إنّ الاَمثال القرآنية بما أنّها مواعظ وعبر قد ورد الحث على التدبّر فيها عن أئمّة أهل البيت ( عليهما السلام ) ، ننقل منها مايلي : 1. قال أمير الموَمنين على ( عليه السلام ) : « قد جرّبتم الاَُمور وضرّستموها ، ووُعظتم بمن كان قبلكم ، وضُربت الاَمثال لكم ، ودعيتم إلى الاَمر الواضح ، فلا يصمّ عن ذلك إلا أصمّ ، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى ، ومَن لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشيء من العظة ». (2) 2. وقال ( عليه السلام ) : « كتاب ربّكم فيكم ، مبيّناً حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وخاصّه وعامّه ، وعبره وأمثاله ». (3) 3. قال أمير الموَمنين ( عليه السلام ) : « نزل القرآن أرباعاً : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام ». (4)
1 ـ يونس : 24. 2 ـ نهج البلاغة ، الخطبة 176. 3 ـ نهج البلاغة : الخطبة 81. 4 ـ بحار الاَنوار : 24/305 ح1 ، باب جوامع تأويل ما نزل فيهم 8.
(22)
4. روى الاِمام الصادق ( عليه السلام ) عن جده أمير الموَمنين علي ( عليه السلام ) أنّه قال لقاض « هل تعرف الناسخ من المنسوخ ؟ » ، قال : لا ، قال : « فهل أشرفت على مراد الله عزّ وجل في أمثال القرآن ؟ » ، قال : لا ، قال : « إذاً هلكت وأهلكت ». والمفتي يحتاج إلى معرفة معاني القرآن وحقائق السنن وبواطن الاِشارات والآداب والاِجماع والاختلاف والاطّلاع على أُصول ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ، ثم حسن الاختيار ، ثم العمل الصالح ، ثم الحكمة ، ثم التقوى ، ثم حينئذٍ إن قدر. (1) 5. قال أمير الموَمنين على ( عليه السلام ) : « سمّوهم بأحسن أمثال القرآن ، يعنى : عترة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملح أُجاج فاجتنبوا ». (2) 6. وقال علي بن الحسين 8 في دعائه عند ختم القرآن : « اللّهمّ انّك أعنتنى على ختم كتابك الذي أنزلته نوراً وجعلته مهيمناً على كل كتاب أنزلت هـ إلى أن قال : ـ اللّهم اجعل القرآن لنا في ظلم الليالي موَنساً ، ومن نزعات الشيطان وخطرات الوساوس حارساً ، ولاَقْدامِنا عن نقلها إلى المعاصي حابساً ، ولاَلسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرساً ، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجراً ، ولما طوت الغفلة عنّا من تصفح الاعتبار ناشراً ، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه وزواجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله ». (3) 7. وقال علي بن الحسين 8في مواعظه : «فاتّقوا الله عباد الله ، واعلموا أنّ الله عزّ وجلّ لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لاَحد من أوليائه ولم يرغّبهم فيها و في عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنّما خلق الدُّنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها
1 ـ بحار الاَنوار : 2/121 ح34 ، باب النهى عن القول بغير علم من كتاب العلم. 2 ـ بحار الاَنوار : 92/116 ، الباب 12 من كتاب القرآن. 3 ـ الصحيفة السجادية : من دعائه 7 عند ختم القرآن.
(23)
أيّهم أحسن عملاً لآخرته ، وأيم الله لقد ضرب لكم فيه الاَمثال وصرّف الآيات لقوم يعقلون ولا قوّة إلاّ بالله ». (1) 8. وقال الاِمام الباقر ( عليه السلام ) لاَخيه زيد بن علي : « هل تعرف يا أخى من نفسك شيئاً مما نسبتها إليه فتجيىَ عليه بشاهد من كتاب الله ، أو حجّة من رسول الله ، أو تضرب به مثلاً ، فانّ الله عز وجلّ أحلَّ حلالاً وحرّم حراماً ، فرض فرائض ، وضرب أمثالاً ، وسنَّ سنناً ». (2) 9. روي الكليني عن إسحاق بن جرير ، قال : سألتني امرأة أن استأذن لها على أبى عبد الله ( عليه السلام ) فأذن لها ، فدخلت ومعها مولاة لها ، فقالت : يا أبا عبد الله قول الله عزّ وجلّ : ( زَيتُونةٍ لا شَرْقيةٍ وَلا غَرْبية ) (3) ما عنى بهذا؟ فقال : « أيّتها المرأة إنّ الله لم يضرب الاَمثال للشجر إنّما ضرب الاَمثال لبنى آدم ». (4) 10. روى داود بن كثير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنّه قال : « يا داود إنّ الله خلقنا فأكرم خلقنا وفضلنا وجعلنا أُمناءه وحفظته وخزّانه على ما في السماوات وما في الاَرض ، وجعل لنا أضداداً وأعداءً ، فسمّ ـ انا في كتابه وكنّى عن أسمائنا بأحسن الاَسماء وأحبها إليه ، وسمّى أضدادنا وأعداءنا في كتابه وكنّى عن أسمائهم وضرب لهم الاَمثال في كتابه في أبغض الاَسماء إليه ... ». (5) هذه عشرة كاملة من كلمات أئمّتنا المعصومين حول أمثال القرآن.
1 ـ الكافي : 8/75. 2 ـ بحار الاَنوار : 46/204 ، الباب 11. 3 ـ النور : 35. 4 ـ الكافي : 5/551 ، الحديث 2 ، باب السحق من كتاب النكاح. 5 ـ البحار : 24/303 ، الحديث 14.
(24)
وقد حازت الاَمثال القرآنية على اهتمام المفكرين ، فذكروا حولها كلمات تعرب عن أهمية الاَمثال ومكانتها في القرآن : 1. قال حمزة بن الحسن الاصبهاني ( المتوفّى عام 351 هـ ) : لضرب العرب الاَمثال واستحضار العلماء النظائر ، شأن ليس بالخفي في إبراز خفيّات الدقائق ورفع الاَستار عن الحقائق ، تريك المتخيَّل في صورة المتحقق ، والمتوهَّم في معرض المتيقن ، والغائب كأنّه مشاهد ، وفي ضرب الاَمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة ، وقمع لسَورة الجامح الاَبيّ ، فإنّه يوَثر في القلوب مالا يوَثّر وصف الشيء في نفسه ولذلك أكثر الله تعالى في كتابه وفي سائر كتبه الاَمثال ، ومن سور الاِنجيل سورة تسمّى سورة الاَمثال وفشت في كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكلام الاَنبياء والحكماء. (1) 2. قال الاِمام أبو الحسن الماوردي ( المتوفّى عام 450 هـ ) : من أعظم علم القرآن علم أمثاله ، والنّاس في غفلة عنه لاشتغالهم بالاَمثال ، وإغفالهم الممثَّلات ، والمثل بلا ممثَّل كالفرس بلا لجام والناقة بلا زمام. (2) 3.قال الزمخشري ( المتوفّى عام 538 هـ ) في تفسير قوله سبحانه : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ) (3) وضرب العرب الاَمثال واستحضار العلماء المثل والنظائر ، إلى آخر ما نقلناه عن الاصبهاني. (4) 4. وقال الرازي ( المتوفّى عام 606 هـ ) : « إن المقصود من ضرب الاَمثال
1 ـ الدرّة الفاخرة في الاَمثال السائرة : 1/59 ـ 60 والعجب أن هذا النص برمّته موجود في الكشّاف في تفسير قوله سبحانه : ( فَما رَبِحَتْ تِجارتهم وَما كانُوا مُهْتَدين مَثَلُهُمْ كَمَثل الَّذي استَوقَدَ ناراً ) ( انظر الكشّاف : 1/149 ). 2 ـ الاِتقان في علوم القرآن : 2/1041. 3 ـ البقرة : 17. 4 ـ الكشّاف : 1/72.
(25)
انّها توَثر في القلوب ما لا يوَثره وصف الشيء في نفسه ، وذلك لاَنّ الغرض في المثل تشبيه الخفى بالجلي ، والغائب بالشاهد ، فيتأكد الوقوف على ماهيته ، ويصير الحس مطابقاً للعقل ، وذلك في نهاية الاِيضاح ، ألا ترى أنّ الترغيب إذا وقع في الاِيمان مجرّداً عن ضرب مثل له لم يتأكد وقوعه في القلب كما يتأكد وقوعه إذا مُثّل بالنور ، وإذا زهد في الكفر بمجرّد الذكر لم يتأكد قبحه في العقول ، كما يتأكد إذا مثل بالظلمة ، وإذا أخبر بضعف أمر من الاَُمور وضرب مثله بنسج العنكبوت كان ذلك أبلغ في تقرير صورته من الاِخبار بضعفه مجرّداً ، ولهذا أكثر الله تعالى في كتابه المبين ، وفي سائر كتبه أمثاله ، قال تعالى : ( وَتِلْكَ الاََمْثال نَضْرِبها لِلنّاس ) (1)(2) 5. وقال الشيخ عزالدين عبدالسلام ( المتوفّى عام 660 هـ ) : إنّما ضرب الله الاَمثال في القرآن ، تذكيراً ووعظاً ، فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب ، أو على إحباط عمل ، أو على مدح أو ذم أو نحوه ، فإنّه يدل على الاحكام. (3) 6. وقال الزركشى ( المتوفّى عام 794 هـ ) : وفي ضرب الاَمثال من تقرير المقصود مالا يخفى ، إذ الغرض من المثل تشبيه الخفى بالجلى ، والشاهد بالغائب ، فالمرغب في الاِيمان مثلاً ، إذا مثّل له بالنور تأكّد في قلبه المقصود ، والمزهَّد في الكفر إذا مثل له بالظلمة تأكد قبحه في نفسه وفيه أيضاً تبكيت الخصم ، وقد أكثر الله تعالى في القرآن ، وفي سائر كتبه من الاَمثال. (4) لكن يرد على ما ذكره الزمخشري والرازي والزركشي أنّ ما ذكروه راجع
1 ـ العنكبوت : 43. 2 ـ مفاتيح الغيب : 2/72 ـ 73. 3 ـ الاِتقان في علوم القرآن : 2/1041. 4 ـ البرهان في علوم القرآن : 1/488.
(26)
إلى نفس الاَمثال لا إلى الضرب بها ، فانّ الاَمثال شيء وضرب الاَمثال شيء آخر ، لاَنّ إبراز المتخيل بصورة المحقّق ، والمتوهم في معرض المتيقن ، ليس من مهمة ضرب الاَمثال ، وإنّما هي مهمة نفس الاَمثال ، « وذلك أنّ المعاني الكلية تعرض للذهن مجملة مبهمة ، فيصعب عليه أن يحيط بها وينفذ فيها فيستخرج سرّها ، والمثل هو الذي يفصّل إجمالها ، ويوضّح إبهامها ، فهو ميزان البلاغة وقسطاسها ومشكاة الهداية ونبراسها ». (1)
ولاَجل هذه الاَهمية التي حازتها الاَمثال القرآنية ، قام غير واحد من علماء الاِسلام القدامى منهم والجدد ، بتأليف رسائل وكتب حول الاَمثال القرآنية نذكر منها ما وقفنا عليه : 1. « أمثال القرآن » للجنيد بن محمد القواريري ( المتوفّى سنة 298 هـ ). 2. « أمثال القرآن » لاِبراهيم بن محمد بن عرفة بن مغيرة المعروف بنفطويه ( المتوفّى سنة 323 هـ ). 3. « الدرة الفاخرة في الاَمثال السائرة » لحمزة بن الحسن الاصبهاني ( المتوفّى 351 هـ ). 4. « أمثال القرآن » لاَبي على محمد بن أحمد بن الجنيد الاسكافي ( المتوفّى عام 381 هـ ). 5. « أمثال القرآن » للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن حسين السلمي النيسابوري ( المتوفّى عام 412 هـ ).
1 ـ تفسير المنار : 1/237.
6. « الاَمثال القرآنية » للاِمام أبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي الشافعي ( المتوفّى سنة 450 هـ ). 7. « أمثال القرآن » للشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ( المتوفّى سنة 754 هـ ). وقد طبعت موَخّراً. 8. « الاَمثال القرآنية » لعبد الرحمن حسن حنبكة الميداني. 9. « أمثال القرآن » للمولى أحمد بن عبد الله الكوزكناني التبريزي ( المتوفّى عام 1327 هـ ). المطبوعة على الحجر في تبريز عام 1324 هـ. 10. « أمثال القرآن » للدكتور محمود بن الشريف. 11. « الاَمثال في القرآن الكريم » للدكتور محمد جابر الفياضي. وقد طبعت موَخّراً. 12. « الصورة الفنية في المثل القرآني » للدكتور محمد حسين علي الصغير. وقد طبعت موَخّراً. 13. « أمثال قرآن » ( بالفارسية ) لعلي أصغر حكمت. وقد طبعت موَخّراً. 14. « تفسير أمثال القرآن » ( بالفارسية ) للدكتور إسماعيل إسماعيلي. وقد طبعت موَخّراً. الثامن : تقسيم الاَمثال القرآنية إلى الصريح و الكامن ذكر بدر الدين الزركشي ان الاَمثال على قسمين : ظاهر وهو المصرّح به ، وكامن وهو الذي لا ذكر للمثل فيه وحكمه حكم الاَمثال. (1) وقد نقل السيوطى ذلك النص بنفسه وحاول تفسير المثل الكامن ، وقال
1 ـ البرهان في علوم القرآن : 1/571.
(28)
ما هذا نصّه : فمن أمثلة الاَوّل ، قوله تعالى : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذي اسْتَوقَدَ ناراً ... ) (1) ضرب فيها للمنافقين مثلين : مثلاً بالنار ومثلاً بالمطر ـ ثمّ قال ـ : وأما الكامنة : فقال الماوردي : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم ، يقول : سمعت أبى يقول : سألت الحسين بن فضل ، فقلت : إنّك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن ، فهل تجد في كتاب الله : « خير الاَُمور أوسطها » ؟ قال : نعم في أربعة مواضع : قوله تعالى : ( لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ ). (2) وقوله تعالى : ( وَالّذينَ إِذا أَنْفَقُوا لم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُروا وكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ). (3) وقوله تعالى : ( وَلا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ). (4) وقوله تعالى : ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبيلاً ). (5) قلت : فهل تجد في كتاب الله «من جهل شيئاً عاداه » ؟ قال : نعم ، في موضعين : ( بَل كَذّبُوا بما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ). (6)
1 ـ البقرة : 17 ـ 20. 2 ـ البقرة : 68. 3 ـ الفرقان : 67. 4 ـ الاِسراء : 29. 5 ـ الاِسراء : 110. 6 ـ يونس : 39.
(29)
( وَإِذ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَديم ). (1) قلت : فهل تجد في كتاب الله « احذر شر من أحسنت إليه » ؟ قال : نعم. ( وما نَقمُوا إِلاّ أن أغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ). (2) قلت : فهل تجد في كتاب الله « ليس الخبر كالعيان » ؟ قال : في قوله تعالى : ( قالَ أَوَ لَمْ تُوَْمِن قال بَلى ولَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبي ). (3) قلت : فهل تجد « في الحركات البركات » ؟ قال : في قوله تعالى : ( وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبيلِ اللهِ يَجِدْ في الاََرْضِ مُراغَماً كَثيراً وَسَعَة ). (4) قلت : فهل تجد « كما تدين تدان » ؟ قال : في قوله تعالى : ( مَنْ يعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه ). (5) قلت : فهل تجد فيه قولهم « حين تَقْلي تدري » ؟ قال : ( وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حينَ يَرَونَ العَذابَ مَن أَضلُّ سَبِيلاً ). (6) قلت : فهل تجد فيه : « لا يُلدغ الموَمن من جحر مرّتين » ؟ قال : ( هَلْ آمنُكُمْ عَليهِ إِلا كَما أَمِنتُكُمْ عَلى أَخيهِ مِنْ قَبْلُ ). (7) قلت : فهل تجد فيه « من أعان ظالماً سُلّط عليه » ؟ قال : ( كَتَبَ عَليهِ أَنَّهُ مَنْ
1 ـ الاَحقاف : 11. 2 ـ التوبة : 74. 3 ـ البقرة : 260. 4 v ـ النساء : 100. 5 ـ النساء : 123. 6 ـ الفرقان : 42. 7 ـ يوسف : 64.
(30)
تَوَلاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعير ). (1) قلت : فهل تجد فيه قولهم : « ولا تلد الحية إلا حيّة » ؟ قال : قوله تعالى : ( وَلا يَلِدُوا إِلا فاجِراً كَفّاراً ). (2) قلت : فهل تجد فيه : « للحيطان آذان » ؟ قال : ( وَفِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ ). (3) قلت : فهل تجد فيه : « الجاهل مرزوق والعالم محروم » ؟ قال : ( مَنْ كانَ فِي الضَّلالةِ فلَيَمْدُد لَهُ الرَّحْمنُ مَدّاً ). (4) قلت : فهل تجد فيه : « الحلال لا يأتيك إلا قوتاً ، والحرام لا يأتيك إلا جزافاً » ؟ قال : ( إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَومَ سَبْتِهِمْ شُرّعاً وَيَومَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهم ) (5). (6) وقد أخذ عليه « بأنّه لو حققْتَ النظر فيما أورده الماوردي ، لما وجدت مثلاً قرآنياً واحداً بالمعنى الذي يراد التعبير عنه بأنّه مثل كامن ، على أنّ الماوردي لم ينقل عن الحسين بن الفضل بأنّ متخيّره هذا مثل كامن ، ولاسمَّى الماوردي ذلك به ، وإنّما أورد رواية للمقارنة بما يمكن أن يعد أمثالاً من كلام العرب والعجم ، ووضع قائمة مختارة ازاءه من كتاب الله بما يبذّ كلامهم ويعلو على أمثالهم. فالتسمية إذن اختارها السيوطي متابعاً فيها الزركشي. وطبّق عليها هذه
1 ـ الحج : 4. 2 ـ نوح : 27. 3 ـ التوبة : 47. 4 ـ مريم : 75. 5 ـ الاَعراف : 163. 6 ـ الاِتقان في علوم القرآن : 2/1045 ـ 1046.