مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: 151 ـ 165
(151)
عبدالصمد الجبعي ، في حلب ، سنة إحدى وخمسين وتسعمائة ، أضافني بعض فضلاء حلب ، وكان ذكيّاً بحّاثاً ، ولي معه خصوصية وصداقة وكيدة بحيث لا أتّقيه ، وكان أبوه من أعيانها.
    فقلت له : إنه يقبح بمثلي ومثلك ـ بعد أن صرف كل منّا عمره في تحصيل العلوم الإسلاميّة وتحقيق مقدماتها ـ أن يقلِّد في مذهبه الذي يلقى الله به ، والتقليد مذموم بنصّ القرآن ، وليس حجَّةً منجية ; لأن كل أحد يقلِّد سلفه ، فلو كان حجَّةً كان الكل ناجين ، وليس كذلك.
    فقال : هلمَّ حتى نبحث.
    البحث في اتباع المذاهب الأربعة
    فقلت : هل عندكم نصٌّ من القرآن ، أو من الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على وجوب اتّباع أبي حنيفة ؟
    فقال : لا.
    فقلت : هل أجمع أهل الإسلام على وجوب اتّباعه ؟
    فقال : لا.
    فقلت : فما سوَّغ لك تقليده ؟
    فقال : إنّه مجتهد وأنا مقلِّد ، والمقلِّد فرضه أن يقلِّد مجتهداً من المجتهدين.
    فقلت : فما تقول في جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) ؟ هل كان مجتهداً من المجتهدين ؟
    فقال : هو فوق الاجتهاد ، وفوق الوصف في العلم والتقى والنسب وعظم الشأن ، وقد عدَّ بعض علمائنا من تلاميذه نحو أربعمائة رجل ، كلّهم علماء فضلاء مجتهدون ، وأبو حنيفة أحدهم.


(152)
    فقلت : قد اعترفت باجتهاده وتقواه ، وجواز تقليد المجتهد ، ونحن قد قلَّدناه ، فمن أين تعلم أنَّا على الضلالة وأنَّكم على الهداية ؟! مع أنّا نعتقد عصمته ، وأنّه لا يخطئ ، بل ما يحكم به هو حكم الله ، ولنا على ذلك أدلّة مدوَّنة ، وليس كأبي حنيفة يقول بالقياس والرأي والاستحسان ويجوز عليه الخطأ ، وبعد التنزُّل عن عصمته ، والاعتراف بأنه يقول بالاجتهاد كما تزعمون ، فلنا دلائل على وجوب اتّباعه ليس في أبي حنيفة واحد منها.
    أحدها : إجماع كل أهل الإسلام ـ حتى الأشاعرة والمعتزلة ـ على غزارة علمه ، ووفور تقواه ، وعدالته ، وعظم شأنه ، بحيث إني إلى يومي هذا ـ مع كثرة ما رأيت من كتب أهل الملل ، والتواريخ والسير ، وكتب الجرح والتعديل ، ونحو ذلك ـ لم أرَ قطّ طاعناً عليه بشيء من مخالفيه ، وأعداء شيعته ، مع كثرتهم ، وعظم شأنهم في الدنيا ; لأنهم كانوا ملوك الأرض ، والناس تحبُّ التقرُّب إليهم بالصدق والكذب ، ولم يقدر أحد أن يفتري عليه كذباً في الطعن ليتقرَّب به إلى ملوك عصره ، وما ذاك إلاَّ لعلمه أنه إن افترى كذباً كذَّبه كل من سمعه ، وهذه مزيَّة تميَّز هو وآباؤه وأبناؤه الستّة بها عن جميع الخلق.
    فكيف يجوز ترك تقليد من أجمع الناس على علمه وعدالته وجواز تقليده ، ويقلَّد من وقع فيه الشك والطعن ؟! مع أن الجرح مقدَّم على التعديل كما تقرَّر في موضعه ، وهذا إمامكم الغزالي صنَّف كتاباً سمَّاه : المنخول ، موضوعه الطعن على أبي حنيفة ، وإثبات كفره بأدلّة يطول شرحها ، وصنَّف بعض فضلاء الشافعية كتاباً سمَّاه : النكت الشريفة في الردّ على أبي حنيفة ، رأيته في مصر ، ذكر فيه جميع ما ذكره الغزالي وزاد أشياء أخر.
    ولا شبهة في وجوب تقليد المتّفق على علمه وعدالته ; لأن ظنّ الصواب


(153)
معه أغلب ، ولا يجوز العمل بالمرجوح مع وجود الراجح إجماعاً ، والجرح مقدَّم على التعديل كما تقرَّر.
    ثانيها : أنَّه ـ عندنا ـ من أهل البيت المطهَّرين ( عليهم السلام ) بنصّ القرآن ، والتطهُّر هو : التنزُّه عن الآثام ، وعن كل قبيح ، كما نصَّ عليه ابن فارس في مجمل اللغة ، وهذا نفس العصمة التي يدّعيها الشيعة ، وأبو حنيفة ليس منهم إجماعاً ، ويتحتَّم تقليد المطهَّر بنصّ القرآن ، لتيقُّن النجاة معه.
    قال : نحن لا نسلِّم أنه من أهل البيت ( عليهم السلام ) ; إذ قد صحَّ في أحاديثنا أنهم خمسة.
    فقلت : سلَّمنا أنه ليس من الخمسة ، ولكن حكمه حكمهم في العصمة ، ووجوب الاتّباع لوجهين :
    الأول : إن كل من قال بعصمة الخمسة قال بعصمته ، ومَنْ لا فلا ، وقد ثبتت عصمة الخمسة بنصّ القرآن ، فثبتت عصمته ; لأنه قد وقع الإجماع على أنّه لا فرق بينه وبينهم ، فالقول بعصمتهم دونه خلاف إجماع المسلمين.
    الثاني : إنه اشتهر بين أهل النقل والسير أن جعفر الصادق وآباءه ( عليهم السلام ) لم يتردَّدوا إلى مجالس العلماء أصلا ، ولم ينقل أنهم تردَّدوا إلى مخالف ولا مؤالف ، مع كثرة المصنِّفين في الرجال ، وطرق النقل ، وتعداد الشيوخ والتلاميذ ، وإنّما ذكروا أنه أخذ العلم عن أبيه محمّد الباقر ( عليه السلام ) ، وهو أخذه عن أبيه زين العابدين ( عليه السلام ) ، وهو أخذه عن أبيه الحسين ( عليه السلام ) ، وهو من أهل البيت ( عليهم السلام ) إجماعاً.
    وقد صحَّ عندنا أنهم ( عليهم السلام ) لم يكن قولهم بطريق الاجتهاد ، ولهذا لم يسأل أحد قط صغيراً ولا كبيراً عن مسألة فتوقَّف في جوابها ، أو احتاج إلى مراجعة ، وقد صرَّحوا ( عليهم السلام ) أن قول الواحد منهم كقول آبائهم ، وقول آبائهم كقول


(154)
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وثبت ذلك عندنا بالطرق الصحيحة المتّصلة بهم ، فقوله ( عليه السلام ) هو قول المطهرَّين بنصّ القرآن.
    وثالثها : ما ثبت في صحاح أحاديثكم بالطرق الصحيحة المتكثِّرة ، المتّحدة المعنى ، المختلفة اللفظ ، من قوله ( عليه السلام ) : إنّي مخلِّف فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلوا بعدي ، الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يتفرَّقا حتى يردا عليَّ الحوض (1).
    وفي بعض الطرق : إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله وعترتي (2) ، فصرَّح ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأن المتمسِّك بكتاب الله وعترته لن يضلَّ ، ولم يتمسَّك بهما إلاَّ الشيعة كما لا يخفى ; لأن الباقين جعلوا عترته كباقي الناس ، وتمسَّكوا بغيرهم ، ولم يقل : مخلِّف فيكم كتاب الله وأبا حنيفة ، ولا الشافعي.
    فكيف يجوز ترك التمسُّك بمن تتحقَّق النجاة بالتمسُّك به ، ويتمسَّك بمن لم تعلم النجاة معه ؟! إن هذا إلاَّ لمحض السفه والضلال ، وهذا يقتضي العلم بوجوب اتّباعهم ، وإن نوزع فيه فلا ريب في اقتضائه ظنَّ وجوب الاتّباع ، وذلك
1 ـ مسند أحمد بن حنبل : 4/367 ، فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : 22 ، صحيح مسلم : 7/122 ـ 123 ، المستدرك ، الحاكم النيسابوري : 3/110 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 2/148 و 7/30 ، السنن الكبرى ، النسائي : 5/51 ، مسند أبي يعلى الموصلي : 2/297 ح 48 و 303 و 54 ، والمعجم الكبير ، الطبراني : 5/154 ح 4923 وص 166 ، ذيل تاريخ بغداد ، ابن النجار البغدادي : 5/14 ، المناقب ، الموفق الخوارزمي : 200 ، ينابيع المودة ، القندوزي : 1/121 ح 49.
2 ـ مسند أحمد بن حنبل : 5/181 ـ 182 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 5/153 ـ 154 ح 4921 و 4922 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 1/172 ح 872 و 186 ح 947 و 384 ح 1667 ، الدرّ المنثور ، السيوطي : 2/60 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 1/170 ، وقال : رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون ، وذكره أيضاً في : 9/162 ـ 163 وقال : رواه أحمد وإسناده جيّد.


(155)
كاف لوجوب العمل بالراجح ، واختيارهم ( عليهم السلام ) بهذه المرجِّحات على غيرهم من المجتهدين ، فلا يكون العدول عنهم إلاَّ اتّباعاً للهوى والتقليد المألوف.
    فقال : أنا لا أشك في اجتهادهم ، وغزارة علمهم ، ونجاة مقلِّدهم ، ولكن مذهبهم لم ينقل ولم يشتهر ، كما نقلت المذاهب الأربعة.
    فقلت : إن كان مرادك أن الحنفيّة والشافعيّة لم ينقلوه ، فمسلَّم ، ولكن لا يضرُّنا ; لأنَّا لم ننقل مذهبهما أيضاً ، والشافعيَّة لم ينقلوا مذهب أبي حنيفة ، وبالعكس ، وكذا باقي المذاهب ، وليس ذلك طعناً فيها عندكم.
    وإن كان مرادك أنه لم ينقله أحد من المسلمين ، فهذه مكابرة محضة ; لأن شيعتهم ، وكثيراً من أهل السنة وباقي الطوائف قد نقلوا أقوالهم وآدابهم وعباداتهم ، واعتنى الشيعة بذلك أشدَّ الاعتناء ، وبحثوا عن تصحيح الناقلين وجرحهم وتعديلهم أشدَّ البحث ، وهذه صحاح أحاديثهم وكتب الجرح والتعديل عندهم مدوَّنة مشهورة بينهم ، لا يمكن إنكارها.
    وعلماء الشيعة وإن كانوا أقلَّ من علماء السنة ، ولكن ليسوا أقلَّ من فرقة من فرق المذاهب الأربعة ، خصوصاً الحنابلة والمالكيّة ، فإن الشيعة أكثر منهم يقيناً ، ولم يزل ـ بحمد الله ـ علماء الشيعة في جميع الأعصار أعلم العلماء وأتقاهم ، وأحذقهم في فنون العلوم ، أمَّا في زمن الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) فواضح أنه لم يساوهم أحد في علم ولا عمل ، حتى فاق تلاميذهم ، واشتهروا بغزارة العلم ، وقوّة الجدال ، كهشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، وجميل بن درّاج ، وزرارة بن أعين ، ومحمّد بن مسلم ، وأشباههم ممّن عرفهم مخالفوهم في المذهب ، وأثنوا عليهم بما لا مزيد عليه.
    وأمَّا بعد زمان الأئمَّة فمنهم مثل ابن بابويه ، والشيخ الكليني ، والشيخ


(156)
المفيد ، والشيخ الطوسي ، والسيِّد المرتضى ، وأخيه ، وابني طاووس ، والخواجة نصير الدين الطوسي ، وميثم البحراني ، والشيخ أبي القاسم المحقِّق ، والشيخ جمال الدين ابن المطهَّر الحلي ، وولده فخر المحقِّقين ، وأشباههم من المشايخ المشاهير ، الذين قد ملأوا الخافقين بمصنَّفاتهم ومباحثهم ، ومن وقف عليها علم علوَّ شأنهم ، وبلوغهم مرتبة الاجتهاد وقوَّة الاستنباط ، وإنكار ذلك إمَّا لتعصُّب أو جهل.
    فقد لزمك القول بصحّة مذهبنا ، وأرجحيَّة من قلَّدناه ، بل يلزم ذلك كل من وقف نفسه على جادّة الإنصاف ، ولا يلزمنا القول بصحّة مذهبك ; لأنّا قد شرطنا في المتَّبع العصمة ، فنكون نحن الفرقة الناجية إجماعاً ، وأنتم وإن لم تقولوا بصحّة مذهبنا ، ولكن يلزمكم ذلك بحسب قواعدكم ; للدليل المسلَّم المقدّمات عندكم ; إذ سبب نجاتكم أنكم قد قلَّدتم مجتهداً ، وهذا بعينه حاصل لنا باعترافكم ، مع ترجيحات فيمن اتّبعناه لا يمكنكم إنكارها.

    البحث في عدالة الصحابة
    فبهت ، ولم يجب بشيء.
    ولكن عدل عن سوق البحث ، وقال : إني أسألكم عن سبِّكم أكابر الصحابة ، وأقربهم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الذين نصروه بأموالهم وأنفسهم ، حتى ظهر الدين بسيوفهم ، في حياته وبعد موته ، حتى فتحوا البلاد ، ونصروا دين الله بكل ما أمكنهم ، والفتوحات التي فتحها عمر لم يقع مثلها في زمن النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كمصر والشام ، وبيت المقدس ، والروم والعراق وخراسان ، وعراق العجم ، وتوابع ذلك مما يطول شرحه ، ولا يمكن إنكاره ، كما لا يمكن إنكار قوَّته في الدين


(157)
وسطوته ، وشدّة بأسه ، وإني إذا نظرت في أدلّتكم وجدتها واضحة قويَّة ، وإذا رأيت من مذهبكم سبّ أكابر أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخواصّه ، الذين سبقوا في الإسلام ، وكانوا من المقرَّبين عنده حتى تزوَّج بناتهم ، وزوَّجهم بناته ، ومدحهم الله في كتابه بقوله : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) (1) إلى آخر الآية ، فإذا رأيت ذلك نفرت نفسي ، وجزمت بفساد مذهبكم.
    فقلت له : ليس في مذهبنا وجوب سبِّهم ، وإنَّما يسبُّهم عوام الناس المتعصِّبون ، وأمَّا علماؤنا فلم يقل أحد بوجوب سبِّهم ، وهذه كتبهم موجودة ، وأقسمت له أيماناً مغلَّظة بأنّه لو عاش أحد ألف سنة وهو يتديَّن بمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ويتولاَّهم ، ويتبرَّأ من أعدائهم ، ولم يسبَّ الصحابة قط ، لم يكن مخطئاً ، ولا في إيمانه قصور ، فتهلَّل وجهه ، وأنس بذلك ; لأنه صدَّقني فيه.
    فقلت له : إذا ثبت عندك غزارة علم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، واجتهادهم ، وعدالتهم ، وترجيحهم على غيرهم ، فهم أولى بالاتّباع ، فتابعهم.
    فقال : أشهد على أني متابع لهم ، ولكني لا أسبُّ الصحابة.
    فقلت : لا تسبَّ أحداً منهم ، ولكن إذا اعتقدت عظم شأن أهل البيت ( عليهم السلام ) عند الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فما تقول فيمن عاداهم وآذاهم ؟
    فقال : أنا بريء منهم.
    فقلت : هذا يكفيني منك ، فأشهد الله ورسوله وملائكته أنه محبٌّ لهم ومتابع ، وبريء من أعدائهم ، وطلب منّي كتاباً في فقههم ، فدفعت إليه النافع ،
1 ـ سورة الفتح ، الآية : 29.

(158)
وتفرَّفنا.
    ثم رأيته بعد ذلك في غضب وتكدُّر من التشيُّع ، بواسطة ما رسخ في قلبه من عظم شأن الصحابة ، واعتقاده أن الشيعة تسبُّهم.
    فقلت له في ليلة أخرى : إن عاهدت الله على الإنصاف ، وكتم الأمر عليَّ ، بيَّنت لك أمر السبِّ ، فعاهد الله على ذلك ما دمت حيّاً بأيمان مغلَّظة ، ونذور مؤكَّدة ، وسألته : ما تقول في الصحابة الذين قتلوا عثمان ؟
    فقال : إن ذلك وقع باجتهادهم ، وإنهم غير مأثومين ، وقد صرَّح أصحابنا بذلك.
    فقلت : وما تقول في عائشة وطلحة والزبير وأتباعهم ، الذين حاربوا عليّاً ( عليه السلام ) يوم الجمل ، وقتل في حربهم من الفريقين نحو ستة عشر ألفاً ؟ وما تقول في معاوية وأصحابه ، الذين حاربوا في صفّين ، وقتل من الفريقين ( نحو ) ستين ألفاً ؟
    فقال : كالأول.
    فقلت : هل جواز الاجتهاد مقرٌّ على فرقة من المسلمين دون فرقة ؟
    قال : لا ، كل أحد له صلاحيَّة الاجتهاد.
    فقلت : إذا جاز الاجتهاد في قتل أكابر الصحابة ، وقتل خلفاء المؤمنين ، وحرب أخي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وابن عمّه ، وزوج فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، أعلم الخلق ، وأزهدهم ، وأقربهم من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ووارث علمه ، الذي قام الإسلام بسيفه ، ومن أثنى عليه الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما لا يمكن إنكاره ، حتى جعله الله وليَّ الناس كافّة بقوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) (1) يعني
1 ـ سورة المائدة ، الآية : 55.

(159)
عليّاً ( عليه السلام ) بالإجماع ، وقال النبيُّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه (1) ، أنا مدينة العلم وعلىٌّ بابها (2) ، اللَّهُمَّ أئتني بأحبِّ خلقك إليك (3) ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى (4) ، وأشباه ذلك ممَّا يطول تعداده ، فلم لا يجوز الاجتهاد في سبِّ بعض الصحابة ؟!
    فإنّا لا نسبُّ إلاَّ من علمنا أنه أظهر العداوة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ونحبُّ المخلصين منهم ، الحافظين وصيَّة الله ورسوله فيهم ، كسلمان ، والمقداد وعمَّار ، وأبي ذر ، ونتقرَّب إلى الله بحبِّهم ، ونسكت عن المجهول حالهم ، هذا اعتقادنا
1 ـ سوف يأتي الحديث مع تخريجاته في مناظرة الدكتور أسعد القاسم الفلسطيني.
2 ـ تقدَّمت تخريجاته.
3 ـ روى النسائي ، عن أنس بن مالك أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان عنده طائر ، فقال : اللهم ائتني بأحبِّ خلقك إليك ، يأكل معي من هذا الطير ، فجاء أبو بكر فردَّه ، وجاء عمر فردَّه ، وجاء عليٌّ فأذن له.
    راجع : السنن الكبرى ، النسائي : 5/107 ح 8398 ، خصائص أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، النسائي : 51 ـ 52 ، مسند أبي يعلى الموصلي : 7/105 ح 4052 ، أسد الغابة ، ابن الأثير : 4/30.
    وروى الترمذي بالإسناد عن أنس بن مالك ، قال : كان عند النبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، يأكل معي هذا الطير ، فجاء عليٌّ فأكل معه.
    راجع : سنن الترمذي : 5/300 ح 3805 ، التاريخ الكبير ، البخاري : 1/358 ، رقم : 1132 ، تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي 3/390 ، رقم : 1531 ، مناقب أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، الكوفي : 2/489 ح 993 ، تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 42/245 ، البداية والنهاية ، ابن كثير : 7/387 ، المناقب ، الموفق الخوارزمي : 107 ـ 108 ح 114 ، المعجم الأوسط ، الطبراني : 2/206 ـ 207 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 1/253 ح 730 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : 61 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 9/126 ، وقال : رواه البزار والطبراني باختصار ، ورجال الطبراني رجال الصحيح غير فطر بن خليفة ، وهو ثقة ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 18/24 ، نظم درر السمطين ، الزرندي الحنفي : 101 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 13/166 ح 36505.
4 ـ تقدَّمت تخريجاته.


(160)
فيهم.
    وهذا معاوية قد سبَّ عليّاً وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، واستمرَّ ذلك في زمن بني أميَّة ثمانين سنة ، ولم ينقص ذلك من قدره عندكم ، وكذلك الشيعة اجتهدوا في جواز سبِّ أعداء أهل البيت منهم ، ولو كانوا مخطئين فيهم غير مأثومين.
    ومدح الله تعالى لهم في القرآن نقول به ; لأنهم ممدوحون بقول مطلق ; لأن فيهم أتقياء أبراراً ، وليس كلّهم كذلك جزماً ، وحديث الحوض يوضح ذلك (1).
    وأيضاً فيهم منافقون بنصّ القرآن ، فلا يمنع مدح الله لهم فسق بعضهم أو كفره ، واجتهادنا في جواز سبِّ ذلك البعض.
    فقال كالمتعجِّب : أو يجوز الاجتهاد بغير دليل ؟!
    فقلت : أدلّتهم في ذلك كثيرة واضحة.
    فقال كالمستبعد : بيِّن لي منها واحداً.
    فقلت : سأذكر لك ما لا يمكنك إنكاره ، وذلك أنه قد ثبت عندكم وعندنا أن النبيَّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لمَّا جعل أسامة بن زيد أميراً ، وجهَّزه إلى الشام أمر الصحابة عموماً باتّباعه ، وخصَّص أبا بكر وعمر وأمرهما باتّباعه ، وقال : جهِّزوا جيش أسامة ، لعن الله من تأخَّر عن جيش أسامة (2) ، وقد تخلَّف الرجلان بإجماع المسلمين ، فكانا مشمولين بنصّ الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونصّ الله ; لأنه لم ينطق عن الهوى.
    فقال : إنما تخلَّفا باجتهاد ، وشفقة على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين ، وقالا : كيف نمضي ونترك نبيَّنا مريضاً ، نسأل عنه الركبان ؟! ورأيا صلاح المسلمين في
1 ـ سوف يأتي قريباً.
2 ـ السقيفة وفدك ، الجوهري : 77 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 6/52 ، وراجع المصادر الأخرى في الجزء الثالث : 423.


(161)
تخلُّفهما.
    فقلت : هذا خطأ محض ، فإن الاجتهاد إنما يجوز في مسألة لا نصَّ فيها ، ولا يجوز مقابل النصّ بإجماع علماء الإسلام ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (1) فاجتهادهما هذا ردٌّ على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهل يتصوَّر مسلم أنهما أعلم بصلاح المسلمين من الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟! ما هذا ( إلاَّ ) العمى عن الحقّ ، والتلبُّس بالشبهات.
    فقال : أمهلني حتى أنظر.
    فقلت : قد أمهلتك إلى يوم القيامة ، ثمَّ ذكرت له ـ بعد ذلك ـ حديث الحوض ، وهو ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي ، في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة ، من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك ، قال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : ليردن عليَّ الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليَّ رؤوسهم اختلجوا ، فأقولن : أي ربِّ ! أصحابي ! فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (2).
    ورواه أيضاً في الجمع بين الصحيحين من مسند ابن عباس بلفظ آخر ، والمعنى متفق ، وفي آخره زيادة : إنهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم (3).
1 ـ سورة النجم ، الآية : 3 ـ 4.
2 ـ مسند أبي يعلى الموصلي : 7/34 ـ 35 ح 3942 ، المصنّف ، ابن أبي شيبة : 7/415 ح 35 ، مسند أحمد بن حنبل : 5/48 و 50 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 36/8 ، فتح الباري ، ابن حجر : 11/333 ، كنز العمال ، المتقي الهندي 13/238 ـ 239 ح 36714 ، تفسير القرطبي : 6/377.
3 ـ مسند أحمد بن حنبل : 1/235 ، السنن الكبرى ، النسائي : 1/668 ـ 669 ح 2214 ، المعجم الأوسط ، الطبراني : 3/186.


(162)
    ورواه أيضاً في الجمع بين الصحيحين من مسند سهل بن سعد ، في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه ، وفي آخره زيادة : فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدَّل بعدي (1).
    ورواه أيضاً في الحديث السابع والستين بعد المائتين من مسند أبي هريرة ، من عدّة طرق ، وفي آخره زيادة : فلا يخلص منهم إلاَّ همل (2) النعم (3).
    وقد روى مثل ذلك من مسند عائشة بعدّة طرق ، ومن مسند أسماء بنت أبي بكر بعدّة طرق ، ومن مسند أم سلمة بعدّة طرق ، ومن مسند سعيد بن المسيَّب بعدّة طرق.
    وهذا ذمٌّ لهم على لسان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الثابت في صحاحكم ، قد بلغ حدَّ التواتر ، وهو عين ما ندّعيه من ميل كثير منهم إلى الملك والرئاسة والحياة الدنيا ، وبسبب ذلك أظهروا العداوة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وجدّوا في أذاهم.
    وقد سمعنا بسير الملوك الذين قتلوا أبناءهم ، والأبناء الذين قتلوا آباءهم حرصاً على الملك ، وأظهر من ذلك في القرآن ، فقد أخبر بوقوع أكبر الكبائر منهم ، وهي الفرار من الزحف ، قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ حُنَيْن إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) (4).
1 ـ صحيح البخاري : 8/87 ، صحيح مسلم : 7/66 ، مسند أحمد بن حنبل : 3/28 و 5/333.
2 ـ قال ابن الأثير في مادة ( همل ) : في حديث الحوض : فلا يخلص منهم إلاَّ مثل همل النعم. الهمل : ضوالّ الإبل ، واحدها : هامل. أي إن الناجي منهم قليل في قلّة النعم الضالّة ( النهاية في غريب الحديث ، ابن الأثير : 5/274 ).
3 ـ صحيح البخاري : 7/208 ـ 209 ، فتح الباري ، ابن حجر : 11/333 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 11/132 ـ 133 ح 30918.
4 ـ سورة التوبة ، الآية : 25.


(163)
    وقد كانوا أكثر من عشرة آلاف ، فلم يتخلف معه إلاَّ علي ( عليه السلام ) والعباس وجماعة أخرى ، والباقون سلَّموا نبيَّهم إلى القتل ، ولم يخشوا العار ولا النار ، ولم يستحيوا من الله ولا من رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وممَّا يشاهدانهما عياناً.
    وقال الله تعالى : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً ) (1) فإذا كانوا يتركون الصلاة خلفه للتفرُّج على القافلة ، فكيف يستبعد ميلهم إلى الدنيا بعده ، واتّباعهم هوى أنفسهم في طلب الملك ؟ وقد أخبر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك في الأخبار المتقدّمة.
    وذكرت له قول أبي بكر : إن لي شيطاناً يعتريني (2) ، وعزله عن براءة ، فلم يؤمن عليها ، وهي سورة واحدة ، وهزيمته وهزيمة عمر في خيبر وعدّة مواطن (3).
1 ـ سورة الجمعة ، الآية : 11.
2 ـ المصنّف ، عبدالرزاق الصنعاني : 11/336 ح 20701 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 3/212 ، المعيار والموازنة ، أبو جعفر الإسكافي : 61 ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : 30/303 ، البداية والنهاية ، ابن الأثير : 334 ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : 1/34.
3 ـ روى الحاكم النيسابوري بالإسناد عن أبي ليلى ، عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : يا أبا ليلى ! أما كنت معنا بخيبر ؟ قال : بلى والله ، كنت معكم ، قال : فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث أبا بكر إلى خيبر ، فسار بالناس وانهزم حتى رجع. قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
    وروى أيضاً بالإسناد عن جابر رضي الله عنه أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دفع الراية يوم خيبر إلى عمر ، فانطلق فرجع يجبِّن أصحابه ويجبّنونه ، قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
    ( المستدرك ، الحاكم النيسابوري : 3/37 ـ 38 ).
    وروى ابن عساكر بالإسناد عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا بكر إلى خيبر ، فهزم فرجع ، فبعث عمر فهزم ، فرجع يجبِّن أصحابه ويجبِّنه أصحابه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لأدفعنَّ الراية إلى رجل يحبُّ الله ورسوله ، ويحبُّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، فدعا علياً ، فقيل له : إنَّه أرمد ، قال : ادعوه ، فدعوه فجاءه ، فدفع إليه الراية ففتح الله عليه.
    ( تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : 42/96 ـ 97 ).


(164)
    ومنعه فاطمة ( عليها السلام ) إرثها بحديث تفرَّد بروايته ، مخالف للقرآن يجب ردُّه ، وقالت له ( عليها السلام ) : أترث أباك ولا أرث أبي ؟! أفي كتاب الله ذلك ؟! (1).
    ويلزم أن يكون النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد قصَّر في أنه لم ينذر إلاَّ أبا بكر ، ولم ينذر أهل البيت ( عليهم السلام ) وقد قال الله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ ) (2).
    ومنها ( أنه غصب ) فدك التي أنحلها إيَّاها أبوها ، وشهد لها عليٌّ والحسنان ( عليهم السلام ) وأم أيمن ، وردّ شهادتهم ـ وهم مطهَّرون ـ تعصُّباً وعناداً ، أو جهلا بالأحكام ، فماتت مغضبة عليهما ، وأوصت ألا يصلّيا عليها ، وأن تدفن ليلا ، وقد قال أبوها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فاطمة بضعة منّي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذى رسول الله فقد آذى الله ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) (3).
    وذكرت له منع عمر من الكتاب الذي لا يضلُّ بعده ، وشتمه للنبيِّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله : دعوه ، فإن نبيَّكم يهجر (4) ، وهذا ردٌّ على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى الله ، وهو كفر.
    ومنع من المغالاة في المهور ، فنبَّهته امرأة ، فقال : كل الناس أفقه من عمر
1 ـ تاريخ اليعقوبي : 2/127 ، بلاغات النساء ، ابن طيفور : 14 ، جواهر المطالب ، ابن الدمشقي : 1/161.
2 ـ سورة الشعراء ، الآية : 214.
3 ـ سورة الأحزاب ، الآية : 57.
4 ـ راجع : صحيح البخاري : 4/31 و 66 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/222 ، صحيح مسلم : 5/75 ، المصنّف ، عبدالرزاق الصنعاني : 57 ح 9992.


(165)
حتى المخدَّرات ( في الحجال ) (1) ، وقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنا أنهى عنهما ، وأعاقب عليهما (2) ، وهذا يقدح في إيمانه.
    وأبدع في قيام نوافل رمضان جماعة ، واعترف بأنّهما بدعة (3) ، مع أن كل بدعة ضلالة.
    وذكرت له أن عثمان ولَّى أمور المسلمين للفساق ، لمحض القرابة ، بعد أن
1 ـ السنن الكبرى ، البيهقي : 7/233 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 4/283 ـ 284 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 1/182 و 12/208 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 16/536 ـ 537 ح 45796 ، فيض القدير ، المناوي : 2/8 ، الدرّ المنثور ، السيوطي : 2/133.
2 ـ علل الدار قطني : 2/156 ح 182 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 1/182 ، مسند أحمد بن حنبل : 3/325 ، تاريخ بغداد ، البغدادي : 14/202 ، تاريخ دمشق. ابن عساكر : 64/71 ، تهذيب الكمال ، المزي : 31/214 ، تذكرة الحفاظ ، الذهبي : 1/366 ، كنز العمال ، المتقي الهندي : 16/521 ح 45722 ، تفسير القرطبي 2/392.
3 ـ روى البخاري ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرِّقون ، يصلّي الرجل لنفسه ، ويصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمَّ عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثمَّ خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم ، قال عمر : نعم البدعة.
    صحيح البخاري : 2/252 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 2/493 ، المصنّف ، عبدالرزاق الصنعاني : 4/259.
    وجاء في شرح النهج : أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا ، فرأى المصابيح في المسجد ، فقال : ما هذا ؟ فقيل له : إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوّع ، فقال : بدعة فنعمت البدعة ! فاعترف ـ كما ترى ـ بأنّها بدعة ، وقد شهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن كل بدعة ضلالة. وقد روي أن أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) لمَّا اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرَّفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه ، واجتمعوا لأنفسهم ، وقدَّموا بعضهم ، فبعث إليهم ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمَّا رأوه تبادروا الأبواب ، وصاحوا : وا عمراه ! شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 12/283.
مناظرات في الامامة الجزء الرابع ::: فهرس