|
|||||||||
(76)
قال : فالنبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقي في دار الإسلام أم ارتحل ؟
قال : بل ارتحل. قال : فأمور الشرع ارتحلت معه أم بقيت بعده ؟ قال : بل بقيت. قال : وهل قام أحد بعده بعمارة ما بناه ؟ قال : نعم ، الذرِّيَّة والصحابة. قال : أفعمروها أو خربوها ؟ قال : بل عمروها. قال : فالآن هي معمورة أم خراب ؟ قال : بل خراب. قال : خربها ذرِّيَّته أم أمَّته ؟ قال : بل أمَّته. قال : وأنت من الذرِّيَّة أو من الأمَّة ؟ قال : من الأمَّة. قال : أنت من الأمَّة وخربت دار الإسلام ، فكيف ترجو الجنّة ؟ وجرى بينهم كلام كثير (1). ورواها ابن الأعثم الكوفي ـ أيضاً ـ أكمل من السابقة ، قال : فبينا عليٌّ ـ كرَّم الله وجهه ـ مقيم بالكوفة ينتظر انقضاء المدّة التي كانت بينه وبين معاوية ، ثمَّ يرجع إلى محاربة أهل الشام ، إذ تحرَّكت طائفة من خاصَّة أصحابه في أربعة 1 ـ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : 2/369 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 33/388 ـ 389 ح 618. (77)
آلاف فارس ، وهم من النسَّاك العبَّاد أصحاب البرانس ، فخرجوا عن الكوفة ، وتحزَّبوا ، وخالفوا عليّاً ـ كرَّم الله وجهه ـ وقالوا : لا حكم إلاَّ لله ، ولا طاعة لمن عصى الله ، قال : وانحاز إليهم ما ينيف عن ثمانية آلاف رجل ممن يرى رأيهم.
قال : فصار القوم في اثني عشر ألفاً ، وساروا حتى نزلوا بحروراء ، وأمَّروا عليهم عبد الله بن الكوَّاء. قال : فدعا عليٌّ ( عليه السلام ) بعبد الله بن عباس فأرسله إليهم ، وقال : يا ابن عباس ! امض إلى هؤلاء القوم ، فانظر ما هم عليه ، ولماذا اجتمعوا ؟ قال : فأقبل عليهم ابن عباس حتى إذا أشرف عليهم ونظروا إليه ناداه بعضهم ، وقال : ويلك يا ابن عباس ! أكفرت بربِّك كما كفر صاحبك عليُّ بن أبي طالب ؟ فقال ابن عباس : إني لا أستطيع أن أكلِّم كلَّكم ، ولكن انظروا أيّكم أعلم بما يأتي ويذر فليخرج إليَّ حتى أكلِّمه. قال : فخرج إليه رجل منهم يقال له : عتاب بن الأعور الثعلبي حتى وقف قبالته ، وكأنَّ القرآن إنَّما كان ممثَّلا بين عينيه ، فجعل يقول ويحتجُّ ويتكلَّم بما يريد ، وابن عباس ساكت لا يكلِّمه بشيء ، حتى إذا فرغ من كلامه أقبل عليه ابن عباس ، فقال : إنّي أريد أن أضرب لك مثلا ، فإن كنت عاقلا فافهم. فقال الخارجي : قل ما بدالك. فقال له ابن عباس : خبرِّني عن دار الإسلام هذه ، هل تعلم لمن هي ؟ ومن بناها ؟ فقال الخارجي : نعم ، هي لله عزَّ وجلَّ ، وهو الذي بناها على أيدي أنبيائه ( عليهم السلام ) وأهل طاعته ، ثمَّ أمر من بعثه إليها من الأنبياء أن يأمروا الأمم أن لا (78)
تعبدوا إلاَّ إيّاه ، فآمن قوم وكفر قوم ، وآخر من بعثه إليها من الأنبياء محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
فقال ابن عباس : صدقت ، ولكن خبِّرني عن محمّد حين بعث إلى دار الإسلام فبناها كما بناها غيره من الأنبياء ، هل أحكم عمارتها ، وبيَّن حدودها ، وأوقف الأمَّة على سبلها وعملها وشرايع أحكامها ومعالم دينها ؟ قال الخارجي : نعم ، قد فعل محمّد ذلك. قال ابن عباس : فخبِّرني الآن عن محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هل بقي فيها أو رحل عنها ؟ قال الخارجي : بل رحل عنها. قال ابن عباس : فخبِّرني رحل عنها وهي كاملة العمارة بيِّنة الحدود ، أم رحل عنها وهي خربة لا عمران فيها ؟ قال الخارجي : بل رحل عنها وهي كاملة العمارة ، بيِّنة الحدود ، قائمة المنار. قال ابن عباس : صدقت الآن ، فخبِّرني هل كان لمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحد يقوم بعمارة هذه الدار من بعده أم لا ؟ قال الخارجي : بلى ، قد كان له صحابة ، وأهل بيت ، ووصيٌّ ، وذرِّيَّة يقومون بعمارة هذه الدار من بعده. قال ابن عباس : ففعلوا أم لم يفعلوا ؟ قال الخارجي : بلى ، قد فعلوا ، وعمروا هذه الدار من بعده. قال ابن عباس : فخبِّرني الآن عن هذه الدار من بعده ، هل هي اليوم على ما تركها محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كمال عمارتها ، وقوام حدودها ، أم هي خربة عاطلة الحدود ؟ (79)
قال الخارجي : بل هي عاطلة الحدود ، خربة.
قال ابن عباس : أفذرِّيَّته وليت هذه الخراب أم أمَّته ؟ قال : بل أمَّته. قال ابن عباس : أفأنت من الأمَّة أو من الذرِّيَّة ؟ قال : أنا من الأمَّة. قال ابن عباس : يا عتاب ! فخبِّرني الآن عنك ، كيف ترجو النجاة من النار وأنت من أمَّة قد أخربت دار الله ودار رسوله ( عليه السلام ) ، وعطَّلت حدودها ؟ فقال الخارجي : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ! ويحك يا ابن عباس ! احتلت والله حتى أوقعتني في أمر عظيم ، وألزمتني الحجّة حتى جعلتني ممن أخرب دار الله ، ولكن ويحك يا ابن عباس ! فكيف الحيلة في التخليص مما أنا فيه ؟ قال ابن عباس : الحيلة في ذلك أن تسعى في عمارة ما أخربته الأمَّة من دار الإسلام. قال : فدلَّني على السعي في ذلك. قال ابن عباس : إن أوَّل ما يجب عليك في ذلك أن تعلم من سعى في خراب هذه الدار فتعاديه ، وتعلم من يريد عمارتها فتواليه. قال : صدقت يا ابن عباس ! والله ما أعرف أحداً في هذا الوقت يحبُّ عمارة دار الإسلام غير ابن عمِّك عليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) لو لا أنه حكَّم عبدالله بن قيس في حقٍّ هو له. قال ابن عباس : ويحك يا عتاب ! إنَّا وجدنا الحكومة في كتاب الله عزَّ وجلَّ ، إنه قال تعالى : ( فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ (80)
اللّهُ بَيْنَهُمَا ) (1) ، وقال تعالى : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ ) (2).
قال : فصاحت الخوارج من كل ناحية ، وقالوا : فكأن عمرو بن العاص عندك من العدول ؟ وأنت تعلم أنه كان في الجاهليَّة رأساً ، وفي الإسلام ذنباً ، وهو الأبتر ابن الأبتر ، ممن قاتل محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفتن أمَّته من بعده. قال : فقال ابن عباس : يا هؤلاء ! إن عمرو بن العاص لم يكن حكماً ، أفتحتجُّون به علينا ؟ إنما كان حكماً لمعاوية ، وقد أراد أميرالمؤمنين علي ( عليه السلام ) أن يبعثني أنا فأكون له حكماً ، فأبيتم عليه ، وقلتم : قد رضينا بأبي موسى الأشعري ، وقد كان أبو موسى لعمري رضيّاً في نفسه وصحبته وإسلامه وسابقته ، غير أنه خدع فقال ما قال ، وليس يلزمنا من خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى ، فاتقوا ربَّكم ، وارجعوا إلى ما كنتم عليه من طاعة أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، فإنّه وإن كان قاعداً عن طلب حقِّه فإنّما ينتظر انقضاء المدة ، ثمَّ يعود إلى محاربة القوم ، وليس علي ( عليه السلام ) ممن يقعد عن حقٍّ جعله الله له. قال : فصاحت الخوارج ، وقالوا : هيهات يا ابن عباس ! نحن لا نتولَّى عليّاً بعد هذا اليوم أبداً ، فارجع إليه وقل له : فليخرج إلينا بنفسه حتى نحتجَّ عليه ونسمع كلامه .. (3). 1 ـ سورة النساء ، الآية : 35. 2 ـ سورة المائدة ، الآية : 95. 3 ـ كتاب الفتوح ، ابن الأعثم الكوفي : 4/89 ـ 95. (81)
المناظرة السادسة عشرة
مناظرة
قال القرطبي : لمَّا مات الحسن ( عليه السلام ) أرادوا أن يدفنوه في بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأبت ذلك عائشة ، وركبت بغلة ، وجمعت إليها الناس ، فقال لها ابن عباس : كأنكِ أردتِ أن يقال : يوم البغلة كما قيل : يوم الجمل ؟
ابن عباس مع عائشة في دفن الإمام الحسن ( عليه السلام ) عند جدِّه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنع مروان بن الحكم من دفنه قالت : رحمك الله ، ذاك يوم نسي. قال : لا يوم أذكر منه على الدهر (1). وقال اليعقوبي : لمَّا حضرته ( عليه السلام ) الوفاة قال لأخيه الحسين ( عليه السلام ) : يا أخي ! إن هذه آخر ثلاث مرار سقيت فيها السمَّ ، ولم أسقه مثل مرَّتي هذه ، وأنا ميِّت من يومي ، فإذا أنا متُّ فادفنّي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فما أحدٌ أولى بقربه منّي ، إلاَّ أن تمنع من ذلك فلا تسفك فيه محجمة دم. ثمَّ أخرج نعشه يراد به قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فركب مروان بن الحكم ، 1 ـ بهجة المجالس وأنس المجالس ، القرطبي : 1/100. (82)
وسعيد بن العاص ، فمنعا من ذلك ، حتى كادت تقع فتنة.
وقيل : إن عائشة ركبت بغلة شهباء ، وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد ، فأتاها القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، فقال لها : يا عمَّة ! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال : يوم البغلة الشهباء ؟ فرجعت. واجتمع مع الحسين بن علي ( عليهما السلام ) جماعة وخلق من الناس ، فقالوا له : دعنا وآل مروان ، فوالله ما هم عندنا إلاَّ كأكلة رأس. فقال : إن أخي أوصاني أن لا أريق فيه محجمة دم (1). وروى أبو الفرج الإصفهاني ، عن عمير بن إسحاق قال : كنت مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) في الدار ، فدخل الحسن المخرج ، ثمَّ خرج فقال : لقد سقيت السمَّ مراراً ، ما سقيته مثل هذه المرَّة ، ولقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلِّبها بعود معي ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : من سقاكه ؟ فقال : وما تريد منه ؟ أتريد أن تقتله ؟ إن يكن هو هو فالله أشدُّ نقمة منك ، وإن لم يكن هو فما أحبُّ أن يؤخذ بي بريءٌ. ودفن الحسن ( عليه السلام ) في جنب قبر فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، في البقيع ، في ظلّة بني نبيه ، وقد كان أوصى أن يدفن مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فمنع مروان بن الحكم من ذلك ، وركبت بنو أميَّة في السلاح ، وجعل مروان يقول : يا رُبَّ هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن ( عليه السلام ) في بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ والله لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف ، فكادت الفتنة تقع. وأبى الحسين ( عليه السلام ) أن يدفنه إلاَّ مع النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال له عبد الله بن جعفر : عزمت عليك بحقّي ألا تكلَّم بكلمة ، فمضى به إلى البقيع ، وانصرف مروان بن 1 ـ تأريخ اليعقوبي : 2/225. (83)
الحكم.
وقال علي بن طاهر بن زيد : لمَّا أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا ، واستنفرت بني أميَّة ; مروان بن الحكم ، ومن كان هناك منهم ومن حشمهم ، وهو القائل :
قال ابن عباس : فدعاني الحسين ( عليه السلام ) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبدالله بن العباس ، فقال : اغسلوا ابن عمِّكم ، فغسلناه وحنّطناه وألبسناه أكفانه ، ثمَّ خرجنا به حتى صلَّينا عليه في المسجد ، وإن الحسين ( عليه السلام ) أمر أن يفتح البيت ، 1 ـ مقاتل الطالبيين ، أبو الفرج الإصفهاني : 48 ـ 49. 2 ـ سورة الأحزاب ، الآية : 53. 3 ـ المحجمة : أداة الحجم ، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة. (84)
فحال دون ذلك مروان بن الحكم ، وآل أبي سفيان ، ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان ، وقالوا : أيدفن أميرالمؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلماً بالبقيع بشرِّ مكان ، ويدفن الحسن ( عليه السلام ) مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟! والله لا يكون ذلك أبداً حتى تكسر السيوف بيننا ، وتنقصف الرماح ، وينفد النبل.
فقال الحسين ( عليه السلام ) : أما والله الذي حرَّم مكة ، لَلْحسن بنُ عليٍّ بنُ فاطمة أحقُّ برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحقُّ به من حمَّال الخطايا ، مسيِّر أبي ذر ( رحمه الله ) ، الفاعل بعمَّار ما فعل ، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى ، المؤوي لطريد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لكنَّكم صرتم بعده الأمراء ، وبايعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء. قال : فحملناه ، فأتينا به قبر أمِّه فاطمة ( عليها السلام ) فدفنّاه إلى جنبها. قال ابن عباس : وكنت أول من انصرف ، فسمعت اللغط ، وخفت أن يعجل الحسين ( عليه السلام ) على من قد أقبل ، ورأيت شخصاً علمت الشرَّ فيه ، فأقبلت مبادراً ، فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحَّل ، تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلمَّا رأتني قالت : إليَّ إليَّ يابن عباس ! لقد اجترأتم عليَّ في الدنيا ، تؤذونني مرَّة بعد أخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحبُّ. فقلت : واسوأتاه ! يوم على بغل ، ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئي فيه نور الله ، وتقاتلي أولياء الله ، وتحولي بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله ( تعالى ) المؤنة ، ودفن الحسن ( عليه السلام ) إلى جنب أمِّه ، فلم يزدد من الله ( تعالى ) إلاَّ قرباً ، وما ازددتم منه والله إلاَّ بعداً ، يا سوأتاه ! انصرفي فقد رأيت ما سرَّك. قال : فقطَّبت في وجهي ، ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتم الجمل يابن (85)
عباس ؟ إنكم لذوو أحقاد.
فقلت : أما والله ما نسيه أهل السماء ، فكيف ينساه أهل الأرض ؟! فانصرفت وهي تقول :
وروى ابن عساكر ، عن محمّد بن الضحاك الحرامي قال : لمَّا بلغ مروان ابن الحكم أنهم قد أجمعوا أن يدفنوا الحسن بن علي ( عليه السلام ) مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جاء إلى سعيد بن العاص ـ وهو عامل المدينة ـ فذكر ذلك له ، فقال : ما أنت صانع في أمرهم ؟ فقال : لست منهم في شيء ، ولست حائلا بينهم وبين ذلك. 1 ـ الأمالي ، الشيخ الطوسي : 160 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 44/151 ح 22. 2 ـ قال في الهامش : حش كوكب ـ بفتح أوَّله وتشديد ثانيه ـ موضع عند بقيع الغرقد ، اشتراه عثمان ، وزاده في البقيع ، ولمَّا قتل ألقي فيه. (86)
قال : فخلِّني وإيَّاهم.
فقال : أنت وذاك. فجمع لهم مروان مَنْ كان هناك من بني أميّة وحشمهم ومواليهم ، وبلغ ذلك حسيناً ، فجاء هو ومن معه في السلاح ليدفن حسناً في بيت النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأقبل مروان في أصحابه وهو يقول : يا ربَّ هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان بالبقيع ، ويدفن حسن في بيت النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ والله لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف. فلمَّا صلوا على حسن ( عليه السلام ) خشي عبدالله بن جعفر أن يقع في ذلك ملحمة عظيمة ، فأخذ بمقدَّم السرير ، ثمَّ مضى نحو البقيع .. (1). 1 ـ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 13/290 ـ 291. (87)
المناظرة السابعة عشرة
مناظرة
روى الطبري ، قال : فخرج غلام شاب من بني سعد إلى طلحة والزبير ، فقال : أمَّا أنت ـ يا زبير ـ فحواري رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأمَّا أنت ـ يا طلحة ـ فوقيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيدك ، وأرى أمَّكما معكما ، فهل جئتما بنسائكما ؟
رجل من بني سعد مع طلحة والزبير في خروج عائشة قالا : لا. قال : فما أنا منكما في شيء ، واعتزل. وقال السعدي في ذلك :
1 ـ تاريخ الطبري : 3/482. (88)
هذا الجمل الملعون ، عرضة للسلاح ، إنّه قد كان لك من الله ستر وحرمة ، فهتكت سترك ، وأبحت حرمتك ، إنّه من رأى قتالك فإنّه يرى قتلك ، إن كنت أتيتينا طائعة فارجعي إلى منزلك ، وإن كنت أتيتينا مستكرهة ، فاستعيني بالناس (1).
1 ـ تاريخ الطبري 3/482 ، الإمامة والسياسة : 1/88 ، وفيه : فاستعتبي الله ، بدل : فاستعيني بالناس. (89)
المناظرة الثامنة عشرة
مناظرة
من كتاب أعلام الدين للديلمي : قال رجل لعبد الملك بن مروان : أناظرك وأنا آمن ؟
رجل مع عبد الملك بن مروان قال : نعم. فقال له : أخبرني عن هذا الأمر الذي صار إليك ، أبنصٍّ من الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قال : لا. قال : اجتمعت الأمّة فتراضوا بك ؟ فقال : لا. قال : فكانت لك بيعة في أعناقهم فوفوا بها ؟ قال : لا. قال : فاختارك أهل الشورى ؟ قال : لا. قال : أفليس قد قهرتهم على أمرهم ، واستأثرت بفيئهم دونهم ؟ (90)
قال : بلى.
قال : فبأيِّ شيء سمِّيت أميرالمؤمنين ، ولم يؤمِّرك الله ولا رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا المسلمون ؟ قال له : اخرج عن بلادي وإلاَّ قتلتك. قال : ليس هذا جواب أهل العدل والإنصاف ، ثمَّ خرج عنه (1). 1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 46/335 ح 23. |
|||||||||
|