مختصر البصائر ::: 346 ـ 360
(346)
الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صلاة الفجر ، فلذلك قال الله عزّ وجلّ ( وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً ) (1) يشهده المسلمون ، وتشهده ملائكة النهار وملائكة الليل » (2).
1 ـ الاسراء 17 : 78.
2 ـ الكافي 8 : 338/536 ، وعنه في البحار 19 : 115/2.


(347)
أحاديث
القضاء والقدر
    [ 376/1 ] وبالإسناد المتقدّم عن الصدوق محمّد بن علي بن بابويه ، قال : أخبرنا أحمد بن هارون القاضي (1) وجعفر بن محمّد بن مسرور ، قالا : حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطّة ، قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « سمعت أبي يحدّث عن أبيه ( عليه السلام ) أنّ رجلاً قام إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال له يا أمير المؤمنين بما عرفت ربّك ؟ فقال ( عليه السلام ) : بفسخ العزم ، ونقض الهمم ، لمّا أن هممت حال بيني وبين همّي ، وعزمت فخالف القضاء عزمي ، فعلمت أنّ المدبّر غيري » (2). والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
    [ 377/2 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني (3) ،
1 ـ في الخصال : الفامي. وقد عدّه الشيخ الطوسي فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ). رجال الطوسي : 448/59.
2 ـ الخصال : 33/1 ، وأورده أيضاً بسند آخر في التوحيد : 288/6 ، وعنهما في البحار 3 : 42/17.
3 ـ إبراهيم بن عمر اليماني : الصنعاني شيخ من أصحابنا ثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الباقر والصادق ( عليهما السلام ) قائلاً : له اصول رواها عنه حماد ابن عيسى ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الباقر والكاظم ( عليهما السلام ).
انظر رجال النجاشي : 20/26 ، رجال البرقي : 11 و47 ، رجال الطوسي : 103/7 و145/58.


(348)
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ الله عزّ وجلّ خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه ، وأمرهم ونهاهم ، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلاّ بإذن الله تعالى » (1).
    [ 378/3 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثني أبي ( رحمه الله ) قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن (2) ، عن حفص بن قرط (3) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من زعم أنّ الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله فقد كذب على الله ، ومن
1 ـ التوحيد : 159/1 ، وبسند آخر في ص 349/8 ، وأورده الطبرسي في الاحتجاج 2 : 330/268 ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ).
2 ـ يونس بن عبدالرحمن : مولى علي بن يقطين بن موسى ، أبو محمّد ، كان وجهاً في أصحابنا ، عظيم المنزلة ، ولد في أيام هشام بن عبدالملك ، ورأى جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) بين الصفا والمروة ولم يرو عنه ، روى عن أبي الحسن موسى والرضا ( عليهما السلام ) ، وكان الإمام الرضا ( عليه السلام ) يشير إليه في العلم والفتيا. عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الكاظم والرضا ( عليهما السلام ).
    انظر رجال النجاشي : 446/1208 ، رجال البرقي : 49 و54 ، رجال الطوسي : 364/11 و394/2.
3 ـ في نسختي « س وض » : جعفر بن قرط.


(349)
كذب على الله أدخله الله النار » (1).
    قوله ( عليه السلام ) : « ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ».
    ومثله ما روي في الحديث عن حريم الحسين بن علي ( عليه السلام ) « شاء الله أن يراهنّ سبايا » (2).
    إعلم أنّ المشيئة قد تكون مشيئة حتم ، كمشيئة الله سبحانه وتعالى لخلقنا على الصفات الجارية في علمه السابق فهو يقع كما شاء ، وقد تكون مشيئته تخلية للعبد بينه وبين فعله ، كما يخلّي الله سبحانه بين العصاة وبين معاصيهم ، إذ لم يتفضّل عليهم ويعصمهم منها ، فمشيئته فيها عدم عصمته لهم ، وتركه إيّاهم وأنفسهم بعد ما بيّن لهم من أمره ونهيه ، فوافق علمه السابق في علمه لتمام حكمته ، وبلوغ ما جرى من علمه من الثواب للمطيع ، والعقاب للعاصي.
    فمشيئته في الشرّ : التخلية من غير عصمة ، وإذا لم يشأ عصم ، كما خلّى بين آدم ( عليه السلام ) وأكل الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها ، وكان أكله سبباً لخروج الذرّية ـ المأخوذة العهد والميثاق عليها ـ إلى هذه الدار على هذه الصفة ، على ما جرى في علمه سبحانه أنّه كائن ولا بدّ منه ، والأكل من الشجرة أصله وسببه ، فنهاه سبحانه عن الأكل منها ، وشاء أن يخلّي بينه وبينها ، ولا يعصمه في تلك الحال كما عصم
1 ـ التوحيد : 359/2 ، وعنه في البحار 5 : 51/85.
2 ـ اللهوف في قتلى الطفوف لابن طاووس : 128 ، وفيه : إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا ، وعنه في البحار 44 : 364. في مكالمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) مع أخيه محمّد بن الحنفية رضوان الله عليه.


(350)
يوسف ( عليه السلام ) لما علم منهما من وجه الحكمة ( لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ) (1).
    [ 379/4 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي الله عنه ) ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ظريف بن ناصح ، عن أبي الحصين ، قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : « سُئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الساعة ، فقال : عند إيمان بالنجوم ، وتكذيب بالقدر » (2).
    [ 380/5 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي ، قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدّثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) قالا : « إنّ الله عزّ وجلّ أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذّبهم عليها ، والله أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون ».
    قال : فسُئلا ( عليهما السلام ) هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قالا : « نعم ، أوسع ممّا بين السماء والأرض » (3).
    [ 381/6 ] وبالإسناد عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (4) ،
1 ـ الأنبياء 21 : 23.
2 ـ الخصال : 62/87 ، وعنه في البحار 6 : 313/19 ، و58 : 225/6.
3 ـ التوحيد : 360/3 ، وعنه في البحار 50 : 51/82.
4 ـ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد : أبو جعفر شيخ القمّيين ، وفقيههم ، ومتقدّمهم ، ووجههم ، ويقال : إنّه نزيل قم وما كان أصله منها ، ثقة ثقة عين ، مسكون إليه. وهو شيخ الصدوق ، يروي عنه كثيراً في كتبه.
وقال الشيخ : جليل القدر عارف بالرجال ، موثوق به ، بصير بالفقه. وعدّه في رجاله فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ).
مات ( رحمه الله ) سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.
انظر رجال النجاشي : 383/1042 ، فهرست الشيخ : 237/709 ، رجال الشيخ : 495/23.


(351)
قال : حدّثنا الحسن بن متيل ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « إنّ الله أكرم من أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون ، والله أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد » (1).
    [ 382/7 ] وبالإسناد عنه ، عن علي بن عبدالله الورّاق ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إسماعيل بن سهل ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن عجلان ، قال : قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) فوّض الله تعالى الأمر إلى العباد ؟ فقال : « الله أكرم من أن يفوّض إليهم » قلت : فأجبر الله العباد على أفعالهم ؟ فقال : « ( الله أعدل ) (2) من أن يجبر عبداً على فعل ثمّ يعذّبه عليه » (3).
    [ 383/8 ] وبالإسناد عنه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : ذكر عنده الجبر والتفويض ، فقال : « ألا اُعطيكم في هذا أصلاً لا تختلفون فيه ، ولا تخاصمون عليه أحداً إلاّ كسرتموه ؟ » قلنا : إن رأيت ذلك ، فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ لم يُطَع بإكراه ، ولم يُعصَ بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملّكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعته عزّ وجلّ لم يكن الله عنها صادّاً ، ولا
1 ـ التوحيد : 360/4 ، وعنه في البحار 5 : 52/87 ، وفيه : الناس. بدل : خلقه.
2 ـ في نسخة « س » : تعالى الله. بدل ما بين القوسين.
3 ـ التوحيد : 361/6 ، وعنه في البحار 5 : 51/83.


(352)
منها مانعاً ، وإن ائتمروا بمعصية الله فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه.
    ثم قال ( عليه السلام ) : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه » (1).
    [ 384/9 ] وبالإسناد عنه ، عن أبيه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : « إنّ القضاء والقدر خلقان من خلق الله ، والله يزيد في الخلق ما يشاء » (2).
    [ 385/10 ] وبالإسناد عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن درست (3) ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة (4) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في القضاء والقدر ؟ قال : « أقول : إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم
1 ـ التوحيد : 361/7 ، وأورده أيضاً في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 144/48 ، والمفيد في الاختصاص : 198 ، والطبرسي في الاحتجاج 2 : 399/305. من قوله ( عليه السلام ) : إنّ الله عزّ وجلّ لم يطع بإكراه.
2 ـ التوحيد : 364/1 ، وعنه في البحار 5 : 111/36.
3 ـ درست : ابن أبي منصور محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن ( عليهما السلام ). عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الامام الصادق والكاظم ( عليهما السلام ).
انظر رجال النجاشي : 162/430 ، رجال البرقي : 48 و49 ، رجال الطوسي : 191/36 و349/3.
4 ـ زرارة لم يرد في المصدر.


(353)
عمّا عهد إليهم ، ولا يسألهم عمّا قضى عليهم » (1).
    [ 386/11 ] وبالإسناد عن الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ( رحمه الله ) ، قال : حدّثني علي بن أحمد الرازي ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر الأسدي ، قال : حدّثني محمّد بن أبي القاسم ، قال : حدّثني إسحاق بن إبراهيم العطّار (2) ، قال : حدّثني علي بن موسى البصري ، قال : حدّثني سليمان بن عيسى الشحري (3) ، قال : حدّثنا اسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : « إنّ أرواح القدريّة تعرض على النار غدوّاً وعشيّاً حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة عذّبوا مع أهل النار بأنواع العذاب ، فيقولون : يا ربّنا عذّبتنا خاصّة وتعذّبنا عامّة ، فيردّ عليهم ( ذوقوا مسّ سقر * إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر ) (4) » (5).
    [ 387/12 ] وبالإسناد إلى محمّد بن علي ، قال : حدّثني علي بن أحمد ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي بشر (6) ، قال : حدّثنا محمّد بن عيسى الدامغاني ، قال : حدّثنا محمّد بن خالد البرقي ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عمّن حدّثه عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : « ما أنزل الله هذه الآيات إلاّ في القدرية ( إنّ المجرمين في ضَلال وسُعُر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسّ سقر * إنّا كلّ
1 ـ التوحيد : 365/2 ، وعنه في البحار 5 : 112/38.
2 ـ في نسختي « س وض » : القطان.
3 ـ في نسخة « س » : السنجري ، وفي المصدر : السجزي.
4 ـ القمر 54 : 48 ـ 49.
5 ـ عقاب الأعمال : 252/1 ، وعنه في البحار 5 : 117/50.
6 ـ في نسخة « س » : نصر.


(354)
شيء خلقناه بقدر ) (1) » (2).
    [ 388/13 ] وبالإسناد عن محمّد بن علي ، قال : حدّثني علي بن أحمد ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر ، قال : حدّثني مسلمة (3) بن عبدالملك ، قال : حدّثني داود بن سليمان ، عن أبي الحسن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين ، قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : صنفان من اُمّتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة ، والقدرية » (4).
    [ 389/14 ] وبالإسناد عن محمّد بن علي بن الحسين ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد ، قال : حدّثني سعد بن عبدالله ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : حدّثني أبي أنّه سمع أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « يُحشر المكذّبون بقدر الله من قبورهم ، قد مسخوا قردة وخنازير » (5).
    [ 390/15 ] وبالإسناد عن محمّد بن علي بن الحسين ، قال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدّثني عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة بن أعين ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « نزلت هذه الآية في القدرية ( ذوقوا
1 ـ القمر 54 : 47 ـ 49.
2 ـ عقاب الأعمال : 252/2 ، وعنه في البحار 5 : 118/51.
3 ـ في نسخة « س » والمختصر المطبوع : سلمة.
4 ـ عقاب الأعمال : 252/3 ، وعنه في البحار 5 : 118/52.
5 ـ عقاب الأعمال : 253/4 ، وعنه في البحار 5 : 118/53.


(355)
مسّ سقر * إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر ) (1) » (2).
    [ 391/16 ] وبالإسناد عن محمّد بن علي بن الحسين ، قال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثني محمّد بن جعفر ، قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، قال : حدّثني الحسين بن يزيد النوفلي (3) ، عن إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال : « يجاء بأصحاب البِدَع يوم القيامة ، فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الأسود ، فيقول الله عزّ وجلّ : ما أردتم ؟ فيقولون : أردنا وجهك ، فيقول : قد أقلتكم عثراتكم ، وغفرت لكم زلاّتكم إلاّ القدرية ، فإنّهم دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون » (4).
    [ 392/17 ] وبهذا الإسناد عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنّه دخل عليه مجاهد مولى عبدالله بن العباس (5) فقال : يا أمير المؤمنين ما تقول في كلام
1 ـ القمر 54 : 48 ـ 49.
2 ـ عقاب الأعمال : 253/5 ، وعنه في البحار 5 : 118/54.
3 ـ الحسين بن يزيد النوفلي : ابن محمّد بن عبدالملك نوفل النخع مولاهم ، كوفي أبو عبدالله ، كان شاعراً أديباً ، وسكن الري ومات بها. عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الرضا ( عليه السلام ).
انظر رجال النجاشي : 28/77 ، رجال البرقي : 54 ، رجال الطوسي : 373/25.
4 ـ عقاب الأعمال : 253/6 ، وعنه في البحار 5 : 119/57.
5 ـ عبدالله بن عباس : ابن عبدالمطلب الهاشمي القرشي المكي ، من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان محباً لعليّ ( عليه السلام ) ، وتلميذه ، وحاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أشهر من أن يخفى ، وذكره ابن داود في القسم الأول من رجاله قائلاً : وحاله أعظم من أن يشار إليه في الفضل والجلالة ومحبة أمير المؤمنين وانقياده إلى قوله.
وقال الذهبي : حبر الاُمة ، وفقيه العصر ، وامام التفسير ، صحب النبي ( صلى الله عليه وآله ) نحواً من ثلاثين شهراً ، ولد قبل الهجرة بسنتين ، وتوفي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وله مفاخرة مع معاوية وعمرو بن العاص وقد ألقمهما حجراً ، رواها الصدوق في الخصال وذكرها ابن خلكان في وفيات الأعيان.
عدّه البرقي من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وزاد الشيخ عليه الإمام أمير المؤمنين والحسين ( عليهما السلام ).
توفي ( رحمه الله ) سنة ثمان وسبعين بالطائف وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وقد كفّ بصره ، فصلّى عليه ابن الحنفية.
انظر خلاصة الاقوال : 190/586 ، رجال ابن داود : 121/880 ، رجال البرقي : 2 ، رجال الطوسي : 22/6 و46/3 و77/15 ، سير أعلام النبلاء 3 : 331/51 ، وفيات الأعيان 3 : 62/338.


(356)
القدرية (1) ؟ ـ ومعه جماعة من الناس ـ فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « معك أحد منهم ـ أو في البيت أحد منهم ـ ؟ » قال : ما تصنع بهم يا أمير المؤمنين ؟ فقال : « استتيبهم وإلاّ ضربت أعناقهم » (2).
    [ 393/18 ] ورويت باسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ( رحمه الله ) رفع الحديث إلى الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال لزرارة حين سأله ، فقال : ما تقول في القضاء والقدر ؟ قال : أقول « إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عمّا عهد إليهم ، ولم يسألهم عمّا قضى عليهم » (3).
1 ـ في المصدر : أهل القدر.
2 ـ عقاب الأعمال : 253/7 ، وعنه في البحار 5 : 120/59.
3 ـ تقدّم برقم حديث 384.


(357)
    [ 394/19 ] ورويت بطريق الصدوق أيضاً عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه قال للذي سأله عن القدر : « بحر عميق فلا تلجه » ثمّ سأله ثانية عن القدر ، فقال : « طريق مظلم فلا تسلكه » ثمّ سأله ثالثة عن القدر ، فقال : « سرّ الله فلا تتكلّفه » (1).
    [ 395/20 ] وروى ( رحمه الله ) أيضاً عن مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّه قال في القدر : « ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطوي عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ، ولا بقدرة الصمدانية ، ولا بعظمة النورانية ، ولا بعـزّة الوحدانية ، لأنّه بحر زاخر خالص لله عزّ وجلّ ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات والحيتان ، يعلو مرّة ويسفل اُخرى ، في قعره شمس تضيء ، لا ينبغي أن يطّلع إليها إلاّ الله الواحد الفرد ، فمن تطلّع إليها فقد ضادّ الله في حكمه ، ونازعه في سلطانه ، وكشف عن سرّه وستره ، وباء بغضب من الله ، ومأواه جهنّم وبئس المصير » (2).
    [ 396/21 ] وروي : أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر ، فقيل له : يا أمير المؤمنين أتفرّ من قضاء الله ؟ فقال ( عليه السلام ) : « أفرّ من قضاء الله تعالى إلى قدره » (3).
1 ـ التوحيد : 365/ صدر حديث 3 ، وعنه في البحار 5 : 110/ صدر حديث 35 ، وأورده في اعتقاداته : 34 ـ ضمن مصنّفات المفيد. ولم يرد الحديث في نسخة « س » والمختصر المطبوع.
2 ـ التوحيد : 383/32 ، وأورده في اعتقاداته : 34 ـ ضمن مصنّفات المفيد ، وعنه في البحار 5 : 97/23.
3 ـ التوحيد : 369/8 ، وأورده في اعتقاداته : 35 ـ ضمن مصنّفات المفيد ، وعن التوحيد في البحار 5 : 114/41 ، وعن الاعتقادات في ص 97/24.


(358)
    [ 397/22 ] وبإسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمّد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة (1) ، عن الزهري ، قال : قال رجل لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) : جعلني الله فداك أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل ؟ فقال ( عليه السلام ) : « إنّ القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد ، فالروح بغير جسد لا تحسّ ، والجسد بغير روح صورة لا حراك لها ، فإذا اجتمعا قويا وصلحا ، كذلك العمل والقدر ، فلو لم يكن القدر واقعاً على العمل ، لم يعرف الخالق من المخلوق ، وكان القدر شيئاً لا يحسّ ، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر لم يمض ولم يتمّ ، ولكنّهما باجتماعهما قويا ، ولله فيه العون لعباده الصالحين.
    ثمّ قال ( عليه السلام ) : ألا إنّ من أجور الناس من رأى جوره عدلاً وعدل المهتدي جوراً ، ألا إنّ للعبد أربعة أعين : عينان يبصر بهما أمر آخرته ، وعينان يبصر بهما أمر دنياه ، فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه ، فأبصر بهما العيب ، وإذا أراد غير ذلك ترك القلب بما فيه » ثمّ التفت إلى السائل عن القدر فقال : « هذا منه هذا منه » (2).
    [ 398/23 ] وبإسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي ( رحمه الله ) ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أحمد بن ادريس ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد ، عن يوسف بن الحارث ، عن محمّد بن
1 ـ سفيان بن عيينة : ابن أبي عمران الهلالي ، مولاهم أبو محمّد الكوفي ، أقام بمكة ، عدّه البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ).
رجال النجاشي : 190/506 ، رجال الطوسي : 212/163 ، رجال البرقي : 41.
2 ـ التوحيد : 366/4 ، وعنه في البحار 5 : 112/39.


(359)
عبدالرحمن العرزمي ، عن أبيه عبدالرحمن بإسناده رفعه إلى من قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة » (1).
    [ 399/24 ] وبإسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي بن الحسين ، قال : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمر (2) بن علي البصري ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن الحسن المثنّى ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدّثنا أبو أحمد الغازي ، قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدّثنا أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثنا أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثنا أبي محمّد بن علي ، قال : حدّثنا أبي علي بن الحسين ، قال : حدّثنا أبي الحسين بن علي ( عليهم السلام ) قال : سمعت أبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول : « الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض وفضائل ومعاصي.
    فأمّا الفرائض : فبأمر الله ، وبرضاء الله ، وبقضاء الله وتقديره ، ومشيئته وعلمه.
    وأمّا الفضائل : فليست بأمر الله عزّ وجلّ ، ولكن برضاء الله ، وبقضاء الله ، وبقدر الله ، وبمشيئته وبعلمه (3).
    وأمّا المعاصي : فليست بأمر الله عزّ وجلّ ، ولكن بقضاء الله ، وبقدر الله ، وبمشيئته وبعلمه ، ثمّ يعاقب عليها » (4).
    [ 400/25 ] وباسنادي إلى محمّد بن علي الصدوق ( رحمه الله ) ، قال : حدّثنا الحسين بن
1 ـ التوحيد : 368/7 ، وعنه في البحار 5 : 114/43.
2 ـ في التوحيد والخصال والعيون : عمرو ، وكلاهما لم يردا في نسختي « س وض ».
وقد أشار محقق التوحيد في الهامش بأن في نسختي « ن وط » : عمر.
3 ـ في نسختي « س وض » : وبقضاء الله وبمشية الله ، وبعلم الله.
4 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 142/44 ، الخصال : 168/221 ، التوحيد : 369/9.


(360)
إبراهيم بن أحمد المؤدّب ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : « سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « قال الله جلّ جلاله : من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري فليلتمس إلهاً غيري ».
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « في كلّ قضاء الله عزّ وجلّ خِيَرَة (1) للمؤمن » (2).
    [ 401/26 ] وعن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أمّا بعد فإنّ الإهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف (3) ، وفيه تضييع الزاد ، والإقبال على الآخرة غير ناقص من المقدور ، وفيه إحراز المعاد » (4).
    [ 402/27 ] وبإسنادي إلى الصدوق محمّد بن علي ( رحمه الله ) قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي الصهبان (5) ، قال : حدّثنا
1 ـ في نسختي « س وض » : خير.
2 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 141/42 ، التوحيد : 371/11 ، وعنهما في البحار 71 : 138/25.
3 ـ الوظيفة من كلّ شيء : ما يقدّر له في كلّ يوم من رزق أو طعام أو علف أو شراب ، وجمعها الوظائف والوُظُف : لسان العرب 9 : 358 ـ وظف.
4 ـ التوحيد : 372/15 ، وعنه في نور البراهين 2 : 323/15.
5 ـ في نسختي « س وض » : محمّد الاصبهاني.
ومحمّد بن أبي الصهبان : واسم أبي الصهبان : عبدالجبار ، قمّي ثقة عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكري ( عليهم السلام ) وفيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ).
واقتصر البرقي على الإمام الهادي والعسكري ( عليهما السلام ) حيث ذكره في موضعين باسمين : محمّد بن أبي الصهبان ومحمّد بن عبدالجبار ، وكذلك الشيخ.
رجال الطوسي : 407/25 و423/17 و435/5 و512/116 ، رجال البرقي : 59 و61.
مختصر البصائر ::: فهرس