليس هو الضال بل يكون مضلاً أيضاً ، وثمة طائفة من الظالمين ينسبون ضلالهم إلى المجرمين يقول سبحانه : ( وَما أَضَلّنا إِلاّ الْمُجْرِمُون ). (2)

المنافقون
    البحث عن النفاق والمنافقين بحث مسهب لا سيما فيما يرجع إلى أحوالهم في هذه النشأة وتعاملهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمؤمنين ، وهذا ما خصصنا له جزءاً خاصاً من هذه الموسوعة وإنّما نقتصر في البحث على بعض الأُمور :
    1. صلتهم باللّه ورسوله.
    2. صلتهم بالمؤمنين.
    3. صلتهم بالكافرين والمشركين.

1. صلتهم باللّه ورسوله
    المنافق من يبطن الكفر ويظهر الإسلام ، ولذلك تنقطع صلته باللّه والرسول لتظاهره بالإيمان ولنسيانه اللّه سبحانه ، فيجزى بنسيانه ، يقول سبحانه : ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا باللّهِ وَبِاليَوْمِ الآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنين ). (3)
    ( إِنَّ الْمُنافِقينَ يُخادِعُونَ اللّه ). (4)
1 ـ يونس : 75 ، ولاحظ الدخان : 22.
2 ـ الشعراء : 99.
3 ـ البقرة : 8.
4 ـ النساء : 142.
مفاهيم القرآن ـ جلد الثامن ::: فهرس