مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: 11 ـ 20
(11)
قال ابن السكيت ( المتوفّى عام 244 هـ ) : المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ ، شبّهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره. (1)
    وبما انّ وجه الشبه والمناسبة التي صارت سبباً لاِلقاء هذه الحكمة غير مختصة بمورد دون مورد ، وإن وردت في مورد خاص يكون المثل آية وعلامة أو علماً للمناسبة الجامعة بين مصاديق مختلفة.
    يقول المبرّد : فحقيقة المثل ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الاَوّل ، كقول كعب بن زهير :
    كانت مواعيد عرقوب لها مَثَلا ًوما مواعيدها إلاّ الاَباطيل
    فمواعيد عرقوب علم لكل ما لا يصح من المواعيد (2)
    وعلى ذلك فالمثل السائر كقوله : "في الصيف ضيعتِ اللبن" علم لكل من ضيَّع الفرصة وأهدرها ، كما أن قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : "لا ينتطح فيها عنزان" علم لكلّ أمر ليس له شأن يعتد به. (3)
    كما أنّ قول أبى الشهداء الحسين بن على ( عليهما السلام ) : « لو ترك القطا ليلاً لنام » الذي تمثل به الاِمام ( عليه السلام ) في جواب أُخته زينب ( عليها السلام ) ، علم لكل من لا يُترك بحال أو من حُمل على مكروه من غير إرادة ، إلى غير ذلك من الاَمثال الدارجة.
    1 ـ مجمع الاَمثال : 1/6.
    2 ـ مجمع الاَمثال : 1/6.
    3 ـ مجمع الاَمثال : 2/225.


(12)
الثالث : فوائد الاَمثال السائرة
    ذكر غير واحد من الا َُدباء فوائد جمة للمثل السائر :
    1. قال ابن المقفّع ( المتوفّى عام 143 هـ ) : إذاجع ـ ل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق ، وآنق للسمع ، وأوسع لشعوب الحديث.
    2. وقال إبراهيم النظّام ( المتوفّى عام 231 هـ ) : يجتم ـ ع في المثل أربع ـ ة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة.
    وقال غيرهما : سُمِّيت الحِكَم القائم صدقها في العقول أمثالاً ، لانتصاب صورها في العقول مشتقة من المثول الذي هو الانتصاب. (1)
    وقد نقل ابن قيم الجوزية ( المتوفّى عام 751 هـ ) كلام النظّام بشكل كامل ، وقال :
    وقد ضرب الله ورسوله الاَمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والاَشباه وتنفر من الغربة والوحدةوعدم النظير.
    ففي الاَمثال من تأنّس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمر لا يجحده أحد ولا ينكره ، وكلّما ظهرت الاَمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً ، فالاَمثال شواهد المعنى المراد ، وهي خاصية العقل ولبّه وثمرته. (2)
    1 ـ مجمع الاَمثال : 1/6.
    3 ـ أعلام الموقعين : 1/291.وما ذكره من الفائدة مشترك بين المثل السائر الذي هو موضوع كلامنا ، والتمثيل الذي شاع في القرآن ، وسيوافيك الفرق بين المثل السائر والتمثيل.


(13)
وقال عبد القاهر الجرجاني ( المتوفّى عام 471 هـ ) : إعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه انّ التمثيل إذاجاء في أعقاب المعانى ، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه ، ونُقلت عن صورها الاَصلية إلى صورته كساها أُبّهة ، وكسبها منقبة ، ورفع من أقدارها ، وشبّ من نارها ، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها ، ودعا القلوب إليها ، واستثار من أقاصى الاَفئدة صبابة وكلفاً ، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.
    فإن كان ذمّاً : كان مسه أوجع ، وميسمه ألذع ، ووقعه أشدّ ، وحدّه أحد.
    وإن كان حجاجاً : كان برهانه أنور ، وسلطانه أقهر ، وبيانه أبهر.
    وإن كان افتخاراً : كان شأوه أمدّ ، وشرفه أجد (1) ولسانه ألد.
    وإن كان اعتذاراً : كان إلى القبول أقرب ، وللقلوب أخلب ، وللسخائم أسلّ ، ولغَرْب الغضب أفلّ ، وفي عُقد العقود أنفث ، وحسن الرجوع أبعث.
    وإن كان وعظاً : كان أشفى للصدر ، وأدعى إلى الفكر ، وأبلغ في التنبيه والزجر ، وأجدر أن يجلى الغياية (2) ويُبصّر الغاية ، ويبريَ العليل ، ويشفي الغليل. (3)
    4. وقال أبو السعود ( المتوفّى عام 982 هـ ) : إنّ التمثيل ليس إلاّ إبراز المعنى المقصود في معرض الاَمر المشهور ، وتحلية المعقول بحلية المحسوس ، وتصوير أوابد المعانى بهيئة المأنوس ، لاستمالة الوهم واستنزاله عن معارضته للعقل ، واستعصائه عليه في إدراك الحقائق الخفيّة ، وفهم الدّقائق الاَبيّة؛ كي
    1 ـ من الجد : الحظ ، يقال : هو أجدّ منك ، أي أحظ.
    2 ـ الغياية : كل ما أظلك من فوق رأسك.
    3 ـ أسرار البلاغة : 101 ـ 102.


(14)
يتابعه فيما يقتضيه ، ويشايعه إلى ما لا يرتضيه ، ولذلك شاعت الاَمثال في الكتب الاِلهية والكلمات النبوية ، وذاعت في عبارات البلغاء ، وإشارات الحكماء.
    إن التمثيل ألطف ذريعة إلى تسخير الوهم للعقل واستنزاله من مقا الاستعصاء عليه ، وأقوى وسيلة إلى تفهيم الجاهل الغبىّ ، وقمع سورة الجامح الاَبىّ ، كيف لا ، وهو رفع الحجاب عن وجوه المعقولات الخفية ، وإبرازها لها في معرض المحسوسات الجلية ، وإبداء للمنكر في صورة المعروف ، وإظهار للوحشي في هيئة المألوف. (1)
    ولعلّ في هذه الكلمات غنى وكفاية فلا نطيل الكلام ، غير انّه يجب التنبيه على نكتة ، وهي أن السيوطى نقل في « المزهر » عن أبى عبيد أنّه قال :
    الاَمثال حكمة العرب في الجاهلية والاِسلام وبها كانت تعارض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية. (2)
    ولا يخفى أنّ الاَمثال ليست من خصائص العرب فحسب ، بل لكلّ قوم أمثال وحكم يقرّبون بها مقاصدهم إلى إفهام المخاطبين ويبلغون بها حاجاتهم ، وربما يشترك مَثَلٌ واحد بين أقوام مختلفة ، ويصبح من الاَمثال العالمية ، وربما تبلغ روعة المثل بمكان يقف الشاعر أمامه مبهوراً فيصب مضمونه في قالب شعري.
    روى الطبري عن مهلّب بن أبي صفرة ، قال : دعا المهلَّب حبيباً ومن حضره من ولده ، ودعا بسهام فحزمت ، وقال : أترونكم كاسريها مجتمعة ؟ قالوا : لا ، قال : أفترونكم كاسريها متفرقة ؟ قالوا : نعم ، قال : فهكذا الجماعة. (3)
    وليس المهلب أوّل من ساق هذا المثل على لسانه ، فقد سبقه غيره إليه.
    1 ـ هامش تفسير الفخر الرازي : 1/156 ، المطبعة الخيرية ، ط الاَُولى ، مصر ـ 1308 هـ.
    2 ـ المزهر : 1/288.
    3 ـ تاريخ الطبري : حوادث سنة 82 هـ.


(15)
روى أبو هلال العسكري في جمهرته ، عن قيس بن عاصم التميمى ( المتوفّى عام 20 هـ ) الاَبيات التالية التي تعرب بأنّ المثل صبّ في قالب الشعر أيضاً :
    بصلاح ذات البين طول بقائكم إن مُدّ في عمري وإن لم يُمدد
    حتى تلين قلوبكم وجلودكم لمسوّد منكم وغير مسوّد
    إنّ القداح إذا جمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش باليد
    عزّت فلم تكسر وإن هي بُدّدت فالوهن والتكسير للمتبدّد (1)
    وقد نقل المسعودي في ترجمة عبد الملك بن مروان ، وقال :
    كان الوليد متحنّناً على إخوته ، مراعياً سائر ما أوصاه به عبد الملك ، وكان كثير الاِنشاد لاَبيات قالها عبد الملك حين كتب وصيته ، منها :
    انفوا الضغائن عنكم وعليكم عند المغيب وفي حضور المشهد
    إنّ القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش باليد
    عزّت فلم تكسر وإن هي بُدّدت فالوهن والتكسير للمتبدّد (2)
    1 ـ جمهرة الاَمثال : 1/48.
    2 ـ مروج الذهب : أخبار الوليد بن عبد الملك.


(16)
الكتب الموَلّفة في الاَمثال العربية
    وقد أُلّفت في الاَمثال العربية قديمها وحديثها كتباً كثيرة ، وأجمع كتاب في هذا المضمار هو ما ألّفه أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني ( المتوفّى عام 518 هـ ) وأسماه بـ « مجمع الاَمثال » لاِحتوائه على عظيم ما ورد منها وهي ستة آلاف ونيف. (1)

الرابع : الاَمثال القرآنية
    دلّت غير واحدة من الآيات القرآنية على أنّ القرآن مشتمل على الاَمثال ، وأنّه سبحانه ضرب بها مثلاً للناس للتفكير والعبرة ، قال سبحانه : ( لَوْ أَنْزَلْنا هذا الْقُرآنَ عَلى جَبلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصدّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الاََمْثالُ نَضْربُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفكَّرون ). (2)
    إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على وجود الاَمثال في القرآن ، وانّ الروح الاَمين نزل بها ، وكان مَثَلاً حين النزول على قلب سيد المرسلين ، هذا هو المستفاد من الآيات.
    ومن جانب آخر أنّ المثل عبارة عن كلام أُلْقيَ في واقعة لمناسبة اقتضت إلقاء ذلك الكلام ، ثمّ تداولت عبر الزمان في الوقائع التي هي على غرارها ، كما هو الحال في عامة الاَمثال العالمية.
    1 ـ مجمع الاَمثال : 1/5.
    2 ـ الحشر : 21.


(17)
وعلى هذا فالمثل بهذا المعنى غير موجود في القرآن الكريم ، لما ذكرنا من أنّ قوام الاَمثال هو تداولها على الاَلسن وسريانها بين الشعوب ، وهذه الميزة غير متوفرة في الآيات القرآنية.
    كيف وقد أسماه سبحانه مثلاً عند النزول قبل أن يعيها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويقرأها للناس ويدور على الاَلسن ، فلا مناص من تفسير المثل في القرآن بمعنى آخر ، وهو التمثيل القياسي الذي تعرّض إليه علماء البلاغة في علم البيان وهو قائم بالتشبيه والاستعارة والكناية والمجاز ، وقد سمّاه القزويني « في تلخيص المفتاح » المجاز المركب وقال :
    إنّه اللفظ المركب المستعمل فيما شُبّه بمعناه الاَصلى تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه ، ثمّ مثّل بما كتب يزيد بن وليد إلى مروان بن محمد حين تلكأ عن بيعته : أمّا بعد ، فإنّي أراك تقدّم رجلاً وتوَخّر أُخرى ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيّهما شئت ، والسلام. (1)
    فلهذا التمثيل من المكانة ما ليس له لو قصد المعنى بلفظه الخاص ، حتى أنّه لو قال مثلاً : بلغنى تلكّوَك عن بيعتى ، فإذا أتاك كتابى هذا فبايع أو لا ، لم يكن لهذا اللفظ من المعنى بالتمثيل ، ما لهذا.
    فعامة ما ورد في القرآن الكريم من الاَمثال فهو من قبيل التمثيل لا المثال المصطلح.
    ثمّ إنّ الفرق بين التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز أمر واضح لا حاجة لاِطناب الكلام فيه ، وقد بيّنه علماء البلاغة في علم البيان ، كما طرحه أخيراً
    1 ـ الاِيضاح : 304؛ التلخيص : 322.

(18)
علماء الاَُصول في مباحث الاَلفاظ ، ولاَجل ذلك نضرب الصفح عنه ونحيل القاريَ الكريم إلى الكتب المدونة في هذا المضمار.
    ويظهر من بعضهم أنّ التمثيل من معاني المثل ، قال الآلوسي : المثل مأخوذ من المثول ـ و هو الانتصاب ـ و منه الحديث « من أحبّ أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوّأ مقعده من النار » ثم أطلق على الكلام البليغ الشائع الحسن المشتمل إمّا على تشبيه بلا شبيه أو استعارة رائقة تمثيلية وغيرها ، أو حكمة وموعظة نافعة ، أو كناية بديعة أو نظم من جوامع الكلم الموجز. (1)
    ولولا قوله « الشائع » لانطبقت العبارة على التمثيل القياسي.
    «وقد امتازت صيغة المثل القرآني بأنّها لم تنقل عن حادثة معينة ، أو واقعة متخيلة ، أُعيدت مكرورة تمثيلاً ، وضرب موردها تنظيراً ، وإنّما ابتدع المثل القرآني ابتداعاً دون حذو احتذاه ، و بلا مورد سبقه فهو تعبير فني جديد ابتكره القرآن حتى عاد صبغة متفردة في الاَداء والتركيب والاِشارة ».
    « وعلى هذا فالمثل في القرآن الكريم ليس من قبيل المثل الاصطلاحي ، أو من سنخ ما يعادله لفظاً ومعنى ، الفقر بالاَمثال بمضمونه ، بل هو نوع آخر أسماه القرآن مثلاً من قبل أن نعرف علوم الاَدب « المثل » ، و من قبل أن تسمّي به نوعاًمن الكلام المنثور وتضعه مصطلحاً له. بل من قبل أن يعرف الاَُدباء « المثل » بتعريفهم ». (2)
    1 ـ روح المعاني : 1/163.
    2 ـ الصورة الفنية في المثل القرآني : 72 ، نقلاً عن كتاب المثل لمنير القاضي.


(19)
الخامس : أقسام التمثيل
    قد عرفت أنّ التمثيل عبارة عن إعطاء منزلة شيء لشيء عن طريق التشبيه أو الاستعارة أو المجاز أو غير ذلك ، فهو على أقسام :
    1. التمثيل الرمزي : وهو ما ينقل عن لسان الطيور والنباتات والاَحجار بصورة الرمز والتعمية ويكون كناية عن معاني دقيقة ، وهذا النوع من التمثيل يعجّ به كتاب « كليلة ودمنة » لابن المقفع ، وقد استخدم هذا الاَُسلوب الشاعر العارف العطار النيشابوري في كتابه « منطق الطير ».
    ويظهر من الكتاب الاَوّل أنّه كان رائجاً في العهود الغابرة قبل الاِسلام ، وقد ذكر الموَرّخون أنّ طبيباً إيرانياً يدعى « برزويه » وقف على كتاب « كليلة ودمنة » في الهند مكتوباً باللغة السنسكريتية ونقلها إلى اللغة البهلوية ، وأهداه إلى بلاط أنوشيروان الساساني ، وقد كان الكتاب محفوظاً بلغته البهلوية إلى أن وقف عليه عبد الله بن المقفع ( 106 ـ 143 هـ ) فنقله إلى اللغة العربية ، ثمّ نقله الكاتب المعروف نصر الله بن محمد بن عبد الحميد في القرن السادس إلى اللغة الفارسية وهو الدارج اليوم في الاَوساط العلمية.
    نعم نقله الكاتب حسين واعظ الكاشفى إلى الفارسية أيضاً في القرن التاسع ومن حسن الحظ توفر كلتا الترجمتين.
    وقام الشاعر "رودكي" بنظم ، ما ترجمه ابن المقفع ، باللغة الفارسية.
    ويظهر من غير واحد من معاجم التاريخ أنّه تطرق بعض ما في هذا الكتاب من الاَمثلة إلى الاَوساط العربية في عصر الرسالة أوبعده ، وقد نقل أنّ عليّاً ( عليه السلام ) قال : « إنّما أُكلت يوم أُكل الثور الاَبيض » وهو من أمثال ذلك الكتاب.


(20)
وهناك محاولة تروم إلى أنّ القصص القرآنية كلّها من هذا القبيل أي رمز لحقائق علوية دون أن يكون لها واقعية وراء الذهن ، وبذلك يفسرون قصة آدم مع الشيطان ، وغلبة الشيطان عليه ، أو قصة هابيل وقابيل وقتل قابيل أخاه ، أو تكلم النملة مع سليمان ( عليه السلام ) ، وغيرها من القصص ، وهذه المحاولة تضادّ صريح القرآن الكريم ، فانّه يصرّح بأنّها قصص تحكى عن حقائق غيبيّة لم يكن يعرفها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا غيره ، قال سبحانه : ( لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاَُولى الاََلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَىءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُوَْمِنُون ). (1)
    فالآية صريحة في أنّ ما جاء في القصص ليس أمراً مفترىً ، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على أنّ القرآن بأجمعه هو الحقّ الذي لا يدانيه الباطل.
    2. التمثيل القصصي : وهو بيان أحوال الاَُمم الماضية بغية أخذ العبر للتشابه الموجود. يقول سبحانه : ( ضَرَبَ اللهُ مَثلاً لِلّذِينَ كَفَرُوا امرأةَ نُوحٍ وَامرأةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيئاً وقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِين ). (2)
    والقصص الواردة في أحوال الاَُمم الغابرة التي يعبر عنها بقصص القرآن ، هي تشبيه مصرّح ، وتشبيه كامن والغاية هي أخذ العبرة.
    3. التمثيل الطبيعي : وهو عبارة عن تشبيه غير الملموس بالملموس ، والمتوهم بالمشاهد ، شريطة أن يكون المشبه به من الاَُمور التكوينية ، قال سبحانه : ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الاََرْضِ
    1 ـ يوسف : 111.
    2 ـ التحريم : 10.
مفاهيم القرآن ـ جلد التاسع ::: فهرس