مختصر البصائر ::: 121 ـ 135
(121)
عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ لعليّ ( عليه السلام ) ( في الأرض كرّة مع الحسين إبنه ) (1) صلوات الله عليهما ، يقبل برايته حتى ينتقم له من بني اُميّة ومعاوية وآل معاوية ، ومن شهد حربه.
    ثمّ يبعث الله إليهم بأنصاره ( يومئذ من أهل الكوفة ) (2) ثلاثين ألفاً ، ومن سائر الناس سبعين ألفاً فيلقاهم بصفّين (3) مثل المرّة الاُولى حتى يقتلهم فلا يبقى منهم مخبراً ، ثمّ يبعثهم الله عزّ وجلّ فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون.
    ثمّ كرّة اُخرى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى يكون خليفته في الأرض ، ويكون
1 ـ في نسخة « ق » : كرّة مع ابنه الحسين ( عليه السلام ) ، بدل ما بين القوسين.
2 ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ق ».
3 ـ صِفِّين : بكسرتين وتشديد الفاء ، هو موضع بقرب الرقّة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقّة وبالس ؛ وكانت وقعة صفّين بين جيش الإمام علي ( عليه السلام ) وجيش معاوية عليه اللعنة في سنة 37 هـ في غرّة صفر ، وقيل : كان الإمام علي ( عليه السلام ) في مائة وعشرين ألفاً ، ومعاوية في تسعين ألفاً ، وقتل في الحرب بينهما سبعون ألفاً منهم ، من أصحاب الإمام علي ( عليه السلام ) خمسة وعشرون ألفاً ، منهم خمسة وعشرون صحابياً بدرياً ، ومن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً.
اُنظر معجم البلدان 3 : 414.


(122)
الأئمّة ( عليهم السلام ) عمّاله ، وحتّى يُعبد (1) الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض ، كما عُبد الله سرّاً في الأرض.
    ثمّ قال : إي والله وأضعاف ذلك ـ ثمّ عقد بيده أضعافاً ـ يعطي الله نبيّه ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم يُفنيها ، حتى ينجز له موعوده في كتابه كما قال ( ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ) (2) » (3).
    [ 100/46 ] موسى بن عمر بن يزيد الصيقل ، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد ابن يحيى (4) قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : سمّى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبا بكر صدّيقاً ؟ فقال : « نعم ، إنّه حيث كان أبو بكر معه في الغار ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي لأرى سفينة بني عبد المطّلب تضطرب في البحر ضالّة ، فقال له أبو بكر : وإنّك لتراها ؟ قال : نعم ، قال : يا رسول الله تقدر أن ترينيها ؟ فقال : اُدن منّي فدنا منه فمسح يده على عينيه ، ثمّ قال
1 ـ في نسخة « ض » : يبعثه.
2 ـ التوبة 9 : 33 والصف 61 : 9.
3 ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار 53 : 74 / 75 ، والحرّ العاملي في الإيقاظ من الهجعة : 363 / 118.
4 ـ في البصائر : خالد بن نجيح ، والظاهر هو الصحيح ، لأنّي لم أجد من يقول إنّ خالد بن يحيى يروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، واحتمل النمازي التعدّد أو التصحيف وقال : لعلّ الثاني هو الأصوب.
وابن نجيح هو الجرّان مولىً ، كوفي ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 150 / 391 ، رجال البرقي : 31 و 48 ، رجال الشيخ : 186 / 7 و349/1 ، معجم رجال الحديث 8 : 38 ـ 41 ، مستدركات النمازي 3 : 318 و 321.


(123)
له : اُنظر ، فنظر أبو بكر فرأى السفينة تضطرب في البحر ، ثمّ نظر إلى قصور أهل المدينة ، فقال في نفسه : الآن صدّقت أنّك ساحر ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صدّيق أنت ».
    فقلت : لِمَ سُمّي عمر الفاروق ؟ قال : « نعم ، ألا ترى أنّه قد فرّق بين الحقّ والباطل ، وأخذ الناس بالباطل ».
    قلت : فلم سمّي سالماً الأمين ؟ قال : لمّا أن كتبوا الكتب ووضعوها على يد (1) سالم فصار الأمين ».
    قلت : فقال اتّقوا دعوة سعد ؟ قال : « نعم » قلت : وكيف ذاك ؟ قال : « إنّ سعداً يكرّ فيقاتل عليّاً ( عليه السلام ) » (2).
1 ـ في نسخة « ض » : يدي.
2 ـ نقله المجلسي كاملاً عن المختصر في البحار 53 : 75 / 76 ، وأورده الصفّار باختلاف يسير في البصائر : 422 / 14 ، إلى قوله : الصدّيق أنت ، والقمّي في تفسيره 1 : 290 نحوه.


(124)

(125)
    يقول العبد الضعيف الفقير إلى ربّه الغني حسن بن سليمان : إنّي قد رويت في معنى الرجعة أحاديث من غير طريق سعد بن عبدالله فأنا مثبتها في هذه الأوراق ، ثمّ ارجع إلى ما رواه سعد بن عبدالله في كتاب مختصر البصائر.
    [ 101/1 ] فممّا (1) أجاز لي الشيخ السعيد الشهيد أبو عبدالله محمّد بن مكّي الشامي روايته ، عن شيخه السيّد عميد الدين عبد المطّلب بن الأعرج الحسيني ، عن الحسن بن يوسف بن المطهّر ، عن أبيه ، عن السيد فخار بن معد الموسوي ، عن شاذان بن جبرئيل ، عن العماد الطبري ، عن أبي علي بن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه ، عن محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن محمّد بن علي بن بابويه ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة ، قال : حدّثنا الحسن بن معاذ (2) ، قال : حدّثنا قيس بن حفص ، قال : حدّثنا يونس بن أرقم ، عن أبي سيّار الشيباني ، عن الضحّاك بن مزاحم ، عن النزّال بن سبرة (3) ، قال : خطبنـا علي بن أبي طالـب صلوات الله عليـه فحمـد الله وأثنى
1 ـ سقط الحديث كلّه من نسخة « ق ».
2 ـ في كمال الدين : الحسين بن معاذ.
3 ـ النزّال بن سبرة : هو الهلالي العامري الكوفي من قيس عيلان مختلف في صحبته ، روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعن أبي بكر وعثمان بن عفان والإمام علي ( عليه السلام ) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : له صحبة ، وقال ابن عبد البر : ذكروه فيمن رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا أعلم له رواية إلاّ عن علي وابن مسعود ، وهو معدود في كبار التابعين وفضلائهم. قال النمازي : هو من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ).
انظر تهذيب التهذيب 10 : 378 / 764 ، تهذيب الكمال 29 : 334 / 6391 ، الثقات 3 : 418 ، الاستيعاب 4 : 1524 / 2655 ، مستدركات النمازي 8 : 63.


(126)
عليه (1) ثمّ قال :
    « أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني » قالها ثلاثاً ، فقام إليه صعصعة بن صوحان (2) ، فقال : يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجّال ؟ فقال له ( عليه السلام ) : « اقعد ، فقد سمع
1 ـ في المصدر زيادة : وصلّى على محمّد وآله.
2 ـ صعصعة بن صوحان : هو ابن حجر بن حارث بن الهجرس ... من ربيعة ، وكان صعصعة أخا زيد بن صوحان لأبيه واُمّه ، وكان يكنّى أبا طلحة ، وكان من أصحاب الخطط بالكوفة ، وكان خطيباً ، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان ، وكان سيحان الخطيب قبل صعصعة ، وكانت الراية يوم الجمل في يده فقتل ، فأخذها زيد فقتل ، فأخذها صعصعة ، وكان ثقة قليل الحديث. هذا ما عرّفه ابن سعد.
وقال الذهبي : أبو طلحة أحد خطباء العرب ، كان من كبار أصحاب علي ، قتل أخواه يوم الجمل ، كان شريفاً ، مطاعاً ، أميراً ، فصيحاً ، مفوّهاً ، وكان يروي عن علي وابن عباس ، وبقي إلى خلافة معاوية ، ويقال : وفد إلى معاوية فخطب ، فقال معاوية : إن كنت لأبغض أن أراك خطيباً ، قال : وأنا إن كنت لأبغض أن أراك خليفة. وتوفّي بالكوفة في خلافة معاوية.
وكان عظيم القدر ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقال في حقّه الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « ما كان مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من يعرف حقّه إلاّ صعصعة وأصحابه ».
انظر طبقات ابن سعد 6 : 221 ، سير أعلام النبلاء 3 : 528 ـ 529 ، رجال العلاّمة : 171 / 502 ، رجال البرقي : 5 ، رجال الشيخ : 45 / 1 ، رجال الكشي : 68 / 122.


(127)
الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وامارات وهنات (1) يتبع بعضها بعضاً كحذو النعل بالنعل ، فإن شئت أنبأتك بها » فقال : نعم يا أمير المؤمنين.
    فقال عليّ ( عليه السلام ) : « إحفظ فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء.
    وكان الحلم ضعفاً (2) ، والظلم فخراً ، وكانت الاُمراء فجرة ، والوزراء ظلمة ، والعرفاء (3) خونة ، والقرّاء فسقة ، وظهرت شهادة الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم والطغيان ، وحلّيت المصاحف ، وزُخرفت المساجد ، وطوّلت المنائر ، واُكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت القلوب ، ونُقضت العهود ، واقترب الموعود ، وشاركت النساء أزواجهنّ في التجارة حرصاً على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتُّقي الفاجر مخافة شرّه ، وصُدِّق الكاذب ، وأُؤتُمِن الخائن ، واتخذت القينات (4) والمعازف ، ولعن آخر هذه الاُمّة أوّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد
1 ـ في كمال الدين : وهيئات.
2 ـ في نسخة « س » والمختصر المطبوع : العلم ضعيفاً.
3 ـ العرفاء : واحده العريف وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس ، يلي اُمورهم ويتعرّف الأمير منه أحوالهم. لسان العرب 9 : 238 ـ عرف.
4 ـ القينات : المغنيّات. لسان العرب 13 : 352 ـ قين.


(128)
الشاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاءً للذمام بغير حقّ عرفه ، وتفقّه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيفة وأمرّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه ».
    فقام إليه الأصبغ بن نباتة (1) ، فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال ؟ فقال : « ألا إنّ الدجال صائد بن الصيد ، فالشقي من صدّقه ، والسعيد من كذّبه ، يخرج من بلدة يقال لها : اصفهان ، من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة ، والاُخرى في جبهته تضي كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب كافر ، يقرؤه كلّ كاتب واُمّي.
    يخوض البحار ، وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض ، يرى الناس أنـّه طعام ، يخرج حين يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر ، خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلاً منهلاً ، لا يمرّ بماء إلاّ غار إلى يوم القيامة.
    ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والإنس والشياطين ،
1 ـ الأصبغ بن نباتة : التميمي السلمي الحنظلي المجاشعي أبو القاسم ، مشكور من خواصّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقد عمّر بعده ، وهو من شرطة الخميس ، وقد شارك في يوم صفّين ، وهو الذي أعانه على غسل سلمان الفارسي ، وكان شيخاً ناسكاً عابداً ، عدّه البرقي من أصحاب الإمام علي ( عليه السلام ) ، وزاد الشيخ عليه الإمام الحسن ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 8 / 5 ، رجال البرقي : 5 ، فهرست الشيخ : 85 / 119 ، رجال العلاّمة : 77 / 141 ، رجال الشيخ : 34 / 2 و 66 / 2 ، مستدركات النمازي 1 : 691 و 692.


(129)
يقول : إليّ أوليائي أنا الذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى ، كذب عدوّ الله ، إنّه أعور يُطعَم الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وإنّ ربّكم ليس بأعور ولا يُطعَم ولا يمشي في الأسواق ولا يزول (1).
    ألا وإنّ أكثر أتباعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة (2) الخضر ، يقتله الله عزّ وجلّ بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق ، لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يصلّي المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام ) خلفه.
    ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى » قلنا : وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال : « خروج دابّة عند الصفا ، معها خاتم سليمان ( عليه السلام ) وعصا موسى ( عليه السلام ) ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فينطبع فيه : هذا مؤمن حقّاً ، وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه : هذا كافر حقّاً ، حتّى أنّ المؤمن ينادي : الويل لك ياكافر ، وأنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن وددت اليوم أنّي مثلك فأفوز فوزاً عظيماً.
    ثمّ ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله عزّ وجلّ ، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة ، فلا توبة تقبل ، ولا عمل يرفع و ( لاينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ) (3).
    ثمّ قال ( عليه السلام ) : لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا (4) ، فإنّه عهد إليّ حبيبي عليه وآله
1 ـ في كمال الدين زيادة : تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
2 ـ الطيلسان : واحد الطيالسة : وهو ثوب يحيط بالبدن ينسج للّبس خال عن التفصيل والخياطة. مجمع البحرين 4 : 82 ـ طيلس.
3 ـ الأنعام 6 : 158.
4 ـ في نسخة « س » : ذلك ، بدل : هذا.


(130)
السلام ألاّ اُخبر به غير عترتي ».
    ثمّ قال النزّال بن سبرة فقلت لصعصعة بن صوحان : يا صعصعة ما عنى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بهذا القول ؟ فقال صعصعة : يا ابن سبرة إنّ الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من العترة ، التاسع من ولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر بين الركن والمقام فيطهّر الأرض ويضع ميزان العدل ، فلا يظلم أحد أحداً ، فأخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّ حبيبه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عهد إليه ألاّ يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة ( عليهم السلام ) (1).
    [ 102/2 ] ومن كتاب الواحدة : روي عن محمّد بن الحسن بن عبدالله الاطروش الكوفي ، قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن محمّد البجلي ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن أبي نجران (2) ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي (3) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال أمير
1 ـ كمال الدين : 525 / 1 ، وعنه في البحار 52 : 192 / 26.
2 ـ عبد الرحمن بن أبي نجران : هو التميمي مولىً ، كوفي ، روى عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وروى أبوه عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ثقة ، ثقة ، معتمداً على ما يرويه ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الرضا والجواد ( عليهما السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 235 / 622 ، رجال البرقي : 54 و57 ، رجال الطوسي : 380 / 9 و403 / 7.
3 ـ لم يرد أبو حمزة الثمالي في سند البحار ، والظاهر أنّه سقط من يد الناسخ ، لأن عاصم لم يرو عن أبي جعفر ( عليه السلام ) إلاّ بواسطة الثمالي.
وعاصم هذا هو الحنّاط الحنفي أبو الفضل ، مولى كوفي ، ثقة عين ، صدوق ، روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وقال الكشي : هو مولى بني حنيفة ، مات بالكوفة.
انظر رجال النجاشي : 301 / 821 ، رجال البرقي : 45 ، رجال الشيخ : 262 / 651 ، رجال الكشي : 367 / 682 ، معجم رجال الحديث 10 : 197.


(131)
المؤمنين ( عليه السلام ) : إنّ الله تبارك وتعالى أحدٌ واحد ، تفرّد في وحدانيّته ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نوراً ، ثمّ خلق من ذلك النور محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) وخلقني وذرّيتي ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحاً فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله وكلماته ، فبنا احتجّ على خلقه (1) ، فما زلنا في ظُلّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، ولا عين تطرف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه ، وذلك قبل أن يخلق الخلق.
    وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه ) (2) يعني لتؤمننّ بمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، ولتنصرنّ وصيّه ، وسينصرونه جميعاً.
    وإنّ الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوّه ، ووفيت لله بما أخذ عليَّ من الميثاق والعهد والنصرة لمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك لمّا قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها ، وليبعثنَّهم الله أحياءً من آدم إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، كلّ نبيّ مرسل ، يضربون بين يديّ بالسيف هام
1 ـ في نسخة « ض » : احتجب عن خلقه.
2 ـ آل عمران 3 : 81.


(132)
الأموات والأحياء والثقلين جميعاً.
    فيا عجباه وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياءً يلبّون زمرة زمرة بالتلبية : لبّيك لبّيك يا داعي الله ، قد انطلقوا (1) بسكك الكوفة ، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربون بها هام الكفرة ، وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأوّلين والآخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله عزّ وجلّ ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) (2) أي يعبدونني آمنين ، لا يخافون أحداً في عبادتي (3) ، ليس عندهم تقيّة.
    وإنّ لي الكرّة بعد الكرّة ، والرجعة بعد الرجعة ، وأنا صاحب الرجعات والكرّات ، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات (4) العجيبات ، وأنا قرن من حديد ، وأنا عبد الله وأخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنا أمين الله وخازنه ، وعيبة سرّه وحجابه ، ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله.
    وأنا كلمة الله التي يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع.
    وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا ، وآياته الكبرى.
    وأنا صاحب الجنّة والنار ، اُسكن أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النار النار ، ( وإليّ
1 ـ في البحار : قد تخلّلوا ، وفي نسخة « ض و س » : أطلّوا.
2 ـ النور 24 : 55.
3 ـ في نسخة « س و ض » والمختصر المطبوع : في عبادي ، وفي البحار : من عبادي.
4 ـ الدولات : الدَولة في الحرب : أن تدال إحدى الفئتين على الاُخرى ، أي يكون مرّة لهذا ومرّة لهذا والجمع دولات. انظر الصحاح 4 : 1699 و 1700 ـ دول.


(133)
تزويج أهل الجنّة ، وإليّ عذاب أهل النار ) (1).
    وإلي إياب الخلق جميعاً ، وأنا الإياب الذي يؤوب إليه كلّ شيء بعد الفناء (2) ، وإليّ حساب الخلق جميعاً.
    وأنا صاحب الهنات (3) ، وأنا المؤذّن (4) على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دابّة الأرض ، وأنا قسيم النار (5) ، وأنا خازن الجنان ، وأنا صاحب الأعراف ، وأنا أمير المؤمنين ، ويعسوب (6) المتّقين ، وآية السابقين ، ولسان الناطقين ، وخاتم الوصيّين ، ووارث النبيّين ، وخليفة ربّ العالمين ، وصراط ربي المستقيم ، وفسطاطه ، والحجّة على أهل السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما.
    وأنا الذي احتجّ الله به عليكم في ابتداء خلقكم. وأنا الشاهد يوم الدين. وأنا
1 ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ق ».
2 ـ في المختصر المطبوع : القضاء.
3 ـ في البحار : الهبات ، وفي نسخة « س » : الهنئات.
4 ـ روى الصدوق في معاني الأخبار ص 59 بسنده عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بالكوفة بعد منصرفه من النهروان : ... وأنا المؤذّن في الدنيا والآخرة ، قال الله عزّ وجلّ ( فأذّن مؤذّن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) أنا ذلك المؤذّن ». سورة الأعراف 7 : 44.
5 ـ روى الصدوق في علل الشرائع : 162 / 1 ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : لِمَ صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قسيم الجنّة والنار ؟ قال : « لأنّ حبّه إيمان وبغضه كفر ، وإنّما خلقت الجنّة لأهل الإيمان ، وخلقت النار لأهل الكفر ، فهو ( عليه السلام ) قسيم الجنّة والنار ، لهذه العلّة ، فالجنّة لا يدخلها إلاّ أهل محبّته ، والنار لا يدخلها إلاّ أهل بغضه ».
6 ـ اليعسوب : ملك النحل. الصحاح 1 : 181 ـ عسب ، فهو روحي فداه ملك المتّقين.
وذلك قول الشاعر : ولايتي لأمير النحل تكفيني....


(134)
الذي عُلّمت علم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والأنساب ، واستحفظت آيات النبيّين المستخفين المستحفظين.
    وأنا صاحب العصا والميسم (1). وأنا الذي سُخّرت لي السحاب والرعد والبرق ، والظُلم والأنوار ، والرياح والجبال والبحار ، والنجوم والشمس والقمر.
    ( وأنا الذي أهلكت عاداً وثموداً ، وأصحاب الرسّ وقروناً بين ذلك كثيرة. وأنا الذي ذلّلت الجبابرة. وأنا صاحب مدين ، ومُهلك فرعون ، ومنجي موسى ( عليه السلام ) ) (2).
    وأنا القرن الحديد. وأنا فاروق الاُمّة. وأنا الهادي. وأنا الذي أحصيت كلّ شيء عدداً بعلم الله الذي أودعنيه ، وبسرّه الذي أسرّه إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) وأسرّه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إليّ.
    وأنا الذي أنحلني ربّي إسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه.
    يا معشر الناس اسألوني قبل أن تفقدوني ، اللهمّ إنّي اُشهدك وأستعديك عليهم ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم والحمد لله متّبعين أمره » (3).
    [ 103/3 ] (4) ورويت بإسنادي المتصل إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن
1 ـ المِيسَمْ : اسم الآلة التي يكوى بها. مجمع البحرين 6 : 183 ـ وسم.
2 ـ ما بين القوسين لم يرد في البحار.
3 ـ نقل الاسترآبادي صدر الحديث عن كتاب الواحدة في تأويل الآيات 1 : 116 / 30 ، إلى قوله : وسوف ينصرون ، والبحراني في تفسير البرهان 1 : 646 / 4 ، عن سعد بن عبدالله والحر العاملي باختصار في الإيقاظ من الهجعة : 364 / 120 ، عن المختصر عن كتاب الواحدة ، ونقله المجلسي كاملاً في البحار 53 : 46 / 20 عن المختصر.
4 ـ من حديث 103 إلى آخر حديث 108 سقط من نسخة « ق ».


(135)
الطوسي ( رحمه الله ) على ما ذكره في كتاب مصباح المتهجّد قال ( رحمه الله ) : اليوم الثالث منه ـ يعني من شعبان ـ : فيه ولد الحسين بن علي ( عليهما السلام ) خرج إلى أبي القاسم بن العلاء الهمداني (1) وكيل أبي محمّد ( عليه السلام ) : « إنّ مولانا الحسين ( عليه السلام ) ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء :
    اللهمَّ إنّي أسألك بحقّ المولود في هذا اليوم ، الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته ، بكته السماء ومن فيها ، والأرض ومن عليها ، ولمّا يطأ لابتيها ، قتيل العبرة وسيّد الاُسرة ، الممدود بالنصرة يوم الكرّة ، والمعوّض من قتله ، أنّ الأئمّة من نسله ، والشفاء في تربته ، والفوز معه في أوبته ، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته ، حتى يدركوا الأوتار ، ويثأروا الثار ، ويرضوا الجبّار ، ويكونوا خير أنصار ، صلّى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار.
    اللهمّ فبحقّهم عليك أتوسّل وأسأل سؤال مقترف معترف مسيء إلى نفسه ممّا فرّط في يومه وأمسه ، يسألك العصمة إلى محل (2) رمسه.
    اللهمّ فصلّ على محمّد وعترته واحشرنا في زمرته وبوّئنا معه دار الكرامة ومحلّ (3) الإقامة.
1 ـ في المصدر القاسم بن العلاء الهمداني ، والظاهر هو الصحيح لموافقته للاقبال وكتب التراجم حيث لم يصرّح أحد بأبي القاسم.
انظر جامع الرواة 2 : 19 ، مستدركات النمازي 6 : 250 ، معجم رجال الحديث 15 : 37 ، ومسند الإمام العسكري ( عليه السلام ) للعطاردي : 329 / 99.
2 ـ في نسخة « ض » حلول.
3 ـ في نسخة « ض » حسن.
مختصر البصائر ::: فهرس