مختصر البصائر ::: 151 ـ 165
(151)
الدنيا فينصر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو قوله ( لتؤمننّ به ) يعني برسول لله ( صلى الله عليه وآله ) ( ولتنصرنّه ) يعني أمير المؤمنين ».
    ومثله كثير ممّا وعد الله تبارك وتعالى الأئمّة ( عليهم السلام ) من الرجعة والنصر ، فقال ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) (1) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
    وقوله ( ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض ) (2) فهذا كلّه ممّا يكون في الرجعة (3).
    [ 117/17 ] قال علي بن إبراهيم : وحدّثني أبي ، عن أحمد بن النضر (4) ، عن عمرو بن شمر قال : ذكر عند أبي جعفر صلوات الله عليه جابر ، فقال : « رحم الله جابراً ، لقد بلغ من علمه أنّه كان يعرف تأويل هذه الآية ( إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد ) (5) يعني الرجعة » (6). ومثله كثير نذكره في مواضعه.
1 ـ النور 24 : 55.
2 ـ القصص 28 : 5.
3 ـ تفسير القمّي 1 : 25 ـ مقدّمة الكتاب ، وأورده كذلك في صفحة 106 من نفس الجزء ، إلى قوله : يعني أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعنه في البحار 53 : 50 / 23 ، وكذلك البحراني في تفسير البرهان 1 : 646 / صدر حديث2.
4 ـ في نسخة « س » : أحمد بن محمد بن أبي نصر.
    وأحمد بن النضر : هو أبو الحسن الخزّاز الجعفي مولى ، كوفي ، ثقة. انظر رجال النجاشي : 98 / 244 ، رجال العلاّمة : 72 / 114.
5 ـ القصص 28 : 85.
6 ـ تفسير القمّي 1 : 25 ـ مقدّمة الكتاب ، وعنه في البحار 53 : 61/51 ، وتفسير البرهان
4 : 291/3.
وجابر هذا هو جابر بن عبدالله الأنصاري كما ورد في رجال الكشي : 43 / 90 ـ 92.


(152)
    [ 118/18 ] ـ ومن التفسير أيضاً : قوله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض ـ إلى قوله ـ بآياتنا لا يوقنون ) (1) فإنّه حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « انتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو نائم (2) في المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، ( فحرّكه فقال : قم يا دابّة الله ) (3).
    فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أيسمّي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال : لا والله ما هو إلاّ له خاصّة ، وهو الدابّة التي ذكرها الله في كتابه ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم إنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) (4).
    ثمّ قال ( رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) (5) : يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك ».
    فقال الرجل لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّ العامّة (6) يقولون : هذه الآية إنّما تكلّمهم ، فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) « كلّمهم الله في نار جهنّم إنّما هو تكلّمهم من الكلام ».
1 و4 ـ النمل 27 : 82.
2 ـ في نسخة « ض » : راقد.
3 ـ في نسخة « ض » والمختصر المطبوع : فحرّكه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) برجله ، ثمّ قال له ، بدل ما بين القوسين ، ولم يرد لفظ الجلالة في نسختي « س و ض » وفي نسخة « ق » : قم يا دابّة الأرض.
5 ـ لم يرد في نسخة « ق ».
6 ـ في المصدر : الناس.


(153)
    والدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله عزّ وجلّ ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ممّن يكذّب بآياتنا فهم يوزعون * حتى إذا جاؤوا قال أكذّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أمّا ذا كنتم تعلمون ) (1) قال : « الآيات أمير المؤمنين والأئمّة ( عليهم السلام ) ».
    فقال الرجل لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : إنّ العامّة تزعم أنّ قوله تعالى ( ويوم نحشر من كل اُمّة فوجاً ) عنى في (2) القيامة.
    فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) « يحشر (3) الله يوم القيامة من كلّ اُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ لا ولكنّه في الرجعة ، وأمّا آية القيامة ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً ) (4) » (5).
    [ 119/19 ] حدّثني أبي قال : حدّثني ابن أبي عمير ، عن المفضّل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوله عزّ وجلّ ( ويوم نحشر من كلّ اُمّة فوجاً ) (6) قال : « ليس أحد من المؤمنين قُتل إلاّ ويرجع حتى يموت ، ولا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضاً ، ومحض الكفر محضاً ».
    قال أبو عبدالله صلوات الله عليه : « قال رجل لعمّار بن ياسر (7) : يا أبا اليقظان
1 ـ النمل 27 : 83 ـ 84.
2 ـ في المصدر : يوم ، بدل : في.
3 ـ في المصدر : أفيحشر.
4 ـ الكهف 18 : 47.
5 ـ تفسير القمّي 2 : 130 ـ 131 ، وعنه في البحار 53 : 52 / 30.
6 ـ النمل 27 : 83.
7 ـ عمّار بن ياسر : هو أبو اليقظان العنسي المكّي ، مولى بني مخزوم ، أحد السابقين الأولين ، والأعيان البدريين ، واُمّه هي سميّة مولاة بني مخزوم ، من كبار الصحابيّات أيضاً ، قتلها أبو جهل فهي أوّل شهيدة في الإسلام ، وقتل عمّار مع الإمام علي ( عليه السلام ) بصفّين سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ، ودفن هناك بصفّين.
وقد عدّه البرقي والشيخ من أصحاب رسول الله وأمير المؤمنين صلّى الله عليهما وآلهما ، وقال الشيخ : وهو رابع الأركان.
اُنظر سير أعلام النبلاء 1 : 406 / 84 ، تهذيب التهذيب 7 : 357 ـ 358 ، رجال البرقي : 1 و3 ، رجال الطوسي : 24 / 33 و46 / 1.


(154)
آية في كتاب الله تعالى قد أفسدت قلبي وشكّكتني ، قال عمّار : وأيّة آية هي ؟ قال : قول الله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلّمهم ) (1) الآية ، فأيّة دابّة هذه ؟ قال عمّار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى اُريكها.
    فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال : يا أبا اليقظان هَلُمّ ، فجلس عمّار وأقبل (2) يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال الرجل : سبحان الله يا أبا اليقظان حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها ، قال عمّار : قد أريتكها إن كنت تعقل » (3).
    [ 120/20 ] قال علي بن إبراهيم : في قوله ( إنّما اُمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الذي حرّمها ) قال : « مكّة » ( وله كلّ شيء ) قال : « الله عزّ وجلّ » ( واُمرت أن أكون من المسلمين ـ إلى قوله ـ سيريكم آياته فتعرفونها ) (4) قال : « أمير المؤمنين
1 ـ النمل 27 : 82.
2 ـ في نسخة « ق » : وجعل.
3 ـ تفسير القمي 2 : 131 ، وعنه في البحار 53 : 53.
4 ـ النمل 27 : 91 ـ 93.



(155)
والأئمّة ( عليهم السلام ) إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم ».
    والدليل على أنّ الآيات هم الأئمّة قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « ما لله آية أعظم (1) منّي ( فإذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا ) (2) » (3).
    [ 121/21 ] قال علي بن إبراهيم : وقوله ( إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد ) (4) فإنّه حدّثني أبي ، عن حمّاد ، عن حريز (5) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سُئل عن جابر ، فقال : « رحم الله جابراً بلغ من فقهه أنّه كان يعرف تأويل هذه الآية ( إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد ) (6) يعني الرجعة » (7).
    [ 122/22 ] قال : وحدّثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن
1 ـ في المصدر : أكبر.
2 ـ ما بين القوسين لم يرد في نسخة « ق ».
3 ـ تفسير القمّي 2 : 131 ـ 132 ، وعنه في البحار 53 : 53 / 31.
4 ـ القصص 28 : 85.
5 ـ حريز : هو ابن عبدالله السجستاني أبو محمّد الأزدي من أهل الكوفة ، أكثر السفر والتجارة إلى سجستان فعرف بها ، وكان ممّن شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان في حياة أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، وقال الشيخ : ثقة ، كوفي سكن سجستان ، وعدّه في رجاله من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 144 / 375 ، فهرست الشيخ : 118 / 249 ، رجال الطوسي : 181 / 275.
6 ـ القصص 28 : 85.
7 ـ تفسير القمّي 2 : 147 ، وعنه في البحار 22 : 99 / 53.


(156)
عبدالحميد الطائي ، عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في قوله تعالى ( إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد ) (1) قال : « يرجع إليكم نبيّكم ( صلى الله عليه وآله ) » (2).
    [ 123/23 ] ومنه : حدّثنا علي بن جعفر ، قال : حدّثني محمّد بن عبدالله الطاهر ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عمير ، قال : حدّثنا حفص الكناسي (3) ، قال : سمعت عبدالله بن بكير الأرجاني (4) ، قال : قال لي الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليهما : « أخبرني عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان عامّاً للناس ؟ أليس قال الله تعالى في محكم كتابه ( وما أرسلناك إلاّ كافّة للناس ) (5) لأهل الشرق والغرب ، وأهل السماء والأرض من الجنّ والإنس ، هل بلّغ رسالته إليهم كلّهم ؟ ».
1 ـ القصص 28 : 85.
2 ـ تفسير القمّي 2 : 147 ، وعنه في البحار 53 : 56 / 33 ، وفي آخره زيادة : وأمير المؤمنين والأئمّة ( عليهم السلام ) ، ولم ترد في البحار.
3 ـ في المصدر : حفص الكناني ، وفي المختصر المطبوع : حفص الكناس ، والظاهر ما في المتن هو الصحيح. وهو حفص بن عيسى الأعور الكناسي عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر معجم رجال الحديث 7 : 157 و 167 ، رجال البرقي : 37 ، رجال الطوسي : 176 / 182.
4 ـ في المصدر : عبدالله بن بكير الدجاني ، وفي نسخة « س و ض و ق » : الدخاني ، والظاهر ما في المتن هو الصحيح ، وقد عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
اُنظر معجم رجال الحديث 11 : 128 ، رجال البرقي : 22 ـ 23 ، رجال الشيخ : 265 / 702.
5 ـ سبأ 34 : 28.


(157)
    قلت : لا أدري ، فقال : « يابن بكير إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يخرج من المدينة فكيف بلّغ أهل الشرق والغرب ؟ » قلت : لا أدري ، قال : « إنّ الله تبارك وتعالى أمر جبرئيل ( عليه السلام ) فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لمحمّد ( صلى الله عليه وآله ) فكانت بين يديه مثل راحته في كفّه ، ينظر إلى أهل الشرق والغرب ، ويخاطب كلّ قوم بألسنتهم ، ويدعوهم إلى الله وإلى نبوّته بنفسه ، فما بقيت قرية ولا مدينة إلاّ دعاهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه » (1).
    [ 124/24 ] وقال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى ( ربّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) (2) قال الصادق ( عليه السلام ) : « ذلك في الرجعة » (3).
    وقال في قوله سبحانه ( إنّا لننصر رُسُلَنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) (4) وهو في الرجعة إذا رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والأئمّة ( عليهم السلام ).
    [ 125/25 ] أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت : قول الله تبارك وتعالى ( إنّا لننصر رُسُلَنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) (5) قال : « ذلك والله في الرجعة ، أما علمت أنّ أنبياءَ كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقُتلوا ، والأئمّة من بعدهم قُتلوا ولم ينصروا ، وذلك في الرجعة » (6).
1 ـ تفسير القمّي 2 : 202 ـ 203 ، وعنه في البحار 18 : 188 / 20.
2 ـ غافر 40 : 11.
3 ـ تفسير القمّي 2 : 256 ، وعنه في البحار 53 : 56 / 36.
4 ـ غافر 40 : 51.
5 ـ غافر 40 : 51.
6 ـ تفسير القمّي 2 : 258 ـ 259 ، وعنه في البحار 11 : 27 / 15 ، وعن المختصر في البحار 53 : 65 / 57.


(158)
    [ 126/26 ] وقال علي بن إبراهيم في قوله ( ويريكم آياته ) (1) : يعني أمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم في الرجعة فإذا رأوهم ( قالوا آمنا ) بالله وحده ( وكفرنا بما كنّا به مشركين ) أي جحدنا بما أشركناهم ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنّة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) (2) (3).
    [ 127/27 ] ومنه أيضاً قوله تعالى ( فارتقب ) (4) أي اصبر ( يوم تأتي السماء بدخان مبين ) قال : « ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر ( يغشى الناس ) كلّهم الظلمة فيقولون ( هذا عذاب أليم * ربّنا اكشف عنّا العذاب إنّا مؤمنون ) فقال الله تعالى ردّاً عليهم ( أنّى لهم الذكرى ) في ذلك اليوم ( وقد جاءهم رسول مبين ) أي رسول قد بيّن لهم ( ثمّ تولّوا عنه وقالوا معلّم مجنون ) قال : « قالوا ذلك لمّا نزل الوحي على رسول الله وأخذه الغشى ، فقالوا : هو مجنون ».
    ثمّ قال ( إنّا كاشفوا العذاب قليلاً إنّكم عائدون ) يعني إلى القيامة ، ولو كان قوله ( يوم تأتي السماء بدخان مبين ) في القيامة ، لم يقل ( إنّكم عائدون ) لأنّه ليس بعد الآخرة والقيامة حالة يعودون إليها ، ثم قال ( يوم نبطش البطشة الكبرى ـ يعني في القيامة ـ إنّا منتقمون ) » (5).
    [ 128/28 ] ومنه أيضاً قوله ( ووصّينا الإنسان بوالديه احساناً ) (6) قال :
1 و 2 ـ غافر 40 : 81 ـ 85.
3 ـ تفسير القمّي 2 : 261 ، وعنه في البحار 53 : 56 / 37.
4 ـ الدخان 44 : 10 ـ 16 ، من أول الحديث إلى آخره.
5 ـ تفسير القمّي 2 : 290 ـ 291 ، وعنه في البحار 53 : 57 / 39 ، قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس ، عن داود بن فرقد ، عن أبي المهاجر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ).
6 ـ الأحقاف 46 : 15.


(159)
« الإحسـان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقوله : ( بوالديه ) إنّما عنى الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، ثم عطف على الحسيـن ( عليه السلام ) فقـال : ( حملتـه اُمّـه كرهاً ووضعته كرهاً ) (1) وذلك (2) أنّ الله (3) أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبشّره بالحسين ( عليه السلام ) قبل حمله ، وأنّ الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة.
    ثمّ أخبره بما يُصيبه من القتل في نفسه وولده ، ثمّ عوّضه بأن جعل الإمامة في عقبه.
    ثمّ أعلمه أنّه يُقتل ، ثمّ يردّه إلى الدنيا وينصره حتى يقتل أعداءه (4) ، ويملّكه الأرض وهو قوله تعالى ( ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ) (5) الآية.
    وقوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون ) (6) فبشّر الله نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) أنّ أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها (7) ، ويقتلون أعداءهم ، فأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة ( عليها السلام ) بخبر الحسين ( عليه السلام ) وقتله ( فحملته كرهاً ) ».
    ثمّ قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « فهل رأيتـم أحـداً يبشّر بولد ذكر فيحمله كرهاً ،
1 ـ الأحقاف 46 : 15.
2 ـ في نسخة « س و ض و ق » : وذكر.
3 ـ في نسخة « س و ق » : جبرئيل ( عليه السلام ).
4 ـ في نسخة « ق » : أعداء الله.
5 ـ القصص 28 : 5.
6 ـ الأنبياء 21 : 105.
7 ـ في المصدر : ويرجعون إلى الدنيا.


(160)
أي إنّها اغتمّت وكـرهت لمّـا اُخبـرت (1) بقتله ، ( ووضعته كرهاً ) لما علمت من ذلك (2) » (3).
    [ 129/29 ] ومنه : أيضاً أخبرنا أحمد بن إدريس (4) ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوله ( يوم يسمعون الصيحة بالحقّ ذلك يوم الخروج ) (5) قال : « هي الرجعة » (6).
    [ 130/30 ] وقال علي بن إبراهيم في قوله ( يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ) (7) قال : في الرجعة (8).
    [ 131/31 ] ومنه أيضاً : قوله تعالى ( وإنّ للذين ظلموا ـ آل محمّد حقّهم ـ
1 ـ في المصدر : أخبرها.
2 ـ في المصدر زيادة : وكان بين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) طهر واحد ، وكان الحسين ( عليه السلام ) في بطن اُمّه ستّة أشهر ، وفصاله أربعة وعشرون شهراً ، وهو قول الله ( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ).
3 ـ تفسير القمّي 2 : 297 ، وعنه في البحار 53 : 102 / 126.
4 ـ أحمد بن إدريس : هو أحمد بن إدريس بن أحمد أبو علي الأشعري القمّي ، ثقة ، فقيهاً ، في أصحابنا ، كثير الحديث ، صحيح الرواية ، ومات بالقرعاء سنة ست وثلائمائة.
اُنظر رجال النجاشي : 92 / 228.
والقرعاء : منزل في طريق مكة من الكوفة ، وسمّيت بذلك لقلّة نباتها. معجم البلدان 4 : 325.
5 ـ ق 50 : 42.
6 ـ تفسير القمّي 2 : 327 ، وعنه في تفسير البرهان 5 : 152 / 3 ، وقد اُسقط أحمد بن إدريس من سند البرهان.
7 ـ ق 50 : 44.
8 ـ تفسير القمّي 2 : 327 ، وعنه في البحار 53 : 58 / 40 ، والبرهان 5 : 152 / 4.


(161)
عذاباً دون ذلك ) (1) قال : عذاب الرجعة بالسيف (2).
    [ 132/32 ] ومنه : قوله تعالى ( إذا تتلى عليه آياتنا قال ـ أي الثاني (3) ـ أساطير الأوّلين ـ أي أكاذيب الأوّلين ـ سنسمه على الخرطوم ) (4) قال : في الرجعة ، إذا رجع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه ، كما توسم البهائم على الخراطيم : الأنف والشفتان (5).
    [ 133/33 ] ومنه : قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ( حتى إذا رأوا ما يوعدون ) قال : القائم وأمير المؤمنين ( عليهما السلام ) في الرجعة ( فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقلّ عدداً ) (6) قال : هو قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه لزُفَر : « والله يابن صهّاك لولا عهد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً ».
    قال : فلمّا أخبرهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مايكون من الرجعة قالوا : متى يكون هذا ؟ قال الله تعالى ( قل ـ يا محمّد ـ إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربّي
1 ـ الطور 52 : 47.
2 ـ تفسير القمّي 2 : 333 ، وعنه في البحار 53 : 103 / 127 ، والبرهان 5 : 180/1.
3 ـ في المصدر : كنّى عن فلان ، وفي نسخة « ق » : كنّى عن الثاني ، وفي نسخة « س » : قال أبي : عنى الثاني.
4 ـ القلم 68 : 15 ـ 16.
5 ـ تفسير القمّي 2 : 381 ، وفيه : الخرطوم والأنف والشفتين ، وعنه في البحار 53 : 103 / 128.
6 ـ الجن 72 : 24.


(162)
أمداً ) (1) (2).
    [ 134/34 ] ومنه : قوله ( قُم فأنذر ) (3) قال : هو قيامه في الرجعة ينذر فيها (4).
    [ 135/35 ] ومنه : في قوله ( قُتل الإنسان ما أكفره ) قال : هو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال ( ما أكفره ) أي ماذا فعل وأذنب حتى قتلتموه ، ثمّ قال ( من أي شيء خلقه * من نطفة خلقه فقدّره * ثمّ السبيل يسّره ) قال : ( يسّر له طريق الخير ) (5) ( ثمّ أماته فأقبره * ثمّ إذا شاء أنشره ) قال : في الرجعة ( كلاّ لمّا يقض ما أمره ) (6) أي لم يقض أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما قد أمره وسيرجع حتى يقضي ما أمره (7) (8).
    [ 136/36 ] أخبرنا أحمد بن إدريس (9) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي سلمة (10) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله
1 ـ الجن 72 : 25.
2 ـ تفسير القمّي 2 : 391 ، وعنه في البحار 53 : 58 / 41.
3 ـ المدّثّر 74 : 2.
4 ـ تفسير القمّي 2 : 393 ، وعنه في البحار 53 : 103 / 129.
5 ـ في نسخة « ق » : سبيل الخير ، بدل ما بين القوسين.
6 ـ عبس 80 : 17 ـ 23.
7 ـ في نسخة « س » : ما أمره الله تعالى.
8 ـ تفسير القمّي 2 : 405 ، وعنه في البحار 53 : 99 / 119.
9 ـ في نسختي « س و ض » والمختصر المطبوع : محمّد بن ادريس ، وقد تقدّم برقم 125.
10 ـ في المصدر : أبو أسامة.
وأبو اُسامة : هو زيد بن محمّد بن يونس الشحام ، كوفي ، مولى شديد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي ، وقد عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ).
اُنظر رجال النجاشي : 175 / 462 ، رجال البرقي : 18 ، رجال الشيخ : 122 / 2 و 195 / 2 ، معجم رجال الحديث 5 : 125 و 22 : 15.


(163)
عزّ وجلّ ( قُتل الإنسان ما أكفره ) (1) قال : « نعم نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه ( ما أكفره ) يعني بقتلكم إيّاه.
    ثمّ نسب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فنسب خلقه وما أكرمه الله به ، فقال ( من أي شيء خلقه ) يقول : من طينة الأنبياء خلقه ( فقدّره ـ للخير ـ ثمّ السبيل يسّره ) يعني سبيل الهدى ، ( ثمّ أماته ـ ميتة الأنبياء ـ ثمّ إذا شاء أنشره ) » قلت : ما قوله ( ثمّ إذا شاء أنشره ) (2) قال : « يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضي ما أمره » (3).
    [ 137/37 ] ومنه : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى (4) ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في
1 و2 ـ عبس 80 : 17 ـ 22.
3 ـ تفسير القمّي 2 : 405 ـ 406 ، وعنه في البحار 53 : 99 / القطعة الثانية من حديث 119.
4 ـ في نسخة « س » والمصدر : عبدالله بن موسى ، وعبيدالله بن موسى : هو ابن أبي المختار العبسي الكوفي ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
وقال ابن حجر : أبو محمّد ، ثقة ، كان يتشيّع.
وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقاً إن شاء الله ، كثير الحديث ، حسن الهيئة.
وقال الذهبي : قال ابن مندة : وكان معروفاً بالرفض ، لم يدع أحداً اسمه معاوية يدخل داره ، مات بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائتين.
اُنظر رجال الشيخ : 229 / 111 ، تقريب التهذيب 1 : 539 / 1512 ، طبقات ابن سعد 6 : 400 ، سير أعلام النبلاء 9 : 556.


(164)
قوله ( وللآخرة خير لك من الاُولى ) (1) قال : « يعني الكرّة هي الآخرة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ».
    قلت : قوله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) (2) قال : « يعطيك من الجنّة فترضى » (3).
    [ 138/38 ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبدالله بن القاسم البطل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوله ( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدُنّ في الأرض مرّتين ) قال : « قتل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وطعن الحسن ( عليه السلام ) ( ولتعلُنَّ عُلوّاً كبيراً ) (4) قال : قتل الحسين ( عليه السلام ) ، ( فاذا جاء وعد اُوليها ) فإذا جاء نصر دم الحسين ( عليه السلام ) ( بعثنا عليكم عباداً لنا اُولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار ) (5) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ( عليه السلام ) ، فلا يدعون وتراً (6) لآل محمّد إلاّ قتلوه ( وكان وعداً مفعولاً ) (7) خروج القائم ( عليه السلام ).
    ( ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم ) (8) خروج الحسين ( عليه السلام ) ، يخرج في سبعين من
1 ـ الضحى 93 : 4.
2 ـ الضحى 93 : 5.
3 ـ تفسير القمّي 2 : 427 ، وعنه في البحار 53 : 59 / 43.
4 و 5 ـ الإسراء 17 : 4 ـ 5.
6 ـ الوتر : والموتور : من قتل له قتيل فلم يدرك بدمه. القاموس المحيط 2 : 152 ـ وتر. والمراد بالوتر هو القاتل أو العدو لآل محمّد ( عليهم السلام ).
7 و 8 ـ الإسراء 17 : 5 ـ 6.


(165)
أصحابه ، عليهم البيض (1) المذهّبة لكلّ بيضة وجهان ، ( يؤذّن المؤذّنون ) (2) إلى الناس أنّ هذا الحسين ( عليه السلام ) قد خرج حتى لا يشكّ المؤمنون فيه ، وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهرهم ، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين ( عليه السلام ) ، جاء الحجّة الموت ، فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، ولا يلي الوصي إلاّ الوصي » (3).
    [ 139/39 ] وممّا رواه لي ورويته عن السيّد الجليل الموفّق السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني أسعده الله بتقواه وأصلح أمر دنياه واُخراه ، رواه بطريقه عن أحمد بن محمّد الأيادي ، يرفعه إلى أحمد بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) سئل عن الرجعة أحقّ هي ؟ قال : « نعم » فقيل له : من أوّل من يخرج ؟ قال : « الحسين ( عليه السلام ) ، يخرج على أثر القائم ( عليه السلام ) » ، قلت : ومعه الناس كلّهم ؟ قال : « لا ، بل كما ذكر الله تعالى في كتابه ( يوم يُنفخ في الصور فتأتون أفواجاً ) (4) قوماً بعد قوم » (5).
    [ 140/40 ] وعنه ( عليه السلام ) : « ويقبل الحسين ( عليه السلام ) في أصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبيّاً كما بعثوا مع موسى بن عمران ( عليه السلام ) ، فيدفع إليه القائم ( عليه السلام ) الخاتم (6) ، فيكون الحسين ( عليه السلام ) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ( ويواري به في
1 ـ البيضة : الخوذة من الحديد ، وهي من آلات الحرب لوقاية الرأس. المنجد : 56 ـ بيض.
2 ـ في المصدر : المؤدّون.
3 ـ الكافي 8 : 206 / 250 ، وعنه في البحار 53 : 93 / 103.
4 ـ النبأ 78 : 18.
5 ـ نقله المجلسي عن المختصر في البحار 53 : 103 / 130 ، والحرّ العاملي في الايقاظ من الهجعة : 367 / 123 ، قائلاً : ما رواه الحسن بن سليمان في باب الكرّات وحالاتها.
6 ـ في نسخة « س » زيادة : فيلقاه الموت.
مختصر البصائر ::: فهرس