مختصر البصائر ::: 31 ـ 45
(31)
برجوعه إلى كتابه الآخر الذي ألّفه ، وأورد فيه أحاديث سعد وهو ( مختصر كتاب البصائر ) (1).
    أقول : إنّ الذي يتبادر إلى نظري عدّة اُمور :
    منها : أنّه يبدو من كلمات سماحة سيّدنا الأمين وشيخنا الطهراني تغمّدهما الله برحمته ، أنّهما لم يطّلعا على عبارة الشيخ حسن في أوّل كتابه المطبوع باسم ( مختصر بصائر الدرجات ) (2) فإنّ هذا الشيخ ذكر صريحاً واضحاً أنّه ينقل من كتاب ( مختصر البصائر ) تأليف سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّي ، ومؤدّى هذه العبارة أوردها صاحب الرياض في مفتتح كلامه السابق فتأمّل.
    ومنها : إنّه ربّما كان لسعد كتابان ، أحدهما باسم ( بصائر الدرجات ) الذي أشار إليه النجاشي والطوسي وغيرهما ، والآخر باسم ( مختصر البصائر ) الذي ذكره وأشاد به الشيخ حسن في كتابه المذكور مرّتين : مرّة في أوّل صفحة منه ، والاُخرى في صفحة 30 طبعة النجف الأشرف بتقديم العلاّمة الأوحد المغفور له الشيخ الاوردآبادي ( قدس سره ).
    ومنها : أنّا وجدنا الروايات التي أوردها الشيخ حسن في كتابه عن طريق سعد ، وجدناها ـ على الأعم الأغلب ـ بنصها وفصّها ، سنداً ومتناً ، متطابقة ومتوافقة مع ( بصائر الدرجات ) للصفّار !
    وبناءً على هذا فلربّما ينهض احتمال الميرزا عبدالله أفندي ، ويؤيّد ظنّه
1 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 3 : 124 / 415.
2 ـ اللهم إلاّ أن يكون مختصر البصائر هو بعينه رسالة الرجعة ، وهذا لا يمكن كما ستأتي الإشارة إليه.


(32)
ويدعمه ، باعتباره من أصدق الشواهد عليه.
    وإذا قيل : بأنّ الشيخ سعد القمّي ، والشيخ محمد الصفّار ، لمّا كانا مشاركين في أكثر الرجال ، باعتبار أنّهما في طبقة واحدة ، وفي عصر واحد ، لذا فإنّهما وردا مورداً واحداً ، وأخذا من مصدر معين ، وبهذا تكون مرويّاتهما متشابهة ومتشاكلة بعضها مع البعض الآخر ، فحينئذ لا يأخذ بادعاءكم السابق مأخذه في إقامة الدليل على الاحتمال المذكور.
    فنجيب على ذلك ونقول : إنّ كلّ ما في كتاب الشيخ سعد ـ على الأغلب ـ قائم يتراءى على هيئته في كتاب الصفّار ، وليس ثمّة اختلاف مهم يُذكر في هذا الصدد ؛ حتى أنّ الأشعري سار في ( مختصره ) مع ترتيب الأجزاء وأبواب كتاب الصفّار ، حيث يبدو للمراجع الكريم جليّاً أنّه انتخب من كلّ باب رواية أو روايتين وهكذا.
    ومن أعجب وأغرب الاُمور المتفقة في ذلك ، أنّ اسم الكتاب ( بصائر الدرجات ) لم يسلم أيضاً من تلك المجانسة والمؤانسة من التوافق والتطابق الموجودين ! ولا أدري فهل للمشاركة والمعاصرة المذكورتين دخل في اقتباس وانتخاب عنوان الكتاب أيضاً ؟!
    ومن البعيد جدّاً ـ لاسيما على أمثالهما ـ أنّه لم يطّلع أحدهما على نتاج الآخر ، وعلى الأقل في ذلك تكون أسماء الكتب المؤلّفة من قبلهما !
    فأي شيء تعلّل به تلك التشابهات ؟ سوى أنّهما يرجعان إلى أصل واحد ، وكتاب فارد ؟!
    ومنها : أنّ العلاّمة الطهراني رحمه الله تعالى ، كان قد نقل قول الشيخ حسن وهو إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق ... إلى آخرها. وعزاها


(33)
إلى كتابه ( إثبات الرجعة ) في موضعين من ( الذريعة ) في الجزء الأوّل ، صفحة 91 رقم 439 ، وفي الجزء الثالث ، صفحة 124 رقم 415.
    وقال الشيخ عبدالله أفندي : إنّه قد يتوهم اتحاد ( رسالة الرجعة ) له مع كتاب ( مختصر البصائر ) قال في أثناء تلك الرسالة : يقول حسن بن سليمان بن خالد إنّي قد رويت في معنى الرجعة (1) ... وساق عين العبارة التي أوردها شيخنا الطهراني ( قدس سره ) !.
    والحال أنّا وجدنا هذه الجملة بنصّها مثبتة ومطبوعة ضمن كتابه ( مختصر البصائر ) وفي صفحة 30 على وجه التعيين من النسخة المطبوعة المومى إليها آنفاً ، وكذلك فهي موجودة أيضاً في سائر الاُصول المعتمدة المخطوطة التي بحوزتنا فهل يعني ذلك أنّ كتاب ( الرجعة ) أو ( إثبات الرجعة ) هو بعينه كتاب ( مختصر البصائر ) الذي حذّر من توهّمه الشيخ عبدالله أفندي ؟! لا سيّما وأنّه بحوزتنا الآن مخطوطة تحمل اسم ( إثبات الرجعة ) ومحتواها لا يختلف عن ( مختصر البصائر ) (2) ؟!
    ولا يخفى فإنّ الحرّ العاملي كان قد أدرج رسالة الرجعة ضمن مصادر كتابه ( الإيقاظ من الهجعة ) (3) وكلّ ما نقل من تلك الرسالة وجدناه بحذافيره في ( مختصر البصائر ) ومع ذلك فإنّا آثرنا أن نبقي عنوان الكتاب ( مختصر البصائر ) على ما هو
1 ـ رياض العلماء 1 : 195.
2 ـ أضف إلى ذلك أنّ محتوى ( مختصر بصائر الدرجات ) يدور على الأكثر حول موضوع الرجعة والمسائل العقائدية المربوطة بها ، راجع على الخصوص ( باب الكرّات وحالاتها وما جاء فيها ).
3 ـ وقد ذكر الحرّ العاملي ( قدس سره ) في مقدّمة كتابه المشار إليه أنّه لم يحضره عاجلاً كتاب ( مختصر بصائر الدرجات ) فتأمّل.


(34)
المشهور المعروف المتداول ، حذراً من أن نأتي باسم آخر ، لئلاّ يجرّ ذلك إلى مسائل اُخر نحن في غنى عنها.
    وأحبّ أن ألفت نظر القارئ العزيز أنّ مصنّف كتابنا هذا نقل من كتاب مختصر البصائر لسعد بن عبدالله أحاديثاً جمّة بلغت نصف الكتاب ، والنصف الثاني من مصادر شتّى ، منها مطبوعة وبعض منها محقّقة ، ولهذا ـ وحسب الظاهر ـ اشتهر اسم الكتاب بالمختصر ، وكان العلاّمة المجلسي ( رحمه الله ) ينقل عنه باسم مختصر البصائر ويرمز له برمز ( خص ).
    وأمّا القسم الثاني من المختصر فنقل العلاّمة أحاديثه من مصادره الأصلية دون تعرّض لاسم ورمز المختصر.
    النسخ المعتمدة :
    1 ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا ( عليه السلام ) في مدينة مشهد المقدّسة ، والتي رقمها 2018 وتحمل اسم الرجعة والرد على أهل البدعة ، تاريخ نسخها في سنة 1085 هـ بيد بهاء الدين محمد بن علي نقي الطغائي وله حواشي كثيرة على بعض الأحاديث. ورمزت لها بحرف « ض » ، وهي كاملة.
    2 ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا ( عليه السلام ) في مدينة مشهد المقدّسة ، وتحمل اسم مختصر البصائر ، تاريخ نسخها 1079 هـ ولم يذكر اسم ناسخها ورمزت لها بحرف « ق » وفيها سقوطات كثيرة قد تجاوزت حدّ الأبواب ، والتي رقمها 1850.
    3 ـ النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا ( عليه السلام ) في مدينة مشهد المقدّسة ،


(35)
وتحمل اسم منتخب بصائر الدرجات ، ورقمها 8009 ، نسخها محمد قاسم بن شجاع الدين النجفي بتاريخ 1079 وهي كاملة ورمزت لها بحرف « س » ، وقد ظهر عليها تواريخ الذين استنسخوها من بعده وأسمائهم ، وظهرت على حواشيها تأشيرات تدلّ على أنّها قوبلت مع نسخة اُخرى.
    وكان بودّي أن أحصل على عدد أكثر من النسخ الخطية ولكن وجدت في بعض المكتبات غلاء التصوير ، وعدم توفّر أجهزة التصوير في البعض الآخر ، فاكتفيت بما حصلته.
    وتنزّهاً عن المكابرة ، وتواضعاً أمام كبار المحققين وأساطين المدققين أن أقف أمامهم بأدب واحترام ، وأنطق بلسان أوثقته عيوبه ، أن لا يؤاخذوني على كل مأخذ ، وأن يقيلوا لي عثرتي ، ويقيموا زلّتي في أمر تحقيقي ومقدّمتي.
    منهجية التحقيق :
    1 ـ أوّل عمل قمت به وكما ذكرت آنفاً كتبت نسخة « ض » من أوّلها إلى آخرها ، ثم قوبلت مع نسختي « ق و س » وكذلك المطبوع.
    2 ـ ضبط النص ، وقد اتّبعت فيه عملية التلفيق بين النسخ ، وتثبيت الاختلافات المهمة في الهامش ، وما أثبتّه من المصادر وضعته بين معقوفتين.
    3 ـ تخريج الأحاديث من منابعها مع ذكر الاختلاف في الهامش ، وتخريج الآيات الشريفة من القرآن المجيد.
    4 ـ تعريفات مختصرة لبعض الكلمات المبهمة ، وشروحات لبعض المسائل العقائدية والتاريخية.


(36)
    5 ـ ترجمة لبعض رجال السند والمتن من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) وغيرهم مع مراعاة الاختصار.
    6 ـ أعددت الفهارس التالية في نهاية عملي لتعمّ الفائدة والمنفعة ، ولنسهل على ذوي الاختصاص الرجوع لأي موضوع من مواضيع الكتاب ، والفهارس التي أعددتها في كتابي هذا هي كما يلي :
    1 ـ فهرس الآيات القرآنية.
    2 ـ فهرس الأحاديث الشريفة.
    3 ـ فهرس المحتوبات.
    4 ـ فهرس مصادر التحقيق.
    وقبل الختام شريطتنا على قارئ كتابنا الإقصار عن طلب عيوب خطائنا ، والصفح عن ما يقف عليه من إغفالنا ، والتجاوز عن ما ينتهي إليه من إهمالنا ، وإن أدّاه التصفّح إلى صواب نشره ، أو إلى خطأ ستره ، لأنّه قد تقدّمنا بالإقرار ، ولا بدّ للإنسان من زلل وعثار. والحمد لله خالق الجنّة والنار ، باعث النبي المختار ، ومصطفي الأئمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
    شكر وتقدير :
    وفي الختام لا بدّ لي من أن اُقدم وافر شكري لإدارة مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام ) علي سعيها للحصول على مخطوطات المختصر من مكتبة الإمام الرضا ( عليهم السلام ) ، واُجدّد شكري على اجازتها لي بالاستفادة من مكتبتها العامرة.
    وثاني شكري الى مؤسسة النشر الإسلامي التابعة للحوزة العلميّة في قم


(37)
المقدّسة على نشرها لهذا الأثر.
    وختام شكري لابنتي الكبيرة حيث تبنّت مقابلة كتابي هذا من أول مراحله إلى آخر مرحلة منه فجزاها الله عني خير الجزاء.
الفقير إلى رحمة ربّه الغني
مشتاق المظفر
الجمعة 13 رجب الأصب 1420 هـ. ق


(38)

(39)


(40)


(41)


(42)

(43)
مختصر البصائر


(44)

(45)
    نقلت من كتاب مختصر البصائر تأليف سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّي ( رحمه الله ).
    [ 1/1 ] عن محمّد بن خالد البرقي ، عن محمّد بن سنان أو غيره ، عن بشير الدهّان ، عن حمران بن أعين ، عن جُعيد الهمداني (1) ـ وكان جُعيد ممّن خرج مع الحسين بن علي ( عليهما السلام ) فقُتل (2) بكربلاء ـ قال : قلت للحسين بن علي ( عليهما السلام ) : بأي حكم تحكمون ؟ قال : « يا جُعيد بحكم آل داود ، فإذا أعيينا عن شيء تلقّانا به روح القدس » (3).
1 ـ جُعَيد الهمداني : عدّه الشيخ الطوسي والبرقي من أصحاب الأئمّة الحسن والحسين وعلي ابن الحسين ( عليهم السلام ) ، وضبط اسمه العلاّمة الحلّي فقال : جُعيد ـ بضم الجيم والياء بعد العين المهملة ـ همداني ، وقيل : إنّ اسمه جعدة ولكن هو من غلط النساخ كما قاله المامقاني والسيّد الخوئي ، ولم يصرّح أحد منهم بأنّه قتل بكربلاء.
اُنظر رجال الطوسي : 67 / 2 و 72 / 7 و86 / 5 ، ورجال البرقي : 7 ـ 8 ، وتنقيح المقال 1 : 230 / 1908 ، ومعجم رجال الحديث 5 : 111 / 2351 ورجال العلاّمة : 310 / 1219.
2 ـ فقُتل ، لم ترد في نسخة « ق ».
3 ـ بصائر الدرجات : 452 / 7 ، وفيه : ممّن خرج مع الحسين ( عليه السلام ) بكربلاء ، وعنهما في البحار 25 : 57 / 22 ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 398 / 4 ، باختلاف يسير. وفيه عن جعيد الهمداني ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، قال : سألته بأي....
مختصر البصائر ::: فهرس