هو فاعل التزكية والتدسية ومتوليهما ، والتزكية هي الاِتمام والاِعلاء بالتقوى ، لأنّ
لازم التطهير هو الاِنماء كما أنّ التدسية النقص والاِخفاء بالفجور.
والمقسم عليه : هو قوله : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها * وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها ) ، وربّما يتصوّر أنّ جواب القسم محذوف.
قال الزمخشري : إنّ جوابه محذوف تقديره ليدمدمنّ اللّه على أهل مكة
لتكذيبهم رسول اللّه كما دمدم على ثمود لأنّهم قد كذبوا صالحاً.
وأمّا قوله : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها ) فكلام تابع لقوله : ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء. (1)
يلاحظ عليه : أنّه لو كان جواب القسم هو ما قدّره ، يفقد الجواب الصلة
اللازمة بينه و بين الأقسام الكثيرة الواردة في سورة الشمس ، ولا مانع من أن يكون
قوله : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها ) جواب القسم ، بأن يكون تابعاً لقوله : ( فَأَلْهَمَها
فُجُورَها وَتَقْواها ).
وعلى ما ذكرنا فالصلة بين الأمرين واضحة ، وهي أنّه سبحانه يذكر نعمه
الهائلة في هذه الآيات التي لو فقد البشر واحداً منها لتوقفت عجلة الحياة عن
السير نحو الأمام ، فمقتضى إفاضة هذه النعم وإنارة الروح بإلهام الفجور والتقوى
هو المشي على درب الطاعة ، وتزكية النفس دون الولوج في طريق الفجور وإخفاء
الدسائس الشيطانية.
1 ـ الكشاف : 3/342.
حلف سبحانه في سورة الليل بأُمور ثلاثة : ( اللَّيل إِذا يَغْشى ) ، ( النَّهار إِذا
تَجَلّى ) و ( ما خلق الذكر والأُنثى ).
وقال سبحانه : ( وَاللَّيل إِذا يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى * وَما خَلَقَ الذَّكَر
وَالأُنثى * إنَّ سَعْيَكُمْ لَشتّى ). (1)
تفسير الآيات
1. ( وَاللَّيل إِذا يَغْشى ) أقسم بالليل إذا يغشى النهار ، أو يغشى الأرض ،
ويدل على الأوّل ، قوله : ( يُغشِي اللَّيلَ النَّهار ) (2) بمعنى يأتي بأحدهما بعد الآخر ، فيجعل ظلمة الليل بمنزلة الغشاوة للنهار ويحتمل المعنى الثاني ، كما في قوله في
سورة الشمس : ( وَاللَّيل إِذا يَغْشاها ).
2. ( وَالنَّهار إِذا تَجَلّى ) عطف على الليل ، والتجلّ ـ ي ظهور الشيء بعد
خفائه ، وقد جاء الفعل في الآية الأُولى بصيغة المضارع وفي الآية الثانية بصورة
الماضي وفقاً لسورة الشمس كما مرّ.
3. ( وَما خَلَقَ الذَّكَر وَالأُنثى ) و « ما » موصولة كناية عن الخالق البارىَ للذكر
1 ـ الليل : 1 ـ 4. 2 ـ الأعراف : 54.
(173)
والأُنثى ، سواء أكان من جنس الاِنسان أو من جنس الحيوان ، وتطبيقه في بعض
التفاسير على أبينا آدم وزوجه حوّاء من باب التمثيل لا التخصيص.
وأمّا جواب القسم : هو قوله : ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى ) ، وشتى جمع شتيت ،
كمرضى جمع مريض ، و المراد تشتت السعي ، فانّ سعي الاِنسان لمختلف وليس
منصبَّاً على اتجاه واحد ، فمن ساع للدنيا ومن ساع للعقبى ، ومن ساع للصلاح
والفلاح ، ومن ساع للهلاك والفساد.
ثمّ إنّه سبحانه صنّف المساعي إلى قسمين ، وقال في الآيات التالية بأنّ
الناس على صنفين : فصنف يصبُّ سعيه في طريق العطاء والتقى والتصديق
بالحسنى ، فيُيسّر لليسري ، وصنف آخر يصبُّ سعيه على ضدّما ذكر فيبخل
ويستغني بما لديه ، ويكذب بالحسنى ، فيُيسر للعسرى.
قال : ( فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسرى * وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ). (1)
والصلة بين المقسم به والمقسم عليه : واضحة ، وهي أنّه سبحانه أقسم
بالمتفرقات خلقاً وأثراً على المساعي المتفرقة في أنفسها وآثارها ، فأين التقوى
والتصديق من البخل والتكذيب؟!
1 ـ الليل : 5 ـ 10.
تفسير الآيات
المراد من الضحى وقت الضحى ، وهو صدر النهار حتى ترتفع الشمس
وتلقي شعاعها ، قال سبحانه : ( وَأَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحى ). (2)
وقوله : ( وَالليلِ إذا سَجى ) أي والليل إذا سكن ، يقال : سجى البحر سجواً ،
أي سكنت أمواجه ، ومنه استعير تسجية الميت ، أي تغطيته بالثوب ، والمراد إذا
غطى الليلُ وجه الأرض وعمّت ظلمتُه جميع أنحاء البسيطة.هذا هو المقسم به.
وأمّا المقسم عليه : فهو ما جاء عقبه ، أي ما تركك يا محمد ربّك وما
أبغضك منذ اصطفاك. ( وللآخِرةُ خَيرٌ لَكَ من الأُولى ) أي ثواب الآخرة والنعيم
الدائم فيها خير لك من الدنيا الفانية. ( ولَسَوفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى ) أي سوف
1 ـ الضحى : 1 ـ 5. 2 ـ طه : 59.
(175)
يعطيك ربّك في الآخرة ما يرضيك من الشفاعة والحوض وسائر أنواع الكرامة.
وروي أنّ محمد بن علي بن الحنفية ، قال : يا أهل العراق ، تزعمون أنّ أرجى
آية في كتاب اللّه عزّوجلّ هو قوله تعالى : ( قُلْ يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّه ) (1) إنّا أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب اللّه ، هو قوله : ( وَلَسَوفَ يُعطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى ) وهي واللّه الشفاعة ، ليعطينّها في أهل لاإله إلاّ اللّه حتى يقول : ربّي رضيت. (2)
وقد ذكر المفسرون في شأن نزول الآية : انّه احتبس الوحي عنه خمسة عشر
يوماً ، فقال المشركون : إنّ محمداً قد ودّعه ربّه وقلاه ، ولو كان أمره من اللّه تعالى
لتتابع عليه ، فنزلت هذه السورة.
هذا ما يذكره المفسرون ، ولكن الحقّ انّه لم يكن هناك أيُّ احتباس وتأخير
في نزول الوحي ، وذلك لأنّه جرت سنّة اللّه تعالى على نزول الوحي تدريجاً
لغايات معنوية واجتماعية ، وقد أشار الذكر الحكيم إلى حكمة نزوله نجوماً في
غير واحدة من الآيات ، قال سبحانه : ( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا نُزّلَ عَلَيْهِ الْقُرآن ُجُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُوَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ). (3)
فالآية تعكس فكرة المشركين حول نزول القرآن وكانوا يتصورون أنّ
القرآن كالتوراة ، يجب أن ينزل جملة واحدة لا نجوماً وعلى سبيل التدريج ،
فأجاب عنه الوحي ، بأنّ في نزوله التدريجي تثبيتاً لفوَاد النبي « صلى الله عليه وآله
1 ـ الزمر : 53. 2 ـ مجمع البيان : 5/505. 3 ـ الفرقان : 32.
(176)
وسلم » ، لتداوم الصلة بين الموحي والموحى إليه بين الحين والحين.
وهذا بخلاف ما لو نزل جملة واحدة وأوصد فيها باب الوحي ، وانقطعت
صلة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالسماء ، ففي صورة استدامة الوحي والصلة
بينه وبين اللّه سبحانه يعيش النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت ظل إمدادات
غيبية تعقبه إزالة الصدأ العالق على قلبه من خلال مجابهة المشركين والكافرين ،
بخلاف الثاني ، ففيه إيماء إلى انقطاع الصلة حينها يجد النبي « صلى الله عليه وآله
وسلم » نفسه وحيداً دون من يعضده ويسلّيه ويذهب عنه همّ القلب.
ففي الحقيقة لم يكن هناك طارئة باسم احتباس الوحي أو تأخيره ، وإن زعم
المشركون نزول الوحي نجوماً احتباساً وتأخيراً له.
وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه ، فلا تخلو من وضوح :
1. لأنّ نزول الوحي يناسب الضحى ، كما أنّ انقطاعه يناسب الليل.
2. لأنّ عماد الحياة هو مجيىَ الليل عقب النهار ، لا استدامة النهار ولا
استدامة الليل ، فهكذا الحال في عماد الحياة النبوية الذي هو نزول الوحي نجوماً
تثبيتاً لقلب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
3. ولأنّ الضحى والليل نعمة من نعم اللّه سبحانه منّ بها على عباده لما لهما
من تأثير مباشر في استقرار الحياة وهكذا الحال في نزول الوحي نجوماً.
حلف سبحانه في سورة التين ، بأُمور أربعة : التين ، الزيتون ، طور سينين ،
البلد الأمين ، قال سبحانه : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينينَ * وَهذَا الْبَلَدِ الأَمين *
لَقَدْ خَلَقْنَا الاِِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْويمٍ * ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلينَ * إِلاّ الَّذينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصّالِحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ). (1)
تفسير الآيات
( التين والزَّيتُون ) فاكهتان معروفتان ، حلف بهما سبحانه لما فيهما من
فوائد جمّة وخواص نافعة ، فالتين فاكهة خالصة من شآئب التنغيص ، وفيه أعظم
عبرة لأنّه عزّ اسمه جعلها على مقدار اللقمة ، وهيّأها على تلك الصورة إنعاماً على
عِباده بها.
وقد روى أبو ذر الغفاري عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أنّه قال : « لو
قلت انّ فاكهة نزلت من الجنة ، لقلت : هذه هي ، لأنّ فاكهة الجنة بلا عَجَمْ (2) فانّها
تقطع البواسير ، وتنفع من النقرص ». (3)
وأمّا الزيتون فانّه يعتصر منه الزيت الذي يدور في أكثر الأطعمة ، وهو إدام ،
والتين فاكهة فيها منافع جمّة.
1 ـ التين : 1 ـ 6. 2 ـ العجم : نوى التمر ، أو كل ما كان في جوف مأكول كالزبيب. 3 ـ مجمع البيان : 5/510.
(178)
ذكر علماء الأغذية أنّه يمكن الاستفادة من التين كسكر طبيعي للأطفال ،
ويمكن للرياضيين ولمن يعانون ضعف كبر السنّ أن ينتفعوا منه للتغذية ، حتى
ذكروا أنّ الشخص إن أراد توفير الصحة والسلامة لنفسه فلابد له أن يتناول هذه
الفاكهة ، كما أنّ زيت الزيتون هو الآخر له تأثير بالغ في معالجة عوارض الكُلَى ،
حتي وصفها سبحانه بأنّه مأخوذ من شجرة مباركة ، ولا نطيل الكلام في سرد
فوائدهما. (1)
هذا وربما يفسر التين بالجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون بالجبل الذي
عليه بيت المقدس.
وهذا التفسير وإن كان بعيداً عن ظاهر الآيات ، ولكن الذي يدعمه هو القسم
الثالث والرابع ـ أعني : الحلف ب ـ ( طور سينين * والبلد الأمين ) ـ إذ على ذلك
يكون بين الأُمور الأربعة السالفة الذكر صلة واضحة ، ولعل إطلاق اسم الفاكهتين
على الجبلين لكونهما منبتيهما ، والاِقسام بهما ، لأنّهما مبعثي جمّ غفير من الأنبياء.
ثمّ إنّ المراد من طور سينين ، هو الجبل الذي كلّم اللّه فيه موسى ( عليه السلام ) ، وقال : ( إِنَّي أَنَا رَبّكَ فَاخْلََعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالوادِ المُقدَّسِ طُوى ) (2) وقال :
( إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ المُقَدَّسِ طُوى ) (3) وقال سبحانه مخاطباً موسى ( عليه السلام )
: ( وَلكِنِ انْظُر إِلى الْجَبَل فَإِن اسْتَقَرَ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجلّى رَبّه لِلجَبَل
جَعَلهُ دَكّاً وخَرّ مُوسى صَعِقاً ). (4)1 ـ فمن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب علماء الأغذية وما أُلّف في هذا المضمار. 2 ـ طه : 12. 3 ـ النازعات : 16. 4 ـ الأعراف : 143.
(179)
البلد الأمين
وقد ذكر لفظ البلد في دعاء إبراهيم ، حيث قال : ( وَإِذْ قالَ إِبْراهيم رَبِّ اجْعَل
هذا بَلَداً آمِناً وَارزُق أَهْلهُ مِنَ الثَّمراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخر ) (1) وقال
أيضاً : ( رَبِّ اجْعَل هذا البلد آمناً وَاجْنُبْني وَبَنيّ أن نَعْبُد الأَصْنام ). (2)
وقد أمر سبحانه نبيّه الخاتم ، أن يقول : ( إِنَّما أُمرت أن أَعبُدَ ربَّ هذه البَلْدة
الّذي حرّمها ولَهُ كُلّ شيء وَأُمرت أن أكون من المُسلمين ). (3)
وقد جاء ذكر البلد في بعض الآيات كناية ، قال سبحانه : ( انَّ الّذي
فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآن لَرادّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَم مَنْ جاءَبِالهُدى وَمَنْهُوَفي
ضَلالٍ مُبين ). (4) والمراد من قوله ( إلى معاد ) هو موطنه الذي نشأ فيه.
وقد روى المفسرون في تفسير الآية انّه لما نزل النبي « صلى الله عليه وآله
وسلم » بالجحفة في مسيره إلى المدينة لما هاجر إليها اشتاق إلى مكة فأتاه جبرئيل
( عليه السلام ) ، فقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك ، فقال : نعم. قال جبرئيل : فإنّ اللّه ،
يقول : ( إنَّ الّذي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرآن لَرادّكَ إِلى مَعاد ) يعني مكة ظاهراً عليها ، فنزلت الآية بالجحفة ، وليست بمكية ولا مدنية ، وسمّيت مكة معاداً لعوده إليها.
عن ابن عباس. (5)
كما ذكر أيضاً في آية أُخرى بوصفه وقال : ( أَوَ لَمْ يَرَوا انّا جَعَلْنا حَرماً آمِناً1 ـ البقرة : 126. 2 ـ إبراهيم : 35. 3 ـ النمل : 91. 4 ـ القصص : 85. 5 ـ مجمع البيان : 7/268.
(180)
وَيُتَخَطَّف النّاسُ منْ حَولهِم أَفَبالباطِل يُوَْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّه يكْفُرون ). (1)
وقد وصف سبحانه البلد بالأمن وأصل الأمن طمأنينة النفس وزوال
الخوف ، وقد جعله وصفاً في بعض الآيات للحرم ، قال سبحانه : ( أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَهُمْ
حَرماً آمناً يجبى إليهِ ثَمرات كلّ شَيْءٍ رِزْقاً من لَدُنّا وَلكِنّ أَكثَرهم لا يَعْلَمُون ) (2)
وفي آية أُخرى يقول : ( أَوَ لَمْ يَرَوا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمناً وَيُتَخَطَّف النّاسُ من حَولهِمْ أَفَبالباطل يوَمنون وبنعمة اللّه يكفرون ). (3)
والمراد من هذا الأمن هو الأمن التشريعي ، بمعنى أنّه سبحانه حرم فيه القتل
والحرب حتى قطع الأشجار والنباتات إلاّ بعض الأنواع مما تحتاج إليه الناس ،
والذي يوضح أنّ المراد من الأمن هو الأمن التشريعي لا التكويني قوله سبحانه :
( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكّة مُباركاً وَهُدىً لِلْعالَمين * فِيه آياتٌ بَيِّنات مَقامُ إِبراهيم وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَللّه عَلى النّاسِ حِجُّ الْبَيْت مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَن الْعالَمين ). (4)
فالآية الأُولى تحكي عن تشريع خاص ، وهو أنّ الكعبة أوّل بيت وضعت
لعبادة الناس ، ويدل على ذلك أنّ فيه مقام إبراهيم ، كما أنّ الآية الثانية تبيّن تشريعاً
آخر ، وهو وجوب حجّ البيت لمن استطاع إليه ، وبين هذين التشريعين جاء قوله :
( وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) وهذا دليل على أنّ المراد من الأمن هو الأمن التشريعي لا التكويني ، ولذلك كان الطغاة يسلبون الأمن عن هذا البلد بين آونة وأُخرى.
1 ـ العنكبوت : 67. 2 ـ القصص : 57. 3 ـ العنكبوت : 67. 4 ـ آل عمران : 96 ـ 97.