مختصر البصائر ::: 331 ـ 345
(331)
ومن كتاب محمّد بن الحسن الصفّار الموسوم بـ « بصائر الدرجات »
باب
في أئمّة آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين
وأنّ حديثهم صعب مستصعب
    [ 355/1 ] رويت (1) بإسنادي عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن المنخّل ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « قال رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب ، لا يؤمن به إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان.
    فما ورد عليكم من حديث آل محمّد صلوات الله عليهم فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزّت منه قلوبكم وأنكرتموه فردّوه إلى الله تعالى ، وإلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلى العالم من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ).
    وإنّما الهالك أن يُحدَّث أحدكم بشيء لا يحتمله فيقول : والله ما كان هذا ، والإنكار هو الكفر » (2).
1 ـ من هنا سقط من نسخة « ق » إلى حديث 394.
2 ـ بصائر الدرجات : 20/1 ، وعنه في البحار 2 : 189/21.


(332)
    [ 356/2 ] وبإسنادي عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن أحمد (1) ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، قال : حدّثنا الحسن بن حمّاد الطائي ، عن سعد ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن ممتحن ، أو مدينة حصينة ، فإذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا كان الرجل (2) أجرى من ليث ، وأمضى من سنان ، يطأ عدوّنا برجليه ، ويضربه بكفّيه ، وذلك عند نزول رحمة الله ، وفرجه على العباد » (3).
    [ 357/3 ] محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسين (4) ، عن محمّد بن الهيثم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : « إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ثلاث : نبيّ مرسل ، أو ملك مقرّب ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ».
    ثمّ قال : « يا أبا حمزة ألا ترى أنّه اختار لأمرنا من الملائكة : المقرّبين ، ومن النبيّين : المرسلين ، ومن المؤمنين : الممتحنين » (5).
    [ 358/4 ] محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن ابن سنان أو غيره يرفعه إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ صدور منيرة ، وقلوب سليمة ، وأخلاق حسنة.
    إنّ الله تعالى أخذ من شيعتنا الميثاق ، كما أخذ على بني آدم ، حيث يقول
1 ـ في البصائر : أحمد بن جعفر ، وعنه في البحار : أحمد بن محمّد.
2 ـ في البصائر زيادة : من شيعتنا.
3 ـ بصائر الدرجات : 24/17 ، وعنه في البحار 2 : 189/22.
4 ـ في البصائر : أحمد بن الحسين.
5 ـ بصائر الدرجات : 25/19 ، وعنه في البحار 2 : 190/23.


(333)
عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ) (1) فمن وفى لنا وفى الله له بالجنّة ، ومن أبغضنا ولم يؤدِّ حقّنا ففي النار خالداً مخلّداً » (2).
    [ 359/5 ] محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن صباح المزنيّ (3) ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : « إنّ حديثنا صعب مستصعب ، خشن مخشوش ، فانبذوا إلى الناس نبذاً ، فمن عرف فزيدوه ، ومن أنكر فأمسكوا ، لا يحتمله إلاّ ثلاث : ملك مقرّب ، أونبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان » (4).
    [ 360/6 ] محمّد بن الحسن ، قال : حدّثني سلمة ، عن محمّد بن المثنّى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن عبدالعزيز ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « حديثنا صعب مستصعب ، ذكوان مقنّع ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل أو مؤمن ممتحن ».
    قال : ثم قال ( عليه السلام ) : « ما من أحد أفضل من المؤمن الممتحن » (5).
    [ 361/7 ] محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن منصور بن
1 ـ الأعراف 7 : 172.
2 ـ بصائر الدرجات : 25/20 ، وعنه في البحار 2 : 190/24.
3 ـ صباح المزني : هو صباح بن يحيى أبو محمّد المزني ، كوفي ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ). انظر رجال النجاشي : 201/537 ، رجال البرقي : 37 ، رجال الطوسي : 219/19.
4 ـ بصائر الدرجات : 21/5 ، وعنه في البحار 2 : 192/35.
5 ـ لم أعثر له على مصدر.


(334)
يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال « حديثنا صعب مستصعب ، ذكوان أجرد (1) مقنّع » قال : قلت : فسّر لي جعلت فداك ؟ قال : « ذكوان : ذكيّ أبداً » قال ، قلت : أجرد ، قال : « أبداً » قلت : مقنّع ، قال : « مستور » (2).
    [ 362/8 ] عمران بن موسى ، عن محمّد بن علي وغيره عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « ( ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ) (3) فقال : والله لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بينهما فما ظنّك بسائر الخلق.
    إنّ علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ نبي مرسل ، أو ملك مقرّب ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، قال : وإنّما صار سلمان من العلماء ؛ لأنّه امرؤ منّا أهل البيت ، فلذلك ( نسبته إلى العلماء ) (4) » (5).
    [ 363/9 ] محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن إسماعيل بن مهران (6) ،
1 ـ في نسختي « س وض » : أمرد ، وكلاهما يعطيان معنىً واحداً. فالأجرد للفضاء : لا نبات فيه ، وللرجل : لا شعر عليه ، وللفرس : إذا رقّت شعرته وقصرت. وكذلك للأمرد. انظر الصحاح 2 : 455 و538 ـ جرد ومرد.
ولعلّ المراد من قوله ( عليه السلام ) أجرد أو أمرد ، أي أحاديثنا واضحة بيّنة لا غبار عليها ولا شكّ فيها ، فهي رقيقة يستقبلها كلّ قلب سليم.
2 ـ بصائر الدرجات : 22/8 ، وعنه في البحار 2 : 191/32 ، بسند الحديث المتقدّم.
3 ـ في نسختي « س وض » : ذكر علي ( عليه السلام ) التقية في يوم عيد. بدل ما بين القوسين.
4 ـ في نسختي « س وض » : يشبه العلماء.
5 ـ بصائر الدرجات : 25/21 ، وعنه في البحار 2 : 190/25 ، وأورده الكليني في الكافي 1 : 401/2.
6 ـ في نسخة « ض » والبصائر : إسماعيل بن مهزيار ، ولم يرد له ذكر في كتب التراجم.


(335)
عن عثمان بن جبلة (1) ، عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « حديثنا صعب مستصعب ، شريف كريم ، ذكوان ، ذكي ، وعر ، لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن ممتحن » قلت : فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال « من شئنا (2) يا ابا الصامت ».
    قال أبو الصامت : فظننت أنّ لله عباداً أفضل من هؤلاء الثلاثة (3).
    يقول حسن بن سليمان : لعلّه ( عليه السلام ) أراد بقوله : « من شئنا » هم صلوات الله عليهم ، لأنّ علمهم الذي استودعهم الله سبحانه منه ما لا يصل إلى غيرهم بل خصّهم الله تعالى به.
    كما روي عن الصادق ( عليه السلام ) : « إنّ الله سبحانه وتعالى جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، فأعطى آدم ( عليه السلام ) خمسة وعشرين حرفاً ، وأعطى نوحاً ( عليه السلام ) منها خمسة عشر حرفاً ، وأعطى إبراهيم ( عليه السلام ) منها ثمانية أحرف ، وأعطى موسى ( عليه السلام ) منها أربعة أحرف ، وأعطى عيسى ( عليه السلام ) منها حرفين ، فكان يحيي بها الموتى ، ويبرىء الأكمه والأبرص ، وأعطى محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) اثنين وسبعين حرفاً ، واحتـجب بحرف لئلاّ يعلم أحد ما في نفسه ، ويعلم ما في أنفس العباد » (4).
    وما روي من أنّ الله سبحانه وتعالى أوحى إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله ) « يا محمّد لا تكتم عليّاً شيئاً ممّا بيني وبينك ، فإنّه ليس بيني وبينك وبينه سرّ » (5) فهذا فضل لم يؤته سواهم.
1 ـ في نسخة « س » والمختصر المطبوع : عثمان بن جميلة ، ولم يذكر في كتب التراجم.
2 ـ في نسخة : شيعتنا. حاشية نسخة « س ».
3 ـ بصائر الدرجات : 22/10 ، وعنه في البحار 2 : 192/34.
4 ـ أورده الصفّار في بصائر الدرجات : 208/3 ، والكليني بلفظ آخر في الكافي 1 : 230/2.
5 ـ تقدّم مفصّلاً في ص 200 حديث 185 من هذا الكتاب.


(336)
    ومن ذلك ما روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) « يا علي ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرفني إلاّ الله وأنت ، وما عرفك إلاّ الله وأنا » (1).
    فقد صحّ أنّهم خزّان العلم وعيبته ، وصاحب الدرجة العليا يطيق حمل الدنيا ، وصاحب الدنيا لا يطيق حمل العليا. كما مرّ في حديث أبي ذرّ وسلمان ، إذا كان أبو ذرّ في التاسعة من درجات الإيمان ، وسلمان في العاشرة ، فوضح ما ادّعيناه والله أعلم.
    [ 364/10 ] محمّد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن منصور ، عن مخلّد بن حمزة بن نصر ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كنت معه جالساً ، فرأيت أنّ أبا جعفر قد نام ، فرفع رأسه وهو يقول : « يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة بألسنتها لا تدري ما كنهه » قلت : ما هو جعلني الله فداك ؟ قال : « قول أبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (2) : إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان.
    يا أبا الربيع : ألا ترى أنّه قد يكون ملك ولا يكون مقرّباً ، ولا يحتمله إلاّ مقرّب ، وقد يكون نبي وليس بمرسل ، ولا يحتمله إلاّ مرسل ، وقد يكون مؤمن وليس بممتحن ، ولا يحتمله إلاّ مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان » (3).
    [ 365/11 ] سلمة بن الخطّاب ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه ، عن أبي
1 ـ أورده البرسي في مشارق أنوار اليقين : 112 ، والاسترآبادي في تأويل الآيات 1 : 139/ 118 و221/ ذيل حديث 15.
2 ـ في نسخة « س » : علي بن الحسين ( عليه السلام ).
3 ـ بصائر الدرجات : 26/1 ، وعنه في البحار 2 : 197/49.


(337)
بصير (1) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « خالطوا الناس بما يعرفون ، ودعوهم ممّا ينكرون ، ولا تحمّلوا على أنفسكم وعلينا. إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان » (2).
    [ 366/12 ] محمّد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمّد بن الهيثم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) ، يقول : « إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ثلاثة : ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ».
    ثمّ قال لي : « يا أبا حمزة ألست تعلم أنّ في الملائكة مقرّبين وغير مقرّبين ، وفي النبيين مرسلين وغير مرسلين ، وفي المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ؟ » قال : قلت : بلى ، قال : « ألا ترى إلى صعوبة (3) أمرنا ، إنّ الله اختار له من الملائكة : المقرّبين ، ومن النبيين : المرسلين ، ومن المؤمنين : الممتحنين » (4).
    [ 367/13 ] محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن جابر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ أمرنا سرّ في سرّ ، وسرّ مستسر ، وسرّ لا يفيده إلاّ سرّ ، وسرّ على سرّ ، وسرّ مقنّع بسرّ » (5).
    [ 368/14 ] محمّد بن أحمد ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، قال : حدّثني
1 ـ في البصائر والخصال والخرائج زيادة : ومحمّد بن مسلم.
2 ـ بصائر الدرجات : 26/2 ، وأورده الصدوق في الخصال : 624/ ضمن حديث الاربعمائة ، والراوندي في الخرائج والجرائح 2 : 794/3.
3 ـ في البصائر : صفة.
4 ـ بصائر الدرجات : 28/9 ، وعنه في البحار 2 : 196/48.
5 ـ بصائر الدرجات : 28/1 ، وعنه في البحار 2 : 71/31.


(338)
أحمد بن محمّد ، عن أبي اليسر ، قال : حدّثني زيد بن المعدلّ ، عن أبان بن عثمان (1) ، قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « إنّ أمرنا هذا مستور مقنّع بالميثاق ، من هتكه أذلّه الله » (2).
    [ 369/15 ] وروي عن ابن محبوب ، عن مرازم قال : قال لي أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « إنّ أمرنا هو الحق ، وحقّ الحقّ ، وهو الظاهر ، وباطن الظاهر ، وباطن الباطن ، وهو السرّ ، وسرّ المستسر ، وسرّ مقنّع بسرّ » (3).
    [ 370/16 ] عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن أسباط ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قرأت عليه آية الخمس (4) ، فقال : « ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا ».
    ثمّ قال : « والله لقد يسّر الله على المؤمنين رزقهم بخمسة دراهم ، جعلوا لربّهم واحداً ، وأكلوا أربعة حلالاً ».
    ثمّ قال : « هذا من حديثنا صعب مستصعب ، لا يعمل به ، ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للايمان » (5).
1 ـ أبان بن عثمان : الأحمر البجلي ، مولاهم ، أصله كوفي ، كان يسكنها تارة واُخرى البصرة ، وقد أخذ عنه أهلها : أبو عبيدة معمّر بن المثنى وأبو عبدالله محمّد بن سلام ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسى ( عليهما السلام ) ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
انظر رجال النجاشي : 13/8 ، رجال البرقي : 39 ، رجال الطوسي : 152/191.
2 ـ بصائر الدرجات : 28/3 ، وعنه في البحار 2 : 71/32.
3 ـ بصائر الدرجات : 29/4 ، وعنه في البحار 2 : 71/33.
4 ـ وهي ( واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله ) الآية. الانفال 8 : 41.
5 ـ بصائر الدرجات : 29/5 ، وعنه في البحار 96 : 191/7.


(339)
    [ 371/17 ] ورويت بإسنادي إلى محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله (1) ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن بعض أهل المدائن ، قال : كتبت إلى أبي محمّد ( عليه السلام ) : روي لنا عن آبائكم ( عليهم السلام ) « أنّ حديثكم صعب مستصعب ، لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ».
    قال : فجاء الجواب : « إنّما معناه أنّ الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك آخر مثله ، ولا يحتمله نبيّ حتى يخرج إلى نبيّ آخر مثله ؟ ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن آخر مثله. إنّما معناه أنّه لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما في صدره حتى يخرجه إلى غيره » (2).
    [ 372/18 ] محمّد بن علي بن بابويه ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة ، قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن أحمد بن يوسف الأزدي ، قال : حدّثنا علي بن بزرج الحنّاط (3) ، قال : حدّثنا عمرو بن اليسع ، عن شعيب الحدّاد ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « إنّ حديثنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد
1 ـ في المعاني : الحسين بن عبدالله.
2 ـ معاني الأخبار : 188/1 ، وعنه في البحار 2 : 184/6.
3 ـ في المعاني : علي بن يزيد الحنّاط. وهو من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما عدّه الشيخ في رجاله : 244/333 والظاهر أنّ ما في المتن والخصال والأمالي هو الصحيح.
وهو علي بن أبي صالح محمّد يلقّب بزرج ، ويكنّى أبا الحسن ، كوفي حنّاط. وعدّه الشيخ فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) قائلاً : علي بن بزرج يكنى أبا الحسن. انظر رجال النجاشي : 257/675 ، رجال الطوسي : 480/20.


(340)
امتحن الله عزّ وجلّ قلبه للايمان ، أو مدينة حصينة » قال عمرو : فقلت لشعيب : يا أبا الحسن وأي شيء المدينة الحصينة ؟ قال : فقال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عنها ، فقال لي « القلب المجتمع » (1).
    حديث من غير الباب
    [ 373/19 ] وباسنادي المتصل للصدوق محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن حمزة ومحمّد ابني حمران ، قالا : اجتمعنا عند أبي عبدالله ( عليه السلام ) في جماعة من أجلّة مواليه ، وفينا حمران بن أعين ، فخضنا في المناظرة ، وحمران ساكت ، فقال له أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « ما لك لا تتكلّم يا حمران ؟ » فقال : يا سيدي آليت على نفسي ألاّ أتكلّم في مجلس تكون أنت فيه.
    فقال أبو عبدالله : « إنّي قد أذنت لك في الكلام فتكلّم » فقال حمران : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، خارج من الحدّين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه ، وأنّ الحقّ القول بين القولين لا جبر ولا تفويض ، وأنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون.
    وأشهد أنّ الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأنّ البعث بعد الموت حقّ.
    وأشهد أنّ علياً حجّة الله على خلقه ، لا يسع الناس جهله ، وأنّ حسناً ( عليه السلام ) بعده ، وأنّ الحسين ( عليه السلام ) من بعده ، ثمّ علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم محمّد بن علي ( عليه السلام ) ، ثمّ
1 ـ معاني الأخبار : 189/1 ، أمالي الصدوق : 52/6 ، الخصال : 207/27 ، وعنهم في البحار 2 : 183/1.

(341)
أنت يا سيدي من بعـدهم ، فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « الترتر (1) حمران ».
    ثمّ قال : « يا حمران مد المطمر (2) بينك وبين العالم » قلت : يا سيدي وما المطمر ؟ قال : « أنتم تسمّونه خيط البناء ، فمن خالفك على هذا الأمر فزنديق » فقال حمران : وإن كان علويّاً فاطميّاً ؟ فقال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « وإن كان محمّديّاً علويّاً فاطميّاً » (3).
    [ 374/20 ] وبإسنادي إلى محمّد بن علي بن بابويه ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير ، قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ».
    فقال : « إنّ في الملائكة مقرّبين وغير مقرّبين ، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلـم يقرّ به إلاّ المقـرّبون ، وعـرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلاّ المـرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلاّ الممتحنون » قال : ثمّ قال لي : « مر في حديثك » (4).
    [ 375/21 ] وبإسنادي عن محمّد بن يعقوب ، ( عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن
1 ـ التُرُّ : خيط يمدّ على البناء. الصحاح 2 : 600 ـ ترر.
2 ـ المِطمَر : الزيج الذي يكون مع البنائين ، الصحاح 2 : 726 ـ طمر. ومراد قول الإمام ( عليه السلام ) لحمران أن لا يجعل بينه وبين إمامه واسطة ، وأن يميّز بين الحق والباطل.
3 ـ معاني الأخبار : 212/1 ـ باب معنى الترتر والمطمر ، وعنه في البحار 69 : 3/4.
4 ـ معاني الأخبار : 407/83 ، وعنه في البحار 2 : 184/7.


(342)
محمّد بن عيسى ) (1) ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن سعيد بن المسيّب (2) ، قال : سألت علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ابن كم كان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يوم (3) أسلم ؟ فقال : « أو كان كافراً ؟ قط ، إنّما كان لعليّ حيث بعث الله عزّ وجلّ رسوله صلوات الله عليه وآله عشر سنين ، ولم يكن يومئذ كافراً ، ولقد آمن بالله تبارك وتعالى وبرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسبق الناس كلّهم إلى الإيمان بالله وبرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلى الصلاة بثلاث سنين.
    وكانت أوّل صلاة صلاّها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الظهر ركعتين ، وكذلك فرضها الله تعالى على من أسلم بمكّة ركعتين ركعتين ( في الخمس صلوات ) (4).
    وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يصلّيها بمكّة ركعتين ، ثمّ يصلّيها علي ( عليه السلام ) معه بمكّة ركعتين ، مدّة عشر سنين حتى هاجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة.
1 ـ ما بين القوسين لم يرد في نسختي « س ، ض » والمصدر. وقد أورده المجلسي في البحار عن الكافي ولم يورده في مرآة العقول.
2 ـ سعيد بن المسيّب : ابن حزن بن أبي وهب القرشي المدني ، أبو محمّد المخزومي ، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان سيد التابعين من الطراز الأول ، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع ، ويروى عنه أنّه قال : حججت أربعين حجة ، وقال : ما نظرت إلى قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة ، لمحافظته على الصف الأول ، مات ( رحمه الله ) وله من العمر أربع وثمانين سنة. عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام زين العابدين علي بن الحسين ( عليه السلام ).
انظر وفيات الأعيان 2 : 375 ، تهذيب التهذيب 4 : 75 ، طبقات ابن سعد 5 : 119 ، رجال البرقي : 8 ، رجال الطوسي : 90/1.
3 ـ في نسخة « س » : حين.
4 ـ ما بين القوسين لم يرد في المصدر والبحار.


(343)
وخلّف عليّاً ( عليه السلام ) في اُمور لم يكن يقوم بها أحد غيره ، وكان خروج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من مكّة في أول يوم من ربيع الأول ، وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول مع زوال الشمس ، ونزل بقبا (1) فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين.
    ثمّ لم يزل مقيماً ينتظر علياً ( عليه السلام ) ، يصلّي الخمس صلوات ركعتين ركعتين ، وكان نازلاً على عمرو بن عوف (2) ، فأقام عندهم بضعة عشر يوماً ، يقولون له : أتقيم عندنا فنتّخذ لك منزلاً ومسجداً ؟ فيقول : لا ، إنّي أنتظر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وقد أمرته أن يلحقني ، فلست مستوطناً منزلاً حتى يقدم عليّ ( عليه السلام ) ، وما أسرعه إن شاء الله ، فقدم علي ( عليه السلام ) والنبي ( صلى الله عليه وآله ) في بيت (3) عمرو بن عوف فنزل معه.
    ثمّ إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لمّا قدم علي ( عليه السلام ) تحوّل عن قبا إلى بني سالم بن عوف ـ وعلي ( عليه السلام ) معه ـ يوم الجمعة مع طلوع الشمس ، فخطّ لهم مسجداً ونصب قبلته ، فصلّى بهم الجمعة ركعتين وخطب خطبتين.
    ثمّ راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها ، وعلي ( عليه السلام ) معه لا يفارقه ، يمشي بمشيته ، وليس يمرّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ببطن من بطون الأنصار إلاّ قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم ، فيقول لهم : خلّوا سبيل الناقة فإنّها مأمورة ، فانطلقت به ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) واضع لها زمامها حتى انتهت إلى هذا الموضع الذي ترى ـ
1 ـ قُبا : وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار ، وهي ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، وهناك مسجد التقوى عامر ، قدّامه رصيف وفضاء حسن وآبار ومياه عذبة. معجم البلدان 4 : 301 ـ 302.
2 ـ في نسخة : بني عمرو بن عوف. حاشية نسخة « س ».
3 ـ في نسختي « س وض » : بني. بدل : بيت.


(344)
وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي يصلّي عنده بالجنائز ـ فوقفت عنده وبركت ، ووضعت جرانها على الأرض.
    فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأقبل أبو أيّوب (1) مبادراً حتى احتمل رحله فأدخله منزله ، ونزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعليّ ( عليه السلام ) معه حتى بنى له مسجداً ، وبنيت له مساكنه ومسكن علي ( عليه السلام ) ، فتحوّلا إلى منازلهما ».
    فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين ( عليه السلام ) : جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه ؟ فقال له : « إنّ أبا بكر لمّا قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي ( عليه السلام ) ، قال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة فانّ القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون (2) إقبالك إليهم ، فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر علياً ، فما أظنّه يقدم عليك إلى شهر.
    فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كلاّ ما أسرعه ، ولست أريم (3) حتى يقدم ابن عـمّي
1 ـ أبو أيوب : هو خالد بن زيد الأنصاري الخزرجي ، صحابي شهد العقبة وبدراً واُحداً والمشاهد كلّها مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد آخى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بينه وبين مصعب بن عمير ، وقال الكشي : وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ).
عدّه البرقي من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وذكره في آخر كتابه في عداد المنكرين على أبي بكر ، وعدّه الطوسي من أصحاب رسول الله والإمام علي بن أبي طالب صلّى الله عليهما وآلهما. توفي في غزاة القسطنطينية سنة خمسين ، وقيل : إحدى وقيل اثنتين وخمسين.
اُنظر الاصابة 1 : 405/2163 ، واُسد الغابة 2 : 80 ، رجال البرقي : 2 و63 ، ورجال الطوسي 18/2 40/1 ، ورجال الكشي : 38/78.
2 ـ ريث : أبطأ ، وما أراثك علينا ؟ أي ما أبطأ بك عنّا. الصحاح 1 : 284 ـ ريث.
3 ـ في نسخة « س » : بناهض.
ورام يريم : إذا برح وزال من مكانه. النهاية لابن الأثير 2 : 290 ـ ريم.


(345)
وأخي في الله عزّوجـلّ ، وأحبّ أهل بيـتي إليّ ، فقد وقاني بنفسه من المشركين.
    قال : فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأزّ ، وداخله من ذلك حسد لعلي ( عليه السلام ) ، فكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عليّ ( عليه السلام ) ، وأول خلاف على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فانطلق حتى دخل المدينة ، وتخلّف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقبا ينتظر علياً ( عليه السلام ) ».
    قال : فقلت لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) : فمتى زوّج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فاطمة ( عليها السلام ) من علي ( عليه السلام ) ؟ فقال : « بالمدينة بعد الهجرة بسنة ، وكان لها يومئذ تسع سنين.
    قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : ولم يولد لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة على فطرة الاسلام إلاّ فاطمة ( عليها السلام ) ، وقد كانت خديجة رضي الله عنها ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب ( رحمه الله ) بعد موت خديجة رحمها الله بسنة.
    فلمّا فقدهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سئم المقام بمكة ، ودخله حزن شديد ، وأشفق على نفسه من كفار قريش ، فشكا إلى جبرئيل ( عليه السلام ) ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه : اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكّة ناصر ، وانصب للمشركين حرباً ، فعند ذلك توجّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة ».
    قلت له : متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هم عليه اليوم ؟ فقال : « بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الاسلام ، وكتب الله على المسلمين الجهاد ، زاد رسول الله في الصلاة سبع ركعات ، في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة ، وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقرّ الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ، وتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ، فكان ملائكة
مختصر البصائر ::: فهرس